توطئة|| Introduction
CH1|| إبنة الزمن
CH2|| حُب الدهور
CH3|| إمرأة من بحر
CH4||سماء ونجوم
CH5|| أزرق سماويّ
CH6|| لِمَ أُحبّك
CH7|| بُنٌ وبَحر
CH8|| سماءٌ وبَحر
CH9|| رسول الحُب
CH10||حياة بين الضلوع
CH11|| أزمة الهَيْبَة
CH12|| إنتقام الهيبة
CH13||عُكّاز وجَبيرة
CH14|| غاطس بالحُب
CH15||كَرز وسيجارة
CH16||حُبّي المُشيَّد
CH17|| نور البدر
CH18||بَهاء وإمتلاك
CH19||مَطَر ضِمنَ العاصِفة
CH20|| مخائل حُب
CH21||أُحبُك بمزاجٍ شَتويّ
CH22||قاع البحر
CH23||الزهرة وصاحب البستان
CH24||حُضنه الدافئ
CH25||دموع جميلة
CH26||أغرق في بحرِك
CH27||بَحرٌ هائج وسماءٌ دهماء
CH28||إنتكاس الهَيبة
CH29||زهرة مائلة الجِذع
CH30||جون وهَيبتُه
CH31||ظِلالٌ رماديّة
CH32||أكره الحُب
هَيبتُها|| The End
CH30||جون وهَيبتُه
كيم جون ميون (الكاتب سوهو)

بطل:

هَيبَتُها||Her Savage Love

(لا تؤذيني بكِ!)

"جون وهَيبَتُه"

"لا تخافي... وأنا أقِف في ظهرِك.

لا تخافي... وأنا سندِك وقوَّتِك.

لأنني دومًا سأنصُرِك، دومًا سأحميكِ، ودومًا سأتمسَّك بكِ.

لا بأس لو أصابكِ الضعف، أنا هُنا بِجوارِك، أشدُد أزرِك وأكون عِضدِك!

إلى زهرتي الحبيبة

الكاتب سوهو"

دومًا ما تكون البدايات الجديدة صعبة، وأنا أخوض إحداها الآن، رُبَّما هي بدايةٌ مُكرَّرة؛ لكنني أُحاول أن أنسى خَيبتي السّالِفة، وأمنح هذه البداية شعورًا أفضل، وأكون أكثر تفاؤلًا.

حياتي في الفترة الأخيرة عادت إلى مِنوالها الهادئ، وأرجو أن يدوم هذا الوئام والسلام فيها، وليتكمِل سلامي ويرتاح بالي؛ ما نفرتُهم بِشِدّة، ومنحتهم الفُرصة التي يبغونها، لأنني أُدرِك جيدًا -تمام الإدراك- أنَّني بحاجةِ كُنف عائلتي وإن كان مُهترئ.

وما إن أقدمتُ على مُسامحتهم -وإن لم يَكُ ذلك من خالص وجداني- شعرتُ بالرّاحة، وشعور اليُتم والنَّقص، الذي لطالما راودني، تبدَّدَ بعض الشيء في داخلي.

الآن أشعرُ بالرّاحة الحقيقيّة، يُمكنني أن أنام أخيرًا وأنا مُرتاحة البال، لن أرتاب، فلقد قرَّرتُ أن أتفائل، وأُصدِّقُهم على قدرِ إستطاعي؛ لذا سأنام وأستيقظ وأنا لا أتوقع خيانة في حقي من أُناس المُفترَض بهم أن يكونوا أقربُ النّاس إلي.

كما أنني قررتُ ألا أُفكر بالإتجاه المُعاكِس لهذهِ النتائج الإيجابيّة، سأتفائل فقط... هذا ما وعدتُ نفسي به لأجلي، لا لأجلِ أي أحد كائنًا من كان، فقط أنا وإن بدى ذلك أنانيًّا.

أقِفُ إلى بار مطبخي فيما أنتظر أن تغلي المياه لتحضير الشاي، بيدي جهازي اللوحي، وقد مررتُ بالخاطِرة التي حَمَّلها الكاتب سوهو الرومانسيّ على منصَّتِه الشهيرة قبل قليل.

لم أشعر على نفسي إلا وأنا ابتسم، كالعادة؛ كلماتُه بلسم لجروحي، يداويني ولا يجرحني، يسندني ولا يترُكني أميل، لقد أصبتُ إختيار رَجُلي هذهِ المرّة، وهذهِ المَرّة هذا الرَّجُل سيكون رَجُلي الأبدي.

شعرتُ بوكزة في ذراعي أخرجتني من مزاجي الرومانسيّ ناحية زوجي، وإذ بها أُختي سيلينا، تَرمُقني فيما تُراقص حاجبيها، وتبتسم إبتسامة عريضة.

"ما سِر هذه الإبتسامة التي على شفتيكِ؟"

أغلقتُ الجهاز ورددتهُ إلى مكانِه، ثم إلتفتُّ إليها دون أن تزول إبتسامتي.

"لا شيء مُهِم... لقد أصبح الشاي جاهزًا، اتبعيني بالأعشاب المُنكِّهة."

أومأت لي وخَفُتت إبتسامتها، لا يمكنني سوى أن أضع بيننا حدود، ليس لأنني أُريد بل لأنَّ هذهِ طبيعتي، حتى بيني وبين زوجي خصوصيّة لا يُسمَح له بإنتهاكها وهو يتفهَّم، لكنني لا أظُن أنَّ سيلينا ستتفهَّم.

وضعتُ الصّينية على الطاولة، واتبعتني سيلينا بفعلِ ذلك، حينها أبي قال بعدما رمق ما على الطاولة بإعجاب.

"لقد تغيَّرتِ كثيرًا مما كُنتِ عليه، لم أرى أحد مُسبقًا يُقدِّم الشَّاي بهذهِ الطريقة!"

تبسَّمتُ لأنني لا أُريد أن تتسبَّب إجابتي لإستنكارِه هذا على أنَّها توجيه إتهام بالتَّقصير أو قِلَّة الإهتمام، أو أن أُفهَم على نحوٍ خاطئ أنني أتعالى عليهم.

"لأنني تغيَّرتُ كثيرًا عمّا كُنتَ تعرِفني عليه، الإختلاط بالناس وإكتشاف الثقافات الأُخرى علَّمتني الكثير من الأشياء.

هذهِ عادة من الشَّرق، لديهم مشروب الشّاي أساسي جدًّا في كُلِّ بيت، ويشربونه مع مُنكِّهات، النِعناع، الليمون، القِرفة، العسل، الزَّنجبيل، الهال، المَرميّة، وحتى الحليب، وغيرها الكثير من المُنكِّهات، لكن هذهِ مُفضَّلاتي"

أمي لديها إهتمام خاص في مجال الطعام كربَّة بيت، فسألتني بحماسة ولا يبدو أنَّها أساءت فهمي.

"من أين تعلَّمتِ ذلك؟!"

إزدادت إبتسامتي إتساعًا، لقد بدت مُتحمِّسة والجميع يبدون مُستغربين لما أقوله، لا يحملون أي ضغينة أو حسد في عيونهم بل الحماسة.

"أخبرتُك من الشَّرق، لقد كنتُ في زيارة إلى دُبي لأجلِ مؤتمر يُناقش حقوق المرأة، بقيتُ هناك لفترة وتعلَّمتُ الكثير"

أومأت أُمي بتفهُّم، ولوكاس ربَّت على كتفي وكل اسنانه ظاهرة لوِسع إبتسامته.

"أحسنتِ، هذه أُختي، أنا حقًا فخورٌ بكِ!"

شعرتُ بالغرابة من وِدِّه معي، لكنني لم أعترض، وكتمتُ شعوري السَّلبي ناحيته داخلي، ربما لأنّي لستُ مُعتادة على هذا اللُّطف منه فأراهُ غريبًا.

سكبتُ الشّاي، وكما العادة بالنِّسبةِ لي إخترتُ الشّاي بالليمون، وبينما نحتسيه سألني أبي.

"هل توقَّفتِ عن العمل نهائيًّا الآن أم أنَّكِ ستعملين بشيء ما لاحقًا؟"

كنتُ على وشكِ أن أرتشِف من كوب الشاي الخاص بي، لكن يدي علقت قريبة من ثغري دون أن أُجيب لمحضِ ثوانٍ قليلة.

لم يسألني عن العمل فجأة؟!
هل آتى ليتأكد ضمان إستمرارية سير بِطاقتِه المَصرفيّة هو والآخرون؟

روز لا تُفكِّري هكذا، لقد قررتِ أن تكوني مُتفائلة، رجاءً لا تسمحي أن يتسلَّل الشَّك إلى نفسِك... وإلا سأضرِبكِ أيَّتُها اللعينة.

وأبي الآن فهم ما يدور في خَلدي، فسُرعان ما بَرَّر لي موقِفه.

"لم أسألُكِ لِضمان سير مصاريفي، أنا فقط أتسآل بلا أي دافع خَفيّ!"

رفعتُ الكوب إلى شِفاهي، وارتشفتُ منه نصيبي، ثم أعدتَّهُ إلى الطاولة وقُلت.

"لا أملك شيئًا مؤكَّدًا بحوزتي بعد، لكنني أملكُ شيئًا لأجلُكم!"

جميعهم تطلَّعوا إليَّ بِفضول فاتبعت.

"قد يأتي يومًا عمّا قريب واضطر أن أوقف هذهِ البطاقات المصرفيّة، لأنَّ المال توقَّف عن التدفُّق إلى حسابي!"

سُرعان ما نبس لوكاس يُقاطعني فيما ملامحه مُرتاحة.

"لا بأس، ليس علينا أن نعيش طيلة العُمر عناءً في رقبتِك، أنا سأتولّى أمر العائلة جيّدًا، لا تقلقي!"

نظرتُ إلى لوكاس فعاد ليبتسم بوجهي إبتسامةً عريضة، ألا يُبالِغ في إظهار وِدُّه؟!
إنَّهُ يُشعرني بالغرابة!

"امنحوني دقيقة!"

نهضتُ بعد ذلك إلى غُرفتي واتَّصلتُ بجاي.

"أهلًا سيدتي"

"أهلًا... أخبرني، هل ما طلبته منكَ جاهز؟"

"نعم بالفعل!"

"حسنًا أحضره معك حينما تعود"

"أمرُكِ!"

أنهيتُ المُكالمة مع جاي وعُدتُّ إليهم، كانوا يشربون الشاي فيما يتلحَّفهم الصَّمت، جلستُ فيما بينهم بمكاني السابق.

"ضمانًا لإستمرارِ إستقراركم المادي؛ قررتُ أن أضعكم في أماكن تفلحون بها، لوكاس سيبقى في عمله، زوجته ستعمل في تعليم الأطفال كذلك سيلينا، وأما أمي وأبي؛ فلقد اشتريتُ لكم سهمين من شركة سامسونغ، ستَدُر عليكم المال الكافي لتعيشوا حياة رغيدة، سأوظِّف لكم مُساعدة في أعمال المنزل، وسائق، وحارس ليهتَّم بالمنزل إن خرجتُم منه ويحرسه دومًا، وعاملًا يهتم بالحديقة"

لم يرفضوا ما قدَّمته لهم، ولكنني لأولِّ مرّة أراهم يشعرون بالحَرج لتلقّي شيئًا منّي، ما زِلتُ أذكر حينما أبي تفاخر بأنني أُعيله وكامل عائلته أمام عائلة جون، لقد شعرتُ بالإحراجِ الشديد وقتها فيما هو يرى أن هذا شيئًا يدعو للمُفاخرة.

عجبًا... أيُمكِن للإنسان أن يتغيَّر؟! ما الذي غيَّرهم فجأة؟!

"سيأتي لكم شاب يعمل لصالحي غدًا ويُسلِّمكم وثائق التَّوظيف ووثائق إستملاك الأسهُم"

أومؤا جميعًا بإمتنان، ثم أنا نهضت لأفتح الباب حينما رنَّ أحدهم الجرس، بلا شك أنَّ الطعام قد وصل، وها هو فعلًا رجُل التوصيل، تسلَّمتُ منه ودفعتُ له ثم غادر.

ساعدتني سيلينا ويونمي في ترتيب الطاولة، ثم ناديتُ البقيّة لتناول الطعام، كانوا يأكلون بنهم، لا بأس طالما يفعلون ذلك أمامي فقط.

مددتُ بيدي كأس الماء إلى يونمي حينما كادت تختنق؛ لسُرعتها في تنام الطعام، وبإبتسامة خافتة قُلت.

"تناولي طعامكِ بِبُطئ؛ كي لا تدخُل في المجرى التَّنفُّسي لديكِ وتقتُلِك، كوني حذرة!"

شعرت أخيرًا بالحَرج وأومأت، أتمنى لو أنها أكلت الطعام مُجددًا بمثلِ هذهِ الطريقة الهمجيّة مرّةً أُخرى أن تختنِق به وتموت!

لا روز لا، كوني أفضل معهم، لا بأس.. لا بأس!

بعد الطعام؛ بعثتُ يونمي مع أطفالها وأطفال سيلينا إلى البقّالة القريبة، فهُم أخذوا يبكون يريدون الوجبات الخفيفة، وما أملكه لا يُناسِب ذوق الأطفال.

وأما أنا وسيلينا فلقد وضَّبنا الطاولة، فيما البقيّة يجلسون في الشُّرفة.

جلستُ معهم بعدما إنتهيت، وحينها خطر لسيلينا سؤال ضايقني، هي لا تعلم روزماري، لا تعلم، لا تملك نوايا خبيثة، فقط تسأل، تعلَّمي أن تُحسني الظَّنَّ بالنّاس أيَّتُها اللئيمة!

"ألم تحصُلي وزوجِك على هدية صغيرة بعد؟"

سُرعان ما نهرتها أُمي، إن كان بيني وبين أمي شيئًا مُشترك؛ فهو رفضُ الإنجاب في بداية العلاقة، لولا ظروفنا الخاصّة أنا وجون لفكَّرتُ بالإنجاب بعد مُضي خمس سنوات على زواجنا، لأن تلك الفترة هي الأصعب في الزواج، أغلب المُطلَّقين ينفصلوا عن بعضهم في أول خمس سنين من زواجهم، لذا لطالما فكَّرت أنّي لن أسمح لطفلي أن يكون ضحيّة لزواج فاشل، لن أُنجُبه حتى أتأكد منطقيًا من نجاح هذا الزواج وديمومته.

أتخيل لو أنني أنجبتُ طفلًا من جونغداي، لكان الآن يعيشُ في شَتات بيني وبينه، فعلًا رُبَّ ضارّة نافعة!

"ولِمَ العجلة بالإنجاب؟ ما زالت عروسًا جديدة، يجب أن تستمتع بزواجها قبل أن تنهال على عاتِقها مسؤولية طفل"

أومأت سيلينا ونبست.

"معكِ حق، نسيتُ أنَّ روزماري تُشارككِ ذات الرّأي!"

ولم أُتبِع أنا بشيء، فلقد كانت إجابة أُمي كافية حتى لو ما كانت حقيقيّة غي مثل حالتي هذه، لكن أُمي من سألتني سؤالًا آخر فيما تبتسم.

"اخبريني يا روز، كيف علاقتكِ بزوجِك؟!
هل أنتُما على وِفاق؟ أيُحسِن مُعاملتِك؟"

لسنا على وِفاق، ولا يُحسِن مُعاملتي، فهو تعدّى هذه الحدود السطحيّة في علاقتِنا، إنَّهُ جون المجنون والمُطارِد المهووس الذي طارد سيَّدته المَهيوبة حتى أوقعها في شِباك حُبِّه وحصل عليها، ثم هو يُعاملها مثل شيء نادر وثمين، مثل ألماسة لا يتواجد في العالم منها إثنتين، فقط هي.

نحنُ جون وهَيبتُه...!

أومأتُ لأُمي إجابة لسؤالها واتبعت.

"إنَّهُ جيد، يُحسِن معاملتي ولا يُقصِّر بشيء"

وأما تفاصيل حكاية الحُب بيننا؛ فهذهِ خصوصيتنا، التي أبغي أن أحتفظ بها بعيدًا عن أعيُن الجميع، فقط لي ولِجون.

حان وقتُ عودة جون، إذ ذهبتُ لإستقباله عندَ الباب حينما سمعته يدخل، بدى مُستغرِبًا لتكدُّس خزانة الأحذية القريبة من المَدخل بالأحذية الغريبة، فتسآل.

"هل لدينا ضيوف؟"

أومأتُ له، وأشرقت على شِفاهي إبتسامة، كنتُ مُمتنَّة جدًا وسعيدة فيما أُخبره.

"لقد أتوا أهلي لزيارتي!"

بدى مُستغرِبًا ورفع حاجبيه بلا تصديق.

"حقًّا؟! إذًا يجب عليَّ أن أُلقي عليهم التَّحيّة أولًا!"

أومأتُ له ليفعل، فأمسك بيدي وأخذني معه إلى الدّاخل، ورحَّب بأهلي بحرارة وكأنَّ علاقة ودودة تجمعه بهم مُذُّ أمد!

جلسنا وتحدَّثنا في مواضيعٍ مُختلِفة حتى تأخَّر الوقتُ من الليل، وأستأذن لوكاس وأبي للرحيل، ودَّعتهم أنا وجون عند الباب، وما إن أغلقتُ الباب علينا قفزتُ في مكاني عِدَّة مرّات قبل أن أقفز على جون وأعانقه بقوّة فيما هو يضحك علي بسببِ تصرُّفاتي الطفوليّة.

ربَّتَ على شعري بيدِه الحَنون ونبس.

"أنتِ سعيدة لهذهِ الدَّرجة؟!"

همهمتُ له، وبقيتُ لوهلة مُتعلِّقة به في عِناقِه هكذا... أنا أُحب جون حقًا، إنَّهُ أساس كل فرحة عِشتُها مُذُّ أن تعرَّفتُ عليه.

لن أتخلّى عنه، وسأفعل أي شيء لأُبقيه سعيدًا، لأنَّه دومًا ما يحرص على إسعادي.

................................

أمسكَ جون بيد روزماي حينما أصبحا قُربَ المُستشفى، يستطيع أن يحزِر من تنهُّداتِها الكثيرة، والطريقة التي تَعُض بها أناملها بعضها البعض كم هي متوتِّرة الآن، فاليوم ستَتِم زراعة البويضة المُخصَّبة في الرَّحم لديها، إنَّهُ إجراءٌ سهل وبسيط، لكنَّه موتِّر بالنِّسبةِ لهُما.

توقَّف بالسيارة في المَصف العام الخاص بالمُستشفى، ثم ربَّتَ على يد روزماري يُطمئنها، ونبس مُبتسِمًا.

"لا تخافي وأنا معك، كوني قويّة!"

أخذت نفسًا عميقًا، ثم نفثتهُ ببطء، ثم أومأت وهمست.

"أنا قويّة بالفعل، لا حاجة أن تقلق علي!"

أومئ لها مُبتسِمًا، ثم أخذ بيدها إلى الدّاخِل، نظر في ساعته وقال بعدما تجاوزا المَدخل.

"بقيَّ لموعِدِنا عند الطبيب كيم مينسوك قرابة السّاعة، لذا حجزتُ لكِ موعدًا عند الطبيب كريس وو قبل ذلك، اقضِ وقتكِ بفائدة بدلًا من أن تقضيه بالإنتظار"

تنهدت روزماري تشعُر بالإستياء، لكنَّها لن تُفصِح له عن هذا الشعور الذي راودها، تكره الأطبّاء النفسيين، وعياداتهم، والمُراجعات لديهم، فهي حقًا لا تشعُر بفائدتهم، ما الفائدة بفضحِ أسرارها لديهم والشعور الغير ضروري بالحرج لاحقًا لأجلِ علاج غير فعّال؟!

دخلت بِصُحبةِ جون إلى عيادة هذا الطبيب النفسي، ولم يَطُل إنتظارها لدقائق حتى أدخلها الطبيب، لكنَّهُ طلبَ أن يدخُل معها زوجها إليه، وكان هذا فعلٌ غريب، عادةً لا يُسمَح لأحد بالدخول سوى المريض وحده.

جلست روزماري على مقعد المَرضى ذي الظهر المائل، فيما جون قد جلب له الطبيب كُرسي صغير، وجلس عليه بجوارِ روزماري، والطبيب جلس بمكانه المُعتاد.

"سيدة كيم روزماري لا تُجيبي على أسئلتي بإعتياديّة، كيف حالك؟"

"بخير"

تبسَّم الطبيب برضى، وأومئ لها قبل أن يطرح سؤالًا آخر.

"حدِّثيني عن الأطفال"

الآن فهمت روزماري ما يجري، فبالتأكيد تحدَّث جون للطبيب عن الإجراء الطِّبّي المُحرِج، الذي ستُجريه اليوم، وهذا ما سمح له لحضور الجلسة العِلاجيّة، فيبدو أنَّ الهدف من هذهِ الجلسة أن تدعمها نفسيًّا.

توعًّدت لجون بالعِقاب لاحقًا، لكنها الآن ستُجيب الطبيب.

"كائنات مُزعِجة تحتاج الرِّعاية المُهلِكة وتُسبِّب مشاكل كثيرة في المنزل، أهمُّها الفوضى وإنتشار القذورات، كما إن إنجابهم يتطلَّب جُهدًا جسديًا مُنهكًا لتسعة شعور، ولخروجهم إلى العالم تُعاني الأُم من أشدِّ ألم في العالم لِعدَّةِ ساعات في أقلِّ تقدير، كما أنهم ينهبون صِحة جسد الأُم وجمال قِوامها، ويتطلب غذاءهم الصحي إجراءً مُقرِفًا وهو الرِّضاعة"

جون في مكانه القريب كان ملجومًا لسماعِ هذا الكم الهائل من الأستياء والشكوى ناحية الأطفال، وأما الطبيب فقد رفع حاجبًا وتسآل مُستغربًا.

"ورُغم ذلك أنتِ اليوم ستخضعي لإجراء طبّي يُمكِّنكِ من إنجاب طفل!"

أومأت له روزماري ونبست.

"أفعل ذلك لأجلِ جون ورغبة والديه في الحصول على أوَّل حفيد من صُلبه"

همهم الطبيب بتفهُّم ثم نبس.

"إذًا أتنتِ تُضحي بنفسِك لأجلِ جون!"

برمت شفتيها وأومأت.

"يمكنك قول ذلك"

تبسَّم جون وأمسك بيدها القريبة منه، رفعها إلى شفتيه ليطبع عليها قُبلة، ثم همس لها.

"شُكرًا لكِ!"

تحمحم الطبيب ليخرُجهم من جوِّهم الحميمي وتسآل.

"ألم تشعري برغبتكِ في التَّراجع عن هذا الإجراء الطبي؟"

سُرعان ما أجابت إذ بدت حاسمة لأمرِها هذا.

"أبدًا!"

"هل أنتِ مُستعِدة لإعادة الكَرّة لو فشلت المحاولة الأولى"

قضمت شفتاها وبان عليها التَّردُّد، لكنها بعد وهلة أومأت وأجابت.

"نعم... لن أستسلم بسهولة!"

أغلق الطبيب دفَّتي دفتر مُلاحظاتِه، ثم نبس بإبتسامةٍ عريضة.

"لن أقول لكِ كلام المُنجمين مثل أنَّكِ بالتَّأكيد ستنجحي، ما سأقوله ألا ترفعي سقف توقعاتكِ كثيرًا حتى لا ينهار عليكِ، ولا تستسلمي لأن لكل مجتهدٍ نصيب، اجتهدي واصبري وتفائلي، وفي النِّهاية ستحصُلي على مُرادك... سلامتكِ!"


حان الآن موعد الزوجان جون وهَيبَتُه لدى الطبيب كيم مينسوك، لقد بدَّلت روزماري إلى ثياب المَرضى، وفيما ينتظر جون بالخارِج كانت روزماري بالداخل تجري آخر إجراء طبّي لأجلِ عملية زراعة طفل الأنابيب.

كان جون شديد التَّوتُّر بالخارج، ويحتاج أن يسمع خبرًا جيدًا كأن زوجته بخير ونفسيَّتها جيدة، وأنَّها لا تتألَّم رُغمَ أنَّ الطبيب مُسبقًا أخبره بأنَّه إجراء غير مؤلِم.

خرج الطبيب كيم من الغُرفة فيما يبتسم، ووقف أمام جون، الذي نهض سريعًا لسماع الأخبار.

"لقد أتمَمنا الإجراء الآن، تحتاج أن تستريح اليوم في المُستشفى، وغدًا يمكنك أخذها، لكن يجب ألا تتحرَّك أبدًا وتبقى في السرير، كما إنَّها تحتاج دعم نفسي وغذائي جيد وإهتمام عال حتى يحين موعدها القادم لدي، ونتأكَّد من ثبات الحمل."

أومئ جون إلى الطبيب ونبس شاكرًا.

"شكرًا لكَ حضرة الطبيب!"

أومئ الطبيب له مُبتسِمًا ثم غادر.

نُقِلَت روزماري إلى غُرفة لترتاح فيها لبقيّة اليوم وهو رافقها إليها، عدَّل لأجلها السرير، ثم جلب كرسي وجلس بِقُربها، جعل يدها بين يديه يحتضنها ويُربِّت عليها ويُقبِّلها.

"أتحتاجين لشيء يا سيدتي؟!"

تبسَّمت روزماري ونفت برأسها.

"لا شيء، شكرًا لك عزيزي جون!"

تبسَّم، ورفع لها خُصل شعرها التي تُزعِجها قائلًا.

"متى ما إحتجتِ شيء اطلبيني"

أومأت له، ثم تنهَّدت عميقًا وهمست.

"أنا فقط أُريد أن أنام، لقد استيقظنا باكرًا اليوم"

دَثَّرها بالغطاء جيدًا ثم نبس.

"نامي إذًا، سأكون بِقُربِك!"

بعد أن نامت روزماري؛ خرج جون ليتمشّى في حديقة المُستشفى تضييعًا للوقت رِفقة كوب قهوة.

في الفترة الأخيرة؛ لاحظ جون تحسُّن في نفسيّة روز، فمُذُّ أن عادوا أهلِها على وِصال معها، وهي تشعُر بأنَّها أفضل حالًا مما كانت عليه.

لقد كان تصرُّفًا موفَّقًا من جون أنَّه ذهب لزيارتهم قبل عِدَّةِ أيام، وتحدَّث معهم ليتواصلوا مع روز أولًا ويُبادروا بالصُّلح، والديها كانا جافّين نوعًا ما، لكنَّه بمهاراتِه اللسانيّة ذوَّب الجليد المُتكدِّس على قلوبهم.

ما زال يشعر بالفرح كلما تذكر وجهها البشوش، وكيف كانت تقفز فرحًا بسببِ عودتهم لها، إن أجمل شيء صار في حياته أنَّهُ يراها تضحك ومسرورة من لُب قلبِها.

يستطيع أن يفعل أي شيء لِقاء هذهِ الفَرحة...!

توقَّف جون عن المَسير حينما ورده إتصال من تشانيول فأجابه.

"يا رجل، أحتاج مساعدتك!"

بدى تشانيول قلقًا والوضع جَدّي، وذلك ما أشعر جون إلا بالقلق.

"ما بك؟! ماذا هناك؟!"

"لا تقلق، إنَّهُ ليس بالأمرِ الجَلَل، لكنني أحتاج مُساعدتك بأمرٍ ما يخصني، فأنت السيّد العاطفي والكاتب الرومانسيّ صاحب الخبرة الطويلة في الحُب"

تنهَّد جون فيما يمسح على قلبِه ونبس.

"لقد أخفتني أيُّها الأحمق، قُل لي ماذا تُريد؟!"

"سأُخبرك!"

ما إن أنهى جون حديثه مع تشانيول حتى رأى جونغداي يخرج من أبواب المُستشفى، شعر بالتَّأزُّم فجأة، وأخذ قلبه ينبض بقوّة.

إن جونغداي تجرّأ ودخل إلى روزماري وأسمعها كلامًا سامًا؛ لن تتحمَّل وستنهار نفسيتها وتفشل العملية.

هرع جون إلى داخل المُستشفى راكضًا، وما إن وصل غُرفة ماري فتح عليها الباب بقوّة، فوجدها تنام بسلام بالفعل، ولا يبدو أنَّها قد رأته، خرج ليسأل المُمرِّضة المسؤولة إن رأت أحدًا يدخُل إلى روزماري في غيابه، لكن لا أحد.

ما الذي آتى بجونغداي إلى المُستشفى، واليوم دونًا عن بقيّة الأيّام؟!

.................

دونًا عن بقيّة الأيام؛ تشانيول اليوم يشعُر بالتَّوتُّر الشديد؛ إذ لم يسبق له أن كان في مثلِ هذا الموقف الحسّاس حتى لو تخيَّلهُ كثيرًا مُسبقًا.

كان تشانيول قد قام بالتَّجهيزات اللازمة، فلقد وضع بالونات حمراء على الحائط، وأُخرى بالونات هيليوم تطير في سقف المنزل، حضَّر طاولة لائقة والنَّبيذ المُعتَّق لأجلِ السهرة.

إرتدى بِنطال أسود وقميص أبيض تتفتَّق أزراره إلى مُنتصفِ صدرِه؛ كعرضِ إغراء لأجلِ ضيفتِه، توقَّف تشانيول ينظر في التحضيرات، ويتفقَّد إن كان هُناكَ أيَّ نواقص.

لكن كل شيء مثالي، وعيناه لا تتقفّى أيُ خطأ يُذكَر، نظر في ساعة معصمه، ثم أخذ يفرك كفّيه بتوتُّر.

"تكاد أن تَصِل!"

دقائق بسيطة وسمعَ صوت الرَّنين على الباب، إستجمع شتاته، إستنشق الهواء بِعُمق ثم سار ناحية الباب.

فتحه وإذ بها أوريل تقف خلف الباب، ما إن رأته أشرقت ملامحها بإبتسامة زاهيّة وبهيّة، ثم إقتربت إليه تُعانِقُه.

"اشتقتُ لك!"

قوَّم ذقنها بأطراف أصابعه وخطف من شفتيها قُبلة جعلتها تتبتسم بخجل، ثم أمسك بيدها وجعلها تدخل معه.

ما إن رأت أوريل التحضيرات، التي بذل جُهدًا فيها، حتى شهقت تُغلق فمها بكفّيها، ثم تبسَّمت تنظر له بإمتنان.

"شُكرًا لكَ تشانيول!"

تبسَّم ورفع يده ليمسح على رأسِها بعطف وهمس لها.

"أفعل أي شيء لإسعادِك!"

وهذهِ المرة هي من رفعت نفسها لتبلغ شفتيه، وطبعت على طرفِ شِفاهه قُبلة خفيفة فيما كفّيها على كتفيه.

"أنا أُحِبُكَ حقًا!"

لم يسبق لتشانيول أن قال لها أنَّهُ يُحبُها أو ردَّ على إعترافها هذا بغير إبتسامته الجميلة، وأوريل لا تنتظر منه أن يقول هذه الكلمة، تعلم أنَّهُ يُحبُها وإلا لما أبقاها بجوارِه، إنَّهُ فقط يفتقد للثقة اللازمة ليبوح لها عن حقيقة ما يشعُر به إتجاهها.

أبعد لأجلها الكُرسي كي تجلس، ثم جلس قِبالتها وصَبَّ لهُما النَّبيذ، أشار لها أن تبدأ في تناول طعامها كذلك فعل هو، وفي مُنتصف الوجبة تسآلت.

"ما المُناسبة لكلِ هذا؟!"

تبسَّم تشانيول ونبس.

"إن كنتِ شبعتِ فهاتي يدك!"

قدَّم لها يده فتمسَّكت بها، ولكنه حينما شدّها لتتهض نبست.

"لكنني لم أشبع بعد!"

جعلته يضحك على إثر تصرُّفاتها الطفولية، وهي ضحكت كذلك، لكنه عاد ليجلس وراقبها تأكل ببطئ فيما يضع كفّيه أسفل ذقنه، ويتأمَّل ملامحها البريئة التي تعكس شخصيَّتُها السّاذجة.

لم تَكُ لتشعر بالحرج وهي تراه يُراقبها تأكل بل كانت تبتسم له كلما زادت في ثغرِها لُقمة، فالمعدة أولًا وثانيًا وثالثًا.

مسحت على شفتيها بِلُطف بالمنديل ثم شربت كأس المياه القريب، وارتخت على الكُرسي تُربِّت على معدتها.

"الآن لقد شبعت!"

حرَّك تشانيول رأسه للجانبين فيما يضرب جبهته براحته بخفّة، ما هذه الفتاة التي وقع في حُبها؟!

إنَّهُ الجنون بحدِّ ذاته، نهضت أوريل إلى الحِمام، عدَّلت أحمر شِفاها، رَشَّت المزيد من العِطر، وضَّبت نفسها ثم خرجت له؛ لتجده قد وضَّب الطاولة بالفعل، وترك فقط النَّبيذ على الطاولة.

مَدَّ يده لها كي تتمسَّك بها ما إن عادت، وبيده الأخرى جهاز التحكم، أُطفأت الأضواء وبقيَ ضوء خافت، ثم إنساب من مُكبِّرات الصوت لحن أُغنية رومانسيّة، على أنغامها دعاها إلى رقصة.

أحاط خصرَها بذراعيه وأحاطت بِعُنقه كفّيها، ورقصا معًا بهدوء وحميميّة.

وفيما يرقُصان إشتهى تشانيول أن يطبع على هذهِ الشِّفاه قُبلة لأنَّها تستحق وتستطيبه، فاجئتها قُبلتهُ الرومانسيّة حينما حَطَّت على شفتيها بحُبٍ وهدوء، وأوريل لم تُطِل حتى بادلته تلك القُبلة، وذلك ما جعله يبتسم خلالها.

جلس على الاريكة الجلديّة الدهماء، التي تتوسَّط صالة الجلوس، وذراعه تُحيط كتفيها، والأُخرى تعُض على خصرِها، فيما يقود جولة من القُبَل العميقة دون تجاوز حدود التِرقوة.

أراح رأسه على كتفِها، وتنشَّق عُنقها الطيّب، وذلك ما زادها إلا توترًا واضطرابًا رُغم أنه كان أبلغ من هذا القُرب إليها عِدة مرات، ولكنها لا تعتاد، كل مرة مثل أول مرة.

خلخلت أصابعها في شعره، وهو طبع على عُنقها قُبلة جعل كتفها ينشُز.

"تزوجيني"

همس بتلك دون أن يُحرِّك ساكنًا، وذلك ما جعلها تتجمَّد، إرتفع عنها وغارت يده في جيب سُترته ثم فتحها لها، وإذ بهما خاتمين لأجلهما.

"لم أدري كيف أفعلها، هل أكون روتيني وأركع لكِ في أُمسية رومانسية وأقلِّد ما يفعله الآخرون، لكنني سألت جون واخبرني أن أقوم بها على ما تحكمه طبيعتي... هل تتزوجي بي؟!"

أدمعت عيناها فيما كفّيها على فمها تسده ومعالم الصدمة ترسم وجهها، همهم يستعجلها جوابًا مهما كان فالتَّوتر يكاد يقتله.

"هممم؟!"

"لقد فاجئتني حقًا، لم أتوقع أن تتقدم لي!"

إزدرئ جوفه وتنفَّس بعُمق.

"ما هو جوابكِ إذًا؟!"

"موافقة بكل تأكيد!"

إرتمت عليه تعانقه بقوّة وهو نفث أنفاسه براحة فيما يمسح على ظهرها.

"يا إلهي! كاد قلبي أن يتوقف من الخوف، خشيتُ أن ترفضي!"

نبست وهي تضع رأسها على كتفه.

"ولِمَ أرفض؟! أنا أُحبُكَ جدًا!"

"وأنا أُحبُك!"

تصنَّمت لثوانٍ دون أن تأتي بأي حركة، ثم رفعت نفسها عن كُنفِه ونظرت في عينيه.

"هل أنا أخطأتُ السَّمع؟!"

تبسَّم وبأطرافِ أنامله وضع خُصل شعرها خلف أُذنها ونبس.

"وهل سأتزوجك وأنا لا أُحبُك؟!

أنا أحبك حقًا، لقد أفلحتِ بنيل قلبي!"

أخذت تبكي أمامه من شدة تأثرها، فهذا الذي يحدث الآن أحلى من أن تُصدِّق أنَّهُ الواقع، أحلى من أي واقع.

"لا تبكي، لِمَ تبكي؟!"

عانقته مُجددًا وهمست باكية.

"لأنني أُحِبُك كثيرًا، ولا أُصدِّق أنَّكَ تُحبُني أيضًا، هذا أجمل من أن يُصدَّق!"

ضحك بِخفّة ورفعها عنه، ثم قبَّل هاتين العينين الباكيتين ثم هاتين الوجنتين المُبلَّلتين، ثم هذا الذقن الذي يرتجف، وأخيرًا هاتين الشفتين التي تنبس بكلام جميل وأحمق.

"أنا أُحبُكِ حقًا، أنتِ ثمينة جدًا بالنِّسبةِ لي وأجمل تعويض حصلتُ عليه في حياتي، أنتِ مُكافئتي، وأنا سأتمسَّك بكِ للأبد!"

................

عند جونغداي... هذهِ المَرّة لا يُخطِّط أن يَضُر أحد بل يُقدِّم هديّة أخيرة قبل أن يختفي كُليًا ويبتعد.

لقاءه الحامي آخر مرة مع جون فتَّح عينيه على أشياء كثيرة كان يجهلها، كلها تتلخَّص بأنَّه خسر روزماري لأنه يستحق، وما كانت خسارتها إلا فعل يدِه.

عَيَّرها آخر مرة بِمُشكلةِ الإنجاب لديها، والآن يُخطِّط لتعويضها عمّا فعله بها على الأقل في آخر مرة.

سيُقدِّم لها هديّة إستثنائية غير تقليدية لم يُفكِّر بها إحد مُسبقًا أبدًا، سيُحب أن يهديها شيئًا لن تنساه أبدًا.

ها هو الآن في المقهى في وقت ما بعد الظهيرة، مُذُّ عدة أيام وهو يعمل على هذا الأمر، والآن يُحقِّقه.

وضع كوب قهوته، ونظر إلى المرأة ذات القِوام المَمشوق، التي قصدت طاولته ثم شاركته بالجلوس عليها.

"السيد كيم جونغداي؟!"

أومئ فيما ينظر إلى جسدها.

"أنتِ هي المرأة التي أبحث عنها مُذُّ وقتٍ طويل"

تبسَّمت المرأة.

"سأكون عند حُسن ظنِّكَ سيدي!"

أخرج جونغداي من جيبه ظرفًا، ووضعه على الطاولة.

"سيكون في حسابكِ النِّصف الثّاني من المال ما إن تُسلِّمي الهديّة صاحِبتها"

أخذت ظرف المال وجونغداي إستقام، لكنَّه حذَّر.

"كما أخبرتُك، ممنوع أن تتجاوزي أيًا من شروطي حتى ينتهي إتفاقنا"

أشار إلى الخارج واتبع.

"عيَّنتُ من يتتبَّعكِ حتى ننتهي، لا يُمكنكِ أن تتصرَّفي بتهوّر، تفهمين؟!"

أومأت له رغم أستياءها منه ومن شروطه الكثير، لكن لم يُسبق لأحد أن دفع لها بمثلِ هذا السَّخاء، لذا هي ستتحمَّل أي شيء، مائة مليون وون قد يجعلها تفعل أي شيء.

......................

يحين الآن وقت خروج روزماري من المُستشفى، أتمَّ جون إجراءات الخروج فيما الطبيب كيم مينسوك يقوم بمُعاينة روزماري قبل أن تخرج.

آتى جون أخيرًا فيما يتلو الطبيب نصائحه على سمعِ روز.

"احرصي ألا تتحرَّكي إلا للضرورة، أن تنامي جيدًا وتأكلي جيدًا، ولا يُمكنكِ أن تتعبي بأعمال المنزل إطلاقًا!"

تقدَّم جون إلى سريرها ونبس.

"أنا هُنا لأجلِها، تأكَّد أنني سأحرُص على الإهتمام بها"

أومئ له الطبيب ونبس.

"سأثِق بك!"

غادر الطبيب كيم الغُرفة، وجون تقدَّم من روز وقد أحضر معه كُرسي مُتحرِّك، قلَّبت روز عيناها ونبست.

"يبدو أنَّ الأيام القادمة ستكون عصيبة بالنِّسبةِ لي!"

أمسك بيديها وأقام ظهرها بِلُطف.

"هل تكرهين أن أهتَّم بكِ؟!"

"نعم، هل تُمانِع؟"

نفى برأسه.

"لا، طالما لا تستطيعي فعل شيء سوى أن تتلقّي الإهتمام الذي أُقدمه لكِ وإن تذمَّرتِ، لا بأس سأتحمَّلكِ!"

لن تُتعِب نفسها في مُعاندتِه، ستتعب فقط دون جدوى، سمحت له أن يحملها على ذراعيه ويضعها على الكُرسي المُتحرِّك، جرَّها على الكُرسي فيما يبتسم بصفاقة وهي تُخبئ وجهها بين كفّيها بحرج، لِمَ عليه أن يُحبها بحماقة؟!

حالما أوصلها إلى العِمارة السكنيّة التي يعيشان بها، حملها على ذراعيه إلى المصعد، روزماري مُستسلمة لهذا الإهتمام المَقيت والزّائد عن حدِّه بكثير.

حالما إنفتح المَصعد في الطابق الذي يعيشان به رأوا في وجهيهما سيهون وعيناه باكيّة فيما آيرين تتبعه.

توقف جون بروز ليسأل شقيقته التي لم تقدر أن توقف زوجها عن المُضي.

"ما الذي يحدث؟! هل تشاجرتُما؟!"

قضمت آيرين شفتاها ثم تنهدت بأستياء.

"سأُخبرُكَ لاحقًا، عليَّ أن ألحق به الآن!"

أومئ لها وهي ذهبت، ولج جون بروز إلى الشِّقّة، ثم وضعها على السرير، ودثَّرها بالغطاء جيدًا ثم جلس بِقُربِها.

"ما الذي تظن أن الذي حدث بينهما؟!"

حرَّك جون كتفيه بجهل ونبس.

"لا أدري، أدري فقط أنَّهُ أمرٌ جَلل وإلا ما بكى سيهون!"

تنهدت ماري وأومأت.

"قد تكون مشكلة خاصة جدًا بينهما؛ لذا لا تتدخَّل إن لم يطلُبا منك!"

تنهد جون لكنه أومئ موافقًا وقال.

"ما كنتُ أنوي التَّدخُّل إن لم يُرِد أي منهما"

وقف على قدميه، ونفض كفّيه مُبتسمًا.

"والآن، ماذا تشتهي سيدتي المهيوبة على العشاء؟!"

"الدجاج"

برم شفتيه وأومئ قائلًا.

"ولِمَ اتعبتُ نفسي بسؤالك؟!

بالطبع سيكون الدجاج إختيارك!"

راقصت حاجبيها تُغيظه، ثم قاطعت ساعديها فوق صدرها.

"ماذا؟!

هل استسلمتَ عن رعايتي مُذُّ الآن!"

نفى برأسه، ورفع يدها إلى شفتيه، وبعدما طبع عليها قُبلة خفيفة.

"بالتأكيد لا، لا أملك سوى روزماري واحدة، لذا لن تغمض عيني عنكِ أبدًا!"

ضربت ذقنه بأصبعيها ونبست.

"جيد والآن أسرع، أنا جائعة!"

قهقه جون فيما يخرُج من عندها، وروز بملل كانت مُتكئة على السرير، لقد مَلَّت المكوث في الفراش، فهي فيه من الأمس، ولكن ما باليد حيلة، وهي ستفعل أي شيء يتطلبه الأمر لينبُت في بطنِها جنينًا.

تحسست روزماري بطنها ثم تنهدت.

"لا بأس روزماري، ابذلي المزيد من الجهد ليُثمِر الجهد المبذول بالفعل!"

....................

في وقتٍ سابق، وتحديدًا في شِقَّة العروسين الجديدين سيهون وآيرين؛ فلقد مَضى على زواجهما قرابة الشَّهرين؛ ولكنَّ المُفاجئ أنَّ آيرين حُبلى بشهرِها الرّابع، وهذا ما أخبرتهُ أيّاها الطبيبة لِتَّو.

عادت إلى المنزل بذهنٍ فارغ، فلقد ذهبت وعادت وتدبَّرت أمورها دون دراية سيهون، لم تَدري أنَّها حُبلى مُسبقًا، وهذا ما استغربتهُ الطَّبيبة؛ وذلك لأنَّ العادة النسائية ليست مُنتظِمة لديها مُذُّ أن أزهرَ بلوغها، لقد لَحِظَت حملها من إزدياد وزنها اللامُبرَّر.

السيّء في الأمر أنَّهُ ما عاد بإستطاعتِها أن تُجهضُه بعد الآن، لا هي ولا سيهون جاهزان لإستقبال طفل في حياتهُما وتحمُّل مسؤوليَّتهُ الشَّاقة من تربيّة وعناية ورعاية... أو هذا ما تظنُّه وحدها آيرين.

فلقد عادت إلى المَنزِل بمزاجٍ كئيب شديد السوء، حتى أنَّها تجاهلت سيهون، الذي تسآل بقلق عن مكانِها فورما وَلجت إلى الشِّقة، بل تجاوزته وكأنَّهُ غير مَرئي بمزاجها الكئيب ذاك، وراحت لِتستَحِم.

سيهون لم يُبقِها في خاطرِه أو يستاء بل حاول أن يتفهَّم، للمرأة إضطرابات هرمونية تجعل مزاجها حالكًا حتى لوما وجِدَت الأسباب المَنطقيّة لذلك.

حَضَّر القهوة الصباحيّة لأجلِ كليهما، وانتظرها في صالةِ الجلوس أن تنتهي من أمورها الشخصيّة وتأتي لتُشاركُهُ همومها.

أتت أخيرًا وجلست قُربه، مَدَّ لها كوبها من القهوة ونبس فيما يبتسم كعادته، إبتسامة تُطمئن الفؤاد وتُزيح عنه الهُموم.

"ما بالكِ حبيبتي؟! لا أراكِ في مزاجٍ حَسَن!"

تنهَّدت آيرين ووضعت كوب القهوة على الطاولة الزُجاجيّة أمامهُما.

"أحمل في جُعبتي خبرًا، قد لا يكون خبرًا جَيّد!"

إنقبضت معالم سيهون في قلقٍ واضح، أمسك بيديها بين يديه، وزَلَف منها يقول.

"قولي ما لديكِ، لو كانت مُشكلة سنجد لها حَلًّا معًا"

قضمت شفتاها بِتَردُّد، ثم رفعت رأسها إليه ونبست.

"أنا حامل"

سُرعان ما إبتهجت معالمه وهتف بِصَخب.

"حقًّا؟! أنتِ حامل؟! سَنُصبِح أب وأُم؟!"

لم تتوقَّع رد الفعل المُبتهِجة هذه.

"هل حقًا أنتَ سعيد بهذا الخَبر؟!'

"وما الذي يدعو إلى غيرِ ذلك؟!"

نَبَسَ مُبتهِجًا فقبضت آيرين حاجبيها واتبعت.

"ولِمَ تكون سعيد؟! هل ترانا حِمل طفل ومسؤوليته العظيمة؟!"

إستنكر سيهون لا يفهم سبب إعتراضها.

"وما المُشكلة بوجودِ طفل يربطنا معًا؟!
الأمر لا يحتاج لأي تجهيزات!"

سحبت يدها من بين يديه ورمقتهُ بِغَضب.

"المُشكلة أنني لا أُريد أن أصبح أُمًّا الآن، لا أنا جاهزة ولا أنت لوجود طفل بحياتنا!"

تنهد سيهون ونبس.

"آيرين أنا حقًّا لا أفهمُك، ألم نتزوَّج لِنُنجِب أطفالًا بِحُريّة، كما أننا في علاقةِ حُب مُذُّ خمسةِ سنوات، ألا تَرين أنَّ كل هذا الوقت الماضي كان أكثر من كافي لنكون الآن أُمّ وأب؟!"

وقفت بعصبيّة وصاحت.

"لا، أتظن نفسكَ حقًا جاهز لتكون أبًا؟!

بالنِّسبةِ لي؛ أنا ما زِلتُ صغيرة لأتحمَّل هذا العِبء، أنا أُريد أن أعيش حياتي دون أن يُقيّد حُريَّتي طفلًا من الآن.

وأما أنت، فكيف تنعت نفسكَ بالجاهز لأن تكون أبًا بِربِك!

ألا تذكر كلام أبي؟!

أنتَ ما زلت طفل فكيف ستتحمَّل مسؤولية طفل؟! وحدي من ستكون في مشكلة حينذاك!"

وقف سيهون وارتسمت الخيبة على ملامحه.

"ألا تَرين أنّي حِملَ مسؤولية طفل حقًا يا آيرين؟!"

عقدت ساعديها إلى صدرِها، وأشاحت بوجهِها يمينًا بعيدًا عن مرآه.

"لا، ولن تكون على قدرِ المسؤولية بغضونِ سنوات حتّى!"

لِفَرَطِ الصَّدمة؛ إرتفع شِدقه مُستنكرًا بإبتسامة مُتألِّمة ونبس.

"هكذا إذًا؟! لِمَ تزوَّجتِ بي إذًا سيدة اوه آيرين؟!"

همست فيما ترمش بإضطراب.

"الحُب، أليسَ سببًا كافيًّا؟!"

نفى برأسِه، وسحب سُترتِه، التي تركها مُسبقًا على ذراعِ الأريكة.

"لا، ليس سببًا كافيًا أبدًا!"

خرج من الشِّقة وعيناه كالجَمر بسببِ كبتِه لدموعه، وهي تنهدت تلعن نفسها ثم اتبعته، ما كان على الأمور أن تَصِل إلى هذا الحَد السيء بينهُما أبدًا، ليس وكأنَّ سيهون مُذنِب.

وصلَ المصعد بعدما أنزله، فنزلت به خلفه إلى مَصفِّ السيّارات الخاص بالعِمارة السَّكنيّة، كان على وشكِ أن يصعد سيارته، ويبدو أنَّهُ قضى بعض الوقت في البُكاء عندَ مُقدِّمتها.

هرعت إليه، وتمسَّكت بذراعِه تستوقِفه؛ إذ فورما رآها تأتي قُربه ودَّ الفِرار بعيدًا، إلى مكان لا يُمكنها أن تجده فيه؛ ولو كان ذلك للوقت الحالي فقط.

"سيهون توقَّف، أنا حقًا آسفة، لم أعني ما قُلتُه!"

سحب يده منها بقوّة، ثم إلتفتَ لها مُستاءً.

"أُدرك تمام الإدراك أنَّ الكلام الذي قُلتِه في الأعلى تقصدينه.

وكما لم أُجبرُكِ على الزَّواج بِرَجُلٍ مُهمِل مثلي لن أجبركِ على الإستمرار معي.

لو أردتِ أن ننفصل سأفعل، اجهظي الطفل وسننفصل فورًا، أبقيه وسأعود لأجلِه!"

تركها خلفه يلوكها النَّدم لقاء ما تفوَّهت به من كلامٍ قاسي، تنهدت إيرين فيما تتخصَّر، قضمت على شفتيها بِقسوة؛ لتكبح رغبتها بالبُكاء، ثم عادت أدراجِها إلى الشِّقة.

إرتمت على الأريكة الجلديّة السوداء حتّى حلَّ المَساء، واستنهكت آيرين بالتفكير ولوم نفسها بسببِ خشونة كلماتها، التي قد تكون قد جرحت سيهون بالفعل.

قطع الصمتَ العائم في المكان صوتُ رنين هاتفها على الطّاولة أمامها، إنتشلته من على الطاولة بأنامل مُتكاسلة وإذ بها والدتها.

تحمحت آيرين، وزيَّفت إبتسامة على مُحيّاها؛ كي لا تشعر والدتها بأي شيء وإن ما تمكَّت والدتها من رؤية إبتسامتِها.

"مرحبًا اُمي، كيف حالُك؟"

سمعت شهقاتٍ صادرة عن أُمها وبُكاء مرير، فانقبضت معالمها بقلق ونبست.

"أمي ما بكِ تبكين؟!

أمِن خطب معكِ أو مع أبي؟!"

أجابتها والدتها فيما تبكي.

"لقد اتصلتُ بجون ميون عِدّة مرّات لكنَّهُ لا يُجيب، لذا تعالي أنتِ وأخيكِ، لا تسمحي لزوجته أن تدري بشيء"

بإنفعالٍ نبست آيرين.

"أمي كُفّي عن وضع هذه المُقدِّمات المَقيتة واخبريني ما الذي يحدث معكما؟ هل أبي بخير؟"

إزداد بُكاء السيدة بحِدّة ونبست تُجيب آيرين.

"والدكِ ليس بخير، لقد تعرَّض لسكتة قلبيّة، وهو الآن يرقُد على سرير العلاج في المُستشفى، أسرعي أنتِ وأخاكِ في القدوم، فوضعه سيء جدًا، ولا يملك الكثير من الوقت على حسبِ قولِ الأطبّاء"

أغلقت آيرين المُكالمة مع والدتِها، وهرعت إلى شِقَّةِ جون تَطرُق باب منزله بهلع ودموعها تنهمر.

فتح الباب وعلى ملامحه الأستياء من خشونةِ ضرباتِها، لكنه ما إن رأى دموعها الوفيرة تبدَّل إستيائه قلقًا، وتمسَّك بكتفيها بقوّة مُتسألًا.

"ما الذي حدث؟! لِمَ تبكين بحرارة؟!"

"أبي في المُستشفى، وحالته في غايةِ السوء، أسرع بنا إليه، يقولون الأطبّاء أنًّهُ قد يموت"

سمعت روزماري الكلام، الذي قالته آيرين قُربَ الباب، ونهضت بحذر من مكانها، إقتربت من جون وتمسَّكت بذراعه.

"أسرِع إلى المُستشفى ولا تقلق بشأني، سأكون بخير!"

أومئ لها، وتجاوزها ليحضر لوازمه قبل أن يخرُج، وأثناء ذلك إقتربت روز من آيرين، وأخذت تُربِّت عليها تُحاول تهدئتها.

"لا تبكي، أبي سيكون بخير!"

"أرجو ذلك من كل قلبي!"

قضمت روز شفتاها بقلق بعدما غادر جون وآيرين معًا، ولقد أخبرها قبل أن يُغادِر أنَّهُ سيُهاتِف أوريل؛ لتأتي إليها سريعًا، وليس عليها القلق؛ فهو سيخبرها بمُستجدّاتِ الأمور.

وقفت روز في صالة الجلوس بعدما تمشَّت بحيرة، وجمعت كفّيها بتوسُّل ودعت ربّها أن يُسلِّم.


...................................

يُتبَع...

الفصل الثلاثون"جون وهَيبَتُه"
الجُزء الخامس "لا تؤذيني بكِ"
الرواية العاطفيّة "هَيبَتُها"

24/Mar/2021

.......................

سلااااااام

الفصل القادم بعد 100 كومنت و100 فوت.

1.رأيكم بِ:

روزماري؟!

إستقبالها لإهلها؟ محاولتها لتصديقهم؟ وسعادتها بهم؟

نظرتها نحو الأطفال؟

2.أهل روز؟

هل وِدهم مُصطنع أم حقيقي؟!

3.لِمَ كان جونغداي بالمستشفى؟

4.رأيكم بجون؟

إقناعه لأهلِ روز أن يبادروا بالصُّلح؟

5. رأيكم بتشانيول وأوريل؟

6.هل ستنجح العملية أم تفشل؟

7.رأيكم بآيرين وسيهون؟ ما الذي،سيحدث لهما؟

8. ما الذي سيحدث لوالد جون؟

9.رأيكم في الفصل وتوقعاتكم للقادم؟

دُمتُم سالمين❤
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
Love❤

© Mercy Ariana Park,
книга «هَيّبَتُها|| Her Prestige».
CH31||ظِلالٌ رماديّة
Коментарі