توطئة|| Introduction
CH1|| إبنة الزمن
CH2|| حُب الدهور
CH3|| إمرأة من بحر
CH4||سماء ونجوم
CH5|| أزرق سماويّ
CH6|| لِمَ أُحبّك
CH7|| بُنٌ وبَحر
CH8|| سماءٌ وبَحر
CH9|| رسول الحُب
CH10||حياة بين الضلوع
CH11|| أزمة الهَيْبَة
CH12|| إنتقام الهيبة
CH13||عُكّاز وجَبيرة
CH14|| غاطس بالحُب
CH15||كَرز وسيجارة
CH16||حُبّي المُشيَّد
CH17|| نور البدر
CH18||بَهاء وإمتلاك
CH19||مَطَر ضِمنَ العاصِفة
CH20|| مخائل حُب
CH21||أُحبُك بمزاجٍ شَتويّ
CH22||قاع البحر
CH23||الزهرة وصاحب البستان
CH24||حُضنه الدافئ
CH25||دموع جميلة
CH26||أغرق في بحرِك
CH27||بَحرٌ هائج وسماءٌ دهماء
CH28||إنتكاس الهَيبة
CH29||زهرة مائلة الجِذع
CH30||جون وهَيبتُه
CH31||ظِلالٌ رماديّة
CH32||أكره الحُب
هَيبتُها|| The End
CH23||الزهرة وصاحب البستان
كيم جون ميون (سوهو)

بَطَل:

هَيبَتُها|| Her Savage love

أحبّيني كما تشتهين











"الزَّهرة وصاحب الفُستان"










"إمرأة عطوفة أنتِ... تَبدين خَشِنة وقلبكِ من حديد لا يلين.

لكنّي أعرفُكِ... أنتِ رقيقة... رقيقة للغاية!

وإنّي أخاف على قلبكِ من الهوى أن يكسره، دمعة قد تفصمه، ونظرة مُنكسِرة قد تكسر أجنحة عِزك.

أنتِ رقيقة جدًا، وحنونة جدًا، وأنا أُحبُكِ كثيرًا

إلى زَهرتي الرَّقيقة

الكاتب سوهو"

...



كانت روزماري في سيارتها عائدة من العمل إلى المنزل، الشمس قد غابت بالفعل، وها هو القمر الليلة هِلالًا ضيّق القُطر قد ظهر في كبد السماء الأدهم، وأمّا السماء فهي الليلة صافية جدًا، والنجوم بعيدة، فلا بريق لها.

كانت تتَّكِز روزماري على إطار النّافِذة في السيّارة فيما تنظر إلى الخارج وتضع السمّاعات في أُذنها؛ تستمع إلى أغاني BTS التي تتكلم عن حُب النَّفس، وتلك أغاني أدرجها تشانيول لها في قائمة الموسيقى عندها؛ لعلها تُساعد.

لكن شيئًا ما استوقفها أثناء تِلك الأوقات التي تملأها السكينة، وشتَّت إنتباها عن الصوت العذب الذي تحتويه الأُغنية وأصوات أعضاء الفِرقة، فَهُم على جسرِ الهان عالقون في أزمةِ سير خانِقة، ولكن في بُقعةٍ ما قُرب السّياج يجتمع الكثير من الناس، كذلك سيارة شُرطة وإسعاف ومُنقذين.

تشانيول عَلَّق.

"يبدو أن أحدهُم ينوي الإنتحار"

نَزَعت روزماري السمّاعات من أُذنها، ووكزت كتف السائق تقول.

"أوقف السيارة!"

ترجَّلت من السيارة سريعًا يتبعها تشانيول قائلًا.

"ماذا يُمكنكِ أن تفعلي؟! عودي إلى السيّارة!"

لم تستجب له بل قالت، وفي طريقة حديثها ونبرتها، وحتى نظراتها إليه لَوم، فكيف لحياة إنسان أن تكون رخيصة إلى هذا الحد؟!

"أفهم جيدًا الشعور الذي يقود الإنسان لأن يُضحّي بحياته لِقاء لا شيء، لا تستهتر بأوجاع الناس، عليكَ أن تحاول مُساعدتهم بدلًا من ذلك!"

ركضت إلى هناك، وتشانيول يتبعها متأسِّفًا عمّا قاله، وإذ به شاب يقف فوق الجِسر ينوي رَمي حياته في جُبَّ النهر، الشُرطة هنا، كذلك الإسعاف، والناس تصوِّر ما يحدث، وشخص واحد فقط من يحاول إقناعه أن يبتعد عن الحافة وأن يُقدِّر حياته.

صاحت بالشاب يتشبَّع صوتها القلق فيما تركض بين الزِحام حتى أصبحت منه قريبة.

"أيها الرجل المجنون!"

إلتفت الشاب ذا العينين الدامعة ينظر إلى صاحبة الصوت المألوف ثم الوجه المألوف، أجمل وجه قد يراه طيلة حياته يراه في آخر لحظات حياته وأبشعها، ابتسم يقول.

"لا أُصدِّق أنّي أراكِ هُنا سيدتي والآن!"

إقتربت تقبض ملامحها بأستياء، وقالت.

"أنت! لِمَ تحاول قتل نفسك أيها المُغفَّل؟!"

تَهكَّم بضحكة خافتة إزاء مُفرداتها التي توبخه رغم أنه غريب عنها، لكنه قرر أن يُجيبها، ان يبوح، أن يشكو همه لآخر مرة قبل أن يغادر، لعله تذكره أحد، لعلها هي تذكرته لاحقًا.

"لأن الحياة مليئة بالمشقّة كما قُلتِ لي، وأنا أضعف من أن أتحمل هذه المشقة وحدي، فأفكر بأن أُريح نفسي، الموت خيار مُريح للغاية سيدتي"

رفع رأسه إلى السماء وعاد ليبكي قائلًا.

"لا شيء قد يمدّني بالقوّة بعد الآن لأستمر بحياة الكَدّ والعذاب التي أعيشها، أنا حتى لا أذكر متى آخر مرّة شعرتُ بالسعادة بصِدق!"

صاحت عليه غاضبة، لكن مُستاءة وحزينة لأجله، وخيرُ دليل تلك الدموع التي تتدافع من عينيها دون أن تقدر أن تسيطر عليها أو أن تضبُطها حتى. 

"يااا! هذا لا يعني أنه يمكنك أن تموت أيها الأحمق!"

ضحك فجأة وأومئ يقول.

"تعلمين؟! بلى أذكر متى كانت آخر مرة شعرتُ بها بالفرح!

يوم منحتني توقيعك، وما نَعتِّني بالمهووس لأنّي أملك صورة لكِ بمحفظة، وعندما لحظتِ مَشَّقتي لم تُشفقي عليّ بل اعطيتني عبوة الحليب والبسكويت، واوسيتني في وقت كنت فيه أحتاج المواساة.

حينها أنا شعرت أنّي شخص عادي يشقى ليعيش كما يفعل جميع الناس، لم أشعر بأنّي ناقص.

أنتِ الشخص الوحيد الذي لم ينظر لي بدناءة ودونيّة مُذُّ أن أتيت إلى سيؤل، أنتِ الشخص الوحيد الذي عاملني كمجرد شخص عادي!"

تذكَّرت قبل بضعةِ أيام الشاب الذي كان ينقل قِطع الأثاث إلى شقةِ جون، وأهدته حينها توقيعها، كذلك عبوة حليب الشوكولاتة بالبُندُق والبسكويت، لذا إستطاعت أن تتذكر اسمه.

"جاي هيون؟!"

أومئ وابتسم حتى ابتسمت عيناه الباكية يقول.

"تتذكري اسمي أيضًا!
هذه المرة الأخيرة في حياتي لأن أشعر بالفرح، شكرًا لكِ!"

أغمض عينيه، وأرخى يديه يتبرّى من وزنه الذي يتحمّله السيّاج، لكن روزماري سُرعان ما ركضت إليه وتمسَّكَت بذراعيه، وصرخت طلبًا للمساعدة فيما وجهها قد تَعبَّأ ذُعرًا.

هرع تشانيول إليها ليتمسّك بها؛ كي لا تسقط مع الشاب بسبب وزنه الثقيل عليها، ورِجال الإنقاذ هرعوا لمساعدتها في حمل الشاب، ووضعه ضمن الحدود الآمنة.

وضعوه أرضًا يقعد بجانب روزماري التي نظرت له بأعين باكية فيما تتنفس بصعوبة وثِقل، كانت ترمقه بغضب.

دفعت تشانيول عنها الذي يحاول رفعها عن الأرض، ونهضت على رُكبتيها تتمسك بياقة الشاب بخشونة، وأخذت تهزَّه بعنف وغضب تنبس.

"تعلم أنّي أرغب في صفعك أيها الغبي!"

أخفض رأسه مُحرَجًا منها، وخبَّأ وجهه بين كفّيه يبكي بحرقة ولا يدري لِمَ يبكي، لأنه فشل أم لأنه نَجى، مسحت دموعها بخشونة عن وجنتها الرَّقيقة وقالت له.

"يُفضَّل أن تنهض معي الآن قبل أن أركُلُك!"

رفع رأسه إليها، ثم مسح دموعه ونهض دون أن ينبس بحرف، فإلتفتت روزماري إلى تشانيول.

"خُذه إلى السيارة، سأضربه!"

أومئ تشانيول وأخذ الشاب فيما يُربِّت على كتفه، أما روزماري فوقفت مع رجال الشُرطة تخبرهم أنها ستتولى أمر الشاب، فأن يبقى معها أفضل من أن ياخذونه إلى مَصحَّة نفسيّة ويحبسونه هُناك.

عادت إلى السيارة، وصعدت بجانب الشاب الذي ينطوي على نفسه، ويشغل أضيق حيز ممكن في السيّارة، كذلك يُطَطئ برأسه.

همست روزماري تتحدَّث إلى السائق فيما تنظر إلى الشاب بغيظ.

"خُذنا إلى المنزل... سأضرب أحدهم حتى يعلم ما معنى المَشقَّة الحقيقيّة!"

إزداد إنحناء رأسه ولم ينبس بحرف حتى، فتنهدت وركلت كرسي تشانيول تقول.

"أنت! عليكَ أن تجعل السيارة تَضُج بأغاني BTS، فهناك من يكره حياته أكثر مني!"

همس الشاب أخيرًا.

"أنا آسف!"

تنهدت فيما تنظر إليه ولم تُتبِع.

..................................

كان الثلاثة في المصعد؛ روز، تشانيول، والشاب جاي هيون الغَريب.

وما إن فتح المصعد رأى ثلاثتهم جونميون يقف على بابه، ملامحه مُشبَّعة بالقلق بينما ينتظر أمام الباب، حالما رأى روزماري إجتذبها من يدها سريعًا، ودَسَّها بين زنديه يُعانقها بشدة دون أن يَنبَس بحرف حتى؛ فقط تنهد براحة، وذلك أمام تشانيول الذي ابتسم ثم ربَّت على كتف جون بينما يَمُر به، وجاي الذي ينظر بغرابة إليهما.

كانت روزماري تنظر في حيرة إلى تشانيول من أمرِ جون، ثم هي تنهدت وأحاطت خصر جون بذراعيها وأركنت رأسها على صدرِه، الذي ما إن رفعها عن صدره أحاط وجنتيها بكفّيه يسألها قلقًا.

"هل أنتِ بخير يا هَيبة؟!"

أومأت له فنفث أنفاسه مُرتاحًا، وأحاط خصرها بذراعه يقول.

"كِدتُ أموت خوفًا عليكِ لو تعلَمين!"

تبسَّمت في وجهه وقالت.

"أنا بخير، لا تقلق عليّ!"

طبع جون قُبلة أخيرة على رأسها، وضمّ كتفها بذراعه، ثم نظر إلى الشاب الغريب الذي بصُحبتهم يقول.

"هل أنتَ بخير؟!"

أومئ الشاب، ثم تشانيول تكلَّم.

"كيف علمت؟!"

"عُرِضت الحادثة على الأخبار، الفيديوهات عن الواقعة تملأ مواقع الإنترنت وموقع نيفَر"

استنكرت روزماري تقول.

"حقًا! بهذهِ السُّرعة!"

أومئ لها جون وبانت إبتسامة فخورة على شفتيه يقول.

"نعم، أنتِ كيم روزماري في النهاية!"

ضربت صدره تتهكم بضحكة، ثم ابتعدت عنه قليلًا لتفتح باب شِقَّتِها وتدعوهم للداخل.

جلس أربعتهم، وروزماري إتصلت تطلب الدجاج والكولا لأربعتهم، ثم تحدَّثت إلى الشاب.

"اذهب واستحم في ذلك الحِمام وتشانيول سيحضر لك ثياب من عنده، سيكون الطعام قد وصل عندما تنتهي!"

سُرعان ما تمسَّك جون به وقال.

"لا، سآخذه عندي، سيستحم عندي وأعطيه من ثيابي، لا تقلقي بهذا الشأن!"

ضربه تشانيول على كتفه يقول.

"غيور!"

أما الشاب فتحدَّث بحرج.

"لا أريد أن أكون عِبئ على أحد!"

روزماري أجابته بعصبيّة.

"سأركلُكَ حقًا، اذهب وافعل ما أقوله لك!"

انحنى لها ونبس.

"حسنًا سيدتي!"

تشانيول تدخل يقول والإبتسامة تكاد تشق شفتيه.

"هي هكذا قاسية وعنيفة، ليست لطيفة كما تظن!"

حينها إستدارت إليه روزماري وقالت.

"اخرج أنت أيضًا، اذهب وأدّي أمورك، ودعونا نجتمع هنا بعد ساعة"

أومئ الثلاثة لها، وتشانيول ضرب لها تحيّة عسكرية قبل أن يرحل.

بعد ساعة؛ كانت روزماري قد أدَّت أمورها، استحمَّت وبدَّلت ثيابها إلى أُخرى مُريحة، مَنامة ورديّة وفضفاضة، كما رفعت شعرها على شكل كعكة، ووجهها عارٍ من مستحضرات التجميل.

إزدرئ جاي هيون رَمقه بعدما نظر لها؛ فقام حون بصفع رأسه بخفة يقول بنبرة غيور.

"أنت! هذه إمرأتي، لا تنظر لها هكذا!"

إنحنى له وقال.

"آسف!"

لكنها بدت بعينيه جميلة جدًا، أجمل مما تكون وهي في زينتها وأناقتها الكاملة حتى، تبدو لطيفة وهي غارقة في منامتِها الواسعة هذه.

جلست على الطاولة قُرب جون الذي حمل أكياس الطعام إلى الداخل، ووزعت حِصص الطعام على أربعتهم تقول.

"هيا تفضلوا!"

الجميع كان يأكل براحة إلا جاي، الذي نال منها ركلة من أسفل الطاولة؛ فجعلته ينتفض بخفّة وينظر لها مشدوهًا فوبّخته.

"كُل جيدًا واملأ معدتك، لا أحد يراقبك أيها الصبي!"

ضحك جون بخفة وتشانيول قال لها.

"أيتها المرأة المجنونة، أهكذا تعاملين إحدى معجبينك؟!
كوني ألطف، الرجل يظنكِ إمرأة لطيفة!"

رفعت حاجبًا تحذر.

"سأركُلكَ أنتَ أيضًا!"

ضحك جون يقول.

"أطفال!"

كلاهما معًا هاجماه.

"نحن؟!"

سرعان ما نفى برأسه مذعورًا ونبس.

"لا، أنا الطفل، أنا!"

جاي كان ينظر لهم ويبتسم، إنهم أشخاص سعيدين عاديين، يمارسون الحياة بالمرح، يود لو يكون كذلك في يوم ما، يود لو أنَّهُ يقدر أن يمسح همومه بالمرح واللعب.

بعد الطعام؛ تشانيول عوقب بتنظيف الفوضى لأنه تمادى في مزحه، وجون عوقب بتحضير القهوة سريعة التحضير لأنه نعتها بالطفلة، أما جاي فسحبته روزماري ليجلس معها في الشُرفة التي تتصل بصالة الجلوس؛ مُستأنسين بنسيم الليل وهبّات الرياح.

تلبَّست ملامحها الجديّة وقالت.

"الآن وبلا حرج، ستخبرني قصتك، ما الذي يحصل معك؟! ولِمَ تُريد الإنتحار؟!" 

أومئ لها جاي ثم استرسل بالحديث.

"سيدتي، أنا كنتُ مُجرَّد شاب عادي يعيش حياته كما بقيّة أقرانه حتى تخرّجت من الجامعة.

لقد درست على حساب القروض البنكيّة التي عليّ أن أسِدُّها ما إن أتخرَّج وأجد وظيفة في مجال دِراستي.

كانت توقعاتي عالية، لكن لا شيء، الواقع فتَّتَ أصغر ذرّات الأمل والسعادة التي كنتُ أقتات عليها.

لم أستطع أن أجد عمل مهما تكبَّدني العناء بالبحث، مؤهلاتي عاليّة، وسيرتي الذاتيّة ذاخرة، شهادتي الجامعيّة بتقدير إمتياز، لديَّ أكثر من عشر شهادات لدورات تعليمية، وخبرات قصيرة المدى، وتدريبات مُكثَّفة، لكن لا شيء!

عائلتي لا تقدر أن تدعمني أكثر، أمي وأبي جاعوا حتى أنهيتُ أنا دراستي، لم يكُ بمقدوري أن أطلب المزيد منهم.

أما أنا... فلقد خسرت مكان سكني، لم أقدر أن أُسدِّد الإيجار، والبنوك تلاحقني وتقاضيني، الشرطة قريبًا سيبدأو بملاحقتي أيضًا، أصبحت أعمل بأي شيء كي أطعم نفسي فقط."

تبسَّم فجأة ومسح دمعة بادرت بالسقوط.

"أنتِ عندما أعطيتني عُلبة الحليب والبسكويت أكلتهم بنهم وأنا أبكي رغم أني كنتُ سعيد، كنتُ أتضور جوعًا منذ يومين، أنام في الزِقاق مع المُشرَّدين والمخمورين، في النهاية استسلمت، وقررتُ أن الموت ينهي المَشقّة"

تحمحت روزماري ووقفت تمسح دموعها سِرًا عنه، ثم صاحت بالرَّجُلين في الداخل.

"جون وتشانيول، أين القهوة؟!"

عادت لتجلس في مكانها قرب الشاب تُتمتم.

"هذان الأحمقان!"

ضحك جاي رغم مأساته ومسح دموعه، علم أنها لا تجيد المواساة، تشعر بوجعه، تحاول مساعدته، لكنها لا تعرف كيف تواسيه.

أخيرًا أتى جون وتشانيول، فيما جون يحمل صينيّة عليها أربع أكواب قهوة وقطع شوكولاتة فاخرة.

حملت روزماري أول كوب وقدمته مع قطع الشوكولاتة لجاي تقول.

"تفضَّل"

"اووه! ماذا حصل؟!
أصبحتِ فجأة مؤدبة!"

هذه المرة رفع ساق تشانيول يتألم لأنها ركلته وقالت.

"تستحق!"

"إمرأة عنيفة!"

ضحك جون وربَّت على كتف جاي يقول.

"هل أنتَ بخير الآن؟!"

أومئ له جاي وهمس.

"شُكرًا لكم، بفضلكم!"

تحدَّثت روزماري إليه.

"غدًا ستذهب مع تشانيول، وستبقى في منزله حتى يجد لك مكانًا لائقًا"

سُرعان ما حرّك جاي يديه رافضًا وقال.

"أنا لا أريد شيئًا حقًا، يمكنني أن أذهب الآن!"

وقف يبغي الرحيل، لكن روزماري أشارت إليه بسبابتها فيما ترفع حاجبها.

"إن كنتَ تُريد قدميك فاجلس قبل أن أقطعهما لك!"

عاود الشاب الجلوس بحرج، ثم نهضت هي وطلبت من تشانيول أن يتبعها، وقفا بالمطبخ معًا، هي تستند على البار وتشانيول يقف بجانبها.

"هذا الشاب يذكرني بنفسي يا تشانيول، لا يُمكنني أن أتخلّى عنه، لولاكَ لأصبحتُ مثله في إحدى مراحل حياتي، أريد أن أرد المعروف بمساعدته"

أومئ لها تشانيول وابتسم.

"ماذا تريدني أن أفعل لأجله؟!"

إلتفتت إليه روزماري وقالت له تَحُف ملامحها الجدّيّة.

"غدًا سأتدبر أموري وحدي، لكن عليكَ بمساعدته"

أومئ لها تشانيول فاتبعت.

"غدًا خذه إلى مكتب المحامي جونغ إن واحلل مشاكله القضائية مع البنك، تعلم حسابي المصرفي.

استخدم بطاقتي واجعله يتبضع، احصل له على ثياب جديدة وأغراض تلزمه كرجل، كُن سخيًّا واستخدم بطاقة التأمين التي تخصني.

ابقيه في شقتك، وابحث له عن مكان جيد قريب من هنا، وأثِّثه له جيدًا.

ضعه مُتدرِّب مصروف الأجر في المحطة حتى نستطيع تثبيته فيها بمجال دراسته، اشتري له هاتفًا وجهاز حاسوب، وافتح له حسابًا مصرفي ضع فيه ألف دولار لأجله، ابحث خلف عائلته وساعدهم ماديًا، ولا تخبرهم عن وضع ابنهم، أخبرهم أنه يبلي جيدًا، حسنًا؟!"

أومئ لها تشانيول، ثم قال فيما يُبعثِر شعرها حتى سقطت الكعكة وتدلّى شعرها.

"أنتِ حقًا هَيبة وبَطلة!"

أمسكت بشعرها وزجرته بعصبيّة.

"وأنت حقًا غبي، أتريد أن أضربك؟!"

قهقه تشانيول ونفى برأسه... هو لا يريد أن يُضرب بكل تأكيد، لكنه يشعر بالفخر، لأنه أكرمها بمساعدته سابقًا، وها هي تُكرِم الآخرين اليوم... وبسخاءٍ شديد.

............................

غادر تشانيول وأخذ جاي معه، إنه شاب في الخامسة والعشرين من عمرهِ فقط، لكنه مُهذَّب جدًا ولطيف.

أنهت روزماري توضيب ما لزم بعون جون، ثم فجأة شعرت به يُعانِقُها من خِلاف فابتسمت، حينها قال.

"كنتُ خائف عليكِ كثيرًا اليوم، لا يُمكن أن أعود إلى المنزل الليلة وأبقى بخير، أريد أن ابقى الليلة لديكِ"

"حسنًا"

جلب لأجلها المنشفة، وجفف يديها فيما يحتضنها من خِلاف، وسار بها إلى غرفة نومها، رمى بجسده على سريرها ثم فغر ذراعيه كي تشغلهما، فأتت إليه ونامت على صدره.

عانقها بين ذراعيه ورفع عليهما الغِطاء، حينها تحدثت روزماري وقد تنهَّدَت.

"عندما رأيتُه يحاول قتل نفسه تذكرتُ نفسي من الماضي عندما حاولت فعل ذلك أيضًا، شعرتُ بالمسؤولية اتجاهه، لا يُمكن أن أترك شخص يختطفه للموت بينما أنا أقدر أن أُساعده"

همهم لها جون وفيما يمسح على رأسها اتبعت.

"شكى لي همومه، ورغم أني تأثَّرت لكني لم أقُل شيئًا لمواساته، أنا شخص سيء لا يمكنني مواساة الآخرين!"

"هذا لا يجعلكِ سيئة، أنتِ حاولتِ بكل قُدرتكِ أن تُساعديه، أنتِ قدمتِ له الآن حياة لائقة، وذلك أهم من الدعم العاطفي وأكثر ما يحتاجه، وإن كان الأمر يُقلقك فلا تقلقي، أنا قمتُ باللازم لأجله!"

ابتسمت روزماري وأومأت تربِّت على صدره.

"شكرًا لك جون!"

قَبَّل يدها وضمّها بذراعيه أكثر.

"شُكرًا لكِ أنتِ، تجعليني فخورًا بِكِ!"

...................................

توقَّف جونغداي في عيادة الإخصاب بعدما أدّى الفحوصات اللازمة لأجله، يذكر جيدًا يوم آتى تشانيول يحمل له ولوزماري التحاليل التي تقول أنه عقيم.

ضاقت الدُّنيا فيه في ذلك الحين وشعر بالنَّقص الشديد، رُغم أن روزماري واسته وقالت أنه لا بأس ما دامت معه ودام معها، كان يُريد طفلًا من روزماري؛ كي يُقيّدُها به قيدًا أبديّ؛ خصوصًا عندما أصبحت تنتفض ضده، فخاف أن تتركه.

تزوجها لعدة سنين لكنها لم تحمل بطفل منه، والآن الفتاة اليابانيّة التي يقتات على جسدها حاليًا حامل بطفل منه!

لم يأخذ أي إحتياطات لأنه أول رجل لها، ولأنه يظن نفسه عقيمًا، لكن الآن ما الذي يحدث؟!

خرجت المُمرِّضة ونادته ليُقابل الطبيب المسؤول، جلس أمام مكتب الطبيب، وأما الطبيب فبعدما اطلَّع على نتائج الفحوصات بين يديه، استهلَّ حديثه.

"لا شيء يَدُل أنَّك عقيم، نتائج الفحوصات التي معي تقول أنكَ خصِب جدًا، ولا مشاكل لديك من هذه الناحية!"

جونغداي شَدَّ قبضته ثم ضرب بها عرض الطاولة، ابتسم بغضب وتمتم.

"كانوا يسخرون منّي!"

نهض دون أن يُدلي بكلمة وخرج، وذهب إلى حيث ترك ساكوارا، وجدها تجلس على إحدى كراسي الإنتظار أمام العيادة النسائيّة.

وقفت عندما رأته وقالت بائسة الطَلعة.

"هل صدقتَ أن الطفل ابنكَ الآن؟"

أمسك بعضدها وسحبها خلفها حتى توقف بها بعيدًا عن الناس وقال.

"اسمعي جيدًا، أنا لستُ مُهتمًّا بكِ أو بطفلِك، لذا قومي بإجهاضه وأنا لا أريد رؤيتكِ مُجددًا، أتفهمين؟!"

اتسَّعت عيناها بوجل وتمسَّكت بذراعه تقول.

"ما الذي تقوله أنت؟! أنا حبيبتُك! لا يمكنك أن تفعل بي هذا، أنا أرجوك!"

أبعد يدها عنه ومضى بطريقه.

"لا تتصلي بي مُجددًا!"

تركها ومضى، وهي أخذت تصرخ من خلفه وتبكي.

"جونغداي.. لا تذهب.. أرجوك هذا طفلك!"

إلتفت الكثير من النّاس وشتموه، لكنه لم يهتم، الآن يملك حُجة يعود بها إلى كوريا؛ ليُنغص على روزماري زواجها.

فإما له وإلا للا أحد... حتى لو لجأ لأي تصرُّف سيء.

كان يبتسم وسعيد، يستطيع أن يحظى بطفل، لكنه يريده ابن روزماري فقط، ولأنها تعجز عن إنجابه له؛ فلا يُريد أيُ أطفال.

لكنه الآن سيذهب ويُحضِر معه طفلته الأولى وحُب حياته الوحيد التي لن تكون غيرها أبدًا بقلبه مهما تبدَّلت الأجساد من أسفله.

حجز أول تذكرة لكوريا الجنوبية ستكون بعد يومين من الآن، عليه بتجهيز نفسه والتخطيط لما سيفعله عندما يعود.

......................

كان تشانيول بِصُحبةِ جون يقومان بحجزِ قاعة الزفاف، قد تركت روزماري هذا الخيار لهم، فقد قالت أن أي قاعة زفاف لا بأس بها معها، ولم تضع أي شروط.

أتمّوا حجز إحدى القاعات الفاخِرة، ثم بينما هُم في مقهى قريب قد توقفوا لشُرب القهوة؛ وصل تشانيول إتصالًا من رقمٍ دوليّ، ضَمَّ حاجبيه في قلق لكنه أجاب.

"مرحبًا؟!"

سمع صوت يألفه جعل عيناه تتسع في وَجَل حتى أن جون نظر له بترقب، فالتعبير الذي حمله على وجهه فجأة لا يدعو للخيرِ أبدًا.

"أكُنتَ تظُن أنّي لن أكتشف يومًا أنَّك تلاعبت بنتائج تحاليل الخصوبة قبل بضعةِ سنين؟!"

"جونغداي؟!"

نبس تشانيول متفاجئً فنظر له جون بقلق، وأما جونغداي فقهقه في قلبِ السمّاعة.

"نعم، جونغداي آتٍ ليقلب السكون في حياتكم إلى فوضى عارمة قريبًا... سُأريكم!"

أغلق جونغداي الخط لا يعطي أي مجال لتشانيول أن يتفاهم معه، جون قال في قلق.

"ماذا قال لك؟!"

تنهد تشانيول وراح يُدلِّك صِدغيه بأستياء يقول.

"لقد إكتشف أنّي تلاعبت بصِحّةِ تحاليل عيادة الإنجاب قبل بضع سنوات التي تخصُّه وروز... لا أشعر أن الأمور ستسير على ما يُرام مع هذا الرَّجُل!"

تنهد جون وتراخى على مقعده وقد استولى الخوف والتشاؤم عليه، أنه ليس الوقت المُناسب ليخوضوا أية أزمة أبدًا، حفل الزفاف أصبح قريبًا جدًا، ولو اكتشفت روزماري الأمر قد تمتنع عن الزواج بجون، وهو لا يُريد أن يُفسَد زواجه تحت أي ظرف.

حمل جون هاتفه وقال لتشانيول فيما ينهض.

"دعنا نذهب"

نهض تشانيول من بعده سريعًا وتبعه يقول.

"إلى أين؟!"

صعد جون سيارته وصعد معه تشانيول بجانبه، حينها أجابه جون عن تساؤله.

"إلى قاعةِ الزفاف، سأُلغي الحجز الذي قُمنا به للتو، وسأحجز الموعد المتوفر في أقرب فُرصة ممكنة!"

أوقفه تشانيول يقول بإستنكار.

"أتقوم بتقديم موعد الزفاف كي توثق الرَّبط على روزماري سيد كيم جون ميون؟!"

خطف جون نظرة إليه وقال مُستاءً، مُستنكرًا، وشيئًا ما غاضبًا.

"نعم، هل عندك خيار أفضل؟!

روزماري ستتركني لو علمت أنها لا تنجب، ستقول أنها لا يمكن أن تجعلني أبًا، وستحدث مشاكل كثيرة، حينما نكون متزوجين أستطيع أن أتمسّك بها أكثر، على الأقل لا يُمكنها أن تختار أن تنفصل عني!"

ثم لم يعترض تشانيول لسانيًّا رُغم أنه ليس مُرتاحًا حيال ما يفعله جون، فجون الآن يقوم بتقييدها كما حاول أن يفعل جونغداي سابقًا.

ذهب جون مُجددًا إلى القاعة وألغى الحجز، ثم قدمَّ موعد الزفاف إلى أقرب موعد ممكن، بعد ثلاثةِ أيام.

تشانيول استنكر بشدة بعدما أقدم جون على هذهِ الخطوة المجنونة.

"جننت أنت يا رجل!"

أومئ جون المُستنفر وقال.

"نعم، أنا جُننِت، أفعل أي شيء ولا أخسر روزماري!"

تنهد تشانيول مُبتأسًا فيما ينظر إلى جون وهو يتخصَّر، ثم قال.

"ماذا ستقول الآن لروزماري؟!"

تنهد جون يمسح جبهته المُتعرِّقة بكفّه وقال.

"لا عليك، أنا سأتدبّر أمرها"

................


على حد عِلم روزماري؛ فلقد ذهب جون مُصطحِبًا تشانيول إلى قاعة الزفاف لإحتجازِها، وهي ذهبت بِصُحبة أوريل وآيرين يقود بِهنّ جاي الذي أصرَّ على مُرافقتهنّ.

جاي وجد أن ما تلقّاه من روزماري فجأة كثير جدًا، إذ باليوم التالي لليلة محاولته الإنتحار قام تشانيول بحلِّ كل أموره وتبضَّع له بسخاء، كما أنَّه وفر له مكان إقامة يُناسبه في العِمارة المُجاوِرة.

كما أنه حَصل على عمل جيد في المَحطّة التي تعمل لصالحها روزماري بتوصية منها، كما أنه يتلقّى أجرًا رائعًا، ومصاريفه للشهر الأول مودعة بحسابه الجديد، ألف دولار من روزماري له.

وليَرُد جاي المعروف أو يُظهر إمتنانه يحاول مساعدة روزماري بأي شيء مهما كان ما تطلبه بسيطًا.

إذ هو بأوقات الفراغ وأيام العُطل يقوم بإيصالها إينما تريد ويرافقها كحارس شخصيّ، ورغم رفضها عدة مرات إلا أنه يتزمت بموقفه.

في محل فساتين الزفاف؛ كانت روزماري في الداخل تقيس إحدى الفساتين، وأما بالخارج؛ فآيرين وأوريل جالستين، وجاي يأبى الجلوس يتقمَّص دور الحارس الشخصيّ بكل مقوماته.

إبتداءً بوقفته، تكشيره لحاجبيه، عُقدة كفّيه أمامه، شعره الأدهم الذي رفعه عن ناصيته، نظّاراته الشمسيّة، بدلته الرسميّة، و أخيرًا حذاءه الكلاسيكي.

ورغم أن آيرين تملك رجلًا ملكًا في الحُسن، وأوريل تُغازِل رجل مثالي مُفعم بالرجولة إلا أن الأثنتين تغامزن عليه أمامه، وهو من باب الحرج كان يتحمحم ويتصرَّف كما لو أنه لا يسمع؛ وذلك لأن جاي هيون جميل جدًا أيضًا، لديه وجه مثالي وتقاسيم خشنة.

وأخيرًا إنتهت مُعاناته عندما أعلمتهم الموظفة أن روزماري تقف خلف الستارة بالفستان، فتركن الشاب وشأنه وإلتفتن إلى روزماري، التي ما إن إنفرجت السِتارة وبزغت مثل القمر من بين دفّتيها وقفن الفتاتين يصفقن ويُصفرن.

جاي كان ينظر لها ويبتسم، إنها جميلة جدًا الآن، والفُستان يُناسبها جدًا، إنه ضيّق على جذعها، يبتدأ حدوده من أعلى صدره حتى ركبتيها وهو يُفصِّل معالم جسدها الأنثوية، ثم هو منفوش قليلًا من رُكبتيها حتى ذيله الطويلة.

آيرين علّقت.

"أخي سيموت إن رآك به، سيتبخر مع الهواء!"

ردَّت روزماري وهي تنظر إلى نفسها بالمرآة.

"أنتِ تُبالغين!"

أوريل أيَّدت آيرين.

"لا، بل آيرين مُحقَّة، تبدين جميلة جدًا، أليس كذلك جاي هيون؟!"

جاي رمق ثلاثتهن بنظرات متوترة، وقد سبق أن خلع نظّاراته ما إن أعلمتهم الموظفة أن روزماري تقف خلف السِتارة، الآن ثلاثتهن ينظرن إليه بإنتظار جوابه، وها هو يشعر بالتوتر.

لكنه ابتسم ونفث أنفاسه يدعو نفسه للراحة وقال.

"أنتِ جميلة جدًا سيدتي، وأنا لا أُجاملك الآن!"

برمت روزماري شفتيها فيما تنظر إلى إنعكاسها بالمرآة، فهي ما زالت ليست راضية عن الفُستان، ثم قالت.

"لا يهم، الفستان لا يعجبني، أحب الفساتين المُبتذلة!"

ضحك ثلاثتهم فيما تطلب من العاملة أن تغلق السِّتارة عليها، إنها إمرأة غريبة جدًا.

في النهاية خرجت من المَحل، وقد اشترت فستان آخر، وطلبت توصيله إلى منزلها دون أن تُريه لأحد، مُحتجّة بأن بهجته ستزول لو سمحت لهم بالنظر إليه.

توقفت روزماري لشراء القهوة، لكن جاي تولّى المُهِمة عنها، وذهب لشرائها مُستخدمًا بطاقتها الإئتمانية، لأنها كانت الوسيلة الوحيدة لإقناعها بأن يذهب هو بدلًا عنها.

وفيما جاي ذهب لإحضار القهوة حصلت فوضى مُفاجئة؛ إذ تعرَّف عليها رَجُلٌ أرعن، وقد سابق الريح للوصول إليها وهو يصرخ.

"أنتِ أيتها الساقطة! كيف تجرؤين أن تتزوجي وتعيشي حياة سعيدة بعدما كنتِ السبب بهروب زوجتي مني؟!"

الرجل يكاد أن يصل لها، وروزماري بسبب المُفاجأة لم تدري كيف تتصرف، ولم تتحضر للدفاع عن نفسها أو فعل أي شيء حتى، لم تكن ساعة تتوقع فيها أن يهاجمها فيها أحد.

لكن جاي ظهر فجأة من العدم، وأسقط الرجل في ركلة قوية بظهره، ثم اجتذب روزماري وجعلها تقف بظهره، فيما يتحدث إلى الرجل الذي وقف يلعن.

"إن كنت لا تريد أن تتعرض للإهانة والضرب أكثر من هذا فأدبر من هنا سريعًا!"

مسح الرجل على فمه ونظر لجاي ثم لروز التي تقف خلفه وأومئ يقول.

"سأذهب الآن، ربما أعود لاحقًا"

ذهب الرجل في حال سبيله فالتفت جاي إلى روز.

"أنتِ بخير سيدتي؟!"

استجمعت روزماري شتاتها وأنفاسها وأومأت له، ثم وضعت نظّاراتها الشمسية وقالت.

"بخير، ليست أول مرة أن يعترضوني مثل هؤلاء الرِّجال"

تمسَّكت أوريل بكتفها ونبست.

"إذًا أنتِ يلزمكِ حارس شخصيّ حقًا، الخروج هكذا قد يكون خطرًا عليكِ!"

تنهدت روزماري ونظرت إلى جاي تقول.

"أين القهوة؟!"

تنهدن الفتاتين، هذه فتاة عنيدة، وجاي قال.

"سآتي بها حالًا!"

...........

والليلة هي أخيرًا الليلة الموعودة.

قاعة الزفاف التي إختارها جون هي قاعة فارِهة وواسعة جدًا، الكثير من المعازيم وصلوا؛ وامتلأت القاعة على آخرها بهم، إذ أن والد جون لم يُقصِّر في دعوة معارفه، من أقارب، أصدقاء، زُملاء، وكل من يعرفهم.

وأما روزماري فولَّت تشانيول المُهمة، فحضرت عائلتها وعائلته، وطاقم البرنامج بأكمله، والكثير من شخصيّات المَحطَّة، لأنها ستعتَّز بهؤلاء الناس حتى لو كانت علاقتها بهم ليست وطيدة.

كانت روزماري في غُرفة إنتظار العروس تجلس بإرتباك، الفُستان مثالي، إذ أنه باللون الأبيض الناصع يتخلله بريق لامع، تبدأ حدوده من صدرها بخطٍ أعوج، وحمّالتيه عرضيتين لا يتمسّكنّ بكتفيها، بل يرتحنَ على ذراعيها بما يوازي حدود صدرها، ثم فوق صدرها عُقدة عريضة تتاقطع دفَّتيها فوق صدرها حتى أُخدودي خصرها، يضيق عليها من صدرها إلى خصرها، ثم يتسع، ويتسع، ويبالغ في الإتساع حتى ترتمي أطرافه المُزخرفة أرضًا ومن حولها.

شعرها، الذي يفوق الليل بسواده، ينام على كتفيها براحة، ودبوسًا بسيطًا يعقد بعض من خُصلاتها خلف رأسها، وتتدلّى بعض الخُصل عند صِدغيها.

مساحيق تجميل تُزيد جمالها حِدّة، إذ تَخُط عيناها بخط الكُحل فأصبح البحر أعمق ومَحجريها أوسع، تُحدد شِفاهها بأحمر شِفاه غامق يُناسب إطلالتها البهيّة.

تضع في عُنقها عُقد ألماس ناعم، وفي يدها ساعة أنثويّة مُرصَّعة بحبّات الألماس، وفي أصبعها خاتم إرتباطها به.

تبدو مثالية جدًا وجميلة جدًا، كما أن المكان بَهي وشديد الرُّقي، يُناسب اسمها كشخصية عامّة، ولها في الخارج أُناس كُثُر حضروا لأجلها، فلا شيء قد يُشعرها بالنقص الآن، لكنها متوترة.

كانت تجلس في غرفة الإنتظار، وهي تَشد على كفّيها وتنظر فيهما بحِجرها، إنها متوترة جدًا.

أخيرًا دخل تشانيول، وما إن رآها شهق يضع يده على فمه، ثم أنزلها بتأثر يقول.

"جميلة جدًا! أجمل عروس رأيتها بحياتي أقسم! يا إلهي!"

أخفضت روزماري رأسها وهمست.

"أنا متوترة أو ربما خائفة يا تشانيول!"

اقترب منها والإبتسامة تُعبئ شفتيه، أمسك بيديها الرقيقتين وساعدها على النهوض، ثم طبع قُبلة على ظهر يدها، واحتضنها إلى صدره بلطف.

"أنتِ عروس اليوم، من الطبيعي أن تكوني متوترة، لكن لا تخافي، أنا معك، والكل بإنتظارِك، حسنًا؟!"

إبتعد عنها حتى يتسنّى له النظر لها فأومأت.

"والآن، خُذي نفس عميق وازفريه براحة!"

فعلت كما قال، حينها عكف ذراعه لأجلها؛ كي تتأبطه وقال مُبتسمًا.

"بالكاد جون يقف بالخارج، هيا نذهب إليه ونقتله برؤيتكِ، تبدين فتّاكة!"

شكّلت قبضة ولكمته في صدره تقول بعصبيّة.

"هل أنت تتحرش بي الآن؟!"

تحسس تشانيول موضع اللكمة متألمًا لكنه ضحك وقال.

"الآن عادت روزماري التي أعرفها!"

رمقته بسخط، ثم تحمحمت وضبطت أنفاسها، وتأبطته، لقد رفضت روزماري أن يوصلها والدها إلى جون أو حتى لوكاس، لأنهم لم يكونوا جُزءًا لطيفًا في مُعتركها في الحياة، إذ لا يحق لهم هذا المنصب، ولا يحق لأحد أكثر من تشانيول.

وقفت روزماري برفقة تشانيول خلف باب القاعة، وفيما تشانيول يسمعها كلامًا ودودًا كي تطمئن، أغلقت عيناها وحاولت أن تتنفس بإنتظام وتضبط خوفها وتوترها.

"العروس جاهزة؟!"

تحدَّثت الموظفة، فأومأت روزماري وحينها فتح الباب وارتفع صوت التصفيق.

وقف الجميع لينظر ناحيتها وهم يصفِّقون وآخرون يُصفِّرون؛ أولائك من المُقرَّبين.

كانت تشُد عِضدِها بعضد تشانيول، ورُغم شعورها بالتوتر إلا أنها كانت تبتسم، فجون يقف هُناك في آخر المسير بإنتظارها، يرتدي بدلة أنيقة، ويرفع خُصل شعره البندقية برتابة وأناقة عن جبهته.

يقف هُناك وينظر لها، شفتاه تبتسم وعيناه تضحك، تكاد تجزم أنه لم يعش لحظة أسعد من هذه في حياته كلها، فملامحه السعيدة تقول ذلك.

تراخت ذراعيه على جنبه عندما إقتربت، وعندما أصبحت أمامه لم يأخذ بيدها كما يفعل بقيّة الرِّجال، بل هو فغر ذراعيه لها؛ لأنه يُريد أن يَضمُّها إلى صدره قبل كُلَّ شيء.

ولجت بين ذراعيه وأحاطها بهما بحرصٍ وحُب، ثم طبع قُبلة على جبهتها، وأمسك بكفّيها بين كفّيه يقول.

" لا أصدق أن أحلام اليقظة التي أقتات عليها مُذُّ سنين هي الآن واقع؛ أنا أُحبُك!"

تبسَّمت وهمست.

"وأنا أحبك أيضًا"

نظر لها وقد إزدادت إبتسامته إتساعًا ثم زفر الهواء بعُمق من صدره؛ فجعلت تُقهقه بصوت هو فقط يسمعه.

وقفا معًا قِبالة القِس، الذي يتلو عليهم وعود الزواج، وهم يكررون من خلفه بينما يتمسّكان بأيدي بعضهما البعض.

"كيم جون ميون؛ أتقبل بالسيدة كيم روزماري زوجة لك؟!"

أومئ جون فيما ينظر بعيني البحر.

"أنا أوافق بالتأكيد!"

جعل الجميع يقهقه إثر حماسته حتى روز.

"كيم روزماري؛ أتقبلي بالسيد كيم جون ميون زوجًا لكِ؟!"

نظرت في عيني البُن التي تفور سعادة وقالت.

"أوافق"

"بحسب السُلطة الممنوحة لي أُعلنكما زوج وزوجة، يمكنكَ تقبيل العروس"

سُرعان ما هددته روزماري.

"أياك أن تُقبِّل شِفاهي أمام الناس!"

ضحك جون ونبس.

"ما كنتُ سأفعل!"

تمسّك بوجنتيها وطبع قُبلة على جبهتها، ثم كلا كفيها وضمّها إلى صدره مُجددًا.

همس لها قُرب أُذنها يقول.

"تبدين جميلة جدًا ورقيقة جدًا، أنا محظوظ بكِ!"

ابتعد عنها وأمسك بيدها، ثم سحبها معه بلُطف إلى منتصف ساحة الرقص ليُراقصها هُناك، بقعة ضوء مُسلَّطة عليهم، جون ينظر لها، لم يتزحزح بصره عن وجهها، وروز شعرت بالخجل من نظراته.

"توقف عن النظر لي هكذا، أشعر بالخجل!"

ضحك وقرَّبها إليه أكثر، أركنت روزماري رأسها على كتفه وهمست له.

"كنتُ أشعر بالتوتر أول ما ولجت، لكن بينما تضمني بذراعيكَ هكذا؛ لا شيء من شأنه أن يُخيفني أو يوتِّرني"

إزداد زنديه قوّة عليها وابتسم ليهمس.

"تأكدي حبيبتي أنّي سأجعلكِ سعيدة معي دومًا، وستبقين معي دومًا آمنة، لن أكون السبب في بُكائك أبدًا!"

همست له وشعرت بالأرتياح.

"شُكرًا لكَ جون!"

وقف كلاهما بعد ذلك لإستقبال المُباركات من الضيوف، أتت عائلة جون أولًا، وحصلت روز على عِناق من كلا والديه، تمسَّكت السيدة كيم بكتفيّ روز وهمست تبتسم.

"لم أرى طفلي بهذه السعادة طيلة عمري، شُكرًا لأنكِ أحببتِه وأحسستِ بصدق حُبه"

إنحنت لها روزماري برأسها إمتنانًا، والسيد كيم ربَّت على كتف جون يقول.

"إرعاها جيدًا واهتم بها، ها هو حلمك قد تحقق، أياكَ أن تفرط بها أو تحزنها"

أومئ جون لوالده، ثم السيد ربّت على كتف روزماري قائلًا.

"مُبارك لكما الزواج، وأهلًا بكِ في عائلتنا طفلتي!"

تبسَّمت روزماري للسيد وشكرته قبل أن يدبر، ثم أتت آيرين وعانقتها بشدة تقول.

"شكرًا لأنك قبلتِ أن تتزوجي بأخي، الآن بمقدوري أن أتزوج أيضًا!"

ضحك العروسين على كلامها وجون وبَّخها.

"إذًا أنتِ سعيدة لأنه أصبح بمقدوركِ أن تتزوجي، ليس لأن أخوكِ تزوج بحب حياته"

سُرعان ما نفت ضاحكة.

"لا، أنا سعيدة لأجلكما!"

أتت عائلة روز بعدهم، روز أبدت جفاء اتجاههم، لكن جون استقبلهم برحابة صدر، هو شاكر لهم رغم أستياءه منهم، فلولا جيناتهم الفاخرة لما خُلِقت سيدة الفتنة حبيبته.

طال الإحتفال وكثُر الرقص والصخب حتى إنتصف الليل والناس أصابهم الوسن والإرهاق، لذلك غادر كل المدعوّين، وحينما أرادوا العروسين المغادرة كان الأمر صعبًا؛ فتجمهر الصحافة أمام بوابة القاعة كان مانعًا، وتشانيول مهما حاول لم يقدر أن يصرفهم من أمام الباب.

خلع جون سُترته ووضعها على كتفيّ روز، ثم تمسَّك بيدها يقول.

"لو كنتِ بخير سنخرج لهم، أنا لا أُمانع أن نفعل!"

أومأت له روزماري وقالت.

"أنا بخير"

أومئ لها، أحاط خصرها بذراع وبيده الأخرى أمسك بيدها يساعدها على السير، فُتِحَ الباب وسُرعان ما خبأت روزماري وجهها في عُنق جون تهرُّبًا من فلاشات الكاميرات الكثيرة، مَضت بصعوبة بينهم بعون جون، ولم تُجِب على أي من أسألتهم الكثيرة.

عاونها جون أن تصعد سيارته المُزيَّنة بالورود، ثم انطلق بها دون أن يُتيح للصحافة مجالًا بالتمادي أكثر.

وصل بها إلى شِقتها التي أصبحت شِقّتِهم، جعلها تسبقه في الدخول ثم تبعها، نزعت روزماري سُترته ووضعتها على ظهر الأريكة، وحينما أرادت أن تلتفت له فاجئها بإحتضانه لها من خِلاف.

عانقها، وغمر أنفه في شعرها؛ يشتمّها بضراوة كما لو أنها النفس والهواء، طبع قُبلة على كتفها، ثم جعلها تلتفت إليه.

"اخلعي الكعب، تبدين بطولي!"

ضحكت بخفّة وأستندت على كتفيه حتى تخلع الكعب، ثم أظهرت على وجهها الألم فيما تقول.

"قدمي تؤلمني بسبب هذا الكعب اللعين!"

وضع سبابته على شفتيها يقول.

"توقفي عن الشتم"

نبست فيما تتجاوزه إلى غرفة النوم.

"لا أُريد، سأنزع الفُستان وأنت أجلس بأدب هُنا حتى آتِ"

قهقه يراقبها حتى اختفت خلف الباب، تحرك إلى البار وأخذ كأس حليب بالشوكولاتة والبندق، من المُناسب أن يحتسي النبيذ بينما ينتظرها، لكن كما أمرت ممنوع دخول المشروبات الكحولية إلى شِقتها إطلاقًا، يمكنه أن يشرب في الخارج لو أراد.

فتَّق بعض أزرار قميصه الاولى، وسار إلى الشُرفة ينظر من خلالها إلى السماء، ويشعر بنسمات الجو تُداعب خصل شعره البُندقيّة.

أغلق عينيه وتتفس بعُمق، ثم ابتسم... لا شك أن هذا اليوم المجيد أجمل يوم في عمره كله، لا يريد أن ينتهي إطلاقًا، مهما كلَّفه ذلك.

"جون، هل يُمكن أن تأتي قليلًا؟"

سمع صوتها تناديه من الداخل فدخل يرد عليها.

"آتٍ حبيبتي"

طرق الباب قبل أن يدخل، وعندما أذِنَت له بالدخول فعل، كانت تقف وتعطي ظهرها المرآة، ويبدو أنها تعاني مع سحّاب الفُستان، تعجز عن إنزاله.

تراخت يداها بتعب ونبست.

"ساعدني"

إقترب منها ووقف بظهرها، رفع خُصل شعرها وجعلها تنام على كتفها، ثم أخفض لأجلها السحّاب، كان يحب ما يراه حتى لو لم تَكُ المرّة الأولى التي يراه بها.

"شُك... جون!"

لم تستطع أن توفي كلمتها؛ لأنه ما حسّ على نفسه إلا وهو يطبع قُبلة على ظهرها؛ جعلتها ترتعش والكلمات في فمها تتقطَّع.

أغمضت عيناها وقضمت شفتاها، كان يسير بسلسلة قُبل رقيقة على ظهرها، أوقفت المنابت في جلدها، وجعلت تضم يديها في قبضة.

أحاط خصرها بذراعيه، واجتذبها إليه بخشونة فيما يطبع المزيد من القُبل على كتفها وصولًا إلى عُنقها.

كمشت على قماش قميصه، وأرخت رأسها على كتفه تقول بأنفاسٍ مُتقطِّعة.

"جون، تمهَّل!"

نفى برأسه، وأمسك بذقنها بين أصابعه يقول.

"لن أتمهل أبدًا، اشتقتُ لكِ كثيرًا وأنوي أن أقودك"

طبع قبلة ذاخرة بالحب على ذقنها، ثم تمسّك بوجنتها وراح يُقبِّل شفتاها بِحُب كما لم يفعل بمثل هذا الجنون سابقًا.

سحب الفُستان من ذراعيها حتى أسقطه، وفيما ينظر في عينيها البحريَّتين الخجولتين نبس.

"الآن زهرتي أصبحت زوجتي، وأنا صاحب البُستان الذي يملك فقط زهرته وسيَصُب عليها كل إهتمامه.

أُحبُكِ يا هَيبة!"


..........................

يُتبَع...

الفصل الثالث والعشرون "الزَّهرة وصاحب البُستان"

الجُزء الرّابع "أحبّيني كما تشتهين"
الرواية العاطفيّة "هيبتُها||Her Savage love"

.................


سلااااااام

وأخيرًا هذا الثُنائي المُشاغب تزوجوا👏👏

طبعًا جاي هيون هو ابن nct
الحلو ابو غمّازة ذا😍♥️

طبعًا الخبر المهم أنو الفصل الجاي هو الفصل الأخير من الجزء الرابع "أحبيني كما تشتهين" و ح نفوت بالجزء الما قبل الأخير.

أقولكم سر؟!
أنا لما خطرتلي فكرة هييتها خططت للجزء الخامس بالأول😂😂😂

يعني هي أكثر حِقبة أنا متحمسة لها.

الرواية صارت تعد عد تنازلي، بقي قرابة العشر فصول، أكثر او أقل بشوي.

المهم، الفصل القادم بعد 100 فوت و100 كومنت.


١.رأيكم بجون؟ تسريعه لخطط الزواج؟!

٢.رأيكم بماري؟ إنقاذها لجاي؟ ماري العروس؟

٣.رأيكم بجاي؟ قصته؟ وكيف ممكن يأثر على الأحداث القادمة؟!

٤.رأيكم بجونغداي؟ تخليه عن طفله؟ ما الذي سيفعله مع ماري؟!

٥.رأيكم بالفصل ككل وتوقعاتكم للقادم؟!

دُمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️



© Mercy Ariana Park,
книга «هَيّبَتُها|| Her Prestige».
CH24||حُضنه الدافئ
Коментарі