CH9|| رسول الحُب
" رسول الحُب"
" مَلِكتي، لا تدري كم أضمر حُبًا لكِ في صدري يا سيدتي...
تعلمين أنني أُحبكِ؟
لا... لا أظُنَّكِ تعلمين كم أنا مغمور ومغموس فيكِ.
فأنتِ إمرأة في الهوى كافرة، فكيف تؤمني برسول حُب مُتخفٍّ مثلي؟!
ربما لو تَريّ كم أنا مؤمن بهواكِ... ربما لو تَريّ كم أن قلبي مملوء بكِ، أُسلّم لكِ روحي يا ثمينة، وحياتي فداء لحُرّاس عينيكِ.
ربما حينها تُصدِّقي... تُصدِّقي أنني رَجُل يُحبكِ، وأنّي لستُ بهذا السوء الذي تظنيني به، وأنكِ لن تندمي لو منحتني فرصة.
أرجوكِ، أؤمني بحُبي سريعًا...
إلى عذراء القلب
الكاتب سوهو"
.....
ما زالت كلمة "أُحبك" ترن في أسماعها، وتجعلها في حالة من الإضطراب الحسّي.
شعورٌ ما من داخلها يدفعها لأن تقبل مشاعره، وتمنحه فُرصة لأن يثبت صِدق شعوره أمام قضاءها، لكن الخوف والخذلان، الذي أحسّت بهما سابقًا، تراهما يطرقان أبواب قلبها المُحصَّن مع دعوةِ حُبّه.
لا يُمكنها أن تستسلم لِهذا القلب الأحمق مجددًا حتى لو أرادت، لا يمكنها إلا أن تتخوف من تجربة حب فاشلة جديدة.
إن خاضتها مُجددًا لن تترك بها نُدَب وحسب بل ستحوّلها إلى رُكام لا يُمكن لملمته مجددًا، لذا كيانها سيتلاشى وتتحول إلى رماد.
لذا ستشيخ روحها ويموت قلبها رغم أن الشباب يعجّ في شبابها وصِحتها... لا يمكن أن تتعرض لمثل هذه الأذيّة مُجددًا.
لا يمكنها أن تَثق برجل مجددًا، أن تمنحه حُبها وإهتمامها، أن تُضحي من أجله، وتتنازل، وتتقيد، ولقاء ذلك لا تحصل على شيء منه سوى الحُب المُزيف الذي يدّعيه.
كيف تؤمن؟!
وهي تخاف الحُب والرجال الذين يدَّعون الحُب.
هي ليست بحاجة الحُب مهما بدى نظيفًا ومُخلصًا، كحُب جارها جون، هي بحاجة لأن تبقى طيرًا حرًا أبيّا لا يُصفَّد.
تنهدت فيما تنظر إلى البحر أمامها، رغم ذلك؛ لا يظهر هذا الرجل سيئًا لها، نعم، لا يمكنها أن تتقبل مشاعره على الإطلاق، ولكنها لا يُمكنها أن تجرحه في سكّين الرفض.
لذا حاولت أن تقول ما في جُعبتها بكلمات تَرفق فيه، وعلى قدر الإمكان لا تجرحه، بأكثر الطُرق لينًا أجابته.
" في الحقيقة؛ أنتَ رَجلٌ جيّد، بسببكَ شعرتُ أن نظرتي نحو الرجال لم تكن شاملة، وأنّها قابلة للتغير، فأنتَ مثلًا رَجُلًا مُختَلف عن كل الرجال الذي أعرفهم"
ورغم أن كلامها يتضمن مديح، ولأول مرة يراها تمدحه وتعترف بأنه رجل صالح، لكنه لا يَحس بشعور جيد حيال ذلك، لذا أحنى رأسه واستمع لها ترفضه بشعورٍ خاوٍ وقلب يتألم بصمت.
هذهِ مُجرّد مُقدمة تَرفق به، كي لا تنجرح مشاعره في لُب القول لاحقًا، أنهُ يَفهمها.
" لا أريد أن أقول أنني لا أثق بك، أو أنني لا أريد هذا الحُب بما أنك من تُقدمه لي، ليس ذلك إطلاقًا.
لكنني لا أثق بالحُب، وصراحة أنا أخاف على نفسي من رجل قد أُحبّه، لذا لا أريد أن أمنحني لرجل يقول أنه يحبني، أنا ما عدتُ أصدّق أن هناك رجل يُحب"
إلتفتت حينما ساد الصمت بينه وبينها وهو استغرق في صمته طويلًا، قررت ألا تجرح كبرياءه ببقائها أكثر معه، لذا أرادت أن تنسحب بهدوء بعدما رفضت مشاعره بهدوء، لكنه تمسّك بمعصمها ومن خلفها همس كما لو أنه يبذل محاولة أخيرة لإقناعها بحُبه.
" لكنني حقًا أُحبك"
إلتفتت له، ثم سحبت يدها منه برفق وهمست تنظر في عينيه الحزينة.
" أنتَ لن تُحبني ولا تُحبني بكل جوانبي وتفاصيلي، أنت لن تتحمل مزاجيتي المُتقلّبة، وعصبيّتي المُفرطة، وأحيانًا أنانيتي.
أنا لن أخضع لأوامرك باسمك حبيبي أو زوجي أو أي مفهوم تريدني أن أرتبط بك عليه، لن أجعل خاتم وعقد يُقيدا حُريتي، أو أن تثبط شخصيّتي لأجل أي سبب، أنا لن أُقدّم لكَ شيئًا أبدًا.
في المُقابل؛ سأُضيّق عليك الخِناق، وأكون مُتطلبة فوق طاقتك، ورغم ذلك سأُشكك فيك وبحُبك."
تنهدت حينما إلتفت ليواجه البحر وهي اتبعت.
"أنا من البداية أخبرتكَ أنني لستُ غنيمة حرب تُسعدَك، إن ربحتَ الحرب التي شننتها ضدي وربحتني؛ سأكون النِقمة بحياتك، أنا لن أكون النعمة على الإطلاق"
" لذا حاول أن تتوب عن حُبي، واجعل قلبك يستقيم عني، لو كان فعلًا ينجرح إزاء رفضي فأنا أعتذر منك، أستعد رُشدك، واصلح قلبك، وعُد كما كنت سريعًا"
تحرّكت كي تنسحب من مكانه من جديد، لكنه منعها مجددًا حينما أمسك بمعصمها، وإلتفت لها يتكلم بنبرة هادئة، لا غضب فيها ولا إنزعاج، ولا حتى حُزن.
بل إبتهج وابتسم في وجهها وكأن هذا الحديث لم يَدُر، وهذا الرجل لن يكف عن مُفاجئتها بردود أفعاله الغير متوقعة.
" أنا لم أتوقع أن تقبلي حُبي، أو أن تصدقيني بمجرد أن أعلنه لكِ، أعلم أنكِ لا تؤمني بالحُب، وأنا رسول الحُب، أتيتُ لأجعلكِ بصفّي، ولستُ أستسلم بهذه السهولة سيدتي"
وبدل أن يبقى قابضًا على معصمها، أمسك بكفها برفق وربّت عليه براحته، ثم نظر في عينيها البحريتين بعينين باسمة لم تنجرح.
" أنا لم أنتظر منكِ قبولًا ولا حتى جوابًا عاجلًا أبدًا، سأتصرف وكأنني لم أسمع ردّكِ، وسأنتظركِ فقط.
خلالها؛ سأحرص أن تُصدقي أن الرَّجُل بإمكانه أن يُحب، وأنا أُحبك بكل تفاصيلك، التي ترينها سيئة فيكِ قبل الجيدة حتى، أحبكِ بالتّفصيل اللا أَمِلُّ منه"
كادت أن تقول شيء، ان تؤكد له ألا فرصة له معها، وألا يهدر عليها وقته ومشاعره لِقاء لا شيء، لكنه لم يترك لها الفرصة أو المجال لتفعل حتى، بل سحبها معه من يدها كما يفعل مؤخرًا إلى مُقدمة اليخت يقول بنبرةٍ مُبتهجة.
" تعالي معي إلى هُناك، سَترين كيف اليخت يدفع الأمواج، إنه مظهر لطيف"
سحبها حتى المُقدمة، ثم توقف أمام السياج المُحدَّب، نظر لها فوجدها تعقد حاجبيها بأستياء، وسُرعان ما أنفجرت بوجهه غاضبة.
" أنتَ حقًا رجل غريب الأطوار! كم مرّة أخبرتك أن تكف عن سحبي هكذا، تُريد ركلة؟!"
قهقه واجتذبها من يدها، لتجلس بجواره أرضًا وهمس.
" بالمُناسبة، أُحب رؤيتكِ غاضبة"
" اننننننن"
رمقها بعينينه التي توسّعت دهشة مما أقدمت عليه، ثم ضحك يشير إلى نفسه.
" تسخري مني؟!"
وبتهجم أجابته.
" نعم، لديكَ إعتراض؟"
سُرعان ما رفع كفّيه يُنفي.
" معاذ الله يا هيّبة"
...........
شعرت روزماري بالذنب حياله لاحقًا، لأنها رفضت مشاعر حُبّه لها.
تفهم أنه يفهمها لكنها لا تفهمه، ولا تفهم ردة فعله المُبتهجة إزاء رفضها، وأن روحه المَرِحة لم تنطفئ معها رغم أنها حاولت إخمادها بلا أن تقصد.
لم تَنم إلا حتى بزغ الفجر، فهو يشغل حيّز كبير من تفكيرها؛ مُذُّ إعترافه بالأمس وتُصرفاته الحيويّة بعد ذلك.
أرادت أن تعتذر منه بصدق عمّا بدر منها، وبدل أن تهبه نفسها كحبيبة قررت أن تمنحه الفُرصة ليكون صديقها وحسب، كما تشانيول.
اليوم تكون إنتهت مُدة إجازتها في تايلاند، وعليها أن تعود إلى كوريا؛ لترى ما الحال مع برنامجها، وكيف سارت الدعوة القضائية، فاليوم هو موعد جلسة المحكمة الأولى، وتشانيول مع ثُلّة من المسؤولين سيحضروا عنها.
صعدت الطائرة، ولم تَكُ مُتفاجئة من رؤية جارها جون المجنون يحتلّ المقعد الذي يجاورها، حالما رآها لوح لها فرمت عليه حقيبتها الصغيرة وقالت بإمتعاض.
" بالتأكيد أنت ستحجز المقعد الذي يجاورني بما أن مُهمّتك في تايلاند تعود إلى كوريا"
برم شفتيه وأومئ لها، أتت لتجلس بجانبه، وعينه لم ترتفع عنها فيما تعلو شفتيه إبتسامة سخيفة وذلك ما جعلها تقبض حاجبيها وتضرب جبهته بسبابتها.
" جون المجنون، هل جعلتُكَ تفقد نُتَف العقل الباقية في رأسك؟!"
لم يقل شيء، فقط استرسل في النظر لها، حتى أشاحت عنه ونظرت بعيدًا تتمتم.
" يا إلهي فقط!"
أقلعت الطائرة، ومقعدها كان الذي يجاور النافذة كالعادة، راقبت الإقلاع حتى أصبحت الأرض بعيدة والطائرة بين الغيوم.
نظرت إليه، وإذ به ينظر لها فتنهدت وقد بدأت تستشري العصبيّة فيها.
" هل نسيت شيء ما على وجهي؟ ما بالك تحدق بي هكذا؟!"
تمتم مجبولًا في تأمل ملامحها المقبوضة بغضب.
" نعم يا هيبة، اتركيني انظر لكِ على راحتي"
رمقته لبعض الوقت، ثم أشاحت عنه تتنهد، فلا أمل من هذا الرجل، ولكي لا يشغل تفكيرها أكثر مِمّا يفعل وضعت السمّاعات في أُذنها وشغّلت أُغنية تُحبها.
ولأنه رجل مُشاغب مُشاكس يُحب أن يراها مشغولة فيه وغاضبة منه؛ سرق من أُذنها السمّاعة ووضعها على أُذنه يقول.
" ما الأغنية التي تسمعينها؟!"
نبست فيما تُريح رأسها على وسادة الكرسي وتغمض عينيها.
" يدكَ طويلة، يلزم قصّها"
تجاهل ما قلته وكرر.
" لم تخبريني، ما هي الأغنية؟"
أجابته دون أن تتحرك.
" أكاذيب حُلوة للفرقة إكسو"
برم شفتيه وأومئ.
" ولِمَ تسمعينها الآن؟"
رفعت رأسها ونظرت إليه تُجيبه.
" إنها الأغنية الوحيدة التي تصف الرجال بصدق، هنا المُغنيّن رجال ويعترفون بأنفسهم أنهم مجرد كاذبين ومخادعين"
ضحك جون ميون وعلق مستنكرًا.
" بالتأكيد لم يَكُن هذا مقصدهم!"
زفرت أنفاسها بإنزعاج.
" أريد أن افهمها هكذا، لديك إعتراض؟!"
سُرعان ما نفى بيديه يقول.
" أبدًا!"
أومأت برأسها وعادت لتُريحه على وسادة الكُرسيّ.
" جيد، لذا إلزم الصمت"
ولزم الصمت كما أمرت، وفقط استمر بالإستماع للموسيقى معها، يُسعدهُ أنه يُشاركها مثل هذهِ المتعة الخفيّة والتفاصيل الدقيقة، يُحب أنه أصبح على هذا القُرب الودود منها.
أثناء الطيران غفت عينها، لقد شعرت بالآمان حياله، وأنه لن يُقدم على أذيتها او إستغلالها لو غفت، وبالأصل هي لم تنم كفاية بسببه، لذا نامت وتركته يُحرسها.
تبسّم فيما ينظر إلى وجهها الحُلو الحَسن، ولم يَكُ ليقدر أن يمنع نفسه عنها، فقط إتّكز على ذراع الكرسي واقترب لينظر لها عن قُرب.
لا بأس بإلتقاط بعض الصور أيضًا...
هبطت الطائرة في مطار إنشتون الدوليّ، حينها جون ربّت على وجنتها بلطف ورِقّة شديدة فيما يهمس باسمها بصوت خفيف كي لا تفزع.
" يا هيّبة، استيقظي!"
فتحت عيناها، ونظرت له، ثم نظرت إلى يده، التي على وجنتها، فسحبها مُحرجًا، وهي رمقته بغضب، ثم لا يدري كيف لكمت معدته بقبضتها.
" تستغل الفرصة أيها المُنحرف!"
قبض على معدته وانحنى يقول بصعوبة.
" صدقيني لم أفعل شيئًا يُذكر"
دفعت برأسه بيدها حتى تَمر من أمامه، وكانت تبتسم بالخفاء، ثم بعد لحظات إستجمع نفسه وركض يتبعها.
" هَيّبة انتظري!"
توقفت قبل أن تصل البوابة الخارجية، ثم إلتفتت إليه تقول.
" تشانيول بالتأكيد ينتظرني بالخارج الآن"
ثم أشهرت بسبابتها في وجهه تهدده.
"أياكَ أن تظهر نفسك له، سأقتلك حينها"
وقف في مكانه مُستاءً وهي خرجت تجرّ خلفها حقيبتها، وبالفعل كان تشانيول يقف في الخارج بإنتظارها.
يرتدي قميص وبنطال أسودين، يرفع شعره الأدهم عن جبهته بفاصلة جانبية، ويضع نظّاراته الشمسيّة فيما يستند على سيارته، يضع كفّيه في جيوب بنطاله فيما ينتظرها.
تقدم منها فورما رآها وابتسم، ثم عانق جسدها بذراعه يقول.
" هل حظيتِ بوقت ممتع؟!"
أومأت، فهي بالفعل قَضت أيام سعيدة مع الرجل المجنون جون، لكنها لا تستطيع أن تقول له شيء كهذا، أخذ تشانيول منها الحقيبة وقال.
" إذن هيا اصعدي"
بعدما صعدت بجانبه قال لها.
" الآن اذهبي للمنزل وارتاحي، وغدًا علينا أن نذهب للعمل"
استطردت.
" ما الذي حدث بشأن القضية؟!"
حينها إبتسم، فعلمت أن الأمر سار لصالحها.
" مكتب المحامي كيم جونغ إن اثبتوا التُهم على جونغداي، لِقاء ما قلتِه على التلفاز دفعنا تعويضًا ماديًّا، لكنه دفع أضعاف المبلغ لنا، وعليه أن يعتذر لكِ ولي علنًا أيضًا"
وضعت نظّاراتها الشمسية ونبست.
" عملٌ جيّد"
............
في المساء؛ كان قد إنتهى عمل تشانيول في المَحطّة، ولأنها قد مرّت أيام كثيرة على تشانيول دون أن يرى فيها رفيقة روحه قرر الليلة أن يقضيها معها، في السهر والطعام وما إلى ذلك.
ففي طريقه إلى المنزل؛ توقف ليشتري البيتزا، وكما تُحبها روزماري؛ إختار بيتزا الدجاج والجُبن الكثير.
إشترى الصودا كذلك، فهي تُحبها جدًا، وقالب حلوة بنكهتها المُفضّلة، الشوكولاتة، ثم عاد إلى البناية السكنيّة.
طرق باب شقتها وتريث ينتظر أن تأذن له بالدخول، ولم تمضي ثوانٍ حتى خرجت له وقد أخذت حِمامًا دافئًا وارتدت ثيابًا مُريحة، أفسحت له عن الباب ليدخل.
نظرت في الأكيتس بيده وتسآلت فيما تسير خلفه.
" ماذا اشتريت؟"
أجابها فيما يتجه نحو ثلّاجتها، ليضع بها قالب الحلوى.
" كما تَرين، البيتزا، هيا نأكل"
جلست على الطاولة الطعام وهو آتى قِبالتها، وفيما هي بالفعل تتناول الشريحة الأولى قام تشانيول بفتح الصودا لأجلها.
وضعها أمامها فحملتها لتشرب منها وهو قال.
" لم تخبريني، كيف أمضيتِ رحلتك؟"
تذكرت جون ميون والأشياء التي فعلها لأجلها أثناء الرحلة، تنتشر بروحها البهجة كلما تذكرته، فهو يستطيع أن يكون رجل عميق يمنحها عِبر فلسفيّة ولو أراد، كما يستطيع أن يكون مجرد رجل تافه يجعلها تغضب كثيرًا أيضًا.
" كانت مُمتعة، أحببتُها"
تبسّم تشانيول وأومئ يقول.
" يسرَّني سماع ذلك"
بعد إنتهائهم من تناول الطعام تحركت روزماري لتوضب الفوضى الذي تسببا بها، وتشانيول كان يُحضّر كوبيّ قهوة لأجلهما، ثم بعدها جلسا معًا برفقة كوبيّ القهوة في الشُرفة.
إرتشف تشانيول من كوبه ثم وضع على الطاولة التي بينهما وابتسم يقول.
" ليتكِ رأيتِ وجه جونغداي جينما أعلن القاضي القرار بصالحنا، لقد إستنفر وغضب غضبًا شديدًا في قاعة المحكمة حتى أن القاضي غرّمه"
تستطيع أن ترى كيف بدى، فقد سبق أن إنقلب السحر على الساحر وفشلت خُططه في تدميرها.
" وماذا بشأن الصحافة؟"
" تعلمين، منقسمون بين مؤيد ومُعارض، حضوركِ بقوّة في برنامجكِ سيكون أقوى من أكبر مقال لديهم"
تبسّمت روزماري، واسترسلت معه بالأحاديث عن العمل وما إلى ذلك، أثناء ذلك؛ وصل روزماري إتصال، لكن يد تشانيول سبقت يدها إلى هاتفها حينما رأى الاسم المُسَجّل على الشاشة.
" جاري جون"
أجاب الإتصال وبنبرة باردة قال.
" ماذا تُريد؟"
قدّمت روزماري يدها لتسحب الهاتف من يده، لكنه وقف ثم ابتعد بعيدًا عن متناولها فتبعته.
" لا أظنني أتصل بكَ يا رأس البطيخة، اعطِ الهاتف لِصاحبته!"
" تشانيول، لا تَكُن هكذا، سأقتلكَ يا رجل"
رفعت يدها لتسحب من يده الهاتف لكنه قَيّد معصمها بيده، وحينما رفعت الآخر أمسكه أيضًا، فما عادت تستطيع أن تحركهما بسببه.
" إن كنت لا تريد شيء سأغلق"
" أريد صاحبة الهاتف أيها المُتطفل!"
" سأُغلق إذن"
وأغلق الخط بوجه سوهو بالفعل، حينها لاح الغضب بمعالم روزماري، وسحبت من يده الهاتف تقول.
" الذي تفعله الآن يسمى تطفلًا، وأنا أكره ذلك"
غادرت إلى غرفتها بعدما شزرته بعينٍ غاضبة، ثم اتصلت بجون فيما تشتم تشانيول مُتمتمة.
" قُل ماذا تريد بسرعة"
" على رِسلك، أردتُ أن أخبرك أن الحقيبة التي لديكِ لي، والتي لدي لكِ"
نظرت إلى الحقيبة، التي ما زالت مركونة جانبًا في غُرفتها، ثم ذهبت لتتحقق من كلمة السر تقول.
" أنت! بِلا حماقة، هل اشتريت حقيبة مُطابقة لحقيبتي؟"
وببهجة أجابها.
" نعم"
تنهدت بإنزعاج وأقامت جذعها تقول.
" سأمُر عليكَ لاحقًا ونتبادل الحقائب، أياك أن تأتي أنت، تشانيول في الشقة لدي"
أغلقت معه الخط، لكن صوت تشانيول خلفها جعل عينيها البحريتين تتسع.
" أنتِ لم تكوني معه في الرحلة، أليس كذلك؟"
تنهدت، هي لم تعتد أن تخشى أحد أو تُخفي شيء، إنما هي فعلت ذلك حِفاظًا على مشاعر تشانيول من أن تنجرح، لكن بما أنه أمسك بها بالجُرم المشهود فهي لن تؤلف المزيد من الحِجج والأكاذيب بل ستحدثه بصراحة.
" بلى، الأمر كان صُدفة لذا لا تُسيء الفهم"
سخر ببسمة وتقدم منها يقول.
" حقًا؟! صُدفة؟! لا أُسيء الفهم يا روز؟!"
أومأت.
" نعم، وأنا لا أملك أي نيّة لأكذب عليك بهذا الشأن"
...........
عيناها لم تَكُ حارّة عليَّ كما الآن مُذُّ وقتٍ طويل، وأنا حقًا لستُ مُقتَنع بأن الجار جون يستحق أن تكذب عليّ بشأنه، أو حتى أن تغضب عليَّ بسببه أو لأجله.
لكنها غاضبة الآن، وكأن لها الحق أن تغضب مني، وأنا لا حق لي عِندها، ماذا عني أنا؟
لِمَ لا تَحترم مشاعري؟!
لِمَ لا ترى أنها تجرح قلبي بأفعالها الطائشة هذه؟!
لا أدري إن كنتُ أناني لو طلبتُ منها أن تُراعي مشاعري، أو أكون أناني لو هي أخذت مشاعري بالحُسبان، لا يهم لو كُنت أو لا، أنا لا أطلب الشيء الكثير بالفعل.
وجود هذا الجون حولها الآن أصبح يستفزني جدًا، أكره وجوده الدائم حولها كمُطارد مهووس، وأنه مُلتصق بها كالغراء، أود لو أمسك بعُنقه وأفصلها عن رأسه.
وهي، منعتني من الذهاب معها رغم أني كنتُ لحوحًا وتوسّلت، لكنها قَبلت مُرافقته عني.
وحدي المُخلص هنا، وحدي من يُحب هنا، هي لا تُقدرني، ولا تضعني في حساباتها حتى، لو حقًا تهتم لأمري لما رافقته بعدما نهرتني عن مرافقتها.
ولأنني غاضب، غاضبٌ جدًا، فقدتُ سيطرتي على نفسي، وما عدتُ أتصرف على سَجيّتي، فأنا دائمًا ما أحاول أن أكون مُتفهم إلى أقصى حد معها، لكنني ما عدتُ أحتمل.
الحُب يُعذبني كثيرًا، ويلزمني أن أعرضه عليها حتى لو أستخدمتُ طُرق ليست بحميدة، طُرق مُلتويّة كُليًّا.
لم أشعر بي إلا وأوداجي تنتفخ، والغضب يَنفُر من عينيّ، صرختُ عليها مِلئ صوتي، فأنا تحملت حقًا، والآن أراني أنفجر كالقُنبلة الموقوتة، انطلق في نوبة غضبي بلا مكابح.
" واللعنة عليه وعليكِ وعليّ!
ماذا أنا هُنا؟!
لِمَ لستُ شيء يُذكر أمامكِ؟!
لِمَ لا تشعري بالخيانة حينما تكوني معه وتتركني خلفك، وكأنكِ تخلّصتِ من كيس قُمامة؟!"
هي فقط أطلّت علي مدهوشة ثم مفزوعة من صُراخي في وجهها، فأنا لم يسبق لي أن إفتعلتُ مشهدًا عنيفًا كهذا ضدها، لم يسبق لي أن تحررت من غضبي إلى هذا الحد ضدها.
رمقتني مدهوشة، ثم إزدرئت جوفها، ثم فتحت فاهها لتتحدث، ويا ليتها لم تتحدث، ويا ليتني كنتُ أعقل، أو لم أسمع ما قالته، أو لم أعلم أنه كان معها في عُطلتها حتى، لكان ذلك أفضل.
" مجنون أنت؟!
تصرخ بي هكذا؟!
ولأي شيء؟! لأنك تغار!
وما شأني أنا؟!
هل وعدتكَ بشيء وأخلفته لتقول خُنتك؟
هل أنا حبيبتك أو زوجتك لتقول أنّي خُنتك؟!
أخبرتكَ ألف مرة وسأقولها مُجددًا بارك تشانيول؛ أنا لن أراكَ أكثر من صديق، أنتَ صديقي وحسب، ولن أكون يومًا لكَ بطُرق أخرى إطلاقًا"
أمام كلماتها التي تُقيّس حجمي شعرتُ أنني صغير جدًا وأقل شأنًا بكثير من أن تكون لي قلبًا، لم أُصدّق ما سمعته من ثغرها للتوّ، رغم أنّي سمعته عِدة مرات من قبل، لكن الآن لكلامها وَقع لا آلفه، وقعٌ مؤلم ويوجع كرامتي.
استنكرت، وأشرتُ إلى نفسي.
" هل أنا رخيص إلى هذه الدرجة بالنسبة لكِ؟"
إحتل الأستياء وجهها، وتنهدت تُرجع خُصل شعرها الحُرة إلى الخلف.
" أنتَ حقًا لا تُصدَّق، أنا حقًا لم أقصد ما فهمتَه الآن، لكنكَ تتصرف بجنون الآن، إمنح نفسكَ الوقت لتهدأ وسأمنحكَ أياه أنا أيضًا، دعنا نتحدث بعدها بهدوء، حسنًا؟!"
لكنني لم أُرِد أن تمنحني وقتًا لأهدأ، أردتُ أن أسمع منها كلامًا يكون كالبلسم على جروحي، لكنها لا تعرف كيف تداوي، تعرف كيف تجرح فقط.
أمسكتُ بعِضدها، وجذبتُها إليّ قبل أن تَحلّ عنّي هاربة، تلك المرأة ذات الحجم الصغير تُرهقني حقًا.
" أنا لا أريد أن أهدأ، أنا أريد أن أعلم، لِمَ لا تهتمي لأمري كما أفعل؟!"
وضعت يدها على صدري، تحاول دَفعي عنها فيما ملامحها مُعكّرة، ثم حينما رأت نفسها تفشل في كل محاولة تنهدت ونظرت إليّ.
" تشانيول، أنتَ تعلم أنّكَ ثمين بالنسبةِ لي، لا حاجة لأن أقول لك ذلك، لكنك فقط تتطلب الكثير رغم أنكَ تعلم بأنني لم أعد إمرأة تمنح الحُب"
تمسّكتُ بكتفيها وجذبتُها لي، لم أكن مخمورًا لكنني لم أكُ بوعيي، الغضب يتحكم بي، ولم أكن لأقدر أن أكبح رجولتي، أنا فقط كنتُ بلا وعي.
همستُ لها.
" لا تمنحيني الحُب، فقط أقبلي بحُبي أنا يائس بالفعل!"
قبضت حاجبيها حينما قرّبتُ رأسي من رأسها، وأنزاحت برأسها عني، لكنّي استحكمتُها وأطلقتُ العنان لجنوني ورغباتي المكبوتة، قبّلتُها بجنون ورغمًا عنها.
أحطتُها بذراعيّ حينما بَغت الفرار من بينهنّ، شددتُ عليها الوِثاق وأحببتُها بلُغة القُبل، كانت تضرب كتفيّ وصدري، أعلم أنها تستطيع إبعادي، ولكنها لا تريد أن تؤذيني كما لا تُريد أن أُحبها.
حررتُ شفتيها في محض لحظات، وهي اغتنمت الفُرصة لتصرخ في وجهي بغضب.
" ابتعد عني، سأقتلك!"
دفعتُ بنا على سريرها، وأصبحتُ أعلاها أُقبّل وجهها الذي أُحب وشفتيها النديّتين كما أرغب مُذُّ سنين.
كانت تصرخ بي كلما أستطاعت وتهددني، لكنني لم أهتم لِمَ قد يحدث بعدها، أنا فقط أردتُ أن أتذوق الحُب من بين أركانها ولو لمرة.
أزحتُ قميصها عن كتفها ودسستُ وجهي في أركانها البضّة، حينها إرتفع صُراخها وجعلت تبكي، فابتعدت.
نظرتُ في وجهها، وكأنني فقط للتوّ أفقت من غفوتي وأدركتُ ما الفعل الشنيع الذي أقدمتُ عليه لتويّ.
إبتعدتُ عنها وجلست على السرير أحني رأسي، لم تبكي مُذُّ سنين، وها أنا أكون السبب في بكائها الآن.
" أنا..."
لم أُكمل، فقد لطمت وجهي براحة يدها، لم تؤلمني، بل آلمني كيف أنها تبكي بسببي، وكيف نهضت من أسفلي خائفة مني، وأخذت تستر نفسها بالأغطية رغم أنها مستورة.
" أنا آسف، صدّقيني لم أقصد، لم أكن بوعيي، أرجوكِ اغفري لي!"
نبست وهي تبكي.
" أخرج، لا أريد أن أراك إطلاقًا، أنتَ مطرود من العمل!"
نفيت برأسي ألا تفعل، لكنها فقط دفعت بنفسها عني، وأشاحت بوجهها الذي إستشرت فيه حُمرة البُكاء والغضب.
" أخرج!"
........................
يُتبَع...
الفصل التاسع "رسول الحُب"
الجزء الثاني "حتى تؤمني بحُبي"
ضمن الرواية العاطفيّة "هَيبتُها|| الحرب"
.................................
سلااااااااااام
كيفكم بناتي الحلوات؟!
الفصل إتأخر كالعادة😂😂
طبعًا أحداث الفصول القادمة حماسيّة لهيك كونوا متحمسين🥳
الفصل القادم بعد 80 فوت و 80 كومنت.
1.رأيكم بجون ميون؟ ردة فعله على رفض روزماري؟
2.رأيكم بروزماري؟ علاقتها التي تتطور بجون؟ علاقتها التي تتدهور مع تشانيول؟
3.رأيكم بتشانيول؟ تصرفه؟
4.ماذا سيحدث بين تشانيول وروزماري؟ وهل سيخدم ذلك مصالح جون؟
5.ما هي توقعاتكم حول حركة داي القادمة؟
6.رأيكم بالفصل ككل وتوقعاتكم للقادم؟!
دُمتُم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️
" مَلِكتي، لا تدري كم أضمر حُبًا لكِ في صدري يا سيدتي...
تعلمين أنني أُحبكِ؟
لا... لا أظُنَّكِ تعلمين كم أنا مغمور ومغموس فيكِ.
فأنتِ إمرأة في الهوى كافرة، فكيف تؤمني برسول حُب مُتخفٍّ مثلي؟!
ربما لو تَريّ كم أنا مؤمن بهواكِ... ربما لو تَريّ كم أن قلبي مملوء بكِ، أُسلّم لكِ روحي يا ثمينة، وحياتي فداء لحُرّاس عينيكِ.
ربما حينها تُصدِّقي... تُصدِّقي أنني رَجُل يُحبكِ، وأنّي لستُ بهذا السوء الذي تظنيني به، وأنكِ لن تندمي لو منحتني فرصة.
أرجوكِ، أؤمني بحُبي سريعًا...
إلى عذراء القلب
الكاتب سوهو"
.....
ما زالت كلمة "أُحبك" ترن في أسماعها، وتجعلها في حالة من الإضطراب الحسّي.
شعورٌ ما من داخلها يدفعها لأن تقبل مشاعره، وتمنحه فُرصة لأن يثبت صِدق شعوره أمام قضاءها، لكن الخوف والخذلان، الذي أحسّت بهما سابقًا، تراهما يطرقان أبواب قلبها المُحصَّن مع دعوةِ حُبّه.
لا يُمكنها أن تستسلم لِهذا القلب الأحمق مجددًا حتى لو أرادت، لا يمكنها إلا أن تتخوف من تجربة حب فاشلة جديدة.
إن خاضتها مُجددًا لن تترك بها نُدَب وحسب بل ستحوّلها إلى رُكام لا يُمكن لملمته مجددًا، لذا كيانها سيتلاشى وتتحول إلى رماد.
لذا ستشيخ روحها ويموت قلبها رغم أن الشباب يعجّ في شبابها وصِحتها... لا يمكن أن تتعرض لمثل هذه الأذيّة مُجددًا.
لا يمكنها أن تَثق برجل مجددًا، أن تمنحه حُبها وإهتمامها، أن تُضحي من أجله، وتتنازل، وتتقيد، ولقاء ذلك لا تحصل على شيء منه سوى الحُب المُزيف الذي يدّعيه.
كيف تؤمن؟!
وهي تخاف الحُب والرجال الذين يدَّعون الحُب.
هي ليست بحاجة الحُب مهما بدى نظيفًا ومُخلصًا، كحُب جارها جون، هي بحاجة لأن تبقى طيرًا حرًا أبيّا لا يُصفَّد.
تنهدت فيما تنظر إلى البحر أمامها، رغم ذلك؛ لا يظهر هذا الرجل سيئًا لها، نعم، لا يمكنها أن تتقبل مشاعره على الإطلاق، ولكنها لا يُمكنها أن تجرحه في سكّين الرفض.
لذا حاولت أن تقول ما في جُعبتها بكلمات تَرفق فيه، وعلى قدر الإمكان لا تجرحه، بأكثر الطُرق لينًا أجابته.
" في الحقيقة؛ أنتَ رَجلٌ جيّد، بسببكَ شعرتُ أن نظرتي نحو الرجال لم تكن شاملة، وأنّها قابلة للتغير، فأنتَ مثلًا رَجُلًا مُختَلف عن كل الرجال الذي أعرفهم"
ورغم أن كلامها يتضمن مديح، ولأول مرة يراها تمدحه وتعترف بأنه رجل صالح، لكنه لا يَحس بشعور جيد حيال ذلك، لذا أحنى رأسه واستمع لها ترفضه بشعورٍ خاوٍ وقلب يتألم بصمت.
هذهِ مُجرّد مُقدمة تَرفق به، كي لا تنجرح مشاعره في لُب القول لاحقًا، أنهُ يَفهمها.
" لا أريد أن أقول أنني لا أثق بك، أو أنني لا أريد هذا الحُب بما أنك من تُقدمه لي، ليس ذلك إطلاقًا.
لكنني لا أثق بالحُب، وصراحة أنا أخاف على نفسي من رجل قد أُحبّه، لذا لا أريد أن أمنحني لرجل يقول أنه يحبني، أنا ما عدتُ أصدّق أن هناك رجل يُحب"
إلتفتت حينما ساد الصمت بينه وبينها وهو استغرق في صمته طويلًا، قررت ألا تجرح كبرياءه ببقائها أكثر معه، لذا أرادت أن تنسحب بهدوء بعدما رفضت مشاعره بهدوء، لكنه تمسّك بمعصمها ومن خلفها همس كما لو أنه يبذل محاولة أخيرة لإقناعها بحُبه.
" لكنني حقًا أُحبك"
إلتفتت له، ثم سحبت يدها منه برفق وهمست تنظر في عينيه الحزينة.
" أنتَ لن تُحبني ولا تُحبني بكل جوانبي وتفاصيلي، أنت لن تتحمل مزاجيتي المُتقلّبة، وعصبيّتي المُفرطة، وأحيانًا أنانيتي.
أنا لن أخضع لأوامرك باسمك حبيبي أو زوجي أو أي مفهوم تريدني أن أرتبط بك عليه، لن أجعل خاتم وعقد يُقيدا حُريتي، أو أن تثبط شخصيّتي لأجل أي سبب، أنا لن أُقدّم لكَ شيئًا أبدًا.
في المُقابل؛ سأُضيّق عليك الخِناق، وأكون مُتطلبة فوق طاقتك، ورغم ذلك سأُشكك فيك وبحُبك."
تنهدت حينما إلتفت ليواجه البحر وهي اتبعت.
"أنا من البداية أخبرتكَ أنني لستُ غنيمة حرب تُسعدَك، إن ربحتَ الحرب التي شننتها ضدي وربحتني؛ سأكون النِقمة بحياتك، أنا لن أكون النعمة على الإطلاق"
" لذا حاول أن تتوب عن حُبي، واجعل قلبك يستقيم عني، لو كان فعلًا ينجرح إزاء رفضي فأنا أعتذر منك، أستعد رُشدك، واصلح قلبك، وعُد كما كنت سريعًا"
تحرّكت كي تنسحب من مكانه من جديد، لكنه منعها مجددًا حينما أمسك بمعصمها، وإلتفت لها يتكلم بنبرة هادئة، لا غضب فيها ولا إنزعاج، ولا حتى حُزن.
بل إبتهج وابتسم في وجهها وكأن هذا الحديث لم يَدُر، وهذا الرجل لن يكف عن مُفاجئتها بردود أفعاله الغير متوقعة.
" أنا لم أتوقع أن تقبلي حُبي، أو أن تصدقيني بمجرد أن أعلنه لكِ، أعلم أنكِ لا تؤمني بالحُب، وأنا رسول الحُب، أتيتُ لأجعلكِ بصفّي، ولستُ أستسلم بهذه السهولة سيدتي"
وبدل أن يبقى قابضًا على معصمها، أمسك بكفها برفق وربّت عليه براحته، ثم نظر في عينيها البحريتين بعينين باسمة لم تنجرح.
" أنا لم أنتظر منكِ قبولًا ولا حتى جوابًا عاجلًا أبدًا، سأتصرف وكأنني لم أسمع ردّكِ، وسأنتظركِ فقط.
خلالها؛ سأحرص أن تُصدقي أن الرَّجُل بإمكانه أن يُحب، وأنا أُحبك بكل تفاصيلك، التي ترينها سيئة فيكِ قبل الجيدة حتى، أحبكِ بالتّفصيل اللا أَمِلُّ منه"
كادت أن تقول شيء، ان تؤكد له ألا فرصة له معها، وألا يهدر عليها وقته ومشاعره لِقاء لا شيء، لكنه لم يترك لها الفرصة أو المجال لتفعل حتى، بل سحبها معه من يدها كما يفعل مؤخرًا إلى مُقدمة اليخت يقول بنبرةٍ مُبتهجة.
" تعالي معي إلى هُناك، سَترين كيف اليخت يدفع الأمواج، إنه مظهر لطيف"
سحبها حتى المُقدمة، ثم توقف أمام السياج المُحدَّب، نظر لها فوجدها تعقد حاجبيها بأستياء، وسُرعان ما أنفجرت بوجهه غاضبة.
" أنتَ حقًا رجل غريب الأطوار! كم مرّة أخبرتك أن تكف عن سحبي هكذا، تُريد ركلة؟!"
قهقه واجتذبها من يدها، لتجلس بجواره أرضًا وهمس.
" بالمُناسبة، أُحب رؤيتكِ غاضبة"
" اننننننن"
رمقها بعينينه التي توسّعت دهشة مما أقدمت عليه، ثم ضحك يشير إلى نفسه.
" تسخري مني؟!"
وبتهجم أجابته.
" نعم، لديكَ إعتراض؟"
سُرعان ما رفع كفّيه يُنفي.
" معاذ الله يا هيّبة"
...........
شعرت روزماري بالذنب حياله لاحقًا، لأنها رفضت مشاعر حُبّه لها.
تفهم أنه يفهمها لكنها لا تفهمه، ولا تفهم ردة فعله المُبتهجة إزاء رفضها، وأن روحه المَرِحة لم تنطفئ معها رغم أنها حاولت إخمادها بلا أن تقصد.
لم تَنم إلا حتى بزغ الفجر، فهو يشغل حيّز كبير من تفكيرها؛ مُذُّ إعترافه بالأمس وتُصرفاته الحيويّة بعد ذلك.
أرادت أن تعتذر منه بصدق عمّا بدر منها، وبدل أن تهبه نفسها كحبيبة قررت أن تمنحه الفُرصة ليكون صديقها وحسب، كما تشانيول.
اليوم تكون إنتهت مُدة إجازتها في تايلاند، وعليها أن تعود إلى كوريا؛ لترى ما الحال مع برنامجها، وكيف سارت الدعوة القضائية، فاليوم هو موعد جلسة المحكمة الأولى، وتشانيول مع ثُلّة من المسؤولين سيحضروا عنها.
صعدت الطائرة، ولم تَكُ مُتفاجئة من رؤية جارها جون المجنون يحتلّ المقعد الذي يجاورها، حالما رآها لوح لها فرمت عليه حقيبتها الصغيرة وقالت بإمتعاض.
" بالتأكيد أنت ستحجز المقعد الذي يجاورني بما أن مُهمّتك في تايلاند تعود إلى كوريا"
برم شفتيه وأومئ لها، أتت لتجلس بجانبه، وعينه لم ترتفع عنها فيما تعلو شفتيه إبتسامة سخيفة وذلك ما جعلها تقبض حاجبيها وتضرب جبهته بسبابتها.
" جون المجنون، هل جعلتُكَ تفقد نُتَف العقل الباقية في رأسك؟!"
لم يقل شيء، فقط استرسل في النظر لها، حتى أشاحت عنه ونظرت بعيدًا تتمتم.
" يا إلهي فقط!"
أقلعت الطائرة، ومقعدها كان الذي يجاور النافذة كالعادة، راقبت الإقلاع حتى أصبحت الأرض بعيدة والطائرة بين الغيوم.
نظرت إليه، وإذ به ينظر لها فتنهدت وقد بدأت تستشري العصبيّة فيها.
" هل نسيت شيء ما على وجهي؟ ما بالك تحدق بي هكذا؟!"
تمتم مجبولًا في تأمل ملامحها المقبوضة بغضب.
" نعم يا هيبة، اتركيني انظر لكِ على راحتي"
رمقته لبعض الوقت، ثم أشاحت عنه تتنهد، فلا أمل من هذا الرجل، ولكي لا يشغل تفكيرها أكثر مِمّا يفعل وضعت السمّاعات في أُذنها وشغّلت أُغنية تُحبها.
ولأنه رجل مُشاغب مُشاكس يُحب أن يراها مشغولة فيه وغاضبة منه؛ سرق من أُذنها السمّاعة ووضعها على أُذنه يقول.
" ما الأغنية التي تسمعينها؟!"
نبست فيما تُريح رأسها على وسادة الكرسي وتغمض عينيها.
" يدكَ طويلة، يلزم قصّها"
تجاهل ما قلته وكرر.
" لم تخبريني، ما هي الأغنية؟"
أجابته دون أن تتحرك.
" أكاذيب حُلوة للفرقة إكسو"
برم شفتيه وأومئ.
" ولِمَ تسمعينها الآن؟"
رفعت رأسها ونظرت إليه تُجيبه.
" إنها الأغنية الوحيدة التي تصف الرجال بصدق، هنا المُغنيّن رجال ويعترفون بأنفسهم أنهم مجرد كاذبين ومخادعين"
ضحك جون ميون وعلق مستنكرًا.
" بالتأكيد لم يَكُن هذا مقصدهم!"
زفرت أنفاسها بإنزعاج.
" أريد أن افهمها هكذا، لديك إعتراض؟!"
سُرعان ما نفى بيديه يقول.
" أبدًا!"
أومأت برأسها وعادت لتُريحه على وسادة الكُرسيّ.
" جيد، لذا إلزم الصمت"
ولزم الصمت كما أمرت، وفقط استمر بالإستماع للموسيقى معها، يُسعدهُ أنه يُشاركها مثل هذهِ المتعة الخفيّة والتفاصيل الدقيقة، يُحب أنه أصبح على هذا القُرب الودود منها.
أثناء الطيران غفت عينها، لقد شعرت بالآمان حياله، وأنه لن يُقدم على أذيتها او إستغلالها لو غفت، وبالأصل هي لم تنم كفاية بسببه، لذا نامت وتركته يُحرسها.
تبسّم فيما ينظر إلى وجهها الحُلو الحَسن، ولم يَكُ ليقدر أن يمنع نفسه عنها، فقط إتّكز على ذراع الكرسي واقترب لينظر لها عن قُرب.
لا بأس بإلتقاط بعض الصور أيضًا...
هبطت الطائرة في مطار إنشتون الدوليّ، حينها جون ربّت على وجنتها بلطف ورِقّة شديدة فيما يهمس باسمها بصوت خفيف كي لا تفزع.
" يا هيّبة، استيقظي!"
فتحت عيناها، ونظرت له، ثم نظرت إلى يده، التي على وجنتها، فسحبها مُحرجًا، وهي رمقته بغضب، ثم لا يدري كيف لكمت معدته بقبضتها.
" تستغل الفرصة أيها المُنحرف!"
قبض على معدته وانحنى يقول بصعوبة.
" صدقيني لم أفعل شيئًا يُذكر"
دفعت برأسه بيدها حتى تَمر من أمامه، وكانت تبتسم بالخفاء، ثم بعد لحظات إستجمع نفسه وركض يتبعها.
" هَيّبة انتظري!"
توقفت قبل أن تصل البوابة الخارجية، ثم إلتفتت إليه تقول.
" تشانيول بالتأكيد ينتظرني بالخارج الآن"
ثم أشهرت بسبابتها في وجهه تهدده.
"أياكَ أن تظهر نفسك له، سأقتلك حينها"
وقف في مكانه مُستاءً وهي خرجت تجرّ خلفها حقيبتها، وبالفعل كان تشانيول يقف في الخارج بإنتظارها.
يرتدي قميص وبنطال أسودين، يرفع شعره الأدهم عن جبهته بفاصلة جانبية، ويضع نظّاراته الشمسيّة فيما يستند على سيارته، يضع كفّيه في جيوب بنطاله فيما ينتظرها.
تقدم منها فورما رآها وابتسم، ثم عانق جسدها بذراعه يقول.
" هل حظيتِ بوقت ممتع؟!"
أومأت، فهي بالفعل قَضت أيام سعيدة مع الرجل المجنون جون، لكنها لا تستطيع أن تقول له شيء كهذا، أخذ تشانيول منها الحقيبة وقال.
" إذن هيا اصعدي"
بعدما صعدت بجانبه قال لها.
" الآن اذهبي للمنزل وارتاحي، وغدًا علينا أن نذهب للعمل"
استطردت.
" ما الذي حدث بشأن القضية؟!"
حينها إبتسم، فعلمت أن الأمر سار لصالحها.
" مكتب المحامي كيم جونغ إن اثبتوا التُهم على جونغداي، لِقاء ما قلتِه على التلفاز دفعنا تعويضًا ماديًّا، لكنه دفع أضعاف المبلغ لنا، وعليه أن يعتذر لكِ ولي علنًا أيضًا"
وضعت نظّاراتها الشمسية ونبست.
" عملٌ جيّد"
............
في المساء؛ كان قد إنتهى عمل تشانيول في المَحطّة، ولأنها قد مرّت أيام كثيرة على تشانيول دون أن يرى فيها رفيقة روحه قرر الليلة أن يقضيها معها، في السهر والطعام وما إلى ذلك.
ففي طريقه إلى المنزل؛ توقف ليشتري البيتزا، وكما تُحبها روزماري؛ إختار بيتزا الدجاج والجُبن الكثير.
إشترى الصودا كذلك، فهي تُحبها جدًا، وقالب حلوة بنكهتها المُفضّلة، الشوكولاتة، ثم عاد إلى البناية السكنيّة.
طرق باب شقتها وتريث ينتظر أن تأذن له بالدخول، ولم تمضي ثوانٍ حتى خرجت له وقد أخذت حِمامًا دافئًا وارتدت ثيابًا مُريحة، أفسحت له عن الباب ليدخل.
نظرت في الأكيتس بيده وتسآلت فيما تسير خلفه.
" ماذا اشتريت؟"
أجابها فيما يتجه نحو ثلّاجتها، ليضع بها قالب الحلوى.
" كما تَرين، البيتزا، هيا نأكل"
جلست على الطاولة الطعام وهو آتى قِبالتها، وفيما هي بالفعل تتناول الشريحة الأولى قام تشانيول بفتح الصودا لأجلها.
وضعها أمامها فحملتها لتشرب منها وهو قال.
" لم تخبريني، كيف أمضيتِ رحلتك؟"
تذكرت جون ميون والأشياء التي فعلها لأجلها أثناء الرحلة، تنتشر بروحها البهجة كلما تذكرته، فهو يستطيع أن يكون رجل عميق يمنحها عِبر فلسفيّة ولو أراد، كما يستطيع أن يكون مجرد رجل تافه يجعلها تغضب كثيرًا أيضًا.
" كانت مُمتعة، أحببتُها"
تبسّم تشانيول وأومئ يقول.
" يسرَّني سماع ذلك"
بعد إنتهائهم من تناول الطعام تحركت روزماري لتوضب الفوضى الذي تسببا بها، وتشانيول كان يُحضّر كوبيّ قهوة لأجلهما، ثم بعدها جلسا معًا برفقة كوبيّ القهوة في الشُرفة.
إرتشف تشانيول من كوبه ثم وضع على الطاولة التي بينهما وابتسم يقول.
" ليتكِ رأيتِ وجه جونغداي جينما أعلن القاضي القرار بصالحنا، لقد إستنفر وغضب غضبًا شديدًا في قاعة المحكمة حتى أن القاضي غرّمه"
تستطيع أن ترى كيف بدى، فقد سبق أن إنقلب السحر على الساحر وفشلت خُططه في تدميرها.
" وماذا بشأن الصحافة؟"
" تعلمين، منقسمون بين مؤيد ومُعارض، حضوركِ بقوّة في برنامجكِ سيكون أقوى من أكبر مقال لديهم"
تبسّمت روزماري، واسترسلت معه بالأحاديث عن العمل وما إلى ذلك، أثناء ذلك؛ وصل روزماري إتصال، لكن يد تشانيول سبقت يدها إلى هاتفها حينما رأى الاسم المُسَجّل على الشاشة.
" جاري جون"
أجاب الإتصال وبنبرة باردة قال.
" ماذا تُريد؟"
قدّمت روزماري يدها لتسحب الهاتف من يده، لكنه وقف ثم ابتعد بعيدًا عن متناولها فتبعته.
" لا أظنني أتصل بكَ يا رأس البطيخة، اعطِ الهاتف لِصاحبته!"
" تشانيول، لا تَكُن هكذا، سأقتلكَ يا رجل"
رفعت يدها لتسحب من يده الهاتف لكنه قَيّد معصمها بيده، وحينما رفعت الآخر أمسكه أيضًا، فما عادت تستطيع أن تحركهما بسببه.
" إن كنت لا تريد شيء سأغلق"
" أريد صاحبة الهاتف أيها المُتطفل!"
" سأُغلق إذن"
وأغلق الخط بوجه سوهو بالفعل، حينها لاح الغضب بمعالم روزماري، وسحبت من يده الهاتف تقول.
" الذي تفعله الآن يسمى تطفلًا، وأنا أكره ذلك"
غادرت إلى غرفتها بعدما شزرته بعينٍ غاضبة، ثم اتصلت بجون فيما تشتم تشانيول مُتمتمة.
" قُل ماذا تريد بسرعة"
" على رِسلك، أردتُ أن أخبرك أن الحقيبة التي لديكِ لي، والتي لدي لكِ"
نظرت إلى الحقيبة، التي ما زالت مركونة جانبًا في غُرفتها، ثم ذهبت لتتحقق من كلمة السر تقول.
" أنت! بِلا حماقة، هل اشتريت حقيبة مُطابقة لحقيبتي؟"
وببهجة أجابها.
" نعم"
تنهدت بإنزعاج وأقامت جذعها تقول.
" سأمُر عليكَ لاحقًا ونتبادل الحقائب، أياك أن تأتي أنت، تشانيول في الشقة لدي"
أغلقت معه الخط، لكن صوت تشانيول خلفها جعل عينيها البحريتين تتسع.
" أنتِ لم تكوني معه في الرحلة، أليس كذلك؟"
تنهدت، هي لم تعتد أن تخشى أحد أو تُخفي شيء، إنما هي فعلت ذلك حِفاظًا على مشاعر تشانيول من أن تنجرح، لكن بما أنه أمسك بها بالجُرم المشهود فهي لن تؤلف المزيد من الحِجج والأكاذيب بل ستحدثه بصراحة.
" بلى، الأمر كان صُدفة لذا لا تُسيء الفهم"
سخر ببسمة وتقدم منها يقول.
" حقًا؟! صُدفة؟! لا أُسيء الفهم يا روز؟!"
أومأت.
" نعم، وأنا لا أملك أي نيّة لأكذب عليك بهذا الشأن"
...........
عيناها لم تَكُ حارّة عليَّ كما الآن مُذُّ وقتٍ طويل، وأنا حقًا لستُ مُقتَنع بأن الجار جون يستحق أن تكذب عليّ بشأنه، أو حتى أن تغضب عليَّ بسببه أو لأجله.
لكنها غاضبة الآن، وكأن لها الحق أن تغضب مني، وأنا لا حق لي عِندها، ماذا عني أنا؟
لِمَ لا تَحترم مشاعري؟!
لِمَ لا ترى أنها تجرح قلبي بأفعالها الطائشة هذه؟!
لا أدري إن كنتُ أناني لو طلبتُ منها أن تُراعي مشاعري، أو أكون أناني لو هي أخذت مشاعري بالحُسبان، لا يهم لو كُنت أو لا، أنا لا أطلب الشيء الكثير بالفعل.
وجود هذا الجون حولها الآن أصبح يستفزني جدًا، أكره وجوده الدائم حولها كمُطارد مهووس، وأنه مُلتصق بها كالغراء، أود لو أمسك بعُنقه وأفصلها عن رأسه.
وهي، منعتني من الذهاب معها رغم أني كنتُ لحوحًا وتوسّلت، لكنها قَبلت مُرافقته عني.
وحدي المُخلص هنا، وحدي من يُحب هنا، هي لا تُقدرني، ولا تضعني في حساباتها حتى، لو حقًا تهتم لأمري لما رافقته بعدما نهرتني عن مرافقتها.
ولأنني غاضب، غاضبٌ جدًا، فقدتُ سيطرتي على نفسي، وما عدتُ أتصرف على سَجيّتي، فأنا دائمًا ما أحاول أن أكون مُتفهم إلى أقصى حد معها، لكنني ما عدتُ أحتمل.
الحُب يُعذبني كثيرًا، ويلزمني أن أعرضه عليها حتى لو أستخدمتُ طُرق ليست بحميدة، طُرق مُلتويّة كُليًّا.
لم أشعر بي إلا وأوداجي تنتفخ، والغضب يَنفُر من عينيّ، صرختُ عليها مِلئ صوتي، فأنا تحملت حقًا، والآن أراني أنفجر كالقُنبلة الموقوتة، انطلق في نوبة غضبي بلا مكابح.
" واللعنة عليه وعليكِ وعليّ!
ماذا أنا هُنا؟!
لِمَ لستُ شيء يُذكر أمامكِ؟!
لِمَ لا تشعري بالخيانة حينما تكوني معه وتتركني خلفك، وكأنكِ تخلّصتِ من كيس قُمامة؟!"
هي فقط أطلّت علي مدهوشة ثم مفزوعة من صُراخي في وجهها، فأنا لم يسبق لي أن إفتعلتُ مشهدًا عنيفًا كهذا ضدها، لم يسبق لي أن تحررت من غضبي إلى هذا الحد ضدها.
رمقتني مدهوشة، ثم إزدرئت جوفها، ثم فتحت فاهها لتتحدث، ويا ليتها لم تتحدث، ويا ليتني كنتُ أعقل، أو لم أسمع ما قالته، أو لم أعلم أنه كان معها في عُطلتها حتى، لكان ذلك أفضل.
" مجنون أنت؟!
تصرخ بي هكذا؟!
ولأي شيء؟! لأنك تغار!
وما شأني أنا؟!
هل وعدتكَ بشيء وأخلفته لتقول خُنتك؟
هل أنا حبيبتك أو زوجتك لتقول أنّي خُنتك؟!
أخبرتكَ ألف مرة وسأقولها مُجددًا بارك تشانيول؛ أنا لن أراكَ أكثر من صديق، أنتَ صديقي وحسب، ولن أكون يومًا لكَ بطُرق أخرى إطلاقًا"
أمام كلماتها التي تُقيّس حجمي شعرتُ أنني صغير جدًا وأقل شأنًا بكثير من أن تكون لي قلبًا، لم أُصدّق ما سمعته من ثغرها للتوّ، رغم أنّي سمعته عِدة مرات من قبل، لكن الآن لكلامها وَقع لا آلفه، وقعٌ مؤلم ويوجع كرامتي.
استنكرت، وأشرتُ إلى نفسي.
" هل أنا رخيص إلى هذه الدرجة بالنسبة لكِ؟"
إحتل الأستياء وجهها، وتنهدت تُرجع خُصل شعرها الحُرة إلى الخلف.
" أنتَ حقًا لا تُصدَّق، أنا حقًا لم أقصد ما فهمتَه الآن، لكنكَ تتصرف بجنون الآن، إمنح نفسكَ الوقت لتهدأ وسأمنحكَ أياه أنا أيضًا، دعنا نتحدث بعدها بهدوء، حسنًا؟!"
لكنني لم أُرِد أن تمنحني وقتًا لأهدأ، أردتُ أن أسمع منها كلامًا يكون كالبلسم على جروحي، لكنها لا تعرف كيف تداوي، تعرف كيف تجرح فقط.
أمسكتُ بعِضدها، وجذبتُها إليّ قبل أن تَحلّ عنّي هاربة، تلك المرأة ذات الحجم الصغير تُرهقني حقًا.
" أنا لا أريد أن أهدأ، أنا أريد أن أعلم، لِمَ لا تهتمي لأمري كما أفعل؟!"
وضعت يدها على صدري، تحاول دَفعي عنها فيما ملامحها مُعكّرة، ثم حينما رأت نفسها تفشل في كل محاولة تنهدت ونظرت إليّ.
" تشانيول، أنتَ تعلم أنّكَ ثمين بالنسبةِ لي، لا حاجة لأن أقول لك ذلك، لكنك فقط تتطلب الكثير رغم أنكَ تعلم بأنني لم أعد إمرأة تمنح الحُب"
تمسّكتُ بكتفيها وجذبتُها لي، لم أكن مخمورًا لكنني لم أكُ بوعيي، الغضب يتحكم بي، ولم أكن لأقدر أن أكبح رجولتي، أنا فقط كنتُ بلا وعي.
همستُ لها.
" لا تمنحيني الحُب، فقط أقبلي بحُبي أنا يائس بالفعل!"
قبضت حاجبيها حينما قرّبتُ رأسي من رأسها، وأنزاحت برأسها عني، لكنّي استحكمتُها وأطلقتُ العنان لجنوني ورغباتي المكبوتة، قبّلتُها بجنون ورغمًا عنها.
أحطتُها بذراعيّ حينما بَغت الفرار من بينهنّ، شددتُ عليها الوِثاق وأحببتُها بلُغة القُبل، كانت تضرب كتفيّ وصدري، أعلم أنها تستطيع إبعادي، ولكنها لا تريد أن تؤذيني كما لا تُريد أن أُحبها.
حررتُ شفتيها في محض لحظات، وهي اغتنمت الفُرصة لتصرخ في وجهي بغضب.
" ابتعد عني، سأقتلك!"
دفعتُ بنا على سريرها، وأصبحتُ أعلاها أُقبّل وجهها الذي أُحب وشفتيها النديّتين كما أرغب مُذُّ سنين.
كانت تصرخ بي كلما أستطاعت وتهددني، لكنني لم أهتم لِمَ قد يحدث بعدها، أنا فقط أردتُ أن أتذوق الحُب من بين أركانها ولو لمرة.
أزحتُ قميصها عن كتفها ودسستُ وجهي في أركانها البضّة، حينها إرتفع صُراخها وجعلت تبكي، فابتعدت.
نظرتُ في وجهها، وكأنني فقط للتوّ أفقت من غفوتي وأدركتُ ما الفعل الشنيع الذي أقدمتُ عليه لتويّ.
إبتعدتُ عنها وجلست على السرير أحني رأسي، لم تبكي مُذُّ سنين، وها أنا أكون السبب في بكائها الآن.
" أنا..."
لم أُكمل، فقد لطمت وجهي براحة يدها، لم تؤلمني، بل آلمني كيف أنها تبكي بسببي، وكيف نهضت من أسفلي خائفة مني، وأخذت تستر نفسها بالأغطية رغم أنها مستورة.
" أنا آسف، صدّقيني لم أقصد، لم أكن بوعيي، أرجوكِ اغفري لي!"
نبست وهي تبكي.
" أخرج، لا أريد أن أراك إطلاقًا، أنتَ مطرود من العمل!"
نفيت برأسي ألا تفعل، لكنها فقط دفعت بنفسها عني، وأشاحت بوجهها الذي إستشرت فيه حُمرة البُكاء والغضب.
" أخرج!"
........................
يُتبَع...
الفصل التاسع "رسول الحُب"
الجزء الثاني "حتى تؤمني بحُبي"
ضمن الرواية العاطفيّة "هَيبتُها|| الحرب"
.................................
سلااااااااااام
كيفكم بناتي الحلوات؟!
الفصل إتأخر كالعادة😂😂
طبعًا أحداث الفصول القادمة حماسيّة لهيك كونوا متحمسين🥳
الفصل القادم بعد 80 فوت و 80 كومنت.
1.رأيكم بجون ميون؟ ردة فعله على رفض روزماري؟
2.رأيكم بروزماري؟ علاقتها التي تتطور بجون؟ علاقتها التي تتدهور مع تشانيول؟
3.رأيكم بتشانيول؟ تصرفه؟
4.ماذا سيحدث بين تشانيول وروزماري؟ وهل سيخدم ذلك مصالح جون؟
5.ما هي توقعاتكم حول حركة داي القادمة؟
6.رأيكم بالفصل ككل وتوقعاتكم للقادم؟!
دُمتُم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️
Коментарі
Упорядкувати
- За популярністю
- Спочатку нові
- По порядку
Показати всі коментарі
(12)
CH9|| رسول الحُب
دماغى بيقول اكيد
Відповісти
2020-10-12 15:56:20
1
CH9|| رسول الحُب
مابعرف
Відповісти
2020-10-12 15:56:33
1
CH9|| رسول الحُب
الفصل دخل قلبى قوى واتربع فيه
Відповісти
2020-10-12 15:57:04
1