توطئة|| Introduction
CH1|| إبنة الزمن
CH2|| حُب الدهور
CH3|| إمرأة من بحر
CH4||سماء ونجوم
CH5|| أزرق سماويّ
CH6|| لِمَ أُحبّك
CH7|| بُنٌ وبَحر
CH8|| سماءٌ وبَحر
CH9|| رسول الحُب
CH10||حياة بين الضلوع
CH11|| أزمة الهَيْبَة
CH12|| إنتقام الهيبة
CH13||عُكّاز وجَبيرة
CH14|| غاطس بالحُب
CH15||كَرز وسيجارة
CH16||حُبّي المُشيَّد
CH17|| نور البدر
CH18||بَهاء وإمتلاك
CH19||مَطَر ضِمنَ العاصِفة
CH20|| مخائل حُب
CH21||أُحبُك بمزاجٍ شَتويّ
CH22||قاع البحر
CH23||الزهرة وصاحب البستان
CH24||حُضنه الدافئ
CH25||دموع جميلة
CH26||أغرق في بحرِك
CH27||بَحرٌ هائج وسماءٌ دهماء
CH28||إنتكاس الهَيبة
CH29||زهرة مائلة الجِذع
CH30||جون وهَيبتُه
CH31||ظِلالٌ رماديّة
CH32||أكره الحُب
هَيبتُها|| The End
CH17|| نور البدر
كيم جونميون (سوهو)

حتى ينتصر حُبّي

في:

هَيبَتُها|| الحَرب

"نور البَدر"


"بَدر... أنتِ نور كقُرص البدر في سماءٍ دهماء.

بَدر... أنتِ مِثل بدرٍ يُضيء كوكبًا وتَحفُّه النجوم.

بَدر... أنتِ مِثل البدرِ مَلِكة؛ لكِ نورٌ إستثنائي يَلُمُّ نجومي إلى ما حولكِ.

نوركِ يقود نجومي، وفضائي، وكوكبي...

بَدر... أنتِ النور والحياة، أنتِ قائدتي.

إلى زهرتي العذراء

الكاتب سوهو"

...

روزماري كانت تَجلس أمام مِرآتِها خلف الكواليس، تحمل لوحها الرَقميّ، وتقرأ خاطِرة الكاتب سوهو.

"لِمَ يُكرر نفس الكلام؟!"

تبسّمت بحماسة.

"يبدو أنَّهُ مُتَوتِّر...!"

دخلت إحدى أعضاء طاقم العمل تُبلّغها.

"روزماري... حان الوقت"

أومأت لها روز والفتاة غادرت، أما روز فقد نظرت إلى نفسها في المرآة للمرّة الأخيرة، وأخيرًا نهضت تملئ جُعبتها بالأكسجين، ثم أفرغتها ببطئ وبإسترخاء.

ثم همست لنفسها من باب التشجيع.

"عليكِ بهِ ماري، حطّمي رأسه!"

نظرت ناحية نفسها في المرآة، تبدو قويّة كما العادة، ورسميّة مع هذا الزي العصريّ الذي ترتديه.

خرجت يَتبعها بعض أفراد الطاقِم الخاصِّينَ بها إلى الأُستديو، جلست على أريكتها المُتفرِّدة أمام الكاميرا.

وضعت مُكبِّر الصوت الخاص بها على قِبّة ستُرتِها الجِلديّة، نَظرت نحو الكاميرا؛ التي تُركِّز عليها بشكلٍ خاص وابتسمت.

"واحد، إثنان، ثلاثة... أدِر الكاميرا!"

تشانيول، الذي يجلس بجوار المخرج، دعا ربّه أن تَمُر هذه الحلقة على خير، وألا تخرج ماري عن النصِّ كثيرًا.

رفع إبهامه لها يُشجعها وابتسم لها، وهي إبتدأت الحَلَقة.

"مسائكُنَّ قوّة سيداتي... على غِرار العادة؛ فالبرنامج في الفترة الماضية لم ينتضم، واضطررنا أن نعرض عِدة حلقات مُسجَّلة من قبل... وددتُ أعتذر عن هذا أولًا.

كما تعلمنّ آنستاي وسيداتي؛ أنني كنتُ أمُر بظروفٍ صعبة وعصيبة مؤخرًا؛ لذا ما حدث من إهمال للبرنامج كان بسببي أنا شخصيًا، لذا أعتذر مُجددًا.

للأسف ما حصل معي كان خارج نِطاق سيطرني، حتى أنني في بعض المواضع فقدتُ قُدرتي على نفسي، لكن الفضل يعود في وقوفي مُجددًا على قدميّ؛ لنفسي أولًا، ثم شخصين مُقرَّبين منّي."

تشانيول فهم أنه إحدى الشخصين المُقرَّبين منها والآخر جون، لذا كنا وعد نفسه؛ هَتف لها وشجّعها لأجل سعادتِه؛ لعلَّ تضحيتهِ هذهِ المرة تُثمِر.

"اليوم؛ قررتُ أن تكون عودتي إلى هذه الشاشة الكريمة عظيمة ومُميَّزة.

لطالما أنا عُرِفت بعدوّة الرجال، عدوّة الحُب، مُحرِّضة النساء، النسويّة المُتشددة... وإلى آخره من ألقاب أطلقوها علي مُعجبين وكارهين.

لقد سبق وأعلنتُ أنّي لستُ ضِدَّ الرِجال جميعهم، فكما هناك السيء يوجد الجيد، كما أنني أعلنتُ إيماني بالحُب، الحُب المتين، الذي لا ينبني على المصالح، ولا على الشهوات، بل على مشاعر خالصة وثابتة فَحسب.

اليوم ضيفي مُميَّز، لقد سبق وحدثتُكم عنه ولذَعتُه ومعجبينه بآرائي وإنتقداتي الكثيرة."

تشانيول أشار لها من خلف الكاميرا ألا تخرج عن النص، فها هي تخرج وستُسبب المشاكل مُجددًا، لكنها لم تهتم وقالت ما يدور في خَلَدِها.

"هو تمامًا نقيضي، يؤمن بالحُب إيمانًا عظيمًا، يدّعي أنه في حُبٍ أسطوري خيالي عالق، ويكتب عنه مُذُّ سنين.

ربما يكون هذا اللِقاء قاسيًا وربما يكون ناعمًا، ذلكَ يرجع لليونة ضيفي وتقابُل أفكارنا وتَضادها.

الآن في الأستديو يتواجد؛ مرحبًا بكَ حضرة الكاتب سوهو."

بدلة أنيقة، خُصلات شعره مُهذّبة، عِطرهِ فوّاح، ملامحهِ مصقولة بإمتياز، حادة، بارزة، وواضحة.

فورما رأتهُ روزماري يتقدم؛ ليجلس على كرسي المُناظرة معها، وخلفه مدير أعماله اوه سيهون شهقت، ثم تجمَّدَت لوهلة وهي تنظر له.

الكاتب سوهو هو ذاته جارها جون المجنون!

كان يبتسم لها بوِد تعوَّدت عليه منه، كما يبتسم دومًا تمامًا، نفس الوجه، والمعالم، والجسد، والهيئة، وكل شيء!

هي لم تصل لدرجةِ الهوس بجون؛ لتتخيّلهُ على شاكلة الكاتب سوهو، أوليس؟!

"مرحبًا بكِ سيدة كيم روزماري، أتشرَّف بالتواجد هُنا معكِ"

أومأت له أخيرًا، وقد أزعجها حديث المخرج في أُذنها، تشانيول هناك مصدوم مثلها.

"أهلًا بكَ حضرة الكاتب، لنخرج بفاصل إعلاني قبل أن نبدأ حديثنا معًا!"

أومئ لها، والمُخرِج اضطر أن يخرج بفاصل، رغم أنه لم يحين وقت الفاصل بعد.

سُرعان ما تراخت روزماري على أريكتها، ورَمَقَت الكاتب سوهو بلا تصديق، سوهو ترك مكانه، واقترب لينحني قُربها.

أمسك بيديها وبنبرةٍ قلِقة قال.

"أنتِ بخير يا هَيبة؟"

"هَيبة تقول!"

رفعت يدها تبغي ضربه، لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة، كمشت على يدها وتنهدت، ثم رمقته بغيظ.

"أنتَ ميت لا محالة!"

تبسَّم سوهو وأومئ يقول.

"أنا لكِ، افعلي ما تشائينَ بي لاحقًا، لكن أثري كل فضولكِ بشأني الآن، سأُجيب على كُل أسئلتِك"

أغاظها لُطفه الآن، وكيف أنه أذِنَ لها أن تفعل ما تشاء به الآن ولاحقًا، وذلك لم يمنعها أن تضربهُ على كتفه تقول.

"على أساس أنكَ تعمل في مجال التنمية البشريّة، وأنك صاحب عمل حُر، سأُريكَ ما أنا فاعلةٌ بكَ!"

ضحك بخفّة وأومئ لها، ثم رفع يدها التي بين يديه إلى ثغرِه، قَبّلها وهمس.

"لا تغضبي منّي روز!"

"سأغضب منكَ لاحقًا، الآن على أمور برنامجي أن تسير بالشكل المُلائم، وأنت سأستغلُك لأُصلحه"

أومئ لها.

"أخبرتُكِ، استغليني كما تشائين، أنا لكِ!"

رمقته بغيظ فيما يعود ويجلس في مكانه، لِمَ عليه أن يُدغدِغ قلبها هكذا، رغم أنه وَجبَ عليها أن تكون غاضبة منه في مِثل هذا الظرف!

أنه فعلًا يتحكم بمشاعرها ويحتوي غضبها.

"تبًا لك!"

وأما أفراد الطاقم فاجتمعوا يسألون تشانيول، فنجمة البرنامج وضيفها يبدوان ودودان ومُقرّبان من بعضهما على عكس ما وجب.

"ما الذي يدور بينهما؟"

أجاب تشانيول، وقد بانت على ثغرِه إبتسامة خافتة.

"أليس من الواضح ما يدور؟

أنهما عصفوري حُب جديدان"

"ماذا؟!"

"وإن كانت تعرفه روز بالفعل، لِمَ كان علينا تكبد كل هذا العناء لإحضاره إلى هنا؟!"

تشانيول أجاب المُنتج المُغتاظ.

"روزماري لا تدري أنّه الكاتب سوهو ولا حتى أنا.

وأما بمسألة إحضاره؛ أظنُّهُ لم يظهر مُسبقًا عمدًا، ينتظر الوقت المُناسب ودعوة روزماري خصّيصًا ليظهر.

لقد قام بالكثير من المجهود بالفعل حتى الآن، ومثل هذه الخطوة أتت بوقتها حقًا، يا له من بارع في نسج الأوقات المُلائمة للأحداث، لا عَجب أنّهُ كاتب يُحتذى بهِ!"

"لا تقول أنها من يقصدها في أشعاره وكُتبه، زهرته العذراء؟!"

أومئ تشانيول لأحد أفراد الطاقم.

"مُذُّ أنني أعلم أنه يُحبها بجنون، يستحيل أن يكون يقصد غيرها"

"يا إلهي!"

تناثر أفراد الطاقم في مواقعهم، وقد أحدثت الصدمة فيهم جَلَبة عظيمة، هذه الحلقة لن تتصدر البرنامج وحسب، ستتصدر كوريا وتخترق حدود آسيا حتّى!

إنتهى وقتُ الفاصل الإعلاني وعادت روزماري على الشاشة، إستعادت قوتها وبأسها، تجلس فيما تشابك أناملها العشر معًا وترفع الساق فوق الأخرى، مُسترخية على مقعدها، وعلى الأريكة المجاورة يجلس الكاتب سوهو.

"أهلًا بكَ مجددًا حضرة الكاتب سوهو"

أومئ لها يبتسم وعيناه تلمع، الحُب مُشرق لامع في عينيه، حدقتيه كبدرين، الحب واضح فيهما.

"أهلًا بكِ سيدتي"

"بدايةً سيد سوهو، أنتَ تَكتُب منذ قرابة الأربعة عشر عامًا، بدأتَ في سِنٍ صغير.

أوائل أعمالك كانت تتضمن روايات بوليسيّة، إجتماعيّة، ونفسيّة، وغيرها من المواضيع المُهِمّة والمُلهِمة، ما الذي أودى بكَ إلى صنف الروايات الرومانسيّة؟ ولِمَ أنت عالق مُذُ خمس سنين بهذا الصِنف؟!

فبعدما صُنِفت ضمن كُتّاب التشويق والإثارة تصدَّرت كُتاب أدب الرومانس، حدّثنا عن ذلك."

سوهو لم يُزحزح بصره عنها طيلة حديثها هذا، وأخيرًا تذّكر أنه في وجه الكاميرات، وعليه أن يُجيب أسئلتها بالشكل الرسميّ والمُناسب للعرض.

"الكِتابة بدأت معي كمَلَكة تطورت طيلة العقد الثاني من حياتي حتى أستطعتُ أن أنشر أول كتاب بمعاونة عائلتي، وأصدقائي، والمُقرّبين منّي.

في البداية؛ كانت مواضيعي بوليسيّة تحوي التشويق والإثارة؛ لأنّي كُنت شابًا صغير في أول طَلعَتي على هذه الحياة، لذا كنتُ مشحونًا بالطاقة لمثل هذه المواضيع.

تناولتُ مواضيع أخرى حسّاسة تَمِس المُجتمع بعدما أصابني النضوج، وأتممتُ دِراستي الجامعيّة.

لقد نجحتُ فيها بشكلٍ جيّد، وما كنتُ أنوي تغيير صِنف كتاباتي أبدًا؛ لوما إختلفت حياتي، ووَلج الحُب إلى قلبي.

لولا زَهرتي العذراء لما تصدّرتُ كُتّاب أدب الرومانس في الأدب الحديث، أرجو أنّي أبليتُ جيدًا.

والآن معكِ يا سيدتي تكون المرأة التي أتكلم عنها مُذُّ خمس سنين عرفتني، وعرفت أنّي أقصدها بكل كُتبي، وأشعاري، وروياتي"

يتكلم بنبرة هادئة ثقيلة ورزان، أهذا سوهو حقًا؟ أهو سوهو أو جون؟

رُغم تَخبُّط فِهمها إلا أن قلبها المَجنون لا يهدأ، لِمَ قلبها يهوي في هواه أكثر وأكثر؟!

أين وعدها لنفسها ألا تُحِب، وأن رَجُل ما لن يَلِج حياتها أبدًا؟!... كيف أستطاع هذا الرَجُل اللّين الهَيّن أن يُحدث فيها كُل هذا الحُب المُشاغب؟!

"روز تابعي!"

تَكلّم المُخرِج عَبر السماعة في أُذنِها.

تحمحمت وأسترخت على أريكتها تستعيد سيطرتها على الحوار؛ فهي كيم روزماري، مُذيعة حُرّة ومُحاوِرة نافِذة.

وجود سوهو، الذي هو جون، أمامها ليس إستثناءً أبدًا.

"سيد سوهو، تقول أن الحُب هو ما وجَّهك للكتابة فيه، ألا يَعُد هذا إستغلالًا لزهرتِكَ العذراء إذًا؟"

الآن تفهم مقصده بهذا اللقب.

روز يعني زهرة.

وماري تيمُّنًا بمريم العذراء أُم المَسيح.

من هُنا أتى اسمها الذي ولدت معه ولقبها الذي يدعوها به.

هي بالنسبة له زهرة لا تذبل، وقلب أعذر لم يلجه الحُب الحقيقي؛ لذا يدعوها بهذا اللقب.

أما إزاء سؤالها فأسرفت شفتيه بإبتسامة، ثم هو أجابها.

"أنا لا أستغلها... بل مشاعري.

مشاعري كُشِفَت علنًا للناس، الجميع يعلم أنّي مُغرَم بإمرأة.

لكن لا أحد يعلم هذه المرأة، ولا حتى هي تعلم أن هُناك رَجُل يهواها إلى ما وراء الحدود.

أنا في الحقيقة أستغل برنامجكِ لأعترف لها وتعرفني، لأقول أُحبُكِ لها علنًا، يُمكنها أن تسمعني وتعلم أنها المقصودة"

قال تِلك الكلمة وهو ينظُر في عينيها بتِلك الجُرءة والجياشة في المشاعر، الكلمة أثَّرت بها وكأنها تسمعها للمرةِ الأولى من ثغره.

أسرفت في الصمت، وأسرف في الإبتسام، ثم أسرف كلاهما في معانقة بعضهما بالنظرات المحمومة بالحُب.

"أخبرني عن زهرتك العذراء، كيف تصِفها؟"

برم شفتيه وابتسم.

"غنّيتُ بأوصافها كثيرًا، ولأنّي لم أنتهي من وصفها ولن أنتهي أبدًا؛ سأصِفها بكلماتٍ ليست منظومة على أوزان بِحار الشِعر.

إنها إمرأة صيفيّة رُغم أنها تُفضِّل الشِتاء، ترتدي في الصيف فساتين من القُماش الرَقيق، وفي الشِتاء ترتدي سُتَر جِلديّة غليظة"

نظرت إلى ثيابها، إنها بالفعل ترتدي سُترة جِلديّة.

"تَنبعث منها رائحة زهور النَرجِس، تقول أنها تشبهها، لكنها لا تدري أنها تشبه أزهار الكرز، تِلك الأزهار الجميلة، التي ننتظرها بِكَد حتى تتفتح، وإن تفتَّحت زيَّنت، وأثمرت، وأسعدت.

هي هذا النوع من الزهور، أجمل زهرة على الإطلاق."

بلا أن تشعر وجدت نفسها تبتسم، رزانها وثبات شخصيتها يتزعزع بحضوره وذلك اللسان الطَلِق الذي يملكه.

"هي إمرأة ليست عادية، أنها ليست إمرأة تضع تاريخ مولدها، أو رقم هاتفها، أو رقمًا رتيبًا ككلمة سِر على خصوصياتها، تضع ما تفخر فيه، لأنها قد تنسى ذكرى مولدها ورقم هاتفها، ولكنها لا تنسى تاريخ أهم إنجاز في حياتها"

أيعرفها بهذا العُمق؟
ظنّته إخترق شِقتها مُسبقًا، لا أنه توقعه وحسب.

"إنها إمرأة قويّة وشديدة، إن أزعجتِها تَركُل وتَلكم، لكنها تخشى صوت الألعاب النارية ويُرعبها صوت الرصاص؛ حتى لو كان بفيلم.

إنها إمرأة فريدة من نوعها، لا أغار عليها من صديقها الذي يُلازِمها طوال الوقت؛ ولا أنها تَضعه رقم واحد في قائمة إتصالاتها الفوريّة، ولا من زملائها الكُثر، ولا حتى من المُعجبين بها.

أغار عليها من الدجاج الذي تحبه أكثر من حياتها، أغار من حليب الشوكولاتة والبُندُق الذي تُجالسه كل يوم، وأغار عليها من الشاي بالليمون الذي تقضي صباحها معه."

الجميع كان يسمع لهذا المجنون، الذي لا يملك أي إحساس بالمنطِق، لكنها وحدها من كانت تفهم قصده وتفهم منطقه، ومن بين الكُل هي الأكثر دَهشة هُنا.

"تعشق البحر لكنها لا تخوض في أمواجه لا تأكل أي من طعامه.

لا تأكل المعكرونة، لا تشرب الخمر، ولا تأكل لحم الخنزير.

ذوقها فريد؛ لا تأكل تلك الأطباق التي يتفاخر بها شعبها ولا تُعجبها، تمنحني شعور خاص بالتميُّز.

هذا أصغر مُختصر يُمكنني أن أقدمه أمام الجماهير بشأنِها"

الدَهشة تستولي على معالمها، كذا معالم تشانيول الذي يجلس وراء الكاميرات.

"مُذُّ متى تُحبها؟ حدِّثنا عن أول لِقاء"

همهم يُفكر لوهلة ثم عادت إبتسامته تُزيّن شفتيه.

"هممم... لم يَكُن يومًا سعيدًا بالنسبةِ لها، لقد رأيتُها تَعبُر أبواب المَحكمة، وقد تَخلَّصت من حياتها الماضيّة في يومٍ تَعُمه الغيوم ولا شمس فيه.

كانت تبكي والسماء تبكي معها وعليها، فُستانها الأسود كان إنعكاسًا لروحها المَكسورة، كذلك تلك الدموع التي رأيتها وحدي... ذلك اليوم كان من خمس سنين"

كشَّرت حاجبيها كذلك ملامحها كُلها، وتذكرت ذلك اليوم التعيس من حياتها، إنها تراها بذاكرتها كما وصفها.

"تُحبها مُذُّ خمس سنين؛ لِمَ اليوم فقط تُقدم على الخطوة الأولى تجاهها؟!"

أجابها.

"هذهِ ليست الخطوة الأولى حقًّا، لقد أقدمتُ على أول خطوة في ذات اليوم الذي رأيتُها فيه أول مرة، رأيتُ فستانًا أسود لكنه ليس بكئيب كالذي إرتدته، وضعته بصندوق بلونها المُفضَّل، لكنّي لم أبعثه لها أبدًا، إحتفظتُ بهِ عندي"

لقد رأته المرّة السابقة فعلًا في شِقّته، بغرفة الصناديق تلك.

"لقد أقدمتُ على خطوات كثيرة لكنها خفيّة، أنا فقط مؤخرًا ظهرتُ في حياتها"

"لِم أحببتها ولم أستغرقك كل هذا الوقت لتظهر؟!"

"أحببتُها لأنها إمرأة تبدَّلت، في أول لقاء رأيتُها فيه كانت إمرأة هشّة وضعيفة، ثم شهدتُ عليها تهدم تلك الأساسات الضعيفة، وتبني أساسات قويّة لها، ثم شيدت نفسها كالبُنيان المرصوص، لن يسقط مهما مالت به الأرض، ستبقى ثابتة شامخة كما أعرفها رُغمًا عن الأرض، والجاذبية، وكل الناس مُجتمعين، لأنها إمرأة تحولت من طير مُنكسِر إلى مُلهِمة وقدوّة أنا غرقتُ في حبها.

لم أتقدم لها مُسبقًا؛ لأني أردتُ أن أدرس هذه الشخصيّة الصعبة، والمزاج السيء، والملامح والإيماءات الصمّاء، وعيناها اللتان لا تعكسان روحها، لقد درستُها بِجِد حتى أستطعتُ أن أفهمها إلى هذا القدر."

"والآن ما الذي تنوي عليه بشأنها؟!"

"أريد أن أظهر في حياتها وألِج قلبها"

"ما رأي عائلتك بحُبكَ المجنون هذا وبكِتاباتك؟!"

"يتفهموني ويدعموني"

"أنت في بداية مسيرتكَ قُلتَ أن إمرأة لن تلِج حياتك، لم امتنعت عن النساء في البداية؟"

"لأنني أؤمن أن الكاتب يكتب عمّا ينقصه، أو عمّا يريد أن يكون، أو عن جُزء خاص من شخصيته لم يكتشفه العلن أبدًا.

لقد إعتزلت النساء؛ لأن إمرأة ما لم تصل معاييري العاليّة، ولم أرى أنه هُناك إمرأة تستحق أن أُضحّي بِمَلكتي لأجلها.

قلبي مُقفل بأغلال، والمفاتيح بيد إمرأة بعيدة عن منوالي ومنالي، منذ سنين وأنا أركض خلفها"

"كلمة أخيرة حضرة الكاتب وما القادم من أعمالك؟!"

"القادم من أعمالي "هَيبَتُها" أروي فيها تفاصيل مشاعري، ومشاعرها، وما يحدث معي، وحالة الحُب التي تغمرني بسببها.

أما كلمتي الأخيرة، فللذين يرون أن حبي مُبتذل؛ أنتم يا رِفاق لم تكونوا ضحايا حُب مثلي، ولا تقرأوا روياتي القادمة، ستُسهِب في وصف حُبي المُبتذَل وحبيبتي الخارِقة للطبيعة"

وجدت نفسها تبتسم عمّا قال، لقد توعّدت له بلقاء خشن وعنيف، لكنه من سرق منها الأضواء هذه المرة.

"سَرّني تواجدك هُنا حَضرة الكاتب سوهو، أتمنى لكَ يومًا سعيدًا وعملًا موفّقًا.

معلوم أنّي لا أصدق الرجال وكذبات الحُب الحُلوة التي تُخدِّر سمع النساء وقلوبهنّ، لكنّي أصدقك، وأعلن خسارتي لك، بل وأراهن عليك"

السعادة تفجّرت في ملامحه عبر ضحكات وعينان لامعة، أومئ لها شاكرًا وروزماري بإبتسامة عريضة أنهت الحلقة.

وقفت ما إنتهت ووقف على وقفتها، مدّ يده بغية السلام، صافحته حينها همس.

"تُشرّفني إستضافتِك، وأرجو أن تبقي على الإطلاع على أعمالي القادمة، وتقرأينها وتفهميني سيدتي"

أومأت له، ثم انسحبت من الأستديو بكل هدوء، أخذت معطفها، حقيبتها، وضعت نظّاراتها، وخرجت تمنع تشانيول بإشارة أن يتبعها.

سوهو راقبها حتى آخر رمق، كيف سترد؟
هو لا يعلم... ما زال جاهلًا في أحوال الحُب عِندها.

........................

عاد جونميون إلى شِقّتِه؛ وهو لا يملك أدنى فكرة عمّا يجول في خَلَدِ روزماري الآن، أتحبه أم تكرهه الآن؟

أتحبه لأنها تيقنت من حُبهِ المجنون، أم تكرهه لأنه ما بلَّغها عن حقيقته مُسبقًا؟!

لقد أقدم على خطوّة محفوفة بالمخاطر وهو يعلم ذلك، إلا أنها كانت الخطوة الوحيدة التي ما درسها لأنها غير قابلة للدراسة، بل للتجربة فقط.

لكنه يدري لو أحبته سيكون لوقع حبه فيها وقعًا عظيمًا.

ضلَّ يجول قُرب بابِ الشِقّة، ينظر عبر الكاميرا إلى الخارج كل دقيقة، هي لم تأتي إلى هنا، سيارتها لم تصل بعد، لذا خمّن أنها تُصفّي ذهنها في مكانٍ ما.

وبالفعل؛ بعد إنتظار طال ساعة كاملة بعد وصوله؛ ها هو يسمع طرقات كعبها من خلف الباب.

خرج لها سريعًا وقطع طريقها إلى شقتِها يقول.

"أيُمكنني أن أتحدث معكِ قليلًا؟!"

خلعت نظاراتها ونظرت إليه تنفي.

"لاحقًا، لدي شيئًا أفعلهُ الآن"

لم يصرَّ عليها جونميون بل تركها تفعل ما تشاء.

"حسنًا، دعينا نتحدث عندما تكوني جاهزة"

أومأت تقول.

"اشتري لي الدجاج والكولا على العشاء، وأنا بالتأكيد لن أفوت عرضًا مُغريًا كهذا!"

أومئ لها وبانت نواجذه، فلقد أفرجت عنه، وشعر بالراحة أخيرًا.

"أنا بإنتظارِك!"

عاد إلى شقته بعدما توارت خلف بابها.

وضّب المنزل كما يجب، استحم، وتنهدم، وسرّح شعره للأعلى، وتعطّر، ثم طلب الدجاج والكولا.

ما إن إكتملت تجهيزاته المثالية حتى سمع صوت جرس بابهِ يرِن، تَقدَم من الباب يفتحه لها.

كانت ترتدي فُستانًا منزليًا مريحًا وتنتعل بقدميها خُفّين منزليين، بان عليها أنها إستحمّت وأدَّت بعض أمورها قبل أن تأتي إليه.

تحمل بيدها كيس، به قالب حلوى بنكهة الشوكولاتة، قدَّمتهُ له وقالت.

"أعجبني شكله فأتيتُ به، أرجو أن يكون طعمه يستحق"

أخذ منها القالب، ووضعه في الثلاجة إلى ما بعد العشاء، ثم أشار لها.

"لقد وصل الدجاج"

جلست على طاولة الطعام معه، تناولا الوجبة بسلام بلا أحاديث جانبيّة.

بعد العَشاء؛ جلس كلاهما في صالة الجلوس.

جلس جون على الأريكة المجاورة لها وروز كانت تضع على المحطّة التي تبِث برنامجها الآن، إنَّهُ وقتُ الإعادة.

كانت تشاهد الحلقة بصمت، كذلك يفعل جون رغم أنه يشعر بالتوتر الشديد، لاسيما وأنها تصمت ولا تتحدث بهذا الشأن مُطلَّقًا، لذا فكَّر أن يُبادِر بالسؤال أولًا.

"ألن نتكلم عن هذا؟"

لم تزحزح بصرها عن الشاشة وأجابته.

"لقد تحدثتَ كثيرًا اليوم حتى أنَّك خطفت الأضواء منّي، هل بقيَّ لديكَ شيئًا تقولُه؟!"

"نعم"

نظرت إليه وهي جاهزة أن تسمعه، لكنه لم يتحدث، بل نهض وسحبها معه إلى الغُرفة الموصدة، الغُرفة الوحيدة التي لم تَلِجها.

"أليس لديكِ فضول لتعلمي ما يتوارى خلف الباب؟"

أومأت فقال.

"سأكشف لكِ كامل أوراقي الآن"

دخل الغرفة ثم أشار لها أن تتفضل، تطلَّعت في المكان، إنها غُرفةِ مكتب، إذ يركن في مُقدِمتها مكتب من خشب البلوط باللون البُني المحروق، وأما أثاث الغرفة، فهو كلاسيكي، على عكس أركان بقيّة المنزل المؤثث على الطراز الحديث.

أعجبها المكان وجالت فيه بحُرية، خلف المكتب يضع صورة له على الحائط، هي ذاتها الصورة التي تكون غلاف كتابه الأخير "الصورة الذاتية".

إذ أن ملامحه فيها ليست جَليّة بل إنها مرسومة تيمنًا بأسلوب فان جوخ بالرسم.

نظرت إلى مكتبه، إنه مكتب بهيّ لكن عادي، لا شيء مُلفِت.

إقتربت من مكتبته التي تحوي كل كتبه وكتب أخرى.

وقفت مُتكتِّفة وقالت.

"ها قد رأيتُ المكان وأثريتُ فضولي، دعنا نخرج"

قال.

"ليسَ بعد، افتحي جهاز الحاسوب وسترين أشياء أخرى"

تقدّمت من حاسوبه، فتحته، وإذ بصورتها في خلفيّة الشاشة، لم تُظهر أي رد فعل وفقط دخلت إلى مُستند يحمل اسم الرواية التي أعلن عنها في حلقة برنامجها اليوم.

هيبَتُها.

"أعجبني العنوان!"

قلّبت بشكل عشوائي في المخطوطة وتوقفّت عند إحداها تقرأ.

"اليوم وقد قابلتُها أول مرة، رأتني ورأيتها عن هذا القُرب وجهًا لوجه، شعرتُ أن جسدي يغلي والعرق يتصبب مني، رغم ذلك شعرتُ بالبرد وأطرافي ترتجف، لقد كان قلبي مجنونًا أيضًا، وكأن النبضات في صدري تتسابق بحلبة رالي خطيرة.

شعرتُ بالأعياء الشديد، لكنّي حاولتُ ألا أُظهر لها أيًا من هذا، فهي إمرأة قويّة ومُهيبة، أحتاج أن أكون قويًا أمامها حتى لا أسقط ويُكتشف أمري.

رحبتُ بها، وعرّفتُ بنفسي، وأعلنتُ عليها الحَرب أخيرًا، وهي فقط تبسّمت في وجهي وانصرفت عني لا تُصافحني، لا تهتم بي، حتى أنها لم تتأثر.

معجبونها الرجال كُثر، وأنا أدري بأي حقل ألغام ولجت، إنها خطرة للغاية ولهذا أحبها، أثق أنني سأفوز بهذه الحرب بما أنني درستُ كل مؤهلاتِها وأعراضها.

ستكون صعبة معاركي، وربما أُصاب عدةِ مرات في ساحة العراك، لكنني واثق أنني سأنتصر"

إستقامت روزماري ما إن إنتهت قراءة هذا النص العشوائي، وتقدمت من جون تقول.

"أنت بالفعل إنتصرت بهذه الحرب، ما رأيك أن تأخذ غنائم الإنتصار وتحتفي بها؟

سأكون كريمة معك رغم خسارتي"

" ما الذي تقصدينه؟"

دفعت به إلى الحائط خلفه حتى إرتطم ظهره به، ثم حاصرته بين ذراعيها إليه، ولأنه يتفوّق عليها بطوله وقفت على أطراف أصابعها ثم همست له.

"لكنّي لا أدري إن كُنتَ بخير مع طريقتي في الحُب، فأنا بعدما بُعثتُ من جديد بُعثَ معي كل شيء بحُلّة جديدة.

أستكون حِملَ حُبي المتوحش؟

تحمّل ما يمكنك تحمّله وما لا يمكنك، أنا لستُ لطيفة أبدًا!"

نظر في عينيها وقد شعر بالخدر في أطرافه، رغم أنها لم تُقدِم على شيء بعد معه، وهمس لها.

"لا بأس معي بما أن حُبي إنتصر في هذه الحرب، سآخذ غنائمي حتى لو كان حُبًا متوحشًا".


...........................


يُتبَع...

الفصل السابع عشر "نور البدر"
الجُزء الثالث "حتى ينتصر حبي"
الرواية العاطفيّة "هَيبَتُها|| الحرب"

...........................


سلاااااااااام

وهيك ينتهي الجزء الثالث والنصف الأول من الرواية بشكل رسمي👏👏👏👏

طبعًا من بعد هالبارت في كثير مشاهد رومانسية، بس ما رح أخليها تافهة وغبية، أخطاء حاقد عاشق مش رح أكررها، دونت ووري😂😂👊

أخيرًا بقولكم وبنبه... هذا الفصل تأخر كثير بسبب الشرط وعليه سرعة التنزيل مرهونة بالشرط، ما في بارت طالما الشرط ما اتحقق.

الفصل الجاي الصغار لا يقرأوه... لأنه عيب😂

ضايل أنشر كمان ثلاث فصول قبل ما أبلش العنقاء لهيك شدوا حيلكم مشان أشد حيلي.

الفصل القادم بعد 100 فوت و100 كومنت.

١. رأيكم بروز؟ ردة فعلها بشكل عام؟

٢.رأيكم بجون؟ كلامه في البرنامج؟

٣.رأيكم بالمقابلة؟

٤.ما الذي سيحدث بين روز وجون؟

٥.رأيكم بالفصل ككل وتوقعاتكم للقادم؟

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️



© Mercy Ariana Park,
книга «هَيّبَتُها|| Her Prestige».
CH18||بَهاء وإمتلاك
Коментарі