"كرزة وسيجارة"






"حَبّات حُبٍ وشقاوة... كحَبّةِ كَرز وسيجارة!

أنتِ حُلوة ولاذِعة... مثل الشاي بالليمون

جميلة ومُدهِشة... عَنيفة ولَطيفة

لكِ سِمة مُهيبة ولكِ طَلعة أنيقة...

لكِ ملامحُ حادة كطرف مِقصلة...

ولكِ صوتٌ عَميق كعُمق بئر...

لكِ غمازين يحفران قلبي قبل خدّيكِ...

ولكِ غمزةٌ كالسّهم في فؤادي...

فؤادي الذي يملأكِ... هكذا وَصفكِ حينما أحبّكِ.

إلى زَهرتي العذراء

الكاتب سوهو"

لَم تَكُفَّ روزماري عن عَقد حاجبيها وهي تقرأ خاطرة الكاتب سوهو، التي نَشرها مُذُّ قليل على الإنترنت، في موعدهِ دائمًا.

لكن...

تِلك الكلمات... الشاي بالليمون، عَنيفة ولَطيفة، تُذكِّرُها بِجون، إذ قال مِثل هذا الكلام في ليلةِ الأمس.

كادت أن تَغوص في تفكيرها، وتَصل إلى إستنتاجات -لن تَسُر جون على الإطلاق- لولا أن جون طَرق عليها الباب يُقاطع سيرَ أفكارها، فوضعت هاتفها جانبًا وأجابته.

"تَفضَّل"

فتح الباب، وأطلَّ عليها بإبتسامته المُعتادة، التي تَجعلها تَبتَسِم تلقائيًا رُغمَ أنها إعتادت عليها نوعًا ما.

لا تَدري، لكن لِجون سحرٌ من نوعٍ خاص...

"إن كُنتِ إنتهيتِ فالإفطار جاهز"

"آتية"

أومئ لها، ثم غادر بعدما أغلق الباب عليها، رُغم أنه مريض لكنها لم تهتم به إطلاقًا، بل هو من اهتم بها، تشعرُ بالذنب حياله، لكنه لا يشتكي، ولا يَظهر عليه الحُزن أو الإستياء، لذا فقط تَصرَّفت على سَجيّتها معه الآن.

اليوم سيعودا إلى العاصمة سيؤل، فإجازة ماري المَرضيّة قد إنتهت بالفِعل، والآن عليها أن تَعود إلى سيؤل لِتَنظُر في أمر البرنامج وإعداده، وكيف يُمكِن أن يعود بقوّة كما سابق عهده، فلا شكَ أنه خسر الكثير من المتابعين بعدما حاولت أن تنتحر، إذ أنَّ في ذلكَ التصرُّف ضُعف، وهي من تَمد النساء بالقوّة عادةً.

تَنهَّدت إذ أن أمر البرنامج يُثقل صَدرِها، نَهضت لِتخرُج إليه، الإفطار في الحديقة كالعادة والمَطبخ نَظيف.

كان قد وضع لها في طبقها الطعام بالفعل بينما ينتظرها أن تأتي، وذلك ما جَعلها تبتسم لهُ بوِد وتَنبس.

"شُكرًا لكَ جون"

"لا تَشكُريني، هذا أقل ما يُمكنني فِعلَهُ لأجلِك"

سَكبَ لها كوب شاي وجلس ليأكل معها، إرتشفت من الشاي ونَظرت له.

"وأنا آسفة أيضًا"

وضع شوكته وسكّينه ونظر لها يَعقد حاجبيه.

"ولِمَ أنتِ آسفة؟!"

تنهدت ثم اتبعت فيما تَنظر إلى مياه البِركة الراكِدة.

"عن كُلِّ شيء، بداية من تَكذيبي واستهتاري بمشاعرَك، وإنتهاءً بإهتمامكَ بي وأنتَ بِمِثل هذه الحالة"

نفى برأسه، ووجد نفسه بلا أن يُفكِّر يُمسِك بيدها.

"رجاءً لا تُفكِّري بمثل هذه الطريقة، أنا حقًا أُحب أنني جُزءً من يومِك، وأنني أثّرتُ على موقفِك واقنعتْكِ مشاعري، وأنني كُنتُ هُنا لِأُطبطِب على جِراحِك حينما إحتجتِني.

على عكس ما تقولينه؛ أنا سعيدٌ جِدًا بكِ ومعكِ"

سَحبت يدها من أسفل يده وتنهدت مُجددًا، حينها ضَمَّ أصابعه في راحته وسحبها، لكنه استمع لها.

"حتى لو صدَّقتُ مشاعرك لا يُمكنني تَقبُّلِها، أنا إمرأة بائسة وسيئة، ستُحبني لعام أو لاثنين ثم سَتندم لأنكَ أحببتَني بهذا الجنون، ابتعد عنّي يا جون، هذا لمصلحتِكَ حقًا"

كَتَّفَ ذراعيه إلى صدره، ورفع حاجبًا ثم نَبس بتحدٍ.

"لن ابتعد"

وضعت كوب الشاي جانبًا، واستندت على الطاولة التي تحول بينهما بذراعيها، ثم قالت تُنبهه عن خطورةِ ما يُقدِم عليه.

"عليكَ أن تتحمل مزاجي السيّئ جِدًا"

"أعلم"

"عليكَ أن تَصمت عن أخطاءي ولا تُجادلني فيها"

"أعلم"

"بدوري؛ لن أتجاوز عن أخطاءك وقد أكون قاسية"

"أعلم"

"سوف تُعرف باسمي وستبقى ظِلًّا لي"

"لا أهتم"

"قد تتعرض للإنتقاد والهجوم"

"لا بأس"

"عائلتي لن يعترفوا بك"

"لا أهتم"

"أنا قد أحبك يومًا وغدًا أكرهك"

"أعلم"

طرقت الطاولة بيديها بعصبيّة من هذا الرجل.

"وما زِلتَ تُريدني؟"

ابتسم.

"نعم"

تراخت على الكُرسي، واستنجدت تَدعك صِدغيها مما سببه لها من صُداع ويأس بعِناده، هذا الرجل صُداع في الرأس.

"يا إلهي!

لا أُصدق أنكَ لم تنقرِض بعد!"

ضحك مِلئ شدقيه ورماها بغَمزة، فشهقت تُشير إلى نفسها.

"تتحرش بي أيها السافل؟!"

حَرَّك كتفيه بجهلٍ فابتسمت، ثم أشار لها ناحية الطعام يقول.

"تناولي إفطارِك، لا يُمكن أن تكتفي بالشاي فقط، ما زلتِ بحاجة للرِّعاية"

....................

خاب ظَنّ سيهون؛ إذ أن تشانيول يذكُر كُل شيء حَدث من الليلةِ الفائتة، لكنهُ تظاهر أمام سيهون أنّهُ لا يَذكُر كي لا يَهلع.

لكنه وَجد في الأمرِ فُرصةً لَه، فهُناك أشياء لا يَعلمها إلّاه عن ماري، ومهما تبختَرَ جون بمعرفتهِ لماري، يستحيل أن يكون يعلم عن الأمر الذي يكتمُهُ تشانيول، لأن لا أحد سِواه يَعلَم ولا حَتّى ماري؛ رُغمَ أنّها المَعنيّة بالأمر.

لربما يكون ما سَيبدُرُ عنه تَصرُّف خَسيس بِحق ماري، لكنه لا يَقصد أن يضرّها، بل ليرى مَتانة حُب جون، أسيبقى معها رُغم ذلك أم لا؟!

إن قرر جون البقاء معها رغم ذلك سينسحب تشانيول بكل هدوء، سينظر لها من بعيد وهي سعيدة مع رَجُلٍ غيره للمرةِ الثانيّة، وسيُصفِّق لها، وسيشرب نخبًا لسعادتها مع غيره، فما الحُب الذي يَكنّهُ لها إلا تَضحية، يُحبها لدرجةِ أنه يَهتمّ فقط لِسعادتها حتى لو كانت مع رَجُلٍ آخر.

وإن انسحب جون من حياتها سيحاول أن يقنع روز بمشاعره بشتّى الطُرق، لا يُمكنهُ تَضييع المَزيد من الفُرَص، لعلها رَضخت لحُبِه ومنحتهُ فُرصة معها أخيرًا.

اليوم باكرًا؛ قد أجرى تشانيول مُكالمة مع جون، واتفقا أن يتقابلا عِند جِسر الهان، لأن لهما مكانًا يذهبان إليه معًا.

نَظر تشانيول في ساعتِهِ، إنها الثالثة عصرًا إذ أن هذا موعدهما هُنا، وبالفعل رأى سيارة جون تَصُف قُرب سيارته.

لكنَّ المُفاجئ أن الذي في مقعد السائق روز وليس جون، مَعلوم أن روز لا تقود السيارة بأحد أبدًا ولا حتى به، لكنّها من تقود الآن.

هذا مُلفِت...!

ما مساحة ما استولى جون من قلبِها؟!
لربما يكون قد إمتلئ به بالفعل، وفاتتهُ هو الفُرصة.

تَرجّلت روزماري من السيارة، تَرتدي قميصًا جلديًا طويل باللون الأسود وتَضع نظّاراتها الشمسيّة، أنيقة ومُلفِتة كالعادة.

تَبسّمت في وجه تشانيول تقول.

"اعتني بجون، وقُد أنتَ السيارة عنه، واعطني مفاتيح سيارتَك"

وضع بيدها المفاتيح، لوحت لهما بينما تسير ثم ذهبت بالسيارة.

صعد تشانيول في مقعد السائق بجانب جون، وقاد السيارة.

"لكم أنتَ مُميَّز حتى تسمح لكَ ماري أن ترتاح  وهي تَقود!"

رَبّتَ جون على قدمِه وقال.

"كُل ما في الأمر أن قَدمي مكسورة، لا حاجة لكَ أن تشعر بِالبؤس!"

تشانيول انكر رُغم أن ما قاله جون بالفعلِ يَصفه في الأونّة الأخيرة.

"ومَن قال أنني أشعر بالبؤس؟!"

أشار جون إلى وجهه وقال ضاحكًا.

"وجهكَ يقول"

لَعنَ تشانيول في سِره، واتبع قيادتهِ في صمت، لكن ذلك لم يَكُ ما خطط له تشانيول من البداية، لذا تحدث بعد وهلة.

"تبدو بآخر العشرين على أكبر تقدير، لا تبدو بالرابعة والثلاثين!"

جون نظر إليه يعقد حاجبيه.

"كيف تعلم؟ أجريتَ بحثًا عني أم ماذا؟!"

أومئ تشانيول؛ ليُبعِد أصابع الإتهام عن سيهون واتبع.

"علمتُ أن من تقاليد عائلتكم أن الرجل لا ينبغي له أن يتجاوز الثانية والثلاثين دون أن يتزوج، كيف أنتَ ما زِلتَ أعزب للآن؟!"

بَرم جون شفتيه وأجابه مُنزعجًا.

"لا يُسعدني أنك تَطَّلِع على معلوماتي الشخصيّة ولا حاجة لي أن أُجيبك، جوابي واضح بالفعل!"

حرك تشانيول كتفيه لا يُبالي وقد تَلبَّسَهُ البرود إذ قال.

"اطَّلعتُ على معلوماتكَ لِذات السبب الذي أطَّعلتَ لأجله على معلوماتي الشخصيّة ومعلومات أشخاص آخرين... روز!"

تنهد جون وأسهب نحو النافذة، لن يكون من اللطيف لو ذهب تشانيول إلى روز وأخبرها بما يعرفه، سَتظٌن أنّهُ يُريدها ليُرضي عائلته وهذا لا يَمُت للصحّة بصِلة.

"أخبرني، ماذا تُريد؟!"

"أن تُجيب على أسئلتي"

تَنهد جون وأشار لهُ أن يتكلم.

"عائلتكَ يتطلعون لحفيدٍ لهم مِنك بعد زواجك فورًا، ماذا لو ماري لا يُمكنها أن تُحقق هذه الرغبة لهم؟!"

جون قَبض حاجبيه وقال.

"ما الذي تَقصدُه؟!"

"لقد كانت ماري متزوجة لفترة طويلة، ألم تتسآل يومًا لِمَ لم تُرزَق بِمولود؟!"

تَبسَّم جون ساخرًا وأجاب.

"أعلم أن جونغداي لا يُنجِب"

تشانيول نَفى برأسهِ وقال.

"هذهِ ليست الحقيقة، جونغداي يُنجِب، ماري التي لا تُنجِب"

ضَرب جون بقبضته على المِقود وبعصبيّة قال.

"ما الذي تقوله أنت؟!
لقد رأيتُ التحاليل بعيني!"

"تِلك التحاليل أنا من تصرَّفتُ بها، في الحقيقة أن النتائج هي العَكس تمامًا، تَصل نِسبة عَجز ماري عن الإنجاب إلى سبعين بالمائة، ولكنني قلبتُ النتيجة دون أن يعلم أحد، حتى هي لا تعلم أنها لا تُنجِب."

تَنهد جون ومَسح وجهه بكفّيه.

"ولِمَ تلاعبتَ بالنتيجة؟!"

"لأجل ماري... كانت تُحب جونغداي بجنون، ولم أُرِد أن يُفسَد زواجها منه لأجل هذا الأمر، أو حتى أن تسمع كلامًا جارِحًا منه أو من عائلته، أو أن تَشعُر أنه يتحملها رُغم عيوبها فيُنهكها شعور النَقص والذنب.

لم أُرِد أن ترى نَفسها أُنثى ناقصة، هي أُنثى كاملة الصِفات، وأُريد أن تبقى ترى نفسها بعينِ الكمال."

صمت جون، لم يتوقع أن يكون لِدى تشانيول أمرًا لا يعرفه عن ماري، ظَنَّ أنه يَلُم بكلِ ما يخصها.

الصدمة أدهشته وأبقت فمه مُغلقًا لبعض الوقت، إلا أن تشانيول قَطع صمتَه بسؤاله.

"ستتخلى عنها؟!"

"ولِمَ أثَق بِكلامك؟!"

أومئ تشانيول؛ إذ أنه توقّع أن يُشكك جون بِصِحة كِلامه.

"ما زِلتُ أملك التحاليل الأصليّة، يُمكنني أن أجعلكَ تطَلِع عليها، ماذا ستفعل بعدما ترى التحاليل بعينك؟ ستتركها؟"

جون لم يُمهِل نفسه وقتًا ليُفكِّر بل أجابه سريعًا.

"لن أتركُها حتى لو كان ما تَقولهُ صحيح، لذا لا تَكُن طَموحًا من هذهِ الناحية"

....................

تَرجَّل جون وتشانيول من السيارة، جون مَرَّ على المُستشفى ليخلَع جَبيرته ورافقه تشانيول، ثم ها هُما أمام الفُندق الذي يُقيم به جونغداي؛ إذ أنَّ شِقته تَمُر بإصلاحات على إثر الحريق الذي أنشبتهُ روزماري فيها.

وقف كِلاهما أمام مَكتب الإستقبال، ولأن كِلاهما وسيم بشكلٍ مُفرِط سببا إرتباكًا بين الموظفات خلف الطاولة.

إلا أن جون طَرق بأصابعه على سطح الطاولة تكسوه معالم جادّة.

"اعلمي كيم جونغداي عميلكم أن كيم جونميون وبارك تشانيول بإنتظاره هُنا"

أومأت له الموظفة، وأجرت إتصالًا بينما الرَجُلان اليافعان ينتظران في الرُدهة على الآرائك الفاخِرة. 

نَزل جونغداي إليهم، يَضع قُبَّعة شبابية سوداء على رأسه، نظّارات شمسيّة وقِناع على وجهه، فبالتأكيد أن للحروق آثار بَشِعة على وجهه؛ تحتاج وقتًا طويل لِتلتئم وعِناية فائقة.

جلس قِبالتهم، وافتتح الحديث بنبرةٍ مُتعاليّة وَوقِحة.

"لقد قُلتُ بوضوح أنني أُريد ماري أن تتواصل معي، لا أنتُم"

تشانيول رفع الساق فوق الأُخرى وأجابه.

"ونحنُ هُنا بدلًا مِنها، أخبرنا ما تُريد إخباره لها"

تَهكّم جونغداي مُبتسمًا ثم جَلس مُتَّكئً بذراعيه على فخذيه.

"لا أظُن أن كِلاكما سيُحِب أن يسمع ما أُريد قولهُ لها؛ بما أن كِلاكما واقع في حُبِّها"

وقف ثم اتبع قبل أن يُغادر.

" أُمهِلهُا حتى الغد، إن ما أتت أبلِغوها أن الفيديو سينتشر على الإنترنت، وهي تَعلم عمّا أتحدَّث"

"أتدري عمّا يَتحدَّث؟!"

جون نَفى سؤال تشانيول، تنهد فيما يقبض حاجبيه، أتملك روزماري ما تُخفيه عنه؟!

تنهد جون ونهض يقول.

"سأتحدث مع ماري، وإن كان الأمر خطير سُنجبَر أن نُلبّي طَلبه، ولكننا سنحميها منه ومن تهورها"

وافقه تشانيول ثم غادر كلاهما الفُندق.

لَكِن جون استوقف تشانيول أثناء قيادته الطريق أمام المركز التجاري وأخبره.

"عليَّ أن أشتري بعض الأشياء، غادِر أنت، سأعود بسيارةِ أُجرة"

سُرعان ما رفض تشانيول وقال.

"أنت! روزماري ستقتُلني، سأنتظركَ هُنا لكن لا تُطيل عليّ"

...................

فور أن وصل جون إلى شِقته اتصل بسيهون؛ كي يَحضُر، ثم إنطلق لتحضير العشاء، فالليلة سيطلب من روزماري أن تُشاركه وَجبة العشاء قبل أن يتشارك معها بحديثٍ طويل عن جونغداي، وما يريده، وما تُخفيه.

في مُنتصف تحضيره الوجبة وصل سيهون، وجون لم يتردد أبدًا بِخلعِ خُفَّه؛ فعلى أحدهم أن يتعلم أن يَحفظ الكلام في حَلقِه ولا يتكلم كثيرًا.

"جون، أنتَ بالمَطبخ؟!"

"نعم تعال، خُذ الأوراق على سطح مكتبي وتَصرَّف بشأنِها."

سيهون لم يتردد أن يَسلك الطريق إلى المكتبة، والذي يكون بعبور المطبخ.

ولأن ساقيّ سيهون طويلة؛ أي سَيهرُب سريعًا خَدعهُ جون، ولأن سيهون نوعًا ما غَبيّ وساذج إنطلَت عليه الخُدعة؛ إذ أن جون لا يُسلمُّه أوراقًا عادةً بل يبعث لهُ عبر البريد الإلكتروني.

حينما تجاوز باب المَطبخ؛ كَمش جون بقبضتِهِ على قميصِه من دُبر، ونَهلَ عليه يَضربه بِخُفِّه، سيهون يصرُخ ويحاول الهرب، بينما جون يَنوي أن يستهلك كُل الغضب الذي فيه على بَدن سيهون.

سَيفرغ فيه غضبه من جونغداي، وتشانيول، ونفسه دُفعة واحد... أما سيهون؛ فهو يستحق أن يكون الضَحيّة.

إرتمى جون جانبًا قِبالة سيهون المُنهَك بالمَمَر الضيّق، جون المُنهَك تناول نفسًا، وأشار لسيهون بِخُفِّه.

"ألم أُخبركِ ألا تُخبره أي شيء عنّي أيُها الثرثار؟"

سيهون بدى في حالة فوضوية، قميصه وشعره كذا أنفاسهِ مُبعثِرة لكنَّهُ أخذ يَضحَك.

"تَعلم أنّي ثَرثار، لم يَكُ عليكَ أن تَبعث بي إليه، هذا خطؤك"

تَبسَّم جون رُغمًا عنه، ثم كِلاهما إنخرط بالضَّحِك، كما لو أن شيء لم يَحدُث مُذُّ بُرهة.

"إذًا لا يوجد أوراق عليَّ أن أتدبرها؟"

"يا لكَ من أحمق! لطالما بعثتُ لكَ مَلفات العمل عبر الإنترنت"

تنهد سيهون براحة وتمدد على الأرض يقول.

"يا لها من راحة!"

.........

روزماري كانت تَجلِس أمام تسريحتها فيما تُفكِّر، تَسجيل الكاميرا ما زال بحوزةِ جونغداي، وهي تعرف هذا الرَجُل عِزَ المَعرِفة.

هو ذا دمٍ حامٍ، ولا يُمكن أن يتحلّى بالصَّبر أو يُخطط بتأنّي، شَرّهُ مُتهوِّر لا خباثةً فيه.

إذًا عليها أن تَضع نفسها بمحلّه، وتُفكِّر مَليًا ما الذي سيفعله، إستنتاجٌ وحيد تَوصَّلت لهُ طيلة الفترة الماضية، جونغداي سيُفاوضها أولًا، وسيستعمل التسجيل كورقتهُ الرابحة، لن يقوم بنشرِهِ للِعَلن مباشرةً.

أثناء تفكيرها العَميق بهذا الشأن وَصلتها رِسالة من جِهة الإتصال "جاري المَجنون جون" يَقول فيها.

"لا يَبنغي لكِ أن تُفوّتي وجبةَ العشاء يا هَيبة، أنتظركِ في شِقّتي"

قبضت حاجبيها.

"همم! تَبدو الجُملة الأخيرة مُنحرِفة"

وقفت لتَنظر في المرآة إلى نفسِها، إنها جاهِزة لإستدعائه كُليًا، كما العادة؛ جميلة وأنيقة في أي وقت.

اتبعت فيما تَنظُر إلى قِوامها المَمشوق عبر المرآة.

"على أحدهم أن يُعلمَه كيف يتكلَّم، لذا سأتولّى المُهِمَّة"

حَملت هاتفها وخَرجت إليه، فتح الباب لها وتكاد الإبتسامة تَشُق شفتيه.

"تفضّلي سيدتي"

سبقته بالدخول إلى شِقّته، ولأنها تَدري أين تَكون طاولته ذهبت إلى هُناك، وإذ به قد حَضَّر لها الدجاج المَشويّ.

ضَمت كفّيها وودت لو تُقبّل هذه الدجاجة الجميلة، والتي بالتأكيد ستكون شَهيّة قبل أن تأكلها، يكفيها رائحتها الحُلوة ومظهرها الشهيّ.

كادت أن تغرق في مشهدٍ رومنسيّ مع الدجاجة لولا أن جون ضاحكًا أبعد لأجلها الكُرسي وقال.

"اجلسي وافترسيها سيدتي"

طالعته بحاجبين مُنقبضين.

"أنت! ماذا تعني؟!
أتقول أنني وَحش؟!"

لكن جون لم يحصل على وقتًا؛ لتصويب لَفظه والإعتذار، إذ إبتسمت ورَفعت كُميّ قميصها تَقول.

"أنا بالفعل وحش دجاج، لذا أجلس واحصل على البعض منها قبل أن لا أُبقي لكَ على شيء!"

ضَحِك جون مِلئ شدقيه وجلس أمامها يقول.

"تناولي من الأطباق الجانبية أيضًا، لقد حضّرتُها بِحُب"

أومأت روزماري وانطلقت في تناول الطعام.

"سأفعل، هيا كُل أنتَ أيضًا!"

أومئ لها وباشر بتناول طَبقه هو الآخر، كيف النظر لها وهي فقط تستمتع بوجبة من صُنع يده تجلب له كل هذه المشاعر من السعادة والفرح الغامر.

يُحبها بدلال، إذ أن حُبه لا يكون بالكلمات وحسب، يُدللها لأنها إمرأة مُذهِلة، إذ قد سبق وأذهلته، لذا تستحق أن تَتدلل.

بعد الطعام جلس كلاهما على الآرائك، حَضَّر جون كوبيّ قهوة وآتى لها.

تناولت منه كوب القهوة وقالت.

"مُذُّ أن الغَد عُطلة لا بأس لو سَهِرت إذًا"

إرتشفت منها ثم نظرت إليه مُذُّ أنه يُحدّثها.

"هل أنتِ بخير في الأونّة الأخيرة؟!"

أومأت.

"في البداية؛ أشعر بأنني سقطتُ في قاع الخَيبة وأشعرُ بالإنكسار الشديد، أظنني لن أقدر أن أتعافى هذه المرة، لكنني أفعل في النهاية، أظنُّ الآن أن لا شيء يُمكِنُه أن يَكسرَني."

تَبسَّم.

"سعيد بسماع ذلك!"

أشارت إلى التِلفاز وقالت.

"سيقومون بعرض فيلم الجميلة والوحش، أنَّهُ وقت العَرض الآن، ضَع على القناة"

وضع لها عمّا تُريد، الفيلم في بدايته بالفعل، لكن حيثُ يَجلِس جون فهو لا يُمكنه أن يرى الشاشة على نحوٍ جيّد، لذا قالت فيما تُربّت بقُربها.

"اجلس هُنا!"

أشار إلى نفسهِ مُستغربًا، ليست عادةً من يَتخذ الخطوة الأولى لتتقرَّب من أحدهم، لكن جون لم يَشهد عليها ولا يَعرف كفاية كيف تَكون حينما تُعجَب بأحد.

لذا هي هتفت مُنزِعجة.

"لا، أتحدث للجنيّ الذي يجلس خلفك، أترى أحد غيركَ هُنا؟!"

وضع يده على فمه يَكتم إبتسامته ونهض ليجلس قُربها.

"لم أَكُ أدري أنكِ ترغبين بمشاهدة فيلم وإلّا لحضَّرتُ لهذا؟"

قالت فيما تنظر إلى التلفاز.

"تعرف الرمز السريّ لشِقّتي بما أنكَ إقتحمتها سابقًا، اذهب واحضر لنا كولا من الثلاجة، سَتجد مُثلّجات أيضًا بها، ووجبات خفيفة في الرُفوف العُليا"

أومئ لها وذهب، أثناء طريق عودته صادف أن رأى تشانيول وهو يدخل إلى شِقته.

تشانيول الذي إنزعج حيالَ ما يراه، جون يخرج من شِقّة ماري يحمل وجباتِ خفيفة ويذهب بها إلى شقته.

"يبدو أن علاقتك بها أصبحت أمتن من علاقتي بها؛ بما أنها تَسمح لكَ أن تدخل شِقتها وتَسهر لديك، بينما أنا تم استبعادي"

قال جون مُتذمِّرًا.

"لا تكن دراميًا! أنا من دعوتها عندي، سأتكلم معها بشأن جونغداي، أراكَ لاحقًا"

تشانيول لم يَهتم كثيرًا وسبقه في الدخول إلى شقّته، تنهد جون ثم دخل شِقّته، يتفهم تشانيول، لطالما شعرَ أنّهُ مُستبعَد عندما كان تشانيول بقُربها، وكرهه دون وجه حَق، لذا لا يتوقع من تشانيول الكثير الآن، كأن يتفهَّم.

عاد لها ووضع الأغراض على الطاولة أمامها، ثم جلس يُتباع الفيلم معها، يستمتعان بالطعام كذلك بالفيلم الذي سبق وحَضّرته ماري عِدة مرّات.

لكنها رويدًا رويدًا ماري إرتاحت برأسها على كَتِفه، وذلك ما جعل جون في صدمةٍ كُليّة.

"رُغم أنني شاهدتُ هذا الفيلم مِرارًا وتِكرارًا لكنه مُبتذل، من تِلك المجنونة التي ستتزوج وحشًا؟!"

أجاب جون وتَبسَّم.

"رُبما تَفعل بداعي الحُب فقط، الحُب أعمى كما يُقال"

تَهكّمت ساخرة.

"كما تُحبُّني؟
أنا الوحش هنا وأنتَ الجميلة، لستُ أفهم لِمَ تُحبُّني"

تنهد مُستاءً مما قالت، وهذه المَرّة قرر أن يُعبِّر عن إستياءه إذ قال علانيّة.

"أنتِ حقًا لا تُقدري قيمة نفسِك، أكره عندما تنعتي نفسكِ بالوحش، أو بالإمرأة البائس، أو التي لا تستحق الحُب، نظرتكِ المُتدنّية لنفسكِ هي الشيء الوحيد الذي أكرهه فيكِ!"

نظرت له تعقد حاجبيها بغضب؛ إثر نبرة صوته التي عَلت عليها، دون أن ترفع رأسها عن كتفه.

"أركُلك؟ لا تتحدث معي بهذه النبرة!"

لكنه لم يتهم وهتف بإنزعاج.

"تَعلّمي أن تُحبي نفسكِ رجاءً! أنتِ أفضل إمرأة رأيتُها بحياتي، وأجمل إمرأة، وأهيَب إمرأة، وأقوى إمرأة!"

تنهد بعدها وهمس.

"عليكِ أن تَري نفسكِ بعيني التي لا تُبالغ بتقديرِك، وسترين كم أنتِ إمرأة عظيمة!"

ثم ساد الصمت، إذ إنتهى كلامه وماري لا تملك كلامًا، الموقف حَرج وتعرضها للإطراء بهذه الطريقة أخجلها، لذا لم يَكُ بوسعها إلا أن تستَخِدم الطُرق العنيفة لأن تَحِل أزمةِ الموقف، إذ لَكمته في بطنه.

لم تؤلمه ولم يصدر حِسًا، فقط ينظر لها بأعين منزعجة وغاضبة، لذا رفعت سبابتها تهدد.

"لقد قصدتُ ألا أؤلمك وأنتَ تعلم، سأؤلمكَ المرة القادمة، سأحرِص أن تَبكي"

أمسك بقفا عُنقها، واجتذب وجهها إليه؛ ليطبع قُبلة خفيفة على جانب شفتيها، ثم همس.

"يُمكنكِ أن تَضربيني الآن كي لا أُقبلُكِ مُجددًا"

شكّلت قبضة بيدها وضمتها إلى صدرها، لم تَضرِبه، لذا أفترض أن لا بأس بأخرى شافية يُحبها فيها.

أمسك بوجنتيها بين راحتيه، وأطبق على شفتيها بشفتيه؛ يُقبلها بألطف ما يكون، وبأبطئ ما يكون.

لأنه لا يُقبلها لأجل غريزة بل لأجل شعورٍ سامٍ قد إنتشر داخله مُذُّ زَمن، وذلك ما جعله يُريد أن يشعر بها في قلبه وبكل مشاعره.

إبتعد بعد بُرهة، كلاهما يُغمض عينيه، جبهته إلى جبهتها وما زال خَديّها بحُضن راحتيه، همس وأنفاسه تتداخل وأنفاسها، والدِفئ الذي ينبعث من جوفها يلمس وجهه براحة، أمِن أعز من هذا الشعور عليه؟

"أقولها مُجددًا... أنا أُحبُكِ"

لم تَقُل شيئًا، بل إختارت أن تتكلم بلُغةٍ أبلَغ، إذ عانقت خَصريه بذراعيها، ودَسّت وجهها في عُنقه، حينها ابتسم ورَدَّ لها العِناق بواحد أكثر حرارة وأقوى متانة.

استنشق رائحة شعرها... لم يتخيّل!

أحسَّ بحجمِها الصَغير كيف يكون وهي بين ذراعيّه... لم يتخيل!

شَعر بشفتيها ونوعمتها عبر شَفتيه... لم يتخيل!

إستنشق رائحة النَرجِس التي تنبعث من عُنقها... لم يتخيل!

أحلامهُ أصبحت واقعًا، جون لا يُريد أكثر، وسينتظرها بقيّة عُمره.



..................


يُتبَع...

الفصل الخامِس عَشر "كَرَزة وسيجارة"
الجُزء الثالث "حَتّى يَنتصر حُبّي"
ضِمن الرِّواية العاطفيّة "هَيبَتُها"

..................................


سلااااااااااااام

فصل ثاني ينتهي على مشهد قُبلة😁

الفصل الجاي فيه شوية أكشن🔥

طبعًا التحديث الجاي مُمكِن يتأخر شويّ لأني رح حَدِّث حكاية الألحان، وعلى كل حال حضراتكم ما حققتم شرط الفصل الي فات.

اعتبروه عقاب... سوري نوت سوري.

الفصل القادم بعد 90 فوت و90 كومنت.

1.رأيكم بجون؟

2.رأيكم بروز؟

3.رأيكم بتشانيول؟

4.رأيكم بسيهون؟

5.رأيكم بجونغداي؟!

6.رأيكم بالفصل ككل و توقعاتكم للقادم؟!

دُمتُم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️