بارك تشانيول
(وحشُ الشُّرطة)

بطل:

ورد شائك|| Love Sickness

"مشروع مُصالحة"

●●●






وقفت آري قِبالة المرآة، مسحت البُخار المُتكاثف عليها، ونظرت إلى وجهِها المُتعَب فيها.

نظرت إلى شفتيها وتذكَّرت قُبلته البارحة، لم تكن قُبلة عنيفة ولا طوَّاقة، فقط قُبلة صغيرة وهادئة، لمست شفتيها بأناملها بينما تفكر؛ أيُمكِن أن يتغيَّر؟

تنهدت وهي تُدرك أن الإجابة دومًا ستكون لا، هذا الرَّجُل لن يتغير أبدًا، سيبقی كما هو حتى يختفي من الوجود.

خرجت ترتدي روبها، وتلف حول رأسها منشفة. جلست أمام تسريحتِها ثم أحدهم طرق الباب؛ وإذ بها يورا بوجهها البشوش.

-لقد وافق تشانيول أن نذهب كلتينا معاً إلی السوق؛ لذا تجهَّزي لنذهب.

أومأت لها آري تضع إبتسامة صغيرة على شفتيها.

-حسنًا؛ في الحال!

خرجت يورا، وآري تنهدت فيما تُسرِّح شعرها، هي في الحقيقة لا ترغب في الذهاب لأي مكان، ولا تُطيق أن تمشي على رجليها حتى، ولكن فقط لأجلِ يورا؛ ستُسايرها وتُفرحها.

قبضت آري حاجبيها للحظة، وتوقَّفت يدها عن تسريح شعرها؛ يورا في هذه الفترة تبدو مُختلفة قليلًا، أكثر خجلًا وتسرح كثيرًا. تبسَّمت آري بِخفَّة، يبدو أن أحد الشُّبان قد دخل إلى حياتِها.

تجهَّزت آري، ثم خرجت حينما سمعت يورا تستعجلها. ترتدي قميص أبيض فضفاض، وجينز أزرق باهت اللون مع حذاء رياضي وشعرها الأسود المُموج الطويل ينساب علی ظهرها بأريحية، جميلة وبسيطة.

صعدت آري السيارة، وبِجوارها يورا، ثم بدأت بالقيادة نحو المركز التجاري، الذي تريده يورا. خطفت آري إليها نظرة وهمست تبتسم.

-تبدينَ سعيدة!

أومأت لها يورا وقالت.

-بِالطَّبع؛ سأكون سعيدة بما أنَّنا خرجنا معًا.

وصلن المركز التجاري، وبدأنَ يتسوَّقن... وها قد مالت الشمس إلى المغيب كانتا قد فرغتا من التسوق، عمليات الشراء، الأستبدال، القياس، وما إلى ذلك مما لا ينتهي بالنسبة لعملية التسوق النسائية.

توجهن لأحد المطاعم المتواجدة في المركز التجاري، التي تقوم بتحضير الأطعمة السريعة، طلبن وجباتهن، وقبل أن تفتح يورا أي حديث، إستئذنت آري حتى تغسل كفيها وتُعدِّل هندامها في دورة المياه.

غسلت كفيها ثم نشفتهما عدلت مظهرها في المرآة ثم خرجت، دورة مياه الرجال تقابل دورة مياه النساء، وكلتهما تسلكان ممرً ضيّق نحو الطاولات البعيدة نسبياً في الخارج من جديد.

عندما خرجت؛ مجموعة من الشُّبان اليافعون يقفون أمام الممر المؤدي للخارج بينما يضحكون، تجاهلتهم ظنّاً منها أنهم سيفعلو ذلك أيضاً، لكن أثناء مرورها الإلزامي من جانبهم، أمسك أحدهم بذراعها، وأعادها للخلف عدة خطوات بينما يردف مبتسماً بخبث.

-انظرو من لدينا!

تنهدت بأستياء وهمست.

-ألن تكفّوا عن مُضايقتكم هذه لكل إمرأة تَمُر في طريقكم؟!

كوّر شفتيه ورفع حاجبيه يدَّعي الخوف، ثم همس بسخرية.

-اووه! تبدين غاضبة عزيزتي!

حاولت إنتزاع ذراعها منه، ولكنها لم تفلح. شعرت بشاب آخر خلفها، ثم شعرت به يُمسك بيدِها اليُسرى حيث خاتم الزواج.

-متزوجة أيضاً؛ يا له من محظوظ!

صفعت يدهُ بعيدًا عنها.

-ابعد يدك!

إلتفَّت ذراعه حول خصرها، وشدَّ بدنها إليه. إمتلأت عيناها بالدموع؛ خوفًا من أن يقدروا على إيذائها، ولا تجد من يُساعدها. أخذت ترتجف وهي تحاول إبعادهم عنها بلا فائدة.

سَمِعَت صوتَ صُراخ غاضب جدًا يأتي من خلفِها، تراجعت تُلصق نفسها بالحائط بعيدًا عن هذه الفوضى فيما تُخفِض رأسها وتُغمِض عيناها.

فتحت عيناها عندما شعرت بأحدهم يحيطها بذراعيه ويلصقها بصدره، كانت تسمع صوت نبضات قلبه الثائرة.

فتحت عيناها ورفعت عيناها إلى من يحتويها بذراعيه الآمنين، كانت تعلم أنَّهُ هو لا أحد غيره وفقط رفعت عيناها إليه لتتأكد أنه هو حقًا.

-تشانيول!

همست بنبرة باكيّة، إنسابت دموعها وأخذت تشهق بينما تقبض علی قميصه بأظافرِها الطويلة.

تنهَّد وحتضنها برفق بين يديه حتی يُشعِرها بالأمان، رفعها عنه برِفق ثم أخذ يمسح علی شَعرِها بِلُطف، ثم همس بنبرة حانية.

-لا تخافي؛ أنا معك الآن وبجانبك؛ لذا توقفي عن البكاء!

لكنها لا تستطيع أن تتوقف بالفعل؛ لقد كانت مُرتعبة جداً خوفاً من أن يقدروا على إيذاءها بطريقة لا يُمكنها التعافي بعدها.

تنهد بقلق وضلَّ يُربِّت على ظهرها حتى هدأت أخيرًا، وما عادت تنشب بأظافرها على قميصه.

-قِفي بظهري ولا تخافي؛ حسنًا؟

أومأت له؛ فبادر بمسحِ دموعها ثم ربَّت على وجنتِها قبل أن يلتفِت إلى الشُّبان المُصابين.

أخرج سلاحه من على خصره أسفل السُّترة، ثم إلتفت إليهم وهم بدأوا يتوسلونه ويصرخون خوفًا.

نظر لهم بغضب؛ يود قتلهم فوراً، لكنه سيقدم لهم هدية بحجة القانون لاحقاً. رفع هاتفه واتصل بلوهان يوصيه بالقدوم مع دوريتين من رجال الشرطة، همس لها بينما يحتضنها بذراع والأخری تصوب المسدس نحوهم.

-من منهم قام بإيذائك؟

نظرت إليهم فيما تبدو خائفة، لولا وصول تشانيول ما كانت لتدري ما قد يحصل لها على إيديهم القذرة.

-جميعهم، لكن أحدهم أساء لي أكثر وأمسك بي.

نظر إليهم ثم صرخ بغضب.

-من منهم الذي تجرَّأ وفعل؟!

أثناء صراخه هذا فزع من هم في داخل المطعم ودخل لوهان الذي وصل سريعاً جداً، رفعت يدها تُشير إلی المقصود ثم تلكأت بخوفٍ شديد.

-هذا من فعل!

أبعدها عنه برفق، ثم تقدم مزمجراً بغضب نحو المقصود، الذي ينتفض بمكانه رعباً. لَكَمَ ذراعيه بكل قوته بينما يشتمه بغضب شديد حتی كسر كلتا ذراعيه، ودّ تكسير كل عظمة به، لكن لوهان أبعده بمساعدة رجال الشرطة.

سقط الآخر مُغشياً عليه لِشدة الألم، وتشانيول إرتفع عنه غصباً بسبب كومة الرجال الذي يتربصون به.

قميصه الذي كان مُنمقاً أصبح ممزق إلی نصفين، لا يعلم كيف ولا متی مزقه، عضلاته أصبحت مرأی العين، نافرة وبارزة، وجسده خفيف السُمّرة مُبلل بحبيبات العرق.

إلتفت إليها بوجوم فشهقت بخوف وقلبها نبض بعنف. كم بدی بأعين الجميع مُرعِباً حتی بأعين يورا شقيقته التي تراجعت للخلف بخوف، ولكن إضافة إلی مظهره المُرعِب إلا أنه بان مثير جداً.

إحتضنها مرة أخری؛ فلامست بشرة وجهها بشرة صدره، ابتلعت ريقها بجفاء وانساقت معه إلی الخارج بصمت. أخذ بيد يورا بينما يحتضن آري وطلب من لوهان أن يوصل مشترياتهن إلی المنزل بعد أن يتأكد من أن هؤلاء الشباب وصلو مركز الشرطة.

زلف من سيارته، فتصنمت آري بمكانها، وأبت من أن تتقدم أكثر، أنزل ذراعه التي تحيطها ثم همس عاقداً حاجبيه بأستفهام.

-لِمَ توقفتِ؟
هيا سأعيدك للقصر!

إتخذت سيارتها المركونة قريباً حُجّة أمامه فنبست دون أن تنظر إليه.

-سيارتي هنا، سأعود بها.

نفی برأسه كإجابة بهدوء، ثم حثَّها علی التقدم لكنها تشبثت بمكانها، إلتفت إليها عاقداً حاجبيه بإنزعاج.

-تقدمي!
لستُ متفرغ لكِ طوال اليوم!

ضحكت بسخرية، واستنكرت.

-تقول أنَّكَ لستَ مُتفرغًا لي بعدما إكتشف أنك تلاحقني وتراقبني بنفسك!

همس بحدة بينما يحاول السيطرة علی نفسه.

-اصعدي السيارة قبل أن أفقد رُشدي!

هتفت بقوة دون خوف أو تردد، تود الثأر لنفسها و كرامتها منه ولو لمرة يتيمة تشفي غليلها.

-قلتُ لكَ لا أريد، لا تدعني أصرخ بالشارع، واتهمك بأنَّك تتحرش بي، سيصدقني الجميع وقتها!

تبسم بسخرية ثم أردف بخفوت بعد أن عقد ذراعيه إلی صدره المكشوف.

-حقاً؟!

أومأت له عاقدة ذراعيها كما يفعل، أمسك جانبي رأسه يحاول السيطرة علی نفسه وعدم رد إستفزازها.

نظر إليها بغضب شديد، و عيناه تُحاكي الظلمة، ثم أومئ برأسه مهدداً بغضب، وكالخطف؛ رفعها علی كتفِه؛ لتعافر بكل قوتها فوق كتفه بينما تضرب ظهره بكفيها.

رمی بجسدها داخل سيارته في المقعد، الذي يجاوره، لتتأوه من الألم والغضب، وما إن همّت بالخروج سدَّ طريقها بجسده، ثم همس مُهدداً بحدة صاراً علی أسنانه ووجهه منقبض بغضب.

-حاولي يا آري أن تخرجي من السيارة حتی أقطع قدميك، وأعلقهما زينة بداخلها!

رفعت قدميها إلی الداخل بسرعة وإلا قطعهما بالفعل عندما أغلق باب السيارة ناحيتها بكل عزمه.



●●●

يُتبَع...

"مشروع مُصالحة"

ورد شائك|| Love Sickness

19th/Feb/2022

●●●