Report
Chapter One
Chapter Two
Chapter Three
Chapter Four
Chapter Five
Chapter six
Chapter Seven
Chapter Eight
Chapter Nine
Chapter Ten
Chapter Eleven
Chapter Twelve
Chapter Thirteen
Ch14|| حواء
Ch 15|| خليل الهان
CH 16|| أحكام
Ch17|| الحب و أشباهه
CH18|| فوضى مشاعر
CH19|| رعشة البتول
CH20||فرائس الحب
CH21|| فقدان الفردوس
CH22||حقوق ليست بمحلها
CH23|| تفرِقة
Ch24|| في قاع الحب
CH25|| إلى الهاوية
CH26||حب و جريمة
CH27||خالل الهان
CH28||أساس ركيك
CH29||مُبهم
CH30||صراع القلوب
CH31||الأعزب ليلاً
CH32||إنجلاء قِناع
CH33|| مذلة و نذالة
CH34||في الصفح و الحقد
CH35|| لا يتعظ
CH36|| عصيٌ على الطُهر
CH37|| هوّة
CH38|| حُب الرُّهبان
CH39|| إمرأة للبيع
CH40|| المرأة الثمينة
CH41|| من ضلع الكرامة
CH42|| ابن الهان
CH43||تَمسّ السماء بأناملها
CH44|| أزمة عاطفيّة
CH45|| بداية النهاية
CH46|| اللوتس
CH47|| قلبي يحبها
CH48|| عُقد النقص
CH49|| وعد
CH50|| أزمة ثقة
CH51|| إعتذارات ومعاذير
The End|| تُفّاح مُحرّم
CH43||تَمسّ السماء بأناملها
" تَمس السماء بأناملها"







صَنيع فِعلي، لطالما سمعتُ أنني مُلاقيه مُلاقيه، الحياة هكذا، عادلة إلى هذا الحد، ربما تقسو، تتجبر، ولكن النتيجة في النهاية دوماً ما تكون عادلة.

وأنا أدرك جيداً أن نهايتي هذه عادلة، أعلم أنني أستحق نهاية مأساوية تتناسب وشناعة أفعالي، فما زرعتُ إلا الظُلم، التجبّر، والعدوان، وكان زرعي هو حصادي.

سحري إنقلب عليّ ببساطة في النهاية...

الليلة وأنا أقف على طرف الجسر وشفير الموت، لا أدري كيف أصف نفسي، الكلمات مهما تعاضدت لا تصفني، لستُ أوهب نفسي للموت لأنني يائس أو لأن الحياة ظلمتني، بل لأنني ظلمتُ نفسي وظلمتُ من هم حولي.

ومتأخراً جداً أدركتُ هذا، في وقتِ لا ينفع فيه ندمي، ولا يمكنني فيه تصليح شيء.

حينما اتصل بي تيمين واعلمني بأن أوكتافيا رافعتني بالمحكمة بقضيتين، طلاق وحضانة، استيقظت، لا أدري لماذا، ولكن هذا ما حدث لي.

موت لارا لم يوقظني بل زادني جنوناً، حينها وجدتُ لنفسي درعاً كي أرفع اللوم عني فألقيته على أوكتافيا، اليوم أُلقيه على من؟!

زوجتي الأولى قتلتُها بين يديّ، والأخرى جعلتُها تقتل نفسها، ولم أنسى أنني حاولتُ قتلها بنفسي.

أنا سيء جداً ولا أستحق أن أحيى، إنني أدرك منذ زمن بعيد أنني سيء، ولكنني لم أرى بنفسي السوء الذي يحرمني حق الحياة، حق أساسي لا يحق لي أن أطالب به بعد الآن، لأنني إنتزعتُه من الكثيرين قبلي.

أنا الليلة أقف على الجسر، ليس لأنني أبحث عن الراحة بعد الموت، ولا لأنني سأفنى، أو انتظر أن أُبعَث من جديد، أنا الآن أعلم مِقدار سوء وجودي، وأموت لأترك غيري يعيش براحة بدوني.

أُريدُ لأوكتافيا أن تعيش حياة سعيدة من بعدي، تبدأ من جديد وتنساني وتنسى العُمر الذي ضيّعته معي، أريد لابنتي أن تكون سعيدة أيضاً، ولا أريدها أن تدري بحقيقة أي شيء قد يجعلها تكره نفسها وتكره من هم حولها، إن كان العيش في كذبة يضمن أن تعيش سعيدة فأنا أريدها أن تعيش في كذبة.

أود لو اعتذر لجيمين، وأتوسل إليه ليخرج نفسه من زنزانة الحب والخذلان التي وضعته بها، حاولت عدة مرات لكنني لم افلح، لستُ شجاعاً كفاية لمواجهته.

أود لو أفعل الكثير قبل رحيلي، لكن الأوان قد فات على الإصلاح، كما أنني لستُ شجاعاً كفاية لأواجههم، أفضل أن أهرب هكذا.

على عكس المدينة بأكملها، هذه البُقعة منها لا تَعُج بالحياة، إذ أنها رُقعة منحوسة وبائسة تناسب أمثالي فحسب.

إنها ليلة هادئة وساكنة، كذا مُعتِمة فالقمر اليوم لا ينير السماء، إنه مُختفٍ كُلياً، كما لو أنه يعطني تلميح بسوء قراري وداري بعد الموت.

لكنني قررتُ أنني مُلاقياً حسابي، أريد أن أبرئ من ذنبي، ولا تكون برائتي إلا بالموت.

نظرتُ في الماء أمامي، قُلت أن الهان نهر البؤس والموت، أنه نهر مُعانقيّ الموت أمثالي، يناسبني تماماً، منذ انه وحيدٌ مثلي، وقاتلٌ لم يُحاسب مثلي أيضاً.

صوت صفّارات الشُرطة من خلفي أنذرتني بنفاذ وقتي، فإما أموت ميتة واحدة ويحتضنني هذا النهر، وإما أموت ألف ميتة أُخرى قبل أن يضمني التُراب.

لكن الآن... الآن فرصتي سانحة، فالموت يناديني من جُب الماء ويناديني من ظهري، الشرطة عناصر بشريّة غير عاقلة، هم يشهرون عليّ بأسلحتهم، ويهددوني إن ما اعتدلتُ عن نيتي بقتل نفسي سيقتلوني بأسلحتهم.

حرّكت عنقي رغم أنه مُتصلِّب إلى الوراء ناحيتهم؛ وقع بصري على عدد من عناصر الشرطة، فتهكّمت.

" أنتم أغبياء حقاً، تحطون رقماً قياسيّ في الغباء!"

نهروني بعضهم وهددوني آخرون، واجهتُ الهان مجدداً وصممتُ سمعي عن أقاويلهم، أنا لستُ في موضع يسمح لأحد بتهديدي.

أغلقتُ عينيّ مُذُّ أن الوقت ينفذ مني، وإن ما قطعتهُ سيقطعني، استللتُ نفساً عميقاً وَسِعَ صدري، زفرتُ بهدوء، ثم فتحتُ عينيّ على حركة الموج، التي تنعكس في عينيّ عبر أضواء المدينة.

علي أن أتحلّى بالشجاعة للمرة الأخيرة، فإما أن أنقذ نفسي بالموت، وإلا أموت بألف طريقة أخرى، وأنا أفضل الموت ما دمت أريده ولا يسبقه عذاب.

هذه الماء، ستكون باردة فورما تمسّني، ربما أموت برداً قبل أن تخنقني، ستكون عليّ ثقيلة؛ فلو أصبحت روحي عليّ ثمينة؛ أنا لن أستطيع إنقاذ نفسي، ستسحبني المياه إلى جُب أعماقها، ولن أنجو لو حاولت.

فكّرتُ ملياً بطريقة الموت هذه، ليست سهلة، لكنها تناسبني، سريعة ولن تعذبني، لكن لا يمكنني النجاة منها بو أردت، وهذا أصل ما أُريد.

تناسبني هذه الميتة لأن هذا النهر يناسبني، يشبهني، إذ أنه مَقبرة مِثلي و لأمثالي، قد يكونوا - أمثالي- مُذنبين، قد يكونوا بريئين، لكنهم جميعاً تخلّوا عن الحياة بخيارهم الخاص، مثلي تماماً.

فَردتُ ذراعي في الهواء لأضم الموت في كُنفي ويضمني، أغمضتُ عينيّ منذ أن إرتطامي بالمياه لن يكون لطيفاً، ولا يصلح كمشهد أخير في حياتي، الظلام وحده يستحق أن يكون آخر مشهد أراه، منذ أنني قضيتُ حياتي كُلها بظلام.

" جونغ إن لا!!"

صوت صرخة ناعمة أتتني من خلفي، صرخة من صوتّ آلفه، أوقفتني صرختها عن مُلاقاة حتفي وتمسّكتُ بالجسر، إلتفت وإذ بها هي، أوكتافيا.

آخر من توقعت حضوره، ضحكت رغم أن الموت يعانقني، ضحكتُ رغم أن عينيّ مُبتلّة ورؤيتي لها مشوشة.

جيد! فلتراني أموت!

" يَحق لكِ أن تريني أُعانق الموت بعدما جعلتكِ تركضي لأحضانه، أشعر بغتةً بالسوء لا أعلم لماذا، سأتصرف وكأنكِ لم تأتي فلا تفوتي المشهد"

صرخت مِلئ حُنجرتها حينما مِلتُ بجذعي إلى المياه، وللمرة الثانية أوقفتني ولا أدري لِمَ أستمع لها، لا أريد أن يُعلّقني أحد بالحياة، لكنني أريد أن استمع لها، فأنا لم اوفر لها الفُرصة إطلاقاً، حملّتُها الذّنب وحدها بينما هو ذنب مشترك على كلينا.

" توقف!!"

اتبعت منذ أنني توقفت واستمعت لها، لا تمنحني الفرصة لأتجاهل كلامها وأمضي في رغبتي بالموت، ورغم أنها تستلّ أنفاسها بصعوبة كما يبدو لي تحدثت.

" لا يحق لكَ أن تقتل نفسك يا جونغ إن بعدما جعلتنا جميعاً نمر بكل هذه المصائب بسببك، بدلاً من الهروب عليك مواجهة أخطائك، وإلا فموتك لن يكون سوى عذاب لك، لا يحق لك أن تموت الآن!"

...

رفع رأسه إلى السماء المسودّة الليلة، فلقد صدف أن الليلة القمر مُختفٍ، أو لربما لم يصدف، فهو لا يستحق أن ينتهي مع شُعاع ضوء، مهما كان خافتاً.

تنهد ونزف قلبه دمعة.

" أعلم أنكِ تكرهيني، لذا على موتي أن يُسعدكِ، السجن سيفصلني عِدة سنين عن المجتمع، ثم بعدها لا أضمن أنني لن أعود عمّا كنتُ عليه، الموت سيفصلني عن الحياة للأبد، وسيجعلكم ترتاحوا من عِبئ شخص بلا منفعة لكم مثلي، ألا تظني ذلك؟!"

نَفت برأسها ولا تدري لِمَ تبكي، ليس خوفاً عليه ولا شفقة، بل لربما لأنها جرّبت ذلك الشعور، شعور أن تغوي الموت ليستحوذ عليك، كم هو صعب ومُرهق.

" لا، لا أظن ذلك، منذ أنك تملك أُناساً سيحزنهم موتك، فلا يحق لك أن تختار أن تموت"

تبسّم هازئاً.

" تلك فقط مظاهر، لا أحد يحب أحد في حدود حياتنا نحن"

لكن أوكتافيا تجاهلت كلماته، واتبعت تحاول إقناعه بكل الحُجج الواردة.

" ثم أن برقبتك طفلة، هل تظن أن توبتك تكمن في التخلي عنها؟! عوّضها ما دامت لا تفقه من شرور الدنيا شيء، عوّضها ما دُمتَ تستطيع"

أينع في قلبه شعور ثبّته في مكانه، فكّر قليلاً بابنته، مُهجة قلبه، هي غالية لوما إعتنى بها، هي غالية لوما إغتنى بها، تبقى مُضغة من لحمه.

بكى لأنه بعد كل شيء أب، أب رغم كل مسواءه، أب رغم كل فساده، إلتفت لها وبكى، الشجون شجّ صوته حينما رجاها.

" لن أوصيكِ بابنتي، فقط لا تجعليها تكرهني أرجوكِ!"

تقدمت أوكتافيا من الجسر أقرب إليه حينما واجه المياه بجسده مجدداً، والعزم يصيح في عينيه أنه يملك من الشجاعة ما يكفيه ليُلقي نفسه في أحضان الموت، ومن الجُبن ما يمنعه عن الإستمرار وتصليح ما فاته، ركضت إليه حينما مال جذعه.

" جونغ إن لا!!"

إنهارت أرضاً فور ما سقط بالمياه، ثم هبّت فرق الإنقاذ لإخراجه، لكن اوكتافيا إنهارت ارضاً بالفعل، فأن يعانقك الموت أسهل من أن تُعانقه.

لربما هو قد وصل مع نفسه إلى مرحلة اليأس، التي وصلت لها بسببه، شعرت الآن بالشفقة خصوصاً حينما رأت جسده ذابل كما لو أنه ميت منذ سنين، وبشرته زرقاء لشدة البرد.

إتكأت على سور الجسر وأخذت تنظر إليه من الأعلى، بكَت بجنون، بكت كما لا تفعل عادة، بجنون في داخلها، ولا صوت يخرج منها.

لكنها كانت ترتعد رغم أنها تشعر بالحرّ، تبكي رغم أنه لا يعزّ عليها جونغ إن بشخصه، إنهارت إنهياراً كامل، ثم بيكهيون الذي ظهر من العدم عانقها وجعل من سترته غطاء لها.

نقلته الإسعاف المُجهزة مسبقاً إلى المستشفى، وتأكدت أوكتافيا قُبيل مغادرته أن الموت صدّه عن كُنفه، ورفض معانقته، يضعه في الأمر الواقع، عليه مواجهة الحياة، وحصد زَرعه.

عادت أوكتافيا إلى شقتها ببدنٍ مُهتز، ولوما عون بيكهيون لسقطت عدة مرات قبل أن تصل الشقّة آمنة، ولجتها وتوجهت إلى غرفتها.

أغلقت الباب على نفسها، ومهما طرق بيكهيون لا ترد عليه، بيكهيون غادر بعد أن مسّه اليأس، ولبث في صالة المعيشة حتى تُقرر أن تخرج، وتكتفي من عُزلتها التي فرضتها على نفسها.

أوكتافيا هرعت إلى سريرها وارتمت عليه، دفنت وجهها بين الوسادات، وأخذت تبكي بجنون، الموت صعب وملاقاته أصعب، أمر يتطلب الكثير من الشجاعة واليأس.

يحزنها أن الحال وصل بالجميع إلى هذا الحد، ليت الزمن يعود لما كان عليه قبل عام، كانت الحياة جميلة، فيها ثغور، لكنها أضيق من طعنات الحياة اليوم.

جلست على الفراش، وضمت لارا الصغيرة إلى صدرها، الصغيرة أخذت تبكي منذ أن أمها التي تعرفها تبكي أيضاً، أرادت مواساتها فأخذت تبكي معها.

" أنا آسفة يا ابنتي، كل ما حدث لكِ بسببي، تسببتُ بموت والدتك، وبطريقة ما دفعت والدك للموت، أنا السبب في تشتت عائلتك، لا تسامحيني أرجوكِ، أنا استحق أن تكرهيني"

..........................

في مساء الفاجعة ذاته، جيمين كان في حُجرته الخاصّة يُصحح أوراق طُلّابه، وبعد عدد جيد من الأوراق وقعت بيده ورقة الطالبة بارك جيمين.

كان متشوقاً لمعرفة مدى تحصيلها، مُذُّ أنها فتاة بلسانٍ طويل، يود أن يعلم إن كان طول لسانها عن رجاحة عقل أو عن قُصر فهم.

خطّها مُرتب، أجوبتها كاملة، لا نُقصان فيها ولا زيادة، مقالتها جيّدة، لا أخطاء إملائية أو لغويّة، وذلك جعل صدره ينشرح بعض الشيء.

جيمين كأي أستاذ يسرّه أن يكونوا طلبته في مستوى جيد، وما كانت طالبته جيمين من هذه الناحية بالنسبة له إستثناء، هو فقط فهمها أكثر مُذُّ أنها الأكثر بروزاً بين طلبته في صفّه وخارج صفّه.

إيزابيلا طرقت عليه الباب فأذن لها بالدخول، دخلت إليه تحمل كوب قهوة لأجله، وضعتها على الطاولة أمامه ثم إستأذنته المغادرة، لكنه استوقفها.

" لا تخرجي، تفضلي بالجلوس"

أومأت إيزابيلا ثم جلست في الكرسي المُقابل له، لكنها أشاحت عنه بحرج فبصره مُعلق ببطنها الذي كبر على آخره.

" متى تلدي؟!"

أجابته مُحرَجة.

" في أي وقت، لقد دخلتُ شهري بالفعل"

حلّق حاجبي جيمين حينما استنكر بدهشة.

" ولِمَ لم تخبريني بالأمر؟! نحن لم نشتري شيء له بعد!"

إيزابيلا لجأت إلى النظر إليه أخيراً وقالت.

" كنتُ مُحرَجة من أن أخبرك، لستُ أحتاج الشيء الكثير بالمناسبة"

تنهد جيمين بأستياء ورمقها لبضع ثوان قبل أن يُتبع.

" لا داعي أن تخلقي بيننا حاجز تعامل، أنتِ ستصبحي زوجتي قريباً، اخبريني بما تحتاجينه على الدوام ولا تخجلي، أنا وأنتِ عائلة بعضنا الوحيدة"

أومأت ثم بانت على شفتيها إبتسامة خافتة حينما قالت.

" شكراً لك جيمين، سأتصرف على النحو الذي تُريد"

أومئ لها ثم قال.

" غداً بعدما أعود من المدرسة سنذهب معاً إلى المركز التجاري، لذا كوني جاهزة"

وفيما هو ردّ لإنشغاله بأوراق طُلّابه وصله إتصال، قبض حاجبيه بعُجمة ورفض أن يرد في البداية، لولا أن جونغ إن بدى مُصرًّا ولحوحًا كي يُجيب إتصاله فرد.

" ماذا تُريد؟!"

" عذراً، وجدنا اسمك الأول في قائمة إتصال هذا الهاتف، كيم جونغ إن حاول الإنتحار في نهر الهان ومنذ أن لا أحد من عائلته يدري بشأنه إتصلنا بأول رقم على قائمته"

وقعت الأوراق والقلم من يده بدهشة، وسارت في بدنه رَعشة جمّدت جسده.

" نعم، أنا أخوه، هل هو بخير؟! لم يمت، صحيح؟!"

" نعم سيدي، هو ما زال حي، ولإتمام إجراءات المُستشفى على أحد ما أن يكون وصيّه، تعال من فضلك إلى مستشفى سيؤل الجامعي"

أغلق جيمين الخط ونهض سريعاً إلى حيث أخاه يكون، لم يَجب أسئلة إيزابيلا حول خروجه بشكل مفاجئ في وقت متأخر من الليل كهذا.

وبينما جيمين في طريقه إلى المستشفى اتصل بتيمين وبلّغه بالفاجعة، ركض جيمين في أروقة المستشفى حتى يصل أخيه، ادركه في غرفة الطوارئ، لذا جيمين وقف خارجاً بإنتظار أي خبر يجعل من فزعه يتهاوى ونفسه ترتاح.

أثناء إنتظاره وصل تيمين ووالداه.

" ماذا حدث؟!"

نفى جيمين يُجيب أخيه ثم قال.

" لا أدري تفاصيل الحَدث، اتصلوا بي واخبروني بأنه حاول الإنتحار بمياه الهان، هذا كل ما أعرفه"

لبثوا جميعاً أمام باب غرفة الطوارئ بإنتظار أن يخرج أحد الأطباء إليهم، وبعد حين خرج إحدى الأطباء لهم فتجمهر الأربعة من حوله.

" هو بخير، تعرض لصدمة نفسيّة، كما أن جسده ضغيف جداً، لكنه بخير بشكل عام"

أخرجوه على سرير، ولم يكن من المفاجئ وجود أصفاد تعلق يده بالسرير، تيمين إقترب من باب غرفته يود الدخول لكن الشرطة منعوه، وحينما وصل المُحقق المسؤول منع عليه زيارة أحد، ذلك ما جعلهم يطمأنوا عليه ثم غادروا.

لكن أيٌ منهم نفسه لم ترتاح، كلهم قلقون، تيمين تولّى إجراءات المستشفى، جيمين أعاد أمه إلى المنزل، والسيد كيم أعلن عن إجتماع عاجل للمكتب القانوني في الشركة، لتعيين نُخبة من المحاميين المتخصصين للدفاع عنه حينما يمثل أمام القاضي في المحكمة.

............................

مرّت الأيام متوالية فيما بعد، خرج جونغ إن من المستشفى إلى السجن في القسم المسؤول مؤقتاً حتى يَمثل أمام المحكمة.

وأما أوكتافيا فتولّت أمور حياتها فيما بعد، إستخلصت من ثروتها ما استطاعت عليه، وأعدت لنفسها مكانًا جديدًا خارج البلاد، تستوقفها فقط المحكمة.

واليوم هو اليوم الذي تنتظر، فاليوم سيقرر القاضي إنفصالها من عدمه بجونغ إن، وردها علماً أن جونغ إن يتمسك بها ويرفض الطلاق، وذلك ما يجعلها مُضطرة للمثول أمام القاضي في المحكمة مع محاميها والتأكيد على رغبتها في الطلاق ورفضها لأي مفاوضات في مثل هذه الحالات.

أودعت الصغيرة لارا لدى نايون حتى تنتهي من مُحاكمة اليوم، وبيكهيون رافقها، ولا؛ العلاقة بينها وبين بيكهيون لم تتحسن، ولن تُثمر مهما جدّ بيكهيون على زرع جديد في تُربة علاقتهما العقيم.

دخلت قاعة المحكمة، وبلغها من محاميها أن جونغ إن في الداخل بالفعل، ومُقيّد لذا لا داعي أن تخاف أو تتوتر.

جلست إلى جانب مُحاميها في رُقعة الإدعاء، يُقابلها جونغ إن مُهندَم ببدلة رسميّة فاخرة لكنه مُكبّل بأصفاد في معصميه.

النظر إليه وهو على هذه الحال لم يهزّها، ولم يثير فيها أي نوع من المشاعر ناحيته، كالتشفيّ مثلاً أو حتى الشفقة، فقط عاملته كغريب.

دخل القاضي فوقف الجميع إحتراماً لحضوره مع أعضاء هيئة المحلفين الذي يرافقونه، جلسوا جميعاً بعدما أعلن عن بدأ الجلسة، وبدأ محامي أوكتافيا المُرافعة يطالب بالطلاق مُدللاً بعدم كفاءة جونغ إن كزوج، جرائمه التي ارتكبها بحقها، وسجله الإجرامي والمَرضي الذي يكفي ليحسم موقف هذه القضية لصالحها.

لكن القاضي حينما سأل جونغ إن إن كان يرغب في الطلاق أيضاً، هو نفى برأسه وعينيه منذ بداية المُرافعة لم ترتفع عنها، لذا ترقرقت إثر جفاف في عينيه، أو جفاف في قلبه، وحده يدري.

" أدري أن المحكمة تقف في صفها في هكذا موقف، وأدري أنني لا أستحقها في حياتي، وأنها كثيرة عليّ، لكن لو تُمهلني فرصة أخيرة، أعدها بأنني سأكون أفضل، وأعود رجلاً جديداً، أنا لا أريد أن أُطلّقها"

بعدما سمع القاضي رأي جونغ إن في المسألة تريث في إطلاق الحُكم، وتوارى بزملائه خارج القاعة لمناقشة الحُكم.

وفي ظِل غياب القاضي، بيكهيون من بين جميع الحضور؛ نهض من مكانه وصاح بجونغ إن غاضباً.

" أهذه لعبة جديدة تلعبها أيها الماجن؟! تحاول إستعطافها لصالحك بهذه الطريقة المبتذلة، من تظن سيصدقك والجميع يعلم أنك كذّاب مُخادع لا تؤتمن حتى على عِرضك أيها السافل؟!"

لجؤا بعض من رجال الشرطة إلى القوّة لإخراج بيكهيون من القاعة المحكمة، ولأن الجو إحتدّ وزاد الإحماء؛ اوكتافيا في محلها دعكت صدغيها تحاول أن تُسيطر على نفسها، ثم لاحظت أن يداها أخذت ترتجف فضمتهما في حِجرها.

إنها تشعر بالخوف والتوتر، كلمات جونغ إن القليلة يستحيل أن تستعطف القُضاة كفاية لدرجة لا يمنحونها رغبتها في الإنفصال عنه، هذا ما تتمناه.

شعرت بأحدهم يناديها، وحينما نظرت بين الحضور تتقفى مصدر الصوت رأت الطبيب زانغ بينهم، إبتسم لها ورفع قبضته يُشجّعها أن تبقى قويّة.

إبتسمت له أوكتافيا بخفّة وأومأت، ثم استلّت نفساً من جُب صدرها، وخطأً وقع بصرها على جونغ إن، عيناه حمراوتان، يرمقها بنظرات يكسوها الغضب والحزن معاً، ويبكي قهراً.

لقد خسر إمرأته بالفعل، هذا ما فكر به حينذاك...

دخل القُضاة من جديد، وتولى كل واحد منهم مقعده، ثم رئيسهم نطق.

" قررت المحكمة حضورياً بالحُكم لصالح المُدَّعي والموافقة على طلب الطلاق"

تبسّمت أوكتافيا ثم شهقت تكتم ضحكتها بقوة، لم تشعر بهذا القدر من السعادة منذ زمن بعيد، منذ أن كانت طالبة جامعية محفوفة بالسعادة، نظرت ناحية كاي فوجدته ينظر أسفلاً ولا يُحرّك عضلاً فقط عَبر هدوئه يَحزن.

خرج القاضي، ثم تولّى عناصرٌ من الشُرطة إخراج جونغ إن من القاعة، لكنه توقف قِبالة أوكتافيا يفصلها عنه مسافة أمان لها، همس ببضع كلمات ثم ساير حركة الشرطة الذين يسحبونه خارجاً.

" أنتِ الآن حُرّة مني، مُبارك لكِ، أرجو أن تعيشي بسعادة!"

لم تستطع أن ترد، فقط رمقته بلا تعابير حتى غادر مع الشُرطة، وفجأة هبّ عليها بيكهيون لإحتضانها وتقديم تبريكاته، إستقبلته ببرود، إذ أن ذراعيها ما إلتفتا حول جذعه، وكُنفها صدّه، كما لم ترد على تبريكاته، لذا انسحب مُحرجاً.

الطبيب زانغ آتى بعدما تراجع بيكهيون، ووقف بمحاذاتها يحتفظ بمسافة بينهما، الطبيب أقبل عليها يحمل على شفتيه إبتسامته الساحرة.

مدّ يده لها فصافحته، ثم بيده الأخرى تمسّك بيدها وقال مبتسماً.

" مبارك لكِ حُريتكِ بيون أوكتافيا، أنتِ أصبحتِ الآن مُتاحة!"

تبسّمت بحرج منذ أن الجميع ينظر وزجرته بنظرة أن يصمت، ولكنه الطبيب زانغ، شجاع أينما كان.

أقبل تيمين من بعده وهو أيضاً يحمل إبتسامة، وبعد تنهيدة قال.

" لا أدري إن وجب علي أن أكون سعيد لأنكِ حُرّة، أما أحزن لأننا فقدنا إمرأة ثمينة من عائلتنا، على كل حال؛ مبارك لكِ"

صافحها وردت تبتسم بود.

" أنت ضمن عائلتي مُذُّ أن عرفتك، وستبقى للأبد بمثابة أخي"

بغتةً وقع بصرها على جيمين، تلاقت نظراتهما، كان يرمقها بنظراته الباردة المُعتادة، وترمقه بالحنين المُعتاد، ثم بادر هو بالمغادرة أولاً، إزدرئت أوكتافيا جوفها تستجمع شتاتها  ثم نظرت إلى تيمين تسأله.

" جيمين هنا! ما الذي أتى به؟!"

حرّك تيمين كتفيه بجهل لا يملك إجابة، أو أنه يتحفّظ عليها.

....................

دخلت أوكتافيا إلى صدر المطعم تبحث بنظرها عن الطبيب زانغ، في الأمس بعث لها رسالة إلى هاتفها بعنوان المطعم هذا؛ يُخبرها بأنه يود لقائها فيه خلال هذه الساعة المسائية لمناقشة النزعة العاطفيّة بينهما.

النادل ساعد أوكتافيا كي تَعثُر على الطبيب بين الطاولات، رفع الطبيب يده فور ما رآها وابتسم كعادته عند رؤياها، تقدمت منه وابتسمت، صافحته ثم جلست بصُحبته على الطاولة.

" كيف تمضين أيامكِ؟!"

شبكت أصابعها على الطاولة أمامها، ثم قالت.

" في الكثير من الأمور، ماذا عنك؟!"

أخذ يُحرّك سبابته على فوهة الكأس وابتسم.

" اُنظم موعد رحيلي"

أومأت أوكتافيا بتفهم.

" متى ستغادر؟"

" غداً"

قضمت شفتاها وأمات بصمت، حينها الطبيب استطرد.

" بما أنني سأُغادر، هل فكرتِ بنا؟!"

لم تواجهه حينما أجابته، بل نظرت في الكأس أمامها وقالت.

" لم يكن بمُتّسعي أن أفكر بنا، أحتاج المزيد من الوقت"

ورغم أستياء الطبيب إلا أن إنزعاجه لم ينجلي على ملامحه، ثم أوكتافيا تسآلت.

" بما أنك ستُغادر فأنت ستأخذ أخاك معك، أليس كذلك؟!"

أومئ.

" نعم، سيتعالج من إدمان الكحول والمخدرات في مركز تأهيل تابع لإدارتي، سأضمن شفاءه ما دام تحت رقابتي، ألم تعلمي ما الجديد في قضية جونغ إن؟!"

نفت.

" بيد أني مشغولة بأموري الخاصة ورعاية ابنتي فلم أهتم بشؤون الآخرين"

أومئ الطبيب مُتفهماً ثم قال.

" بشأن قضية المخدرات؛ فهو وأخي وصديقهما الثالث نالوا نفس الحكم، عليهم أن يتعالجوا ثم  حُكِمو بالسجن لمدة عامين، أما أفعال جونغ إن اللاحقة؛ كمحاولته قتلكِ ومحاولته بيعكِ؛ فهي تندرج أسفل بند العفو، بما أنه قام بهذه الأفعال تحت تأثير المخدرات"

أومأت اوكتافيا ثم تنهدت، وقد بان الأستياء في وجهها، وبما أنه أبدت تعبيراً ممتعضاً تسآل الطبيب.

" أليس الحُكم عادلاً كفاية بنظرك؟!"

حركت كتفيها بجهل وأجابت.

" لستُ اهتم، طالما هو خارج إطار حياتي فما يحدث معه لا يخصني، سجنه أو العفو عنه لن يرد لي ما ضاع مني، لن أفكر في هذا الأمر مليّاً"

زحفت يد يشينغ إلى يدها فوق الطاولة حتى تمسّك بها ونظرت إليه.

" لكن فكّري بنا، حسناً؟!"

غشى الخجل ملامحها وأومأت له، حينها إبتسم وغمّازته في منتصف وجنته لمعت.

...

في اليوم التالي، موعد طائرة الطبيب زانغ كانت في التاسعة صباحاً، وصل المطار يحمل حقيبته الوحيدة، تلفّت حوله كثيراً ونظر ناحية المدخل، فربما تأتي وتودعه، بيد أنه على الأرجح لن يراها ثانيةً.

لكنها لم تأتي لتوديعه، انتظر حتى النداء الأخير للطائرة ولم تأتي، حمل الطبيب حقيبته وتهكّم من نفسه بإبتسامة، لِمَ ستأتي لتوديعه وهو ليس شخصًا مُميّزًا بالنسبةِ لها؟!

تبيّن له أن رجلًا حالمًا رغم العُمر والرُشد، تلك مشاعر صبيانيّة، عليها ألا تراوده.

صعد على متن الطائرة واستقل مقعده إلى جانب النافذة، كان ينظر عبر النافذة، يودّع هذه الأرض التي علّمته معنى الحب.

فلقد عاش حياة عمليّة تتمثل في المستشفى وبين المرضى، دخول أوكتافيا حياته كان كالطَفرة على مشاعره وأسلوب معيشته، الآن يشعر بالنقص لمجرد أنه لا يراها، هو الرجل الذي لم يعزّ عليه غياب أحد من قبل.

شعر بوشوشة تأتيه من مُحاذاته، إنزعج مُحياه، وإلتف ليؤنب جاره، لكن ملامحه انشرحت فور ما رأى وجهها المُنشرح قِبالته.

" كنتُ شاكرة بأنكَ لم تسألني عن أي بلد سأهاجر إليها في الأمس"

ارتفعا حاجبيه بدهشة وتخبط الكَلم عند شفتيه، حتى استجمع نفسه أشار إليها وتسآل.

" تُهاجري إلى الصين؟!"

أومأت ثم ضحكت لرد فعله المصدوم.

" تعلم، لار تحتاج العلاج وإجراء العملية لإستعادة سمعها، وأنا لا أثق بسواك في هذا المجال، كما أنني أملك بعض الأمور في بكّين، سأهاجر إلى هناك"

إلتف عنها يشينغ يخبئ فاهه أسفل قبضته، لكن على من يُخفي إبتسامته؟!
شفتاه تضحك وغمّازته تفضحه.

الآن يشينغ يفكر بأنه أخيراً إمتلك الفُرصة لنيل قلبها، هو سعيد بأنها تمنحه هذه الفرصة، بأنها ستكون قريبة حتى لو ما أثمرت هذه الفرصة بعلاقة عاطفية ناجحة.

.......................

مُنذُ أن صانع المشاكل جونغ إن محبوسٌ في المصّحة لتلقي العلاج الذي يلزم، كما أن أوكتافيا اخذت لارا الصغيرة بعد موافقة الجميع، وهاجرت بها إلى الصين كما ورد جيمين علماً فقد أصبح الوضع أفضل.

الأمور بشكلٍ عام أصبحت أكثر هدوءًا، والحياة تميل إلى الموجة العادية، وكما يثق جيمين؛ فأوكتافيا إلتزمت بوعدها، وكل يوم تبعث صورة للارا إلى جيمين، تخبره فيها عن مُستجدات علاجها.

وعلى هذا الحال مرّ أسبوعان...

وأما بشأن حاله الخاص؛ فجيمين تحدث مع تيمين مجدداً لأجل إجراءات الزواج، بينما إيزابيلا توشك على الولادة.

وتماشياً مع رغبة إيزابيلا، فتجهيزات الطفل كانت غير مُكلِفة وقليلة جداً، رغم رفض جيمين في البداية، لكنه رضيّ منذ أنها تشعر بالحرج.

نَسيَّ جيمين او تناسى أن عَقبة ضَحِلة -كبيكهيون مثلاً- ستواجه خططه وتُعرقلها.

اليوم؛ وبينما جيمين يلقي درسه على طُلّابه، توالت إتصالات من إيزابيلا، وكلما رفض الإتصال إتصلت مجدداً.

تعذّر من طُلّابه وقرر أن يجيب، وضع أقلامه جانباً على الطاولة وأجاب، لكن سرعان ما سمع بكاء إيزابيلا واستغاثتها.

" جيمين إنني أَلِد، أرجوك تعال!"

تناول أغراضه من على الطاولة بسرعة وقال على مسامع طَلبته.

" سأتصل بالإسعاف وآتي لكِ فوراً!"

خرج من صفه مهرولاً، يترك طلابه في حالة ذهول، خصوصاً جيمين التي إحتلّت الكآبة وجهها.

وفي طريقه إلى الشِقّة؛ اتصلت به إيزابيلا مجدداً، وأعلمته بأن الأسعاف نقلها إلى المستشفى، ومن منتصف الطريق تحرك إلى المُستشفى المقصودة.

ركض في أروقة المُستشفى بعدما توقف أمام مكتب الإستعلامات وانطلق إلى قسم الولادة، لكن ما فاجئه عندما وصل أن بيكهيون أمام بوابة قِسم الولادة ينتظر.

تقدم جيمين منه محموماً بالغضب، فهو قَلِق، ورؤية بيكهيون في مثل هذا التوقيت ما صبّ في صالحه، فجيمين قلق جداً لدرجة الغضب، وهو بحاجة لأن يفرغ غضبه بأحد، ولو أفرغه بعدوه الأول في قائمته الجديدة؛ سيكون سعيد.

إذ اقترب منه، وكمش على تلابيب قميصه، يُقيمه من جلوسه وهسهس قرب وجهه.

" ماذا تفعل هنا أنت؟!"

قبض بيكهيون على معصميه، ودفع به بعيداً عنه ثم قال.

" أنتظر أن تَلِد إمرأتي بمولودي، أنا من وَجب عليه أن يسأل هذا السؤال؟! أنت ماذا تفعل هنا؟!"

إنحلّت قبضه جيمين وتراخت ملامحه، إذ رمق بيكهيون مُتفاجئًا وقال.

" أنتَ كيف حكمت أنه ابنك؟!"

تبسّم بيكهيون ساخراً وأجاب.

" سيحكم الحمض النووي بيننا، أليست إيزابيلا هي ذاتها بيول؟"

ارتفع حاجب بيكهيون، ثم ضحك بخفة يحك ذقنه بأطراف أصابعه وقال.

" كان الشبه بين الأثنتين يُحيرني، لكن تنافر الشخصيتين يشككني بتحرّياتي، لكن حدث وأن ثَبَتَ لي أن بيول هي إيزابيلا، وعلى هذا الحُكم فالطفل ابني، وأنت خارج اللُعبة"

تقرّب بيكهيون من جيمين ونبس بتحدٍ.

" لأنني سأتزوجها واحتضن طفلي"

ثم وكز بسبابته صدر جيمين واتبع.

" وإما أنت فلا تَلم أحد على أختياراتك الخاطئة، لُم نفسك فقط، لا يصح أن تأخذ إمرأة رجل آخر"

بانت على شفتيه إبتسامة متشفيّة حينما اتبع.

" لا تُقلّد أخاك في مساوئه، لأنني لستُ أنت، لن أنظر إليك تسلبني إمرأتي ولا أفعل شيئًا"

تهكّم جيمين بإبتسامة بعدما طال صمته، ثم قال ينظر في وجه بيكهيون متحدٍ.

" بما أنك الآن تعلم الحقيقة فلنتكلم بوضوح سيد بيون بيكهيون"

أشار جيمين إلى نفسه ورفع حاجبه.

" أنا لم أسرق المرأة التي من المُفترض أن تكون لك، هي لجأت لي واحتمت بي منك، ماذا تظن في ذلك؟!"

تنهد بيكهيون مُستاءً وأشاح عنه إلا أن جيمين لا يملك نيّة بالتوقف.

" أنا خيّرتُها بيني وبينك، أخبرتها أنها تستطيع العودة إليك لو أرادت أو البقاء معي، وأنني سأحترم أختيارها مهما كان، وهي اختارتني عنك"

تَلى ذلك أن ضحك جيمين بفتور وأتبع.

" أن يكون الطفل منك لا يعني أن أمه تنتمي إليك، إيزابيلا تنتمي إليّ بأختيارها"

ثم فرد جيمين ذراعه نحو المَخرَج وقال.

" والآن؛ أفهمت أنك لا تملك شيء هنا؟! "

" لذا غادر!"

بيكهيون رمق جيمين بإمتعاظ شديد وبدل أن يبتعد إقترب منه وقال.

" يَسرّني أن أعلمك أن أختيار إيزابيلا لك غير مهم على الإطلاق، نحن يحدد مصيرنا سعر السهم في البورصة، لا أختيارها ولا مشاعرها."

تبسّم بيكهيون وأوجز.

" سآخذها، وأنت تنظر، ولن تستطيع فعل شيء"

وبعد كلماته التي تحوي نَشب معركة، إلتف بيكهيون وغادر، وأوصى تابعاً أن يعلمه مستجدات حالة إيزابيلا.

هذا ليس المجتمع الذي يتزوج لأنه يُحب، يرتبط برغبات عاطفية، هذه الطبقة الأُرُستقراطية، يتزوج الرجل لينمو ماله، لا لتنمو سعادته.

خبر كهذا لوالدها سينهي هذه المعركة وهو سيربحها، إيزابيلا لهُ له، ولن تكون إمرأة رجل غيره، هكذا قُدّر لهما.

جيمين حيث بقي كان يزفر ناراً من جوفه لشدة الغضب، لكن ما بوِسعه فعل شيء حتى يطمأن على سلامة إيزابيلا وطفلها.

وبينما هو في الإنتظار وحيداً؛ تفاجئ وصول تيمين بزوجته إلى مساحته، إذ جلس تيمين بجانبه وربّت على كتفه، ونايون بقلق خاطبته.

" جيمين، أخبرني، كيف حالها؟!"

نفى جيمين برأسه وبعد تنهيدة أجاب.

" لا أدري في الحقيقة يا نايون، لم أسمع عنها شيء منذ أن وصلت"

وهكذا غابت الشمس وهم في الإنتظار، حتى طلائع الصُبح الأولى خرجت طبيبتها الخاصة تبتسم مُستبشرة، إلتفّوا من حولها ليسمعوا إعلانها فقالت.

" إيزابيلا أنجبت صبياً، هي بخير والطفل بخير، سننقلهما إلى غرفتها الخاصّة ثم سنأتي للمُعاينة"

رغم أن الطفل ليس من نِطافه، إلا أن جيمين ضحك مُستبشراً وصرخت الفرحة في وجهه، عانقه تيمين وبارك له الطفل.

الكل كان سعيد حتى بيكهيون حينما تلقى إتصالًا من تابعه يخبره أن إيزابيلا أنجبت صبياً وهما بخير، كان سعيد.

ولكن بغرابة شعر بشعور شديد، رغبة قويّة تحثه على الذهاب إلى المستشفى واحتضان طفله إلى أضلعه، هو بشكل مفاجئ وبلا تحضيرات عاطفية مُسبقة أصبح أب، ولكنه ما زال سعيداً، ويطمح كثيراً لرؤية صغيره.

.....................


في الصباح الباكر؛ أجازت الطبيبة لذويّ إيزابيلا برؤيتها، جيمين كان أول الداخلين لها، تلاه تيمين ونايون، كانت إيزابيلا مُستيقظة وتضع طفلها على صدرها، تنظر في ملامحه التي لم ترتسم بوضوح بعد.

آتى جيمين إليها وجلس بجوارها على طرف السرير، نظر في وجه الصغير وابتسم ثم طبع قبلة خفيفة على جبهة إيزابيلا.

" حمداً لله على سلامتكِ"

أومأت تبتسم.

" شكراً لك"

إقترب تيمين يعقد يده بيد زوجته وبارك لها.

" مبارك الطفل، ماذا ستسمينه؟!"

نظرت إيزابيلا إلى جيمين وهمست.

" سأسميه جيمين تيمنًا بالرجل الذي أنقذ حياته وانقذني"

حرك جيمين رأسه مُعترضاً وفغر ثغره ليتحدث لكن إيزابيلا تمسّكت بيده وقالت.

" شكراً لك، لولاك لما احتضنت ابني هكذا، لولاك لكنتُ أعيش في ضنك"

تبسّم جيمين ومسح على رأس الطفل بلطف، ثم نهض حينما ناداه تيمين إلى الخارج، جلست نايون بجانب إيزابيلا وقالت.

" الآن ماذا سيحدث؟! هل ستتزوجي بجيمين؟!"

استنهكت إيزابيلا بالتفكير وأزفرت عن تنهيدة، إن تزوجت بجيمين فهو سيكون ضمن صراع أبدي مع بيكهيون، ستظلمه.

عودة إلى وقت الظهيرة من يوم الأمس قبل ساعة المخاض.

إيزابيلا حينها كانت تنظر في الشِقّة هنا وهناك، توظب المنزل وتحضّر وجبة الغداء لأجل جيمين حينما يعود من المدرسة، فهو يعود مُنهَك وصوته مبحوح.

حينما طُرق باب المنزل ظنّته جيمين رغم أن وقت عودته ليس الآن، لكن منذ أن لا أحد يأتي الشِقّة سواه فما كانت تظن أن الطارق قد يكون غيره.

لذا فتحت الباب بملامح بشوشة، ولكن فور ما رأت الرجل الذي يُهيمن على إطار الباب بوقفته وينظر في عينيها بلا لطف عَبست.

تراجعت لتغلق الباب في وجهه، لكنه صدّها بيده، ثم دفع الباب ليدخل، وعلى إثر دفعته تراجعت عدة خطوات قبل أن تستعيد توازنها مجدداً.

" ماذا تريد؟!"

بيكهيون جال ببصره في ملامح الشِقّة الظاهرة في عينيه قبل أن يرسو بنظره عليها، تقرّب منها وتراجعت عنه.

" ماذا تحبين أن أناديكِ أولاً، إيزابيلا أم بيول؟!"

شهقت إيزابيلا فاستضحك متهكماً وعلّق.

" يا لكِ من إمرأة ماكرة!"

إزدرئت إيزابيلا جوفها ورفعت كفيها تبغي صَدّه، منذ أنه يواصل التقدم منها، وتواصل التراجع عنه.

" لستُ أدري عمّا تتحدث، جيمين سيعود قريباً، ولو رآك هنا سينشب بينكما شجارًا، لذا غادر من فضلك!"

ضحك بيكهيون منذ أن تزعزع صوتها والذعر المرسوم على ملامحها يثير سُخريته، استنكر وقد حلق حاجبه، وانتهى بها الأمر محاصرة بين ذراعيه ضد الحائط.

" الاولى بكِ أن تخافي على نفسكِ الآن"

تحسس بطنها براحته فنشزت من أسفل يده وحاولت أن تبتعد.

" أتركني واخرج، لا تلمسني!"

بيكهيون نظر في عينيها بعدما حدّق في بطنها كفاية.

" هذا الطفل هنا ابني، مني أنا"

صمتت منذ أنها لا تملك جوابًا ترد به عليه، حينها إقترب بوجهه منها، وبما أن نظره عالق على شفتيها إيزابيلا فهمت ما يريد.

دفعته من صدره بعيداً عنها وصاحت به.

" إن هو ابنك، لا يعني أنني إمرأتك، أنا حُرّة منك ما دمتُ أريد، على عكس ظنونك؛ ابني لن يُقيدني بك، منذ أنك تخليت عنّا من البداية، لا تُطالب بنا الآن، أنا وابني نملك رجلًا آخر"

الكلمات أغضبته، ونبرة الكره والتحقير في صوتها حفّزته ليكون الرجل الأسوء في هذه الساحة، أن يخرج أسوء ما فيه.

إذ تقرب منها وقبض على ذراعيها بين يديه، شدّها إليه ونبس.

" دور الضحية لا يناسبك، فلا تحاولي أن تلعبيه، ليس وكأنني أعتديتُ عليكِ أو تعرفتُ عليكِ وأنكرتكِ لاحقاً، أنتِ من تسترتِ على هويتكِ"

نفضته عنها حينما دفعته وصرخت به.

" أنت من تسبب بما أنا فيه الآن، أنت فوراً شككت بي، بسببك عائلتي تخلّت عني، فماذا تتوقع مني؟! أن أركض إلى أحضانك؟! إنك لرجل حالم إذن!"

فاجئها رده جداً، لدرجة أنها لثوان تجمدت قبل أن تحرك يديها لمقاومته، منذ أن لسانه صمت عن الكلام وشفتيه عَبّرت بطرقها الخاصّة.

كان يقبلها لا بشغف ولا بحب، بل بغضب وعِقاب، أدمى شفتيها حتى تحررت منها، ثم صفعة قاسية هبطت على وجنته وصرخت في وجهه.

" اخرج من هنا فوراً!"

مسح على شفتيه يبتسم ثم إلتف مغادراً، لهول ما فعل بها وما واجهته منه ضمن هذه الأوقات شعرت بالألم يغزو حوضها، فصرخت تنحني بجذعها وتتمسك به.

عودة إلى الحاضر...

كان جيمين لدى إيزابيلا بعد رحيل تيمين ونايون، سبق واتصل بالمدرسة، وأخبرهم انه لا يستطيع الحضور اليوم.

فما أمر أهم بالنسبة له الآن من حماية إيزابيلا والعناية بها، منذ أن بيكهيون أصبح عليهما تهديداً مجدداً.

المُفاجئ أن في ساعة ما بعد الظهر أحدهم إقتحم عليهما الغُرفة إقتحاماً، شهقت إيزابيلا وضمّت طفلها إلى صدرها، أما جيمين فأخفى إيزابيلا بظهره ووقف للمواجهة.

بيكهيون تهكّم ببسمة يضع كفيه في جيوب بنطاله، ومن خلفه ظهرت السيدة بيون والدة إيزابيلا ثم ولج والدها.

إيزابيلا لفرط الخوف كادت أن تنهض، لكن جيمين أمسك بيدها وقرّبها منه تحتمي بظهره، وفي وجوههم تحدث مُستاءً من حضوره.

" ما الذي جاء بكم إلى هنا؟!"

تحدث السيد بيون.

" بلغني أنني حصلتُ على حفيد"

إبتسم الكَهِل ثم اتبع يشير إلى بيكهيون.

" وبلغني أنه ابن بيكهيون، منذ أنها تصرّفت بعُهر لإغواءه وحملت منه"

جيمين نظر إلى بيكهيون قبل أن يعود بنظره إلى الكهل يقول.

" وماذا إذن؟! ماذا تريد؟!"

تقدم الرجل من جيمين وربّت على كتفيه قبل أن يقول.

" بصدد تصرفك النبيل معها في حمايتها ورعايتها أثناء غيابنا وتخلينا عن مسؤوليتنا اتجاهها؛ أدركتُ انك رجلٌ ثمين تؤتمن، لكنها لا ينفع أن تكون لك، فالطفل من نَسب بيون النقي، ونحن لا يمكن أن نضحي بوريث العائلة، كما لا يمكن أن يُنسَب الطفل لغير أهله، والأهم لا يمكن أن نسمح بإثارة فضيحة تهزّ قوانا بين العامّة، لذا بُني تراجع واتركنا نأخذها بوِد"

شعر بإيزابيلا تتمسك بكُم قميصه، تفهمه أنها ترفض، جيمين أمسك بيدها في راحته وقال.

" لولا أنه من نسبكم لتخليتم عنهما للأبد، الآن تجاهلوا معرفتكم بالحقيقة وغادروا قبل أن أحدث لكم جلبة تهز أقدامكم بين العامة بالفعل"

صفق بيكهيون بيديه، فولج عدة رجال من حرس العائلة ،حينها بيكهيون فرد ذراعيه وقال مُنتصراً.

" أخشى أنني لا أهتم!"

...............................



سلاااااام♥️

كيف حالكم؟! مضى أكثر من الوقت المفترض، لا تلوموني انتو الي ما اوفيتو بالشرط.

بس بالنسبة لي،أفضل أنو الشرط ما يكتمل على أنو تكتمل خانة التعليقات بالملصقات، بتعب وانا احذفهم لهيك لا تحطوهم، وطبعا نشكر صفاء الي حققت الشرط، لولاها لاستنيتوا أكثر😂😂

طبعاً ملاحظين أنو شوي أسلوبي متغير، ما عدت اكتب بالطريقة السابقة، وما بعرف اذا هيك احسن ولا لا؟!

المهم؛ الرواية للنهاية تخلّت عن الهدوء، ما عاد في هدوء الفصول السابقة، الأحداث المشحونة هنا بالفعل.

لهيك ورجوني انكم متشوقين وتفاعلوا، التعليقات الي تتكون من ملصقات رح احذفها.

الفصل القادم بعد 100 فوت و 400 كومنت.

1.رأيكم باوكتافيا؟!

2.رأيكم بالطبيب زانغ؟!

3.رأيكم بجونغ إن؟!

4.رأيكم بجيمين؟!

5. رأيكم بإيزابيلا؟!

6. رأيكم ببيكهيون؟!

7.رأيكم بالبارت ككل وتوقعاتكم للقادم؟!

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️







© Mercy Ariana Park,
книга «تفاح محرم».
CH44|| أزمة عاطفيّة
Коментарі