Report
Chapter One
Chapter Two
Chapter Three
Chapter Four
Chapter Five
Chapter six
Chapter Seven
Chapter Eight
Chapter Nine
Chapter Ten
Chapter Eleven
Chapter Twelve
Chapter Thirteen
Ch14|| حواء
Ch 15|| خليل الهان
CH 16|| أحكام
Ch17|| الحب و أشباهه
CH18|| فوضى مشاعر
CH19|| رعشة البتول
CH20||فرائس الحب
CH21|| فقدان الفردوس
CH22||حقوق ليست بمحلها
CH23|| تفرِقة
Ch24|| في قاع الحب
CH25|| إلى الهاوية
CH26||حب و جريمة
CH27||خالل الهان
CH28||أساس ركيك
CH29||مُبهم
CH30||صراع القلوب
CH31||الأعزب ليلاً
CH32||إنجلاء قِناع
CH33|| مذلة و نذالة
CH34||في الصفح و الحقد
CH35|| لا يتعظ
CH36|| عصيٌ على الطُهر
CH37|| هوّة
CH38|| حُب الرُّهبان
CH39|| إمرأة للبيع
CH40|| المرأة الثمينة
CH41|| من ضلع الكرامة
CH42|| ابن الهان
CH43||تَمسّ السماء بأناملها
CH44|| أزمة عاطفيّة
CH45|| بداية النهاية
CH46|| اللوتس
CH47|| قلبي يحبها
CH48|| عُقد النقص
CH49|| وعد
CH50|| أزمة ثقة
CH51|| إعتذارات ومعاذير
The End|| تُفّاح مُحرّم
CH48|| عُقد النقص
" عُقد النقص"








بعدما ولّى جونغ إن مُدبرًا تاركًا خلفه نارًا تَتَّقِد بيشينغ، ولا يبدو أن الأخير سيطفئها بنفسه إلا إن أحرقت بصُحبته أحدًا.

دخلت أوكتافيا الشِقة، وهو تبعها بخطوات وئيدة بعدما دفع الباب إلى إطاره حتى أغلق بنفسه، كانت على دراية أن رؤية جونغ إن على باب منزلها أغضبته، والآن تدري جيدًا إلى أي حد هو غاضب.

" ماذا يفعل هذا هُنا؟"

إلتفتت إليه أوكتافيا وأجابته بنبرة هادئة رغم أن نبرته بالتحدث معها كانت خشنة، لكنها تتفهمه.

" لارا علمت بشأنه وأرادت أن تراه، هذا ما حدث بإختصار"

تنهد يُقيم كفيه على خاصريه ينظر في أرجاء المنزل عن أثر تركه خلفه.

" ولِمَ فجأة علمت بشأنه هكذا؟"

عقدت أوكتافيا حاجبيها، منذ أن صديقها يضمُر غضبه بلا مُبرر، وينسى الكثير من الأمور بفعل الغضب الذي يسيطر عليه الآن.

" يشينغ، أنت من اخبرني أنه يجب على لارا أن تعلم الحقيقة طالما هي صغيرة!"

نظر لها لبضع ثوانٍ يظهر على ملامحه السخط، ثم تجاوزها ودخل إلى قعر دارها فيما ينبس مُغتاظًا.

" لكنني لم أخبركِ بأنه عليكِ أن تُعرِّفيها على أبيها!"

إلتفتت له رغم أنه يمنحها ظهره وبررت.

" لكنها تريده، ماذا بوسعي أن أفعل في مثل هذه الحالة؟"

إلتفت إليها واتسعت عيناها إثر تصادمها ونبرة صوته المرتفعة.

" كنتِ تستطيعين إخبارها أنه ليس هنا، ميت، لا يريدها، أي شيء، عدا أن تأتي به إليكِ من جديد!"

إقتربت منه فيما اختلج عيناها رفضًا واستنكارًا لما قال.

" لكنني لا أملك الحق لفعل ما تقول، في النهاية هو والداها ولها الحق به وبأبوته!"

ضحك يشينغ مُستهجنًا ما قالت، وأضاف ساخرًا.

" والدها؟ هل تذكر لتوّه أنه والدها؟ هل ترين أن له الحق بهذا اللقب عليها؟"

تنهدت أوكتافيا فيما تمسح على وجهها بكفيها فيما هو ما زال يتحدث.

" ذكّريني أين كان عندما كانت إبنته تُصارع الموت وحدها في المُستشفى وهي ما زالت بمهدها؟ أين كان عندما كنتِ تبحثين عن المال لأجل تكاليف المُستشفى؟ أين كان في كل مرحلة من مراحل حياتها؟"

تقرّب من أوكتافيا، وسلّط عيناه على سِمات وجهها الحائر.

" لم يكن موجود بأي مرحلة من مراحل حياتها، الآن يُطالب بأن يصنع له مكانًا في حياتها؟ الآن بعدما إنتهت مآساتها أصبح يريدها!"

تتفهم أوكتافيا غضب يشينغ والطريقة التي يرى الأمور بها، هي أيضًا ترى الأمور من منظوره، وترى الحق فيما يقول، لكنها ببساطة لا تستطيع أن تمحو الحقائق، أو تبدل دماء لارا الصغيرة لمجرد أن والدها لا يستحقها.

تنهدت ونظرت في عينيه الثائرتين، تقرّبت منه حتى رَست كفَّتيها على زنديه.

" لكنها الحقيقة، ولا يسعنا تغييرها، أدري أنك لا ترى أنه يملك أي حق بها، وأنا أوافقك الرأي في ذلك، صدقني لا أُعارضك، لكننا لا نستطيع تجاهل الحقيقة، لا أنا ولا أنت سنفعل، لأجل لارا على الأقل يا يشينغ، فكّر بها من فضلك!"

قضم يشينغ شفتيه بعصبيّة فيما ينظر إلى يمينه حيث تقبع غرفة لارا، كلامها مُقنع ولكنه لا يريد أن يقتنع، لا سيما أن الماجن كاي طرف في هذه المعادلة، لذا هي مُعادلة غير قابلة للنظر فيها حتى بالنسبة إليه، نظر إلى المرأة قِبالته وقال.

" والآن ماذا سيحدث؟ هل سيتردد إلى هنا؟ يراكِ وترينه؟"

أخفضت أوكتافيا رأسها فيما تتحسس قِفا عُنقها بأطراف أصابعها، وذلك كان إدلالًا كافيًا بأن إجابة سؤاله هي نعم.

أخذ يشينغ يضحك مِلئ شدقيه ويسير جيئة وذهابًا، إذ يكاد يتفجر لكثرة الغضب والغيظ في هذه الأونّة، ثم وقف فجأة في مكانه وصاح غير قادرًا على ضبط نفسه بعد الآن، ولأول مرة تراه أوكتافيا على هذا القدر من الغضب.

" أنتِ هكذا تفتحي بيتكِ لِثُعبان! ألم تفهمي بعد أن هذه خدعة جديدة منه لتسييركِ إلى ما يُريد؟ ألم يوقعكِ أول مرة بمثل هذه الطريقة!"

نظرت إليه تعقد حاجبيها، تكاد هي الأخرى تتفجر غيظًا من حرّ كلماته، لكنها تضبط نفسها بالقوة كي لا تنفجر هي الأخرى، ويحدث بينهما ما لا يُحمد عُقباه، لكنها تكره جدًا أن يتحدث عن ماضيها معه.

هي تحاول بشتّى الطُرق أن تنسى الماضي وتمضي عليه، وهو الآن يُذكّرها به، تندم في الكثير من الأحيان أنها أخبرته قِصتها، فبنبرٍ يتفشى فيه الأستياء قالت.

" يشينغ، أنا لا أحب أن تتحدث معي بهذه الطريقة وعن هذا الأمر، وأنت تعلم هذا جيدًا!"

ثم نفت بيديها ورأسها فيما تتحدث بنبرة مُرتفعة.

" ثم؛ كلا... أشعر أنه تغيّر حقًا، وأنه يستحق أن أعطيه فُرصة..."

" فُرصة؟!"

قاطعها يشينغ مستنكرًا، واقترب منها ثم اتبع نابسًا.

" إما أنكِ غبيّة كفاية كي تصدقيه في كل مرة يخدعك فيها..."

صاحت وما استمع.

" يشينغ!"

" وإما أنكِ بلا كرامة، تركضي كالقطة إلى الذي يخنقك"

" يشينغ إحذر كلماتك!"

صرخت بهذه تحذيرًا، ولكنه للمرة الثانية ما اهتم، واتبع بنبرة كذا بنظرات جارحة.

" وإما أنكِ رخيصة جدًا، ثمنكِ إبتسامة ووِد مُزيف!"

صفعته، فلقد تجاوز حدّه من الكلم زيادة، ثم سادت لحظات من الصمت، إذ إلتف وجه يشينغ إلى حيث لفّته الصفعة، وأوكتافيا كانت تتنفس بثِقل، وتقبض يدها التي صفعته بها بما أنها ترتجف.

" أخبرتكَ ألا تتجاوز حدودكَ معي!"

نظر لها، وهزئ ببسمة خافتة، ثم ولّى مُدبرًا دون أن يزيد حرفًا، تنهدت أوكتافيا، وارتمت على أريكتها تحصُر وجهها بين يديها.

كالعادة؛ عاد جونغ إن ليُدمر ما صَلح من حياتها، هذا ما يفعله بها دومًا، خسرت جيمين بسببه، وتوشك أن تخسر يشينغ بسببه، وفي كِلتا المرتين تكون هي المُخطئة بحقهم، وهم على حق.

لن تسمح لجونغ إن أن يتسبب لها بالمزيد من الخسارات، ستأصله من حياتها لو استلزم الأمر.

...

في الصباح التالي؛ دخلت أوكتافيا مكتبها يظهر على ملامحها السخط والغضب، يتبعها لوكاس قائلًا.

" الأستاذ كيم ينتظرك في مكتبك، يمتلك خُطة النشاطات هذا الشهر، ويريد أن تطلعي عليها"

همست لنفسها فيما تلج المكتب.

" أصبح يبحث عن الأسباب تجعلني ألتقي فيه!"

وجدته يجلس أمام طاولة مكتبها، وما إن دخلت حتى وقف وانحنى لأجلها قبل أن يقول فيما يضع على طاولتها ملفًّا، وهي فقط تجاهلته وجلست، ولم تنظر له قطّ.

" هذه خُطة النشاطات لهذا الشهر، يُمكنكِ الإطلاع عليها، ووضع توقيعكِ لنباشر بالتنفيذ"

تناولت الملف عن الطاولة، ولم يقع بصرها عليه إطلاقًا، طالعته على مضض، ثم وضعت توقيعها ورمت الملف ناحيته.

وذاك ما جعله يعقد ملامحه، لا يفهم سبب أستياءها منه في طليعة هذا الصباح، نظر إلى لوكاس كي يأذن لهما بالإنفراد، ففعل الشاب، وذلك ما جعل حاجب أوكتافيا يرتفع، ورمقته بغضب تقول بأستنكار.

" من أنت كي تصرف مساعدي؟ بأي حق؟ من تظن نفسك؟"

تنهد جونغ إن والتقط الملف.

" لأنني سأسألكِ سؤالًا خاصًا، ما بكِ غاضبة مني؟ لا أذكر أنني فعلت شيئًا يغضبك!"

تهكمت ببسمة، ثم قالت فيما تقف، وسارت حتى وصلت النافذة، فوقفت أمامها وكتّفت ذراعيها.

" هذا ما تُجيد فعله أنت، أن تظهر بوجه ملاك لطيف وتقوم بدسّ الفِتن سِرًّا بين الناس"

وقف هو الآخر إلا أنه لم يقترب منها، هو مُستاء من إتهامها هذا، وما كان بوسعه إخفاء إستيائه، رغم أنه لا يتوقع منها أن تثق به سريعًا، لكنه حقًا لا يرى أنه دسّ فِتنة في قعرها.

" أنا ما فعلتُ شيئًا يستدعي غضبكِ مني يا أوكتافيا، إن حدث معكِ شيء فلا شأن لي بالأمر، انصفيني حتى لو كنتِ تكرهيني!"

إلتفتت إليه تستنكر.

" أنصفك؟!"

إقتربت منه فيما بدأ الغضب يستشري ملامحها الناعمة، وقد ارتفع صوتها بسخط وهي تُحدثه.

" ظهرتَ في حياتي مُجددًا لتدميرها بعدما أنهكني إصلاحها وتجاوزك، أنت تتخذ من ابنتك حُجة كي تطول يدكَ حياتي بالخراب مجددًا، لا يسعك أن تراني سعيدة في حياتي وناجحة فيما أفعله، وإلا كِلانا يعلم أنك ليس خير الأب ولا الزوج، أنت لا تصلح لشيء حتى!"

إحترقت عيناه غيظًا فتشكلت فيهما غمامة أبى أن تهطل أمامها، ووقف هو الآخر أمامها بلا أن ترف عينه من مواجهتها.

" أوكتافيا! كُفّي عن إيذائي بكلامكِ! أنتِ لا تعلمين بما مررت، فلا يحق لكِ أن تحكمي علي بحسب معرفتكِ السالفة بي"

" أنا بصدق تغيرت، وأدري أنني لن أنال ثقتكِ بسهولة، أدري صعوبة ما أقدم عليه، ولكنه يصعب علي ألا تصدقيني، وتتشبثي بصورتي المشوهة في عقلك، أنا ما عدتُ الرجل الذي تعرفينه، لقد ولدتُ من جديد، وسترين أنني أستحق أن تمنحيني فرصة، ولن تندمي لو فعلتِ!"

أرادت أن تتكلم لولا أنه رفع سبابته إلى شفتيها وقال.

" حتى لو في النهاية رفضتِ منحي فرصة، لو خسرتك، حتى لو أكملت حياتي وحيدًا، أنا لن اسمح لنفسي بإيذائك مجددًا، ولن استخدم ابنتي ضدك، انا فقط أريد أن أراها كل حين، هذا كل ما في الأمر!"

ثم خرج يحمل الملف الذي أتى به، وما ترك لها الفرصة لتتكلم معه، لأنه يدري لو أنها تكلّمت ستجرحه، وهو بالفعل مجروح كفاية.

....

مضت عدة أيام بعدها، أصبح جونغ إن يتجاهلها في المدرسة، ولا يتحدث معها إلا إذا أراد شيء بشأن العمل، وهذا أمر جيد بالنسبة لها.

أما يشينغ لا يرد على إتصالاتها، وحينما ذهبت إليه في عمله رفض رؤيتها، وآخر محاولاتها معه كانت عندما طرقت باب شقته وما أجابها، تجاهله لها لا يُريحها، تكره سخطه.

تنهدت مستاءة فيما تجلس على الأريكة، فجأة تشعر بالوحدة الشديدة، فيشينغ كان يملئ عليها حياتها بحضوره المُستمر، هو شخصها الوحيد في هذه البلاد الأجنبية عنها.

الآن تشعر وكأن أبواب الدُنيا أجمع أُغلقت في وجهها، أو أن العالم أصبح فارغًا، ووحدها تعيش فيه، جلست بإعتدال حينما سمعت صوت لارا من خلفها.

" ماما؟"

أشارت لها أوكتافيا أن تأتيها بيديها المفتوحتين، فركضت إليها الطفلة حتى جلست في حِجرها.

رفعتها أوكتافيا، وطبعت قُبل متفرقة على وجهها الحسن.

" لِمَ أنتِ مستيقظة؟ لقد ظننتكِ نائمة!"

بان الإرتباك على وجه الصغيرة وقالت.

" أردتُ أن أخبركِ عن شيئًا أُريده ماما"

أخذت اوكتافيا تمسح على شعرها وقالت.

" ولِمَ الحرج صغيرتي؟ قولي ما تريدينه!"

نظرت لارا الصغيرة إلى أمها فقالت.

" ماما، أنتِ وبابا كنتما متزوجين لأجلي، صحيح؟"

تلكأت يد أوكتافيا التي على رأس ابنتها وأومأت تقول.

" نعم، ماذا يخطر في بالك؟"

ترددت الصغيرة في البوح، إلا أنها في النهاية استجمعت شجاعتها وقالت.

" ألا يمكنكما أن تتزوجا مجددًا لأجلي!"

" ما هذا الكلام الذي تقولينه؟!"

إنتفضت لارا الصغيرة إثر غضب أمها الذي فاجئها، سُرعان ما تجمعت الدموع في عينيها وبرمت شفتيها، كذا أخذ ذقنها يرتجف، إذ هي فتاة رقيقة تربّت على الدلال والحنان، ولم يسبق لأوكتافيا أن غضبت منها هكذا.

" لا أريد أن أسمع هذه التُرهات مجددًا، أتفهمين؟"

نزلت لارا عن ساق والدتها، وصرخت قبل أن تدبر إلى غرفتها.

" لكن أنا من حقي أن يكون لدي عائلة طبيعية كبقيّة الأطفال، جميعهم يقولون أنني بلا أب!"

تنهدت أوكتافيا تنظر ناحية غرفة صغيرتها بعدما ضربت الباب بقوة، والآن ها مشكلة مع ابنتها، لم يسبق لها أن غضبت منها أو جعلتها تبكي.

هذه نتائج دخول جونغ إن حياتها من جديد...

بعد مُضي بعض الوقت قضته في مراجعة نفسها، نهضت بتلكئ تقصد غرفة لارا، دلفت إلى غرفتها، ووجدت صغيرتها تنام بالعتمة اسفل أغطيتها الناعمة، لكنها كانت قادرة أن تسمع صوت شهقاتها حينما تفرّ من شفتيها غصبًا.

جلست أوكتافيا وراءها على طرف السرير، ووضعت يدها عليها من فوق غِطائها تقول.

" حبيبة ماما، أنا آسفة لأنني أخفتك، لم أقصد"

لكن الصغيرة لم تُبدي رد فعل، تنهدت أوكتافيا واتبعت.

" بعض الأمور التي نتمناها لا تكون صائبة، أنا ووالدك لا نصلح معًا مجددًا، بعض العلاقات يُفضل أن تظل مقطوعة على أن توصل من جديد"

كمشت أوكتافيا الغطاء بيدها.

" لارا؟"

رفضت الطفلة أن تستجيب، لذا أوكتافيا نظرت لها لبعض الوقت، ثم وضعت على وجنتها قُبلة وخرجت.

لارا لا ترضى بسهولة، تشبهها من هذه الناحية، كما أنها عنيدة أيضًا وتصرّ على رغباتها حتى تُحققها، وهذا سيء جدًا.

..........................

بعد مُضيّ الوقت؛ أدركتُ أنني كنتُ على خطأ، من البداية، لربما هو مُخطئ ولكن ليس بقدري، هو أنهى قصتنا بسلاسة حينما انفصل عني أول مرة، وأنا من عقدُّتها بولوجي حياته مُتنكّرة.

لربما الندم الآن لا ينفع في شيء، ولن يعيد لي سنين عمري التي ضاعت من بين يدي، السنين التي قضيتها أحبه وأنا بعيدة عنه، والسنين التي قضيتها على خِصام معه رغم أنني أعيش أسفل سقفه، وأتشارك معه الوسادة ذاتها.

لقد ضيّعت عُمري وحُبي بسببي أنا الخرقاء...

اليوم؛ فيما طفلي يكبر أمام عينيّ كل يوم، وأصبح يُدرك كل ما يحدث في مُحيطه من أمور كنتُ أخشى أن يفهمها، كعلاقتي الركيكة بأبيه، أصبح يملك تسأولات مُعقّدة، لا أدري كيف أرد عليها.

اليوم سألني، "لِمَ أنجبتماني إن كنتما لا تحبان بعضكما؟"، وما عرفت كيف أرد عليه لطريقة تناسب عمره وفهمه.

قصّتنا أكثر تعقيدًا من مفهوم الحب البسيط الذي يعرفه، قصتنا قِصة حب وخطيئة، ذنب وكرامة، شيء كهذا.

لكنني الآن أحاول إصلاح ما فاتنا، لربما لا أُبادر ولكنني أحاول، وها أنا بعد خمس سنين من الزواج أُعطي الفرصة الأولى لبيكهيون، وسأعطيه المزيد لو احتاج، فلا خلاص من هذا الزواج رغمًا عن إرادتنا، مصالح المال تجمعنا لو ما جمعنا الحُب.

وعلى آية حال، يبقى أن تصل متأخرًا خيرٌ من ألا تصل أبدًا، ونحن وصلنا لبعضنا متأخرين، رغم ذلك؛ ما زِلنا تحت سقف واحد مجتمعين، يسعنا إصلاح الأمور فيما بيننا.

علاقتنا طوال هذه السنين الخمس كانت كغريبين لا يتحدثان نفس اللُغة، شخصان مجبوران أن يكونا شريكا حياة رغم إنعدام اللغة بينهما.

كنّا نجتمع كزوجين في المُناسبات في العائلة والعمل، أمام الناس، وما بيننا كانت الغُربة، كان غريبًا عني وأنا غريبة عنه، وكأن حب السنين الذي كنتُ أكنه له قد إندثر، أو تستّر، فما عدتُ قادرة على تمييزه من بين المشاعر الأخرى، التي أكنها لهذه العلاقة ولزوجي هذا.

اليوم لأجل ابننا نتقدم بعلاقتنا، هو طلب فرصة، وأنا لم أرفض منحه أياها، فلنفعل ما بوسعنا لأجل طفلنا قبل أن يكون لأجلنا نحن.

بما أن بيكهيون هو مدير تنفيذي لهذا الفرع، وأنا أعمل تحت يده، فيتوفر لي وقت فراغ لا يتسنّى له أن يحظى به.

إذ هو الآن يعقد إجتماعًا خاصًا مع المدراء التفيذين لينظموا ما سيقولونه للرئيس عمي في المقرّ الرئيسي للشركة.

وبما أنني أحضى بوقت فراغ، ففضلتُ أن أقضيه في المقهى القريب من مبنى الشركة على أن أبقى حبيسة المكتب.

ولجتُ إلى المقهى، وطلبتُ كوب قهوة، وفيما انتظر أن يحضر طلبي آتى شاب بمحاذاتي وطلب شيئًا.

لا أدري ما طلب، لأن صوته شتت تركيزي، نظرتُ في وجهه ينتابني شعور مُقلِق، وإذ به جيمين!

كتمتُ شهقتي كي لا يلحظني، وتمسكتُ بالكوب حينما مدّت به العاملة ليّ، تناولته لكنني أسقطته من يدي حينما نظر لي.

حرقتُ يدي، الألم لم يشتت إنتباهي عنه، إذ هو لاحظني وشرع ينظر إليّ، لكن ليس كما أفعل، فأنني أرى في عينيه كم هو غاضب مني، تحوي نظراته خذلانًا وإنكسارا.

رمقني بنظرة غريبة كأنه لا يعرفني، ثم تجاوزني عندما حضر له طلبه، تبعته بخطوات وئيدة، أهرول إليه حتى كمشتُ على كُم قميصه فإلتفت إليّ.

" جيمين، هذا أنت!"

أبعد يدي عن ثيابه، وذلك جعلني أشعر بالإحراج منه، لكنه إلتفت إليّ، شاكرة له أنه ما أحرجني أكثر وما تجاهلني على الأقل.

" إن لم تكن صورتي ممسوحة من رأسكِ فلا حاجة لسؤالكِ الذي تعرفي جوابه بالفعل، ماذا تريدين؟!"

تلكأتُ بالإجابة عليه، لأن التوتر سيطر علي إذ أن طريقته بالحديث ليست ودودة على الإطلاق، وأنا ما تعودتُ إليه هكذا، إذ أخذت أفرك يدي بالأخرى، ولا أتنفس على سويّة صحيحة.

" إن كنتِ ستقفين هكذا، إذن استمحيكِ عُذرًا"

استوقفته بندائي، فلا تجرؤ يدي أن تمتد إليه مجددًا.

" إن كنتَ تملك خمس دقائق فقط، دعنا نتحدث"

نظر إلي فاتبعت.

" من فضلك!"

أومئ متنهدًا وأشار لي إلى المقهى، دخلتُ وهو كان يتبعني.

جلسنا إلى إحدى الطاولات قُرب الحائط الزُجاجي، طلب القهوة لأجلنا، منذ أنه ليس مُحرجًا بحضوري كما أفعل، بل هو ببرود مُنطلق.

وضعت العاملة لأجلي كوب القهوة الجديد، وبعدما غادرت بقينا وحدنا وإزداد إرتباكي.

" ما تسنّى لنا أن نتحدث مُنذُ زمن طويل، كيف حالك؟"

شرب من قهوته ونظر عبر الحائط، لا أدري إن كان تجاهلًا لوجودي، أم بُغضًا لي، أم أن شخصيّته قد تغيرت كثيرًا.

وفيما أن صمته طال ولا يبدو أنه سيتفاعل في الحديث معي، تابعت أنا.

" لم يتسنى لي الفرصة لأُبرر موقفي عمّا حدث منذ سنين، وبما أن السنين قد عبرت وما عاد للتبرير أي نفع، أردتُ أن أعتذر منك عمّا سببتُه لك، أعتذر لأن قلبك للمرة الثانية إنكسر بسببي."

أومئ، حمل كوبه ومفاتيحه ثم خرج، لربما لن يسامحني، وسيكرهني للأبد، لكنني على الأقل لم أُضيّع الفُرصة لأعتذر.

عدتُ إلى الشركة، فورما ولجتُ إلى البوابة استوقفتني موظفة الإستقبال، تقول ويعلو وجهها سِمات ليست مُبشّرة.

" سيدتي، المدير بيون بيكهيون يطلبك في مكتبه حالًا"

أومأت لها، أنا في كل الأحوال صاعدة إليه منذ أنه لتوّه عاد من المبنى الرئيس، أول ما وَلجت مكتبه رفع بصره إليّ، وجدته في حالة فوضويّة، إذ قد أفسد تسريحة شعره المنتظمة، فتح أزرار قميصه الأولى، وقد وسّع طوق ربطة عنقه.

لربما حدث معه أمر ما في الشركة!

" أين كنتِ؟!"

اقتربت، أود أن ألتقط ربطة عنقه التي رمى بها بمجرد أن دخلت، لكن صيحته ارجفتني، فاستقمت انظر إليه.

" إنني أتحدث إليكِ!"

" ما بالك تصرخ عليّ؟!"

نهض إليّ بعد أن صحت به أنا الأخرى، تراجعت عنه خطوة، فهو غاضب ولم أراه في مِثل هذه الحالة مُسبقًا منذ أن تزوجنا.

تمسك بعضديّ وصاح في وجهي.

" ما الذي كنتِ تفعلينه خارجًا! قولي!"

نفضتُ يداه عني.

" كنتُ في المقهى، ما مشكلتك؟! ليس وكأنني للمرة الأولى أخرج!"

ساورني القلق، لربما هو علم أنني لاقيتُ جيمين، لكنه لا يخرج عادة من الشركة، وهو لتوّه وصل على آية حال، ولا أظن أنه يضع عليّ أعين.

أرجو أن تكون توقعاتي فحسب التي لا أصل لها من الصِحّة.

خرجتُ من مكتبه، وعدتُ إلى عملي، أنه يومًا حافلًا بالعمل، كذا بالمشكلات، وأرجو ألا تنتقل هذه المشاكل إلى المنزل وتنتهي هنا.

...................


تَمر السنين كالعُجاف على بعض الناس، فتجد أن كل شيء في مُحيطهم تغيّر عدا هم، يبقون كما هُم، مكسوريّ الفؤاد.

شيئًا فشيئًا هذه الكسور تنجبر...

لا، لا تنجبر، ولن تنجبر.

بعض المصائب تكون على شاكلة أورام كذا بعض الأشخاص، لا يصلح ترميمهم، فقط عليك بإستئصالهم منك كي تحيى.

وهذا ما كننتُه لإيزابيلا بعد الفُراق، أدري أن الأمر لم يكن بيدها، هي لم تتشبث بي، وأنا لم أتشبث بها، لأن ما بيننا ما كان يستحق أن يتشبث أحدنا بالآخر.

ما كان بيننا أضعف من أن ينتج على تفكيكه كِفاح لإعادته، لذا كلٌ منّا توجّه للطريق الذي إختاره، أو الذي فُرِضَ عليه.

هي تزوجت الرجل الذي كانت تهرب منه، وأنا تزوجت الأُنثى التي دومًا ما هربتُ منها، الوحدة.

سِرنا حيث سيّرتنا أقدارنا، هكذا هي الحياة، مُقدّرة.

بالفعل لم يكن وقع تفكيكي من إيزابيلا ذا أثر على نفسي كما حدث وسالفتها، تعافيتُ سريعًا منها بعدما إستئصلتها من حياتي، وتفكيري، وشتى عواطفي، سواء كانت تلك العواطف شفقة، حُزن، أو حتى كبرياء.

ثم أنا سِرتُ في طريقي وحيدًا، لا يشاركني فيه أحد، هكذا أفضل.

منذ أنني تبنيتُ الوحدة حياة لي وتشبثتُ بها؛ ما عادت حياتي صاخبة كما كانت سابقًا، أردتُ هذا النوع من الحياة منذ البداية، حياة عادية وهادئة.

أحببتُ أن أكون شريك الوحدة، وحدها إمرأتي وسندي، الوحدة لا تخون، بل مُخلِصة، تلزمك ما دُمتَ تُريدها، وحتى لو أردت أن تتخلص منها، تبقى هي عاشقة مهووسة، وأنت معشوقها المُطيع، لا يمكنك فكّ عُقدك معها.

طالما لا نساء في حياتي، تبقى حياتي أفضل وأكثر أمانًا، آمن على نفسي أنها لن تنكسر، وقلبي لن ينخذل مجددًا...

أنا صارم وجديّ في عملي، قليل الإحتكاك في الناس من حولي، فلقد تعددت الخيبات، وما عدتُ أُجازف بمنح الثقة لأحد.

لا أحد يستحق أن أثق به، أنا أملك نفسي وحسب.

لذا عادة ما أمنح صورة غليظة عني، وإنطباع أول سيء في نفوس الناس، وهذا هو المطلوب، كي لا يجرؤ أحد على خِداعي، أو خذلاني، أو حتى إيذائي بأي طريقة كانت.

أو حتى مطاردتي...

وعلى سيرة المُطاردة، فالفتاة التي إعتادت أن تُطاردني، ربما الآن تنتهج نهجًا جديدًا كي توقع بي، أو أنها نضجت أخيرًا.

أيًا ما كان، أنا لا أصلح للحب، ولا لأكون رجلًا لإمرأة، لكنني لا أريد أن أنزعج بسبب إمرأة أيًا كانت.

بعد مُضي أسبوع على التقييم الأخير؛ حان وقت التقييم الجديد، لقد شددتُ إجراءات التدريب على المُتدربين الجُدد وخصوصًا هي.

ليس وكأنني أكنّ لها حُبًا أو بُغضًا، لكنني لا أريد ألا تحظى بالتدريب اللازم بسبب حماقتها وضعف شخصيتها، مهم بالنسبة لي أن أُدرّبهم بالشكل الذي يليق بهم، وبي، وباسم الشركة.

تلقفتُ ملف نتائجهم في يديّ فيما يصطفّون جميعهم أمامي، يتوسطهم الثلاث الأوائل، وهي بين الشابين، أمامي مُباشرة.

كنتُ أنظر إلى كل مُتدرب وأُلقي عليه الكلام الذي يناسب نتائجه، وهي تركتُها للآخر، ليس لأنني أود أن أجعلها تحترق في خوفها، رغم أن هذا حدث، بل لأنها الوجبة الدسمة بين المتدربين.

ما إن وصلتُ لها حتى تنهدت، يقولون أن تحترق بالنار أسهل من أن تتنتظر دورك عليها، وها أتت النار لتحرق كل مُستهتر.

نظرتُ في تقييمها وأعجبني ما رأيت، فلقد تحسن كثيرًا عن التقييم السالف، اليوم هي أفضل، وعليها أن تكون -كذا كل زملائها- أفضل، فهم على مَهمّة في تحسين معرفتهم والتوسّع في خبراتهم، ولهذا أنا صارم معهم.

" بارك جيمين"

نظرت في وجهي تترقب، أخشى أنني أستطيع أن أرى حبات العرق تُقطِر على جبهتها، ألهذا الحد أنا مُخيف؟

" أحسنتِ"

تنهدت تنهيدة عالية وطويلة سمعها كل الموجودين من زملائها، ثم انحنت تشكرني، ليس وكأنني من عملت بجد لتحصل على هذه النتيجة، ولكن التهديد والتوبيخ أتى بثمارٍ حَسنة هذه المرة.

" تستطيعون العودة إلى تدريباتكم"

قصدتُ بها الجميع وهي من ضمنهم، ولكن حينما إلتفت وجدتُها ما زالت تقف أمامي، جلست خلف طاولتي ونظرتُ لها.

" تريدين شيء آنسة بارك؟"

لحظتُ أنها تخرج مُغلّفًا صغيرًا من جيبها، ووضعته على طاولتي بإرتباك، تناولت المُغلف ونظرتُ فيها أتسائل.

" ما الخطب؟"

لم تنظر إلي، فقط أخفضت رأسها وقالت بصوتٍ منخفض.

" أعلم أن وجودي هنا يزعجك، وأنك لن تقدر على تفادي الماضي، والبدء من جديد بشأني بإعتباري مجرد متدربة لديك لم يسبق لها أن آذتك"

صمتت لبضع لحظات ورفعت رأسها إليّ تُتبع.

" لذا أنا قررتُ نقل برنامجي تدريبيّ إلى مقرّ أعمال أبي، يسعني أن أكون حُرة هناك أكثر، ولا أضغط عليك وتستاء مني"

ثم انحنت.

" أنا آسفة مجددًا لما فعلته في صِغري، كنت مُجرد مراهقة طائشة تُجرب مشاعر الحُب لأول مرة، ما كنتُ مخوّلة لأتصرف على النحو الصحيح، أرجو أن تُسامحني"

تنهدت على مسامعها وفتحت المُغلف، وإذ به طلب نقل، بعد كل الذي قالته لم أتفاجئ بأنها تريد المُغادرة.

وبما أنها أُمنيتها أن تُغادر فلا بأس معي، فلتُغادر، في النهاية؛ هي مجرد متدربة لديّ، لا أكثر ولا أقل.

وضعتُ توقيعي حيث يجب، وسلمتها المُغلف، لكنني أردتُ قول ما في جُعبتي رغم أن الفُراق بيننا قد حان، ولا رجعة بعد الآن، أنا لا أتمسّك بأحد.

" أتمنى لكِ التوفيق أينما ذهبتِ، وإن كنتِ تشعري بالحرج بسبب الماضي، فلا بأس، أرى أنكِ أصبحتِ ناضجة الآن، وما عاد أهمية لذكر الماضي وأخذ صورة عنكِ من خلاله"

ثم أدبرت مُغادرة بعدما همست.

" وداعًا سيدي!"

وداعًا يا آنسة، أرجو ألا تتعثري بالحب مع رجل يشبهني في المستقبل.

.......


لارا ما زالت تُقاطعني، رغم مرور عِدة أيام على شِجارنا، ما زالت ترفض أن تُكلمني، ومهما حاولت إسترضائها لا ترضى.

هكذا هي، عنيدة، لا ترضى حتى تحصل على ما تريد، ولكن ما تريده يَصعُب عليّ تحقيقه، بل مُستحيل.

دخلتُ إلى غُرفتها، سأحاول للمرة الأخيرة أن أسترضيها، غدًا أُخطط لشيء بسيط لأجلها، لعلها أُسعِدت.

كانت تنام على جنبها وظهرها يقابلني، مؤخرًا أصبحت تلزم هذه الوضيعة، كي لا أرى وجهها لو دخلت وهي نائمة، فقط أنال ظهرها.

لا أصدق أنني ربيتُ هذه الفتاة بهذه الطريقة لتغدو بهذا الكبرياء والعِز، أحب أنها قوية ولكنني أكره عِنادها، لا يسعني تحقيق كل شيء تريده، وهي لا تتفهمني فما زالت صغيرة لتفهم.

جلستُ خلفها على طرف السرير وأخذتُ أمسح على شعرها، أصبحت ترفض أن تُجالسني، تلزم غُرفتها طوال اليوم، فقط أراها عندما تحتاجني، أُطعمها، وأحممها، وأساعادها في دروسها.

" لارا، هل ستبقين غاضبة من ماما؟"

لم تتحرك كالعادة، ولم أتوقع أن تفعل، لكنني اتبعت.

" طفلتي الجميلة، أستخاصميني لوقت طويل؟ صدقيني إنني أريد تحقيق كل ما تريدينه، لكن هذا الأمر خارج عن قدرتي"

تنهدتُ للمرة الأخيرة وانسحبتُ من غرفتها بما أنها لا تستجيب، الكلام معها لن يأتي بثماره، لذلك غدًا سأفعل شيء لأجلها.

مُتأكدة أنها في الغد سترضى، لقد أقمتُ لأجلها مفاجأة ستعجبها.

توجّهت إلى سريري، وكنتُ أفكر ببعض الأمور، ابنتي الآن أصبحت أكثر نُضجًا وتريد عائلة كاملة، قبل أن تدخل المدرسة كانت مُكتفية بي، الآن قد تغيّرت كثيرًا، تُريد والدها أيضًا معنا.

ربما لأنها رأته وأحبته فلقد كان ودودًا معها، وربما لأن الأطفال يتنمرون عليها ويعيّرونها أنها بلا أب، فالآن أصبحت تريده، لتواري النقص الذي تشعر به تجاه نفسها.

على آية حال؛ أنا لا أستطيع أن أُحقق لها هذه الرغبة، لطالما حاولت ألا ينقصها شيء، ولكن هذا النقص الذي تشعر به لا يسعني أن أملئه.

أنا وجونغ إن لا ننفع معًا أبدًا، لا يمكننا البدء من جديد ونسيان الماضي، لا يمكن لعلاقة مثل علاقتنا الآثمة أن يلدها الحب أبدًا، نحن جمعتنا الخطيئة، وسنتذكر تلك ااخطيئة كلما اجتمعنا لأجلها أو لأي سبب آخر. 

في الصباح أيقظتها، وكما لم أعتاد، لم تتماطل في حضني حتى تنهض، ولم أحظى بقُبل الصباح منها، فقط نهضت وبدأت تستعد للمدرسة.

تنهدت وتبعتها لأجهزها، ثم جمعتنا طاولة الإفطار وما نظرت إليّ، تناولت طعامها ونهضت.

ذهبنا معًا إلى المدرسة وأثناء قيادتي وهي بالخلف قُلت.

" حضّرتُ لأجلك أمرًا، بعد المدرسة سنخرج معًا، وأضمن لكِ أنكِ ستكوني سعيدة"

نظرتُ إلى النافذة، ولم أرى أي ملامح للفضول تكسو وجهها، ما هذه الطفلة الغريبة!

قبل بِدء الحِصص؛ بعثتُ مع لوكاس طلبًا ليحضر جونغ إن إلى مكتبي الخاص، أدري أن حديثي معه فعلًا لا يليق بمكان العمل، ولكنني لا أملك أي معلومات شخصية عنه كأين يسكن وماذا يفعل، حتى لو كنت أعلم لن أذهب إلى مكانه، وما بيننا لا يكفي كي أجري إتصالًا هاتفي.

حضر إلى مكتبي واستقام أمام طاولتي يقول بنبرة هادئة.

" طلبتني حضرة المديرة؟"

أومأت ثم مباشرةً تحدثتُ إليه.

" اليوم أريد أن تأتي معنا، أنا ولارا، لأجل أن نحتفل معًا بلا مناسبة معينة، هي فقط منزعجة مؤخرًا"

عقف حاجبيه بسؤال وقال.

" ما بها؟ هل حدث شيء معها؟"

ترددت في إخباره عن مُنايا لارا، أخشى أن يستغل الأمر ضدي، فأنا ما زلت لا أعرف نواياه كفاية، ولا أثق به. 

" ليس بالأمر الهام، فقط هكذا"

أومئ ثم قال.

" حسنًا إذن، ابعثي لي المكان والموعد وأنا سآتي"

ثم غادر دون أن يُضيف كلمة، وهذا أفضل، أنا لستُ في مزاج للتحدث معه، أو الإستماع له، من الجيد أنه غضبانً مني.

ستجمعنا لارا فقط، ولن يجمعنا أمرًا سِواها، لا علاقة، لا مشاعر، ولا وِد.

....................

لارا، لا أدري ما الخطب مع طفلتي الصغيرة؟
يمكنني التوقع أنها لربما تريدني في حياتها أو شيئًا من هذا القبيل ووالدتها رفضت.

لا بأس، أنا أتفهم موقفها بشأني، ولكن لارا لن تتفهم، أردتُ أن اذهب إلى لارا وأراها خلال الإستراحة، لكنني لم أستطع بسبب مشاغلي الكثيرة، التي تغلبني حتى في وقت استراحتي.

بعثت لي أوكتافيا ساعة الموعد وهي في الثالثة مساءً، لذا أنا أملك ساعة قبل أن يحين موعد لقائي بها.

في الحقيقة؛ سيهون اتصل بي اليوم، وقال أنه في رحلة مُستعجلة إلى الصين، ويريد إغتنام الفرصة لرؤيتي، وأنا اشتقت لصديقي المجنون هذا.

قررنا أن نلتقي في مقهى قريب من المدرسة، وحينما ولجتُ المقهى وجدته يجلس إلى إحدى الطاولات بالقُرب من النوافذ.

قد عاد لسابق عهده، فها هو يتأنق ببدلة رسمية، ويحمل معه حقيبته التي تتضمن اوراق كثيرة، بالمناسبة هو مُحامي.

جلستُ أمامه وتبادلنا تحيّة حارة، ثم بعدما طلبنا القهوة سألته.

" عدتَ لمزاولة عملك سريعًا بعدما خرجت من السجن، هل تسير الأمور على ما يُرام معك؟"

حرّك كتفيه بجهل، واتبع.

" بين هذا وذاك، من سيقبل بي مُحاميًا له وعليّ قيد جُنحة، بعض الأمور لا تتصلح، السُمعة منها، والناس لا تنسى"

تنهدتُ أومئ، لستُ أنسى ما عانيته أنا أيضًا، فلم تقبل أي جامعة بتوظيفي، كذا المدارس، حتى المدارس الإبتدائية رفضتني.

مدرسة أوكتافيا كانت الخيار الأخير، الذي إنجاني من الجلوس خلف مكاتب أبي، شدّ إنتباهي سيهون حينما تهكم ساخرًا.

" لذا اضطررتُ أن أُخفّض أجري إلى النِصف، وأصبحتُ أعمل على قضايا شنيعة ومقرفة، لا خيار لي في النهاية"

تنهداتنا توالت، في الحقيقة سيهون هو أكثر من عانى بيننا نحن الثلاث، الذي أوصلني أنا ولاي للرذالة التي كنا فيها، هو طمعنا ونظرتنا إلى إخواننا وقلة إهتمام العائلة.

أما سيهون فلقد فقد عائلته وذلك ما جعله يفقد نفسه.

وبما أنني أفكر بالأمر تسآلت.

" ألا تفكر في مُسامحة الطبيب لي دونغهي، في النهاية هو لم يقصد إيذائك"

برم شفتيه ثم أومئ.

" من البداية أدري أنه لم يقصد، لكن رؤية طفلتي أسفل عجلات سيارته الغارقة بدمائها لم يكن مشهدًا يُفارقني إطلاقًا، حتى لو لم يكن قاصدًا؛ كيف أسامحه؟"

لا يمكنني تخيل وجعه، لأنه أكبر بكثير من قدرتي على التخيل، يمكنني تفهمه، وفي نفس الوقت؛ لا يمكنني ألا أنظر لدونغهي بعين الشفقة.

فبعد علاجي لزمتُه لأجل جلسات علاجية للآن مُستمرة، تحدثنا عدة مرات عن سيهون ومشكلته معه، وكثيرًا ما بكى واعتذر، وتمنى الموت قبل أن يدهس طفلة سيهون.

" وماذا بشأن زوجتك؟"

رأيت الحُزن يتكوّم في عينيه حينما أجابني.

" لا يمكنني إصلاح ما بيننا، كانت تربطنا طفلتي، وبعد موتها كانت فرصتها لتهرب من زواج تقليدي لا تريدني فيه"

" هي حاولت أن تبقى معي، لكنها لم تقدر، فلقد زِدتُ آلامها بخياناتي المتكررة لها حتى إنفصلت عني كما تعلم"

ثم بإبتسامة تكسرت ملامحها على شفتيه بتعاسة أتبع.

" علمتُ بعدما خرجت من السجن أنها تزوجت رجلًا آخر"

تنهد للمرة الأخيرة، ثم أقام ظهره ونظر إلي يقول.

" دعك مني، ما أخبارك وأخبار لاي؟ أتعرف شيئًا عنه؟"

إبتهجت نبرتي حينما أتت سيرة صديقي الآخر وأجبته.

" تدري أن أخاه أتى به إلى هنا ليتلقى العِلاج، وعندما تعافى وجد هوسًا جديدًا، فالآن يُلاحق الحيوانات في الأدغال"

ضحك سيهون متفاجئً وقال.

" منذ زمن وهو يحب الحيوانات، يرى الكلاب والقطط أجمل من النساء، اخبرني عنك أنت الآن"

تبسّمتُ أنا الآخر وقُلت.

" بائس يحاول إصلاح حياته"

ثم نظرت إليه، لا يسرّني الحال الذي هو عليه.

" أنت أيضًا حاول إصلاح حياتك، ربما تفكر بالإستسلام كثيرًا، لكن لا تفعل، الحياة تنتظرك أن تعيشها"

...

غادرتُ المقهى بعد لِقائي بصديقي البائس مِثلي، رغم أننا بؤساء ومجلسنا بائس مثلنا إلا أنه أسعدني وجوده ورؤيته بخير بلا علل جسديّة او إدمانيّة، أما النفس فلا تبرأ من عِللها بسرعة، قد تهرم ولا تبرأ، تلتهب النفوس إلى الأبد.

توجهتُ إلى المقهى الذي بعثت لي أوكتافيا بعنوانه، وجلست بإنتظارها وطفلتي، انتظرتُ ساعة ولم تأتي، وبدأت أشعر بالقلق.

حاولت الإتصال بها لكنها لا تجيب ولكنني لزمت مكاني وبقيتُ انتظر، فجأة سمعتُ صوت فوضى قُرب المدخل، ثم دخلت هي بحالة فوضوية، تبكي وعيناها قد تورّمت بالفعل.

أمسكت بياقتي وجذبتني إليها تصرخ وتبكي.

" أين لارا؟ ماذا فعلت بها؟"

..............

والله لم يفعل بها شيء، ابني شو دخلو؟

سلااااااااام

أكثر شيء سيء بالحياة، لما أكون نايمة ع ظهري ويقع التلفون من ايدي واضغط على النشر بالخطأ، ميرسي إز آسف.

كمان البارت جا متأخر كثيييير، كمان ميرسي إز آسف.

والأهم بدأ العد التنازلي، فعليًا ضل في جعبتي محتوى خمس فصول أو أقل، لا تبكوا☹

المهم، الشررررررررررط لازم يتحقق لأنشر، حتى لو نشرت السنة الجاية اذا الشرط ما اتحقق ما بنشر.

الفصل القادم بعد ١٠٠ فوت و٢٠٠ كومنت.

1.رأيكم بجونغ إن؟ وصدق نواياه؟ وماذا سيفعل بشأن لارا؟

2. رأيكم بأوكتافيا في ظل ضغط لارا عليها؟ شجارها مع لاي وكلامها الحاد مع جونغ إن؟ ماذا ستفعل بشأن لارا؟ 


3.رأيكم ببيكهيون؟ ماذا سيفعل؟

4.رأيكم بجيمين؟ ألن يؤثر عليه غياب جيمين؟ أم سيبقى مخلصًا للوحدة؟

5.رأيكم في قصة سيهون التي جعلته يذهب إلى طريق المجون؟

6.رأيكم بالفصل ككل و توقعاتكم للقادم؟

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️

© Mercy Ariana Park,
книга «تفاح محرم».
Коментарі
Упорядкувати
  • За популярністю
  • Спочатку нові
  • По порядку
Показати всі коментарі (1)
Snow White
CH48|| عُقد النقص
اشو ماكو أي شي
Відповісти
2020-08-04 23:16:25
Подобається