Chapter Eleven
" الطريق إليكِ"
أمسك جيمين بيد خطيبته و حرص أن يظهر الخاتمين بينما يسيران إلى داخل الكافتيريا، بشكل غريب كان الطلاب جميعهم ينظرون إلى الزوجين.
بعد أن أخذا طعامهما و توجها إلى الجلوس على أحد الطاولات الفارغة قال جيمين بينما ينظر على الطلاب حولهم.
" أشعر أن أمر ما يخصنا قد وقع، انظري إلى الطلاب و نظراتهم، إنهم ليسوا ودودين على الإطلاق بل حقودين و خصوصاً عليكِ"
تذكرت فجأة ما حدث في مكتب الأستاذ كيم، ربما عندما إقترب منها رأى أحد ما الذي حدث و انطلق يشيع الخبر.
إنتشر التوتر على ملامحها بمجرد أن فكرت بنتائج فضيحة كهذه، إنتبه جيمين إلى الحال الذي وصلت إليه أوكتافيا بمجرد التفكير بالأمر.
وضع ملعقته جانباً و ارتكز بذقنه على قبضته ينظر لها بتمعن.
" ماذا تخفين عني يا أوكتافيا؟"
نظرت إليه ثم نفت برأسها سريعاً لتهمس بتوتر.
" لا شيء! أنا فقط أشعر بالحر"
ارتفع حاجبه دون الآخر و همس.
" لكننا في بداية فصل الشتاء يا أوكتافيا!"
يستطيع أن يميز صدقها من كذبها، عندما تكذب تتوتر هكذا و تتعذر بغباء.
" أنا أشعر بالتوعك لذا أشعر بالحر"
ارتفعت زاوية شفته بإبتسامة و همس.
" المريض يشعر بالبرد يا أوكتافيا، لا يشعر بالحر"
قضمت شفاهها بحرج و عبست ملامحها بينما هو إمتدت يده كي يتحسس حرارة جبينها.
" كما أن حرارتكِ طبيعية"
أشاحت ببصرها عنه بتوتر حتى وصلها صوته الجاد.
" ماذا تخفين عني يا أوكتافيا؟"
نفت برأسها سريعاً تدفع التهمة عنها.
" ماذا سأخفي عنك يا جيمين؟ إنني معك طوال الوقت!"
همهم و عيناه لم ترتفع عنها أبداً، الشك في حدقتيه و التكذيب يرسم ملامحه، بينما هي ألهت نفسها بالحديث معه و إلتفتت إلى وجبتها.
بعد فينة، إقترب بعض الطلاب المعروفون بمشاكلهم الكثيرة و وقفوا أمام طاولتهما.
" انظروا إلى الفتاة اللعوب!"
إزدرئت جوفها بينما تراقب الفتيان يلتفون حولهما، وقف جيمين غاضباً و أمسك بتلابيب قميص الشاب الذي تكلم.
" ما الذي تقصده أنت؟"
أبعد الشاب قبضتي جيمين عن قميصه و قصد بنظراته أوكتافيا التي وقفت بتوتر.
" أتكلم عن خطيبتك."
هسهس جيمين بينما يضرب الشاب بخفة على صدره.
" قل ما في جعبتك أو إنصرف!"
ربت الشاب على كتف جيمين بينما ينظر إلى أوكتافيا بإبتسامة لعوب.
" الفتاة تخطط للزواج بأكثر طلاب الجامعة ثراءً و في الخفاء ترتبط بالأستاذ الوسيم الأسمر."
نظر جيمين سريعاً إلى أوكتافيا و هي نفت برأسها و الدموع تملئ عيونها.
" لا تصدقه يا جيمين، تعلم أنني لا أفعل ذلك!"
أمسك جيمين بمعصمها و قربها إليه بغية أن يحميها من بطش هؤلاء الطلاب، قهقه الشاب بينما يعبث بهاتفه ثم عرض على جيمين شاشة هاتفه.
" صدقها و كذب عيناك"
صور شقيقه بينما يتلمس وجنتها عن قرب شديد و هي لا تتحرك بل تنظر إليه فقط، كان يعلم أنها تخفي عنه شيء و لكن ليس أمراً بهذه الخطورة.
لكنه لن يظهر سخطه منها أبداً بل سيدافع عنها الآن ثم يستمع إليها فيما بعد، ضرب الهاتف بالأرض بقوة و جعلها تقف بظهره ثم هسهس يهدد.
" إن سمعتك تتحدث عن خطيبتي أو علمت أنك تضايقها سأجعل صدرك يضيق لقلة الأنفاس"
قهقه شاب يستهين بجيمين إن غضب، كان ثمن تهاونه لكمة أسقطته أرضاً، هبط ارضاً على ركبتيه و أمسك بقميص الطلاب مهدداً.
" تجرأ و تحدث عنها مجدداً أو تنمر عليها، أتفهم؟"
أومئ الشاب ثم وقف و خرج يتبعونه جماعته، جميع الطلاب كانوا متجمعين حيث الشجار حدث و كانت فرصة جيمين أن يهددهم كما هدد ذلك الطالب.
" من يجرؤ أن يتحدث عن خطيبتي فليتقدم"
وقف الجميع ساكناً و انكست أبصارهم، أن تعلق مع بارك جيمين يعني أنك ستعاني طوال فترة دراستك في الجامعة، أمسك بيد أوكتافيا و قال قبل أن يخرج بها.
" أياكم أن أعلم أنكم تتكلمون على خطيبتي!"
خرج بها إلى الفناء الخلفي من الجامعة حيث لا يجتمعون الطلاب عادة، جذبها كي تقف أمامه ثم أفلتها.
" ما هذه الصور يا أوكتافيا؟"
كادت أن تجيبه و لكنه سبقها بالتحذير بينما يرفع سبابته أمام وجهها.
" أياكِ أن تقولي لا شيء، منذ الصباح و أنا أحاول إقناعكِ كي تقولي لي ما الذي تخفينه عني، الآن لا تقولي أنه لا شيء يا أوكتافيا؟"
تنهدت ثم رفعت بصرها إليه، هو معه حق أن يغضب و ذلك ما تدركه جيداً، جيمين يخاف عليها من ضِلها حتى فما بالك من أخيه الأستاذ اللعوب؟
" لا تتحدث معي هكذا يا جيمين، أعلم أنك غاضب مني و لكن هلّا هدأت من فضلك؟"
صاح فجأة جعلها ترتجف رغماً عنها،جيمين عندما يفقد يغضب يفقد سيطرته على نفسه.
" لا حاجة لدروسكِ الآن، تحدثي! ما قصة هذه الصور؟!"
صاحت به كما صاح بها، أكثر ما تكرهه أوكتافيا أن ينهرها أحدهم و خصوصاً إن كان جيمين.
" أخبرتك ألا تصرخ بي، أنا لا أعرف قصة هذه الصورة و كيف أُخِذَت و من أخذها، نعم لقد ذهبتُ إلى مكتب الأستاذ كي أعرض عليه مخطط المشروع، لقد إقترب مني فجأة و أنا لصدمتي تجمدت، لا أنكر ذلك لكن هذه الصور مبالغ بها!"
خبئ وجهه بين كفيه ثم قهقه بخفة بينما يدور حول نفسه بعيداً عنها، ها هي قد وقعت ضحية لألاعيب أخيه الأستاذ.
عاد ليقف أمامها و همس مستنكراً.
" أحقاً مبالغ بها؟"
أومأت إليه بصدق ليقول.
" و من يهتم؟"
إقترب إليها أكثر و نظر في عينيها يلومها، الذنب ذنبها هي التي لم تستمع إلى تحذيراته و لم ترضى أن تبتعد عن الأستاذ كيم.
" أنتِ ساعدتِه كي يحقق أهدافه بالذهاب إلى مكتبه وحدك و البقاء في صفوفه رغم أنني حذرتكِ يا أوكتافيا بالفعل!"
جيمين يعلم جيداً أن أخاه يستطيع فعل أي شيء لتحقيق أهدافه حتى لو دفع الثمن سمعته كأستاذ جامعي و هذا ما لا تعلمه أوكتافيا.
عندما طلب منها الإنسحاب من صفوفه ما كان بقصد السيطرة عليها بل حمايتها، لكنها لم تفهم هذا على الإطلاق و بقت مصممة على رأيها.
أنزلت رأسها و قد أدركت خطأها بالفعل، الآن هي ورطت نفسها بالأستاذ كيم و في الطلاب و جيمين من عليه إخراجها من ورطتها هذه.
" الآن أخبريني ماذا سنفعل؟ ماذا لو انتشر الخبر و تخطى أسوار الجامعة؟"
أمسك بها من كتفيها ينبأها بما سيحدث.
" وقتها لن نستطيع إطباق الأفواه مهما فعلنا و كله بسبب عنادك قبل مجون أخي و فسوقه"
الفضائح تتفشى بين الناس كما تتفشى النار في قوّتها، ستُهضم سمعة أوكتافيا و سيرتها كما تهضم النار ما تتقوت عليه.
" ماذا سيحدث لو علمت عائلتينا؟"
رفعت بصرها إليه تترقب الأجابة.
" سيزوجونا في أسرع وقت لردئ التهمة عنكِ"
وضعت يديها على وجهها ثم خرجت منها أصوات شهقات خافتة، إنها تبكي و جيمين يقف أمامها و ينظر إليها بصمت.
إقتربت منه ثم خبأت وجهها في عنقه و إختبأت به لتهمس.
" أنا ما كنتُ أقصد ذلك يا جيمين، صدقني هو من إقترب مني، أنا لا أريد إقترابه"
.....................
في غرفة جونغهيون الصغير الفوضى تعم و الصخب هو كل ما يُسمَع، تلاعب الأم طفلها و جو فرح الطفل يسود.
نايون مهما أعتم قلبها يستطيع هذا الصغير بضحكته أن ينير عتمة مشاعرها، داعبت شعره الناعم بينما هو يلعب برجُله الحديدي.
وقتها دخل تيمين بإبتسامة، وقفت نايون و ابتعدت قليلاً عن الطفل تنتظر أن يبتعد والده عن الباب حتى تخرج.
" أمي لماذا تخرجين بمجرد أن يدخل أبي؟ هل أنتما متخاصمين؟"
نظر كلاهما إلى بعضهما حتى أشاحت نايون ببصرها عنه بتوتر و نقلت بصرها إلى طفلها و فعل بعدها زوجها.
إقترب تيمين من الطفل الجالس أرضاً في وسط كومة ألعابه ثم جلس القرفصاء أمامه.
" لسنا متخاصمين، لكن أمك حزينة قليلاً"
نظر الطفل إلى أمه التي وقفت مكانها بإرتباك و أشاحت ببصرها عنهم.
" لكن لماذا هي حزينة؟"
أشار تيمين على نفسه ليهتف الطفل ببرائة.
" منك يا أبي؟ لماذا؟"
نهض تيمين على قدميه و تقدم منها حتى وقف أمامها، حرجاً منه نايون أخفضت بصرها لكن سرعان ما وجدت أنامله طريقاً لذقنها كي ترفعه.
" تكلم أحدهم بالسوء عني و هي صدقته"
نفت برأسها بخفة لكنه ابتسم بخفة لسماع رد الطفل.
" إذاً أنت من عليه أن يحزن يا أبي و ليس أمي"
رفع أنامله ليتحسس بها وجنتها و همس.
" أليس كذلك؟ هي المخطئة و ليس أنا"
همهم الطفل و صرف إنتباههما عنهم إلى ألعابه، ابتعدت خطوة إلى الوراء عن يده التي تناولت وجنتها و وضبت خصل شعرها مع البقية خلف أذنها، نظرت إليه بتوتر ثم همست.
" سأذهب كي أحضر الحليب من أجل جونغهيون، أستميحك عذراً"
تمسك بذراعها فور أن تقدمته ليوقفها ثم قال.
" و أنا لا أمنحكِ عذراً "
الهرب منه اصبح وسيلتها لتحاشيه طوال الوقت تسبقه إلى النوم و تسبقه في النهوض و طوال فترة وجوده في القصر ستكون في غرفة الطفل تلاعبه.
ما قاله جونغ إن ذلك اليوم قد أثر على التقدم الطفيف الذي حدث بينهما، هذا التقدم الذي إحتاج أعواماً لإنجابه نحره جونغ إن بكلمتين في لحظة.
ما زال لا يشعر بالحب إتجاهها كما يجب و لكنه سيفتح الطريق للحب أن يصل قلبه، بتجاهلها المتواصل و إبتعادها الدائم عنه هي تقطع على الحب طريقه إلى قلبه أيضاً.
يعلم جيداً أنها تحبه و أن تجاهلها هذا ليس إلا إنتصاراً لمشاعرها التي جُرِحَت و كرامتها التي أُهينَت.
إنحدرت راحته من على ذراعها إلى كفها الرقيق ليرفع إلى شفتيه و قبله ببطئ و هناك الصغير حيث يجلس شجع والده بتصفيرة عابثة.
أفلتت يدها من يده و استدارت لتخرج لكنه همس يستوقفها.
" لستِ كذلك بالنسبة لي، أنتِ زوجتي الغالية التي لن أبدلها بكل ما أملك"
سمعت هذا الكلام كثيراً و ما عاد يؤثر على مشاعرها، كلمة مثل " أحبكِ" فقط التي ستقدر أن تسعدها.
تجاهلت ما قاله و خرجت، هو ابتسم بخفة و إلتفت إلى طفله الذي همس و إبهامه مرفوع بتشجيع.
" عمل جيد أبي"
قهقه تيمين بينما يتقدم إلى طفله، بعثر شعره و همس.
" أيها الشقي!"
قليلاً من الوقت و وصله صوت صراخ والدته الغاضبة و هو استنتج وحده أن هذا الصراخ ليس إلا على نايون.
" لا تخرج من غرفتك"
أمر طفله الذي أومئ بطاعة ثم هرول بقدميه خارجاً، ثوان بسيطة و كان في مركز الشجار، والدته تقف بغضب أمام نايون و نايون تبكي بصمت.
" ما الذي يحدث هنا؟"
أشارت السيدة إلى نايون و صاحت بغضب.
" بسبب هذه و أمثالها أنت و شقيقك تنجرفان نحو الهاوية"
أمسك بيد نايون و قربها كي تقف بجانبه ثم بحاجبين قد إنعكفا بسخط.
" أنتِ ماذا تقولين يا أمي؟ ما شأن جونغ إن بزوجتي"
إقترب من والدته محذراً يرفع سبابته بوجهها
" رجاءً يا أمي لا تشبهيني به، أنا لدي زوجة و مكتفٍ بها"
نظرت إليه ثم إلى زوجته بسخط و همست.
" نعم، مكتفٍ بها و لا تنام في غرفتك حتى!"
ألقت عليه هاتفها و جعلته ينظر فيه.
" انظر إلى أخيك و أفعاله، إنه يلتف حول خطيبة أخاك جيمين لأنها راقية و مثقفة و جميلة، كل بسببه زيجته من تلك الفقيرة المعدمة، لو تزوج فتاة كأوكتافيا لما نظر إلى غيرها"
نظر إلى الصور ثم أعطى لها هاتفها و قال بنبرة ساخرة.
" تلك الفقيرة المعدمة هو من إختارها زوجة له، لو أنكم أجبرتموه على خياركم لما خرج منه كاي فقط لخرج عشرون كاي منه"
أمسك بيد زوجته ثم قال.
" لا تشركي زوجتي بمشاكلكم، حلوها بعيداً عني و إلا أخذتها و ابني و خرجت، وقتها لن تعرفون لي أرضاً، أنا أحذركِ يا أماه!"
وقفت أمه بغضب شديد رغم فزعها من تهديد إبنها إذ إن تيمين غادر من سيدير أعمالهم، راقبته و هو يقود زوجته برفق معه إلى الأعلى مجدداً بينما يواسيها.
نحو لارا و نايون لا تكن سوى كل الحقد فقط لأنهما من خلفية فقيرة بعض الشيء، أما أوكتافيا فتراهن عليها بحياتها فقط لأنها وريثة مجموعة BBH
" لا تستمعي إليها يا نايون، أنا أعتذر بالنيابة عنها"
إبتسمت بخفة بعدما دخلا معاً غرفتهما ثم همست.
" لا عليك مني، إتصل بجيمين لنعلم ما الذي حدث"
أومئ لها ليخرج هاتفه و تراجع ليجلس على السرير، ربت لها على الحيز بجانبه كي تشغله و هي بخجل فعلت.
" أقسم أنني سأقتل أخاك هذا و أرمل زوجته اليافعة و أزوجها برجل أفضل منه و ابنه سأيتمه و أكون له أباً، فقط أريد قتله يا تيمين!"
بمجرد أن أجاب جيمين الإتصال قال هذا، تنهد تيمين بينما يشعر بنار الغضب أخذت منه حطباً.
" هون على نفسك يا جيمين و اخبرني بهدوء الذي حدث"
لكن جيمين لم يهدأ بل مع مرور الوقت هو يزداد غضباً و خصوصاً أنه الآن وحده و يستطيع الصراخ كما يشاء.
" أخوك النذل العابث حاول أن يعبث مع خطيبتي و هذه ثاني مرة أن يفعل تصرف قذر كهذا، يحاول تشويه سمعة خطيبتي كي يبطل الزواج"
" لكن بعيدة أمانيه عن عينيه يا تيمين، أنا سأتزوجها لو وقف جميع الناس ضدي و مهما فعل هذه الفتاة لي"
كان تيمين و النهر خير مستمعان لشكوى جيمين و غضبه، سكون النهر و حُلم تيمين جعلا نار جيمين تخد قليلاً، هو كان بحاجة لأن يصرخ هكذا.
لكن شيء ما قاله و جذب سمع تيمين و إنتباهه كله.
" جيمين! أليست علاقة الحب بينك و بين أوكتافيا مزيفة فقط لتنقذك من تدابير أبي؟ ما الذي تقوله الآن"
بتجهم و تهجم نبس جيمين، ما عاد يريد أن ترتبط علاقته بأوكتافيا بالزيف على الإطلاق، إن مشاعره الآن ليست مزيفة و هذا الحب ليس مزيفاً.
" ما عاد هذا الحب مزيف يا تيمين و أوكتافيا لي مهما حاول جونغ إن سحبها مني و إجتذابها إليه، فليفهم ذلك و إلا جعلت العالم بأكمله شاهداً على موته بين يدي"
فهم لحظتها تيمين بأن الغضب لم يحرك جيمين بهذا الصخب و الشغب بقدر المشاعر، مشاعر الحب الذي ابُتعِثَت في قلبه خير شاهد على أن هذا الشاب في سبيل الحب شهيد.
ربما جيمين وجد متنفس له في ماء النهر و أمواجه التي ينعكس عليها ضوء القمر أما أوكتافيا فجدران شقتها كانت تضيق على صدرها، كانت تشعر بنفسها على حِفة الحياة.
جيمين ألقى بها في شقتها ثم غادر دون أن يقول شيء طوال الوقت، هو فقط لم يتكلم معها بل لم ينظر إليها حتى، تعلم أنها في عينيه مذنبة، هي أخطأت و لكن لم تعلم بأن أمر سطحي كهذا قد يؤول إلى فضيحة تجب أنحاء الجامعة.
تخشى في الصباح الباكر أن تستيقظ على خبر يزيد وضعها سوءاً، ما يهمها الآن ألا تخرج الفضيحة خارج أسوار الجامعة و يلتزم الطلاب الصمت بشأنها.
و لكن هذه الأمنية أشبه ما تكون بأن تجبر كلب جائع أن يغلق فاهه عن قطع اللحم الشهية التي تتوهج في عينيه.
و لا ألذ من لحم البشر و هم أحياء في افواه بعضهم بعضاً، يعشقون أن يلوكوا لحوم بعضهم رغم أنهم أبناء جنس واحد.
نامت أوكتافيا على آمال كثيرة و مخاوف أكثر، ليلة إنقضت بمخاوفها و انتهت بصباح أكثر رعباً.
سوق البورصة يشهد على الخسارة الفادحة التي نالت من شركتي كيم و بيون، هبوط حاد في الأسهم أما العنواين الإخبارية فهي تتصدر خبر الفضيحة بشواهد تؤكدها صِحتها.
إتصال هاتفي أوقظ أوكتافيا من نومها المتوعك على الأريكة.
" أنتِ ماذا فعلتِ يا غبية؟ الذنب ذنبي! أنا وثقت بلعوب مثلكِ و وليتكِ أمر نفسكِ، لم أتوقع منكِ هذا العبث و تلك الوقاحة النافثة، عودي إلى القصر فوراً و إلا بعثتُ من يأتونكِ مُحمّلة "
والدها لم يمنحها فرصة لتبرير موقفها أو الدفاع عن نفسها، هو وبخها توبيخه الحار و هددها ثم أغلق الهاتف.
وقفت أوكتافيا من رقودها و أطرافها ترتجف و بالفعل هي تبكي، لم يُسبَق لها أنها وقعت في موقف كهذا طوال حياتها لذا الآن لا تستطيع تولية نفسها لنفسها.
تناولت هاتفها بأنامل ترتجف و اتصلت بمن هو أقرب إلى قلبها.
" جيمين أرجوك ساعدني، أبي يهددني و أنا في ورطة، أرجوك ساعدني و وبخني لاحقاً!"
إنتفض فزعاً لأجلها و ركض إلى سيارته، النهر الذي بات على ضفافه قريب منها لحسن الحظ، استغرقه الطريق عشر دقائق و ها هو يقرع جرس بابها.
فتحت له الباب و ارتمت في كنفه تلتجأ، في هذه اللحظة استرجعت الأمان الذي فقدته بإبتعاده عنها و مخاصمته لها.
" أرجوك يا جيمين خذني من هنا قبل أن يصلوا رجال أبي و يأخذونني معهم عنوة "
مسح على شعرها يطمأنها رغم توتره الشديد.
" لا تقلقي، أنتِ معي و بأمان الآن "
إنحدرت يده من على رأسها إلى معصمها و اجتذبها.
" هيا بنا نذهب"
أومأت له تسلمه حياتها، أقفلت الباب تحتفظ بخصوصية ذكريات هذه الشقة و تابعت خطواته حيث يذهب بحثاً عن أمنها و هي تثق به كثقة الأعمى بعقله و بقية حواسه.
أخذها بسيارته في الوقت المناسب إذ بمجرد أن غادروا حتى وصل رجال السيد بيون، لا تعلم الآن إلى أين سيأخذها لكنها تثق به و بقرارته.
رغم أنه آتى مسرعاً لعونها، الآن فقط دفئه لا يقوى على تغطية بروده، عيناه عندما تتصيدها تجرح لحدتها، الآن هو ما زال غاضباً و هي ما زالت مذنبة.
تلفتت تطلع على الطريق الذي توقف فيه بالفعل.
" أين نحن؟"
دون أن ينظر إليها أجاب.
" هذا فندق، لن يستطيع أحد الوصول إليه، معلوماته تبقى سرية و لن يجدنا أحد هنا"
ترجلت بعدما ترجل ثم تقدم ليمسك بيدها، يبدو المكان غريب جداً، طاولات خشبية و كرافانات لخدمة الزبائن.
ذهب ليحجز مكاناً ليبقيا فيه، أمسك بيدها مجدداً و ذهب بها إلى خلف الكرافانات، الكثير من الأشجار بينها مقاعد خشبية.
" لا أفهم، أين سنبقى؟"
تجاهل سؤالها و ضل متمسك بها، إبتسمت بينما ترى أكواخ تنتشر بين الشجر، بين كل كوخ و آخر مسافة بعيدة نسبياً.
" الكوخ رقم خمسة عشر"
عندما وصل إلى البئر المنشود تريث ليفتح بابه ثم أدخلها و دخل خلفها، أنه من الداخل غرفة بسيطة تحوي سريرين منفصلين و دورة مياه صغيرة.
تمدد على سريره و تنهد ليغمض عينيه بينما تقف هي في مكانها بإرتباك، إقتربت أوكتافيا منه و جلست على طرف السرير بجانبه ثم همست.
" جيمين، هل سنبقى هكذا؟ ألن تتحدث معي؟"
يستمع إليها بأذن صاغية لكنه تجاهلها مجدداً، سرعان ما شعر بقلبه يكاد يخرج من مكانه عندما وضعت رأسها عليه.
" جيمين من فضلك كُفّ عن تجاهلي، أعلم أنني أخطأت في إخفاء الأمر عنك، كنت قلقة بشأن ردة فعلك، أنا آسفة من فضلك اصفح عني، هكذا أنا أشعر بنفسي عبء عليك"
دموعها بللت قميصه و ما عاد بإستطاعته معاقبتها بالتجاهل، شعرت بيده تمسح على رأسها.
" لا تبكي، لا بأس"
رفعت رأسها كي تنظر إليه، إبتسم بخفة و مسح دموعه، هي في غاية البرائة كاي يستطيع أن يؤذيها بسبب برائتها هذه، ها هي تعتليه بجذعها و لا تلاحظ ذلك.
لم يستطيع إلا أن ينظر لتينكِ الشفتين اللتين تناما أسفل صهوة أنفها بعد مفترق، إزدرء جوفه و أغمض عينيه.
لا يريد أن يتهور و ينجرف خلف مشاعره، يخشى ألا تتقبله في هذه الطريقة لكن نبضه الصاخب و ضيق أنفاسه يعملان كمنوم يطيح على عقله.
يريد أن يحبها كما يشاء و كما تستحق، فتح عينيه و قد قلب نيته، يريد الآن أن يجازف و يركض خلف مشاعره مهما إبتعدت عنه.
أمسك بوجنتيها فجأة عندما كادت أن تنهض و قربها إليه أكثر حتى بدأ يشعر بأنفاسها المضطربة تمشي على وجهه بنعومة.
تبسم و قربها إليه أكثر ثم لثمها، إرتجفت و تحركت ربما رفضاً لكنه تمسك بها و بدل زاويته إلى أخرى أعمق.
ما حررها حتى شعر بها لا تتحرك نهائياً، فتح عينيه على وجهها الذي أزهر خجلاً من فعلته الجريئة، لم تنظر إليه بل نهضت عنه و خرجت من الكوخ بتوتر.
وقفت مستندة على الباب خلفها، زفرت أنفاسها بتوتر و رفعت يدها التي ترتعش إلى قلبها الذي يصرخ نبضاً لا ينبض.
تنهدت و قضمت شفاهها و ذلك المشهد لا ينفك أن يتكرر أمام عينيها، ما زالت تشعر بشفتيه تقبلها بذلك التروي و الهدوء.
لا تعرف ما شعورها حيال هذا غير الخجل، أقلبها ينبض بهذا الصخب بسبب الصدمة أم الخجل أم لشعور آخر؟
هي بالفعل لا تعلم الإجابة.
تقدمت لتجلس على الدرجتين أمام الكوخ، وضعت رأسها في حجرها، تريد أن تتوقف تلك الفوضى التي أحدثها بقلبها و بتفكيرها.
منذ متى يكن لها الحب الذي يكون بين رجل و إمرأة؟
هذا أهم سؤال تريد له إجابة الآن.
............................
سلاااااااااااام
فعلياً من هذا البارت إحنا فعلاً دخلنا بالحبكة الرئيسية، كونوا متشوقين للأحداث القادمة لأنها رح تكون قوية.
البارت القادم بعد 70 فوت و 70 كومنت.
١. رأيكم بجيمين؟ تجاهله لأوكتافيا؟ القُبلة التي فضحت مشاعره؟
٢. رأيكم بأوكتافيا؟ تخوفها من الفضيحة و لجوئها لجيمين؟ ردة فعلها تجاه القبلة؟
٣. رأيكم بتيمين و نايون و تصرفه ليردع والدته؟
٤. إلى ماذا ستؤول إليه علاقة جيمين و أوكتافيا؟
٥.رأيكم بالبارت ككل و توقعاتكم للقادم؟
دمتم سالمين
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
Love
أمسك جيمين بيد خطيبته و حرص أن يظهر الخاتمين بينما يسيران إلى داخل الكافتيريا، بشكل غريب كان الطلاب جميعهم ينظرون إلى الزوجين.
بعد أن أخذا طعامهما و توجها إلى الجلوس على أحد الطاولات الفارغة قال جيمين بينما ينظر على الطلاب حولهم.
" أشعر أن أمر ما يخصنا قد وقع، انظري إلى الطلاب و نظراتهم، إنهم ليسوا ودودين على الإطلاق بل حقودين و خصوصاً عليكِ"
تذكرت فجأة ما حدث في مكتب الأستاذ كيم، ربما عندما إقترب منها رأى أحد ما الذي حدث و انطلق يشيع الخبر.
إنتشر التوتر على ملامحها بمجرد أن فكرت بنتائج فضيحة كهذه، إنتبه جيمين إلى الحال الذي وصلت إليه أوكتافيا بمجرد التفكير بالأمر.
وضع ملعقته جانباً و ارتكز بذقنه على قبضته ينظر لها بتمعن.
" ماذا تخفين عني يا أوكتافيا؟"
نظرت إليه ثم نفت برأسها سريعاً لتهمس بتوتر.
" لا شيء! أنا فقط أشعر بالحر"
ارتفع حاجبه دون الآخر و همس.
" لكننا في بداية فصل الشتاء يا أوكتافيا!"
يستطيع أن يميز صدقها من كذبها، عندما تكذب تتوتر هكذا و تتعذر بغباء.
" أنا أشعر بالتوعك لذا أشعر بالحر"
ارتفعت زاوية شفته بإبتسامة و همس.
" المريض يشعر بالبرد يا أوكتافيا، لا يشعر بالحر"
قضمت شفاهها بحرج و عبست ملامحها بينما هو إمتدت يده كي يتحسس حرارة جبينها.
" كما أن حرارتكِ طبيعية"
أشاحت ببصرها عنه بتوتر حتى وصلها صوته الجاد.
" ماذا تخفين عني يا أوكتافيا؟"
نفت برأسها سريعاً تدفع التهمة عنها.
" ماذا سأخفي عنك يا جيمين؟ إنني معك طوال الوقت!"
همهم و عيناه لم ترتفع عنها أبداً، الشك في حدقتيه و التكذيب يرسم ملامحه، بينما هي ألهت نفسها بالحديث معه و إلتفتت إلى وجبتها.
بعد فينة، إقترب بعض الطلاب المعروفون بمشاكلهم الكثيرة و وقفوا أمام طاولتهما.
" انظروا إلى الفتاة اللعوب!"
إزدرئت جوفها بينما تراقب الفتيان يلتفون حولهما، وقف جيمين غاضباً و أمسك بتلابيب قميص الشاب الذي تكلم.
" ما الذي تقصده أنت؟"
أبعد الشاب قبضتي جيمين عن قميصه و قصد بنظراته أوكتافيا التي وقفت بتوتر.
" أتكلم عن خطيبتك."
هسهس جيمين بينما يضرب الشاب بخفة على صدره.
" قل ما في جعبتك أو إنصرف!"
ربت الشاب على كتف جيمين بينما ينظر إلى أوكتافيا بإبتسامة لعوب.
" الفتاة تخطط للزواج بأكثر طلاب الجامعة ثراءً و في الخفاء ترتبط بالأستاذ الوسيم الأسمر."
نظر جيمين سريعاً إلى أوكتافيا و هي نفت برأسها و الدموع تملئ عيونها.
" لا تصدقه يا جيمين، تعلم أنني لا أفعل ذلك!"
أمسك جيمين بمعصمها و قربها إليه بغية أن يحميها من بطش هؤلاء الطلاب، قهقه الشاب بينما يعبث بهاتفه ثم عرض على جيمين شاشة هاتفه.
" صدقها و كذب عيناك"
صور شقيقه بينما يتلمس وجنتها عن قرب شديد و هي لا تتحرك بل تنظر إليه فقط، كان يعلم أنها تخفي عنه شيء و لكن ليس أمراً بهذه الخطورة.
لكنه لن يظهر سخطه منها أبداً بل سيدافع عنها الآن ثم يستمع إليها فيما بعد، ضرب الهاتف بالأرض بقوة و جعلها تقف بظهره ثم هسهس يهدد.
" إن سمعتك تتحدث عن خطيبتي أو علمت أنك تضايقها سأجعل صدرك يضيق لقلة الأنفاس"
قهقه شاب يستهين بجيمين إن غضب، كان ثمن تهاونه لكمة أسقطته أرضاً، هبط ارضاً على ركبتيه و أمسك بقميص الطلاب مهدداً.
" تجرأ و تحدث عنها مجدداً أو تنمر عليها، أتفهم؟"
أومئ الشاب ثم وقف و خرج يتبعونه جماعته، جميع الطلاب كانوا متجمعين حيث الشجار حدث و كانت فرصة جيمين أن يهددهم كما هدد ذلك الطالب.
" من يجرؤ أن يتحدث عن خطيبتي فليتقدم"
وقف الجميع ساكناً و انكست أبصارهم، أن تعلق مع بارك جيمين يعني أنك ستعاني طوال فترة دراستك في الجامعة، أمسك بيد أوكتافيا و قال قبل أن يخرج بها.
" أياكم أن أعلم أنكم تتكلمون على خطيبتي!"
خرج بها إلى الفناء الخلفي من الجامعة حيث لا يجتمعون الطلاب عادة، جذبها كي تقف أمامه ثم أفلتها.
" ما هذه الصور يا أوكتافيا؟"
كادت أن تجيبه و لكنه سبقها بالتحذير بينما يرفع سبابته أمام وجهها.
" أياكِ أن تقولي لا شيء، منذ الصباح و أنا أحاول إقناعكِ كي تقولي لي ما الذي تخفينه عني، الآن لا تقولي أنه لا شيء يا أوكتافيا؟"
تنهدت ثم رفعت بصرها إليه، هو معه حق أن يغضب و ذلك ما تدركه جيداً، جيمين يخاف عليها من ضِلها حتى فما بالك من أخيه الأستاذ اللعوب؟
" لا تتحدث معي هكذا يا جيمين، أعلم أنك غاضب مني و لكن هلّا هدأت من فضلك؟"
صاح فجأة جعلها ترتجف رغماً عنها،جيمين عندما يفقد يغضب يفقد سيطرته على نفسه.
" لا حاجة لدروسكِ الآن، تحدثي! ما قصة هذه الصور؟!"
صاحت به كما صاح بها، أكثر ما تكرهه أوكتافيا أن ينهرها أحدهم و خصوصاً إن كان جيمين.
" أخبرتك ألا تصرخ بي، أنا لا أعرف قصة هذه الصورة و كيف أُخِذَت و من أخذها، نعم لقد ذهبتُ إلى مكتب الأستاذ كي أعرض عليه مخطط المشروع، لقد إقترب مني فجأة و أنا لصدمتي تجمدت، لا أنكر ذلك لكن هذه الصور مبالغ بها!"
خبئ وجهه بين كفيه ثم قهقه بخفة بينما يدور حول نفسه بعيداً عنها، ها هي قد وقعت ضحية لألاعيب أخيه الأستاذ.
عاد ليقف أمامها و همس مستنكراً.
" أحقاً مبالغ بها؟"
أومأت إليه بصدق ليقول.
" و من يهتم؟"
إقترب إليها أكثر و نظر في عينيها يلومها، الذنب ذنبها هي التي لم تستمع إلى تحذيراته و لم ترضى أن تبتعد عن الأستاذ كيم.
" أنتِ ساعدتِه كي يحقق أهدافه بالذهاب إلى مكتبه وحدك و البقاء في صفوفه رغم أنني حذرتكِ يا أوكتافيا بالفعل!"
جيمين يعلم جيداً أن أخاه يستطيع فعل أي شيء لتحقيق أهدافه حتى لو دفع الثمن سمعته كأستاذ جامعي و هذا ما لا تعلمه أوكتافيا.
عندما طلب منها الإنسحاب من صفوفه ما كان بقصد السيطرة عليها بل حمايتها، لكنها لم تفهم هذا على الإطلاق و بقت مصممة على رأيها.
أنزلت رأسها و قد أدركت خطأها بالفعل، الآن هي ورطت نفسها بالأستاذ كيم و في الطلاب و جيمين من عليه إخراجها من ورطتها هذه.
" الآن أخبريني ماذا سنفعل؟ ماذا لو انتشر الخبر و تخطى أسوار الجامعة؟"
أمسك بها من كتفيها ينبأها بما سيحدث.
" وقتها لن نستطيع إطباق الأفواه مهما فعلنا و كله بسبب عنادك قبل مجون أخي و فسوقه"
الفضائح تتفشى بين الناس كما تتفشى النار في قوّتها، ستُهضم سمعة أوكتافيا و سيرتها كما تهضم النار ما تتقوت عليه.
" ماذا سيحدث لو علمت عائلتينا؟"
رفعت بصرها إليه تترقب الأجابة.
" سيزوجونا في أسرع وقت لردئ التهمة عنكِ"
وضعت يديها على وجهها ثم خرجت منها أصوات شهقات خافتة، إنها تبكي و جيمين يقف أمامها و ينظر إليها بصمت.
إقتربت منه ثم خبأت وجهها في عنقه و إختبأت به لتهمس.
" أنا ما كنتُ أقصد ذلك يا جيمين، صدقني هو من إقترب مني، أنا لا أريد إقترابه"
.....................
في غرفة جونغهيون الصغير الفوضى تعم و الصخب هو كل ما يُسمَع، تلاعب الأم طفلها و جو فرح الطفل يسود.
نايون مهما أعتم قلبها يستطيع هذا الصغير بضحكته أن ينير عتمة مشاعرها، داعبت شعره الناعم بينما هو يلعب برجُله الحديدي.
وقتها دخل تيمين بإبتسامة، وقفت نايون و ابتعدت قليلاً عن الطفل تنتظر أن يبتعد والده عن الباب حتى تخرج.
" أمي لماذا تخرجين بمجرد أن يدخل أبي؟ هل أنتما متخاصمين؟"
نظر كلاهما إلى بعضهما حتى أشاحت نايون ببصرها عنه بتوتر و نقلت بصرها إلى طفلها و فعل بعدها زوجها.
إقترب تيمين من الطفل الجالس أرضاً في وسط كومة ألعابه ثم جلس القرفصاء أمامه.
" لسنا متخاصمين، لكن أمك حزينة قليلاً"
نظر الطفل إلى أمه التي وقفت مكانها بإرتباك و أشاحت ببصرها عنهم.
" لكن لماذا هي حزينة؟"
أشار تيمين على نفسه ليهتف الطفل ببرائة.
" منك يا أبي؟ لماذا؟"
نهض تيمين على قدميه و تقدم منها حتى وقف أمامها، حرجاً منه نايون أخفضت بصرها لكن سرعان ما وجدت أنامله طريقاً لذقنها كي ترفعه.
" تكلم أحدهم بالسوء عني و هي صدقته"
نفت برأسها بخفة لكنه ابتسم بخفة لسماع رد الطفل.
" إذاً أنت من عليه أن يحزن يا أبي و ليس أمي"
رفع أنامله ليتحسس بها وجنتها و همس.
" أليس كذلك؟ هي المخطئة و ليس أنا"
همهم الطفل و صرف إنتباههما عنهم إلى ألعابه، ابتعدت خطوة إلى الوراء عن يده التي تناولت وجنتها و وضبت خصل شعرها مع البقية خلف أذنها، نظرت إليه بتوتر ثم همست.
" سأذهب كي أحضر الحليب من أجل جونغهيون، أستميحك عذراً"
تمسك بذراعها فور أن تقدمته ليوقفها ثم قال.
" و أنا لا أمنحكِ عذراً "
الهرب منه اصبح وسيلتها لتحاشيه طوال الوقت تسبقه إلى النوم و تسبقه في النهوض و طوال فترة وجوده في القصر ستكون في غرفة الطفل تلاعبه.
ما قاله جونغ إن ذلك اليوم قد أثر على التقدم الطفيف الذي حدث بينهما، هذا التقدم الذي إحتاج أعواماً لإنجابه نحره جونغ إن بكلمتين في لحظة.
ما زال لا يشعر بالحب إتجاهها كما يجب و لكنه سيفتح الطريق للحب أن يصل قلبه، بتجاهلها المتواصل و إبتعادها الدائم عنه هي تقطع على الحب طريقه إلى قلبه أيضاً.
يعلم جيداً أنها تحبه و أن تجاهلها هذا ليس إلا إنتصاراً لمشاعرها التي جُرِحَت و كرامتها التي أُهينَت.
إنحدرت راحته من على ذراعها إلى كفها الرقيق ليرفع إلى شفتيه و قبله ببطئ و هناك الصغير حيث يجلس شجع والده بتصفيرة عابثة.
أفلتت يدها من يده و استدارت لتخرج لكنه همس يستوقفها.
" لستِ كذلك بالنسبة لي، أنتِ زوجتي الغالية التي لن أبدلها بكل ما أملك"
سمعت هذا الكلام كثيراً و ما عاد يؤثر على مشاعرها، كلمة مثل " أحبكِ" فقط التي ستقدر أن تسعدها.
تجاهلت ما قاله و خرجت، هو ابتسم بخفة و إلتفت إلى طفله الذي همس و إبهامه مرفوع بتشجيع.
" عمل جيد أبي"
قهقه تيمين بينما يتقدم إلى طفله، بعثر شعره و همس.
" أيها الشقي!"
قليلاً من الوقت و وصله صوت صراخ والدته الغاضبة و هو استنتج وحده أن هذا الصراخ ليس إلا على نايون.
" لا تخرج من غرفتك"
أمر طفله الذي أومئ بطاعة ثم هرول بقدميه خارجاً، ثوان بسيطة و كان في مركز الشجار، والدته تقف بغضب أمام نايون و نايون تبكي بصمت.
" ما الذي يحدث هنا؟"
أشارت السيدة إلى نايون و صاحت بغضب.
" بسبب هذه و أمثالها أنت و شقيقك تنجرفان نحو الهاوية"
أمسك بيد نايون و قربها كي تقف بجانبه ثم بحاجبين قد إنعكفا بسخط.
" أنتِ ماذا تقولين يا أمي؟ ما شأن جونغ إن بزوجتي"
إقترب من والدته محذراً يرفع سبابته بوجهها
" رجاءً يا أمي لا تشبهيني به، أنا لدي زوجة و مكتفٍ بها"
نظرت إليه ثم إلى زوجته بسخط و همست.
" نعم، مكتفٍ بها و لا تنام في غرفتك حتى!"
ألقت عليه هاتفها و جعلته ينظر فيه.
" انظر إلى أخيك و أفعاله، إنه يلتف حول خطيبة أخاك جيمين لأنها راقية و مثقفة و جميلة، كل بسببه زيجته من تلك الفقيرة المعدمة، لو تزوج فتاة كأوكتافيا لما نظر إلى غيرها"
نظر إلى الصور ثم أعطى لها هاتفها و قال بنبرة ساخرة.
" تلك الفقيرة المعدمة هو من إختارها زوجة له، لو أنكم أجبرتموه على خياركم لما خرج منه كاي فقط لخرج عشرون كاي منه"
أمسك بيد زوجته ثم قال.
" لا تشركي زوجتي بمشاكلكم، حلوها بعيداً عني و إلا أخذتها و ابني و خرجت، وقتها لن تعرفون لي أرضاً، أنا أحذركِ يا أماه!"
وقفت أمه بغضب شديد رغم فزعها من تهديد إبنها إذ إن تيمين غادر من سيدير أعمالهم، راقبته و هو يقود زوجته برفق معه إلى الأعلى مجدداً بينما يواسيها.
نحو لارا و نايون لا تكن سوى كل الحقد فقط لأنهما من خلفية فقيرة بعض الشيء، أما أوكتافيا فتراهن عليها بحياتها فقط لأنها وريثة مجموعة BBH
" لا تستمعي إليها يا نايون، أنا أعتذر بالنيابة عنها"
إبتسمت بخفة بعدما دخلا معاً غرفتهما ثم همست.
" لا عليك مني، إتصل بجيمين لنعلم ما الذي حدث"
أومئ لها ليخرج هاتفه و تراجع ليجلس على السرير، ربت لها على الحيز بجانبه كي تشغله و هي بخجل فعلت.
" أقسم أنني سأقتل أخاك هذا و أرمل زوجته اليافعة و أزوجها برجل أفضل منه و ابنه سأيتمه و أكون له أباً، فقط أريد قتله يا تيمين!"
بمجرد أن أجاب جيمين الإتصال قال هذا، تنهد تيمين بينما يشعر بنار الغضب أخذت منه حطباً.
" هون على نفسك يا جيمين و اخبرني بهدوء الذي حدث"
لكن جيمين لم يهدأ بل مع مرور الوقت هو يزداد غضباً و خصوصاً أنه الآن وحده و يستطيع الصراخ كما يشاء.
" أخوك النذل العابث حاول أن يعبث مع خطيبتي و هذه ثاني مرة أن يفعل تصرف قذر كهذا، يحاول تشويه سمعة خطيبتي كي يبطل الزواج"
" لكن بعيدة أمانيه عن عينيه يا تيمين، أنا سأتزوجها لو وقف جميع الناس ضدي و مهما فعل هذه الفتاة لي"
كان تيمين و النهر خير مستمعان لشكوى جيمين و غضبه، سكون النهر و حُلم تيمين جعلا نار جيمين تخد قليلاً، هو كان بحاجة لأن يصرخ هكذا.
لكن شيء ما قاله و جذب سمع تيمين و إنتباهه كله.
" جيمين! أليست علاقة الحب بينك و بين أوكتافيا مزيفة فقط لتنقذك من تدابير أبي؟ ما الذي تقوله الآن"
بتجهم و تهجم نبس جيمين، ما عاد يريد أن ترتبط علاقته بأوكتافيا بالزيف على الإطلاق، إن مشاعره الآن ليست مزيفة و هذا الحب ليس مزيفاً.
" ما عاد هذا الحب مزيف يا تيمين و أوكتافيا لي مهما حاول جونغ إن سحبها مني و إجتذابها إليه، فليفهم ذلك و إلا جعلت العالم بأكمله شاهداً على موته بين يدي"
فهم لحظتها تيمين بأن الغضب لم يحرك جيمين بهذا الصخب و الشغب بقدر المشاعر، مشاعر الحب الذي ابُتعِثَت في قلبه خير شاهد على أن هذا الشاب في سبيل الحب شهيد.
ربما جيمين وجد متنفس له في ماء النهر و أمواجه التي ينعكس عليها ضوء القمر أما أوكتافيا فجدران شقتها كانت تضيق على صدرها، كانت تشعر بنفسها على حِفة الحياة.
جيمين ألقى بها في شقتها ثم غادر دون أن يقول شيء طوال الوقت، هو فقط لم يتكلم معها بل لم ينظر إليها حتى، تعلم أنها في عينيه مذنبة، هي أخطأت و لكن لم تعلم بأن أمر سطحي كهذا قد يؤول إلى فضيحة تجب أنحاء الجامعة.
تخشى في الصباح الباكر أن تستيقظ على خبر يزيد وضعها سوءاً، ما يهمها الآن ألا تخرج الفضيحة خارج أسوار الجامعة و يلتزم الطلاب الصمت بشأنها.
و لكن هذه الأمنية أشبه ما تكون بأن تجبر كلب جائع أن يغلق فاهه عن قطع اللحم الشهية التي تتوهج في عينيه.
و لا ألذ من لحم البشر و هم أحياء في افواه بعضهم بعضاً، يعشقون أن يلوكوا لحوم بعضهم رغم أنهم أبناء جنس واحد.
نامت أوكتافيا على آمال كثيرة و مخاوف أكثر، ليلة إنقضت بمخاوفها و انتهت بصباح أكثر رعباً.
سوق البورصة يشهد على الخسارة الفادحة التي نالت من شركتي كيم و بيون، هبوط حاد في الأسهم أما العنواين الإخبارية فهي تتصدر خبر الفضيحة بشواهد تؤكدها صِحتها.
إتصال هاتفي أوقظ أوكتافيا من نومها المتوعك على الأريكة.
" أنتِ ماذا فعلتِ يا غبية؟ الذنب ذنبي! أنا وثقت بلعوب مثلكِ و وليتكِ أمر نفسكِ، لم أتوقع منكِ هذا العبث و تلك الوقاحة النافثة، عودي إلى القصر فوراً و إلا بعثتُ من يأتونكِ مُحمّلة "
والدها لم يمنحها فرصة لتبرير موقفها أو الدفاع عن نفسها، هو وبخها توبيخه الحار و هددها ثم أغلق الهاتف.
وقفت أوكتافيا من رقودها و أطرافها ترتجف و بالفعل هي تبكي، لم يُسبَق لها أنها وقعت في موقف كهذا طوال حياتها لذا الآن لا تستطيع تولية نفسها لنفسها.
تناولت هاتفها بأنامل ترتجف و اتصلت بمن هو أقرب إلى قلبها.
" جيمين أرجوك ساعدني، أبي يهددني و أنا في ورطة، أرجوك ساعدني و وبخني لاحقاً!"
إنتفض فزعاً لأجلها و ركض إلى سيارته، النهر الذي بات على ضفافه قريب منها لحسن الحظ، استغرقه الطريق عشر دقائق و ها هو يقرع جرس بابها.
فتحت له الباب و ارتمت في كنفه تلتجأ، في هذه اللحظة استرجعت الأمان الذي فقدته بإبتعاده عنها و مخاصمته لها.
" أرجوك يا جيمين خذني من هنا قبل أن يصلوا رجال أبي و يأخذونني معهم عنوة "
مسح على شعرها يطمأنها رغم توتره الشديد.
" لا تقلقي، أنتِ معي و بأمان الآن "
إنحدرت يده من على رأسها إلى معصمها و اجتذبها.
" هيا بنا نذهب"
أومأت له تسلمه حياتها، أقفلت الباب تحتفظ بخصوصية ذكريات هذه الشقة و تابعت خطواته حيث يذهب بحثاً عن أمنها و هي تثق به كثقة الأعمى بعقله و بقية حواسه.
أخذها بسيارته في الوقت المناسب إذ بمجرد أن غادروا حتى وصل رجال السيد بيون، لا تعلم الآن إلى أين سيأخذها لكنها تثق به و بقرارته.
رغم أنه آتى مسرعاً لعونها، الآن فقط دفئه لا يقوى على تغطية بروده، عيناه عندما تتصيدها تجرح لحدتها، الآن هو ما زال غاضباً و هي ما زالت مذنبة.
تلفتت تطلع على الطريق الذي توقف فيه بالفعل.
" أين نحن؟"
دون أن ينظر إليها أجاب.
" هذا فندق، لن يستطيع أحد الوصول إليه، معلوماته تبقى سرية و لن يجدنا أحد هنا"
ترجلت بعدما ترجل ثم تقدم ليمسك بيدها، يبدو المكان غريب جداً، طاولات خشبية و كرافانات لخدمة الزبائن.
ذهب ليحجز مكاناً ليبقيا فيه، أمسك بيدها مجدداً و ذهب بها إلى خلف الكرافانات، الكثير من الأشجار بينها مقاعد خشبية.
" لا أفهم، أين سنبقى؟"
تجاهل سؤالها و ضل متمسك بها، إبتسمت بينما ترى أكواخ تنتشر بين الشجر، بين كل كوخ و آخر مسافة بعيدة نسبياً.
" الكوخ رقم خمسة عشر"
عندما وصل إلى البئر المنشود تريث ليفتح بابه ثم أدخلها و دخل خلفها، أنه من الداخل غرفة بسيطة تحوي سريرين منفصلين و دورة مياه صغيرة.
تمدد على سريره و تنهد ليغمض عينيه بينما تقف هي في مكانها بإرتباك، إقتربت أوكتافيا منه و جلست على طرف السرير بجانبه ثم همست.
" جيمين، هل سنبقى هكذا؟ ألن تتحدث معي؟"
يستمع إليها بأذن صاغية لكنه تجاهلها مجدداً، سرعان ما شعر بقلبه يكاد يخرج من مكانه عندما وضعت رأسها عليه.
" جيمين من فضلك كُفّ عن تجاهلي، أعلم أنني أخطأت في إخفاء الأمر عنك، كنت قلقة بشأن ردة فعلك، أنا آسفة من فضلك اصفح عني، هكذا أنا أشعر بنفسي عبء عليك"
دموعها بللت قميصه و ما عاد بإستطاعته معاقبتها بالتجاهل، شعرت بيده تمسح على رأسها.
" لا تبكي، لا بأس"
رفعت رأسها كي تنظر إليه، إبتسم بخفة و مسح دموعه، هي في غاية البرائة كاي يستطيع أن يؤذيها بسبب برائتها هذه، ها هي تعتليه بجذعها و لا تلاحظ ذلك.
لم يستطيع إلا أن ينظر لتينكِ الشفتين اللتين تناما أسفل صهوة أنفها بعد مفترق، إزدرء جوفه و أغمض عينيه.
لا يريد أن يتهور و ينجرف خلف مشاعره، يخشى ألا تتقبله في هذه الطريقة لكن نبضه الصاخب و ضيق أنفاسه يعملان كمنوم يطيح على عقله.
يريد أن يحبها كما يشاء و كما تستحق، فتح عينيه و قد قلب نيته، يريد الآن أن يجازف و يركض خلف مشاعره مهما إبتعدت عنه.
أمسك بوجنتيها فجأة عندما كادت أن تنهض و قربها إليه أكثر حتى بدأ يشعر بأنفاسها المضطربة تمشي على وجهه بنعومة.
تبسم و قربها إليه أكثر ثم لثمها، إرتجفت و تحركت ربما رفضاً لكنه تمسك بها و بدل زاويته إلى أخرى أعمق.
ما حررها حتى شعر بها لا تتحرك نهائياً، فتح عينيه على وجهها الذي أزهر خجلاً من فعلته الجريئة، لم تنظر إليه بل نهضت عنه و خرجت من الكوخ بتوتر.
وقفت مستندة على الباب خلفها، زفرت أنفاسها بتوتر و رفعت يدها التي ترتعش إلى قلبها الذي يصرخ نبضاً لا ينبض.
تنهدت و قضمت شفاهها و ذلك المشهد لا ينفك أن يتكرر أمام عينيها، ما زالت تشعر بشفتيه تقبلها بذلك التروي و الهدوء.
لا تعرف ما شعورها حيال هذا غير الخجل، أقلبها ينبض بهذا الصخب بسبب الصدمة أم الخجل أم لشعور آخر؟
هي بالفعل لا تعلم الإجابة.
تقدمت لتجلس على الدرجتين أمام الكوخ، وضعت رأسها في حجرها، تريد أن تتوقف تلك الفوضى التي أحدثها بقلبها و بتفكيرها.
منذ متى يكن لها الحب الذي يكون بين رجل و إمرأة؟
هذا أهم سؤال تريد له إجابة الآن.
............................
سلاااااااااااام
فعلياً من هذا البارت إحنا فعلاً دخلنا بالحبكة الرئيسية، كونوا متشوقين للأحداث القادمة لأنها رح تكون قوية.
البارت القادم بعد 70 فوت و 70 كومنت.
١. رأيكم بجيمين؟ تجاهله لأوكتافيا؟ القُبلة التي فضحت مشاعره؟
٢. رأيكم بأوكتافيا؟ تخوفها من الفضيحة و لجوئها لجيمين؟ ردة فعلها تجاه القبلة؟
٣. رأيكم بتيمين و نايون و تصرفه ليردع والدته؟
٤. إلى ماذا ستؤول إليه علاقة جيمين و أوكتافيا؟
٥.رأيكم بالبارت ككل و توقعاتكم للقادم؟
دمتم سالمين
❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤
Love
Коментарі