Report
Chapter One
Chapter Two
Chapter Three
Chapter Four
Chapter Five
Chapter six
Chapter Seven
Chapter Eight
Chapter Nine
Chapter Ten
Chapter Eleven
Chapter Twelve
Chapter Thirteen
Ch14|| حواء
Ch 15|| خليل الهان
CH 16|| أحكام
Ch17|| الحب و أشباهه
CH18|| فوضى مشاعر
CH19|| رعشة البتول
CH20||فرائس الحب
CH21|| فقدان الفردوس
CH22||حقوق ليست بمحلها
CH23|| تفرِقة
Ch24|| في قاع الحب
CH25|| إلى الهاوية
CH26||حب و جريمة
CH27||خالل الهان
CH28||أساس ركيك
CH29||مُبهم
CH30||صراع القلوب
CH31||الأعزب ليلاً
CH32||إنجلاء قِناع
CH33|| مذلة و نذالة
CH34||في الصفح و الحقد
CH35|| لا يتعظ
CH36|| عصيٌ على الطُهر
CH37|| هوّة
CH38|| حُب الرُّهبان
CH39|| إمرأة للبيع
CH40|| المرأة الثمينة
CH41|| من ضلع الكرامة
CH42|| ابن الهان
CH43||تَمسّ السماء بأناملها
CH44|| أزمة عاطفيّة
CH45|| بداية النهاية
CH46|| اللوتس
CH47|| قلبي يحبها
CH48|| عُقد النقص
CH49|| وعد
CH50|| أزمة ثقة
CH51|| إعتذارات ومعاذير
The End|| تُفّاح مُحرّم
CH49|| وعد
" وعد"









هل وددتَ يومًا لو تنشق عن الحياة، أن تتوقف عن كونك حيّ؟! أن ترغب في أن تكون رُفات؟

هل سبق ورأيت أن للموت حُضن دافئ يقيكَ شرّ الدنيا، الناس، وحتى نفسك؟!

كثيرًا ما تأرجح ميزان الأفضلية بين النقيضين هذين، الحياة والموت، أيهما أفضل، أيهما فيه الراحة لنا.

كثيرًا ما تطلعت إلى المستقبل وتمسّكت بالأمل، أقول الغد أفضل، المستقبل أجمل، سيأتي يومًا وانتصر.

تتمسك بأمل ركيك وتنتظر أن يأتي هذا اليوم... وتنتظر فقط.

الحياة حلبة سباق، لا تتوقف على أحد، تركض بموكبها وحسب، ومن سقط يسقط، ومن صمد يصمد.

العالم لن يتوقف على خسارتك، أو خسارتي، أو خسارة أي أحد، الحياة بهذا الشر، لا ترحم، لذا رأيت في الموت رحمة.

في أشد لحظاتي ضُعفًا وغضبًا تمنيتُ الموت، رأيت فيه حُب لم يره غيري فيه، حنان وراحة، كان الإنتحار أكثر تجارب حياتي دفئًا، كنت أرى الراحة في كف الموت وبكفه الآخر يلوح لي من بعيد، لكنني لم أصله لسوء الحظ.

لأنه -الموت- الوحيد الذي في النهاية ينالك، حتى لو تخلى الجميع عنك، الموت لن يتخلى عنك.

بكم القساوة الني تقبع خلف الكلمة -الموت- وجدتها حٌلوة وشهيّة، فكرة الخلاص مؤخرًا تستشيرني وتجعلني أحبها جدًا كما أحببتها سابقًا، ربما أكثر حتى.

أفي الموت راحة؟
لا يمكنك أن تدري، لأننا لا ندري تحديدًا إلى أي دار ذاهبون بعد الموت.

لكن سواء كانت الجحيم أو الجنة، على الاقل؛ أنت تعلم أنك لم تُظلم، وأن الذي أنصفك ربٌ عادل لا يظلم عِباده.

فإن دخلت الجحيم فبفعل يدك، وإن حوتك الجنة فقد تغمدتك رحمة الإله لأنك تستحق.

هذا العدل لا تعرفه الحياة...

...

كنتُ أخطط لأن أُفاجئ لارا بأبيها، وددتُ أن تلتقي به ويتحدث معها وجهًا لوجه، لعل هذه الأفكار العوجاء إنزاحت عن رأسها، وأقتنعت بالأسرة المفككة التي تنتمي لها. 

لكنني لم أجدها في المدرسة، ولم أجدها في البيت، لم أجدها في أي مكان قصدته، وذلك جعلني مجنونة بشأنها.

خرجت وضاعت؟
إختطفها أحد؟
أو أحد ينوي إضعاف إصراري عبرها؟

الشياطين أخذت تتقافز فوق أفكاري، وتعشعش فوق رأسي، كنتُ خائفة لدرجة ما مكّنتني أن أفكر بسويّة، لذا لم أرى فاعل سِواه.

ومن سيختطفها غيره؟
لا مصلحة لأحد معي سواه، وحده من قد يفعل شيئًا كهذا بي، فهو يملك الحق بها أكثر مني، وعبرها يستطيع إستغلال أبشع إستغلال، ولن أقدر على إيقافه.

أسرعتُ إلى حيث تواعدنا أن نلتقي، ووجدته بالفعل يجلس خلف إحدى الطاولات بنزاهة، وكأنه لم يفعل شيء، أو أنه يظنني غبيّة كفاية كي أصدق أنه ليس الفاعل.

ركضتُ إليه، وصرخت في وجهه أنه من فعل ذلك بابنتي الصغيرة لإستضعافي.

قبضتُ على تلابيب قميصه وجعلته ينهض، وبعد أن تفوقت قامته عليّ جعلته ينحني بعنقه لي، ليقابل وجهي وجهه، فليرى النار التي تتقد في هِضابي، وليسمع الصراخ في وِدياني.

" أجبني أين لارا؟!"

...

بان الإرتباك في ملامح وجهه مما تقول، وتمسّك بقبضتيها بضياع يقول.

" ماذا تقصدين بأين لارا؟ أنا هنا بإنتظاركِ وأياها!"

نفت برأسها لا تصدقه، وشددت على قميصه تخنقه وتستجوبه، وهو لم يحاول أن يُسعف نفسه من قبضتيها، فباله مشغول بلارا وأين قد تكون، لم يكن قادرًا أن يفكر بسويّة.

" أنت كاذب! أين لارا؟!"

إستجمع شِتاته، ثم أزارح قبضتيها عن صدره فيما هي تلكمه وتصرخ وتبكي، تمسّك بكفّها يقول.

" لا وقت لتتهميني الآن ونُضيّع المزيد من الوقت، هذه بيكّين، لن نستطيع إيجادها بسهولة، لذا هيّا معي سريعًا!"

سحبها خلفه إلى حيث ركن سيارته، أجلسها بجانبه وتولّى القيادة، كانت بجانبه ترتجف ولا تتكلم، فقط تختنق رغم أنها تتنفس، لم تمر بمثل هذا الشعور القاسي من قبل.

شعور أن تفقد حياتها أهون عليها من أن تفقد السبب الذي يجعلها حيّة لليوم، لولا لارا لقتلت نفسها منذ زمن.

وصل بها إلى أقرب مركز شُرطة وقدموا بلاغًا، ولأنها طفلة لا يمكن أن ينتظروا لأربع وعشرين ساعة حتى تمضي، فقد باشروا بالبحث فورًا.

خرج جونغ إن وأوكتافيا من القسم بعدما أدلوت بإفادتهما ومعلومات تخصّهما كذا تخص ابنتهما.

عزم جونغ إن في هذه المرحلة أن يكون الطرف القوي هنا، فأوكتافيا بالفعل مُنهارة، وإنهياره يعني إنتكاسة، هذه المرة هو سيحمل العِبئ وحده، فقد حان دوره ليتولى المسؤولية، ليكون الأب الحقيقي .

كان يسير بينما يسند جذع أوكتافيا المُتهالك إليه، يحيط ظهرها بذراع، ويمسك بيدها باليد الأخرى، فيما هي تستند على صدره وتمشي بصعوبة.

أوصلها إلى شِقتها بعد أن قضى الطريق بينهما بالصمت، هو يفكر بما قد يحدث للطفلة، وهي تفكر بالأمر ذاته بينما تسند رأسها على زجاج النافذة وتبكي بصمت.

جعلها تجلس على إحدى آرائكها، ثم ركع على ركبتيه أمامها، تمسك بيديها وتحدث، ليجعلها تلتفت إليه، وتخرج من دوامة القلق التي ضاعت بها، هي حتى دموعها لا تنشف على وجنتها إلا وقد تكون بللتها من جديد.

" لا تبكي وثقي بي يا أوكتافيا، أعدكِ أنه مهما كلّفني الأمر؛ فأنني سأجدها وأعيدها لكِ، هذه الليلة ستنام هنا ابنتنا، في بيتك"

مسح دموعها حينما نظرت إليه ثم همّ بالرحيل، لكنها تمسّكت بيده وقالت.

" لو عثرت عليها اليوم سأصدق أنك تغيرت، وسأمنحك فرصة جديدة معي"

ربّت على يدها وقال.

" إطمئنّي!"

كلامها كان دافعًا قويًا بالنسبة له، ولأجل سلامة ابنته وإثبات نفسه؛ لن يترك اليوم مكانًا إلا ويبحث فيه، وسيبحث ويبحث حتى يجدها.

ذهب إلى مركز الشرطة ثانيةً، وطلب تحقيقًا عبر كاميرات المراقبة، وبينما فريق من الشرطة يفعل ذلك إتصل بكل المستشفيات القريبة ومراكز الشرطة بحثًا عنها.

أصبحت الساعة التاسعة وجونغ إن لم يجدها بعد، مرّ على إختفائها سِت ساعات وما زال يبحث، ولن يفقد عزمه أبدًا.

الآن خرج يبحث عنها في الشوارع بنفسه، في الأزقّة التي لا تتواجد فيها كاميرات مراقبة في مُحيط المدرسة والبيت.

بجد وإجتهاد ضل يبحث ويبحث، جال عدة أحياء ودخل في الكثير من الأزقّة، واجه الكثير من السُكترى والمُشردين، وما زال يبحث.

سمع صوت ضحكات قادمة من إحدى الأزقّة التي في طريقه لأن يقصدها فركض إليها، إحتمال ضعيف أن تكون ابنته هناك، لكنه سيتمسك بأي إحتمال ممكن مهما كان ضحلًا وضئيلًا.

حفنة من السُكارى والمشردين يأكلون وجبات خفيفة ويشربون الخمر في هذا الزِقاق، إنخفض لينظر في أحدهم بعشوائية وتسآل بلغتهم الصينيّة.

" أرأيت فتاة صغيرة، بيضاء البشرة وشعرها أسود وطويل، ترتدي زي المدرسة؟"

نفى الرجل، كاد أن ينهض جونغ إن بعدما تنهد ليبحث بنفسه في الزقاق، لكن الرجل تمسّك بساعده، وتبسّم إبتسامة خبيثة يقول.

" تقصد تلك الفتاة الصغيرة إبنة إحدى الأغنياء؟"

إزدرئ جونغ إن جوفه وأومئ، ربما لا تكون هي، ولكنه سيتمسك بهذا الأمل الضعيف.

ضحك الرجل ضحكة عوجاء، وأشار إلى داخل الزقاق.

" بعض الشباب... لا أدري ما الذي يجدونه في جسد هذه الطفلة مُثير لشهواتهم!"

صاح جونغ إن وتمسك بتلابيب الرجل.

" أين هي؟ أين؟!"

أشار الرجل إلى داخل الزِقاق يقول.

" لكن احذر، هم مسلّحين!"

ركض جونغ إن إلى حيث أشار الرجل، وبطريقه تناول قطعة حديديّة معقوفة وجدها أرضًا.

فيما يركض سمع صوت صرخات، صرخات طفلته فأسرع يصرخ باسمها.

" لارا! أين أنتِ؟"

" أبي ساعدني!"

سمع صوت صرختها وتوجه حيث أتته، صاح بغضب شديد حينما وجد إحدى الرجال تتطاول يده على تنورتها المدرسية لنزعها.

" ابعد يدك أيها القذر!"

ركض، وضرب الرجل على رأسه بهذه الأداة الحادة، التي يحملها فنفر الدم منه وسقط أرضًا.

تمسّك بيد ابنته وجذبها لتقف في ظهره، بينما هو بمواجهة أربعة رجال عظيمي الجُثة يحملون قطع حديديّة تشبه التي معه لكنها أكثر غِلظة، رغم ذلك؛ عليه مواجهتهم وحده.

تضاحك الرجال الأربعة الباقون مستخفين بقدرات الرجل اليافع والوحيد في تضاد معهم، فجونغ إن رغم طوله وعضلاته المفتولة بما يتناسب وحجمه بلا مبالغة، فهو لن يقدر على إسقاط أربعتهم وحده.

هم إستهانوا به كثيرًا، لذا قرروا أن يتقدم واحد فقط منهم وينهي أمره، تقدم الأول فرفع الأداة جونغ إن وضرب بها صدره قبل أن يضربه وسقط.

تقدم الثاني تستشري معالمه الغضب على رفيقه، فكان على جونغ إن مراوغته والتفلّت منه كثيرًا وتفادي الضربات حتى أوقعه بضربة قاضية.

تقدم الثالث وبغتة ضرب جونغ إن على رأسه بقطعة الحديد الغليظة التي يحملها، فخر جونغ إن ارضًا يتمسك بإصابه رأسه الموجعة.

تشوش بصره وشعر بالدم يسيل من على صدغه ويقطّر على فكه ليسير على عنقه، إرتفع صوت الطنين في أذنيه وتشوش بصره.

ما كان قادرًا أن يحفظ توازنه جيدًا حتى، لكنه لمح يد إمتدت لتسلب منه طفلته، تمسك جونغ إن بها وتمسّكت هي بقميصه من دُبر تصيح.

" ليس بهذه السهولة!"

إستقام رغم الوجع الشديد وباغت الرجل بضربة على يده تركت فيها شرخًا واسعًا ثم ضربة أخرى على رأسه أفقدته وعيه.

والآن بقي واحدًا فقد، وها قد رفع يديه يقرّ بأنه لن يهاجم، وذلك جيد، لأن جونغ إن واثق بأنه لن يقدر على بُنية هذا الرجل، لن يقدر على ضربه مباشرة ولا مراوغته ولا حتى مباغتته حتى لو كان بأفضل حالاته الجسدية.

أما الآن، وهو بهذه الحالة؛ يستحيل أن يقدر عليه.

" سؤال واحد، وسأتركك تذهب بها، ماذا تعني لك هذه الفتاة؟!"

تسآل الرجل فيما يبتسم، فلقد أعجبته شجاعة هذا الرجل اليافع.

قرّب جونغ إن لارا منه أكثر، وفيما يتأرجح جسده لشدة الوجع قال.

" ابنتي، ولن تنال من ظِفرها حتى لو اضطررت أن أقتلك!"

تراجع الرجل ثم أدبر فيما يبتسم، لا يدري جونغ إن لأي سبب فعل الرجل هذا وتراجع، لكن عليه أن ينتهز الفرصة ويغادر قبل أن يعترض طريقه أي أحد.

حمل طفلته على كتفه، وأخذ يركض بها خارج الزقاق، نجاة ابنته في هذه اللحظات كانت أهم من نجاته وسلامته بالنسبة له، إذ لم يأبه بالدم الذي يسيل من رأسه حتى رقبته وكتفه.

وما إن خرج من الزقاق وأصبح في منتصف ضوضاء المدينة؛ أنزلها عن كتفه، وجعلها تقف أمامه، إنحنى يتمسّك بكتفيها وتسآل.

" أخبريني، أنتِ بخير؟ هل تأذيتِ في أي مكان؟"

نفت الصغيرة برأسها بينما تبكي، وأمسكت بوجنة أبيها التي لطختها الدماء تقول.

" لا بابا، أنا بخير، لكنكَ أنتَ لستَ بخير"

نفى برأسه وإزدرئ جوفه، فيما يمسح على وجنتيها قال.

" لا تقلقي بشأني، أنا بخير تمامًا، علينا أن نذهب إلى ماما الآن!"

إمتنعت الصغيرة وصارت تنتحب.

" لا بابا، أرجوك دعنا نذهب إلى المستشفى أولًا"

حملها على ذراعه، وانطلق بها إلى حيث قد يجد سيارة أجرة، فهو ليس مخوولًا أن يقود بما أن العالم يدور في عينيه.

" سيدي، أنت بخير؟"

أومئ جونغ إن للسائق، وبصعوبة قال.

" بخير، خذني إلى العنوان هذا"

ما إن وصل وفتحت أوكتافيا له الباب، استقبلت لارا بحضنها وأخذت تبكي بجنون، لم تلحظ إصابة جونغ إن.

" لارا يا شقيّة! أين كنتِ؟ أهكذا تفعلين بي؟!"

تفلتت لارا من حضن أمها وفيما تبكي قالت.

" بابا ينزف، أرجوكِ افعلي شيء!"

رفعت أوكتافيا بصرها إلى جونغ إن، ثم شهقت تستقيم، تمسّكت بوجهه وأخذت تبكي أكثر.

" ما كل هذه الدماء؟ ما الذي حدث معك؟!"

ما كان قادرًا أن يسمع ما تقوله، لكنه قرأ على ملامحها المشوشة في عينيه القلق، لذا بصعوبة قال.

" أنا بخير، إصابة طفيفة فحسب!"

وما إن قال الكلمة حتى سقط أرضًا فاقدًا وعيه، فجسده كذّب لسانه للتوّ، جثت أوكتافيا بجانبه وأخذت تهز جسده فيما تصرخ باكية.

" جونغ إن أستيقظ! جونغ إن!"

تمسّكت لارا بوجه أمها ومدت لها هاتفها تقول.

" هاكِ، اتصلي بالإسعاف بسرعة ماما!"

فعلت أوكتافيا، وبعد محادثتهم أتت بقطعة قماش ولفّت بها رأسه، لا تدري إن كان ذلك فعلًا صحيحًا، لكنها قامت بما يسعها فعله لأجله.

رفعت رأسه لتضعه في حِجرها، وأخذت تمسح دماءه عن وجهه وعنقه بكُم قميصها، كانت تبكي بحرارة بينما تحتضن رأسه إلى كُنفها.

" لا تستسلم أرجوك، أنت أثبت أنك قويّ وصادق، الآن لا يمكنك أن تتوقف إلى هذا الحد، أرجوك لا تستسلم!"

إحتضنته وبكت عليه حتى أتى الإسعاف، لا تدري ما الذي أصاب قلبها ورقّ فجأة إلى هذا الحد، الآن رغم أنها إستعادة ابنتها إلا أنها تشعر بقلق ليس هيّن حياله،

بعدما أتت الإسعاف ونقلوه إلى المستشفى تبعتهم بسيارتها وأخذت معها لارا، في المستشفى كانت أوكتافيا تنتظر أن يخرج إليها طبيب ويبلّغها أنه بخير.

إنتظرت وإنتظرت حتى إنهارت أرضًا فلقد طال الإنتظار، جلست ارضًا منهارة، تضم جسدها وتبكي.

ولتواسيها ابنتها أتت في حضنها، تواسيها وتعتذر عمّا فعلته فيما تبكي هي الأخرى.

" ماما أنا السبب فيما حدث، لولا أنني هربت لما حدث لبابا شيء، أنا آسفة!"

خرج الطبيب فوقفت أوكتافيا سريعًا لسماع الأخبار.

" كيف حاله أيها الطبيب؟ أرجوك اخبرني!"

" ليس عليكِ أن تقلقي، هو بخير، الضربة كانت قوية لذا تشتت حواسه لبعض الوقت، لكن الدماغ لم يتضرر، نحن سنتركه يبقى في المستشفى حتى الغد تحسبًا فقط لأي أمر، ثم بإمكانكِ إخراجه أن تبيّن لنا أنه بخير"

أومأت تشكره والطبيب غادر، صمدت أوكتافيا مكانها حتى أخرجوا جونغ إن على نقّالة إلى غرفته الخاصة.

جلست بجانبه على السرير، ورفعت لارا لتجلس على قدمها، فيما كلتاهنّ ينظرن إلى جونغ إن، وينتظرن ساعة إستيقاظه.

لكنه تأخر... لم تكن أوكتافيا تمتلك أحد ليعتني بلارا وتثق به بخصوصها سوى يشينغ، لكنهما على خِصام، ولكنها في مِثل هذا الموقف بادرت بالصُلح معه.

تركت لارا بفرفة والدها، وخرجت تتصل به في الرِواق على عتبة الباب، طال إنتظارها ولكنه أجابها في النهاية، ربما تردد أو لم يُرد أن يجبها حتى.

" يشينغ؟ مرحبًا"

" أهلًا"

تنهدت تقبض يدها الحُرة بتوتر، فصوته كان بارد وجاف.

" هل تستطيع أن تُبقي لارا عندك الليلة؟"

بان على صوته القلق.

" لِمَ؟ حدث شيء؟"

همهمت.

" إنني في المستشفى الآن، أنا بخير ولارا بخير، لكنني لا استطيع أن أُغادر، هل تأتي وتأخذها معك؟"

" آتٍ!"

أغلق الخط ودخلت أوكتافيا، جلست على طرف السرير تنظر إلى جونغ إن.

" لِمَ أبي لا يستيقظ؟"

نظرت أوكتافيا إلى ابنتها وقالت.

" لأنه مُتعب بسببك، سيأتي العم يشينغ ويأخذك، ولا أود أن أسمعكِ تعترضين، من اليوم معاملتي معكِ ستتغير!"

أخفضت الصغيرة رأسها وأخذت تبكي بصمت، قليلًا ما تخرج لشهقاتها صوت، وكثيرًا ما تتستر عليها.

أبلغها يشينغ عبر إتصال أنه وصل، لذا خرجت أوكتافيا لملاقاته أمام باب المستشفى ومعها لارا، لحظ بقع الدماء على قميص وثياب لارا، لذا بقلق تسآل.

" ما الذي حدث؟"

ركضت لارا إليه وتمسّكت بساقه تنتحب.

" بسببي بابا تأذى"

إنخفض ليحمل لارا على ذراعه يهدئ من روعها، وأوكتافيا تنهدت بعدما أستقام ينتظر منها إجابة.

" ما أعرفه أن لارا هربت، وبينما يحاول جونغ إن إستعادتها تأذى"

تهكم يشينغ ببسمة ساخرة.

" وهل تصدقينه؟"

تنهدت أوكتافيا وأجابت مستاءة من لهجته هذه.

" ما رأيته يجعلني أصدقه، شكرًا لك على أية حال"

ثم أدبرت تترك معه إبنتها، لا يمكن لجونغ إن تلفيق هذا المشهد، أنها ليست طريقة تنفع لخداعها، ما رأته كان الحقيقة.

عادت إلى الغرفة، وطوت جسدها على الكرسي تراقبه، كان ينام بهدوء، طلائع وجهه خامدة لا تضمر شيئًا.

لا يمكنها أن تنسى الدماء وهي تسيل منه، ولا كيف سقط بين يديها فاقدًا وعيه.

كل هذا كان حقيقي للغاية!

هل تصدق الآن أنه تغير؟

هي قد وعدته بالفعل أنها ستصدقه لو أعاد ابنتها الليلة، وهو قد أوفى بكلمته وفعل، لذا عليها أن تُصدقه، وتمنحه الفرصة التي وعدته بها.

راقبته حتى غاب القمر، وعلى طلائع الفجر نامت، لم تقدر على مقاومة النُعاس.

في الصباح أستيقظت على صورته، عظامها تؤلمها، فلقد كانت نومتها هذه غير مُريحة إطلاقًا، لكن كان من المريح بالنسبة لها أن تصحو على صورة وجهه وقد أستفاق.

سُرعان ما قعدت على الكرسي بإستقامة وقالت.

" أنت بخير؟ أنادي الطبيب؟"

تمسّك بمعصمها قبل أن تنهض فيما يبتسم، ثم نفى قائلًا.

" لم أتوقع أن أراكِ قلقة بشأني إلى هذا الحد، لا أصدق أنكِ بقيتِ معي حتى!"

إزدرئت جوفها وجلست تقول.

" ما الذي حدث معك؟"

أخذ يتذكر ما حدث وتنهد يقول.

" لا أدري، ولكن ربما أعود إلى السجن من جديد"

تسآلت بنبرة عالية.

" لماذا قد تعود؟!"

" ضربتُ عدة رجال ولا أدري كيف أصابتهم ومدى خطورتها"

نفت برأسها، وبلا أن تعي امسكت بيده تُشدد عليها.

" لا يُعقل أن تُسجن لأنك دافعت عن نفسك أو عن ابنتك!"

ربّت على يدها وقال مبتسمًا.

" على آية حال، سأكون بخير مهما حدث، لذا لا داعي أن تقلقي"

" لا يمكنني ألا أقلق!"

تبسم فيما ينظر في ملامحها التي تتداعى بقلق ورهبة لأجله، لم يكن ليتصور أن يومًا كهذا سيأتي، ويراها تخاف عليه إلى هذا الحد.

ربما صدّقته، وربما وثقت به، وهو هذه المرة لن يكسر ثقتها به مهما حدث، سيجعلها أكثر ثقة بها، تصدقه حتى تثق به، وحتى تحبه.

هذه المرة سيكون الحب عن جدارة، قوي متين، والأهم صادق ونابع من القلب، بلا خُبث ونوايا سيئة المصير.

.............................

دخل جيمين إلى مكتب أخيه المدير التنفيذي تيمين، أشار الأكبر لأخيه أن يجلس فيما يتم هو مكالمته.

" هل أنتَ بخير؟"

" كم تحتاج؟"

" لا عليك أنه مالك أيضًا"

" حسنًا، كُن حذرًا ولا تتعرض للأذى"

" وداعًا"

تهكم جيمين ببسمة فيما يلهو بالساعة الرمليّة التي تُزين مكتب أخيه، جلس تيمين في مكانه فيما جيمين طرح سؤاله ساخرًا.

" جونغ إن يطلب المال مُجددًا؟!"

تنهد تيمين بأستياء من نبرة أخيه التي لا تتغير رغم مرور السنين وأنحسار المشاكل، لكنه لم يُفصح عن أستيائه بالكلام، أنه يتفهم جيمين، لكن السنين مرّت وكرهه وحقده يزداد.

حرب الأخوة هذه عليها أن تنتهي إلى هذا الحد، حان الوقت ليكونوا أخوة بالفعل...

" إنها المرة الأولى التي يطلب بها المال، هو تعرض لأصابة خطيرة في رأسه، وانتهى الأمر به في مستشفى باهظ، ولا يمكنه دفع التكاليف مما يكسب"

اتبع تيمين حينما وجد أخيه مشغولًا بالساعة، بلا كلمات يقول أنه لا يُبالي بأمر أخيه البعيد.

" ثم له حق في المال كما لنا، هو شقيقنا أيضًا، يُحبَّذ أن تتذكر هذه الحقيقة"

ضحك جيمين بخفّة وهمس.

" مال لم يتعب في جنّيه"

رفع جيمين بصره إلى أخيه وكفّ عن اللعب بهذه الساعة قائلًا.

" ماذا حدث هذه المرة؟ حاول أن يبيع نفسه أم ماذا؟"

نفى تيمين متنهدًا وقال.

" أنقذ ابنته من جريمة إختطاف وإعتداء جنسيّ، وهكذا أُصيب"

إرتفع حاجب جيمين عن ناصيته وهتف ساخرًا.

" اووه! تغيير مُثير للإهتمام، أصبح يستخدم قبضته على غير نساءه، بل ويدافع عن عائلته"

ثم تلبسّته ملامح كارهة، واختفت السُخرية عنه ثم همس.

" لن أصدق حتى لو رأيتُه بعينيّ يفعل ذلك، هو ببساطة قد لفّق قصة جديدة، وأنت كالعادة وثقت به وصدقته"

تنهد تيمين ونهض عن كرسيه ليأتي ويجلس قِبالة أخيه، هكذا يكون إليه أقرب.

" أنت لا تدري ما الذي أفعله بشأنه، لقد شهدت ابنته بما أخبرتك به للتو، وبالفعل وجدوا المُعتدين مضروبين، كما أن لي طُرقي الخاصّة للتأكد من صِحة أقواله"

ثم ابتسم تيمين وربّت على كتف أخيه يقول.

" لا تستهن بقدراتي، لأنني حتمًا سأدهشك!"

عقد جيمين حاجبيه وهمس.

" ما الذي تقصده؟ كيف أنت مُتأكد من صحة ما يقول؟"

نهض تيمين، وسار بخطوات رزينة ثابتة حتى قابل الحائط الزجاجي، ونظر عبره إلى المدينة الباذخة أمامه.

" فورما وصل الصين عيّنتُ رجلين ليتبعانه أينما ذهب، يراقبانه لكن لا يتدخلان بأي شيء يفعله، فقط يراقبان، ولهذا كل يوم يصلني تقرير عمّا فعله مُرفق بصور أو مقاطع فيديو"

إلتفت إلى جيمين المذهول في مكانه وهمس.

" ما كان تصديقه سهلًا عليّ أيضًا، ولم أضع ثقتي فيه بشكل أعمى، أنا تركته ليثبت نفسه كما أراد، ولكنني أراقبه مهما فعل"

كوّر جيمين شفتيه.

" اووه، أخي حقًا أنت مذهل!"

تبسّم تيمين وأخرج هاتفه يُقلّب فيه، ثم قدمه لجيمين يقول.

" انظر إلى هذه المقاطع والصور، وستتأكد أنه قد تغير، ما عاد جونغ إن الذي عرفناه، أنه شخص جديد الآن"

قلّب جيمين بالملفات، هُنا يعمل بجد في المدرسة، هُنا هو بنزهة مع لارا وأوكتافيا، يذكر أن أوكتافيا قد بعثت له صورة بالفعل للارا وهي بهذا الفستان.

هُنا يجلس مع صديقه سيهون ويتحدثان بنزاهة في مكان نزيه لا لبس فيه، هُنا وهو يبحث عن ابنته، وما أدهشه هُنا وهو يرشق رجال ضِخام البُنية بالضربات وابنته في ظهره يحميها.

إذاً كما قال تيمين، جونغ إن بالفعل تغير.

برم جيمين شفتيه وأومئ.

" إذن السجن بالفعل يُعلم ويُربي!"

همهم تيمين.

" هو إستعاد رشده، وكان فترة سجنه طويلة كفاية ليفكر في المستقبل وكيف عليه إصلاح حياته"

ثم آتى ليجلس قِبالة أخيه مُجددًا وهمس.

" والآن لنكون بأمرك أنت"

استنكر جيمين يحرك ذراعيه رافضًا.

" وما به أمري؟ أنا كُلّي بخير!"

ضرب تيمين ذراعه مازحًا وقال.

" أقصدك أنت والمتدربة جيمين، كلاكما يحمل ذات الأسم، يا لها من صدفة!"

ثم ابتسم تيمين إبتسامة يفهم مغزاها جيمين واتبع.

" أم أنه القدر؟!"

تذبذبت حدقتيّ جيمين، كذا صوته وحركة ذراعيه الرافضة.

" قدر ماذا؟!... لا تتفوه بالهُراء!"

تمعّن تيمين النظر في أخيه، أنه يفهمه جيدًا، أنه في مرحلة بين الوقوع في الحب ورفضه، لا يريد أن يحبها، ولكنه لا يرى نفسه قادرًا على صدّ نفسه من الوقوع لها، هكذا هو الحُب الذي يختبره أخيه.

همس تيمين.

" أنت تحبها؟"

كاد جيمين أن يصرخ فيه، وقد نهض بالفعل متعصبًا على موقفه الرديء، لكن تيمين أشار له بالصمت، واجتذبه من معصمه كي يجلس مجددًا ثم قال.

" لو وجدت المرأة التي وقعت في حبك بلا مصالح ولا رغبات ماديّة فلا ترفض أن توقع نفسك في حبها، لا تقاوم، السعادة والوحدة متناقضين"

" أتفهم كم أنت خائب من النساء بسبب تجاربك السابقة معهنّ، لكن ليس كل النساء على ذات الطبع، انظر للفرق بين نايون وأمي مثلًا"

تنهد جيمين وأخفض رأسه، وذلك ما جعل تيمين يبتسم وقال.

" أنا أتفهم أوجاعكَ يا أخي، لكنك عليك أن تتفهم حاجتك لمرأة تكن معك، تحبها وتحبك، وها أنت وجدتها، لذا لا تضيع الفرصة ولا تتشبث بالماضي، فقط إبدء من جديد، وضع أمالًا مرتفعة، ثِق هذه المرة أنك لن تنكسر"

وقف تيمين وربّت على كتف أخيه ذا البال المشغول والأفكار المُتضاربة ثم قال.

" فكّر بالأمر بجديّة، لا يمكن أن تشيخ وحيدًا، ولا يمكنك أن تفني شبابك على الوحدة ولزم الخيبات والحقد، فقط تبرأ من كل هذا وإبتدأ من جديد"

خرج تيمين يمنح أخاه الفرصة ليفكر بعمق فيما قال، لأنه لو ما استمع وأطاع؛ تيمين سوف يزوّجه رغمًا عنه بالفتاة التي تحبه ويحبها، لن يسمح للكبرياء والخوف أن يردعه من التقدم.

الحياة حقل خيبات وآمال، وعليك أن تسير فيه مهما كان.

...

" لِمَ ترمي شياطينك عليّ؟ ما ذنبي أنا؟ هل أنا والدهم؟"

صاح جيمين بهذه على الهاتف فيما يتحدث مع أخيه، فبعد نهار عمل طويل ومُتعِب للغاية يأتيه شيطانان صغيران من حيث لا يدري، ويعكران عليه ساعات راحته.

" دعهما يعكران خلوتك قليلًا، إهتم بهما حتى آتي واصطحبهما، قد أتأخر قليلًا!"

تأفأف جيمين بأستياء شديد فيما ينظر إلى الطفلين أمامه، جونغهيون البالغ من العمر عشرة أعوام، هو ليس مُشاغب كثيرًا، لكنه بنظر عمّه مشاغب كفاية.

وإما تايون فهي طفلة مشاكسة ومشاغبة من الدرجة الأولى، تجيد إثارة غضب وغيظ عمها ببراعة، وهو الآن يرغب بقتلها فحسب بينما تقفز هنا وهناك.

" صبرًا يا إلهي، صبرًا!"

...

ضحك تيمين فيما يغلق الهاتف بوجه أخيه، إبتسمت نايون بجانبه، وشدّت على يده التي تتشابك ويدها وهمست.

" ما الذي يُسعدك؟"

" إغاظة جيمين بالطبع عزيزتي"

ضحكت نايون بخفة، وتيمن استغل اللحظة بالنظر إلى التفاصيل في إطلالتها الليلة، فهي ترتدي فستانًا أسود أنيق ورفيع، لا يبالغ في إبراز جسدها، وتترك شعرها منسدلًا براحة على كتفيها.

" بالنظر إليكِ، أدرك كم أنا محظوظ بهذه الحلاوة!"

تبسّمت بخجل وأنامت رأسها على كتفه تقول.

" لم تخبرني، لِمَ تصطحبني إلى عشاء عمل؟"

" لأنه سيكون في بيت السيد بارك، وأنا لا يمكنني توفير هذه الفرصة"

رفعت رأسها عن كتفه وحدّقت في عينيه.

" فرصة؟!"

أومئ فاتبعت.

" إلامَ؟!"

" ستعلمين حالما نصل"

ولج بهما السائق إلى حي مُترف يضم قصور فارهة، ثم ولجت السيارة إلى باحة إحدى القصور، وكان بإستقبالهما رجل كهل.

ترجل تيمين ثم تمسك بيد زوجته بنُبل حتى جاورته، واقتربا معًا إلى الرجل، الذي ابتسم وامتدت يده بغية المصافحة، صافحه تيمين.

" أهلًا بك سيد كيم تيمين، تُشرفني قبولك لدعوتي"

تبسم تيمين فيما يدخل معه.

" أنا المُتشرّف"

في البداية، جلس الرجلان معًا كذا نايون، ثم قليلًا هبطت إمرأة صابت توقعات نايون بشأنها بأنها زوجة الرجل الذي هم بضيافته.

جالستها السيدة على فنجان قهوة، وتبادلا الحديث النسائي حتى حضر العشاء.

حينها نزلت صبيّة ترتدي فستان وردي، شعرها طويل، ووجهها حسن المظهر، قصيرة القامة تناسب جيمين، بدت لطيفة وجميلة.

" لابُد أنكِ الآنسة بارك جيمين؟!"

إرتبكت ملامح الفتاة فيما والدها ضحك بخفة يقول.

" ربما سمعت عنها، لقد سمعت أن المدير كيم جيمين درّبها وأقرانها بصرامة، أنها تؤدي جيدًا في سياق أعمال العائلة"

أومئ تيمين وقال.

" أخي شديد غليظ مع الجميع، وهذا بالطبع لمصلحتهم، على آية حال؛ يسرّني لو تحدثت معها لاحقًا على إنفراد، هناك أمرًا يشغلني بشأنها!"

نظر الزوجان إلى إبنتهما، فانكست برأسها وتركت طعامها، فيدها ترتجف، وكان عليها تخبئتها في حِجرها؛ كي لا يلحظوا توترها.

" أمن خطب؟"

نفى تيمين وقال.

" كل خير، فقط أحتاجها بأمر صغير"

أومئ السيد موافقًا، لذا بعد العشاء سمح السيد لابنته أن تسير مع تيمين في الحديقة ليتحدث معها بما يشاء رغم أن فعلًا كهذا ليس من شيمه، لكنه لن يُخاطر بشراكته معه على المشروع القادم.

كانت تسير جيمين بمحاذاة تيمين تفصلهما مسافة نصف متر، تيمين بدى مُبتسمًا بينما جيمين بجانبه في غاية التوتر.

" تُحبين أخي؟"

فجأة وبلا مُقدمات قال تيمين هذه، مما جعل الفتاة تشهق بقوة ثم تسعل وتسعل، حتى لجئ تيمين إلى التربيت على ظهرها بينما يعتذر.

" أعتذر، لا أحب تضيع الوقت بالمقدمات، لذا دخلت في صُلب الموضوع فجأة"

رفعت جيمين رأسها إليه فيما تضع قبضتها قرب شفتيها وقالت.

" ماذا إن كنت أحبه؟"

تبسّم.

" سأزوجكما!"

نظرت جيمين إليه، ثم همست تتابع سيرها منذ أنها شعرت بالراحة معه.

" اه يا إلهي! أنت سريع للغاية!"

ضحك تيمين بينما يسير معها وقال.

" ربما نعم أنا متعجّل، فأنني لا أطيق صبرًا لأرى أخي سعيدًا مجددًا."

" ولما تظن أن سعادته معي؟"

نظر تيمين في السماء وابتسم.

" لأنكِ تُحبينه"

تنهدت جيمين وعبست، لا يمكنها أن تجعله وتجعل نفسها سعيدة لأنها تحبه، مشاعره مهمة كما مشاعرها، هي لن تراهن على مستقبلها مع رجل لا يحبها.

" ولأنه يحبك"

اتبع تيمين فصرخت.

" ماذا؟"

ضحك تيمين واتبع سيره بإنتظار أن تتبعه، وبعدما فعلت قال.

" لا حاجة لي أن أخبركِ بأنه كاد أن يتزوج مرتين وفشل بالمحاولتين، كلتا الفتاتين ذهبن مع رجالًا آخرين"

برمت شفتيها واستردت عبوسها.

" وكيف تقنعه أنني مختلفة؟"

" لأنكِ الوحيدة التي تُحبه"

تنهد تيمين واتبع.

" قديمًا، جيمين كان لطيف للغاية، يعيش فيه طفل، طفل يختبئ في جسد رجل، كان مرحًا وممتعًا، يمزح كثيرًا ويلعب كثيرًا"

إبّان ملامح جيمين، التي تدلي بتكذيبها لما قال، وقف وابتسم لينظر إليها، تمسّك بكتفيها وقال.

" آنستي، جيمين يحبك كما تحبينه، هو فقط يحتاج دفعة، فادفعيه ليعترف"

ثم رفع سبابته محذرًا يبتسم.

" ولكن بالطريقة الصحيحة آنستي!"

ربّت على كتفيها حينما أخفضت رأسها حرجًا، ثم تيمين غادرها ليعود إلى الداخل.

أيُ طريقة تلك التي ستكون صحيحة؟!

جيمين جاهلة في قصص الحب، وحده من دخل قلبها، إذ أنها لم تحب من قبله ولم تحب من بعده، وليس لها تجارب سابقة مع هذه المشاعر.

فكيف تقصد قلبه بالطريقة الصحيحة؟

تدري أنه ليس رجلًا يبادر بإظهار الحب، سيكون عليها أن تفعل، وذلك أمرًا يحتاج منها الجُرءة والشجاعة.


............................

مضت عدة أيام وبيكهيون يلزم الصمت، أصبح هادئًا أكثر، ولا يُطالب إيزابيلا بالكثير، فقط عاد إلى سابق عهده معها.

وايزابيلا إزدادت شكوكها، تكاد أن تكون مُتيقّنة بأنه رآها أو علم أنها قابلت جيمين، لذا إيزابيلا قررت هذه المرة أن تحل سوء الفهم لو وجد، وتُطيّب عِلته.

كان بيكهيون يقف على الشُرفة ويتأمل المدينة بصمت، أتته من خلفه ووقفت بجواره، وحالما فتحت فاهها تود قول شيء سبقها بنبرة هادئة دون أن ينظر إليها.

" يوم هجرتكِ وهاجرت، ظننتُ أنني هكذا أغير مصيركِ، لم أكن أريدكِ أن تعيشي علاقة مأساوية مع رجل تُحبينه ولا يحبك، حتى لو كان هذا الرجل أنا"

إزدرئت إيزابيلا جوفها وأخفضت بصرها إلى أصابعها التي تتشابك فوق سور الشُرفة، أما بيكهيون فأمال جذعه إلى ناحيتها ونظر في وجهها قائلًا.

" لكن أنتِ التي أبَت أن تتحرر مني، عُدتِ في قالبٍ مُختلف جذبني حتى إختليتُ بكِ، ما كنتُ أعلم أنها أنتِ، لو كنت أعلم لما مسستك، ما كان عليكِ خداعي بهذه الطريقة والسماح لي بمشاركتك جسدك"

أمسك بذراعها وجعلها تنظر إليه.

" أنتِ المُخطئة يا إيزابيلا وليس أنا!"

تنهدت وكمشت جفونها على بعضها لفرط الحرج والخجل، فما كانت حينها تفكر بعقلانية، في حين أنها كانت ترى بفعلتها تلك إنتقامًا منه، الآن تدرك أنه ليس سوى فعل أخرق وجاهل.

" لماذا تتحدث عن هذا الآن؟"

أجاب وحلّ قبضته عن يدها ليعود إلى النظر إلى المدينة.

" لتصويب مسارات هذه القصة"

إرتفعت شفاههها وتهكمت ساخرة.

" ألا ترى نفسك مخطئ بأي شيء مما حدث؟ أكل ما حدث كان ذنبي وحدي؟"

أومئ.

" بلى، خطأي أنني حررتُكِ منذ البداية، وكنت أنانيًا حينما تمسكتُ بكِ وأنتِ تملكين رجلًا غيري، الغيرة أعمتني في ذلك الحين."

سكت لبُرهة، كان يفكر بعمق لبضع ثوان، لا يضع آمالًا عالية ويتوقع خيبة، هو فقط بهدوء لا يمثل روحه المهتاجة على آخرها قال.

" أتكنين لجيمين أية مشاعر كالتي تتوجه من المرأة إلى الرجل، الحب ومشتقاته؟"

قبضت حاجبيها واستنكرت تشير إلى نفسها.

" هل تتهمني بالخيانة الآن؟!"

نفى برأسه وهمس.

" لستُ أتهمكِ بالخيانة، لا يمكنني إعتبار مشاعركِ لغيري خيانة ما إن لم تتطور إلا سلوك"

تنهدت تنثر في ثنايا نفسها ما لملمته من صبر وهمست.

" كان بإستطاعتكَ أن تسألني عن السبب الذي جمعني بجيمين بالمقهى دون هذه التُرهات التي تفوهت بها."

تنهد بدوره ومسح على وجهه بكفيه.

" كان عليكِ أن تتحدثي من تلقاء نفسك بالأمر لي دون الحاجة مني لسؤالك عنه"

ضحكت بعصبية وواجهته وقد نفد صبرها مع هذا الرجل.

" ألا تثق بي إلى هذا الحد!"

واجهها بقامته وعلى عكس هيجانها إحتفظ بهدوءه وتسآل.

" ماذا كنتِ تفعلين معه؟"

إرتفع حاجبها بسخط مما تسمع، ولكنه يبدو بهدوئه المُستفز هذا أنه لا يأبه بنوبة غضبها، فقط يريد إجابة وافيه توفيه حقه في معرفة تفاصيل اللقاء.

لذا إيزابيلا تنهدت ثم همست.

" كان لقاء بالصدفة، ما كان له تخطيط مُسبق، أستغللتُ الفرصة بالنسبة لي للإعتذار منه، إعتذرت ولا أدري إن قبل بأعتذاري أم لا، هو فقط غادر وأنا عدت، هذا كل ما حدث بيننا"

أومئ بيكهيون وعاد ليستند على السور قائلًا.

" حسنًا، فلينتهي الجدال إلى هنا!"

برح موضعه وعاد للداخل، لكن إيزابيلا تبعته ولا يبدو أنها سترضى قريبًا، فلقد فتكت بها ظنونه، وأفسدت ما يحاول إصلاحه بينهما.

" لن ينتهي لأنك تريد بالطبع سيد بيكهيون!"

توقف فجأة وإلتفت إليها.

" ليس لدي شيء أقوله، هل لديكِ؟"

تنهدت بأستياء ترجع خصلها فعبرها قائلًا.

" ليس لديكِ، إذن فلينتهي إلى هنا!"

" بيكهيون أنت لست المسيطر في علاقتنا، نحن شركاء فيها!"

إستوقفته صرختها فإلتفت لها فاقدًا تماسكه وهدوء معها.

" وماذا علي أن أفعل؟! هل أصرخ أم لا أهتم حتى لو رأيتكِ تقومين بفعل شنيع بأم عيني؟"

" بموجب أننا شركاء في هذه العلاقة، أنتِ زوجتي وأنا زوجكِ، كان عليكِ أن تخبريني بلقائكِ به فورما حدث!"

ضغطت يدها إلى صدرها وترقرق الدمع في عينيها لتهمس.

" هل تلمني الآن؟ أم تشك بي؟"

" وكيف يمكنني ألا أشك بزوجتي التي لا تطيقني حينما أراها تقابل خطيبها السابق؟ ضعي نفسكِ في مكاني، ألن تساوركِ الشكوك؟"

مسحت دموعها التي هبطت على وجنتيها وهمست.

" أنت لا تملك أدنى فكرة حتى!"

تجاوزته تبغي مفارقته فلا تتضرر مشاعرها أكثر بسببه، لكنه تمسك بمعصمها.

" لا أملك فكرة عن ماذا؟ ما الذي تقصدينه؟"

حررت يدها منه وهمست.

" إكتشف ذلك بنفسك!"

فجأة شعرت به يحتضنها من خلاف، ثم أنفاسه الدافئة أطبقت على أديم رقبتها، وذلك ما جعل المُضغة في يسار صدرها تضطرب.

" لا تتصرفي هكذا! لا تشعريني بأنني أنا المُخطئ، ربما أكون، لذا أنا آسف وتوقفي عن البكاء"

استنكرت.

" ربما تكون!" 

تفلتت منه بغلظة وإلتفتت إليه تقول.

" بيكهيون، سؤال واحد، لِمَ تريد أن أمنحك فرصة معي؟"

إرتبكت عيناه وجالت حدقتاه هنا وهناك يتدبر جوابًا، لا يدري ما الذي منعه أن يكون صريحًا معها ومع نفسه في ذات الوقت.

" لأننا أسرفنا من عمرنا كفاية في نفر أحدنا الآخر، ولأن بيننا طِفل يجب أن نُربيه في عائلة سويّة وطبيعيّة، ولأننا زوجان إلى الأبد ولا يمكننا فضّ هذه العلاقة مهما حدث"

قضمت شفاهها التي ترتجف وأومأت.

" إذن أنت تُساير قدرنا المحتوم علينا فحسب، لا شيء آخر!"

صمت لبضع لحظات فأدبرت تشتت دموعها، دخلت غرفتهما وحينما أرادت إغلاق الباب والإستفراد بنفسها قليلًا وضع قدمه بين الباب وإطاره، ثم باغتها بقُبلة شِفاه ملحميّة.

دفعه لها إلى الداخل حثّها على التراجع حتى إستندت على منضدة الزينة خلفها، فرّق بين شفاههما ونظر في عينيها، كانت نظراته لذيذة إذ لم ترى هذه النظرات في عينيه قط.

" لم أذكر أهم سبب بعد"

" ما هو؟"

إحتضن وجنتها براحته وهمس.

" لأنني أحبك!"

تطلعت إلى عيناه ولجمتها الكلمة فلزمت الصمت، حينها أومئ لها وابتسمت عيناه، ثم حينما زار شفتيها مجددًا إستقبلته كمُضيف سخي كريم.

بغتةً فُتح الباب عليهما وعلت صوت شهقة طفولية.

" ماما وبابا يحبان بعضهما وأخيرًا"

كان قد إبتعد بيكهيون سريعًا عن إيزابيلا، ولكن تعليق جيمين الصغير ورقصاته الإحتفالية جعلت بيكهيون يضحك ويرفعه على ذراعه.

" أيها الطفل الشقيّ!"

نظر إلى إيزابيلا، وقرر مشاكستها مع طفله فتحدث يُسمعها الكلام إلا أنه يخاطب طفله.

" بابا لتوّه إعترف لماما أنه يحبها وحتى أنه قبّلها، لكن أمك لم ترد للآن، حُريٌّ بها أن تستجيب لإعترافي، صحيح؟"

أومئ الطفل يؤيد أبيه، ثم هتف تكسو ملامحه الجديّة.

" ماما"

همهمت، فأشار إلى والده بسبابته يقول فيما يعقد حاجبيه الظريفين.

" قولي لبابا أنكِ تُحبينه"

قهقه الزوجان وإيزابيلا إعترضت مازحة.

" هل أنت من يقرر ردّي على إعتراف والدك؟"

رفع يده وحلقا حاجبيه يقطع دابر الكلام.

" بلا كثرة كلام، أعلم أنكِ تحبينه لذا اعترفي فورًا وإلا أفشيتُ له عن كل الدل...."

أسرعت لتكتم فاه صغيرها بيدها، وابتسمت بحرج في وجه بيكهيون.

" بيكهيون، أنا أحبك"

تبسّم وقبّل ناصيتها، ثم سحب يدها عن فم ابنه، وهرب به سريعًا فيما هي تتبعهما.

" والآن أخبرني بما تعرفه أيها الصغير!"

صرخ بحماسة ضاحكًا.

" كم تدفع لي حتى أخبرك؟ تعلم لا يوجد شيء بالمجان هذه الأيام!"

وخلفهما إيزابيلا تهدد.


" جيمين ستكون نهايتك لو تفوهت بالترهات لأبيك!"

..........................

سلاااااااااااااام

وصل البارت أخيرًا، صدقتوا نيني ولا بدكم المزيد من الإثباتات؟!😒

المهم عدة ملاحظات:

الأولى: الجماعة الي بقولوا انو جونغ ان ما بستاهل أوكتافيا، رأيكم يُحترم لكن لازم تشوفوا الأمور بعيني.

جونغ إن من البداية ما غصب أوكتافيا عليه، هي إختارت تغلط معه، لهيك موت لارا وإنتكاسة جيمين خطأ مشترك من الاثنين.

الجريمة جريمتهم الأثنين، جونغ واوكتافيا فلا تلوموا جونغ ع كل شي واوكتافيا تتطلع هي البريئة، بالنهاية غلطة الشاطر بألف، وجونغ من البداية شخص ماجن وأناني.

صح هو خدعها بس هي حكمتها مشاعرها وما فكرت.

لهيك مصير اوكتافيا إما لجونغ إن وإما تكمل لحالها وإما أقتلها نفس الشي مع جونغ إن🌚

الملاحظة الثانية:

ممكن تفكروا انو مشهد بيك وبيلا كان في تسرع، كيف اتخانقوا وتصالحوا وحبو بعض بمشهد واحد.

الموضوع ببساطة الخمس سنين كانت كفيلة بأنها تحننهم على بعض لدرجة أنو دفعة خفيفة مثل هاي كانت كافية ليرجعوا.

الملاحظة الثالثة:

بما أنو كاي البطل ليش كثير أحداث تتمحور على جيمين؟

كثير منكم سأل هالسؤال، الإجابة ببساطة أنو محور الأحداث والرواية هو جونغ إن، بينما جيمين هو أثر جانبي ومتأثر بمحور الأحداث وليس مؤثِر.

الملاحظة الرابعة:

اعتبروا الشرط طريقة دفع لتقرأو الفصل القادم، هذا لا يعني تتعبى خانة التغليقات ايموجيز ونُقط وكلام ما اله لزوم مثل روعة وكملي واوني وهالقصص، كلهم بحذفهم.

الفصل القادم بعد 100 فوت و 200 كومنت.

1.رأيكم بجونغ إن؟ من حيث تصديه للمجرمين، وتقربه من أوكتافيا؟

2.رأيكم بأوكتافيا؟ من حيث إعطاءها وعد لجونغ إن بفرصة؟

3.رأيكم بتيمين الخطّابة😂؟

4. رأيكم بجيمين؟ وهل أصاب تيمين في وصف حالة الحب التي هو فيها؟

5.رأيكم ببارك جيمين؟ ماذا تفعل كمبادرة منها لنيل حيمين؟

6.رأيكم بإيزابيلا وبيكهيون؟ صراعهم؟ ونهايته؟

7.رأيكم بالفصل ككل و توقعاتكم للقادم؟!

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️






© Mercy Ariana Park,
книга «تفاح محرم».
CH50|| أزمة ثقة
Коментарі