تقرير
Part One
Part Two
Part Three
Part Four
Part Five
Part Six
Part Seven
Part Eight
Part Nine
Part Ten
Part Eleven
Part Twelve
Part Thirteen
Part Fourteen
Chapter Fifteen
Chapter Sixteen
Chapter Seventeen
Chapter Eighteen
Chapter Ninteen
Chapter Twenty
Chapter Twenty-one
Chapter Twenty_two
Chapter Twenty-three
Chapter Twenty four
Chapter Twenty five
Chapter Twenty-six
Chapter Twenty-seven
Chapter Twenty-eight
Chapter Twenty-nine
Chapter Thirty
Chapter Thirty-one
Chapter Thirty-two
Chapter Thirty-three
Chapter Thirty-four
Chapter Thirty-five
Report || تقرير
Chapter Thirty-six
Chapter Thirty-seven
Chapter Thirty-eight
Chapter Thirty-nine
Chapter Forty
Chapter Forty-one
Chapter Forty-two
Chapter Forty-three
Chapter Forty-four
Chapter Forty-five
Chapter Forty-six
Chapter Forty-seven
Chapter Forty-eight
Chapter Forty-nine
Chapter Fifty
Chapter Fifty-one
Chapter Fifty-two
Chapter Fifty-three
Ch 54|| لؤلؤ
Ch55|| بيننا قدر
Ch 56|| تخبط
Ch 57|| ضعف
CH58||المقاومة
Ch59|| !يا حب
CH60|| خاشع للقلب
CH61|| إحتضار
CH62||بتلات ميتة
CH63|| هُدنة
CH64|| في الغياهب
CH65||خُدع
CH66|| حب زائف
CH67||إلى البداية
CH68||شتات
CH69||أقتل الحب
CH70|| فوضى
CH71|| عهد جديد من البسالة
CH72||فصل النهاية
CH73||الإنفجار العظيم
CH74||حالة حب
CH75||تصلحه و تبنيه
CH76|| طُرف الحب
CH77|| الملاك الشقراء
CH78||نِعمة
CH79||إبنة قلبه
CH80||بيكهيون و ملائكته
CH81||عِناق الموت
CH82|| المقاومة
CH83|| حوافز
CH84||العودة
CH85|| نهاية حرب الدماء
CH86|| تقلبات زمن
CH87|| اقتلني أو اشفيني
CH88|| بين نارين
CH89|| مُقرمشات
CH90|| وعكة نفسيّة
CH91||طَوق
CH92|| البطل الأبديّ
THE END|| حاقد عاشق
CH67||إلى البداية
" إلى البداية"


" حينما تظنين أن خلاصكِ مني قد أحان، أخرج لكي أريكِ أننا في البداية فقط"









جلست على السرير تضم ركبتيها إلى صدرها و تبكي بجزع، و هو ممدد بجانبها يلهث أنفاسه بخشونة.

رفعت فستانها ليستر كتفها و من ثم أسندت رأسها على ركبتيها تبكي بجزع، تايهيونغ هاجمها، إستخدم قوته ضدها ليخضعها.

لا تعلم من أين أتتها القوة لدفعه عنها و لتقاومه بشدة، لقد ساعدها أنه ثمل فما أستطاع أن ينال منها و لا أن يأخذ منها شيء، فقط سقط بجانبها في النهاية يلهث أنفاسه متعباً لخشونة مقاومتها.

لكنها خرجت بثوب ممزق و عِدة كمادات بسبب قبضته القوية عليها، الأهم من ذلك كله أنها تشعر بالإهانة الشديدة، إهانة غير مسبوقة.

ما شعرت بالإهانة من بيكهيون بقدر ما أحسَّت بها مع تايهيونغ، لقد إعتادت على تايهيونغ رجلٌ عاشق يفيديها قلبه و يمنحها كل الحب و الحنان.

ما توقعت أن يصل فيه الأمر أن يعتدي عليها و يُعيّرها بما سلف لها مع بيكهيون مهما وصل الخراب بينهم.

نهضت من على السرير و توجهت إلى دورة المياه، وقفت أسفل مرش الماء و بكت بقهر، تشعر بالقرف من نفسها حتى، ألا يُرى فيها سوى الجسد؟!

لقد أيقنت أن الحياة مع تايهيونغ لن تعود إلى صفوها السابق لذا هي مستحيلة، لا تستطيع أن تتحمل المزيد من الإهانة منه هو خصوصاً، لا تريد أن تكرهه كما أن أحبال الأمل الأخيرة تقطعت بفعلته هذه، هي لن تجبره عليها بعد الآن.

أنهت إستحمامها ثم خرجت تحضر نفسها و تتجاهل وجوده، هو نهض عن الفِراش عندما رآها تلملم أغراضها في حقيبة متوسطة الحجم.

آتى من خلفها ثم إحتضن خصرها من دُبر، ما بان عليها التأثر إنما فقط تابعت توضيب الحقيبة دون قول شيء.

أسند ذقنه على كتفها بينما ينظر إلى ما تفعله بأعين ضبابية، تعانقت رموش عينيه بتعانق جفنيه ثم غمس وجهه في عنقها يقول.

" ما كنتُ بوعيي يا جويل، تعلمين أنني أحبكِ بحق، أنتِ في قلبي، لستِ مجرد غنيمة، أنتِ زوجتي الحبيبة، أرجوكِ تجاوزي عمّا فعلته و دعينا نعود كما كُنّا، أنا أحق بكِ من الجميع و أنتِ أحق بي."

تنهدت و ابتلعت غصتها رغماً عنها لتبقيها في جوفها تختنقها، ثم قالت له بنبرة جافية تخلت فيها عن كل الحب الذي كانت تخاطبه به.

" عندما تتجاوز أنت عن السالف وقتها سأتجاوز عن اللاحق، لكنك لن تتجاوز أبداً و أنا لن أفرض نفسي عليك لأجل حبٍ بات ضعيفاً"

إبتعدت عنه ثم خرجت تحمل الحقيبة على كتفها، نظر إليها حتى خرجت من الغرفة بعينين يأكلها البؤس ثم وقف يتبعها بخطوات يتأبطها الألم، إنها تفارقه مجدداً.

إستند على إطار باب غرفة الصغيرة و راقبها تدثر الطفلة و تحملها على ذراعيها، حالما كادت أن تتجاوزه أوقفها قائلاً.

" لكنني لا أتخلى عنكِ و لا عن ابنتي، ابقي معي و لا تحرميني نفسكِ و الصغيرة."

تجاهلت ما قاله و تجاوزته، قلبها يؤلمها لأجله حتى، لكنها و إن ملكت لأجله كومة مشاعر حب لن تهضمها قرباناً إليه بعد الآن، ستحتفظ بها في قلبها و تهجره.

لكنه تايهيونغ، رجل عنيد و لقد ذاق من الهزائم ما لا يخوله على خسارة المزيد، و إن إستسلم للحظة لأجل رغبتها في الإبتعاد و لزومه لفهم مشاعره، ما كان يستطيع أن يخسرها هي أيضاً.

تبعها بخطوات وئيدة و نحر خطواتها الأخيرة حتى الباب، أمسك بعضدها و اقتلعها من أرضها لتنبت بعيداً عن الإفتراق.

أخرج مفاتيحه و أوصد الباب ثم سار ليوصد الأبواب جميعها و يغلق النوافذ، أما هي فبمكانها حائرة، ها هو يحبسها.

آتى ليقف أمامه و كما أدمعت عيناه لوجع الفِراق أدمعت عيناها، مد يده لها و بإلحاح يلزمها بالطاعة قال.

" اعطني كل المفاتيح التي تملكينها، هاتفك و مفاتيح سيارتك"

عندما سكنت رافضة الإجابة إنتزع منها الحقيبة و أفرغ أحشائها أرضاً ليلتقط منها ما أراد، علقت بعدما وقف قبالتها.

" ما تفعله لا يحل مشاكلنا"

تقدم إليها برده.

" و ما تفعلينه سيُنهينا"

أشاحت بوجهها عنه حالما إمتثل أمامها لكنه ما اهتم لنفورها و أوعزه لغضبها منه.

" لن تخرجي من هذا المنزل أبداً، و لن أقبل على ابنتي أن يربيها الشتات طالما أنا حي."

خرج من المنزل بعد ذلك و كان الصمت إستجابتها، العلاقة بينهما لا تحتاج فرصة، لقد هُدِمَت بالفعل، لكنه لن يقتنع بإحتضارها حتى يدفنها بيديه.

جلست أرضاً تحتضن طفلتها إلى صدرها ثم تحدثت إليها و عيناها تدمع.

" أرأيتِ يا صغيرتي؟! لهذا لم أردكِ فتاة، أخشى عليكِ من المستقبل و من عِشق جائر، لكنكِ لن تكوني مثلي، أنتِ ستكونين أقوى مني، و لن تسمحي لأحد بأن يجعل رأسكِ مُنكساً، لهذا أنتِ لؤلؤتي، بيرل!"

مسحت دموعها ثم تحركت ببيرل إلى غرفتها كي تضعها في سريرها، جلست أرضاً قرب السرير حالما سرق ملاك صغير وعي بيرل الصغيرة.

نظرت في وجهها المليح و تمنت لو أنها تعود صغيرة كما صغيرتها الآن، أن تعود بلا هموم و آثام.

تكبر الصغيرة بسرعة، ها هي في عمر الثلاثة أشهر، و منذ ثلاثة أشهر هذه و الحياة مع تايهيونغ في خراب مستمر حتى وصل به الأمر أن يحاول إغتصابها.



...................


كانت تستتر خلف ستائر النافذة بينما تراقبه يعمل مع أخيها في الحقل، يبدو وسيماً بِحُلة الفلّاح هذه.

ضحكت بخفة عندما تناثرت البذور أرضاً و هو أسرع لِلمّها قبل أن يلحظه جين و يوبخه، تسترت على ضحكاتها و سترت شفتيها الباسمة بكفها حينما وقع بصره عليها تراقبه.

إستقام بعوده دون أن يبعد بصره عنها فابتعدت عن النافذة مُحرَجة و جلست على الكنبة جلسة مستوية.

سرعان ما وضعت ساق فوق الأخرى و أدَّعت أنها تلهو بهاتفها عندما دخل جين إليها.

" هل نضج الغداء؟!"

أومأت إليه فقال.

" إذن أنا جائع و كريس أيضاً، هلّا حضرتِ الطاولة؟!"

وضعت هاتفها جانباً و قالت بينما تنهض.

" دقائق و ستكون جاهزة"

على طاولة الغداء كان ثلاثتهم يجلسون، كريس قد إنخرط في العائلة الضيقة هذه و جين تقبله معهم في النهاية، بغض النظر على أنه يعمل لصالح بيون بيكهيون، لكنه شاب صالح بمبادئ.

السيدة كيم، والدتهما، ما زالت في رحلتها خارجاً، لكنها أوشكت أن تعود، حيث أنها إتصلت بالأمس و أخبرت جين أن يأتي ليأخذها في نهاية الأسبوع.

تمهل جين قليلاً ثم أعلم.

" أمي ستعود إلى المنزل"

على خلاف ما توقع، فلورا التي إختنقت في الطعام فمد لها كوب ماء و شربته دفعة واحدة ثم شكرته.

أتبع جين قوله يقصد كريس.

" أخشى أن أمي لن تتقبل وجودك و لن ترى منفعتك مثلي، ذلك لأنها شديدة بشأن فلورا و لن تقبل أن تنام و هي في منزل واحد"

أومئ كريس متفهماً ثم قال.

" كنتُ سأبلغك بمغادرتي على آية حال، الرئيس سيخرج قريباً و علي أن أتأهب و أحضر العمل المتراكم علينا منذ غيابه."

فقدت فلورا شهيتها فجأة و همست مستاءة.

" ذلك البلطجي!"

نظر لها جين شزراً فتنهدت بأستياء و احتفظت بكرهها لبيكهيون في صدرها دون أن تفشي بالمزيد.

لكن فلورا ما صمتت كثيراً حتى استرسلت.

" على آية حال، أنا علي أن أغادر إلى سيئول، الجامعة أوشكت على أن تفتح أبوابها من جديد"

أومئ لها جين قائلاً.

" لكننا لم نحل مشكلة السكن بعد، علينا أن نذهب للمدينة"

أومأت فلورا و أتبعت تناول طعامها، كريس تحدث بعد فينة.

" إن كنت لا تمانع يا جين، أستطيع نقل أختك إلى الشقة التي تسكنها الآنسة نانسي حتى تجد حلاً لهذه المشكلة"

أومئ جين مؤيداً.

" ذلك أفضل حل الآن"

حمل كريس حقيبة فلورا و وضعها في السيارة، صعدت في الخلف و في الأمام كريس و جين،  تشعر فلورا بقلبها يرقص، خشيت ذلك اليوم الذي تعود فيه أمها و تبعد كريس عنها عنوة و بلا عمد.

الآن و قد اوشكت على العودة منحت ابنتها فرصة بلا قصد أن تكون أقرب للرجل الذي تحب، تبسمت فلورا كلما استرقت النظر إليه، حتى و هو يقود مُفعم بالرجولة.

رافقهم جين لأنه مهتم بكل صغيرة و كبيرة تعيشها أخته، فلورا ثمينة جداً بالنسبة إليه و لا يملك أمانة غيرها في هذه الحياة لذا هو حريص جداً بشأنها.

وصلا إلى الشقة، تكتم كريس عن حقيقة ما كان يحدث في هذه الشقة و أخبرهم بميزات موقعها، إنها في منتصف المدينة و كل الخدمات قريبة منها.

تريث كريس أمام الباب خلفه ضيوفه و طرقه بخفة حتى فتحته نانسي، قال لها كريس بنبرة هادئة.

" أتيتُ بالآنسة فلورا كي تمكث معكِ"

أومأت نانسي بإبتسامة ذابلة و رحبت بهم، دخل كريس تخلفه نانسي ثم جين الذي وقف في محله قليلاً أمامها و رمقها بسخط، لم ينسى ما فعلته أبداً.

لكن نانسي بدت ذابلة للغاية و كأنها تخابر الموت على أرصفة الحياة، إلتفت كريس إلى جين و قال.

" هنا ستبقى، تستطيع أن تنظر في الشِقَّة إن أردت"

نفى جين بلا حاجة و قال.

" الوضع آمن، ثم أن نانسي ستكون شريكة سكن جيدة، أليس كذلك؟!"

نظر جين إلى نانسي فأومأت بعدما رفرفت بأهدابها ضائعة.

" نعم، لقد سئمتُ الوحدة"

نظر كريس إليها عاقداً حاجبيه بقلق ثم قال.

" آنستي! أنتِ بخير؟! لا تبدين على ما يُرام!"

أبقت على إبتسامتها الذابلة و تحدثت بصوت مبحوح.

" أنا بخير، إنهاك نفسي فحسب"

أومئ لها كريس رغم أنه لم يطمئن كفاية ثم أشار لفلورا قائلاً.

" هل أستطيع أن أتحدث مع فلورا قليلاً؟!"

أومئ جين إليه فنهضت خلفه و قلبها يرقص فرحاً، وقف بعيداً معها لكن محط نظر جين و قال.

" أرجو أن تعتني بالآنسة نانسي و إن إحتجتِ شيئاً أنتِ أو هي إتصلي بي، سأتكفل بتمويل الشقة فلا تقلقي من هذه الناحية لكن أرجو أن تعتني بها فالذي حدث معها ليس بهيّن"

أومأت إليه موافقة ثم قالت تعقد يديها أسفل صدرها.

" حسناً سأعتني بها، لكن غداً علي أن أذهب إلى جامعتي لكنني لا أدل الطُرقات من هذا الحي"

أومئ متفهماً ثم قال.

" حسناً، سأوصلكِ كل يوم مقابل أن تعتني بها، موافقة؟!"

همهمت له و إبتسامة لعوب تداعب شفتيها و نفضت عنه فهمه، إنه ليس خبيراً بألاعيب النساء.

بينما كريس و فلورا يتحدثان، نانسي تحدثت إلى جين، و الحرج قد توقف مانعاً لها في البداية لتتلعثم.

" أنا... أعتذر عمّا فعلته بحق جويل"

تحاشى النظر إليها كي لا تهم به الشفقة عليها و قال بنبرة باردة.

" لستُ أنا من وجب عليكِ الإعتذار منه"

أومأت بذبول ثم همست.

" سأعتني بفلورا جيداً"

قال.

" سأكون شاكراً"

نهض على قدميه فنهضت، القى عليها نظرة أخيراً و ما إن همّت به الشفقة عليها تنهد ثم أعلم كريس.

" علي الذهاب"

عاد كريس أدراجه إليه و قال.

" حسناً، أخبرتُ رجالي أن يوصلوك"



..................



" السجين بيون بيكهيون"

حدج بيكهيون الحارس بسخط فأنكس الآخر برأسه و حمّل نظره الأرض ثم إنحنى له.

" أعتذر"

أشاح بيكهيون ببصره عنه ثم نظر في المرآة أمامه للمرة الأخيرة، خُصل الشيب التي تملئ رأسه تثير غيظه.

" ما عدتُ سجيناً أيها الأبله"

هسهس بها على سمع الحارس بعدما إبتعد عن المرآة، إلتفت إلى زملائه الذين يجلسون جميعهم قبالته على سرير واحد.

قال ينظر إليهم شزراً.

" ما بالكم تنظرون إلي هكذا؟!"

تنهد إحدى زملائه قائلاً.

" ماذا لو خُلقنا أبناء وزراء مثلك، أشك أننا لبثنا ساعة في السجن"

إرتفعت زاوية شفته بإبتسامة حادة و هندم تلابيب قميصه قائلاً.

" لو أنك ولدت مكاني لفضلت حياة السجن عن الخارج"

تقدموا إليه و احتضنوه حضن واحد و هتف أصغرهم سناً.

" حضن جماعي"

ما إستطاع بيكهيون منع نفسه عن الإبتسام و من ثم علق.

" شُلة حمقى"

شرع باب الزنزانة و مع فتحته تنهد، ها هي الحرية من جديد، إنقضت الشهور الطويلة تغنّا بلياليها بحياته الجديدة، جيني على وجه التحديد، تلك القطعة الصغيرة منه.

أمه لم تجعله يُحرم من رؤيتها تكبر، لقد كانت تُحضرها معها في كل زيارة، رآها تكبر و كان يتشوق لكل زيارة كي يضمها إلى صدره و يقبل وجنتيها المكتنزة.

عندما خرج من البوابة وجد أمامه افراد عائلته و بضع من رجاله يقودهم كريس، هرعت أمه تحتضنه رغم أنها قبل يومين فقط رأته.

قبلت وجنتيه و كأنه طفل صغير حتى إحمرّت أذناه حرجاً فتذمر عالياً.

" لا تقبليني يا أمي هكذا، أشعر و كأنني بحجم جيني"

ضحك الجميع حتى رجاله و هو إبتسم بخفة، أما أمه فعاندته و قبلت وجنته و قرصت الأخرى بأصابعها منتحبة بلطف.

" صغيري الجميل لقد عاد إلى حضني أخيراً"

تنهد مستاءً، دوماً ما تقوم والدته بتضييع هيبته.

" أشعر و كأنني خرجتُ من الروضة"

همس بها لها فقهقهت بخفة قبل أن تبتعد قليلاً لتفسح مجالاً للمشتاقين إليه، تقدم منه هيون جونغ و احتضنه ببعض القوة، ثم قال مربتاً على كتفه.

" لقد حميتُ القصر و عملك حتى عودتك، و ها عاد مكانك شاغراً عليك أن تشغله بيننا من جديد"

أومئ بيكهيون ثم ربتَّ على كتف هيون جونغ بتحية الرجال الخشنة هذه.

مدت يونا يدها بقصد مصافحته و هو ما احرجها، فوراً ما صافحها، لقد إعتنت بأمه و ابنته في غيابه، عليه أن يبدل بعض أفكاره عنهم.

كانت افردويت تتمسك بفستان أمها و تنظر إلى عمّها بالسرقة، تبسم حالما أتت عينه بعينها فتوارت خلف أمها سريعاً محرجة.

إنحنى ليجلس على ركبتيه ثم قال يدعي الجهل.

" ألم تأتي افردويت معكم؟! أنا لن أكلمها مجدداً"

سرعان ما ظهرت الصغيرة من خلف أمها و قالت.

" بلى، لقد أتيت، لقد إشتقتُ إليك يا عمي"

إتسعت إبتسامته ثم فتح ذراعيه لها، سرعان ما اصطدمت بجسدها الصغير بصدره، و هو ضمها بلطف ثم حملها على ذراعه و وقف، قبل وجنتها و هي لوحت بيدها على مقربة من وجهه.

" مرحباً عمي بيكي"

عقد حاجبيه مستنكراً.

" ما هذه بيكي؟!"

أشارت إلى جدتها لتتحمحم السيدة و اتبعت.

" جدتي تقول عنك بيكي في غيابك"

نظر إلى أمه التي تراجعت ناحية السيارة و قال.

" لا يضيع أحد هيبتي بقدر جدتكِ"

قهقهت الصغيرة و تعلقت برقبته تضحك، السيدة بيون عادت تحمل على ذراعها جيني، ترتدي فستاناً وردياً و على رأسها قُبعة صغيرة، كما أن قدميها الصغيرتان يسترهما حذاء بحجم راحة اليد.

لقد كبرت جيني على اللفافة و ها هي تستطيع أن تجلس و خلفها شيء يسند ظهرها.

هيون جونغ أخذ إبنته من على ذراع عمها، أما بيكهيون فمنذ أن أخرجت هانمي جيني من السيارة و هو ينظر إليها.

ناولته هانمي الطفلة و سرعان ما ميّزته جيني لتقهقه بصوتها الناعم، قبل وجنتها ثم إحتضنها بأشتياق.

" أميرة بابا أتت لإستقبالي أيضاً"

رفع بصره عن الصغيرة التي أصبحت تشاكسه بأناملها الصغيرة، و نظر ناحية جوي التي خرجت لتوها من السيارة، إنحنت إليه و قالت.

" أهلاً بعودتك سيدي"

نظر إلى أمه منزعجاً فلا حاجة له للتفكير بأنها من أحضرتها معها، إلا أن السيدة أشاحت ببصرها عنه.

أومئ إلى جوي ثم قال.

" سآخذ جيني معي و أتبعكم مع كريس"

إنحنى كريس إليه ثم قال.

" أهلاً بعودتك يا سيدي"

أومئ له بيكهيون و ابتسم بخفة ثم بينما يمر من أمامه قال.

" أهلاً بك، هيا أنت ستنقلني إلى المنزل، لدينا أعمال كثيرة لنقوم بها"

صعد كريس بينما بيكهيون على مهل شديد صعد كونه يحمل جيني و يضم ذراعيه حولها بقوة.

أجلسها على قدمه و كريس نظر إلى الصغيرة، إنها لطيفة جداً و تشبه والدها إلى حد كبير، لم يستطيع كريس منع نفسه إلا و اظهر إبتسامته و قال.

" هل أستطيع مداعبتها حينما نصل القصر يا سيدي؟!"

أومئ بيكهيون بينما يهندم القبعة على رأسها.

" نعم تستطيع، أنت عمّها الثاني يا كريس"

إتسعت إبتسامته و شكر رئيسه قبل أن يبدأ بالقيادة، أما بيكهيون فعلى عكس العادة؛ هو كان ضوضائي إلى حد ما.

تارة يحمل جيني و يلاعبها، تارة يدغدغها حتى تعلو قهقهاتها في السيارة و ينتهي به الأمر بمشاركتها الضحك، و تارة ما يرتب لها فستانها و يهددها كما لو أنها كبيرة تفهم كلامه.

" مسموح لكِ أن ترتدي هذه الفساتين الصغيرة الآن فقط، عندما تكبرين أقصر فستان عليه أن يغطي ركبتيكِ، أتفهمين؟!"

إنه يحدثها بجدية عاقداً حاجبيه و الصغيرة فعلت مثله، عقدت حاجبيها و برمت ملامحها تظنه يقوم بدوراً تمثيلياً لإضحاكها.

عندما ضحك كريس رغماً عنه لما قاله رئيسه سقطت الصغيرة من جلوسها ممدة على قدميها تضحك بكل قوتها، نظر الرجلين إلى بعضهما لا يفهمان سِر البشاشة العظيمة في الفتاة إلا أنهما قهقها معاً و عاد بيكهيون ليداعبها من جديد.

ما إن وصلا القصر حتى نامت الصغيرة لكثرة ما ضحكت، مدّ كريس ذراعيه لرئيسه يذكره بما طلبه فأعطاه بيكهيون الصغيرة و قال.

" أتركها نائمة الآن، عندما تستيقظ لاعبها، لدي عمل مع أمها"

أومئ كريس و وضع سترته على جيني في حضنه قائلاً.

" لا تقلق سيدي بشأنها، ستكون جيني بخير"

مرر بيكهيون إبهامه على وجنتها قبل أن ينزل من السيارة، دخل ليجلس بين عائلته و قد رحبوا به عمّال القصر و حراسه بإنحناءة و تهنئة.

" أهلاً بعودتك سيدي"

نظر إلى جوي ثم قال.

" أنتِ، انهضي و اتبعيني"

بدا عليها التوتر فرغم حنينه الشديد تجاه جيني و عاطفته الأبوية القوية إلا أنه لن يتقبل أمها لأجل الصغيرة.

دخل بيكهيون إلى المطبخ ثم صرف الخادمات منه لينفرد بها، وقفت جوي أمامه تشابك يديها أمامها و رأسها منخفض.

" لولا أنني أجريت لجيني الفحص لما صدقت إنها ابنتي، لذا لا تظني أنني تقبلتها طفلة لي لمجرد أنكِ قلتِ ذلك"

سارت الرعشة في جسدها و أخذت أطرافها ترتجف، لقد بان له كم هي متوترة و خائفة مما سيقوله و من مصيرها الذي سيحدده بنفسه.

" جيني الآن هي كل حياتي، إن عشت فأني سأعيش لأجلها فقط، أما أنتِ فلا مكان لكِ في حياتي"

رفعت بصرها إليه وَجِلة و الصدمة إعترتها، ظنّت أن الطفلة سبباً كافياً ليكون لها، و بما أنه إنتهى من جويل و إنتهت منه فمكان إمرأته شاغراً لها.

على هذا الأساس أنهت علاقتها بتايهيونغ و هدمت كل ما خططوا له.

قضمت شفاهها تحاول منع نفسها من البكاء أمامه، في النهاية؛ الطفلة لم تعد عليها بالنفع، إنما هي الآن مجرد عبء عليها تحمله طوال العمر.

تحدث بيكهيون بينما يراقب ملامح وجهها الممتعضة بأستياء.

" أعرف أن جيني بالنسبة لكِ وسيلة إليّ، لكنها ليست كذلك، لذا الآن سأمنحكِ خيارين أحتراماً لأمومتكِ فقط"

رفعت رأسها إليه و حررت دمعة سارت بتخاذل على وجنتها.

" الأول أن تُربي جيني هنا في قصري و تعتني بها، تشبعي أمومتك بعيداً عني، لا علاقة لك بي و لا يجمعني بكِ سوى جيني، إن قبلتِ بهذا الخيار لا أسمح لكِ أن تتزوجي أو ترتبطي أبداً، إنما فقط تكرسي حياتك لجيني"

بان على ملامحها النفور و هو عالم بأنه لا حاجة له بأن يخيرها من البداية لأنه يعلم ماذا ستختار، إنما فعل ذلك إحتراماً لأمومتها فقط.

" الخيار الثاني أن تتركي جيني لدي و أنا سأربيها و لا شأن لكِ بها إطلاقاً و لا يحق لكِ التدخل بشأنها أبداً، تخرجين من هنا و تعيشي حياتك كما تريدين، لكنني لن أمنعكِ عن رؤيتها متى ما شئتِ"

عقد ذراعيه إلى صدره و إتكئ على البار ينتظر جوابها الذي ما إستغرق منها سوى دقيقة واحدة.

" اعتني بها أنت و سأراها كل ما اشتقتُ لها"

أومئ لها موافقاً ثم قال.

" حسناً إذن، وضبي أغراضك و عودي من حيث أتيتِ، ابنتي لن تخرج من قصر أبيها أبداً و لا أفرط بها لأجل حريتي"

قصدها بكلماته فابتلعت المرارة في حلقها و أومأت برأس ثقيل ثم جرّت جسدها خارجاً.

" حسناً سيدي، أراك في العمل"

سار أول أمر تولاه في الخارج كما يتوقع، جوي ليست الأم الحنون التي قد تضحي لأجل طفلها، إنما جيني كانت بالنسبة لها فرصة تنتهزها لتتقرب منه.

لكنه لن يسمح لأحد أن يستغل طفلته أبداً، حتى لو كانت أمها، جيني بالنسبة له الأولوية القصوى و دافعه الأقوى ليعود أقوى مما كان، همه الوحيد أن يوفر لها الحياة الفضلى و يكون لها أفضل أب من كل النواحي،  سيمنحها مشاعره و كل ما يملك.

خرج بعد فينة ليتفقد جيني فوجدها قد أستيقظت و كريس يجلس بها أرضاً و يداعبها و هي صوت ضحكاتها ملأت الحديقة، علق بينما يقترب منهما.

" تلك الفتاة تضحك و كأنها لم تضحك لدهر، تنام و تضحك فقط!"

ضحك على ضحكتها التي حوت صراخ مرح، جيني بشوشة و ضحوكة حتى هذا الحد، النظر إليها فقط يدخل السرور إلى القلب، فما بالك بضحكاتها؟!

إستقلى كريس على الأرض دون أن ينتبه للرئيس و الصغيرة جلست على صدره تلعب بأزرار قميصه، قال كريس لاهثاً أنفاسه.

" ااه! لقد تعبت لكثرة ما ضحكت معكِ و أنتِ لم تتعبي بعد أيتها الفراولة!"

صفعت وجهه بيدها الصغيرة فقهقه بخفة.

" لم يجرؤ أحد على صفعي سواكِ أيتها الشرسة، حتى والدكِ لم يفعل"

قبضت جيني حاجبيها و تسلقت صدره حتى وصلت حاجبه لتقوم بنتفه بأناملها الصغيرة.

" كفي عن المشاكسة"

قالها كريس و نهض بها، ما إن إلتفت إليها حتى وجد بيكهيون خلفه، كاد أن ينحني لولا أن بيكهيون هرع لحمل صغيرته.

" لا تنحني لي مجدداً، كدت أن تسقطها"

سرعان ما نفى كريس.

" لا سيدي، إنني أتمسك بها جيداً"

أومئ له بيكهيون ثم قال.

" يبدو أنك أحببتها"

أومئ كريس و ابتسم.

" إنها تدخل القلب سريعاً، ضحكاتها تَسُر الروح"

قبل بيكهيون وجنتها و دخل بها إلى القصر، جلس و أجلسها في حضنه ليقول رافعاً سبابته في وجهها مهدداً.

" أنتِ أيتها الصغيرة، ممنوع أن تضحكي في كل هذا الصخب خارجاً و إلا جرحتِ حنجرتك"

الصغيرة تعلق بصرها بسبابته قبالة وجهها و ما إن أنهى كلامه حتى أمسكت بأصبعه و عضت عليها بأسنانها التي بدأت بالنمو.

كان عضتها تؤلم و هو بالغ في التعبير عن ألمه ليداعبها.

" اااه! تلك المتوحشة عضتني!"

فغرت فاهها تنظر لأبيها بعينيها المتوسعتين و ما إن إنهى كلامه حتى أسقطت جسدها مجدداً على قدميه و أخذت تضحك بقوة.

قهقه جميع الحاضرين و بيكهيون قال.

" هذه الآنسة ستقتلني بضحكاتها يوماً ما"

نهض ليعطيها لأمه و قال.

" أمي اعتني بها حتى أعود، لدي عمل مهم، ربما أتأخر فلا تقلقي بشأني"

أومأت إليه السيدة ثم قالت بقلق.

" لا تفعل شيء يجعلك عُرضة للسجن مجدداً"

أخفى إبتسامة خبيثة و قال.

" لن أفعل"

أمسك بيد جيني الصغيرة ثم قال.

" ستنامين في حضن بابا الليلة، لا تضحكي لهم حتى آتي، حسناً؟!"

الصغيرة نظرت له بجهل و حالما إبتعد عنها بعدما منحها قبلة أخيرة على يدها بدأت بالبكاء تريده.

خرج بيكهيون من القصر ليجد أمامه كريس يقف قرب السيارة بإنتظاره.

" هل حضرت كل ما طلبته منك؟!"

أومئ كريس قائلاً.

" نعم سيدي"

رغم أن كريس ليس براضٍ عمّا سيفعله بيكهيون لكن ما باليد حيلة، يعلم أن بطشه لن يعود إلى سابق عهده، لكنه على آية حال لا يضمر الخير إطلاقاً.

نظر بيكهيون في ساعة معصمه، إنها الرابعة تماماً و هي بالتأكيد في المنزل كما وصله من الرجال الذين وظفهم لمراقبتها منذ أن إبتعدت عنه.

قيل له أنها لم تخرج من المنزل خلال الأربعة شهور الماضية فالأرجح أنها محبوسة في الداخل، هو آتى ليحررها فلتكن شاكرة لذلك، إن بقيت حيّة.

إلتفت إلى كريس بجانبه و قال.

" سأتسلل إلى الداخل كالمرة الأخيرة و أنت انتظرني هنا"

وضع قفازيه و من ثم نزل من السيارة، لا أحد يحرس المنزل، أي أن مهمته في الدخول ستكون أسهل من المرة السابقة.

تسلل إلى الحديقة و من بابها دخل إلى المنزل، كان فارغاً جاثماً على نفسه إلا أن عِطرها حيُّ، تلك الرائحة التي إشتمها من على عنقها و في شعرها منذ لقائاته الأولى معه، منذ الفستان الأحمر و منذ أن جرح يده و قبلها عِنوة.

صعد إلى الطابق العلوي يتحرى في المنزل بحثاً عنها، بحث في الغرف حتى دخل غرفة النوم، عندما رأى بعضاً من ثياب تايهيونغ على السرير أغلق الباب بعنف شديد جعلها تصيح من مكانها.

" تايهيونغ إن كنتَ قد عدت ثملاً مجدداً فاتركني أرجوك، لا أتحمل المزيد من النزاعات معك!"

تتبع صوتها من حيث أتاه و سار بخطى بطيئة كي لا يثير الشك، دخل الغرفة في نهاية الرِواق، ها هي أمامه على بعد خطوات، تمنحه ظهرها و تهتم بالتي خالها يوماً ما ابنته من دمه.

إقترب إليها بلا حِس و حينما أصبحت مُلك ذِراعه أحاط خصرها بذراعيه و ألصقها به بعدوانية ثم إندس أنفه في شعرها يشتمه، أين الحقد الذي يحمله؟!

شهقت جويل مرتعبة، كادت أن تتحدث لدفعه ظناً منها أنه تايهيونغ، لكن هذا العِطر تعرفه جيداً، ما زالت تلك الرائحة عالقة بها حتى.

إتسعت عيناها فزعاً و اضطرب قلبها حينما أدركت أن الذي يحزم وثاقه على خصرها ليس تايهيونغ إنما بيكهيون.

لشدة الهول إرتبط لسانها بلِجام و ما عادت تستطيع أن تنطق بحرف حتى، رفع وجهه و أسند ذقنه على كتفها ثم تنهد محموماً بالغيظ.

وقتها فقط إستطاعت أن تهمس بضعف.

" بيكهيون؟!"

سمعت صوت ضحكته الخافتة، وضع أنامله أسفل ذقنها و أدار وجهها إليه، إتسعت عيناها عندما تلاقت النظرات و أطرافها أخذت ترتعش بلا هوادة.

همس بيكهيون بينما ينظر في ملامح وجهها التي تقاسمت الخوف تعبيراً و على شِفاهه إبتسامة تكسرت بالحقد.

" ها أصبحتِ تنطقين باسمي بسهولة؟! ما الذي تغير؟! أما عدتُ المغتصب القذر؟!"

أشاحت ببصرها عنه و وجهته ناحية السرير، حيث طفلتها الصغيرة تنام، تحدثت و قد إلتمعت الدموع بعينيها بنبرة مُهترئة أرهقها الهم.

" دعنا نتحدث بهدوء بعيداً عن ابنتي من فضلك"

نظر في السرير إلى تلك الطفلة جميلة المعالم و باسمة الشفتين، إن البراءة و النقاء في عينيها يشكلان لمعة.

" ما اسمها؟!"

أجابته و هي تمد ذراعيها لحملها.

" بيرل"

منعها حينما أوشكت على حملها دافعاً ذراعيها بعيداً عن الطفلة.

" أتركيها و امشي أمامي إن أردتِ مصلحتك"

تخثر الدم في عروقها و تجمدت لوهلة قبل أن تسأله بإرتجاف.

" إلى أين؟!"

زفر أنفاسه متململاً و أمسك بمعصمها ليسحبها خلفه إلى خارج الغرفة، أطاعته حتى تجاوزت باب الصغيرة ثم حاول التشبث بالأرض لكنه إستمر في إقتلاع جذورها من منبتها و جرها خلفه.

أدخلها غرفة النوم التي تخصها و تايهيونغ ثم رمى بها على سريرهما، نظر في الغرفة قليلاً قبل أن يقول.

" في هذه الغرفة الرومنسية، ألا يوجد قلم و ورقة؟!"

رفعت وجهها إليه و طالعته بترقب لما سيفعله، إقترب منها و ابتعدت قليلاً لكنه ضل يقترب حتى سقطت على السرير، همس بينما ينظر في عينيها تارة و تارة إلى شفتيها.

" ألا تملكين قلم و ورقة أيتها الطبيبة؟!"

أومأت إليه و همست.

" بلى أملك"

أمسك بها من عضدها لينهضها و قال.

" انهضي إذن"

خرجت من الغرفة و هو يتبعها حتى وصلت باب ما فتحته و دخلت، إنه مكتب، نظر بيكهيون في المكان ثم قال.

" مثير للإهتمام! يشغلكم عمل طبيعي لستُ محشوراً فيه"

أخذت من على المكتب قلم و ورقة و هو تقدم إليها، حالما مدت ما بيدها له دفعها لتعود جالسة على كرسي المكتب.

إتكئ بجسده على الطاولة و عقد ساعديه إلى صدره ثم قال بعد همهم يمثل التفكير.

" ما رأيكِ أن تكتبي رسالة غرامية لكيم تايهيونغ العزيز؟!"

ما قالت شيء، إنما إنخفض رأسها إلى الورقة و يدها لا تكف عن الإرتجاف حتى أن بعض دموعها سقطت على الورقة أمامها فقال.

" جيد، بللي بدموعكِ الورقة لتبدو أكثر صِدقاً"

رفعت رأسها إليه بغتة في وقت لا يتناسب مع السخرية التي يقيمها عليها، النظرة في عينيها بللت قلبه بدموعها و كأنها أحرقته.

" سأفعل كل ما تريده، إن أردت أن أقتل نفسي سأفعل، لكن ابنتي، أرجوك لا تؤذيها و لا تدع أحد من ذريتك يمسّها بسوء"

إرتفع حاجبه و حرك لسانه يود الإجابة لكنه توقف للحظة، قبل ساعات قليلة فقط، جوي تخلت عن إبنتها كي تعيش بلا مسؤولية و جويل الآن تهبه حياتها مقابل أن تحيى إبنتها.

لوهلة كاد أن يهددها بالطفلة لكنه تراجع، لا يعلم إن كان رادعه عاطفته أم عاطفتها هي.

" دعي الطفلة جانباً، أنت ستفعلين ما أقوله لكِ و بالحرف الواحد، أتفهمين؟!"

أومأت إليه فقال.

" إذن هيا كتبي، اكتبي له رسالة وداع جميلة تجعله يصدق أنكِ رحلتِ بإرادتك"

كتبت وداعاً حقيقي خالص و كأنما هي إحتاجت من يدفعها لتحرر من قيد حُب بات ضعيفاً و يعيش على أنقاض حب ظنت يوماً أن لا شيء يهدمه، و ها بيكهيون كان الذي دفعها تلك الدفعة التي إحتاجتها للإفتراق.

ما إن أنهتها بالحبر حتى ختمتها بدموعها، يبقى تايهيونغ عزيز حتى لو ارتحل، لن تنسى يوماً أنه وثق بها و صدقها و الجميع كذبها، لن تنسى أنه أرادها زوجة رغم عِلتها العظيمة، لن تنسى كفاحه للحصول عليها مجدداً مهما كانت نيته، لن تنسى أنه من بعث بيرل في رحمها و من جعلها تتشبث بها رغم هول الظروف.

لن تنسى يوماً الرجل الذي أحبته لخمسة عشر عام، سيبقى بأثره الطيب عالق بقلبها للأبد، و مهما وجدت أن قلبها يركض إلى غيره سيبقى له في قلبها حيّز مهما كان ضيّق.

أمسك بيكهيون بعضدها مجدداً و دفعها إلى الوقوف، خرج بها من المكتب و هي إلتحفت بالصمت على أن لا يمس ابنتها بسوء، لكنه كان متوجهاً لغرفة بيرل مباشرة.

حدثته بهلع بما أنها لا تستطيع دحض قيده عليها.

" أخبرتك أنني سأفعل ما تشاء لكن لا تؤذي ابنتي، إنها مجرد طفلة بريئة أرجوك!"

دفعها إلى داخل غرفة الصغيرة لتسقط أرضاً ثم هسهس.

" إخرسي!"

تقدم ناحية الطفلة ثم حملها على ذراعيه برفق شديد و لأنه إعتاد على حمل جيني، كان حريصاً على التمسك ببيرل و حذراً بشأنها.

" انهضي و ضعي ما تحتاجينه في حقيبة لكِ و لابنتكِ سريعاً، خمس دقائق و إلا أخذت الفتاة و رحلت."

نهضت عن الأرض ثم ركضت إلى غرفتها تفعل ما أمرها به، كان وقتاً كافياً ليتفرد بالصغيرة، إنها بذات عمر جيني.

تقدم ليغلق الباب ثم عاد ليتكئ على سرير أما الفتاة فهي تنظر له بجهل، تعقد حاجبيها الظريفين و تطالعه بتلك النظرات البريئة، رفع يده إلى حاوية بصرها و لوح لها هامساً بإبتسامة.

" مرحباً آنسة بيرل، أنا بابا الذي إحتضنكِ"

إختلط على الصغيرة صورة الرجلين، تايهيونغ و بيكهيون، فظنته بالفعل والدها فقالت بنبرتها الناعمة.

" أبا!"

قهقه بيكهيون بخفوت و إرتفعا حاجبيه سعيداً.

" أبا تعني بابا! أيجوز أن أسمع هذه الكلمة منكِ أنتِ و قد كنتِ الخدعة التي سارت بها أمكِ علي؟!"

ما زالت العُقدة في حاجبي الصغيرة، ذلك لأنها لا تفهم ما يتحدث به بيكهيون فكررت قولها الأول جعلت بيكهيون يضحك من قلبه و السعادة إستشرت قلبه.

قرص وجنتها بلطف ثم قبل عنقها بقصد دغدغتها فأخذت الصغيرة تضحك بقوة، لوهلة نسي أنها ليست من دمه، و أنها إبنة عدوه، لكنها تبقى في نظره طفلة و كل الأطفال يستحقون الحب.

حملها على ذراعه جيداً و تمسك بها بذراعه الأخرى، ثم خرج من غرفتها ليرى جويل قادمة إليه و تحمل الحقيبة، أشار لها بعينه آمراً بتسلط.

" امشي أمامي و اركبي في السيارة دون ضجيج، أتفهمين؟!"

أومأت إليه و هي تنظر ناحية ابنتها، لا يبدو عليه أنه سيؤذي طفلة أبداً، لكنها ما زالت قلِقة، لا تدري أن الأولى بها أن تقلق على نفسها و ليس على الطفلة.

خرجت من المنزل و على عتبته قبض على عضدها بخشونة و سحبها ناحية ما ركن كريس السيارة بإنتظاره.

فتح باب السيارة و دفعها داخلها بخشونة، أصدرت صوت ألمها و مجدداً تغلغلت دموعها في عينيها.

أغلق عليها الباب و صعد إلى جانب كريس و بيرل معه، أجلسها على قدميه ثم قال لكريس.

" قُد السيارة"

كريس كان نظره عالق على جويل عبر المرآة و ما إن أمره سيده حتى أومئ و حرك السيارة، جويل في الخلف ترتجف و تبكي بلا حِس، أكثر ما يخيفها أنها لا تعلم ما الذي يدور في رأسه.

نظرت إلى بيرل، إنها تجلس على قدمه و تلعب في إزرار قميصه، لا يبدو عليه الشِدة اتجاهها، إنه عطوف معها على خلاف المتوقع، لقد سمعت صوت ضحكاتها في المنزل منذ قليل.

وصل بها إلى مستودع مميز عن غيره، بالنسبة إلى بيكهيون، و جويل ستدرك قريباً سبب تميزه، قال بيكهيون آمراً كريس بنبرة جافية.

" خذ هذه الحقيبة و خذ الطفلة إلى شقتي، أَقتل كلتاهن إن مسّ الصغيرة سوء!"

أومئ كريس إلى سيده بينما ينظر ناحية جويل عبر المرآة، جويل ثارت برفض تحاول منع بيكهيون عمّا يفعله.

تشبثت بفستان الصغيرة و توسلت بيكهيون باكية بقلب محروق، إنها الأم إن أُضنيت.

" لا تبعدها عني، ابقيها معي و لتفعل ما تشاء أرجوك، لقد أطعتك في كل شيء لأجلها، الآن أتركها معي!"

دفع يديها بغلاظة عن بيرل ثم سلمها إلى كريس، خرج من السيارة ثم أمسك بها من عضدها بينما هي تتوسل كريس.

" أرجوك يا كريس احمها جيداً، إنها جائعة لم أطعمها بعد!"

أمام حقد بيكهيون تجاوز عن عاطفته و سحبها خارج السيارة بالقوة ثم سحبها إلى المخزن، كلما حاولت التشبث بالأرض إقتلعها و جعلها تسير رغماً عنها.

إنها تبكي و إزداد بكائها حِدة حينما غادر كريس بإبنتها و ضلت وحدها مع بيكهيون في مكان معزول و مخيف كهذا، صعد بها درجات السلم المعدنية و ما إن وصل إلى باب ما فتحه و دفعها إلى الداخل.

سقطت أرضاً و ما إستطاعت النهوض سريعاً، فليفعل بها ما يشاء و لتبقى إبنتها بخير، شعرت بطرقات حذاءه قريبة منها ثم شعرت بأنامله تنغرس في شعرها ليرفع رأسها يجبرها أن تنظر حولها.

" أتذكرين هذه الغرفة؟"

نظرت جويل بجهل ناحية أركان الغرفة، إنها غرفة نوم عادية لكن، لِمَ سيحوي محزن غرفة نوم؟!

إضطرب قلبها كما أنفاسها حينما صفعها عقلها بذكريات تثير الوجيعة في صدرها، إتسعت عيناها بوجل و إزدرئت جوفها بينما تنظر إلى السرير و النافذة المرتفعة.

" أتذكرينها الآن؟"

ما أجابته إنما تقفَّت آثار ذلك اليوم في هذه الغرفة، ها صراخها و توسلاتها بدأت تعود إلى سمعها، صراخه الغاضب عليها و صوت همهماته المستمعة عادت لتشوش عليها سمعها.

بيكهيون إلى جانبها جلس على ركبتيه و همس قرب أذنها.

" إلى هنا اختطفتك، و هنا حيث اعتديتُ عليكِ و انتقمت لأمي، ما رأيكِ أن نعيد ذكرياتنا الجميلة من جديد هنا؟!"

....................................

لا يا بيك استهدي بالله و صلي ع النبي بس😂

سلااااااااام

ترا ما تأخرت لكن طول البارت فرض علي و عليكم وقت أكثر.

عودة سعيدة و جميلة للمدارس😂😂
تحدثكم طالبة جامعية ما عم تتخرج😭

بكرا رح تظهر علامة الإمتحان المصيري، بالله ادعولي😭😭

البارت القادم بعد 200 فوت و كومنت

١.رأيكم بعلاقة تايهيونغ و جويل التي تدمرت؟!

٢.ماذا ستكون ردة فعل تايهيونغ عندما يرى الرسالة؟

٣.رأيكم ببيكهيون؟ تعامله مع جيني؟ تعامله مع بيرل؟

٤. ماذا سيفعل بيك بجويل؟ و ماذا ستكون حركته القادمة؟!

٥.رأيكم بجوي؟ و هل إنتهت إلى هنا؟!

٦.رأيكم بالبارت ككل و توقعاتكم للقادم؟!

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️












© Mercy Ariana Park,
книга «حاقد عاشق|| The Love Odessy».
Коментарі