CH69||أقتل الحب
" أقتل الحب"
" إن ما قتلته استعبدك و كنتَ له مطيعاً، أقتله قبل أن يثير طُغياناً عليك، أقتله قبل أن يقتلك، أقتل الحب!"
كما لو أن ناراً نشبت في صدري، تحرقني حتى أعمق نبض في قلبي.
لقد وصل بي الهم مطمعه، و سيطر على كليّ، فها أنا أجدني ضائعاً بيت فُتات نفسي و ما بقي لي من دهر مُقدرٍ في الحياة.
آمالي و أحلامي جميعها تحطمت، المشاعر، الوِد، و الحنين كله إندثر في عَدّاد الخيبات التي طارحتني و أنا في أوجّ غفوتي، و انتهيتُ أدوسها بقدمي كي أنهض من جديد.
بولادة جيني إقتصرت حياتي و أهدافي عليها، لستُ الأب المثالي، فأنا من دفع والدتها للتخلي عنها بغض النظر عن نواياها.
لستُ قادراً أن أمنحها الأسرة الحقيقة، ليس بوسعي أن أنجبها من رحم آخر، و لا أن أمنحها نفسي أباً في الوقت المناسب.
لكنني أحاول تعويضها و لو كان الثمن دمي، صغيرتي لن تعيش كما عِشتُ أنا، و على عكسي سأرعرعها في كُنف الدلال و الحب، و لن أنقص عليها قدر نُتفة مِما أملك.
أنا ،و مشاعري ،و أملاكي ،و مستقبلي ،و حياتي كلها ملكٌ لجيني، فأنا لا أعيش سوى لأجلها.
و لأعوضها؛ عقدتُ صفقتي مع تلك المرأة الموبوئة، التي سبق و أن ذبحت شريان الحب، الذي نبض بي لصالحها، و نحرت مشاعري نحوها.
سأكون صادقاً و متصالحاً مع نفسي، أدرك جيداً أنني مهما كرهتها، فإنني أدرك أنها الأم المثالية لابنتي، و المرأة السويّة الوحيدة التي عرفتها.
رغم أنها إنعَوَجت عني...
لستُ ألهث خلف مشاعري و لا تهمني سعادتي، أدركتُ متأخراً أن مرضٍ أصابني و تفشى بي حتى أخمصي، و لكنني تعافيت، العشق!
الحب أصبح علامة ضعف بالنسبة لي، و زالت قداسته في عينيّ، لو عاد الزمن بي و ما أحببت، لما ضاع من عمري عام و أنا مُحاصر في أربعة جدران، لما إستطاعوا القبض علي، لما وقعت بين ايديهم.
لما تفشى الشعر الأبيض رأسي، و على سيرته، ها قد أنهيتُ حمامي للتو، وسيلة فاشلة مني كي أخفف حرقة النار الناشبة بصدري، و لكنها لا تخف.
إحتضن روب الإستحمام الأبيض جنبات جسدي و من ثم مسحتُ البخار المتكاثف على المرآة بيدي لأنظر إلى نفسي.
كلما نظرتُ إلى الشعر الأبيض في رأسي تشبثتُ بقلبي واقفاً خارج نطاق التحكم بي، لقد بدأت تزعجني الخُصل السوداء المتبقية في شعري حتى.
خرجتُ من دورة المياه و رفعتُ الهاتف إلى عمّال القصر أطلب منهم أن يحضروا لي ذاك الذي يجيد تلوين الشعر.
جلستُ على السرير بعدما أنهيتُ المكالمة و تريثتُ انظر في قعر روحي، ابحث عن شيء يحفزني لِألُم في جعبتي أكبر قدر ممكن من الحقد و الكره، كي أصرفه اليوم كله.
ألقيتُ نظرة على السرير، ما زالت ملاكي الصغيرة نائمة، أنها تستيقظ بضع مرات في الليل، تصمت إن وضعت بفمها الحليب و إن ما صمتت اذهب بها لأمي.
رغم صغر حجمها -إنها بطول ذراعي فقط- لكنها كافية لتثير في جسدي الدفئ، و في نفسي الطمأنينة حينما احتضنها و أنام.
وصل ذاك الذي يمتهن تسريح الشعر يتبع خادمة فأمرتها أن تأخذ جيني إلى جناح أمي، أخشى على صغيرتي من أدوات الصبغ، قد تؤذيها.
جلستُ أمام المرآة و أمرتُ ذلك الرجل بينما انظر في شعري الأشيب.
" اصبغه باللون الرمادي كله، و بدل تسريحته"
باشر الرجل في عمله فور أن أنهيت قولي، و أنا أجريتُ مكالمتي مع كريس.
" اذهب إلى الشقة، و أحضر نانسي إلى القصر."
أجابني سريعاً.
" حاضر سيدي"
إستطردت.
" هل فعلت ما أمرتُكَ به؟!"
سرعان ما أجابني، إنني أثق بكريس ثقة عمياء، لم يسبق له أن أخطأ حتى لو بعفوية، إنه مخلص لي و متفانٍ بما أوكله إليه.
" نعم سيدي، لقد تمت العملية حسب الخُطة البارحة بعد منتصف الليل، تأكدتُ أننا لم نترك أثراً خلفنا و مرت العملية بنجاح، الأمانة موجودة في المخزن الرئيس حيث أمرتني أن أضعها"
أشدتُ بعمله الدؤوب و أغلقتُ الخط، أشعر بالحماسة فجأة، لقد إشتقتُ إلى أيام الخُطط و الألعاب الخفيّة، هم من أيقظوا ذاك الوحش بي، فليتحملوا.
ألقيتُ نظرة على نفسي حينما أعلن المُصفف إنتهائه، بدوتُ مثالياً، من الجيد أنني لم أقُص شعري مؤخراً فلقد طال قليلاً.
لونه رمادي و مُسرَّح بفاصلة جانبية، تمنحني شعور بالنضج أكثر، كما لو أنني رجل أربعيني لا ثلاثيني.
أشدتُ بعمله و منحته أجره لينصرف، ثم أنا نهضتُ لأرتدي إحدى بدلاتي السوداء و خرجت، بالتأكيد العائلة مجتمعة على طاولة الإفطار الآن، إنها العاشرة صباحاً بالفعل، إن كانت أمي لطيفة فلن توبخني.
نزلتُ السُلم إلى حيز السُفرة، تجاهلتُ نظراتهم التي تتصيدني و ترأستُ الطاولة، أخي أشاد بمظهري.
" تبدو وسيماً للغاية!"
صفقت ابنته و علقت باسمة الشفتين.
" عمي هو الأجمل!"
تبسمتُ بخفة و نظرتُ إلى أمي، كانت واجمة الوجه، أعلم أنها ظنّت أنني سأصبغه للأسود حتى يعود شعري كما كان و لكن لا، فلتذكرني تلك الخُصل الرماديّة بالسبب الذي ولِدَت لأجله.
أما جيني فلقد كان لها مقعد مخصص بجانب أمي على يميني، كانت تنظر إليّ عاقدة حاجبيها الظريفين و تبرم شفتيها، لربما هي لم تتعرف إليّ.
هذا ليس ودوداً على الإطلاق، كيف لا تعرفني فقط لأنني صبغتُ شعري.
إتكأتُ بمرفقيّ على الطاولة أقرب إليها، و حدثتها بعدما ضربتُ بسبابتي شجرة النخيل الصغيرة تلك المكوَّنة من شعرها.
" أنتِ يا حمقاء! هذا أنا بابا، كيف لا تتعرفي علي بهذه السهولة؟!"
إزدادت شفتيها تبرماً ثم بدأت تبكي و هي تنظر إليّ، حسناً! يبدو أن رأيها من رأي أمي، لم يعجبها مظهري الجديد، و لكنني لا أهتم.
بلى أهتم، صغيرتي هذه، ملاكي الجميل!
أخذتها عن ذراعيّ أمي في محاولاتها لتهدئتها و وضعتها على قدمي، ثم أخذتُ أربتُ عليها حتى هدأت، كان ذلك متعباً.
و لكن لا بأس، بما أنني لا أمتلك أحداً سِواها لأعتني به و أعيش لأجله.
ودَّعتُ ملاكي الصغير، و غادرتُ القصر متحججاً بالعمل المتراكم في الشركة، و هذا حقيقي، أنا لدي الكثير من العمل المتراكم، لكن ليس بالشركة.
خرجتُ لأجد كريس بإنتظاري، صعدتُ في المقعد الخلفي و كريس في الأمام بجانب السائق، تحدثتُ بعد أن تحركت السيارة.
" هل حضَّرت الأوراق المطلوبة؟!"
أجابني.
" ليس بعد سيدي، لقد أمرتُ المحامي أن يُتمم الأوراق اليوم و حالما ينتهي سأبعثها لنُتمم الإجراءات"
همهمتُ متفهماً.
" عملٌ جيد"
كل شيء طوع أمري كما أعتاد أن يكون، أنا بيون بيكهيون، إن سخطتُ على أحد سأريه عاقبة سخطي.
سأسقطه بحفرة عميقة لا يرى فيها رحمة و لا نجوى، أوليّ عليها الضربات من كل حدب و صوب، أزعزع ثباته و أهدم آماله ثم أدفعه للموت.
لطالما كانت سياستي في الحقد مميزة بقدر ما هي مؤلمة و مخيفة، لذا قبل أن تُثير نقمي عليك، فكر، هل أنت فعلاً مستغني عن حياتك؟!
أنا لا أقتل جسدك فهذا موت بسيط، أنا أمزق فيك كل وِصالك مع الحياة و ابقيك على خيط رفيع معها ، فإما أن تتمسك به حتى النهاية أو أن تقطعه بنفسك معلناً إستسلامك.
ذلك ما فعلته بدو جويل و هذا ما سأفعله بكل من أكنُّ له حقد مشابه.
ترجلتُ من السيارة لتعُم الفوضى مرة واحدة، جميع الرجال إنحنوا أمامي و قالوا على صوت رجل واحد و كأنهم إتفقوا مسبقاً على ذلك.
" أهلاً بعودتك أيها الرئيس!"
أومأتُ أرد لهم التحية ثم أشرتُ لهم أن يعودوا إلى نُقط حِراستهم، ليس عليهم أن يتركوا نقط حراستهم لإستقبالي، سأمررها لهم هذه المرة.
شَرَعَ حرّاس المخزن بوابته و بينما أدخل يخلفني كريس على يميني و عدة رجال، مددتُ يدي إلى كريس فأعطاني أياه.
حملتُه إلى مثوى بصري و عاينتُه بعناية، إنه سلاح ناري جديد الإصدار، لكنه رخيص و أكثر نوع مطلوب في السوق، عِز الطلب.
جلستُ على مقعدي خلف مكتبي في منتصف المخزن و اشرتُ بفوهة السلاح إلى كريس كي يجلب لي الأمانة، أنا متشوق.
احضروه و صوت صراخه المكتوم بفعل الكمامة التي تغلق فاهه وصلني، أشعر بنشوة الإنتصار.
إتكأت برأسي على ظهر الكرسي و أفصحتُ هامساً.
" مرَّ وقت طويل"
قوّمتُ عنقي و نظرتُ إليه، ما بدى مستغرباً لرؤيتي أبداً، كان عالماً بأنني لن أمرر فعلته بصمت، ذلك زاد نشوة إنتصاري لذّة.
نظرتُ في عينيه التي تزدرئني و هسهستُ، رؤيته أثارت غضبي أيضاً.
" يا أخي في القانون العزيز!"
رغم أن فاهه مُكمم لكن إبتسامته بزغت على نواجذه التي ارتفعت و رفعت وجنتيه.
إسخر!
لنرى من سيضحك في النهاية...
نهضتُ على قدميّ و سِرتُ إليه حتى أصبحتُ أمامه أحمل السلاح في يدي، إنحنيتُ بجذعي ناحيته و أسندتُ يدي على كتفه، فحرك كتفه يبتغي دفعي، لكنه للأسف مُقيد.
كمشتُ أصابعي بقوة على كتفه، جعلتُ الألم يرتسم على ملامحه رغماً عنه، هسهستُ حينما نال الغضب مبلغه مني.
" متهورٌ أنت! أُحييكَ على شجاعتك، لقد رددت لي الصاع صاعين، لكنك نسيت أن هذه طريقتي، الصاع باثنين!"
دفعتُه من كتفه الذي أكمش عليه، ليسقط بكرسيه أرضاً عند قدميّ، تبسمتُ غاضباً و جلستُ القرفصاء إلى جانبه.
رفعتُ السلاح إلى بصره، فليرى موته بيدي، فليعلم أنني قاتله الآن.
" بما أنني لا أخوض في ذات الأمر مرتين، لن أكرر إنتقامي منك بأحد من نسائك، لكنني سأنتقم منك أنت، متشوقٌ للذة الإنتقام الجديدة هذه، متأكدٌ أن النشوة ستصيبني و الدماء تتصبب منك."
رفعتُ السلاح لأوخز صِدغه بفوهته، و كما هو متوقع، لم يقف له منبت، و لم يحرك ساكناً، هو ليس خائفاً من موته على يدي، ذلك لأنه يعلم أن نتيجة إنتقامه مني مصير أسود كالموت على يدي.
استوقفتني رغبة في الكلام عن قتله، فلأبوح بهذا ثم أقتله.
" إن كنتُ تظن أن فعلتك أنهت أختي كما حدث لأختك، فأنت بالتأكيد مُخطأ، أختي ستتزوج رجل يقدرها و يحترمها للأبد و أنت ستضيع في أمعاء الأرض و ديدانها."
إبتسم مجدداً يسخر من قولي، و لكن إنتظر و لترى في عينيك ماذا أنا بفاعل.
حركتُ فوهة المسدس بزاوية مثالية على صدغه، كافية لأن تصيب مُبتغاي، همستُ بعدما أفشيتُ عن إبتسامة.
" قُل وداعاً للحياة!"
لكنني ما منحته وقتاً ليودع حياته المرفهة، لقد خرجت الرصاصة من الزِند و أصابته.
أقمتُ عودي بينما أرى الدماء تنساب من رأسه بغزارة، إبتسمت، ألم أقل لك أنني من سيضحك في النهاية؟
ألقيتُ السلاح من يدي و تركتُ بقية العمل على كريس، نفضتُ كفيّ بينما أتحدث إليه.
" أخبر المحامي أن يوصل الأوراق إلى شقتي"
إنحنى لي و قال.
" حاضر سيدي"
عبرتُ من فوق جسد الميت ذاك و أخذتُ طريقي خارجاً، أنا لستُ الرجل الذي يمكن لأحد أن يتحداه.
أخذتُ سيارتي الرياضية الحمراء إلى الشِقة، سيكون من الممتع أن أعرض عليها الأوراق بنفسي، أتشوق لأرى الحُزن يَلم جنبات وجهها، خصوصاً أنها من اختارتني عنه.
...........................
غادرت نانسي رفقة كريس منذ وقت، و بعد أن بلَّغتني أن فلورا تُقيم هنا شعرتُ بالراحة، ليس لأن هناك من يشاركني السكن و حسب بل لسبب آخر أيضاً.
أعني، هذه الشقة -شقة الشُبهات- كما أعلم أنه كان يلتقي بالفتيات هنا، بوجودي أنا و فلورا هنا و مسبقاً نانسي، فهمتُ أنه توقف عن هذه العادة البغيضة.
أشعر بالرضى و لكن...
هذه الشقة أيضاً إحتضنت ذكريات ألمية جداً بالنسبة لي، تسترت على دموعي، صرخاتي، و استنجادي، لقد إعتبرتُها قبراً لكيم جويل و مأتماً لأحلامي.
ما زلتُ أشعر بها تخنق أنفاسي، أنا و إن مِلتُ بمشاعري إليه فما زلتُ أتألم كلما تذكرت أفعاله الماضية بي، كان قاسياً حد الجنون، ما زال قاسٍ و لكنه أقل جنوناً.
فهمتُ أن عرض الزواج لأجل ابنته، لكنني ما اقتنعت، أمه موجودة و زوجة أخيه كما أخته، و إن ما أراد كلتاهما، كان يستطيع أن يحضر مربية، أو أن يتزوج بأم الطفلة أو بغيرها.
لِمَ وقع اختياره عليّ أنا تحديداً؟!
إنني أملك الجواب و لكنني لا أثق بمدى صحته.
هل يا تُرى ما زال يحبني؟!
قلبه ينبض لصالحي؟!
أم أن إفتراقنا الأخير فرقنا، و الزمان كان كفيلاً ليشفيه مني؟!
لا أثق بأي الخيارات أصح، لكن إن إفترضنا أنه تعافى من حبي، لِمَ يجلبني إليه مجدداً؟!
لقد وافقتُ على الرجوع إليه و من داخلي أشعر بالتخبط، أريد العودة إليه بشدة، و لكنني لا أعلم لماذا.
رغم أنني أعلم أنه لن يكون ودوداً معي كما كان آخر فترة، ربما لن ينسى أن رجل تلقفني من بعده، فلماذا أعود؟!
أنا نفسي لا أعلم.
و تايهيونغ؟!
نعم، تايهيونغ!
أحبه، إنني في حالة أحب بها رجل و أشعر بالود تجاه الآخر، لكن تايهيونغ ما كنتُ قادرة أن أمنحه فرصة جديدة معي.
هو يستحق أن أصبر لأجله و انتظره طويلاً فلطالما فعل، لكن ما عاد بوسعي أن أمنحه المزيد مني.
أعلم أنها أنانية مني و لكن هذا ما إلتُ عليه، تايهيونغ ما عاد يرى بي المرأة التي يحب رغم أنه يحاول إقناع نفسه بذلك، لكنها ليست الحقيقة.
هو رجل و للرجال كبرياء أعز إنفة منّا، تايهيونغ قد يسير في درب مشبوه، مظلم، و معزول ليسدد ما هُضِم من كرامته.
لقد إعتبر صِراعه مع بيكهيون حرب و الخاسر ذليل، إنتصر في البداية و ظن أن الحرب انتهت فاجتباني غنيمة له و علامة نصره، لا قطعة من قلبه.
و حينما غار عليه بيكهيون من جديد و أدرك أن الحرب ما كانت إلا في مطلعها، بهت معدني الثقيل في نظره، و أصبحت تلك الغنيمة بلا قيمة فغار علي- حاربني-.
أردكُ أنه لا يستوعب الأمر هكذا لكنها الحقيقة، هو يقول أنه يحبني و يجبر نفسه على هذا الحب، حقيقةً هو لا يدرك حقيقة شعوره، لا يعلم بأنه ما عاد يحبني و إن علم فلا يريد أن يقتنع، هو مخلص سيتشبث بحب عاش معه أعوام مديدة و تربى في كنف.
لستُ ألومه إنما أتفهمه بطريقة لا يفهمها، أنا أكثر الناس علماً به، أعرفه أكثر مما يعرف هو نفسه، هو قد حاول بجد و ما فتئ يفشل، لا يدرك أن المشاعر إن ذهبت لا تعود، و أنا ما عدتُ أستطيع أن أضحي بالمزيد منه لأجل حربه مع عواطفه.
لستُ أحقد عليه و لا حزينة منه، فما فعله بي كان لقاء الضغط النفسي العظيم عليه، أرى أنه من الأفضل أن أحرره مني، لعله يكشف عن مشاعره و يزيل قناع الحب الذي إهترئ.
إحدى الأسباب التي أعادتني لبيكهيون هو تايهيونغ، أنا لا أستحقه ببساطة، سببتُ له أوجاع كثيرة و بسببي كان على حِفة الجنون.
أنا أتطلق منه لا لأحرر نفسي فإنني سأقيّد مجدداً، بل لأحرره مني، هو يستحق أخرى أفضل مني، تمنحه السعادة التي عجزتُ عن منحه أياها و تدفعه بعيداً عن الهموم التي سببتها له.
أرجو له مستقبل سعيد و حياة زاهرة بعيداً عني رغم تخوفي من رد فعله، إن بقي متشبث بقناع الحب، لن أسلم و لن يسلم من مشاعره.
أنهيتُ حِمامي و وضعتُ على جسدي روب الإستحمام، قد سبق و استعرته من نانسي، لكنه واسع بشكل مريب، و هي لا تفوقني وزناً!
لقد تركتُ بيرل نائمة و أرجو أنها ما زالت نائمة و لا تكون قد غافلتني، تلك الطفلة غريبة قليلاً، تستطيع أن تحبو بينما الذين في عمرها بالكاد يجلسون.
حسناً هي تحبو على مؤخرتها، ذلك مضحك.
إن إنشغلتُ عنها قليلاً فلا أجدها في المكان الذي تركتها فيه، و ها أن قد سبق و وضعتها أرضاً بين ألعابها و حاصرتها بين الوسائد، لكنها ليست في مكانها.
خرجتُ سريعاً ابحث عنها و حين وجدتها كانت قُرب باب الشقة جالسة تنظر ناحية الباب، فُتِحَ الباب فجأة فشهقتُ مسرعة، يكاد الباب أن يضربها.
لكن قبل أن أقطع الممر إليها تواريت خلف الباب الأحمر، فُتِحَ الباب و لم تتضرر، هذا جيد!
لكن بيكهيون من دخل، إختبأتُ بحرص كي لا يراني بينما يبحث بعينيه عني، أريد أن أعرف ماذا سيفعل مع ابنتي.
هل سيعاملها بحقيقة أنها طفلة يجب أن تتربى على الحب و يتغاضى عن نسبها، أم أنه لن يتغاضى و يتجاهلها ببساطة؟
دخل إلى قعر الشقة لكنه ما تقدم، بل تصنم في مكانه و نظر إلى الأرض، هناك شيء يعيق تقدمه و هذا الشيء هو ابنتي.
تبسمت حينما رأيته يبتسم لها بينما يجلس القرفصاء أرضاً قرب بيرل الجالسة أرضاً قرابة الباب، طفلتي لا تسد طريقه إنما هو ادعى ذلك، ربما يبغي مداعبتها.
إنها تضع في فمها ماصّتها، كلما تخلصتُ من ماصتها تجدها و تضعها بفمها، إنني أشعر باليأس.
تنظر إليه بعينيها المتوسعة بينما تمتص ماصّتها بِجِد فتجد وجنتيها تمتلئ و تتفرغ، بدت لطيفة جداً و أرجو أنه أحبها.
تحسس قِرن شعرها و قال منزعجاً.
" و أنتِ على رأسكِ نخلة صغيرة، ما فائدة جمع هذه الشعرات القصيرة؟!"
ما أستطعتُ أن أتكتم على إبتسامتي فإنني أراه يعاملها بلطف متجاوزاً عداوته مع أبيها، همس لها بصوت لطيف و إبتسامة تعلو شفتيه.
" هل تسمحين لي بالدخول أيتها اللؤلؤة؟!"
لؤلؤة!
ما توقعت أنه سينعتها بمعني اسمها، أشعر بالود مجدداً، ذلك أثار عاطفتي بحق.
ما استجابت الطفلة إليه، بل إستأنفت النظر إليه و امتصاص ما في فمها، فنزع من فاهها الماصّة و قال تعلو ملامحه العُجمة.
" ألهذه الدرجة ذلك الشيء لذيذ؟! أم أنكِ تتجاهليني و حسب؟! هل سبق و تشاجرتِ معي؟"
لا أفهم كيف يفكر، لم أنسى أنه يظن أنها كانت تنقلب معدتها في بطني إن تحركتُ بحيوية، الآن يحدثها و كأنها تفهم ما يقول.
عقدت ابنتي حاجبيها بأستياء لأنه أخذ منها ماصّتها، كادت أن تبكي لو أنه سريعاً ما حملها على ذراعه فقهقهت فرِحة على إثر السُرعة المفاجئة التي حملها بها، ضحك بخفوت على إثر ضحكتها المفاجئة و قال مستنكراً.
" ظننتُ أننا لسنا على وِفاق أيتها اللؤلؤة، ها أنتِ تضحكين لي الآن!"
فليخبره أحد أنها طفلة، لا تُخاصم، و لا تفهم ما يقوله، لكنه بدى... لطيفاُ بعض الشيء.
وضع لها ماصتها بفهمها و تقدم ليجلس على الأريكة ليضعها على قدمه، لكي أراهم جيداً علي أن أظهر قليلاً و أرجو ألا يراني.
بيرل المشاكسة تبدو سعيدة جداً فهي لم تتوقف عن الضحك بلا سبب، حتى قال لها.
" لا تستغلي مشاعري أيتها الصغيرة، أنا لا أقاوم ضحكاتكِ."
رفع سبابته بوجهها و اتبع.
" إن أصررتِ على أن تضحكي فستكون نهايتك بمعدتي، أتفهمين؟!"
إبتسمتُ رغماً عني، الآن حقاً أنا أشعر بالطمأنينة، هو سيكون الأب الذي يحتضن ابنتي بعاطفة أبوية بغض النظر عن نسبها.
نظرت هي إلى سبابته المرفوعة قرب وجهها فتخلت عن ماصّتها و أرادت أن تستبدلها بأصبعه، لكنه ابعد يده سريعاً عنها و قال.
" لا يا متحوشة! أكل الأطفال متوحشين؟! اصبعي ليس معقماً، ستمرضي!"
عقدت صغيرتي حاجبيها على وشك البكاء فقبّل شفاهها سريعاً يراضيها، و سرعان ما رضيت، ها هي تضحك له مجدداً، إنها لا تضحك لي هكذا تلك البخيلة.
" عليكِ أن تقدري شرف أن أقبلكِ"
كما كان و سيبقى دوماً، لا أحد مغروماً بنفسه بقدره، حملها على ذراعه و سار بها، كان علي الفرار إلى غرفتي و إلا رآني، لكنني سمعته يتحدث إليها بينما أهرب.
" أين هي عنكِ؟! كيف تترككِ قرب الباب و تذهب، سأريكِ ماذا سأفعل بها لأجلكِ؟!"
يا إلهي! ها قد عاد يبحث عن حُجج ليوبخني عليها، أخشى أن يجرحني و ينعتني بتلك الكلمة مجدداً، أرجو ألا يفعل.
تلك الخائنة بيرل أصدرت صوتاً لطيفاً، و كأنها تترقب لما سيفعله و تحييه مُسبقاً.
هرولتُ مُسرِعة إلى غرفتي، و بما أنني لا أرتدي سوى روب الحمام هرعتُ أختبئ في دورة المياه، لا أريد أن يراني هكذا.
أخشى أن تتفتق رغباته و أنا أعلم جيداً أنه لا يقدر على مقاومتي، أخشى أن يعتدي عليّ!
هل أبالغ؟!
لستُ أبالغ، هذا الواقع، لطالما كان يحدث هذا!
سمعتُ صوت حذائه يضرب الأرضية بالإضافة إلى صخب ابنتي المستأنِسة به، فتحتُ الباب قليلاً انظر في الحُجرة.
كان يمنحني جنبه و لا يبحث عني إنما ينظر إلى ابنتي.
عقدت بيرل حاجبيها كما يفعل هو تقلده، لقد إستعان بملامح واجمة لمقابلتي، ألا يستطيع أن يكون لطيفاً قليلاً معي؟! هادئاً على الأقل؟!
ابتسم لملامح وجه ابنتي اللطيفة فضحكت بقوة و كأن ملامحه تنفث عليها غاز الضحك، لا أفهم سبب بشاشتها المفاجئة هذه، قالت.
" أبا "
كانت هذه الكلمة كافية لتثير مشاعره بشدة و مشاعري، وضعها على السرير ثم آتى يدغدغها و يُقبّلها، جعل بيرل تضحك بصراخ لكثرة ما لاعبها.
تايهيونغ ما كان يفعل ذلك، كان يلاعبها قليلاً، اذكر أنه إبتسم عندما قالت له "أبا" أول مرة ثم اصبح الأمر اعتيادياً، تايهيونغ رغم أنه والدها البيولوجي، لم يكن حنوناً معها كما بيكهيون الآن.
تنهد متعباً من صخبها، و حملها على ذراعه مجدداً و علق.
" فتاة مشاغبة!"
نعم، ابنتي مشاغبة، لتوي لحظتُ هذا الجانب منها!
وضعها على الأرض في بُقعتها السابقة و حاصرها جيداً بين الوسائد، حينما أقام عوده رفعت رأسها إليه فحدّثها بسبابة مرفوعة و كأنها تفهم.
" انظري ماذا سأفعل بالمهملة التي أنجبتك، راقبي بصمت و لكن لا تضحكي، ستضيع هيبتي"
رغم أنه أخافني الآن لكنني اود أن أضحك بحق، هيبة؟!
لقد إزداد هيّبة بعد لقائه الودود مع ابنتي، بالتأكيد يعامل ابنته هكذا، له جانب لطيف مع الأطفال، و شرير مرعب معي.
قبل أن يلتفت ناحية الباب الذي أختبئ خلفه أغلقته بخفية ثم سرعان ما وصلتني ضرباته الخشنة على الباب يتبعه هديره الخشن.
" أنتِ! أخرجي!"
قضمتُ شِفتي و كمشتُ يديّ بقوة، ها قد تسرب إلي الخوف من جديد، إنني أخشاه بلا منازع، لا أستطيع أن أخرج إليه بروب إستحمام فقط.
ماذا سيفعل بي؟! بل ماذا سيظن بي؟!
لكنه بدى مصراً إذ ركل الباب بقدمه و أنا جفلت، صوته ارتفع قليلاً بقدر لا يخيف ابنتي، لكنه يخيفني.
" هل مُتِّ في الداخل؟! اخرجي!"
شجعتُ نفسي أن أفتح فاهي و اتحدث أنا خائفة بحق.
" لكنني لم أحضر ثيابي، كيف أخرج؟!"
وصلني صوت أنفاسه المحمومة بالأستياء و من ثم قال.
" ألا تضعين روباً أو منشفة أو أي شيء؟!"
أجبته أكمش جفوني.
" بلى"
أجابني سريعاً منفعلاً.
" إذن اخرجي أم آتي لأخرجك؟!"
سرعان ما تحدثتُ فزعة أنهاه.
" لا، لا! سأخرج وحدي!"
أمسكتُ بمقبض الباب و من ثم سحبتُ نفساً عميقاً و زفرته بهدوء، أعين نفسي على مواجهته.
فتحتُ الباب و خرجتُ أكمش الروب على جسدي، ما نظرت إليه، لا أقوى أن أفعل، أشعر بالحرج و الخجل الشديدين.
تقدم إليّ و قد وَجَمَ وجهه فجأة، إزدرئتُ جوفي بتوتر، بالتأكيد لن يمر اليوم على خير، هو يتقدم مني و أنا أتراجع عنه، حتى إرتطم ظهري بالحائط خلفي و هو أصبح أمامي، لا فرار لي منه.
تنهدتُ متخوفة حينما أصبحتُ مُحاصرة بين الحائط، صدره، و ذراعيه المسنودين على الحائط من حولي، ثم همستُ بعد أن حمّلت نفسي القوة أدعي الجهل.
" ماذا؟!"
أشار إلى بيرل بعينيه و قال بسخط مهدداً و قد إستعان بنبرة أخافتني.
" إن لحظتُ مجدداً أنكِ تهملين الصغيرة، سأجعل الحياة تهملكِ و يتولاكِ القبر"
رغم إبتذال صيغ تهديده، لكنه واقعي في تنفيذها، قدمتُ تبريري سريعاً لعله كفَّ عني.
" لكن أنا وضعتها هنا أحاصرها ريثما استحم، لا أعرف كيف خرجت!"
وضع سبابته على شفتيّ و همس مُحتداً.
" لا تبرري، أياكِ أن يتكرر ما حدث للتو، أتفهمين؟!"
أومأتُ له سريعاً لكنني أسمع صوت عالٍ من داخلي، و كأن طبلاً في صدري يُضرب بقوة ليرن رناً مهولاً في جوفي، توقف يا قلبي، أنت تؤلمني!
" حسناً"
إبتعد عني متخصراً، و أنا حقيقةً لا أملك سوى أن أسايره، أخفضتُ رأسي عنه و انشغلت بالتربيت على صدري، إنني لا أبالغ، إنه يؤلمني.
........................
بالخفية بيكهيون نظر إلى بيرل و غمزها أنه إنتقم لها من أمها، لتضحك بينما الماصّة بفمها.
نظرت جويل إلى ابنتها ثم إليه بجهل فأشاح ببصره عن الصغيرة و نظر إليها مجدداً، تحديداً جسدها، فكمشت الروب عليها أكثر.
ارتفع حاجبه و همس منزعجاً، ظنت أن إنزاعجه سببه أنها تستر نفسها عنه، و لكن لا، بيكهيون هذا جديد عليها.
" من سمح لكِ أن ترتدي هذا؟! إنه لي!"
إتسعت عيناها و إزدرئت جوفها، لا شك أنه واسع جداً عليها لأنه له.
" ما لاحظت أنه لك سوى الآن"
همهم بينما ينظر في عينيها الخجولتين و هي شاكست فرورة رأسها بأظافرها مُحرجة، لا تعلم ما الذي تهابه أكثر، أنها على هذه الهيئة أمامه، بشعر يقطر ماء، و بجسد لا يستره سوى قطعة قماش تخصه، أم أنها محرجة من نظراته التي لا تتحرش بها أبداً، إنما ينظر إليها و كأنما يكشف الغطاء عن روحها.
في النهاية، ما كانت تعلم أنه سيقوم بسؤالها مستنكراً، سؤالاً هي بنفسها لا تعرف إجابته فكيف تجيب عليه؟!
" أراكِ ترتدين ثيابي، أما عدتُ مقرفاً بنظركِ أم أنني أصبحتُ نظيفاً طاهراً فجأة؟!"
فغرت فاهها قليلاً و نظرت إليه ضائعة كما لو أنها نسيت كيف تتكلم فجأة، إنه لا ينسى شيء مطلقاً و خصوصاً تلك الجروح التي سببتها له، ما يعووزه على الحقد هو هذه الجروح، لذا سيحتفظ بها.
تبسم مستخفاً حينما وجد منها الصمت و معالم وجهها المقتضبة أوصلت له الإجابة، هي بنفسها لا تدري، لا يعلم إن مالت بمشاعرها إليه أم لا و هذا بالفعل لا يهمه، لكنها لو مالت سيحلو له تعذيبها بأكثر الطرق إيلاماً.
إستطرد آمراً بنبرته المتسلطة، فلقد إشتاق أن يفرض هيمنته عليها كما كان يفعل بالسابق.
" ارتدي ثيابكِ سريعاً، سيصل لنا بعض الضيوف"
أول من تبادر على ذهنها أن عائلته أو عائلتها ضيوفه، أن يجعلها تواجه عائلته التي بالتأكيد ترفضها أو تواجه عائلته التي بالتأكيد ترفضه هو العذاب بعينه.
شتت أفكارها حينما حمل بيرل على يده و خرج يستعجلها، بعدما أغلق على جويل باب الغرفة، سار إلى الصالة مجدداً و قال لبيرل.
" أمكِ حمقاء، أتعلمين؟!"
أصدرت الصغيرة صوت و كأنها توافق، فأومئ هو أيضاً و قال بفخر مرفوع حاجبه دون الآخر عن ناصيته.
" أنا و أنتِ نتوافق جيداً، ستكونين إبنة جيدة أستطيع أن أناقشها بوِفاق، لكن أولاً عليكِ أن تكبري"
رمت الصغيرة الماصّة من فمها فالتقطها سريعاً جعلها تضحك، وضعها في فمها مجدداً فأعادت الكرّة، فرّت من فاهه ضحكة، لكنه تحمحم و مسح الإبتسامة عن فاهه ليعقد حاجبيه و يقلب سِنحته كما لو أنه حانق.
" توقفي عن العبث معي!"
المضحك أن بيرل قلدته، عقدت حاجبيها و برمت شفتيها كما يمثل، وجهها الحانق مثير للضحك.
وصل ضيفه أخيراً، وضع بيرل أرضاً و توجه لفتح الباب، ظهر له رجلين من خلف الباب، أحدهما المحامي و الآخر لا يعرفه.
تحمحم المحامي بعد أن إنحنى لبيكهيون و قال.
" عذراً سيدي، لكن بموجب القيود السابقة يتوجب على السيدة دو جويل أن توقع الأوراق أمام الشرطي ليكون متأكداً بأنها ليست مجبورة"
أومأ بلا إهتمام و أذِن لهم بالدخول حينما شرع الباب لهم، جلسوا على الآرائك و هو حمل بيرل على يده و توجه ليجلس على الأريكة المقابلة بإنتظار جويل.
لن يذهب إليها يستعجلها سيظن رجل الشرطة أنه ذهب ليهددها بكل تأكيد، أشار الشرطي ناحية بيرل التي تحبو على مؤخرتها حتى وصلت إلى بيكهيون و تشبثت بقدمه.
" من هذه الطفلة؟!"
ارتفع حاجب بيكهيون عن ناصيته مستاءً و رمق الشرطي بسخط قائلاً.
" إنها ابنتي، لديك مشكلة؟!"
تحمحم الرجل و نفى برأسه، ذلك الرجل اليافع قِبالته يمتلك نظرات شريرة.
لكن سرعان ما اختلفت ملامحه إلى الوِد حينما نظر إلى بيرل و حملها لتجلس على قدمه بدل أن تتشبث به.
أتت جويل و حيَّت الرجلين، ما كان صعب عليها أن تفهم سبب وجود الشرطي، لذا تحركت لتجلس على ذات الأريكة التي يجلس عليها بيكهيون تفصلها عنه مسافة تتسع شخصين و إبتسامة خافتة على شفتيها.
" أهلاً بكم"
قدم المحامي لها الأوراق و شرح لها سير الدعوة القضائية، إن وافق تايهيونغ سينفصلان بجلسة واحدة، و إن ما حدث فسيطول الأمر كثيراً.
حملت القلم و بعض التردد يساور نفسها لا تعلم كيف أُنجِب داخلها، شيء داخلها ما زال يتمسك به، صوت ينهرها عن الإنفصال عنه، لكنه بالتأكيد ليس الصوت السديد.
تنهدت من أعماق صدرها و خطَّت على الأوراق توقيعها، الإنفصال عنه نجاة له، سلمت الأوراق إلى المحامي، و هو غادر رِفقة الشرطي.
جلست ناكسة رأسها إلى يديها بحِجرها، أطرافها ترتجف و لا تعلم سبب السخونة في عينيها، إستأذنت بيكهيون.
" عذراً، سأغسل وجهي!"
هو كان يراقب ملامح وجهها بتمعن و على شفاهه إبتسامة متشمتة، حينما نهضت قال ضاحكاً.
" نعم، أغسليه جيداً، فلقد إتسخ بفعل دموع التماسيح هذه"
سارت إلى دورة المياه و علقت بصوت منخفض لا يصل له.
" يا لك من هازئ!"
جمعت الماء في كفيها ثم رطمته بوجهها لعل تلك الدموع توقفت، لكنها كلما غسلت وجهها عن الدموع وجدته ينزل مجدداً.
إستندت إلى الحوض تنظر إلى وجهها بالمرآة و همست تبكي بحرقة.
" أنا آسفة، بالفعل آسفة تايهيونغ، سامحني!"
كان ذلك قاسياً، و لو عادت السنين لما تخيلت نفسها في هذا الموقف أبداً.
برفعها هذه الدعوة بإرادتها الحرة قد أنهت الحب الذي قام لأعوام طويلة جداً، أبعد مما تستطيع أن تتذكر، و أكثر مما تستطيع أن تعد، ما زالت تحبه و لكنها تفعل ذلك لأجله أيضاً.
عليها ألا تكون أنانية و تدفعه إلى حياة جديدة بعيداً عنها حيث يجد الراحة و الحب من جديد دون أن ينغص عليه أحد.
بتبرئها منه يتبرأ بيكهيون من كرهه له و تكون فرصة تايهيونغ سانحة ليجد طريقه من جديد بعيداً عنها و قريباً من ابنته، أحياناً عليك أن تتخلى عن أشياء ثمينة بسبيل أشياء أخرى.
..........................
حين أقبلتُ إليها خالي الوِفاض إلا من حبي ردَّتني و قد سبق لي أن لممتها و هي لا تملك سوى قلبي، فبأي حقٍ هي تنزح عني و تلتجأ لزندٍ غير زِندي؟!
لكنني ما عدتُ حاملاً لهذا الحب اليوم و لا أريد، فوجب علي قتله و طمره في أبعد حيز مني، ما عدتُ لها محباً، و لا خلف حبها سألهث بعد الآن، و هي قد باعتني.
لقد اكتفيتُ من أن أكون مهضوم الحق و منقوص الكرامة، حان الآن لأستعيد ما حطَّمته مني، و أجمع نفسي على بعضي و أوجهها -نفسي- كرجل بلا قلب، فقلبي لن ألم حُطامه أبداً، أخشى إن جمعته إنقلب علي.
سأحقد عليها بقدر ما أستطيع و سأشن عليها حربي التي لن تحمد عُقابها، إنني بقدر ما أنعمتُ عليها بحبي، أستطيع أن أنقم عليها بكرهي، و لتري يا إمرأة دمرتني، كيف الدمار الحقيقي يكون.
هربت مني و خطفت ابنتي، و ما تركت لي شيء سوى ورقة تخبرني بها أنها ذهبت بلا عودة، و بأمنياتها لي بأن أبدأ من جديد بطريقٍ يخلو منها.
و الآن تبعث لي عبر المحكمة رغبتها بأن تكون حرة طليقة من القفص الذي وضعتها فيه -قلبي-، سأحرركِ، لكنكِ لن تهنأي بحريتكِ أبداً، كما سجينٌ خرج بعد عشرين عاماً من العُزلة على أمل أن يجتمع مع الحرية، و حينما خرج يلمح الحرية تركض إليه، رأى الموت يسبقها إليه فمات.
هكذا سيكون مصيركِ...
لا هون و لا تهاون معي منذ اليوم، سأسير بدربي الخاص بلا رفقة و لا أعوان، أكون وحدي و آخذ حقي ثم أعيش الحياة مبغدداً بين كل الملذات التي حرمتُ نفسي منها لأجل إمرأة ما حفظت الحب بيننا.
توجهتُ إلى المحكمة و أقررتُ بموافقتي على الطلاق، سأحررها من هذا القيد و أعلم أن قيد عدوي سيلتحم بها، لكنني لا أبالي.
سأكون واقعياً عقلانياً الآن، أنا لا أحتاج إمرأة سوى إن بَرِد فراشي، سأمحي كل عواطفي إلا كرهي، و أعمل به.
الآن و هي حرة مني سأكون حراً من عواطفي، و أسير في دربٍ مهما كان مظلماً فلن ينير عتمته شيء، و لن أسير فيه إلا وحيداً.
ذهبتُ إلى قصر أبي و استرجعتُ مكانتي كابن له، تلك المكانة التي سبق و ضحيتُ بها لأجلها، و يا ليته أثمر، أبي وجد عودتي فرصة مُثمِرة إذ أنه تنحى عن منصبه و سلمني أياه.
الآن أصبحتُ المدير التنفيذي بموافقة كل حملة الأسهم و الشركاء، رئيس مجلس الإدارة، و رجل الأقتصاد الأول في البلاد.
في هذه البلاد أصبحتُ الأقوى، كل الدولة تعتمد على إقتصاد مجموعة الشركات التي أديرها، السياسة بقبضتي و الأقتصاد بقبضتي، كوريا بأنحائها بقبضتي.
تخليتُ عنها و عن ابنتي لأنتقم منها و استعيد ابنتي، سأكون نزيهاً، لن أستخدم سلطتي لأخذ ابنتي، سآخذها قانونياً فيما بعد، حتى ذلك البعد؛ لن أكون نزيهاً على الإطلاق، فلتتحمل ما ستراه مني.
طرق مساعدي باب المكتب فأذنتُ له بالدخول، إنحنى لي ثم قال.
" سيدي الرئيس، هناك فتاة منذ ساعات الصباح الباكر أتت تريد مقابلتك، و مهما طردها الأمن لا تبتعد"
إنعقدا حاجبيّ مستعجباً و أخبرته أن يدخلها، من تلك التي تصر على رؤيتي؟!
طرق طفيف صادر عن يد إمرأة ثم دخلت بكعب رنان، إرتفع حاجبي عن ناصيته حينما ميّزتُها، إنها جوي!
أرخيتُ ظهري على المقعد و استعنتُ بنبرة باردة.
" ماذا تفعلين أنتِ هنا؟!"
أنكست رأسها و دخلت حتى وقفت قِبالتي و قالت.
" أريد أن أعود"
إبتسمتُ ساخراً، هي من تخلت عني و تشبثت برجل لا يرى فيها سوى عاهرة، بأي حق تعود؟!
لقد إختفت قبل أن أنفذ أي مما خططنا له، و حينما أستطعتُ الوصول لها قالت أن حملها فرصة مثالية لكسب حبيب القلب.
لكن ها هي تعود لي خائبة تطالب بفرصة ثانية، و لكنني تعلمتُ درسي جيداً، ما عدتُ أمنح فرص ثانية، أشرت لها بظاهر يدي دون أن أنظر لها و قلت.
" توجهي إلى غيري، لستُ ألدغ من الجُحر مرتين"
لكنها ما تحركت و هذا أثار غيظي، أنا أصبحتُ أغضب بلا سبب، لا تنقصني إمرأة بلا عقل أن تزيد حنقي.
" ثق بي هذه المرة، على الأقل اسمعني"
تنهدتُ مستاءً، لا ضير من الإستماع لها.
" قولي، ماذا تريدين؟ و ماذا تستطيعين أن تقدمي لي؟! ما ضمانتي أنكِ لن تنزحي عني مجدداً؟ و لِمَ تعودين مجدداً"
تنهدت تتريث في الإجابة و قالت.
" أريد أن أتحد معك مجدداً و تأكد أنني هذه المرة لن أخيب ظنك، إن فعلت افعل بي ما شِئت"
همهمت بينما انظر لها ثم قلت.
" لماذا تتحدين معي؟ طريق إليه مجدداً؟!"
نفت! ماذا تريد إذن.
" لا، ما عدتُ لحوحة في الحصول عليه"
قلت مستنكراً.
" تريدين ابنتك؟"
نفت مجدداً و أوجزت.
" إنها مجرد عائق في طريقي، و هو يستطيع أن يوفر لها ما أعجز عن توفيره"
أيُ أمٍ هذه بحق؟!
سخرت بنفسي و انجبت سؤالاً.
" إذن؟!"
رفعت رأسها و رمقتني بحقد لا تقصدني به.
" أريد الإنتقام"
أومأت، رغم أنني لا أرى لها حقاً في الإنتقام لكن فعلاً لا يهمني، عدو عدوي صديقي.
وقفت أضع كفيّ بجيوب بنطالي حتى وصلتُ النافذة الزجاحية انظر من خلالها.
" لقد سبق و إن قررتُ ألا أشارك طريقي مع أحد و لكن..."
ابتسمت قبل أن ألتفت إليها.
" سأمنحكِ حق رؤيتهم من القاع، و لتنعمي برؤيتهم يحترقون"
إستطردت.
" ألا تحتاجني بشيء؟!"
نفيت.
" سأضعكِ في الحُسبان إن احتجتك."
.........................
سلاااااااااام
لا تلوموني😭
تخيلوا أنو هذا البارت كتبتوا مرتين! هلكت! كنت كاتبة اربع آلالاف كلمة، مسحتهم و بلشت من جديد*ميرسي ماتت*
المهم، هذا البارت الهادي بعكس المشاعر أكثر من الأحداث، لأنه لازم تفهموا مشاعر الشخصيات و التغيرات التي صارت عليها كلما ما مرينا بأحداث أكثر بتأثر على مشاعرهم.
البارت القادم بعد 200فوت و 200كومنت.
١.رأيكم ببيكهيون؟ حالته النفسية و مشاعره؟! أنه قتل دي او؟ و علاقته الودودة جداً مع بيرل؟ علاقته مع جويل و طبيعة مشاعره ناحيتها؟!.
٢.رأيكم بجويل؟ التضارب القوي في مشاعرها؟ رد فعلها على علاقة بيكبيرل؟
٣.رأيكم بتايهيونغ؟ مشاعره التي تنم عن حقد شديد؟! ماذا سيفعل؟!
٤.رأيكم بجوي؟ و لماذا تنتقم؟ و هل لها حق أن تفعل؟!
٥.رأيكم بالبارت ككل و توقعاتكم للقادم؟!
دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️
" إن ما قتلته استعبدك و كنتَ له مطيعاً، أقتله قبل أن يثير طُغياناً عليك، أقتله قبل أن يقتلك، أقتل الحب!"
كما لو أن ناراً نشبت في صدري، تحرقني حتى أعمق نبض في قلبي.
لقد وصل بي الهم مطمعه، و سيطر على كليّ، فها أنا أجدني ضائعاً بيت فُتات نفسي و ما بقي لي من دهر مُقدرٍ في الحياة.
آمالي و أحلامي جميعها تحطمت، المشاعر، الوِد، و الحنين كله إندثر في عَدّاد الخيبات التي طارحتني و أنا في أوجّ غفوتي، و انتهيتُ أدوسها بقدمي كي أنهض من جديد.
بولادة جيني إقتصرت حياتي و أهدافي عليها، لستُ الأب المثالي، فأنا من دفع والدتها للتخلي عنها بغض النظر عن نواياها.
لستُ قادراً أن أمنحها الأسرة الحقيقة، ليس بوسعي أن أنجبها من رحم آخر، و لا أن أمنحها نفسي أباً في الوقت المناسب.
لكنني أحاول تعويضها و لو كان الثمن دمي، صغيرتي لن تعيش كما عِشتُ أنا، و على عكسي سأرعرعها في كُنف الدلال و الحب، و لن أنقص عليها قدر نُتفة مِما أملك.
أنا ،و مشاعري ،و أملاكي ،و مستقبلي ،و حياتي كلها ملكٌ لجيني، فأنا لا أعيش سوى لأجلها.
و لأعوضها؛ عقدتُ صفقتي مع تلك المرأة الموبوئة، التي سبق و أن ذبحت شريان الحب، الذي نبض بي لصالحها، و نحرت مشاعري نحوها.
سأكون صادقاً و متصالحاً مع نفسي، أدرك جيداً أنني مهما كرهتها، فإنني أدرك أنها الأم المثالية لابنتي، و المرأة السويّة الوحيدة التي عرفتها.
رغم أنها إنعَوَجت عني...
لستُ ألهث خلف مشاعري و لا تهمني سعادتي، أدركتُ متأخراً أن مرضٍ أصابني و تفشى بي حتى أخمصي، و لكنني تعافيت، العشق!
الحب أصبح علامة ضعف بالنسبة لي، و زالت قداسته في عينيّ، لو عاد الزمن بي و ما أحببت، لما ضاع من عمري عام و أنا مُحاصر في أربعة جدران، لما إستطاعوا القبض علي، لما وقعت بين ايديهم.
لما تفشى الشعر الأبيض رأسي، و على سيرته، ها قد أنهيتُ حمامي للتو، وسيلة فاشلة مني كي أخفف حرقة النار الناشبة بصدري، و لكنها لا تخف.
إحتضن روب الإستحمام الأبيض جنبات جسدي و من ثم مسحتُ البخار المتكاثف على المرآة بيدي لأنظر إلى نفسي.
كلما نظرتُ إلى الشعر الأبيض في رأسي تشبثتُ بقلبي واقفاً خارج نطاق التحكم بي، لقد بدأت تزعجني الخُصل السوداء المتبقية في شعري حتى.
خرجتُ من دورة المياه و رفعتُ الهاتف إلى عمّال القصر أطلب منهم أن يحضروا لي ذاك الذي يجيد تلوين الشعر.
جلستُ على السرير بعدما أنهيتُ المكالمة و تريثتُ انظر في قعر روحي، ابحث عن شيء يحفزني لِألُم في جعبتي أكبر قدر ممكن من الحقد و الكره، كي أصرفه اليوم كله.
ألقيتُ نظرة على السرير، ما زالت ملاكي الصغيرة نائمة، أنها تستيقظ بضع مرات في الليل، تصمت إن وضعت بفمها الحليب و إن ما صمتت اذهب بها لأمي.
رغم صغر حجمها -إنها بطول ذراعي فقط- لكنها كافية لتثير في جسدي الدفئ، و في نفسي الطمأنينة حينما احتضنها و أنام.
وصل ذاك الذي يمتهن تسريح الشعر يتبع خادمة فأمرتها أن تأخذ جيني إلى جناح أمي، أخشى على صغيرتي من أدوات الصبغ، قد تؤذيها.
جلستُ أمام المرآة و أمرتُ ذلك الرجل بينما انظر في شعري الأشيب.
" اصبغه باللون الرمادي كله، و بدل تسريحته"
باشر الرجل في عمله فور أن أنهيت قولي، و أنا أجريتُ مكالمتي مع كريس.
" اذهب إلى الشقة، و أحضر نانسي إلى القصر."
أجابني سريعاً.
" حاضر سيدي"
إستطردت.
" هل فعلت ما أمرتُكَ به؟!"
سرعان ما أجابني، إنني أثق بكريس ثقة عمياء، لم يسبق له أن أخطأ حتى لو بعفوية، إنه مخلص لي و متفانٍ بما أوكله إليه.
" نعم سيدي، لقد تمت العملية حسب الخُطة البارحة بعد منتصف الليل، تأكدتُ أننا لم نترك أثراً خلفنا و مرت العملية بنجاح، الأمانة موجودة في المخزن الرئيس حيث أمرتني أن أضعها"
أشدتُ بعمله الدؤوب و أغلقتُ الخط، أشعر بالحماسة فجأة، لقد إشتقتُ إلى أيام الخُطط و الألعاب الخفيّة، هم من أيقظوا ذاك الوحش بي، فليتحملوا.
ألقيتُ نظرة على نفسي حينما أعلن المُصفف إنتهائه، بدوتُ مثالياً، من الجيد أنني لم أقُص شعري مؤخراً فلقد طال قليلاً.
لونه رمادي و مُسرَّح بفاصلة جانبية، تمنحني شعور بالنضج أكثر، كما لو أنني رجل أربعيني لا ثلاثيني.
أشدتُ بعمله و منحته أجره لينصرف، ثم أنا نهضتُ لأرتدي إحدى بدلاتي السوداء و خرجت، بالتأكيد العائلة مجتمعة على طاولة الإفطار الآن، إنها العاشرة صباحاً بالفعل، إن كانت أمي لطيفة فلن توبخني.
نزلتُ السُلم إلى حيز السُفرة، تجاهلتُ نظراتهم التي تتصيدني و ترأستُ الطاولة، أخي أشاد بمظهري.
" تبدو وسيماً للغاية!"
صفقت ابنته و علقت باسمة الشفتين.
" عمي هو الأجمل!"
تبسمتُ بخفة و نظرتُ إلى أمي، كانت واجمة الوجه، أعلم أنها ظنّت أنني سأصبغه للأسود حتى يعود شعري كما كان و لكن لا، فلتذكرني تلك الخُصل الرماديّة بالسبب الذي ولِدَت لأجله.
أما جيني فلقد كان لها مقعد مخصص بجانب أمي على يميني، كانت تنظر إليّ عاقدة حاجبيها الظريفين و تبرم شفتيها، لربما هي لم تتعرف إليّ.
هذا ليس ودوداً على الإطلاق، كيف لا تعرفني فقط لأنني صبغتُ شعري.
إتكأتُ بمرفقيّ على الطاولة أقرب إليها، و حدثتها بعدما ضربتُ بسبابتي شجرة النخيل الصغيرة تلك المكوَّنة من شعرها.
" أنتِ يا حمقاء! هذا أنا بابا، كيف لا تتعرفي علي بهذه السهولة؟!"
إزدادت شفتيها تبرماً ثم بدأت تبكي و هي تنظر إليّ، حسناً! يبدو أن رأيها من رأي أمي، لم يعجبها مظهري الجديد، و لكنني لا أهتم.
بلى أهتم، صغيرتي هذه، ملاكي الجميل!
أخذتها عن ذراعيّ أمي في محاولاتها لتهدئتها و وضعتها على قدمي، ثم أخذتُ أربتُ عليها حتى هدأت، كان ذلك متعباً.
و لكن لا بأس، بما أنني لا أمتلك أحداً سِواها لأعتني به و أعيش لأجله.
ودَّعتُ ملاكي الصغير، و غادرتُ القصر متحججاً بالعمل المتراكم في الشركة، و هذا حقيقي، أنا لدي الكثير من العمل المتراكم، لكن ليس بالشركة.
خرجتُ لأجد كريس بإنتظاري، صعدتُ في المقعد الخلفي و كريس في الأمام بجانب السائق، تحدثتُ بعد أن تحركت السيارة.
" هل حضَّرت الأوراق المطلوبة؟!"
أجابني.
" ليس بعد سيدي، لقد أمرتُ المحامي أن يُتمم الأوراق اليوم و حالما ينتهي سأبعثها لنُتمم الإجراءات"
همهمتُ متفهماً.
" عملٌ جيد"
كل شيء طوع أمري كما أعتاد أن يكون، أنا بيون بيكهيون، إن سخطتُ على أحد سأريه عاقبة سخطي.
سأسقطه بحفرة عميقة لا يرى فيها رحمة و لا نجوى، أوليّ عليها الضربات من كل حدب و صوب، أزعزع ثباته و أهدم آماله ثم أدفعه للموت.
لطالما كانت سياستي في الحقد مميزة بقدر ما هي مؤلمة و مخيفة، لذا قبل أن تُثير نقمي عليك، فكر، هل أنت فعلاً مستغني عن حياتك؟!
أنا لا أقتل جسدك فهذا موت بسيط، أنا أمزق فيك كل وِصالك مع الحياة و ابقيك على خيط رفيع معها ، فإما أن تتمسك به حتى النهاية أو أن تقطعه بنفسك معلناً إستسلامك.
ذلك ما فعلته بدو جويل و هذا ما سأفعله بكل من أكنُّ له حقد مشابه.
ترجلتُ من السيارة لتعُم الفوضى مرة واحدة، جميع الرجال إنحنوا أمامي و قالوا على صوت رجل واحد و كأنهم إتفقوا مسبقاً على ذلك.
" أهلاً بعودتك أيها الرئيس!"
أومأتُ أرد لهم التحية ثم أشرتُ لهم أن يعودوا إلى نُقط حِراستهم، ليس عليهم أن يتركوا نقط حراستهم لإستقبالي، سأمررها لهم هذه المرة.
شَرَعَ حرّاس المخزن بوابته و بينما أدخل يخلفني كريس على يميني و عدة رجال، مددتُ يدي إلى كريس فأعطاني أياه.
حملتُه إلى مثوى بصري و عاينتُه بعناية، إنه سلاح ناري جديد الإصدار، لكنه رخيص و أكثر نوع مطلوب في السوق، عِز الطلب.
جلستُ على مقعدي خلف مكتبي في منتصف المخزن و اشرتُ بفوهة السلاح إلى كريس كي يجلب لي الأمانة، أنا متشوق.
احضروه و صوت صراخه المكتوم بفعل الكمامة التي تغلق فاهه وصلني، أشعر بنشوة الإنتصار.
إتكأت برأسي على ظهر الكرسي و أفصحتُ هامساً.
" مرَّ وقت طويل"
قوّمتُ عنقي و نظرتُ إليه، ما بدى مستغرباً لرؤيتي أبداً، كان عالماً بأنني لن أمرر فعلته بصمت، ذلك زاد نشوة إنتصاري لذّة.
نظرتُ في عينيه التي تزدرئني و هسهستُ، رؤيته أثارت غضبي أيضاً.
" يا أخي في القانون العزيز!"
رغم أن فاهه مُكمم لكن إبتسامته بزغت على نواجذه التي ارتفعت و رفعت وجنتيه.
إسخر!
لنرى من سيضحك في النهاية...
نهضتُ على قدميّ و سِرتُ إليه حتى أصبحتُ أمامه أحمل السلاح في يدي، إنحنيتُ بجذعي ناحيته و أسندتُ يدي على كتفه، فحرك كتفه يبتغي دفعي، لكنه للأسف مُقيد.
كمشتُ أصابعي بقوة على كتفه، جعلتُ الألم يرتسم على ملامحه رغماً عنه، هسهستُ حينما نال الغضب مبلغه مني.
" متهورٌ أنت! أُحييكَ على شجاعتك، لقد رددت لي الصاع صاعين، لكنك نسيت أن هذه طريقتي، الصاع باثنين!"
دفعتُه من كتفه الذي أكمش عليه، ليسقط بكرسيه أرضاً عند قدميّ، تبسمتُ غاضباً و جلستُ القرفصاء إلى جانبه.
رفعتُ السلاح إلى بصره، فليرى موته بيدي، فليعلم أنني قاتله الآن.
" بما أنني لا أخوض في ذات الأمر مرتين، لن أكرر إنتقامي منك بأحد من نسائك، لكنني سأنتقم منك أنت، متشوقٌ للذة الإنتقام الجديدة هذه، متأكدٌ أن النشوة ستصيبني و الدماء تتصبب منك."
رفعتُ السلاح لأوخز صِدغه بفوهته، و كما هو متوقع، لم يقف له منبت، و لم يحرك ساكناً، هو ليس خائفاً من موته على يدي، ذلك لأنه يعلم أن نتيجة إنتقامه مني مصير أسود كالموت على يدي.
استوقفتني رغبة في الكلام عن قتله، فلأبوح بهذا ثم أقتله.
" إن كنتُ تظن أن فعلتك أنهت أختي كما حدث لأختك، فأنت بالتأكيد مُخطأ، أختي ستتزوج رجل يقدرها و يحترمها للأبد و أنت ستضيع في أمعاء الأرض و ديدانها."
إبتسم مجدداً يسخر من قولي، و لكن إنتظر و لترى في عينيك ماذا أنا بفاعل.
حركتُ فوهة المسدس بزاوية مثالية على صدغه، كافية لأن تصيب مُبتغاي، همستُ بعدما أفشيتُ عن إبتسامة.
" قُل وداعاً للحياة!"
لكنني ما منحته وقتاً ليودع حياته المرفهة، لقد خرجت الرصاصة من الزِند و أصابته.
أقمتُ عودي بينما أرى الدماء تنساب من رأسه بغزارة، إبتسمت، ألم أقل لك أنني من سيضحك في النهاية؟
ألقيتُ السلاح من يدي و تركتُ بقية العمل على كريس، نفضتُ كفيّ بينما أتحدث إليه.
" أخبر المحامي أن يوصل الأوراق إلى شقتي"
إنحنى لي و قال.
" حاضر سيدي"
عبرتُ من فوق جسد الميت ذاك و أخذتُ طريقي خارجاً، أنا لستُ الرجل الذي يمكن لأحد أن يتحداه.
أخذتُ سيارتي الرياضية الحمراء إلى الشِقة، سيكون من الممتع أن أعرض عليها الأوراق بنفسي، أتشوق لأرى الحُزن يَلم جنبات وجهها، خصوصاً أنها من اختارتني عنه.
...........................
غادرت نانسي رفقة كريس منذ وقت، و بعد أن بلَّغتني أن فلورا تُقيم هنا شعرتُ بالراحة، ليس لأن هناك من يشاركني السكن و حسب بل لسبب آخر أيضاً.
أعني، هذه الشقة -شقة الشُبهات- كما أعلم أنه كان يلتقي بالفتيات هنا، بوجودي أنا و فلورا هنا و مسبقاً نانسي، فهمتُ أنه توقف عن هذه العادة البغيضة.
أشعر بالرضى و لكن...
هذه الشقة أيضاً إحتضنت ذكريات ألمية جداً بالنسبة لي، تسترت على دموعي، صرخاتي، و استنجادي، لقد إعتبرتُها قبراً لكيم جويل و مأتماً لأحلامي.
ما زلتُ أشعر بها تخنق أنفاسي، أنا و إن مِلتُ بمشاعري إليه فما زلتُ أتألم كلما تذكرت أفعاله الماضية بي، كان قاسياً حد الجنون، ما زال قاسٍ و لكنه أقل جنوناً.
فهمتُ أن عرض الزواج لأجل ابنته، لكنني ما اقتنعت، أمه موجودة و زوجة أخيه كما أخته، و إن ما أراد كلتاهما، كان يستطيع أن يحضر مربية، أو أن يتزوج بأم الطفلة أو بغيرها.
لِمَ وقع اختياره عليّ أنا تحديداً؟!
إنني أملك الجواب و لكنني لا أثق بمدى صحته.
هل يا تُرى ما زال يحبني؟!
قلبه ينبض لصالحي؟!
أم أن إفتراقنا الأخير فرقنا، و الزمان كان كفيلاً ليشفيه مني؟!
لا أثق بأي الخيارات أصح، لكن إن إفترضنا أنه تعافى من حبي، لِمَ يجلبني إليه مجدداً؟!
لقد وافقتُ على الرجوع إليه و من داخلي أشعر بالتخبط، أريد العودة إليه بشدة، و لكنني لا أعلم لماذا.
رغم أنني أعلم أنه لن يكون ودوداً معي كما كان آخر فترة، ربما لن ينسى أن رجل تلقفني من بعده، فلماذا أعود؟!
أنا نفسي لا أعلم.
و تايهيونغ؟!
نعم، تايهيونغ!
أحبه، إنني في حالة أحب بها رجل و أشعر بالود تجاه الآخر، لكن تايهيونغ ما كنتُ قادرة أن أمنحه فرصة جديدة معي.
هو يستحق أن أصبر لأجله و انتظره طويلاً فلطالما فعل، لكن ما عاد بوسعي أن أمنحه المزيد مني.
أعلم أنها أنانية مني و لكن هذا ما إلتُ عليه، تايهيونغ ما عاد يرى بي المرأة التي يحب رغم أنه يحاول إقناع نفسه بذلك، لكنها ليست الحقيقة.
هو رجل و للرجال كبرياء أعز إنفة منّا، تايهيونغ قد يسير في درب مشبوه، مظلم، و معزول ليسدد ما هُضِم من كرامته.
لقد إعتبر صِراعه مع بيكهيون حرب و الخاسر ذليل، إنتصر في البداية و ظن أن الحرب انتهت فاجتباني غنيمة له و علامة نصره، لا قطعة من قلبه.
و حينما غار عليه بيكهيون من جديد و أدرك أن الحرب ما كانت إلا في مطلعها، بهت معدني الثقيل في نظره، و أصبحت تلك الغنيمة بلا قيمة فغار علي- حاربني-.
أردكُ أنه لا يستوعب الأمر هكذا لكنها الحقيقة، هو يقول أنه يحبني و يجبر نفسه على هذا الحب، حقيقةً هو لا يدرك حقيقة شعوره، لا يعلم بأنه ما عاد يحبني و إن علم فلا يريد أن يقتنع، هو مخلص سيتشبث بحب عاش معه أعوام مديدة و تربى في كنف.
لستُ ألومه إنما أتفهمه بطريقة لا يفهمها، أنا أكثر الناس علماً به، أعرفه أكثر مما يعرف هو نفسه، هو قد حاول بجد و ما فتئ يفشل، لا يدرك أن المشاعر إن ذهبت لا تعود، و أنا ما عدتُ أستطيع أن أضحي بالمزيد منه لأجل حربه مع عواطفه.
لستُ أحقد عليه و لا حزينة منه، فما فعله بي كان لقاء الضغط النفسي العظيم عليه، أرى أنه من الأفضل أن أحرره مني، لعله يكشف عن مشاعره و يزيل قناع الحب الذي إهترئ.
إحدى الأسباب التي أعادتني لبيكهيون هو تايهيونغ، أنا لا أستحقه ببساطة، سببتُ له أوجاع كثيرة و بسببي كان على حِفة الجنون.
أنا أتطلق منه لا لأحرر نفسي فإنني سأقيّد مجدداً، بل لأحرره مني، هو يستحق أخرى أفضل مني، تمنحه السعادة التي عجزتُ عن منحه أياها و تدفعه بعيداً عن الهموم التي سببتها له.
أرجو له مستقبل سعيد و حياة زاهرة بعيداً عني رغم تخوفي من رد فعله، إن بقي متشبث بقناع الحب، لن أسلم و لن يسلم من مشاعره.
أنهيتُ حِمامي و وضعتُ على جسدي روب الإستحمام، قد سبق و استعرته من نانسي، لكنه واسع بشكل مريب، و هي لا تفوقني وزناً!
لقد تركتُ بيرل نائمة و أرجو أنها ما زالت نائمة و لا تكون قد غافلتني، تلك الطفلة غريبة قليلاً، تستطيع أن تحبو بينما الذين في عمرها بالكاد يجلسون.
حسناً هي تحبو على مؤخرتها، ذلك مضحك.
إن إنشغلتُ عنها قليلاً فلا أجدها في المكان الذي تركتها فيه، و ها أن قد سبق و وضعتها أرضاً بين ألعابها و حاصرتها بين الوسائد، لكنها ليست في مكانها.
خرجتُ سريعاً ابحث عنها و حين وجدتها كانت قُرب باب الشقة جالسة تنظر ناحية الباب، فُتِحَ الباب فجأة فشهقتُ مسرعة، يكاد الباب أن يضربها.
لكن قبل أن أقطع الممر إليها تواريت خلف الباب الأحمر، فُتِحَ الباب و لم تتضرر، هذا جيد!
لكن بيكهيون من دخل، إختبأتُ بحرص كي لا يراني بينما يبحث بعينيه عني، أريد أن أعرف ماذا سيفعل مع ابنتي.
هل سيعاملها بحقيقة أنها طفلة يجب أن تتربى على الحب و يتغاضى عن نسبها، أم أنه لن يتغاضى و يتجاهلها ببساطة؟
دخل إلى قعر الشقة لكنه ما تقدم، بل تصنم في مكانه و نظر إلى الأرض، هناك شيء يعيق تقدمه و هذا الشيء هو ابنتي.
تبسمت حينما رأيته يبتسم لها بينما يجلس القرفصاء أرضاً قرب بيرل الجالسة أرضاً قرابة الباب، طفلتي لا تسد طريقه إنما هو ادعى ذلك، ربما يبغي مداعبتها.
إنها تضع في فمها ماصّتها، كلما تخلصتُ من ماصتها تجدها و تضعها بفمها، إنني أشعر باليأس.
تنظر إليه بعينيها المتوسعة بينما تمتص ماصّتها بِجِد فتجد وجنتيها تمتلئ و تتفرغ، بدت لطيفة جداً و أرجو أنه أحبها.
تحسس قِرن شعرها و قال منزعجاً.
" و أنتِ على رأسكِ نخلة صغيرة، ما فائدة جمع هذه الشعرات القصيرة؟!"
ما أستطعتُ أن أتكتم على إبتسامتي فإنني أراه يعاملها بلطف متجاوزاً عداوته مع أبيها، همس لها بصوت لطيف و إبتسامة تعلو شفتيه.
" هل تسمحين لي بالدخول أيتها اللؤلؤة؟!"
لؤلؤة!
ما توقعت أنه سينعتها بمعني اسمها، أشعر بالود مجدداً، ذلك أثار عاطفتي بحق.
ما استجابت الطفلة إليه، بل إستأنفت النظر إليه و امتصاص ما في فمها، فنزع من فاهها الماصّة و قال تعلو ملامحه العُجمة.
" ألهذه الدرجة ذلك الشيء لذيذ؟! أم أنكِ تتجاهليني و حسب؟! هل سبق و تشاجرتِ معي؟"
لا أفهم كيف يفكر، لم أنسى أنه يظن أنها كانت تنقلب معدتها في بطني إن تحركتُ بحيوية، الآن يحدثها و كأنها تفهم ما يقول.
عقدت ابنتي حاجبيها بأستياء لأنه أخذ منها ماصّتها، كادت أن تبكي لو أنه سريعاً ما حملها على ذراعه فقهقهت فرِحة على إثر السُرعة المفاجئة التي حملها بها، ضحك بخفوت على إثر ضحكتها المفاجئة و قال مستنكراً.
" ظننتُ أننا لسنا على وِفاق أيتها اللؤلؤة، ها أنتِ تضحكين لي الآن!"
فليخبره أحد أنها طفلة، لا تُخاصم، و لا تفهم ما يقوله، لكنه بدى... لطيفاُ بعض الشيء.
وضع لها ماصتها بفهمها و تقدم ليجلس على الأريكة ليضعها على قدمه، لكي أراهم جيداً علي أن أظهر قليلاً و أرجو ألا يراني.
بيرل المشاكسة تبدو سعيدة جداً فهي لم تتوقف عن الضحك بلا سبب، حتى قال لها.
" لا تستغلي مشاعري أيتها الصغيرة، أنا لا أقاوم ضحكاتكِ."
رفع سبابته بوجهها و اتبع.
" إن أصررتِ على أن تضحكي فستكون نهايتك بمعدتي، أتفهمين؟!"
إبتسمتُ رغماً عني، الآن حقاً أنا أشعر بالطمأنينة، هو سيكون الأب الذي يحتضن ابنتي بعاطفة أبوية بغض النظر عن نسبها.
نظرت هي إلى سبابته المرفوعة قرب وجهها فتخلت عن ماصّتها و أرادت أن تستبدلها بأصبعه، لكنه ابعد يده سريعاً عنها و قال.
" لا يا متحوشة! أكل الأطفال متوحشين؟! اصبعي ليس معقماً، ستمرضي!"
عقدت صغيرتي حاجبيها على وشك البكاء فقبّل شفاهها سريعاً يراضيها، و سرعان ما رضيت، ها هي تضحك له مجدداً، إنها لا تضحك لي هكذا تلك البخيلة.
" عليكِ أن تقدري شرف أن أقبلكِ"
كما كان و سيبقى دوماً، لا أحد مغروماً بنفسه بقدره، حملها على ذراعه و سار بها، كان علي الفرار إلى غرفتي و إلا رآني، لكنني سمعته يتحدث إليها بينما أهرب.
" أين هي عنكِ؟! كيف تترككِ قرب الباب و تذهب، سأريكِ ماذا سأفعل بها لأجلكِ؟!"
يا إلهي! ها قد عاد يبحث عن حُجج ليوبخني عليها، أخشى أن يجرحني و ينعتني بتلك الكلمة مجدداً، أرجو ألا يفعل.
تلك الخائنة بيرل أصدرت صوتاً لطيفاً، و كأنها تترقب لما سيفعله و تحييه مُسبقاً.
هرولتُ مُسرِعة إلى غرفتي، و بما أنني لا أرتدي سوى روب الحمام هرعتُ أختبئ في دورة المياه، لا أريد أن يراني هكذا.
أخشى أن تتفتق رغباته و أنا أعلم جيداً أنه لا يقدر على مقاومتي، أخشى أن يعتدي عليّ!
هل أبالغ؟!
لستُ أبالغ، هذا الواقع، لطالما كان يحدث هذا!
سمعتُ صوت حذائه يضرب الأرضية بالإضافة إلى صخب ابنتي المستأنِسة به، فتحتُ الباب قليلاً انظر في الحُجرة.
كان يمنحني جنبه و لا يبحث عني إنما ينظر إلى ابنتي.
عقدت بيرل حاجبيها كما يفعل هو تقلده، لقد إستعان بملامح واجمة لمقابلتي، ألا يستطيع أن يكون لطيفاً قليلاً معي؟! هادئاً على الأقل؟!
ابتسم لملامح وجه ابنتي اللطيفة فضحكت بقوة و كأن ملامحه تنفث عليها غاز الضحك، لا أفهم سبب بشاشتها المفاجئة هذه، قالت.
" أبا "
كانت هذه الكلمة كافية لتثير مشاعره بشدة و مشاعري، وضعها على السرير ثم آتى يدغدغها و يُقبّلها، جعل بيرل تضحك بصراخ لكثرة ما لاعبها.
تايهيونغ ما كان يفعل ذلك، كان يلاعبها قليلاً، اذكر أنه إبتسم عندما قالت له "أبا" أول مرة ثم اصبح الأمر اعتيادياً، تايهيونغ رغم أنه والدها البيولوجي، لم يكن حنوناً معها كما بيكهيون الآن.
تنهد متعباً من صخبها، و حملها على ذراعه مجدداً و علق.
" فتاة مشاغبة!"
نعم، ابنتي مشاغبة، لتوي لحظتُ هذا الجانب منها!
وضعها على الأرض في بُقعتها السابقة و حاصرها جيداً بين الوسائد، حينما أقام عوده رفعت رأسها إليه فحدّثها بسبابة مرفوعة و كأنها تفهم.
" انظري ماذا سأفعل بالمهملة التي أنجبتك، راقبي بصمت و لكن لا تضحكي، ستضيع هيبتي"
رغم أنه أخافني الآن لكنني اود أن أضحك بحق، هيبة؟!
لقد إزداد هيّبة بعد لقائه الودود مع ابنتي، بالتأكيد يعامل ابنته هكذا، له جانب لطيف مع الأطفال، و شرير مرعب معي.
قبل أن يلتفت ناحية الباب الذي أختبئ خلفه أغلقته بخفية ثم سرعان ما وصلتني ضرباته الخشنة على الباب يتبعه هديره الخشن.
" أنتِ! أخرجي!"
قضمتُ شِفتي و كمشتُ يديّ بقوة، ها قد تسرب إلي الخوف من جديد، إنني أخشاه بلا منازع، لا أستطيع أن أخرج إليه بروب إستحمام فقط.
ماذا سيفعل بي؟! بل ماذا سيظن بي؟!
لكنه بدى مصراً إذ ركل الباب بقدمه و أنا جفلت، صوته ارتفع قليلاً بقدر لا يخيف ابنتي، لكنه يخيفني.
" هل مُتِّ في الداخل؟! اخرجي!"
شجعتُ نفسي أن أفتح فاهي و اتحدث أنا خائفة بحق.
" لكنني لم أحضر ثيابي، كيف أخرج؟!"
وصلني صوت أنفاسه المحمومة بالأستياء و من ثم قال.
" ألا تضعين روباً أو منشفة أو أي شيء؟!"
أجبته أكمش جفوني.
" بلى"
أجابني سريعاً منفعلاً.
" إذن اخرجي أم آتي لأخرجك؟!"
سرعان ما تحدثتُ فزعة أنهاه.
" لا، لا! سأخرج وحدي!"
أمسكتُ بمقبض الباب و من ثم سحبتُ نفساً عميقاً و زفرته بهدوء، أعين نفسي على مواجهته.
فتحتُ الباب و خرجتُ أكمش الروب على جسدي، ما نظرت إليه، لا أقوى أن أفعل، أشعر بالحرج و الخجل الشديدين.
تقدم إليّ و قد وَجَمَ وجهه فجأة، إزدرئتُ جوفي بتوتر، بالتأكيد لن يمر اليوم على خير، هو يتقدم مني و أنا أتراجع عنه، حتى إرتطم ظهري بالحائط خلفي و هو أصبح أمامي، لا فرار لي منه.
تنهدتُ متخوفة حينما أصبحتُ مُحاصرة بين الحائط، صدره، و ذراعيه المسنودين على الحائط من حولي، ثم همستُ بعد أن حمّلت نفسي القوة أدعي الجهل.
" ماذا؟!"
أشار إلى بيرل بعينيه و قال بسخط مهدداً و قد إستعان بنبرة أخافتني.
" إن لحظتُ مجدداً أنكِ تهملين الصغيرة، سأجعل الحياة تهملكِ و يتولاكِ القبر"
رغم إبتذال صيغ تهديده، لكنه واقعي في تنفيذها، قدمتُ تبريري سريعاً لعله كفَّ عني.
" لكن أنا وضعتها هنا أحاصرها ريثما استحم، لا أعرف كيف خرجت!"
وضع سبابته على شفتيّ و همس مُحتداً.
" لا تبرري، أياكِ أن يتكرر ما حدث للتو، أتفهمين؟!"
أومأتُ له سريعاً لكنني أسمع صوت عالٍ من داخلي، و كأن طبلاً في صدري يُضرب بقوة ليرن رناً مهولاً في جوفي، توقف يا قلبي، أنت تؤلمني!
" حسناً"
إبتعد عني متخصراً، و أنا حقيقةً لا أملك سوى أن أسايره، أخفضتُ رأسي عنه و انشغلت بالتربيت على صدري، إنني لا أبالغ، إنه يؤلمني.
........................
بالخفية بيكهيون نظر إلى بيرل و غمزها أنه إنتقم لها من أمها، لتضحك بينما الماصّة بفمها.
نظرت جويل إلى ابنتها ثم إليه بجهل فأشاح ببصره عن الصغيرة و نظر إليها مجدداً، تحديداً جسدها، فكمشت الروب عليها أكثر.
ارتفع حاجبه و همس منزعجاً، ظنت أن إنزاعجه سببه أنها تستر نفسها عنه، و لكن لا، بيكهيون هذا جديد عليها.
" من سمح لكِ أن ترتدي هذا؟! إنه لي!"
إتسعت عيناها و إزدرئت جوفها، لا شك أنه واسع جداً عليها لأنه له.
" ما لاحظت أنه لك سوى الآن"
همهم بينما ينظر في عينيها الخجولتين و هي شاكست فرورة رأسها بأظافرها مُحرجة، لا تعلم ما الذي تهابه أكثر، أنها على هذه الهيئة أمامه، بشعر يقطر ماء، و بجسد لا يستره سوى قطعة قماش تخصه، أم أنها محرجة من نظراته التي لا تتحرش بها أبداً، إنما ينظر إليها و كأنما يكشف الغطاء عن روحها.
في النهاية، ما كانت تعلم أنه سيقوم بسؤالها مستنكراً، سؤالاً هي بنفسها لا تعرف إجابته فكيف تجيب عليه؟!
" أراكِ ترتدين ثيابي، أما عدتُ مقرفاً بنظركِ أم أنني أصبحتُ نظيفاً طاهراً فجأة؟!"
فغرت فاهها قليلاً و نظرت إليه ضائعة كما لو أنها نسيت كيف تتكلم فجأة، إنه لا ينسى شيء مطلقاً و خصوصاً تلك الجروح التي سببتها له، ما يعووزه على الحقد هو هذه الجروح، لذا سيحتفظ بها.
تبسم مستخفاً حينما وجد منها الصمت و معالم وجهها المقتضبة أوصلت له الإجابة، هي بنفسها لا تدري، لا يعلم إن مالت بمشاعرها إليه أم لا و هذا بالفعل لا يهمه، لكنها لو مالت سيحلو له تعذيبها بأكثر الطرق إيلاماً.
إستطرد آمراً بنبرته المتسلطة، فلقد إشتاق أن يفرض هيمنته عليها كما كان يفعل بالسابق.
" ارتدي ثيابكِ سريعاً، سيصل لنا بعض الضيوف"
أول من تبادر على ذهنها أن عائلته أو عائلتها ضيوفه، أن يجعلها تواجه عائلته التي بالتأكيد ترفضها أو تواجه عائلته التي بالتأكيد ترفضه هو العذاب بعينه.
شتت أفكارها حينما حمل بيرل على يده و خرج يستعجلها، بعدما أغلق على جويل باب الغرفة، سار إلى الصالة مجدداً و قال لبيرل.
" أمكِ حمقاء، أتعلمين؟!"
أصدرت الصغيرة صوت و كأنها توافق، فأومئ هو أيضاً و قال بفخر مرفوع حاجبه دون الآخر عن ناصيته.
" أنا و أنتِ نتوافق جيداً، ستكونين إبنة جيدة أستطيع أن أناقشها بوِفاق، لكن أولاً عليكِ أن تكبري"
رمت الصغيرة الماصّة من فمها فالتقطها سريعاً جعلها تضحك، وضعها في فمها مجدداً فأعادت الكرّة، فرّت من فاهه ضحكة، لكنه تحمحم و مسح الإبتسامة عن فاهه ليعقد حاجبيه و يقلب سِنحته كما لو أنه حانق.
" توقفي عن العبث معي!"
المضحك أن بيرل قلدته، عقدت حاجبيها و برمت شفتيها كما يمثل، وجهها الحانق مثير للضحك.
وصل ضيفه أخيراً، وضع بيرل أرضاً و توجه لفتح الباب، ظهر له رجلين من خلف الباب، أحدهما المحامي و الآخر لا يعرفه.
تحمحم المحامي بعد أن إنحنى لبيكهيون و قال.
" عذراً سيدي، لكن بموجب القيود السابقة يتوجب على السيدة دو جويل أن توقع الأوراق أمام الشرطي ليكون متأكداً بأنها ليست مجبورة"
أومأ بلا إهتمام و أذِن لهم بالدخول حينما شرع الباب لهم، جلسوا على الآرائك و هو حمل بيرل على يده و توجه ليجلس على الأريكة المقابلة بإنتظار جويل.
لن يذهب إليها يستعجلها سيظن رجل الشرطة أنه ذهب ليهددها بكل تأكيد، أشار الشرطي ناحية بيرل التي تحبو على مؤخرتها حتى وصلت إلى بيكهيون و تشبثت بقدمه.
" من هذه الطفلة؟!"
ارتفع حاجب بيكهيون عن ناصيته مستاءً و رمق الشرطي بسخط قائلاً.
" إنها ابنتي، لديك مشكلة؟!"
تحمحم الرجل و نفى برأسه، ذلك الرجل اليافع قِبالته يمتلك نظرات شريرة.
لكن سرعان ما اختلفت ملامحه إلى الوِد حينما نظر إلى بيرل و حملها لتجلس على قدمه بدل أن تتشبث به.
أتت جويل و حيَّت الرجلين، ما كان صعب عليها أن تفهم سبب وجود الشرطي، لذا تحركت لتجلس على ذات الأريكة التي يجلس عليها بيكهيون تفصلها عنه مسافة تتسع شخصين و إبتسامة خافتة على شفتيها.
" أهلاً بكم"
قدم المحامي لها الأوراق و شرح لها سير الدعوة القضائية، إن وافق تايهيونغ سينفصلان بجلسة واحدة، و إن ما حدث فسيطول الأمر كثيراً.
حملت القلم و بعض التردد يساور نفسها لا تعلم كيف أُنجِب داخلها، شيء داخلها ما زال يتمسك به، صوت ينهرها عن الإنفصال عنه، لكنه بالتأكيد ليس الصوت السديد.
تنهدت من أعماق صدرها و خطَّت على الأوراق توقيعها، الإنفصال عنه نجاة له، سلمت الأوراق إلى المحامي، و هو غادر رِفقة الشرطي.
جلست ناكسة رأسها إلى يديها بحِجرها، أطرافها ترتجف و لا تعلم سبب السخونة في عينيها، إستأذنت بيكهيون.
" عذراً، سأغسل وجهي!"
هو كان يراقب ملامح وجهها بتمعن و على شفاهه إبتسامة متشمتة، حينما نهضت قال ضاحكاً.
" نعم، أغسليه جيداً، فلقد إتسخ بفعل دموع التماسيح هذه"
سارت إلى دورة المياه و علقت بصوت منخفض لا يصل له.
" يا لك من هازئ!"
جمعت الماء في كفيها ثم رطمته بوجهها لعل تلك الدموع توقفت، لكنها كلما غسلت وجهها عن الدموع وجدته ينزل مجدداً.
إستندت إلى الحوض تنظر إلى وجهها بالمرآة و همست تبكي بحرقة.
" أنا آسفة، بالفعل آسفة تايهيونغ، سامحني!"
كان ذلك قاسياً، و لو عادت السنين لما تخيلت نفسها في هذا الموقف أبداً.
برفعها هذه الدعوة بإرادتها الحرة قد أنهت الحب الذي قام لأعوام طويلة جداً، أبعد مما تستطيع أن تتذكر، و أكثر مما تستطيع أن تعد، ما زالت تحبه و لكنها تفعل ذلك لأجله أيضاً.
عليها ألا تكون أنانية و تدفعه إلى حياة جديدة بعيداً عنها حيث يجد الراحة و الحب من جديد دون أن ينغص عليه أحد.
بتبرئها منه يتبرأ بيكهيون من كرهه له و تكون فرصة تايهيونغ سانحة ليجد طريقه من جديد بعيداً عنها و قريباً من ابنته، أحياناً عليك أن تتخلى عن أشياء ثمينة بسبيل أشياء أخرى.
..........................
حين أقبلتُ إليها خالي الوِفاض إلا من حبي ردَّتني و قد سبق لي أن لممتها و هي لا تملك سوى قلبي، فبأي حقٍ هي تنزح عني و تلتجأ لزندٍ غير زِندي؟!
لكنني ما عدتُ حاملاً لهذا الحب اليوم و لا أريد، فوجب علي قتله و طمره في أبعد حيز مني، ما عدتُ لها محباً، و لا خلف حبها سألهث بعد الآن، و هي قد باعتني.
لقد اكتفيتُ من أن أكون مهضوم الحق و منقوص الكرامة، حان الآن لأستعيد ما حطَّمته مني، و أجمع نفسي على بعضي و أوجهها -نفسي- كرجل بلا قلب، فقلبي لن ألم حُطامه أبداً، أخشى إن جمعته إنقلب علي.
سأحقد عليها بقدر ما أستطيع و سأشن عليها حربي التي لن تحمد عُقابها، إنني بقدر ما أنعمتُ عليها بحبي، أستطيع أن أنقم عليها بكرهي، و لتري يا إمرأة دمرتني، كيف الدمار الحقيقي يكون.
هربت مني و خطفت ابنتي، و ما تركت لي شيء سوى ورقة تخبرني بها أنها ذهبت بلا عودة، و بأمنياتها لي بأن أبدأ من جديد بطريقٍ يخلو منها.
و الآن تبعث لي عبر المحكمة رغبتها بأن تكون حرة طليقة من القفص الذي وضعتها فيه -قلبي-، سأحرركِ، لكنكِ لن تهنأي بحريتكِ أبداً، كما سجينٌ خرج بعد عشرين عاماً من العُزلة على أمل أن يجتمع مع الحرية، و حينما خرج يلمح الحرية تركض إليه، رأى الموت يسبقها إليه فمات.
هكذا سيكون مصيركِ...
لا هون و لا تهاون معي منذ اليوم، سأسير بدربي الخاص بلا رفقة و لا أعوان، أكون وحدي و آخذ حقي ثم أعيش الحياة مبغدداً بين كل الملذات التي حرمتُ نفسي منها لأجل إمرأة ما حفظت الحب بيننا.
توجهتُ إلى المحكمة و أقررتُ بموافقتي على الطلاق، سأحررها من هذا القيد و أعلم أن قيد عدوي سيلتحم بها، لكنني لا أبالي.
سأكون واقعياً عقلانياً الآن، أنا لا أحتاج إمرأة سوى إن بَرِد فراشي، سأمحي كل عواطفي إلا كرهي، و أعمل به.
الآن و هي حرة مني سأكون حراً من عواطفي، و أسير في دربٍ مهما كان مظلماً فلن ينير عتمته شيء، و لن أسير فيه إلا وحيداً.
ذهبتُ إلى قصر أبي و استرجعتُ مكانتي كابن له، تلك المكانة التي سبق و ضحيتُ بها لأجلها، و يا ليته أثمر، أبي وجد عودتي فرصة مُثمِرة إذ أنه تنحى عن منصبه و سلمني أياه.
الآن أصبحتُ المدير التنفيذي بموافقة كل حملة الأسهم و الشركاء، رئيس مجلس الإدارة، و رجل الأقتصاد الأول في البلاد.
في هذه البلاد أصبحتُ الأقوى، كل الدولة تعتمد على إقتصاد مجموعة الشركات التي أديرها، السياسة بقبضتي و الأقتصاد بقبضتي، كوريا بأنحائها بقبضتي.
تخليتُ عنها و عن ابنتي لأنتقم منها و استعيد ابنتي، سأكون نزيهاً، لن أستخدم سلطتي لأخذ ابنتي، سآخذها قانونياً فيما بعد، حتى ذلك البعد؛ لن أكون نزيهاً على الإطلاق، فلتتحمل ما ستراه مني.
طرق مساعدي باب المكتب فأذنتُ له بالدخول، إنحنى لي ثم قال.
" سيدي الرئيس، هناك فتاة منذ ساعات الصباح الباكر أتت تريد مقابلتك، و مهما طردها الأمن لا تبتعد"
إنعقدا حاجبيّ مستعجباً و أخبرته أن يدخلها، من تلك التي تصر على رؤيتي؟!
طرق طفيف صادر عن يد إمرأة ثم دخلت بكعب رنان، إرتفع حاجبي عن ناصيته حينما ميّزتُها، إنها جوي!
أرخيتُ ظهري على المقعد و استعنتُ بنبرة باردة.
" ماذا تفعلين أنتِ هنا؟!"
أنكست رأسها و دخلت حتى وقفت قِبالتي و قالت.
" أريد أن أعود"
إبتسمتُ ساخراً، هي من تخلت عني و تشبثت برجل لا يرى فيها سوى عاهرة، بأي حق تعود؟!
لقد إختفت قبل أن أنفذ أي مما خططنا له، و حينما أستطعتُ الوصول لها قالت أن حملها فرصة مثالية لكسب حبيب القلب.
لكن ها هي تعود لي خائبة تطالب بفرصة ثانية، و لكنني تعلمتُ درسي جيداً، ما عدتُ أمنح فرص ثانية، أشرت لها بظاهر يدي دون أن أنظر لها و قلت.
" توجهي إلى غيري، لستُ ألدغ من الجُحر مرتين"
لكنها ما تحركت و هذا أثار غيظي، أنا أصبحتُ أغضب بلا سبب، لا تنقصني إمرأة بلا عقل أن تزيد حنقي.
" ثق بي هذه المرة، على الأقل اسمعني"
تنهدتُ مستاءً، لا ضير من الإستماع لها.
" قولي، ماذا تريدين؟ و ماذا تستطيعين أن تقدمي لي؟! ما ضمانتي أنكِ لن تنزحي عني مجدداً؟ و لِمَ تعودين مجدداً"
تنهدت تتريث في الإجابة و قالت.
" أريد أن أتحد معك مجدداً و تأكد أنني هذه المرة لن أخيب ظنك، إن فعلت افعل بي ما شِئت"
همهمت بينما انظر لها ثم قلت.
" لماذا تتحدين معي؟ طريق إليه مجدداً؟!"
نفت! ماذا تريد إذن.
" لا، ما عدتُ لحوحة في الحصول عليه"
قلت مستنكراً.
" تريدين ابنتك؟"
نفت مجدداً و أوجزت.
" إنها مجرد عائق في طريقي، و هو يستطيع أن يوفر لها ما أعجز عن توفيره"
أيُ أمٍ هذه بحق؟!
سخرت بنفسي و انجبت سؤالاً.
" إذن؟!"
رفعت رأسها و رمقتني بحقد لا تقصدني به.
" أريد الإنتقام"
أومأت، رغم أنني لا أرى لها حقاً في الإنتقام لكن فعلاً لا يهمني، عدو عدوي صديقي.
وقفت أضع كفيّ بجيوب بنطالي حتى وصلتُ النافذة الزجاحية انظر من خلالها.
" لقد سبق و إن قررتُ ألا أشارك طريقي مع أحد و لكن..."
ابتسمت قبل أن ألتفت إليها.
" سأمنحكِ حق رؤيتهم من القاع، و لتنعمي برؤيتهم يحترقون"
إستطردت.
" ألا تحتاجني بشيء؟!"
نفيت.
" سأضعكِ في الحُسبان إن احتجتك."
.........................
سلاااااااااام
لا تلوموني😭
تخيلوا أنو هذا البارت كتبتوا مرتين! هلكت! كنت كاتبة اربع آلالاف كلمة، مسحتهم و بلشت من جديد*ميرسي ماتت*
المهم، هذا البارت الهادي بعكس المشاعر أكثر من الأحداث، لأنه لازم تفهموا مشاعر الشخصيات و التغيرات التي صارت عليها كلما ما مرينا بأحداث أكثر بتأثر على مشاعرهم.
البارت القادم بعد 200فوت و 200كومنت.
١.رأيكم ببيكهيون؟ حالته النفسية و مشاعره؟! أنه قتل دي او؟ و علاقته الودودة جداً مع بيرل؟ علاقته مع جويل و طبيعة مشاعره ناحيتها؟!.
٢.رأيكم بجويل؟ التضارب القوي في مشاعرها؟ رد فعلها على علاقة بيكبيرل؟
٣.رأيكم بتايهيونغ؟ مشاعره التي تنم عن حقد شديد؟! ماذا سيفعل؟!
٤.رأيكم بجوي؟ و لماذا تنتقم؟ و هل لها حق أن تفعل؟!
٥.رأيكم بالبارت ككل و توقعاتكم للقادم؟!
دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️
Коментарі