تقرير
Part One
Part Two
Part Three
Part Four
Part Five
Part Six
Part Seven
Part Eight
Part Nine
Part Ten
Part Eleven
Part Twelve
Part Thirteen
Part Fourteen
Chapter Fifteen
Chapter Sixteen
Chapter Seventeen
Chapter Eighteen
Chapter Ninteen
Chapter Twenty
Chapter Twenty-one
Chapter Twenty_two
Chapter Twenty-three
Chapter Twenty four
Chapter Twenty five
Chapter Twenty-six
Chapter Twenty-seven
Chapter Twenty-eight
Chapter Twenty-nine
Chapter Thirty
Chapter Thirty-one
Chapter Thirty-two
Chapter Thirty-three
Chapter Thirty-four
Chapter Thirty-five
Report || تقرير
Chapter Thirty-six
Chapter Thirty-seven
Chapter Thirty-eight
Chapter Thirty-nine
Chapter Forty
Chapter Forty-one
Chapter Forty-two
Chapter Forty-three
Chapter Forty-four
Chapter Forty-five
Chapter Forty-six
Chapter Forty-seven
Chapter Forty-eight
Chapter Forty-nine
Chapter Fifty
Chapter Fifty-one
Chapter Fifty-two
Chapter Fifty-three
Ch 54|| لؤلؤ
Ch55|| بيننا قدر
Ch 56|| تخبط
Ch 57|| ضعف
CH58||المقاومة
Ch59|| !يا حب
CH60|| خاشع للقلب
CH61|| إحتضار
CH62||بتلات ميتة
CH63|| هُدنة
CH64|| في الغياهب
CH65||خُدع
CH66|| حب زائف
CH67||إلى البداية
CH68||شتات
CH69||أقتل الحب
CH70|| فوضى
CH71|| عهد جديد من البسالة
CH72||فصل النهاية
CH73||الإنفجار العظيم
CH74||حالة حب
CH75||تصلحه و تبنيه
CH76|| طُرف الحب
CH77|| الملاك الشقراء
CH78||نِعمة
CH79||إبنة قلبه
CH80||بيكهيون و ملائكته
CH81||عِناق الموت
CH82|| المقاومة
CH83|| حوافز
CH84||العودة
CH85|| نهاية حرب الدماء
CH86|| تقلبات زمن
CH87|| اقتلني أو اشفيني
CH88|| بين نارين
CH89|| مُقرمشات
CH90|| وعكة نفسيّة
CH91||طَوق
CH92|| البطل الأبديّ
THE END|| حاقد عاشق
CH86|| تقلبات زمن
" تقلبات زمن"






صوت تصفير الجهاز ما زال يصدح في جو الغرفة السافر، و بيكهيون ما زال يقف في محله ينظر إلى تايهيونغ الذي يلفظ آخر ةنفاسه بإستشفاء.

إنتزع كريس رئيسه من مكانه رغماً عن تشبثه بالأرض، و اخرجه من غُرفة تايهيونغ، الذي تكاثفوا من حوله الأطباء لإنقاذه.

بيكهيون وقف خارجاً، و ما زال يحمل ذات النظرات المتشفيّة و إبتسامة لا تُناسب على شفتيه، تلك تنُم عن شر، عن حقد لم يمت بعد، عن إضطراب نفسي... ربما!

كريس كان واقفاً إلى الباب، يتخصر بذراع و الأخرى مقبوضة إلى فمه، ينتظر أن يسمع خبراً طيب مثل أن تايهيونغ لم يمت، أن قلبه عاد لينبض من جديد، أنه نجى.

نظر كريس إلى رئيسه يلومه بصمت، ثم زفر أنفاسه بغضب لأنه لا يقدر أن يلومه عن طيشه علانية، تقدم من جديد ليطمئن عن حال تايهيونغ عبر الباب، ليس حُباً بتايهيونغ، إنما حِرصاً على إبقائه حياً و إنقاذ رئيسه تالياً.

هو يدري كم أن رئيسه رجلٌ متهور في كل الأحيان، يتصرف بجنون في ساعة الغضب و بلا تفكير، بلا تدابير، رغم أنه سيد الخُطط، سيد التدابير، لذا هذه المرة؛ كريس قرر أن يمنع المُصيبة قبل أن تقع، و لكنه فشل للأسف.

تايهيونغ ليس تابعاً يُمكن تلفيق ميتته أو التصرف بجثته، كإخفاء أثره كما و كأنه لم يُخلق أبداً.

يكاد يكون تايهيونغ أكثر الشخصيات تأثيراً في كوريا أجمعها خصوصاً بعدما تولى منصب أبيه، و بدل أن يكون ابن رجل الإقتصاد، أصبح رجل الإقتصاد الأول، الذي تعتمد عليه كوريا بدخلها بشكل رئيسي.

لذا لو الرئيس بيكهيون قتله، هو سيُخلّد في السجن، و لن تشفع له مكانته و لا أمواله، حتى والده لن يقدر على تخليصه حينذاك.

لذلك كريس أنقذ تايهيونغ منذ البداية، و نقله إلى هذه المستشفى تحديداً، لأنه مِلك زوجة الرئيس، هنا يستطيع التلاعب بسجلات الشرطة و الحالة المرضية، هنا فقط.

خرج الفريق الطبي و بقي الطبيب المسؤول أو الأعلى سُلطة بينهم يقف أمام كريس، بان على وجهه الغضب عندما تحدث.

" هذه محاولة قتل، أتفهمون خطورة ما قمتم بفعله؟! أنا لن أصمت عن فعلتكم هذه، فمريضي قد لا ينجو في المرة القادمة"

كريس تخصّر أمام الطبيب، يرفع بذراعيه أطراف سُترته، ليرى الآخر السلاح، الذي يُركن على خصره.

ابتلع الرجل جوفه و نظر إلى كريس عندما قال محذراً بنبرة هادئة، لا تحوي من الخطورة شيء، لكن السلاح على خصره قام بدوره جيداً.

" أنت لم ترى أشياء، و أنتم ما وضعتم الأجهزة بالشكل الصحيح، لذلك صفّرت أجهزتكم، مفهوم؟!"

أومئ الطبيب له فزِعاً، ثم هرب من من أمامهم بهرولة، إلتفت كريس إلى رئيسه فوجده يقف مستنداً إلى الحائط، يعاضد ذراعيه إلى صدره، ينظر أمامه بشرود، و ما زال يبتسم.

تنهد كريس قبل أن يتقدم منه قائلاً.

" سيدي، أريد أن أتحدث معك"

بيكهيون أشاح ببصره عن الحائط، و ببطئ ألقى بنظره على كريس ليهمس.

" و أنا أريد أن أتحدث معك يا كريس"

يفهم كريس أن ردّ الرئيس هذا ينطوي على تهديد، لكنه لن يكن خاضعاً هذه المرة، على الرئيس أن يستيقظ من وهم الحقد الذي يضع نفسه فيه، عليه أن يَبرأ من الشر، عليه أن يكون رجلاً سويّ، لو ما كان لأجله فلأجل عائلته.

ولج بيكهيون إلى غرفة فارغة، ثم دخل كريس من خلفه، أغلق كريس الباب، ليتحدث مع رئيسه على إنفراد، دون أن يقدر أحد على إستراق السمع عليهما.

ما إن إلتفت حتى وجد سلاح بيكهيون مرفوع و موجّه نحوه، كريس أخرج سلاحه من على خصره، ثم رمى به أرضاً يقول.

" كنتُ أعلم أن هذا اليوم سيأتي، و أن سلاحكَ سيكون مرفوع نحوي هكذا، لكنني لن أقاومكَ على مقتلي، و لكنني لن أتركك تدمر نفسك و أصمت"

رمى بيكهيون بسلاحه أرضاً، و اقترب غاضباً من كريس، حتى قبض على تلابيب قميصه، و صاح فيه.

" ما فعلته دون علمي يُعتبر خيانة، أتدرك أنت ما فعلت؟!"

كريس رد، و لم يحاول أن يحرر نفسه، بل لم يغضب حتى، تحدث بهدوء.

" نعم، أنا خُنتك..."

نظر في عيني رئيسه بجراءة و اتبع.

" إن كانت حمايتكَ من نفسك خيانة لك، فأنا خُنتك!"

زفر بيكهيون أنفاسه رِفقة بسمة هازئة رفعت شدقيه على آخرهما، شدد بقبضته على كريس، و اتبع يهسهس بغضب.

" تحميني من نفسي؟ أنتَ حميته مني فحسب!"

نفى كريس برأسه و اتبع.

" لا سيدي، أنتَ قُدت نفسكَ إلى الهاوية، و أن ما تركتُكَ ترمي نفسك بها، أنتَ لا تُدرك مخاطر ما كِدتَ أن تفعله، أو أنكَ تسعى لإنتقامٍ أعمى تجهل نتائجه"

بيكهيون أفلت كريس بعصبية، و سدد على وجهه لكمة، جعلت الطويل يتأرجح مقدار خطوتين حتى أستطاع أن يتوازن مجدداً، و صاح به.

" لستَ من يخبرني ما أفعل و ما لا أفعل، أنت مجرد تابع لي، أتخلص منك متى ما وجدتك عديم الفائدة، أو تخونيني كما الآن تماماً!"

كريس حمل سلاحه عن الأرض، و وضعه بيد رئيسه.

" إذن اقتلني، أُفضل أن تقتُلني بالسلاح الذي لطالما حملتُه أنا، و لا تقتلني على طريقتك، ضع الرصاصة في قلبي، فأنا لستُ مجرد تابع لديك كما تدعي"

رمى بيكهيون بالسلاح أرضاً، و رفع سبابته مهدداً بوجه الآخر، يقول بغضب.

" كريس، لا تجعلني أزداد غضباً و أنهيك في غضون لحظة!"

تبسم كريس إذ أن تصرفات رئيسه المتناقضة تثبت كلامه، هو ليس مجرد تابع لديه، لكن ذلك لم يمنع أن تمتلئ عينيه بالدموع، و بكبرياء رجل هو كبح دموعه، و ما ذرفها، كما لم يذرف يوماً مِثقال ذرة من ضعف أمام أي أحد.

" لطالما كنتُ أنا بصفك، أنفذ ما تُمليه عليّ من أوامر رغم علمي بفداحتها، لم أهتم يوماً لحياتي إن كنتَ أنتَ قضيتي"

" لقد سرقت خدمتك مني كل عمري، من طفولتي و شبابي و حتى نُضجي، وهبتُ عمري لك، إنني لا أُحمّلك الجمائل فلقد دفعت لي جيداً"

" لكنني يا سيدي كنتُ أفديكَ بروحي لو أحتجت؛ و ما زِلت و سأبقى على الدوام، أتخلى عن الجميع لأجلك، و أبقى بصفك وحدك."

" أصُم آذاني عن وسوسة الحق، و ابقى شيطاناً صغيراً تابع لأبليسك"

إقترب كريس من رئيسه عندما وجده صامتاً هادئاً فحسب.

" لكن اليوم أنا لا أستطيع أن أراك تُدمر نفسك بعدما دمرت كل من هم حولك، لقد كنتَ في مرحلة إصلاح لذاتك، و لن أسمح أن تعود للضلال، أنت ستستمر في إصلاح نفسك، حتى تكون نعم الأب و الابن، و الزوج و الأخ، و سيد المنزل"

" يكفي حقداً يا سيدي، حان الوقت لتعيش لأجل نفسك، و تُنظف قلبك من السواد الغاشم عليه!"

بيكهيون إبتسم بإنكسار قبل أن يعلق و هو يربت على كتف كريس بخشونة رجال.

" تتحدث جيداً، عليك أن تُلقي الشعر في المستقبل، أراهن أنك ستنجح!"

كريس رغم الغصص المتجمعة في صدره تبسّم بخفوت، ثم قال.

" لقد قلت ما كان عالقاً في جوفي منذ سنين، فكّر جيداً، أنت تحتاج للتغيّر، و ها هي الفرصة بين يديك، لا تضيعها يا سيدي!"

بيكهيون إلتزم الصمت و استمع بحرص، لأول مرة تَحدُث أن يفتح كريس قلبه له، و يتحدث بلا خوف و بلا تفكير في العواقب، و هو إحتاج أن يسمع هذا منذ زمن، و كريس لم يتوقف عند هذا الحد بل اتبع.

" أنت تريد حقك من كيم تايهيونغ عبر قتله، لكن عذراً يا سيدي، لا حق لك عليه"

بيكهيون نظر إلى كريس فأومئ و اتبع.

" هذا وقت الحصاد، حصاد أفعالك، تذكر أنك من بدأ هذه الحرب، السيدة جويل كانت مخطوبته و حُب عمره، لم يهتم أنك أعتديتَ عليها بل تجاوز عن ذلك و استمر معها"

" رغم ذلك أنت أخذتها منه، و أخذت إبنته منه أيضاً، و هو خسر كل شيء، زوجته، إبنته، سعادته و كل ما كان يخوّله ليعيش حياة سويّة."

" أتظنه سيصمت يا سيدي؟! هو رجل ذا كرامة أيضاً، مثلك تماماً"

إقترب من رئيسه، الذي إلتفت ينظر عبر النافذة، حيث لن يستطيع أن يرى كريس إنكساره و دمعة عينه، لكن كريس يعلم، يعلم أنه الآن أثّر بسيده، جعله يفتح عينيه على أخطاءه.

" سيدي، أنت أخطأت و هو عاقبك، العين بالعين، لذا كي لا تخسر أرواحاً بحق في المرة القادمة، توقف إلى هذا الحد، إنهي هذه الحرب، فلو أنت أنهيتها هو لن يبادر بإشعالها مجدداً، هو الآن أضعف مما يبدو عليه، المال و السلطة لن تمده بالقوة التي يحتاجها، اتركه فحسب و أبدأ من جديد، أنت لم تخسر كل شيء ما زلت تملك عائلة، هم مسؤوليتك البحتة"

" الحب يا سيدي بالأفعال لا بالكلام، أثبت حبك لجيني و بيرل، أثبت حبك للسيدة جويل، أثبت أنك تستحق نهاية سعيدة، ذلك لا يكون إلا بتغييرك، من حاقد و ظالم إلى عاشق و رجل سويّ"

و اختتم كلامه بإبتسامة خافتة رغم أن الرئيس يمنحه ظهره.

" أنا أثق بقدراتك يا سيدي!"

إلتفت بيكهيون إلى كريس ثم قال، بدا لكريس من ملامح رئيسه النديّة أنه بكى و انتهى بالفعل، بيكهيون رجلٌ حساس، و ذلك عن حب.

" كُف عن مناداتي بسيدي و الرئيس، مُذ اليوم أنا بيكهيون فقط بالنسبة إليك"

ربتَّ بيكهيون على كتف كريس قبل أن يخرج قائلاً.

" لا داعي أن تحرسه، لن أعود مجدداً، سأذهب لأرى جونغداي، الرجل الذي أسره كيم تايهيونغ"

تبسّم كريس و أومئ لرئيسه، و بعدما خَلت الغرفة عليه تنهد مبتسماً، و حدث نفسه.

" و أخيراً قلتُ ما في قلبي!"

بيكهيون سار في الرِواق بشرود، ينظر في الأرض و يديه خلف ظهره، كلمات كريس كانت تدُّب في سمعه دبّاً، رغم أنه كان يتحدث بهدوء كواعظ في الكنيسة، لكنه أحتاج هذا الوعظ.

في النهاية وحده كريس من تجرأ و تحدث بصراحة معه، وحده من قدر أن يزيح غشاوة الحقد عن عينيه، وحده من أنهى هذه الحرب الدموية بالكلام فحسب، إنها النهاية بالفعل.

زفر أنفاسه عندما أصبح يقف أمام باب غرفة جونغداي، تحمحم يزيل الغصص من جوفه، ثم دخل إلى الغرفة.

كان جونغداي يجلس في سريره، و الممرضة تضع له الدواء في كيس المغذي المُعلّق أعلاه، تبسم بيكهيون عندما لاحظ نظر جونغداي على تنورة الممرضة.

تحمحم بيكهيون يجذب إنتباهه عن الممرضة، يذكر أنه كان أسوء مما يبدو عليه جونغداي الآن، بيكهيون القديم كان ليعطيها رقم مكتبه كي تؤخذ موعداً معه، و كان ليضرب قِفاها من باب التحرش.

" أيها الفاسق"

ما أبدى جونغداي حرجاً، هو غمز الممرضة، التي تبسّمت بخجل قبل أن تخرج، و أشار لها بإبهامه و بُنصره أن تتصل به لاحقاً، ثم رد على بيكهيون بعدما خرج.

" النساء جميلات، ماذا أفعل؟!"

بيكهيون عقد حاجبيه حينما راودته ظنوناً قد تودي بالآخر إلى الجحيم، تجعله ينسى المحاضرة، التي ألقاها كريس على مسامعه متذ قليل.

" هل تجرأت و غازلت زوجتي؟!"

سُرعان ما نفى جونغداي برأسه و يديه معاً، يُدافع عن نفسه بشراسة.

" أمجنون أنا لأتورط معك؟! حياتي علي أغلى من جمال زوجتك أيها الرئيس!"

بيكهيون رمقه بشك، يُضيّق إحدى عينيه دون الأخرى، و يستند بذقنه على إبهامه، أشاح جونغداي ببصره عنه و اتبع.

" مظهرها لم يكن يُسعاد حتى، لقد خرجت لي بفستان أبيض ملوث، فكيف سأنجذب لها؟!"

تنهد بيكهيون يضع قدماً فوق الآخرى، بعدما كانتا متفرقتين و هو يرمق جونغداي بتلك النظرات الخطيرة، ثم عقد يديه إلى صدره و تحدث.

" ألم تعلم عائلتك بعد بما حدث لك؟!"

جونغداي تبسّم ينظر إلى بيكهيون، بينما يرفع سبابته قائلاً بظرافة.

" أملك أختاً أصغر سناً فحسب، لقد أخبرتها أنني مصاب و لكنها لم تصدقني، قالت أنني أقوم بعمل مقلب عليها"

وقف بيكهيون ينظر في ساعته.

" إن كنتَ من النوع السمج في مزحاته فمن الطبيعي أنها لا تصدقك، أنا واثق أنها ستأتي و توبخ كيم تايهيونغ لأنه لم يقتلك"

أشاح جونغداي ببصره عن بيكهيون، و همس بغيظ تحت أنفاسه.

" لولاي لكنت كالأخرق تبحث عن زوجتك في أبعد بقاع الأرض و هي أمام عينيك!"

بيكهيون تقدم من الباب يقول.

" إن كنت رجلاً بحق؛ تنفع بمواقف خارج السرير قُل ذلك علناً و اسمعني أياه!"

خرج بيكهيون و جونغداي تذمر.

" ناكر الجميل!"

فجأة فتح بيكهيون عليه الباب، و أطل من خلفه قائلاً و الآخر شهق فزِعاً.

" سأرد لك الجميل بإستضافتك في قصري، لا تقلق، سأتبناك إن رفضتك أختك حتى، تجهز للخروج!"

يكون بيكهيون لئيماً، حاد اللسان، و هازئ في طبعه حتى في حالات كهذه، يكون فيها ممتناً للرجل الذي أنقذه من نفسه، و الفتى الذي يظن نفسه رجلاً، و الذي أنقذ زوجته.

خرج جونغداي من المستشفى برفقة بيكهيون، ثم صعد سيارته الفارهة بجانبه في المقعد الخلفي، ثم بيكهيون أمر سائقه بالإنطلاق.

جونغداي كان ينظر في أرجاء السيارة المُترفة بعين مندهشة، و همس على حين غفلة.

" لقد ظننتُ نفسي ثريّاً كفاية!"

السيارة ذات تصميم داخلي مختلف، إذ يفصل بين المقعد الخلفي و الأمامي فاصل زجاجي، تركه بيكهيون مفتوح كي يسمعوه رَجُليه في المقدمة.

ثم هناك مقعد مقابل مماثل للذي يجلس عليه، ظهره هو الفاصل الزجاجي، و بين المقعدين طاولة صغيرة، أسفلها ثلاجة سوداء صغيرة.

" بكم هذه السيارة؟!"

تنهد بيكهيون و نظر إلى جونغداي يجيبه.

" بثمن كليتيك"

ربت على قدم جونغداي و الآخر إزدرئ جوفه، أيعقل أن بيون بيكهيون تاجر أعضاء بشرية؟!

سرعان ما وصله الرد.

" أتاجر بالسلاح، أسفل هذا الكرسي بندقية أستطيع ملئ رأسك برصاصه بدلاً من التُرهات!"

جونغداي إزدرئ جوفه و إلتزم الصمت، و ذلك كان أفضل ما يفعله بيكهيون اليوم، أن يخيف الثرثار الفاسق بجانبه.

كريس في الأمام ضحك بخفة، الطِباع لا تزول بمحاضرة، يكفيه أن حرب الدماء إنتهت الآن.

" وصلنا القصر سيدي!"

ترجل جونغداي بعد بيكهيون من السيارة، و قبل أن يدعه يدخل القصر، بيكهيون تمسك بذراعه و قال.

" إن رأيتك تنظر إلى زوجتي، أو أختي، أو زوجة أخي سأقتلع عينيك، و أطعمك أياهما على العشاء، أتفهم؟!"

التخيل كان مقزز و مرعب بالنسبة لجونغداي، فأومئ سريعاً، ثم دخل برفقة بيكهيون، و كريس إلتفت إلى أعماله.

ولج بيكهيون إلى القصر، و قدم جونغداي إلى والدته، كانت تجلس مع يونا وحدهنّ.

" أمي هذا جونغداي الذي أخبرنا عن مكان جويل، و أخرجها من الصين، هو مُصاب لذا اهتمي به من فضلك"

أومأت السيدة، و رحّبت بضيفها بإرتباك، و ما زاد إرتباكها عندما بدأ بيكهيون يتلفت حوله بحثاً عن بناته.

" أين بناتي؟! إن القصر هادئ على غير العادة!"

نظرت هانمي في يونا بتوتر، و لم تتحدث أي منهما، فشعر بيكهيون أن أمراً ما قد حدث.

إقترب من والدته و أراح كفيه على كتفيها، عاقداً حاجبيه يتسآل.

" هل حدث شيء بغيابي؟!"

أجابته السيدة بتردد بعدما إزدرئت جوفها.

" جويل غاضبة منك لذا..."

تمسك بكتفي أمه و بنفاذ صبر إسترسل.

" و لذا ماذا يا أمي؟! تحدثي!"

قالت.

" جويل أخذت بيرل و جيني، و ذهبت مع أخيها"

إتسعت عينيه بدهشة و حلّقا حاجبيه، هي حقاً غاضبة منه، و بأي حق تغضب؟!

حقه أن يتثبت بأن الذي تحمله في بطنها من دمه كما تقول، لأنه لا يذكر أنه مسّها، و الأهم أن وقع كلامها عندما نفت أبوته عن بيرل كان ثقيلاً جداً عليه، و هو بالتأكيد لن يتحمل أن يقع في الخدعة ذاتها مجدداً.

صرّ على أسنانه، و شكّل قبضته قبل أن يضرب بها التمثال الراكن بجانبه ليقع متحطماً، هو لا يُريد أن يغضب، أو أن يدع غضبه يسيطر عليه، لكن من حوله لا يساعدون، هم من يثيرون سطوة غضبه هذه، ثم يلومونه.

" أنتم لا تمنحوني الفرصة لأتغير، مُصرين أن يبقى هذا الوجه الذي تكرهوه مني يرافقني للأبد، و أنا لن أتخلى عنه، فأنتم لا تأتون بالوِد، تخضعون بالغضب!"

..............................

عودة في الزمن...

و في المكان؛ إلى البرّ الكوري الفسيح، حيث إشترى تايهيونغ مخزناً لغاية الإنتقام، مخزناً هو نُسخة طِبق الأصل عن المخزن، الذي اختطف بيكهيون إليه جويل قبل بضع سنين و قبل حقده.

لقد إختار هذا المخزن، كي تعيش اليوم ذاته الذي قادها إلى الموت، و لكن على يديه هذه المرة، أراد أن يُعذّب قلبها و نفسيتها أكثر مما سيكيل بجسدها.

أطلق نيّته في مسامعها بعد مُشادّة كلامية بينهما، حول من الحاقد في هذه القصة، و من يملك حق على الآخر.

للآن لكلماته طنين في أُذنها، طنين يؤلم.

" ثلاث ساعات و سأترككِ تذهبي، سأتسلى بجسدكِ، و أعبث حتى تُصيبني التُخمة، ثم سأرمي بكِ خارج حياتي، كما لو أنكِ لم تكوني يوماً، كما لو أنني إستأجرتُ عاهرة، و مارستُ عليها دور المُغتصِب، أما بيرل فلن أسمح لكِ أن تنظري في وجهها ثانية"

تَذكُر إبتسامته المُتشفيّة بحالها المثير للشفقة عندما إنتفضت برفضٍ بين يديه، ثم تذكر أنه إقترب ليهمس بأُذنها بكره و حقد.

" ثم بعد ذلك عزيزتي؛ اتبعي زوجكِ العزيز و ابنته، سيكون بإنتظاركِ في الجحيم"

كان يعلوها على سرير الإعتداء في المخزن المشؤوم الذي تكره، بين هذه الجدران الرماديّة، التي ترد لها أسوء ذكرياتها على الإطلاق، يوم أُغتصِبَت بتُولتها.

تايهيونغ أراد أن ينتقم منها بهذه الطريقة، فهي المُثلى لتدميرها كُلياً، ستكون أسوء من أن يقتلها.

يده كانت إلى فمها، يكتم صرخاتها و نجواتها، بيده تلك جعلها ترفع رأسها، ذاك كي تظهر أمامه أول ساحة معاركه معها في هذه الحرب، عُنقها البضّ، الذي مسّه يوماً بحُب، و اليوم سيمسّه بحقد و عدوان.

مسَّ عُنقها بشفتيه، و كتم صرختها بكفه، ما إن مسّها حتى نبض قلبه بجنون، و راح بدل أن يُقبلها بعُنف حاقد، أخذ يقبلها بجنون عاشق.

كان و ما زال ضعيفاً أمام عشقه لها، أنها تسيطر على مشاعره، لها سطوة على قلبه، لا يقدر ألا يحبها، ألا يضمها.

لا يقدر أن يكرهها بأفعاله، يستطيع أن يكذب بلسانه و يقول أنه يكرهها، أنه حاقدٌ عليها، لكن الحقيقة أنه يحبها، و يحبها، و يحبها، كالمرض الخبيث لو أنتشر في الجوارح لا يمكن ضبطه إطلاقاً، سيأكل صاحبه حتى يقضي عليه تماماً، و هي إنتشرت فيه كُله.

حرر فاهها عندما أمسك بقبضتيه قَبة فُستانها و أراد تمزيقه، حينها بسرعة تمسّكت بكلتا يديه، و صرخت بجنون، بخوف.

جويل لن تتحمل أن تكون ضحية فِراش من جديد، هي لم تتجاوز السابق، فلن تقدر على تجاوز التالي، لذا حاولت زحزحته عنها بكل ما تملك من قوة.

" أرجوك اسمعني، أنت ما تفعله بي خطأ كبير، فكّر بي أرجوك، أعلم أنك ما زِلت تُحبني، أرجوك لا تقودني إلى الموت هكذا، أنت لستَ بهذا السوء يا تايهيونغ، أدري أن لك قلب نقيّ، لا تُلوثه بفعل مُشين كهذا!!!"

رفع رأسه ينظر في وجهها، و في تعابيره ألمٌ و حب، حينها همست.

" أنا ما عُدت زوجتك، لكنني ما زلت أم إبنتك، ما زلت حُب الطفولة، ما زلتُ أنا حبك الأول، حبك المديد، حب خمسة عشرة عاماً، فلتبقى تلك الأيام بيننا، لا تجعلنا نخسر كل هذا لأجل لحظة غضب، أنا متأكدة أنك ستندم لاحقاً، أرجوك!"

لحظة غضب!

مزّق ثوبها غضباً، فصرخت تضُم نفسها، و تستُر بيدها ما كُشف منها، إمتدت يده ليُمسك بها شعرها و شدد عليها، شده يؤلمها فأنّت ألماً.

جعلها تنظر في عينيه، و ما تسببت به من جرائم في حق مشاعره و قلبه، كانت دموعه قد فارقت جفونه، و سارت على وجنتيه، تُفشي عن آلامه المتراكمة.

" لطالما ظننتُ أن ما بيني و بينكِ قوي لا ينكسر، لكنكِ من كسرنا، ليس بيكهيون الذي فرّقنا، أنتِ من فرقتنا و حرمتني منك و من ابنتي."

أمسك بكتفيها، و جعلها تقعد على الفراش، و اتبع يلومها و الدموع ما زالت تنهمر.

" أنتِ ما منحتني الفرصة و الوقت الكافي لكي أستعيدكِ، أنا رجل و أنتِ نسيتي هذه الحقيقة، يصُعب عليّ أن أوصمكِ بحبي و قد سبقني غيري إليكِ بلا حق، كنت أكره أن رجلاً آخر شاركني بكِ، أنكِ لستِ لي وحدي"

أفلّت كتفيها و نهض عنها، كانت قد مزّقت قميصه بيديها و هي تحاول دفعه عنها، فرمى بقميصه أرضاً، و سار أمام السرير بغضب شديد.

" أنا لم أرد أن أفعل بكِ هذا لكي أستمتع، أردتُ أن أذكرك بالرجل الذي اخترتِه عني لو أنك نسيتِ يا جويل، أردتُ أن اُذكركِ أنه هو من جعلكِ ترمي نفسكِ بنهر الهان."

" كُنت سأذكرك ثم سأعيدكِ له، أتعلمين لماذا؟! لتري بعينيكِ أنه لن يقبل بكِ، و لن يتقبلكِ كما أنا فعلت، سيدفعكِ بعيداً عنه كما لم أفعل أنا"

إقترب منها حتى أمسك بفكها بين أنامله و شدد عليه، ينظر في عينيها الغائمتين و صرّح.

" أردتُ أن أجعله يكون في ذات الموقف الذي كنتُ فيه، لتري بعينيكِ أنه لن يفعل كما فعلت، أنه لا يحبكِ كما أحبكِ أنا"

همست تنظر في عينيه الحمراوتين إثر الغضب و الدموع، و هي تبكي، و تضم يديها فوق صدرها تستتر.

" أعلم، أعلم أنه لن يحبني أحد كما تحبني أنت، أعلم أنك تحبني أكثر مما تحب نفسك، و أنا لا أستحق، أنت تظلم نفسك بحبك هذا، هذا كثير علي، و على أي إمرأة أخرى في الكون، ليس هناك إمرأة تستحق منك كل هذا الحب!"

تبسّم هازئاً و ابتعد عنها، يسير أمامها بغضب شديد، مجدداً تلومه على حبه، تُشعره أنه هو المُخطئ معها.

" تلوميني مجدداً!"

نظر لها بعين حمراء شديدة الغضب، و آثار الدموع بارزة على وجنتيه، و في عينيه المُخصّبة بعروق من الدم.

رفعت يدها تحمي رأسها عندما ارتفعت يده، و رماها بقميصه بكل ما ملكت يده من بطش، سار حتى باب الغرفة فظنّت أنه سيخرج، و يترك ساحة العويل لها.

لكنه سُرعان ما عاد يحمل حقداً لا محدوداً في عينيه، و ضربها به حينما دفعها من كتفيها العاريين على سريره، فسقطت عليه، و هو عاد أعلاها بعدوانية تناسب غضبه.

تلاحمت أنامله على عنقها، في لحظة أراد أن يقتلها و يُنهي أمرها، لأنها تستحق الموت في نظره.

شد الوِثاق على عُنقها عندما حاولت الفرار، صرّ على أسنانه و تكلم بغضب، بحقد لا يكنه بالفعل عليها، بغضب فحسب.

" سأريكِ ما أنا فاعلٌ بكِ، ثلاث ساعات لن تكون كافية، بل العمر برمته لن يكون كافياً، من اليوم أنتِ أسيرتي، و حتى تموتي ستضلي في سجني، و في كل يوم سأخوض معكِ نزال على هذا السرير، و ستخضعين كل يوم رغماً عنكِ"

لا تدري لماذا قال ذلك يومها، لكنه لم ينفذه إطلاقاً، كان يخشى لو أنه مسّها، كي يفرغ حقده بها، و ليكرهها، يجد نفسه يحبها و يحبها، و ذلك لن يكون عقاباً.

لا يريد أن يحبها، يريد أن يكرهها من كل قلبه، يريد أن يخرجها منه، و يعيش حياته لأجل نفسه و لأجل ابنته، لكنه ما إستطاع.

اليوم الفرصة سانحة له، كي يبدأ من جديد كيفما يتناسب معه، مسحت دموعها، و هي تجلس على سريرها في جناحها الخاص داخل قصر والدتها.

تبسّمت حينما نظرنَّ لها بيرل و جيني، رغم حداثة أعمارهن؛ يدركن أن البكاء حُزن، و أنه لا يجدر بأمهن أن تبكي، صعدت جيني ساق جويل ثم جلست تمسح دموعها كما تفعل مع أبيها.

" ماما لا... ماما لا"

مواساة جيني لها كانت لمسة بلسم على جروحها تطببها، أمسكت بيد الطفلة على وجنتها، و وضعت بكفها قُبلة تقول.

" ماما لن تبكي حبيبتي"

ضمت جيني بكلتا ذراعيها إلى صدرها، و أراحت الصغيرة رأسها على صدر والدتها، جويل كانت تمسح على شعرها بلطف و تربت عليها بهدوء.

عندها شعرت بيرل بالغيرة بما أنها خارج المشهد العاطفي، و اندسّت في حُضن والدتها كأختها، حينها ضحكت جويل تمسح دموعها، خصوصاً عندما بدأن يتشاجرن على حضن والدتهن.

" ماما... ماما!"

كن يصرخن و هن يشاجرن بعضهن، فصلتهن جويل لتجلس كل واحدة على ساق، و ضمتهنّ بقوة إلى صدرها تربت عليهن.

" كفى شجاراً! ماذا ستفعلن عندما يأتي الطفل الجديد؟! ستقتلنه!"

سمعت جويل صوت زعيق عجلات قوي آتى من الخارج ثم صياح عدة رجال، بفزع نهضت تنظر إلى ما يحدث، و تركت الأطفال على السرير.

نظرت عبر شُرفتها، فوجدته بيكهيون عالق بمشادّة لسانية مع دي او، رفع بيكهيون رأسه إلى شُرفتها و رآها تقف عليها فصرخ بها جعلها تنشز.

" بسببكِ سأفقد عقلي قريباً"

دفع بدي او عن الطريق ثم اقتحم القصر، سُرعان ما دخلت تجري حتى تغلق الباب ثم استندت عليه تزدرئ جوفها،  بابها ثقيل لن يستطيع كسره مهما حاول.

هرعت إلى بناتها، و ابعدتهن عن المشهد العنيف،  إذ وضعتهن في غرفة الملابس، و منحنتهن دمى و ألعاب، ثم قامت بتشغيل هاتفها على أناشيد الأطفال بصوت مرتفع جداً، كي لا يسمعن صوت صراخ والدهن، و لا يشهدنّ على نوبة غضبه.

ركضت إلى الباب عندما سمعت صوت ضربات بيكهيون عليه.

" جويل افتحي الباب و إلا سأكسره و ليحدث ما سيحدث!"

إستندت على الباب و تحدثت بصوت يسمعه رغم أنها تبكي، و هو ميّز بحّة البكاء في صوتها رغم وجود عازل بينهما.

" لا يحق لك أن تكون الغاضب الآن، و أنت تثير فزع الأطفال، إن كنت لا أهمك فالصغيرات يهمنّك، لا تخيفهن بصراخك!"

تنهد يسند جبهته على الباب بغضب، ثم لكم الباب بيده يقول.

" أنا لم أقل أنكِ خُنتني، أنا فقط لن أتحمل أن تكذبي علي ذات الكذبة من جديد، لن أنسى أنكِ نسبتِ بيرل لي عن باطل، و علقتني بأحلام قتلتِها أنتِ عندما أخبرتني بكل برود أنها ليست ابنتي، أنا لن أنسى فعلتكِ هذه بي في موقف كهذا"

أسندت رأسها على الباب و تنهدت، تايهيونغ كان محق، بيكهيون لن يقبل بها، يكذبها، هو من يقطع الأوصال بينهم.

" عندما تزوجنا عن حب و إرادة؛ قررنا أن الماضي لن يُعيق المستقبل، قررنا أن نحرق صفحات الماضي و نبدأ من جديد، و لكن يبدو أنني وحدي من بدأت من جديد، و أنت؟"

مسحت دموعها و اتبعت.

" أنت بقيت حاقد كما أنت"

تنهدت تفتح الباب له فنظر لها، حينها قالت.

" افعل ما شئت، أنكر الطفل أو أقبل به، ذلك لن يغير أنه من دمك، و بعد هذا الحد لن يُغير قبولك أنك ما زلت حاقد"

إقتربت منه حتى وخزت صدره بسبابتها و قالت بجراءة.

" لكن الفضل لي عليك أنني أحببتك، و أنني نسيت الماضي، أنني من أتيتك أولاً، أنني جعلتك الرجل الذي أنت عليه الآن، لكن أنت..."

إقتربت أكثر تنظر في عينيه بقوة و همست.

" لا فضل لك علي إلا بالطفل داخلي، شكراً لأنك تركت بيننا ثمرة تدل على الحب، الذي أنت تقتله بيننا بجحودك هذا"

تنهدت تقبض يدها و تنزلها عنه ثم قالت.

" لن أسمح لك أن تُشرك طفلي في هذه الحرب النجسة، طفلي لن يخضع لأي فحص يدور في رأسك"

إبتعدت عنه و اتبعت تهدد، لأول مرة في حياته يتلقى تهديداً، و مِن مَن؟!
من إمرأته الأولى و الأخيرة.

" لا تختبر أمومتي و تعلقي بأطفالي الثلاثة يا بيكهيون، صدقني إنني لأحميهم سأفعل أي شيء يخطر على بالك، حتى لو اضطررت لمواجهتك"

دخلت و كادت أن تغلق في وجهه الباب، لولا أنه ردعها عندما دفع الباب بذراعيه و دخل، كانت قد تأرجحت خطوتين للخلف، لكنه أمسك بذراعها يثبتها و قال.

" لستُ أحاول أن أمسّكِ بأمومتك، و لكنني لن أسمح لكِ أن تتركيني خلفكِ، و تمضي بأطفالي عني، لذا عودي معي إلى القصر، و سنحل كل الأمور"

أفلتت نفسها منه و ابتعدت عنه تقول.

" ليس بعد أن كذّبتني، أنا لستُ دُمية تدفعها عنك متى ما شئت، و تعيدها عندما تريد، لستُ دميتك يا بيكهيون!"

تنهد بيكهيون و وقف أمامها متخصراً ينظر في ملامحها الغاضبة منه، أشاحت ببصرها عنه، و عقدت ساعديها إلى صدرها.

حينها كان دوره أن يتحدث.

" ستعودي معي إلى القصر و تُقصي لسانكِ الطويل هذا"

تبسمت هازئة و رفضت.

" لن أعود"

أصرّ.

" ستعودي"

رفضت.

" لن أعود و افعل ما شئت"

أومئ مهدداً ينظر في الجناح ثم لها، تقدم إلى غرفة الثياب فتأهبت بوقفتها لأي تصرف مجنون قد يفعله، سُرعان ما سمعت صراخ الفتيات فرحاً، ثم رأته يخرج بهنّ، و هنّ يطوقنّ عنقه بدلال.

" لا تعودي، لكن بناتي سيعدنّ، مكانهنّ منزلي أنا، منزل والدهن"

سُرعان ما أسرعت نحوه تتمسك بجُب فساتينهن و تقول.

" لا تكن لئيماً معي و اتركهن هنا، أنت تظلمهن بتشتتهن هذا"

نظر لها بعين غاضبة و قال.

" أنتِ من تشتتيهنّ"

خرج بيكهيون من الجناح و جويل تتبعه.

" بيكهيون، لا تكن قاسي هكذا و اترك لي الأطفال أرجوك!"

نزل السُلم سريعاً يحمل الأطفال و هي خلفه، كان دي او و السيدة والدته يقفا آخر السُلم، و هناك دي او اعترض طريقه يقول.

" اترك لها أطفالها، هي لم تراهنّ كفاية، لا تستغل مشاعرها ناحيتهن!"

بيكهيون قال بينما يتجاوزه.

" أنت أرعى صيصانك و اصمت!"

تمسكت السيدة دو بجُب دي او كي لا يتبع بيكهيون، و هي تكتم ضحكاتها رغماً عنها.

" اتركهما يتحدثا، و أنت أرعى صيصانك كما قال و اصمت"

صرخ دي او من خلفها بغيظ فضحكت.

" أمي!"

جويل تبعت بيكهيون حتى سيارته، و بعدما أغلق الباب على الصغيرات، إلتفت لها و وجدها تنظر له و هي تبكي.

" لا تبعدهن عني، أقسم أنك ستكرهني إن فعلت"

أمسك بكتفها، و تحرك بها إلى الكرسي الأمامي بجانبه، فتح لها الباب و قال.

" اصعدي و عودي معي و ستكوني معهنّ!"

نظرت إليهنّ في الكرسي الخلفي، قد وضع عليهن أحزمة الآمان و ثبتهنّ قي مقاعدهن الخاصة، حتى أنه يضع لاصقة على زجاج السيارة الخلفي أن معه أطفال.

جعلها تدخل عندما دفع بها من كتفيها بلطف إلى الداخل، ثم أغلق الباب عليها، إلتفتت ناحيتهنّ و أمسكت بأيديهنّ تقول على سمعه.

" لكُنّ والد لئيم جداً، يستغل مشاعري لكنّ و له ليفعل ما شاء، لكن أخبرنّه أنني لن أسامحه بسهولة لأنه لا يصدقني"

تنهد بيكهون و بدأ يقود بهدوء على غير العادة، فالآن معه طفلتين و مرأة حامل، عليه أن يكون مسؤولاً و يكف عن طيش الماضي.

وصل بيكهيون القصر، و جويل سبقته بالنزول من السيارة، ثم إقتربت لتنزل بيرل و جيني، أمسكت بأيديهنّ ليمشين و دخلت بهنّ القصر، فكان بإستقبالهنّ السيدة بيون التي وقفت بسعادة.

" جويل عُدتِ!"

عانقت السيدة ثم قالت.

" أعادني رغماً عني!"

حمحمت السيدة، فوجدت جويل أن رجل يجلس على الأريكة المقابلة.

" جونغداي!!!"

هتفت جويل تقترب منه سريعاً، فقال يصدها بيده.

" لا عِناق رجاءً، زوجكِ الإرهابي سيقتلني!"

و جويل سمعت صوت بيكهيون، الذي دخل من خلفها.

" جيد أنك تعلم!"

ضحكت السيدة هانمي، بينما جويل و بيكهيون أشاحوا عن بعضهما، لاحظ الجميع أنهما على خِلاف فلم يتحدثا معاً على طاولة الطعام، و لم يكونا مشاغبين شغوفين بالحب إطلاقاً.

عندما حانت ساعة النوم؛ صعدت جويل بالأطفال إلى الجناح بدّلت لهن ثيابهن، و ثم الصغيرات غرقن في النوم عن سبق تعب و إرهاق في اللعب.

وقفت جويل في الشُفة تنظر من خلالها إلى مرافئ القصر، منها مُلحقها الخاص، ما زال كما تركته منذ زمن طويل، يحوي أدواتها الطبيّة، مجسماتها و كُتبها.

تنهدت و أشاحت عنه ببصرها، لتنظر حولها بلا هدف معين، و تذكرت تلك الليلة، الليلة التي حصلت بها على صغيرها، الذي ما زال ينضج داخلها، تحسست بطنها.

و بهدوء هذه الساعات و سكونها كانت ذكرياتها خصبة، فعادت إلى الليلة الأخيرة لهم في أسبانيا.

عودة في الزمن...

بعدما أستيقظت من النوم لساعات طويلة؛ لم تجد بيكهيون بجانبها، نهضت عن السرير و اقتربت تطرق عليه باب الحمام.

" بيكهيون، أنت بالداخل؟!"

" ادخلي!"

ما كانت تنوي الدخول، فقط أرادت أن تعرف إن كان بالداخل أو خارج الجناح، دخلت و لا تدري بأي أفكار متضاربة دخلت.

وجدته في حوض الجاكوزي مغموراً بالماء حتى أسفل صدره، و بيده كوب نبيذ أحمر يحتسي منه بهدوء، و على أطراف الحوض توجد شموع عطرية، تُضيء بخفوت و تُعطر الجو بأبخرتها.

رفع ذراعه يريحها على طرف الحوض و الماء تتصب من على بشرته، ثم رفع شعره الفضي المُبلل بأنامله يمنحها مشهد إغراء دقيق و مفصّل.

شهقت متأخرة، و إلتفتت بحرج تمنحه ظهرها.

" لِمَ تناديني إن كنت عارياً؟!"

إرتفع حاجبه بإستهجان و همس.

" ألستِ زوجتي؟!"

أجابته بعد فرط توتر و حرج.

" بلى، لكنك تعلم أنني لم أعتد بعد"

حينها أخجلتها ضِحكاته، التي رنّت بفرط حب في سمعها.

" لا تقلقي، لن أتقدم معكِ بلا موافقتكِ، تعالي و انضمي إلي، ستشعرين بالراحة"

نفت برأسها رفضاً ثم تحركت تبغي الخروج لولا أنه أمسك بيدها، ثم وقف و وضع ذراع أسفل قدميها و الأخرى خلف ظهرها، ثم حملها برفق و حذر، و وضعها في الحوض بجانبه.

شهقت بخفة عندما غمرتها المياه، و نظرت له بملامح زَهَت خجلاً.

" ابقي هكذا بثيابكِ إن أردتِ، و لكنني مُصر أن تشاركيني الحوض"

أضواء الشموع الخافتة كانت تنعكس على وجهه، و تضفي لمعاناً في لون عينيه العسلية فوجدته يلمع بجمال، و كأنهما نجمتين لا عينين.

أسند ذراعه خلفها و أشار لها على كتفه، فاستندت عليه و ابتسمت، إنها فرصة لا تعوض، أن يكون سندها كتفه.

تنهد و ضمها بذراعه يقربها إليه ثم سكب لنفسه كأس آخر، و لم يشاركها لأنها لا تشرب الكحول، رفعت عينيها لتنظر إليه، إنه وسيم بشكلٍ مبالغ فيه، هو جميل بلا حدود.

قبضت يدها و كأنها تقبض على مشاعرها التي تتفجر في صدرها الآن، فمظهره لا يساعدها إطلاقاً.

مسّت أنفاسها الدافئة عنقه، فزفر أنفاسه يقضم شفتيه، وضع الكأس من يده، و راح يمسح على شعرها برقة، ذلك قبل أن يلتفت لها، و يصطدم نظره بمفاتن أنوثتها الباذخة من أسفل قميصها.

تنفس بصعوبة، و اغمض عينيه، يحاول تشتيت فجّ المشاعر الذي إنفجرت بصدره، لكنه ما إستطاع أن يتحمل كثيراً، حاول عبثاً.

إذ لم يشعر بنفسه عندما رفع رأسها بأصابعه، و غمر وجهه في عنقها، أحاطها بذراعيه بقوة، و راح يقبلها بجنون، بشوق قد أرهقه جداً.

ما كادت أن تتكلم حتى سدّ فاهها بشفتيه، و قبّلها قُبلة شغوفة، ثم بدأت مقاومتها ضده، لكنه لا يقدر هذه المرة، لن يقدر أن يبتعد.

حرر شفتيها، و راح يقبل وجهها و ملامحها بنعومة لكن بجنون، خليط من المشاعر الغير متجانسة تجانست مع قُبلاته.

" بيكهيون توقف، أنا لا أستطيع من فضلك!"

نظر في عينيها حينها، و احتضن وجنتها بكفه يقول.

" سأتوقف إن أوقفتني، و لكنني أطلب أن تمنحيني فُرصة أمام أنوثتك"

أخفضت بصرها عنه، فإزدرئ جوفه خوفاً أن تمنعه عنها مجدداً، لكنها رفعت يدها إلى يده على وجنتها و همست.

" حسناً، لكن تفهمني، و كُن لطيفاً معي!"

إبتسم، ثم اقترب يطبع قُبلة على جبينها، قبل أن يريح جبينه على جبينها و قال.

" دعيني أعرفكِ على بيكهيون العاشق، الذي يحبكِ جداً و حسب"

تبسمت ثم شعرت به يضع قُبلة على زاوية شفتيها، ثم على شفتيها، لكنها هذه المرة بادلته، و أحاطت بعنقه بكلتا ذراعيها.

بيكهيون تبسم أثناء القُبلة هذه، كانت ضِمن أكثر لحظات حياته سعادة، أنه أخيراً إستعادها، و هي في كل المفاهيم له وحده مجدداً عن حب و عن رضى، و هذا جُل ما يهم و ما يريد.

إنحدرت يده تفتك بعناق أزرار قميصها مع الثقوب، ثم خلعه عنها، فانكمشت بنفسها و فصلت القُبلة، خبأت وجهها في عنقه، و اقتربت منه تحجب نظره عنها.

ضحك بخفة، و طبع قُبلة على كتفها، لكنها شهقت بخفة عندما شعرت بالقطعة السوداء على صدرها ترتخي، فصاحت حرجاً.

" بيكهيون!"

قهقه، ثم همهم، فرفعت بصرها إليه بإنزعاج، حينما رفع بإبهامه فكّها، و راح يغمرها بالحب حيث كشف منها.

كان بيكهيون جديد كُلياً عليها، لقد أحبها بعاطفة مجنونة، لكنه عاملها بلطف و حب، رغم أنه إندفاعي قاسٍ كما تعلم عنه مسبقاً، لكنه عاملها برقة، جعلتها تشعر و كأنه يأخذ منها بتولتها مع حبها، و يمنحها حباً هو الأثمن.

عند آخر رغبة إحتضنت عنقه بذراعيها، و أغمضت عينيها بقوة، ثم عندما شعرت بألم طفيف راودتها لوهلة أحاسيسها السابقة، خبأت وجهها فيه بحرص، و مسحت دمعتها قبل أن يراها.

لكنه شعر بها، فأبعدها عنه قليلاً و نظر في عينيها، ثم عندما رأى إحمرار طفيف في عينيها تنهد، و أراد أن يبتعد عنها.

" تبكين مجدداً!"

أمسكت سريعاً بكتفيه، و نفت تمنعه من الإبتعاد عنها، ثم همست و جبهتها إلى جبهته.

" أحبك و أريدك كما تريدني، صدقني إنني سعيدة معك، و أنني أمنحكَ نفسي عن حُب، لكنني لا أدري لماذا أبكي الآن، أنا أسفة أرجوك لا تبتعد عني!"

وضع يده على وجنتها ثم تنهد يقول.

" أظن أننا بحاجة مراجعة طبيب نفسيّ عندما نعود، نحن نحتاج كل لحظة حُب بيننا يا جويل!"

أومأت تتمسك بيده.

" نعم، سأراجع طبيب نفسي عندما نعود"

تنهدت جويل بينما النسيم يداعب شعرها، تحسست بطنها مجدداً ثم عادت إلى الداخل، هاتف بيكهيون هنا على الشاحن، فتحته ثم توجهت إلى قائمة إتصالاته.

راعي الصيصان... ليس هو

ملاكي الشقراء... إبتسمت و لكن ليس ما تبحث عنه.

العميل عند راعي الخِراف... ضحكت، لها زوج مضحك رغم رأسه اليابس.

نانسي ابنتي... لم يسبق لها أن رأته يضع أخته اسفل لقب كهذا، ابنته!

أخي الأمريكي... هذا لقب مألوف، لكن ليس ما تبحث عنه.

و أخيراً ها هي... راعية حفاظات جيني، ما زالت مسجلة بهذا اللقب الغريب.

نسخت الرقم إلى هاتفها ثم اتصلت، عادت تقف إلى الشُرفة بينما تنتظر رداً.

" مرحباً"

وصلها صوت أنثوي مُستفسر فقالت.

" الطبيبة بيون سُرى؟"

" نعم تفضلي"

" أنا بيون جويل زوجة المهندس بيون بيكهيون"

سمعت صوت هتاف الفتاة بفرح.

" اووه! لقد عدتِ! سمعت عن الأخبار المؤسفة، نالتكِ السلامة"

تبسمت جويل، و نظرت من الشرفة إلى بيكهيون يقف في الردهة مع كريس و يتحدثان.

" سأقدّر لكِ هذا إن أتيتِ لزيارتي غداً، أحتاجكِ في أمرٍ هام"



.............................



سلاااااام


لا تتخليوا كيف الجوّ عنا بالأردن، حالياً عايشين أجواء عاصفة🥳🥳

طبعاً هذا الفصل بوضحلنا ثلاثة شغلات:

أولاً: إنو تايهيونغ ما اغتصب جويل

ثانياً: إنو بيكهيون أبو الطفل

ثالثاً: إنو جويل مش كاذبة.

طبعاً في خطة الفصل الأصلية ما في فلاش باك، بس بسبب التعليقات على الفصل الفائت أنكم بتشكوا بصحة كلام جويل استرجعنا الماضي سوا على المشهدين.

طبعاً هدول المشهدين مأخوذين من فصل المقاومة مشهد جويل و تايهيونغ، و المشهد الأخير من فصل بيكهيون و ملائكته.

طبعاً جويل في المشهد الأول في فصل عِناق الموت كانت خايفة تحكي عن ليلتهم سوا لأنها بكيت، و فكرت أنو بيك غاضب منها لهذا السبب، هو وقتها أجاله إتصال من كريس مشان يهرب بس، ما كان غاضب، أصلا مش متذكر.

و آخر شي دور الطبيبة سُرى حان وقته، الفصول القادمة لها، فهي ح تكون بطلة الموقف.

طبعاً مرة ثانية التحديث كل خمس أيام، في هذا الوقت بعد منتصف الليل حتى ساعات الفجر، الي بسهر عادة فيه ينتظر البارت و الي عنده دوام ينااام و الصبح بقرأ.

الفصل القادم بعد 400 فوت و 1000 كومنت.

1.رأيكم ببيكهيون؟ تأثره بكلام كريس؟ إسترجعاه لجويل و كلامه معها؟ بيكهيون السكشي من المشهد الأخير؟

2. رأيكم بجويل؟ كلامها لبيك؟ رجوعها معه؟

3.رأيكم بتايهونغ؟ و الهدف من إنتقامه؟

4.رأيكم بكريس؟ كلامه لبيك؟ و السبب وراء إنقاذ تاي؟

5.رأيكم بجونغداي؟ و كيف سيؤثر على الإحداث؟

6. رأيكم بالبارت ككل و توقعاتكم للقادم؟!

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️













© Mercy Ariana Park,
книга «حاقد عاشق|| The Love Odessy».
CH87|| اقتلني أو اشفيني
Коментарі