تقرير
Part One
Part Two
Part Three
Part Four
Part Five
Part Six
Part Seven
Part Eight
Part Nine
Part Ten
Part Eleven
Part Twelve
Part Thirteen
Part Fourteen
Chapter Fifteen
Chapter Sixteen
Chapter Seventeen
Chapter Eighteen
Chapter Ninteen
Chapter Twenty
Chapter Twenty-one
Chapter Twenty_two
Chapter Twenty-three
Chapter Twenty four
Chapter Twenty five
Chapter Twenty-six
Chapter Twenty-seven
Chapter Twenty-eight
Chapter Twenty-nine
Chapter Thirty
Chapter Thirty-one
Chapter Thirty-two
Chapter Thirty-three
Chapter Thirty-four
Chapter Thirty-five
Report || تقرير
Chapter Thirty-six
Chapter Thirty-seven
Chapter Thirty-eight
Chapter Thirty-nine
Chapter Forty
Chapter Forty-one
Chapter Forty-two
Chapter Forty-three
Chapter Forty-four
Chapter Forty-five
Chapter Forty-six
Chapter Forty-seven
Chapter Forty-eight
Chapter Forty-nine
Chapter Fifty
Chapter Fifty-one
Chapter Fifty-two
Chapter Fifty-three
Ch 54|| لؤلؤ
Ch55|| بيننا قدر
Ch 56|| تخبط
Ch 57|| ضعف
CH58||المقاومة
Ch59|| !يا حب
CH60|| خاشع للقلب
CH61|| إحتضار
CH62||بتلات ميتة
CH63|| هُدنة
CH64|| في الغياهب
CH65||خُدع
CH66|| حب زائف
CH67||إلى البداية
CH68||شتات
CH69||أقتل الحب
CH70|| فوضى
CH71|| عهد جديد من البسالة
CH72||فصل النهاية
CH73||الإنفجار العظيم
CH74||حالة حب
CH75||تصلحه و تبنيه
CH76|| طُرف الحب
CH77|| الملاك الشقراء
CH78||نِعمة
CH79||إبنة قلبه
CH80||بيكهيون و ملائكته
CH81||عِناق الموت
CH82|| المقاومة
CH83|| حوافز
CH84||العودة
CH85|| نهاية حرب الدماء
CH86|| تقلبات زمن
CH87|| اقتلني أو اشفيني
CH88|| بين نارين
CH89|| مُقرمشات
CH90|| وعكة نفسيّة
CH91||طَوق
CH92|| البطل الأبديّ
THE END|| حاقد عاشق
CH91||طَوق
" طَوق"


أشعر بالقلق الشديد يُطوّقني، أدري أن طراوة أمالي قد تصطدم بقسوة الواقع بمرارة وتنكل بي، لستُ جاهزة - ولن أكون يومًا- لتلقي أخباراً لا تسُرني، كأن أموت.

أرجو أنني عندما أدخل إلى الطبيبة لا أجد وجهها مكلوم، ولا إنقباض في ملامحها، أرجو أن تُخبرني بإبتسامة أنني بخير وأن طفلي بخير.

" سيدة بيون جويل؟!"

رفعتُ رأسي إلى الممرضة فأشارت لي بالدخول.

" تفضلي سيدتي!"

زفرتُ أنفاسي لعلني إستطعتُ أن أكبح توتري أيضاً ثم نهضت برفقتها، بيكهيون لا يعلم بشأن زيارتي هذه إلى الطبيبة، فأنا فضّلت أن أتلقى الخبر ووحدي أتحمل صدمته، ذلك كي أقدر على مواجهته لاحقاً، ولجتُ إلى غرفة الطبيبة، ولم أجرؤ أن انظر إلى وجهها مباشرةً، أخشى أن أرى في وجهها ما يقبض على قلبي.

بقيتُ هكذا لوهلة أموج في خوفي حتى اجتذبتني بتنهيدتها.

" جويل، أنتِ طبيبة وتعلمين"

إزدرئتُ جوفي أكمش على فستاني لشدة توتري، لكنني للأسف أعلم، أدرك الخطورة التي تُحدق بي.

" حملكِ بحد ذاته يُشكل خطراً على حياتك، لكنني امتنعتُ عن قول ذلك أمام زوجك، وأنتِ لا تحتاجين أن أخبرك، أنا متأكدة أنكِ تعلمين بمدى خطورته"

نعم، أعلم أن حملي يُشكل خطراً على حياتي، ولكنني لم أستطع أن أكبح رغبتي بطفلٍ من بيكهيون، لطالما أردتُ أن يجمعني طفلٌ به، لأنه بيكهيون، ليس زوجي فحسب، إنما قِطعة من روحي أفديه بنفسي، وها أنا قد فديته بالفعل.

تحت أيُ الظروف ومهما كان الخطر؛ أردتُ أن ألِد له طِفلاً من رحمي، طفلٌ يجمعني به، يكون ابن دمي ودمه، هذا كل ما طمحتُ له.

لكنني لستُ بمستغنية عن حياتي أيضاً، ما زِلتُ أريد أن أعيش، فلديّ أطفالي، ولديّ هو، ولديّ نفسي، أريد أن أعيش، لا أريد أن يخطفني الموت منهم جميعاً ومن نفسي، أنا ما زلتُ لم أُتخم بأمومتي وحُب بيكهيون.

ما زِلتُ أريد رؤية بناتي يكبرنّ أمامي، أريد أن أشهد على كل أحداث حياتهنّ مهما كانت صغيرة أو كبيرة.

أريد ان اعيش مع بيكهيون، وأن يكبر حُبنا ونُربي أطفالنا معاً، أريد أن أسبقه إلى الموت، لكنني أريد أن أشيخ معه أيضاً.

بيكهيون أثمن ما أملك، بل هو كل ما أملك، وأنا لا أريد أن أُفرّط بحياة أعيشها معه، كما لا أريد أن أُفرّط بطفلٍ يجمعنا معاً.

كبحتُ حَرقتي في جوفي واستللتُ سؤال أوجهه للطبيبة.

" ما نسبة نجاتي ونجاة ابني؟"

رأيتُها تعض أطراف أصابعها ببعضها وفي عينيها شفقة أنا محورها.

" إبنكِ سينجو، الخطر الذي يحدق بكِ لا يشمله، لكن أنتِ..."

تنهدت وشعرتُ بها تلومني.

" بالكاد تصل نسبة نجاتكِ للنصف، وإن نجوتِ أنتِ لا يمكنكِ أن تحملي إطلاقاً بعد إبنكِ هذا، فلقد استهلكتِ صلاح رحمكِ عليه، مستحيل أن تحملي مجدداً"

أومأت، قد أموت، هذا إحتمال وارد وبقوّة، ولن أحمل مجدداً وهذه حقيقة مؤكدة، ماذا علي أن أقول لبيكهيون؟! كيف سأواجهه؟!
أنا لا أستطيع فعل هذا به، لا أقدر.

لكنني أيضاً لا أستطيع أن أكتم عنه الحقيقة، لا أريد أن أرحل ويتعذب من بعدي، عليه أن يكون جاهزاً لإحتمال عودتي للتُراب كإحتمال عودتي إلى كُنفه وعلى ذراعيّ طفلة.

لم أشعر بي أبكي حتى انبجلت من شفاهي شهقة، يشهد الله أنني لستُ خائفة على نفسي بقدر ما أنا خائفة عليه وعلى أطفالي من بعدي.

نهضت الطبيبة من خلف مكتبها وأتت لتجلس قِبالتي، تمسّكت بيديّ وقالت تحاول أن تمنحني أملاً.

" لكن لا تقلقي جويل، فنسبة نجاتكِ كبيرة أيضاً ولا يمكننا تجاهلها، ولنحرز على نِقاط أكثر للحفاظ على حمايتك عليكِ أن تبقي في المستشفى تحت الرقابة لمدة أسبوع قبل ولادتك"

تنهدت تقبض على يدي واتبعت.

" سأحدد لكِ موعداً، عليكِ أن تزوريني كل أسبوع بما أنكِ ستدخلين الشهر التاسع خلال يومين، هذه فترة مهمة وصحتكِ النفسية ستساعدك، لذا كوني بخير، حسناً؟!"

أومأت، سأفعل كل ما يلزم لأحفظ حياتي.

خرجتُ من العيادة النسائية أشعرُ بالهمّ الشديد يتراكم على صدري، أرغب في الجلوس وحدي والبكاء حتى يفرغ صدري من الوجع، لكنني لا أستطيع أن أفعل الآن، فابنتي الصغيرة بحاجتي.

لقد تركتُ جيني بحضانة الأطفال ريثما انتهي من عيادتي الخاصّة، قدمتُ بها صباحاً لأجري لها بعض الفحوصات اللازمة، سأذهب لأرى طبيبها الآن، أرجو أن تكون ابنتي بخير.

توجهتُ إلى الحضانة حيث تركتُها، كانت تلعب بصخبٍ مع الأطفال أقرانها، تركض وتضحك وتصرخ، إنها طفلة حيويّة من النوع الإجتماعي، سُرعان ما تتقبل الآخرين في حياتها، وهذا أمر جيد لأجلها، وبالطبع الفضل يعود لبيكهيون، فهو من صِغرها وهو يخالطها ويتحدث معها وكأنها تفهمه.

سِرتُ ناحيتها ثم إلتطقتُها أرضاً من بين الأطفال، لكنها بكت تريد أن تلعب معهم ولا تُريدني، تمسكتُ بيديها وحاولتُ تهدئتها.

"سنذهب إلى بيرل ونلعب معها، ألا تريدين؟!"

حينها فقط هدأت، وأركنت ذقنها على كتفي تلوح بيدها لبقية الأطفال.

" باااي"

جعلتني أضحك، أنها تقتنع سريعاً إن وعدتها بأمر يخص والدها أو أختها، قبلتُ وجنتها ثم خرجتُ بها إلى عيادة الطبيب المُختصّ، رحب بنا جيداً، ثم سلمني فحوصاتها لأطّلع عليها، بينما هو يتحدث إلي.

" لقد أجرينا لها كل الفحوصات اللازمة، وتبين معنا أنها تعاني من فقر الدم، قوة دمها يصل إلى خمس وِحدات، لذا هي تحتاج إلى علاج فوري، كما يلزمها نظام غذائي مليء بالخضراوت والفواكة، أرجو لها السلامة"

صغيرتي الحبيبة، ما زالت طفلة لتعاني من معضلة جسدية، احتضنتها إلى صدري وربّتُ عليها، شعر الطبيب بي فاتبع مُبتسماً.

" أنتِ تعلمين أنها مشكلة شائعة بين الأطفال، لذا لا داعي للخوف، بتلقي العلاج و تناول الأطعمة المناسبة ستتحسن"

حملتُها أقف بها ثم شكرتُ الطبيب حُسن عمله، أما جيني فلوّحت له بيدها الصغيرة.

" بااي"

قهقه الطبيب بخفة وأخرج من درجه لها الحلوى، قبّل يدها ثم سلمها الحلوى وذلك جعلها تصرخ ضاحكة.

خرجتُ أشتري لها الدواء من الصيدلية المجاورة للمستشفى، ثم عدتُ للمنزل بصُحبة كريس، فهو رافقني إلى هنا وانتظرني حتى يقُلّني.

كنتُ في الخلف وحدي، وبجانبي جيني قد وضعتها بمقعدها، وبما هو من مقعد السائق قد لحظ أن وجهي كتوماً لذا تسآل، وأنا لم أبخل عليه بالإجابة.

" سيدتي، طلبتِ مني ألا أخبر الرئيس بأنكِ ذهبتِ للمستشفى وليس إلى قصر عائلتك، أهناك أمر خطير بكِ أو بجيني؟!"

" لا يا كريس، لقد لاحظتُ مؤخراً أن جيني ضعيفة الجسد وليست قوية كفاية، لذا أجريتُ لها الفحوصات اللازمة، وتبيّن لي أنها تعاني من فقر دم، سأخبر بيكهيون لا تقلق، لكنني أردتُ أن أطمئن أولاً على حالها."

رمق جيني ليطمئن، وحينما وجدها نائمة أومئ لي ثم حرّك السيارة.

" إلى أين نذهب سيدتي؟!"

" إلى القصر، سيتكفل أخي بأحضار بيرل لاحقاً"

لا أود أن أقضي اليوم مع أحد، فقط أريد أن أبقى وحدي، أنا لستُ جاهزة لمواجهة أحد، أود أن أفرغ ما في قلبي وإلا إختنقت ومُتُّ الآن.

وصلنا القصر، تحدثتُ مع السيدة هانمي قليلاً عن حالة جيني قبل أن أستأذن منها واصعد متحججة بالتعب، أريد البقاء وحدي وحسب.

نامت جيني، وأنا جلستُ على الأريكة أُخفي نفسي بها، إحتضنتُ جسدي بذراعيّ، وأصبحتُ أبكي.

أخشى أن أموت وأترك خلفي أطفالي يتامى، أخشى أن أموت ولا يقدر بيكهيون على تجاوزي، أخشى الكثير.

بعد كل هذا الضنك في حياتي لا أجدني أستحق الموت عاقبة، ألا يحق لي أن أعيش بهناء؟!

تحسستُ بطني، لكنني سأمنح ابني حقه في الحياة، فهو يستحق أن يعيش، أنه من دم بيكهيون ودمي، وأنا لن أفرّط به إطلاقاً.

أعلم أنه لو علم بيكهيون أنني على دراية بالخطر الذي يعشعش فوق حياتي سيغضب مني، ولربما يقاطعني، ولو أن حملي في بدايته لجعلني أجهض.

لن ألومه مهما كان رد فعله لو علم، وأنا وبكل أسفي مُضطرّة أن أخبره بالحقيقة، لكن ليس الآن، الآن فليبقى سعيداً، لا أريد أن أقيم عليه الحُزن والقلق من الآن.

قعدتُ سريعاً على الأريكة وباشرت بمسح دموعي فور ما شعرتُ بالباب يُفتح، إنه الوحيد الذي يدخل بلا إستأذان، بالتأكيد أنه بيكهيون.

وقفتُ واستدرتُ إليه، فوجدته يقف متكئً على إحدى ساقيه دون الأخرى، يشرع أطراف سُترته عن صدره، وينظر لي بحاجبين معقودين.

لقد شعر ببأسي فكان عليّ تزييف إبتسامة في وجهه، خلع عنه سُترته ورمى بها قريباً مني قبل أن تحوي راحتيه وجهي.

رمقني بقلق واستفسر بنبرة ودود حنون.

" ما بكِ تبكين؟!"

نفيتُ ابتسم.

" لا أبكي، أنا فقط دخل غُبار في عينيّ"

عرّج حاجبيه يرمقني بشك، لكنني إحتفظت بإبتسامتي وشرعتُ بفك أزرار قميصه لأجله.

" أخبرني كريس أنك ستتأخر اليوم في العمل، لكن ها أنت تعود باكراً"

أومئ يزفر براحة بمجرد ما إن حررته من قميصه وقال.

" قمتُ بالأمور التي لا ينفع أن يقوم بها غيري، وتولى بقية العمل الفريق المختص"

همهمتُ وما إن بادرتُ بالإبتعاد عنه جذبني من قفا رأسي إليه وهمس.

" سآخذ حماماً دافئاً، ثم دعينا نتحدث عن أي سبب قد أبكاكِ"

تركني ودخل إلى دورة المياه لا ينتظر مني إجابة، بيكهيون هكذا، أنه مُصر وعنيد، كنتُ أنوي إخباره على آية حال، ما كنتُ سأخفي الأمر عنه.

أستيقظت جيني بمزاجٍ عكر بعد وهلة، ومهما حاولت تهدئتها لا ترضى، تبكي بلا توقف، عادة ما إن أضعها مع بيرل تهدأ، ثم يقضين الوقت بينهنّ وألعابهنّ.

لكن بيرل ليست هنا، حملتُها على ذراعي ثم جلستُ بها إلى الأريكة.

" حبيبتي إهدأي أرجوكِ!"

خرج بيكهيون وحملها عني يحاول تهدئتها، رويداً رويداً هدأت تسند رأسها على كتفه، وتشهق بخفة لكثرة ما بكت.

أخذ يربت على ظهرها بلطف، ويسير بها مجيئة وذهاباً.

" ما بها تبكي هكذا؟!"

" ربما تفتقد بيرل، لذا تبكي"

آتى وجلس بجانبي ثم أخذ ينظر لها وهي تستند برأسها على صدره.

" تريدين بيرل؟"

وهنا برمت الصغيرة شفتيها إستعداداً لنوبة بكاء جديدة، لكنه سرعان ما احتضنها يحاول تهدئتها مُسبقاً.

" لا تبكي حبيبة بابا، قليلاً وستأتي بيرل"

جيني مسكينة، أشعر نحوها بشيء من الألم، هي لا تعرف أمها الحقيقية وأنا أكره ذلك، أود لو أتحدث لبيكهيون بالأمر، لكنني أخشى رد فعله التي أضمن أنها لن تكون لطيفة.

لكنني بحاجة أن أتكلم، لأجل الطفلة ليس إلا، بيكهيون عليه أن يفكر بالمستقبل أيضاً، كيف سيواجه ابنته إن سألته عن أمها؟

تمسّكتُ بيد جيني وإزدرئتُ جوفي قبل أن أتحدث.

" ستذهب بيرل في كل أسبوع هكذا، وجيني ستقضي اليوم تشعر بالوحدة كما هي الآن"

أومئ متنهداً فاتبعت حذرة من أي رد.

" لِمَ لا تبعثها لأمها في هذا اليوم؟!"

سُرعان ما رمقني بإستهجان وغضب، عقد حاجبيه بأستياء شديد وقال.

" تريدي أن أبعث ابنتي لعا..."

وضعت يدي على شفتيه ونفيتُ برأسي.

" هي ذنبها أنها أحبتك وانتظرت منك شيء رغم أنك لم تعدها بشيء، هي ليست بهذا السوء"

أبعد يدي عن شفتيه ونهض يقول.

" الأفضل أن أخرج من هنا قبل أن ينشب بيننا شِجار"

لحقتُ به حتى أمسكتُ بذراعه، لكنه رفض أن يلتفت لي، ومنحني ظهره.

" بيكهيون، هي أُم، بحاجة طفلتها، وحتى جيني، بحاجتها، فكّر بالصغيرة، ماذا ستقول لها عندما تكبر وتسألك عنها؟! وحدك من ستلومه، وربما تكرهني أيضاً، أرجوك فكّر جيداً"

أفلتُّه بما أنه لا يرد علي فحمل الصغيرة وخرج، أخشى أنه فكّر بطريقة خاطئة، إنني أستثقل جيني ولا أتحملها، لكن لا، هي ابنتي كما بيرل، ولأجلها تحدثت.

في المساء دعتني السيدة هانمي إلى كوب قهوة قُرب بركة المياه فنزلت، للتو قد عادت بيرل، ولم أراها بعد، أنها بالأسفل مع بيكهيون وجيني، يلعبون معاً.

نزلتُ إليهم وسُرعان ما ركضت بيرل ناحيتي فقلّدتها جيني، احتضنتُ صغيراتي، ثم جلستُ إلى الكرسي والصغيرتين في حِجري، أخذتُ أُلاعبهنّ وبيكهيون جلس بجانبي يتجاهلني بينما يشرب قهوته بصمت.

من الجيد أنه نسيَّ أمر بكائي ولن يسألني عن السبب، لستُ جاهزة لأخباره، والأهم في ظل نقاشنا الحاد اليوم أنا لستُ جاهزة على الإطلاق.



............................



" طبيبة سُرى، ها هو ملف المريض كيم تايهيونغ"

فُزِعتُ من صوت الممرضة حينما نادتني من خلفي بلا أن يكون لخطواتها حِس أو أنني أنا كنتُ شاردة زيادة، خصوصاً أنني أقف مُتكئة على باب غرفة تايهيونغ، وأنا بالفعل أتلصص عليه.

أخذتُ من الممرضة الملف وصرفتُها، ثم عُدت أنظر إليه، بلا أن أشعر إبتسمت، إنه أبٌ لطيف، إنه من الأمس يُجهِّز لحضور ابنته اليوم، لم يراها مُذُّ زمن لذا حماسه عالٍ جداً تجاهها.

لقد اشترى فساتين كثيرة لأجلها، وحَلوى عبر الإنترنت، وحتى أن غرفته مليئة بالألعاب الأنثوية، وبعض الفرش أصبح وردي اللون بالفعل لأجلها.

الطفلة أصبحت تتعرف عليه سريعاً، فبمجرد أن حملتُها إليه ورأتُه صرخت ب" بابا" ذلك أسعده كثيراً، هذه الطفلة هي كل دعائمة، هي مصدر قوته ولأجلها يحارب نفسه.

لقد تحدث لي كثيراً عمّا هي بالنسبة إليه، قال الكثير، قال أنها كل ما يملك ولأجلها يستمر، أنه يريد أن يكون الأب الأفضل لها، وأن الهدف من حياته أن يوفر لها حياة رغيدة.

لكن ما بي أنا بحق؟! لا أدري.

لقد أقسمتُ ألا أُفكر بمرضايّ إلا كمرضى، وجب علي منحهم فرصة جديدة ليخوضوا حياة جديدة، لكن دون كل مرضاي، نظرتي له مُختلفة، لا أدري لماذا، أو كيف حدث ذلك، أو منذ متى بدأ، ولكنني أشعر بنفسي أتعلق به بكل مشاعري.

لا أدري كيف سأكون بعدما يخرج من هنا، لا أدري كيف سأستمر دون أن أراه كل يوم وأتحدث معه.

أدري أن لا مكان للنساء في قلبه، فجروحه عميقة، ولكن إن إستطبّت وشُفيَّت؛ ألن أجد لي مكاناً فيه؟!

أقسم أنني راضية عنه مهما كان صغيراً وضيقاً، سأوسع مكاني داخله لو قَبّل بي، أحتاج معه فرصة، أُثبت له فيها أن إمرأة قادرة أن تهبه كل حياتها، لا مشاعرها وحسب، وأنه يستحق أن يُحَب على غِرار معتقداته المغلوطة.

أدري لن يقبل، أنا أعلم...

تنهدتُ أكبتُ طور المشاعر وأخفيها داخلي، رتبتُ مظهري ثم طرقتُ الباب عليه، حينما سمعتُ صوته يسمح لي بالدخول دخلت.

قابلني بإبتسامة وخجلتُ إلا أن أفعل المِثل، تقدمتُ منه ومن ابنته ثم همست.

" هل أستطيع البقاء قليلاً؟!"

سُرعان ما أومئ وربّت على الحيز بجانبه يقول.

" بالطبع، تفضلي أيتها الطبيبة"

وذلك أشعرني بالحرج، خصوصاً أن جذعه يمسّ جذعي بعفويّة، أدري أنه لا يهتدي للأفكار التي تجول في عقلي، لذا علي أن أضبط نفسي.

حمل بيرل ووضعها على قدمه، ثم تحدث إليها بينما يشير إليّ.

" لؤلؤة بابا، انظري هذه الطبيبة التي تُسعاد بابا حتى يعود لكِ"

الصغيرة نظرت لي تجهل ما قال والدها، لكنها تفهم أنه تحدث عني، اتسعت عينيّ حينما مدّت يدها ناحيتي ونظرتُ إلى أبيها مدهوشة، فابتسم يقول.

" لقد علمتُها كيف تُصافح، أنها تريد أن تُصافحيها"

لم أكبح صدق مشاعري أن تظهر على شاكلة إبتسامة لأجلها، حملت يدها بين كفيّ وصافحتُها، ثم قبّلتُ يدها الصغيرة قبل أن ألوح لها.

" مرحباً يا صغيرة"

ضحكت بخفة، ثم نظرت إلى أبيها تنتظر منه أن يُشيد بها، وعندما ربّت على ظهرها وقبّل رأسها ضحكت تُقيم قامتها الصغيرة، أحاطت عنقه بذراعيها القصيرة واحتضنته.

يا إلهي! أكاد أموت للطافتها.

ضحك تايهيونغ يحتضنها، ثم خصّني بنظراته الودودة وهمس.

" شكراً لكِ"

بل شكراً لكَ أنت، لطالما كنتُ إمرأة عمليّة تعيش في قالب الطبيبة النفسية ولا تخرج منه إطلاقاً، شُكراً لأنك عرّفتني على سُرى أخرى تختبئ بداخلي، أو أنك أنت من أنجبتها بي، شكراً لكَ بحق.



...............................


إستغلت نانسي فرصة وجود عائلتها في الحديقة يتسامرون على أكواب القهوة، لذا نزلت بسرعة وخِفّة إلى المطبخ، لتتحدث إلى العاملة التي رأتها مع جونغداي قبل عِدة أيام بوضعٍ مُخِل هي ليست مُذنبة فيه، لكن قد تُفهَم على نحوٍ خاطئ.

بحثت عنها في المطبخ حتى وجدتها، ثم استدعتها لحديث خاص في ركن غير مكشوف للعيون، والعاملة إستجابت سريعاً بحكم شأن نانسي ومكانتها بالقصر.

" الذي رأيتِه ذلك اليوم فليبقى سِر بيننا، حسناً؟!"

توتّرت العاملة أمامها، فسُرعان ما تمسكت نانسي بيديها تقول.

" أرجوكِ لا تخبري أحد، أنا محبوسة منذ زمن طويل في القصر، ولتويّ إستعدتُ حُريتي، أخي هذه المرة سيقتلني دون أي تردد، أرجوكِ لا تتكلمي عمّا رأيته!"

وقبل أن تحصل على إجابة من العاملة؛ شهقت نانسي برعبة حالما سمعت صوت جونغداي آتٍ من خلفها.

" لقد سبقتكِ إليها ووعدتني أنها لن تتحدث بشيء"

إنحنت العاملة إليهما ثم غادرت، وللمرة الثانية يستفرد جونغداي بها، تقدم منها وإلتفتت إليه، عقدت ساعديها إلى صدرها ورمقتُه بإنزعاج، لكنه فاجئها بحديثه التالي.

" سأسافر غداً إلى الصين ولن أعود مجدداً، أي لن تريني ثانيةً، لذا كوني سعيدة"

لانت ملامحها رويداً رويداً بينما تستوعب ما قال ثم انقبضت من جديد، أرادت أن تتحدث ولكنها لا تدري ماذا ستقول، هذه الفوضى القائمة في داخلها لا تجد كلمات توصفها إطلاقاً، الفوضى التي نشبها بمحض ثانية زمنيّة فحسب.

تبسّم جونغداي لها، ثم رفع يده ليُربّت بها على رأسها قائلاً.

" لستُ آسفاً عمّا فعلت، لأن نواياي صادقة وأنا لم أحاول أن أتلاعب بكِ، الآن ستستعيدي حياتكِ السابقة، أتمنى لكِ السعادة"

ثم غادرها بهدوء كما لم يدخل حياتها، فهو لطالما كان صاخباً وهدوئه هذا لا يشبهه، وهذا ما حمل لها معنى واحد فحسب لا غير، إنه إستسلم بشأنها.

ونانسي لوهلة وقفت في مكانها تستوعب ما تسبب قوله بمشاعرها من فوضى، ثم انصرفت إلى غُرفتها حيث تستطيع أن تُفكِّر بعُمق.

لربما كان جونغداي صادقاً بمشاعره ناحيتها، والآن لا تُنكر أنها شعرت بوِد ناحيته رغم أنه على الدوام يُغضبها ويتحرش بها.

حقيقة أنه تمسّك بها رغم معرفته بماضيها كانت دافعاً لتفكر في أمره من جديد، هو لم يهتم لكل شيء وأرادها بصدق، لِمَ الآن تشعر بالذنب ناحيته؟!

وكيونغسو، إلى متى سيبقى عالقاً فيها؟! أو بالأحرى؛ إلى متى ستبقى هي مُعلّقة فيه؟! ألا تحتاج أن تقدم لنفسها هذه الفرصة؟! بلى تحتاج وبضراوة أيضاً.

هي بحاجة أن تتقدم بحياتها، لا ان تبقى عالقة خلف نُقطة في ماضيها، عليها أن تجعلها فاصلة، أو حتى هامش وتكتب حياتها من جديد.

العلاقة مع كيونغسو باتت مستحيلة بشتى الطُرق، هو لن يأتي إليها، وبيكهيون لن يقبل به إطلاقاً، كيونغسو تلاعب بها وبمشاعرها، بينما جونغداي، لطالما كان صادقاً معها فيما يتعلق بمشاعره معها، حتى بماضيه.

تشعر أنها على وشك أن تخسر فرصة عظيمة لها لتبدأ من جديد، تلك الفرصة الكامنة بجونغداي.

وهكذا قضت ليلتها حتى حلّ الصباح التالي، لم تنم على الإطلاق، استمرت واستمرت بالتفكير حتى قررت أنها ستقدم فرصة لجونغداي كي تنمو مشاعرها اتجاهه، ستتحدث إليه حتى لو وصلت متأخرة، ذلك خيرٌ من ألا تصل أبداً.

ذهبت إلى غرفته فوجدت بعض العاملات يوضِّبن أغراضه تحت إشرافه، أشارت إليه كي يأتيها فأستجاب، ثم استفردت به بشكل خاص.

" أريد أن أتحدث إليك"

سار معها حتى آخر الرِواق التي تركن به غُرفته، توقفت ثم زفرت أنفاسها تستجمع شجاعتها، ثم قالت بشيء من التردد.

" أما زِلت تملك مشاعر لصالحي؟!"

أومئ يعقد ذراعيه إلى صدره يُقلدها في لقائهما السابق، وذلك ما وتّرها أكثر، رغم ذلك تحدثت وقد غزى صوته حق الخجل.

" هل تأخرت جداً أن أقول بأنني أود أن أمنح مشاعري فرصة تجاهك؟!"

ارتفع حاجبه بإستهجان لبضع ثوان، ثم اقترب منها خطوة يقول.

" أحقاً ما تقولين؟!"

أومأت بحرج، وسُرعان ما احتضنها جونغداي مُحتفلاً.

" وأخيرًا"

أفلتها حينما ضربت كتفه، وتحدث بلهفة.

" الآن سأذهب لأتحدث مع بيكهيون، الآن الآن!"

تمسّكت بياقته تجتذبه لها سريعاً وقالت مدهوشة.

" أمجنون أنت؟! سيقتلك! جهّز حواراً على الأقل!"

تمسّك بكتفيها يدور بها سعيداً بما قالت وقال.

" حواري جاهز منذ زمن طويل، كنتُ انتظر موافقتكِ فحسب"

أفلتُّها عندما كمشت جفونها، وقد أصابها الدوار وقال.

" لو كنتُ أعلم بأن رحلتي إلى الصين ستجعلكِ تفكري بعرضي، لمنذُ زمن طويل فعلتها"

وبتهور وضع قُبلة على وجنتها جعلها تشهق وتنظر إن كانت عيون جديدة إلطقتهما، تمسّك بذقنها وجعلها تنظر إليه ثم همس، وذلك قبل أن يفرّ من أمامها راكضاً.

" أحبكِ!"

تحسست بيدها موضع قُبلته، وودت لو أنها تقتلع شفاهه من موضعها، لعله يتوقف عن تقبيلها بسفاهة ليسبب لها الإحراج هكذا، وعلناً كما لو أنه يريد أن يشهد المزيد من عُمال القصر على تطاوله.

وجونغداي بعفويّة وتسرّع بحت؛ بعث رسالة إلى بيكهيون محتواها.

" أنا أُحب أختك، زوجني أياها!"

ببراءة جونغداي توقع أن يأتي بيكهيون فوراً ليتحدث معه، لكن هذا لم يحدث إطلاقاً، بيكهيون قرأ الرسالة كما تبين لجونغداي، لكنه لم يرد، وهذا ما أشعره بالخوف، فهو لا يعلم أخاه في القانون كفاية.

بينما ينتظر رد من بيكهيون؛ وقف إلى شُرفة جناحه فوجد الحرس حول القصر كُثر، أكثر مما كانوا حتى صباح اليوم، وذلك ما جعله يزدرئ جوفه بخوف حقيقي، ربما بيكهيون عزز الحراسة كي لا يستطيع أن يهرب.

حلّ المساء ولم يصل رد من بيكهيون بعد، وجونغداي انتظر وحسب حتى شعر بأحدهم يطرق باب غرفته، توقع أنه بيكهيون لذا نفث أنفاسه يدعو نفسه للراحة ثم تقدم نحو الباب.

وما إن فتح الباب حتى أطل عليه كريس ببدلة رسمية وسمّاعة حول إحدى أُذنيه يخلفه عِدة رجال.

" الرئيس أمرني بجلبكَ إليه، لذا تفضل معي الآن"

وجونغداي يعلم أن لا مفر من بيكهيون الآن، لذا أومئ يزدرئ جوفه، ثم اقترب من كريس ببدن مرتجف، فذلك لا يمنعه من أن يظهر خوفه.

" هل أنا ذاهب للموت بقدمي؟!"

كريس حرّك كتفيه بلا مبالاة وقال.

" ربما"

حينها انتحب جونغداي بينما يسحبونه رجال كريس ويقيدون حركته.

" يا أمي!!"

صعد معهم في سيارة سوداء، هو في المنتصف بين رجلين عظيمي البُنية، في الأمام كريس وبجانبه السائق.

ومجدداً جونغداي عبّر عن مخاوفه.

" هو لن يقتلني، أليس كذلك؟!!"

كريس أشار بيده إلى إحدى الرجلين، وتجاهل سؤال جونغداي لا يمنحه إجابة، حينها رفع إحدى الرجلين قِماشة وعصب بها عينيّ جونغداي.

وجونغداي إلتزم الصمت، لكنه أصبح يبكي وينتحب كطفل صغير، كريس ضحك بالخفاء واكتفى بالصمت حتى وصل به وجهته، المستودع حيث أمر الرئيس بجلبه إليه.

نزل جونغداي من السيارة موَجَّهاً من الرجلين ومُقيّد كذا معصوب العينين.

أشار بيكهيون إلى رجاله أن يجلسوه على الكرسي الذي يقابله في مكتب المخزن ففعلوا، ثم أشار لهم بالإنصراف عدا كريس بقى واقفاً خلف جونغداي.

أشار بيكهيون إلى كريس أن يفك عصابة جونغداي وقيده ففعل، وبمجرد أن فتح جونغداي عينيه ورأى بيكهيون أمامه انتحب باكياً.

" كنتُ أعلم أنك إرهابي، ولكنني لم أدري أنك إلى هذا الحد إرهابي"

بيكهيون تجاهل كلامه، ووضع ساق فوق الأخرى يعقد أنامله ببعضها أمامه وقال.

" تُحب أختي وتريد أن أزوجك أياها، هل أنت متأكد الآن؟!"

وحينما ما تلقى إجابة من المُرتعد أمامه؛ مال بجذعه إلى الأمام يفرض هيمنته وهمس.

" وبعدما تأكدتَ أنك تريد الزواج من أخت الأرهابي، أما زِلت تُريدها؟!"

جونغداي تلقف بصره الموقع في حيرة، هو يعلم ما يريد ولكن لا يعلم ما ينبغي عليه أن يقول في ظل ظروف كهذه، يريد الإحتفاظ برأسه موصول بعُنقه أياً كانت الظروف.

بيكهيون استرخى بظهره على الكرسي وتحدث.

" جوابك سيحدد مصيرك"

طالعه جونغداي بفضول رغم رهبته، فاتبع الأخير.

" إن قلتَ أنك لا تريدها سأتركك تذهب ولن أمسّك بضُر، وإن قلت نعم فعليك أن تمر بأختبار يحدد مدى كفاءتك لحماية أختي ونيلها"

إبتسم بيكهيون واتبع هازئاً بينما يمرر بصره على هيئة جونغداي النحيفة.

" رغم أنني لا أراك كفؤاً، فأنت مجرد صبي لعوب"

نجح بيكهيون باستفزاز الشاب فقال جونغداي بضيق.

" تتحدث وكأنك تكبُرني بمائة عام، ما بيني وبينك سوى شهور تُعد على أصابع اليد الواحدة."

مالت شفتيّ بيكهيون تُشكل إبتسامة جذّابة رغم أنها لا تُشغر مساحة شفتيها كاملةً.

" العُمر لا يُقدَّر بعدد السنين بل بكم الخِبرات"

رمق جونغداي بعينيه الباسمة تلك وهمس.

" لذا أنا أملك نفساً هرِمة رغم شباب جسدي، وأنت مجرد طفل يلهو بالدُمى، لا تُقارني بك"

ثم بيكهيون إستقام من مجلسه، ووقف ليلتف حول جونغداي بينما كفيه في جيوب بنطاله وأطراف سُترته متراجعة عن خصره، فتظهر معالم صدره شاهقة العرض، والأهم يبرز ذاك السلاح المُعلق على خصره.

" والآن لنتحدث بما هو أهم، أتريد أختي أم لا؟!"

إستند بيكهيون براحتيه على أطراف الكرسي العلوية الذي يجلس جونغداي عليه، وانخفض بجذعه ناحية جونغداي ليهمهم منتظراً إجابة قُرب أذنه.

جونغداي أغمض عينيه ودعى في سِره، أن...

" يا إلهي أخرجني من هذا المكان حي وأعدكَ أنني لن أتلاعب بالفتيات مجدداً، سأعود إلى أمي وسأقبل أن تٌفجّر معدتي بأطعمتها سيئة الصُنع حتى أموت، ولن أتجاوز حد بطاقتي المصرفية نكايةً بأبي، وسأتوقف عن مُمازحة أختي وإثارة غضبها، وسأُدير المستشفى بأمانة ولن أهرب من العمل، ولن أغش في لعبة الشطرنج مع أبي!"

شهق جونغداي مرتعباً، وفتح عيناه على مصرعها حينما سمع صوت بيت النار يمتلئ بالرصاص قُرب أذنه، ثم صوت بيكهيون تسلل إلى سمعه بوتيرته المُرهِبة.

" هدوئكَ يستهلك صبري، وإن أُستهلِك صبري سيثور غضبي، وفي هذه الحالة؛ فقط الرصاص الذي سيخترق جمجمتك اللطيفة هو ما سيمتص غضبي، ما رأيك بالسيناريو؟! أعجبك؟!"

إنتحب جونغداي باكياً.

" جداً، أعجبني جداً أيها الأرهابي!"

صرخ برعبة حينما أصبحت فوهة المسدس محشورة في صِدغه، حينها صاح قائلاً.

" أريدها أريدها! أقسم أنني أحبها ولا أنوي التلاعب بها!"

إرتفع حاجب بيكهيون بإستهجان ثم ضحك، فجونغداي وعلى عكس توقعاته أختارها رغم أن حياته بجوارها محفوفة بالخطر.

" تتلاعب بأختي؟! أوتظن أنني أملك مخاوفاً في هذا الإتجاه ناحيتك؟!"

ربّت بيكهيون على كتف حونغداي بخشونة وتحدث.

" أنت لو فكرت مجرد تفكير بأن تتلاعب بأختي، سأجعلك غير قادر على..."

إزدرئ جونغداي جوفه وبيكهيون همس قُربه.

" سأقطعه لك عزيزي!"

انفجر جونغداي باكياً يصيح.

" يا أمي!!"

قهقه الرجال من حولهما وبيكهيون تبسّم خفيّة، ولكن رحمةً بهذا الصغير قرر الإكتفاء إلى هذا الحد، رغم الخوف الذي يتلبسه من رأسه إلى أخمصه، إستطاع جونغداي أن يثبت له صدق مشاعره، إنه شُجاع بإعترافه هذا وإصراره على إرادته، لذا هو يستحق أخته.

أشار إلى كريس أن يحرره ثم أشار لجونغداي أن يتبعه، فنهض الأخير بساقين من هُلام وتبعه ببطئ.

صعد بيكهيون سيارته الرياضية، وأشار لجونغداي أن يصعد بجانبه، فصعد ببعض المخاوف، وبعدما تحركت السيارة أفشى عن مخاوفه.

" هل سترميني من فوق حافة سفح؟ أم سترميني في نهر الهان؟"

برم بيكهيون شفتيه وقال.

" أفكار جيدة، لكن مع الأسف أنا عائد بك إلى القصر، لذا إلزم الصمت حتى نصل وإلى رميتكَ بالنهر، ستكون وجبة دسمة للأسماك"

جونغداي إلتزم بالصمت حِفاظاً على حياته، ما إن وصل بيكهيون القصر به حتى ترجل جونغداي سريعاً، وهرب إلى الداخل يستنجد بالسيدة هانمي بكل قدرات صوته المُذهلة على الصُراخ.

تبعه بيكهيون إلى الداخل بخطوات رزان وهادئة تنم عن هدوء أعصابه، وما إن دخل بيكهيون صالة الجلوس حتى احتمى جونغداي بظهر السيدة التي لا تفهم شيئاً مما يحدث، حينها بيكهيون علق هازئاً.

" طفل! لو أردت قتلك لقتلتُك هناك"

ثم بيكهيون اتبع يأمر بحزم وغلظة بينما يُشهر بسبابته إلى جونغداي.

" قِف بإعتدال واخرج من خلف ظهرها! لا أدري أختي الحمقاء لماذا دوماً تقع للحمقى!"

توجه بسؤاله لأمه التي استنفرت خوفاً على ابنتها.

" أين نانسي؟!"

أجابته والدته بصوتٍ مهزوز.

" إنها في جناحها"

أومئ بيكهيون، ثم حمل نفسه صعوداً إلى السُلم وأجاب سؤال أمه اللاحق.

" بيكهيون، هل فعلت نانسي شيء؟!"

" فعلت واختارت هذا المغفل الذي يختبئ بظهرك، لكن لا تخشي عليها، لستُ بمزاجٍ عنيف"

تمسّك جونغداي بكتفيّ السيدة هانمي وقال.

" إن كان كل ما فعله بي وهو ليس بمزاج عنيف، كيف يكون بمزاج عنيف؟!"

تنهدت السيدة وإلتفتت له تقول.

" أظن أنك تعجبه، لذا عُدت بلا إعاقة بدنية"

ربتت على كتفه بإبتسامة لطيفة ثم انسحبت، حينها من الذهول جونغداي هتف.

" جميعكم إرهابيين، جميعكم بلا إستثناء!"

وعندما رأى جيني وبيرل معاً يتمسكن بإحدى العاملات قال.

" حتى أنتن إرهابيات! طفلات إرهابيات!"

جيني وبيرل كشرن بإنزعاج وكلتاهما هتفنّ معاً.

" بابا!"

حينها جونغداي هرب بقدمين تُسابق الرياح.

...........

أما خلال دقائق سابقة، فحينما صعد بيكهيون السُلم نحو جناح أخته، طرق الباب قبل أن يلج منه، وذلك لأنه سمع صوت صُراخ ابنتيه في الداخل، يصرُخن بمرح.

سُرعان ما إبتسم عندما وجدهنّ يتسلّقن عمتهنّ المُنهكة أرضاً، ويضحكن على شعرها الذي سببنّ به شعوثاً وبعثرة جعلتها تبدو فظيعة المظهر.

ضحك بيكهيون بخفة يحمل جيني عن ظهر نانسي، ورفعها على ذراعه يقبل وجنتها، وعندما شعرت بيرل بالغيرة نحو أختها؛ نهضت عن عمتها واقتربت من أبيها تمد ذراعيها نحوه كي يحملها.

" بابا... وأنا"

قهقه بيكهيون يحمل صغيرته الأخرى عن الأرض، ثم قبّل وجنتها يقول.

" أهذا ما تفعلنّه بعمتكنّ؟! فتيات سيئات"

كِلتا الفتاتان نزلن عن حُضنه مستاءات من توبيخه، ثم خرجن برفقة العاملة يقلن.

" بابا سيء... نانا سيئة"

قهقه بيكهيون ومدّ يده لنانسي كي تنهض، تمسّكت بيده بحرج ونهضت ترتب شعرها.

" مهما لعبت معهنّ دوماً ما أخرج خاسرة هكذا"

تبسّمت بتوتر عندما وضع أصابعه أسفل ذقنها كي تنظر إليه، مسح على شعرها وقال بنبرٍ هادئ.

" أريد أن أتحدث معكِ، وأظنكِ تعلمين ما أقصد"

إلتزمت الصمت وبدى على ملامحها التوتر، لكنه أفلتها ثم تحرك ليجلس على إحدى آرائكها وقال.

" تعالي اجلسي بجانبي"

أغمضت عيناها تزفر نفساً عميقاً ثم تقدمت إليه، جلست حيث ربّت على الرُقعة التي تجاوره، أمسك بيدها بيده فورما جلست محاولة منه أن يخفف على نفسها الحِمل والخوف منه.

" جونغداي"

إشتدت يدها تمسكاً بها فاتبع.

" أتحبينه بحق؟!"

إستجمعت قِواها، نظرت في عينيه ثم همست.

" ليس حباً أخي، سأكون صريحة معك"

أومئ بيكهيون، فهذا بالفعل ما يريده.

" جونغداي ودوداً معي وأثبت صدقه ناحيتي حينما تحدث إليك، لقد ظننته يتلاعب بي، كنت خائفة ولكنه عندما أعلن مشاعره لك صدّقتُه، أنه يحاول إقناعي بمشاعره مُذُّ أن أتى، ومهما هددته بك لم ينتهي عني، أنه يعلم كل شيء ومع ذلك يريدني"

" مشاعري نحوه ليست حُباً، ما زال باكراً أن أنسبها للحب، أشعر ناحيته بود ربما ينمو مع الأيام ليصبح شعوراً أعمق، لقد رضيتُ به لأنني أرى أنه قادر على أن يجعلني أتجاوز الماضي وأبدأ من جديد"

إمتلأت عيناها بالدموع، ثم هطلت مدامعها حينما احتضن بيكهيون وجنتها براحته، إبتسمت بألم واتبعت.

" أنا لم أستطع أن أتجاوز مشاعري ناحية كيونغسو إلا حينما جونغداي أخبرني أنه راحل وسيتركني لأنه استسلم لكثرة ما صددتُه عني"

رفعت عيناها إلى أخيها واتبعت.

" أشعر أن جونغداي الوحيد القادر على إخراجي من قوقعة مشاعري التي تخص كيونغسو، لذا أمنحه وأمنح نفسي هذه الفرصة"

" لذا؛ هلّا سمحت لي يا أخي بأن أغتنم هذه الفرصة؟!"

إجتذبها من قِفا رأسها ليحتضنها إلى صدره، أخذ يُربّت على ظهرها حينما شرعت تبكي بحسيس، مرر أنامله بين خُصلاتها ثم وضع قُبلة فوق رأسها يقول.

" صغيرتي أصبحت ناضجة"

وذلك كان كافياً لتموج مشاعر نانسي، فبيكهيون لم يسبق له أن كان معها بكل هذا الوِد والحب، لقد جهلته كثيراً، ظنّت أن السنون غيّرته وبدّلت فيه ما بدّلت، لكن لا، هو ما زال هو، أخوها بمرتبة أب.

رفعت ذراعيها تُحيط عُنقه واندست في حُضنه تعانقه، بينما تهمس باكية.

" أنا أحبك جداً، أنت أثمن ما أملك، أنت كل شيء، أُحبكَ كثيراً"

رفع رأسها عن صدره وهمس باسماً.

" إذن هل أخبر هذا اللعوب أن يأتي بعائلته لخِطبتكِ رسمياً، أم تريدين مواعدته أولاً؟!"

أخفضت عنه وجهها بحرج شديد ثم همست بنبرة خافتة.

" ألا بأس لو تواعدنا أولاً؟!"

ضحك بخفة وأخذ بأصابعه الخمس يثير فوضى في شعرها قائلاً.

" نعم يمكنك"

إرتمت على حضنه مجدداً حينها تفاخر.

" اوه! يبدو أن صدري العريض أعجبكِ كوسادة"

ضحكت بخفّة تومئ.

" أنت دافئ حنون وطيّب رغم أن هذا لا يظهر عليك"

رفع حاجبه مُغترّاً وبسط ذراعيه.

" بالطبع، فأنا بيون بيكهيون"

...............

في المساء؛ وبعدما عاد بيكهيون إلى جناحه وجد صغيراته نائمات وأمهنّ في دورة المياه تستحم، لذا تقدم من الشُرفة واتصل بكريس.

" كل شيء جاهز؟!"

" نعم سيدي"

همهم بيكهيون ثم قال.

" إذن جهّز لنا الأمور كلها، سننطلق في صباح الغد"

أغلق بيكهيون الهاتف حينما شعر بذراعيّ جويل تلتف حول خصره، ثم ببطنها توخزه قبل أن تُريح رأسها على ظهره.

" بيكهيون، هل أنت ذاهب لمكانٍ ما؟!"

همهم ثم إلتفت لها قائلاً.

" نعم، لذا جهّزي ثياباً لنا، سنذهب أنا وأنتِ وأطفالنا في عُطلة"

عانقته بحماسة إذ جعلته يضحك وهتفت.

" أحبك أحبك أحبك!"

ضحك بخفة بينما هي تجري أمامه لتبدأ تحضير أغراضهم، لكنه سرعان ما صاح بها غاضباً.

" لا تركضي، ستقلبي معدة الطفل!"

ضحكت جويل، لقد ركضت عن عمد حتى يقول ذلك، معتقداته الغبيّة ما زالت ثابتة.

في الصباح، وبينما بيكهيون ينتظر أن تنتهي جويل من تجهيز نفسها وأطفالها وقف مع كريس، وكانت فرصة سانحة لبيكهيون أن يُدلي بأفكاره لرجُله.

" لقد رأيتك ذاك اليوم مع تلك الطفلة قُرب حوض الماء"

كريس لذهوله تلفّت حوله يبحث مع من يتحدث الرئيس ثم أشار إلى نفسه مدهوشاً، حينها بيكهيون ربّت على كتفه بخشونة يقول.

" لا تُمثل دور البريء، لقد رأيتُكَ بعينيّ تُقبّلُها"

كريس إزدرئ جوفه ثم إنحنى معتذراً، ثم لم يجرؤ أن يرفع عينيه إلى عينيّ بيكهيون لكثرة ما يشعر بالحرج.

ربّت بيكهيون على كتفه مجدداً دفعاً للحرج، وهمس له بنبرة لعوب، يسمعها كريس للمرة الأولى من رئيسه.

" هل أخطبها لك؟"

شهق كريس مذهولاً، وبيكهيون إستقام يعقد ساعديه إلى صدره بينما يرمق كريس بإبتسامة مائلة.

" سيدي، نحن...، أقصد نعم، إن أمكنك؟!"

تبسّم بيكهيون بسرور ثم عانق بذراعه كتفيّ كريس الذي انحنى لقامة رئيسه ثم قال.

" إذن حالما نعود دعنا نذهب إليهم، حضّر كل شيء حتى عودتي"

أومئ كريس وأخيراً بانت على شفتيه إبتسامة، كريس وبخالص معرفته برئيسه لم يتوقع منه أن يقوم بفعل شيء كهذا لأجله، خصوصاً أن كريس لا يملك أحداً هنا، فهو صيني الأصل ولا يملك أحد هناك حتى.

لذا كان مُحرجاً بأن يذهب وحده لأخيها، ويطلبه الزواج منها بينما هو لا يملك أحد، لكنه كان مُخطئ، عائلة بيون كُلها عائلته، والأيام ستثبت له المزيد.

خرجت جويل أخيراً تتمسك بيدي جيني وبيرل وتُسايرهن في مشيتهنّ البطيئة، إقترب بيكهيون وحمل الطفلة تلو الأخرى، ليضعهن في مقاعدهن الخاصة بسيارته، ثم صعد الزوجين وتحرك بيكهيون بالسيارة.

جويل إلتفتت خلفها ترى إن كان أحد من حرس بيكهيون يتبعهم لكن لا أحد، لذا إلتفتت إليه تتسآل.

" بيكهيون، إلى أين ستأخذنا؟!"

نا: أداة للجمع تُفيد أنه أصبح يملك عائلة، وإن رحلته السابقة إلى ذاك المكان لن تكون كهذه، فهذه المرة هو رجل سعيد بأسرته التي ما فتئت تتسع.

" إلى مزرعة أمي"

فذكرياتهم السابقة بها لم تكن ودودة على الإطلاق، ففي المرة الأولى التي ذهبت بها إلى هناك تزوجها رغماً عنها، وفي الثانية هرب بها من هناك، أما هذه المرة فيرجو بها خيراً.

جويل فهمت أسبابه دون أن يُفصح عنها لها حتى وذلك جعلها تبتسم، تمسكت بيده التي تستريح قُربها وهمست.

" هذه المرة، سأحرص أن نكون سعيدين معاً"

....................................


حبيابي😭💔


سلااااااام♥️

رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير♥️

ميرسي خجول من الحديث معكم جميعاً، صارت بعض الظروف الي منعتني أكتب لفترة طويلة، غير حبسة الكاتب الي بتصيبني كثير بهالفترة.

طبعاً التحديث في رمضان ح يكون بمعدل ثلاث أيام، يعني تقريباً كل ثلاثة أيام في فصل، ما رح يخلص الشهر الكريم وإلا الرواية خالصة، إلا ضل بالفعل قليل جداً.

حتى ذلك الحين كونوا بخير...♥️

الفصل القادم بعد 400 فوت و 1000 كومنت.

١. رأيكم ببيكهيون؟! ردة فعله عن كلام حويل بخصوص جوي؟ عمايله بجونغداي؟ وكلامه مع نانسي؟!

٢.رأيكم بجويل؟ ماذا سيكون مصيرها؟ هل ستنجو؟!

٣.رأيكن بتايهيونغ والتحسن في حالته؟ هل سيقبل أن يمنح سرى فرصة؟ توقعاتكم حول علاقتهما؟!

٤.رأيكم بجونغداي؟ جرائته بببعث الرسالة؟ ثم رد فعله لاحقاً؟!

٥. رأيكم بكريس؟ ردة فعله ع كلام بيك؟ ماذا سيحدث بشأنه؟ وكيف ستثبت الأيام له أنه يملك عائلة بالفعل؟

٦.رأيكم بالفصل ككل و توقعاتكم للقادم؟!

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️


© Mercy Ariana Park,
книга «حاقد عاشق|| The Love Odessy».
CH92|| البطل الأبديّ
Коментарі