CH83|| حوافز
" الحرب الأخيرة: المعركة الثانية: الحوافز"
عيناي أخيراً أبصرت النور، لكن كل أركاني الأخرى في العتمة عائمة.
ابنتي...!
لربما أنا رجلٌ قوي عينيه لا تدمع، قلبه حجر و صدره من حديد، لكن هذه الصغيرة إبنة قلبي، إنها قطعة من روحي، ليست فقط تحمل دمي، و قطعة من لحمي.
إنها أثمن مني إليّ، أنها ملاكي الجميل، في أشد أوقات حياتي بؤساً و يأساً هي ظهرت و منحتني سبباً لأعيش، لذلك أسميتها جيني.
لأنها الأمل الذي أعيش لأجله...
لكن فُقدانها ما كان بحساباتي، أو أنه ما راودني أن بطش تايهيونغ قد يصل لإبنتي، الآن خسرتُ السبب الذي قاومت لأجله، خسرتُ جيني، فلا أحد يستطيع أن يعوضني.
تلك الحرب، التي ما أدركت أبعادها و ضراوتها مسبقاً، لقد خسرتها بالفعل، لكن الحرب القادمة لن أخسرها، سأحرص أن تكون الحرب الأخيرة، فأني إما قاتل أو مقتول.
و إني لا أبالغ، أنا ذاهب لقتله و لن يوقفني عنه سوى مَقتلي، لذا هذه هي الحرب الأخيرة في هذه الحكاية.
لقد سبق و خسرت ما قد يجعلني أتوقف لهذا الحد من العراك، لكن بخسارتي لابنتي فأنني لا أملك شيئاً من بعدها أخسره، لا شيء و لا حتى جويل.
فابنتي و ابنتي و ابنتي ثم جويل... و هذا قطعيّ!
لذا معركتي هي بلا حدود...!
" هل أنت بخير الآن يا بُني؟!"
كنتُ أعلم أنه من سينقذني، كنت أعلم أنني لو سلمتُ روحي للموت هو سيتمسك بها، و الآن إنني لا أستغرب وجودي بمقرٍّ يخصه، أنا تحت رعاية أب دمي من جديد.
آتى و جلس على طرف السرير الذي أنام عليه، ثم مدّ بيده إلى وجهي، لكنني أشحتُ عنه أبتعد عن متناوله، رغم أنني أصبحتُ أباً لكنني لا أستطيع أن أُغير من مشاعري نحوه.
هو السبب بكل شيء منذ البداية، لو أنه إكتفى بتطليق أمي أو إحتضانها و نسيان كل ما حدث، لو أنه فقط إبتعد بصمت، لو أنه فعل أي شيء إلا ما فعله، لما أصبحتُ أنا اليوم بيكهيون الذي أنا عليه.
يصعب علي مسامحته لأنه من زرع برأسي فكرة الإنتقام، و أنه علي أن أرد أفعال الناس ضدي الضعف، فإن إعتدوا على أمي أعتديت على ابنتهم و دمرت حياتها للأبد.
لن أسامحه، فهو له اليد الأولى بمقتل ابنتي، هو من حرضني لأفعل كل ما فعلت، لن أسامحه مهما حييت.
" بُني، لقد سمعت بعض الأخبار عن زوجتك"
لم أحرك طَرفة عين، أخبار جويل تهمني، و لكنني لا أضمن صحة الأخبار ما دامت على لسانه.
" إن كيم تايهيونغ يحتجزها و يُقال أنهما يعيشان حياة زوجية طبيعية، لا أدري إن كانت راضية أم لا، لكن بُني لا تستغرب كثيراً إن رأيتها حامل منه مجدداً"
نظرتُ له، أُهنيه يجيد إستفزازي، لكنه بالتأكيد لم يتوقع ما سأقوله الآن.
" و إن حدث؟ و إن وجدتها حامل منه؟ و ماذا لو إكتشفت أنه إعتدى عليها؟ ماذا سيحدث؟"
نظرتُ في عينيه اللتين رمقنني بغرابة، لكنه استعجب أكثر عندما قبضتُ بأصابعي على تلابيب قميصه.
" أنا لن أفعل بها ما فعلته أنت بأمي، لأنني أعلم أنها تحبني و لن تخونيني، أدرك أنه إعتدى عليها، لم تسلمه نفسها بإرادتها، سأحتضنها و انسى الماضي"
رغم أن الكلام ليس نابع من قلبي، و لا أظن أنني أقدر على فعل ذلك، لو حدث و اعتدى على جويل أنا لا أستطيع المُضي قُدماً و كأن شيئاً لم يحدث، لكنني لن أُحمّلها الذنب و كفى.
أفلتّه فتحمحم ينظم إنكماش ثيابه و تجعدها، و أنا عدتُ ببصري إلا حيث كان، الحائط قِبالتي.
" أريد الخروج من هنا و العودة إلى عائلتي، و لا تحاول أن تمنعني، فلقد إنتهت مهمتك إلى هنا"
رفعتُ عن جسدي ذاك الغطاء الخفيف ثم تقدمت لأرتدي إحدى البدل التي قد جهزها لي، صدري يلفّه ضماد ثقيل و جُرحي غائر، أستطيع الشعور به، عميق حتى عِظامي، لكن إصابة أخرى هي عميقة حتى صميم قلبي، إصابتي بابنتي، تؤلم أكثر من ألف رصاصة.
خرجتُ من تلك الغرفة، و فعلاً كما توقعت وجدتُ أن تلك الغرفة تقع في آخر رِواق يؤنس عتمته أضواء خفيفية يتوزع بينها رجال كُثر ذوي بُنيات جسدية، يتجاوز عددهم العشرون حتى نهاية الرِواق.
سِرتُ في الرواق، ثم أمرت أحدهم أن يدلني على طريق الخروج من هذه المتاهة، لم أدرك أنه يتبعني حتى أصبحتُ خارجاً، ناولني هاتفي ثم قال.
" سأفعل ما تشاء، لكن أقبل هذه السيارة أن توصلك للقصر، لإطمئن على حالك يا بُني"
أومأت، ليس لأنني أرفق به، بل لأنني أحتاجه الآن، صعدتُ في سيارته، و أمرتُ سائقه أن يقود بي إلى قصري.
الحاقد عاد من جديد، انتظر ما أنا فاعلٌ بك كيم تايهيونغ...!
....................
أما في القصر، فعادت الحياة فيه أشبه ما تكون كالسّابق، ولّى كريس حرساً جُدد للقصر و زوده بأنظمة أمان فائقة، كما أن طاقم القصر قد نقص عدده، فمنهم من قدم إستقالته و منهم من بقي في مكانه.
أما نانسي فهي أكثر من يعاني من الحياة في القصر جديداً، ذاك لأن دي او أصبح حُراً يتردد بكثرة إلى القصر، و يجتمع بكريس في أغلب الأوقات و في بعضها بهيون جونغ، و قليلاً ما يجالس العائلة بأكملها.
لكنه كلما دخل القصر و اجتمع بأيٍ كان تراه، ليس من قبيل الصدفة بل من قبيل الحب، و ها هي اليوم تقف إلى شُرفتها و تنظر إليه يقف مع كريس في الحديقة.
لا تدري بما يتحدثان بالضبط لكنه بالتأكيد بشأن بيكهيون و عائلته المفقودة، تكتفي بالنظر إليه من بعيد و مراقبته، إنه يقبض حاجبيه و يديه في بنطاله يتكئ على قدمٍ دون الأخرى.
إبتسمت، رغم أن لا شيء مميز بوقفته، لكنه كله في عينيها مميز، هي ما زالت تحبه و تلك حقيقة إقتنعت بها، يشهد قلبها أنها حاولت إنتزاعه منه، لكنها لم تقدر عليه، فأنه يتمسك بقلبها و شرايينه أجمع.
ربما أنها تعلم أن ما تفعله خطأ، و أنها بمراقبته لن تساعد نفسها على التخلص منه، تعلم أن مصيرها لرجل آخر، لكنها لا تستطيع أن تخرجه منها.
و نانسي كانت سيئة الحظ عندما رأتها والدتها تراقبه، فاقتربت من خلفها السيدة هانمي دون أن تشعر الصبيّة تنظر إلى ما تنظر إليه إبنتها.
و عندما رأت دي او تنهدت السيدة تعقد ذراعيها إلى صدرها قائلة.
" ما زلتِ تحبينه رغم أنه لا يريدك؟"
نشزت الفتاة بكتفيها، و شهقت مرتعبة؛ قبل أن تلتفت لأمها، التي تقف خلفها و يدها إلى صدرها.
" أمي أخفتِني!"
إرتفع حاجب السيدة عن موضعه تستنكر تصرف الصغيرة، فإذ هي تنكس رأسها و تتنهد قائلة.
" بما أنكِ كنتِ قادرة على تفهم مشاعر بيكهيون، حُريٌّ بكِ أن تتفهميني"
تنهدت السيدة و تقدمت من إبنتها، ثم إجتذبتها من كتفيها كي تجلس على الكنبة بجوارها، رفعت شعرها إلى خلف أذنها، ثم تحسست وجنتها برفق تقول.
" لكنكِ لستِ بيكهيون، أنتِ لا تستطيعي أن تجبري دي او على تقبلك، و لو أنكِ قادرة على ذلك لوقفتُ بوجهكِ، فأنني لا أريد لكِ مصيراً كمصير أخيكِ، ثم هو لا يحبك و لا يريدك، و لقد تحدث بذلك علناً"
أخفضت الفتاة وجهها حينما شعرت بدموعها تقف على طلائع عينيها، فما قالته أمها هي الحقيقة بعينها، الحقيقة التي لا ترضى بها، ضمتها السيدة إلى صدرها و اتبعت.
" الحب لا يكون دوماً متبادل، و لا تكون دوماً خيارات قلبكِ صحيحة، فالقلب يختار من ينجذب له بحماقة دون أي ترتيبات أو شروط، أنتِ ليس عليكِ أن تستمعي لقلبكِ دوماً، فهو يخطئ في بعض الأحيان"
أخذت تبكي نانسي، و جاهرت بدموعها و حرقة قلبها، فكان دور السيدة أن تضمها إلى صدرها، و تربت على ابنتها كي تخفف عنها.
" أنتِ لستِ مُجبرة أن تتزوجي جين، لكنكِ لا تقدري أن تجبري كيونغسو عليكِ"
و السيدة هانمي بعد ذلك ما بخلت على ابنتها بحُضنها حتى هدأت الأخيرة فقالت.
" و الآن صغيرتي الجميلة، انهضي و اغسلي وجهك، ثم اتبعيني إلى الأسفل، عليكِ أن تأكلي"
أومأت نانسي و نهضت تستجيب إلى أمها التي تنهدت محزونة ثم خرجت لأجل طعام العشاء، كانوا الجميع على الطاولة، و رغم أن التوتر يسيطر على جو بعض الجهات إلا أنهم تناولوا طعامهم بأعتيادية.
السيدة هانمي، نانسي، هيون جونغ و عائلته، أيضاً كريس الذي أصبح ينضم حديثاً إلى الطاولة بأمر السيدة هانمي، و دي او ضيف العائلة.
كان كل شيء يسير على ما يُرام حتى سمعوا فوضى بين الحرس قادمة من الخارج، سُرعان ما وقف الرجال الثلاثة بأسلحتهم، و لكن قبل أن يأتوا بحركة فُتِح الباب، و دخل منه رجل بخصل رمادية و بدلة سوداء.
" بيكهيون!"
كانت تلك صرخة الوالدة، و نانسي سريعاً ما ركضت إليه تضمه بقوة و تبكي، بيكهيون إحتضن شقيقته إلى صدره برفق، و راح يمسح على شعرها، و يهمس يحاول تهدئتها.
" لا تبكي صغيرتي، أنا بخير، لا تبكي"
طبع على رأسها قُبلة، ثم إنحنى ليلتقط صغيرة أخيه التي تتعلق بساقه و تبكي، حملها يحتضنها هي الأخرى و بذراعه الثانية إحتضن والدته.
في الشوق و الحنان؛ النساء دوماً أولاً.
ثم ضمّه هيون جونغ و راح يربت على ظهره يقول.
" حمداً لله على سلامتك، لقد بلغنا اليأس و نحن نبحث عنك!"
إبتعد هيون جونغ، و ظهرت من خلفه زوجته تبكي فصافحها بيكهيون و ربتّ على يدها برفق، ثم كان كريس يقف رأسه مُنكَس، و لم يتقدم من رئيسه إطلاقاً، فكان بيكهيون من تقدم إليه قائلاً.
" أنا واثق أنك قمتَ بدورك على أكمل وجه، ما حدث لابنتي ليس ذنبك"
ركع كريس على ركبتيه أمام رئيسه يقول.
" لا يا سيدي، أنا ما حفظتُ عائلتك، كنتُ جباناً، أستحق أن تقتلني!"
إنحنى بيكهيون بخفة يرفعه من كتفيه قائلاً.
" انهض و لا تتعبني يا رجل، في صدري جُرح غائر"
سُرعان ما وقف كريس ينحني له معتذراً، لكن بيكهيون اجتذبه من يده، و عانقه ليربت على ظهره قائلاً.
" أحسنت عملاً يا كريس، تجهز لمهمتنا الأخيرة"
و ما أنهى قوله حتى وقع بصره على دي او، الذي أنهى طبقه بينما ينتظر دوره على بيكهيون، لا ينكر أنه كان خائفاً من أن الموت قد يخطف زوج أخته العزيز، لكنه كان جائعاً.
" ماذا تفعل أنت هنا؟!"
كان الغضب قد بدأ يتسلل إلى نفس بيكهيون، لكن دي او هنا مسح شفتيه بالمنديل، ثم نهض عن طاولة الطعام يقول.
" ألا ترى؟ أتناول الطعام"
تقدم منهم ثم تحدث إلى السيدة هانمي يقول.
" لقد كانت وجبة شهية، لكنني أفضل شرائح اللحم كاملة الإستواء"
و هنا بيكهيون ما عاد يتحمل إستفزاز دي او له، فانقض على تلابيب قميصه يضغط على نحره يحاول خنقه، يصيح به.
" كيف تدخل أنت قصري بلا علمي؟ أتدري ما أنت واقع فيه الآن؟"
حاول دي او أن يفك نفسه من قبضة بيكهيون، و لكنه لم يقدر إلا عندما تدخل كريس و هيون جونغ.
" سيدي فلتهدأ من فضلك، لقد عمل دي او معنا منذ البداية، أنه بصفنا و لقد أثبت ولائه!"
بيكهيون بعدما تنفس بحدة؛ نظر إلى كريس يسخر من اللقب، الذي أطلقه للتو.
" أقلت دي او؟!"
هيون جونغ أمسك بعضد أخيه، و اجتذبه رغماً عنه إلى الداخل حتى جلس على الاريكة يقول.
" أخي، الآن دي او بصفنا، نحن علينا أن نتعاضد لأجل أن نُحصِّل كل ما فقدناه"
بيكهيون ضحك عمّا قاله أخيه، ثم خبئ وجهه بين كفيه حينما شعر بالشجن، الشجن الذي يسبق البكاء، شجن يشبه ألم تلك الرصاصة التي في صدره، بل أكثر إيلاماً.
مسح وجهه بكفيه بخشونة يمسح دموعه، ثم نظر إلى أخيه بوجهٍ قد إحمرّ حزناً، لكنه بدا يتحمل ألمه، أو أنه على الأقل يحاول.
" ما الذي سترده لي؟ ابنتي التي ماتت؟ صغيرتي جيني قتلها، فماذا سترد لي منها؟!"
ثلاثتهم نظروا في بعضهم بلا فهم، ثم دي او وقف يقول مستهجناً.
" ماذا تقول أنت؟ لقد رأيتُ ابنتكَ البارحة تلعب في حديقة قصره!"
وقف بيكهيون لا يصدق ما يسمعه و أخذ قلبه ينبض بجنون، ذلك قبل أن يقول.
" أتسمع أيُ هراء تقوله أنت؟ لقد أخبرني أنه قتلها!"
و دي او استنكر.
" و أنت صدقته؟ تايهيونغ لا يقدر أن يقتل طفلة"
بيكهيون أمسك بقميصه بقبضة مرتجفة و قال مرتعشاً.
" واثق مِما تقول؟!"
أومئ دي او يقول.
" نعم، أنا واثق!"
بيكهيون أفلته يرفع شعره بيده و الأخرى إلى خصره بينما هو يتلفت حوله و حول مكانه، الجميع كان ينظر له بدهشة، فحالته يصعب شرحها.
وجهه أحمر لكثرة ما كبت من دموع كذا عينيه، عروق عنقه تنبض بالحياة ببروز من أسفل جِلده، كما أنه يرتعش بشدة كما لو أنه بالجليد موضوع، لكنه رغم ذلك يبتسم.
فجأة أمسك بكتفي والدته يدور بها بخشونة، و يقول بلا تصديق.
" أمي جيني ما زالت حيّة! ابنتي بخير!"
أومأت له و هي تبكي ثم ضمته بقوة، الأب الشاب أخفى وجهه في كتف والدته، و حتى برئ من دموعه و إنفعاله؛ رفع رأسه يمسح على وجهه بكفيه و تحدث إلى دي او.
" شكراً لك يا رجل!"
دي او أومئ ثم إبتسم، ما كان يظن أن لبيكهيون عاطفة أبوية قوية تجعله ينهار بثانية و بظرف ثانية أخرى يبني نفسه من جديد.
لقد صدقت جويل عندما أخبرته أنه تغير، ليست جويل وحدها من غيّرته، إبنته الرضيعة أيضاً.
فجأة؛ راوده الندم، ماذا لو بقي إبنه الذي كادت تلده نانسي له؟
لكان الآن بعمر جيني و بيرل، يملئ عليه حياته و يغيره للأفضل كما حدث لبيكهيون.
نظر إلى نانسي، لكنها الآن مشغولة عنه بأخيها و لجّة عودته.
بيكهيون تحدث فجأة يقول.
" و أين بيرل؟"
كريس إنحنى برأسه فور أن نظر إليه بيكهيون، كذلك فعل البقية، لذا بعد تنهيدة قرر هيون جونغ أن يخبره بما حدث في غيابه.
" في الحقيقة، تايهيونغ داهم القصر، دمرّ القصر، و خطف الحرس، كما أنه أصاب كريس بطلقٍ في صدره، و خطف الطفلتين، جيني و بيرل معاً"
كريس تحدث بينما بيكهيون يحاول أن يستوعب كل هذا دفعة واحدة.
" أنا آسف سيدي"
دي او استرسل.
" و من هنا انضممت لهم، إستطعت أن أصل للحرس و للطفلات، لكننا عجزنا بشأن جويل، لا نجدها مهما بحثنا عنها"
جميعاً صمتوا بعد صمت بيكهيون الذي جلس يعقد كفيه أمامه، و بصمت و هدوء أخذ يفكر بما قد يفعله الآن إلا إن كريس تحدث.
" كنا نرتب أن نذهب غداً لإسترجاع الأطفال، ثم سنحاول بشتى الطرق أن نجد جويل"
وقف بيكهيون ينفض طاولة النِقاش قائلاً.
" و لِمَ غداً؟! الآن! من يريد أن يأتي معي فليأتي و من يريد أن يبقى فليبقى، لكن بناتي اليوم سيكنّ في حضني"
و بيكهيون ما ترك لأي منهم فرصة ليعترض أو يعطي رأيه، هو فقط حمل نفسه بهمّة أب ذا قلب مكلوم، و خرج بعزم لإستعادة صِغاره، لذا هو ما كان قابلاً للنقاش.
أمر الحرس أن يجلبوا سياراته و انطلق بصُحبة عدد كبير من رجاله بالإضافة إلى كريس، دي او الذي أصبح حليفاً، و هيون جونغ الذي يعيش جوّ الحركة هذا للمرة الأولى في حياته كانوا برفقته.
داخل السيارة كان يجلس بيكهيون بجانبه كريس، إلى يمينه دي او و إلى شماله أخيه على المقاعد المُقابلة، و حيث تقع طاولة قصيرة صغيرة في منتصف الجلسة، بيكهيون وضع ورقة عريضة، صُنعت ليرسم عليها إحدى تصاميم مبانيه، لكنه إنتهى بها الحال ليضع عليها خُطة دمار.
" هناك بوابتين للقصر، شمالية و جنوبية، الشمالية هي المدخل الرئيسي، و الجنوبية يستخدمها طاقم القصر و تايهيونغ في الحالات الطارئة فحسب، كتجمع صحفي كما كان الحال منذ إختفائك"
تحدث كريس يعلم رئيسه بهذه المعلومات التي تهمه بالتأكيد.
" البوابة الأمامية تطل على الشارع و الجنوبية فهي تطل على الأراضي الجرداء من المباني يشقها شارع مخصص للقصر"
همهم بيكهيون يرسم تخيله لموقع القصر على الورقة بينما كريس أكمل.
" إرتفاع أسوار القصر هو مترين بالضبط، عدا في مقدمة القصر فارتفعه ثلاثة أمتار"
أتمَّ بيكهيون رسمته على الورق يقول.
" إذاً هذا الشكل التقريبي للقصر، سأتسلل أنا و كريس إلى الداخل و أنتما ستبقيان في الخارج، نحن سنخرج صغيراتي و أنتم ستراقبون ما ممكن أن يحدث خارجاً، سنكون على الإتصال عبر هذه السماعات"
وضع بيكهيون سماعته كذا كريس، و دي او أضاف.
" أنا جيد في الإختراق، أستطيع أن أخترق نظام الحماية لديهم و ذلك سيكون بالتأكيد أسهل علينا، سأرشدك لموقع الصغار، و كيف تخرج و تدخل"
و بيكهيون وافق بشدة حينما أخرج حاسوبه، الذي يكون عادة في سيارته هذه لإتمام بعض الأعمال الجانبية.
" خُذ حاسوبي، و تولّى مهمتك، سأثق بك فقط لأن بيرل بالداخل"
دي او ما ألقى بالاً لما قاله بيكهيون و سارع في تنفيذ عمله، أما بيكهيون و كريس فترجلا من السيارة عندما وصلت شرق القصر، أمر بيكهيون رجاله بتخبئة سياراتهم و أن يكونوا جاهزين لأي حدث طارئ.
ثم هو و رَجُله كريس دخلوا القصر مزودين بالأسلحة، كريس وقف قُرب السور، ثم انحنى ليتسلقه رئيسه و يقفز إلى الداخل، فبمثل هذه الحالات، طول الرئيس لا يساعد، لكن وزنه يساعد فهو رشيق.
تبعه كريس إلى الداخل، ثم الرجلين تخفّوا بالأشجار حيث أن الحرس ينتشرون بكل مكان و عليهما توخي الحذر كي لا يُقبض عليهما.
" أقرب حارس منكم يبعد عنكم قريب الخمسة أمتار فكونوا حذرين"
بيكهيون و كريس تبادلا نظرات خاملة و ساخرة، يبدو أن دي او قد تحمس، و لشدة حماسته أصبح غبياً.
بيكهيون أشار لكريس أن يتناول الرجل و يسلبه بطاقته من على عنقه، كي يسهل عليهم التسلل للداخل، و بيكهيون تولى رجلاً آخر يحدّه عن يمينه، أخذوا منهم بطاقاتهم التعريفية، و سماعاتهم الموصولة لغرفة الأمن الرئيسة.
" فلتبلغوا عن مواقعكم"
آتى هذا الصوت من السماعات و كان، على بيكهيون و كريس أن يغيروا من أصواتهم قليلاً، و يتولوا مكانهم الحالي.
" الرئيس يأمركم بتوخي الحيطة و الحذر، فهو يتوقع أن يتسلل بيون بيكهيون إلى قصره أو يداهمه، لذا فلتبقى أعينكم مفتوحة على القصر و أسواره و على أنابيب المياه و غيره فهو بارع في التسلق"
بيكهيون إبتسم ساخراً يهمس.
" علي أن أكون الشخصية الرئيسية في فيلم رعب ما"
آتى صوت دي او من السماعة الأخرى يقول.
" تقع غرفة الأطفال في الطابق الثالث، الغرفة في آخر الرواق يميناً، ستجد عليها حارسين على الأقل"
و بيكهيون تحدث عبر السماعة.
" و كيف علينا أن نصل إلى هناك؟"
دي او أجاب.
" أسهل طريق هو عبر باب المطبخ، ها هو أمامكم مباشرة، مسموح للحرس أن يدخلوا إلى هناك، لكن إن إنتظرتم لخمس دقائق، ففي تمام الساعة الثانية عشر منتصف الليل يتبدل الحارسان في الأعلى و يتولى المهام حارسين آخرين"
بيكهيون و كريس فضلوا هذا الإقتراح، و بعد خمس دقائق بالضبط بيكهيون و كريس دخلا عبر المطبخ؛ بينما دي او يتحدث في السماعة.
" عند مخرج المطبخ الداخلي ستجد مِصعد، خذوه للطابق الثالث و اخفوا وجوهكم ففيه كاميرا مراقبة"
دخل كريس أولاً يتبعه بيكهيون، لأن كريس كان قادراً أن يخفي رئيسه خلفه بطول قامته، تقدم كلاهما من الحارسين في آخر الرواق، ليتحرك كلاهما بخمول مبتعدين عن مكانهما، دي او تحدث.
" معكم خمس دقائق كي تخرجوا بالصغيرات فحسب، فالحرس المولون للحراسة الليلة قد يصلوا بأي وقت"
ثم اتبع مستذكراً.
" رجالكم في الداخل قد أعلمناهم أنك بالداخل، و هم جاهزون لشنّ هجوم على القصر متى ما أمرت"
بيكهيون تحدث ينظر في الباب، الفاصل الوحيد بينه و بين أبنتيه.
" أولاً سأخرج بناتي، ثم سنحتفل بشلال دماء"
دي او تنهد ثم قال.
" حسناً، على آية حال يمكنم الدخول الآن، لقد ثبتٌّ صورة الكاميرا فوقكم"
حينها بيكهيون لم يفكر لثانية حتى أخرج سلاحه و دخل الجناح، و رغم الصخب الشديد في صدره لكنه دخل بهدوء.
وجد سريريين ورديين أسوارهما مرتفعة، و إمرأتين في الداخل قد غفونّ على مقربة من الاسرّة.
بيكهيون كان مضطراً أن يضربهن حتى ينمن بعمق، سيكنّ شاكرات على آية حال صباحاً، لكنه الآن بحاجة لأن يكتم نوبة صراخ محتملة.
لم ينظر في السرير أو أي منهما كانت فيه، هو فقط لفّ جسدها بغطائه و رفعها حتى عنقه يدثرها به جيداً كما فعل كريس بالأخرى، ثم قال.
" ابنتي تدافع عنها بحياتك لو اضطررت، كُن حذر سواء عليها كانت بيرل او جيني"
أومئ كريس يقول.
" أمرك سيدي!"
خرج كلاهما من الجناح بسلام و عبر المصعد توجهوا إلى المطبخ، بيكهيون نظر حوله يفكر كيف عليه أن يخرج بالأطفال بأمان حتى وقع بصره على حاويات النفايات الشاهقة، هو آسف مقدماً لكنه لا يملك خياراً آخر.
هو بالطبع لن يضعهنّ في الحاوية، هو سرق كيسين أسودين ليضعهن بالداخل فرادى، ثم بيكهيون حمل الصغيرتين خارجاً يتحجج بأنهن قمامة، و كريس كان خلفه يراقب الوضع، حتى اوقفه إحدى الحرس قرب البوابة الخلفية يقول.
" إلى أين تذهب؟ و ما هذا الذي تحمله؟"
بيكهيون رفع الكيس إلى الرجل يقول.
" سأرمي القمامة خارجاً، حبيبتي تستغل حبي لها و تجعلني أتمم بعض من مهامها؟ أتحب أن تتأكد؟ قرب أنفك قليلاً و ستختنق"
و فعلاً قرب الرجل رأسه ليبتعد سريعاً بينما يسعل بقوة، بيكهيون بتهكم قال.
" صدقت؟"
و بيكهيون كان شاكراً لأي من صغيرتيه التي جعلت حفاظها نتن إلى هذا الحد، الحارس أومئ و ما زال يسعل، ثم أمر بفتح الباب ليخرج بيكهيون و كريس بقي في الداخل.
بيكهيون تمتم بينما يتوجه إلى السيارة.
" ماذا يطعمونكِ يا صغيرتي لتكون رائحة حفّاظكِ بهذا السوء؟ "
ثم تبسم يربت على هذه المؤخرة الصغيرة في الكيس يقول.
" شكراً صغيرتي، لقد أنقذتِ بابا، فتاة جيدة!"
وصل السيارة ففتح الحرس له الباب بلهفة، هناك كان دي او و هيون جونغ، بيكهيون أعطى الكيسين للرجلين يقول.
" الأطفال بالأكياس، اخرجوهن و توجهوا للقصر، أراكم هناك"
سُرعان ما فتح هيون جونغ عليهنّ الأكياس و اخرجهنّ، كان بيكهيون قد غادر برجاله فعلاً دون أن يرى بناته.
و الآن عاد يخلفه جيش من الرجال، و على الحارس الذي إستوقفه قبلاً، رفع سلاحه و تجهز للإطلاق يقول.
" سلم نفسك و انحني بجذعك و إلا قتلتك!"
سرعان ما إنحنى الرجل و قيدوه رجال بيكهيون ينزعوا سماعاته، ثم كان هجوم بيون بيكهيون برجاله، داهم القصر بناره يطلق على كل من قد يعترض طريقه.
النار كانت مفتوحة على أكمل وجه، و بيكهيون قاد الجهة الأقوى الآن، فلقد عد العتاد جيداً لهذه المعركة التي كانت حامية الوطيس، فالطرف الآخر أيضاً قوي لا يُستهان به.
لكنهم يملكون نقطة ضعف وحيدة ليست موجودة في صفوف رجال بيكهيون، الجُبن و الخيانة، فلقد إستسلموا نصف رجال تايهيونغ بمجرد أن يُرفع عليهم سلاح، و الذين حاربوا قِلة، أما الهاربون فكُثر.
حينما إنتهى من الحرس بلغه أن تايهيونغ قد دمر قصره، و لولا أن هذا القصر فيه أناس أبرياء يعد العمل منه مصدر رزقهم الوحيد، فما توانى عن تفخيخه بالقنابل، فهكذا هو يدمر عادة.
لكنه سيتبع طريقة تايهيونغ هذه المرة، و أمر رجاله بأن يكونوا غيمة رصاص على مرافئ القصر، فدمره تدميراً ما بعده إصلاح، و تأكد بألا يُصاب أحد من العُزّل في هذا، فله في الحرب أخلاق لا يتجاوزها.
بيكهيون جمع من إستسلم من رجال تايهيونغ، و ربطهم جميعاً في منتصف الساحة، ثم آتى بعارضة خشبية و كتب عليها بخط عريض.
" ربّي رجالاً لا خِرافاً، دوركَ هو التالي!"
و نعم كيم تايهيونغ حصل على لقب زعيم الخِراف و بشهادة بلاتينية من بيون بيكهيون، ملك الألقاب التافهة.
لكنه لن يسمح له أن يهنئ باللقب، سيقتله بحلول الغد، الليلة إستعاد جيني و بيرل و حتى الغد سيستعيد جويل و يقتله، هذه هي النهاية التي رسمها لهذه الحكاية.
إلا إن إعترض القدر بطرقه الملتوية و قلب الطاولة...!
عاد بيكهيون بعد أن حيّى رجاله على عملهم الدؤوب و الشجاع، فلقد تمت المُهمة بتخطيط سريع، و دون تدريب مُسبق أو حتى تبليغ.
هو فقط قال لهم أن يجتمعوا فاجتمعوا، دون أن يخبرهم عن طبيعة المهمة شيء، و عندما زوّدهم بالسلاح علموا أنهم بمهمة مع الموت، لكنهم شُجعان و على هذا تدربوا، أن يواجهوا الموت ببسالة.
في السيارة، بيكهيون كان في الخلف يجلس، و كريس بجانب السائق، و بيكهيون الآن يشعر بشعور جديد عليه، الخوف!
بيكهيون خائف من أن يواجه جيني الآن، أن ينظر في عينيها الضاحكة فيجد بهما أنها تلومه بلا كلام، لأنه ترك صفها، لأنه ما كان معها عندما سرقوها منه، لأنه لم يحميها جيداً.
بيكهيون لا يبالغ، هو حرفياً يخاف على مشاعر ابنته و على مشاعره من ابنته، فلن يقدر أحد في هذه الحياة أن يؤلمه بقدرها، أن يلومه، يوبخه، و يزجره كما تفعل هي.
لأنها ملاكه و أمله الوحيد، و الهدف من حياته...!
وصل القصر، لكنه هادئ من صوت ضحكاتهنّ، لذا دخل سريعاً بأقدام ترتعش، رغم أنه الفجر بالفعل لكن العائلة بكامل أركانها مجتمعين في صالة الجلوس، لذا بيكهيون تقدم مع بضع مخاوف.
وجدها صغيرته تنام بين ذراعي أمه، فهرع سريعاً إليها، و جثى أمام حُضن أمه ينظر إلى إبنته عن قرب قائلاً.
" ما بها نائمة؟ أهي بخير؟ ليس بها أي ضربات أو كدمات؟"
السيدة مسحت دموعها قبل أن تمرر أناملها في خُصله الرمادية تخاطبه.
" لا تخاف، هي بخير، إنه الفجر، من الطبيعي أن تنام بهدوء"
حينها فقط بانت إبتسامته الثمينة، و أومئ إلى أمه يقول.
" إذن هي بخير"
أومأت السيدة تؤكد له، حينها اقترب بيكهون من طفلته، و طبع على وجنتها قُبلة خفيفة، ثم طبع أخرى على يدها، و عاد ليقبل وجهها.
مسح عينيه بخشونة حينما شعر بالدمع يتسرب إلى مقلتيه، ثم قال يمد ذراعيه.
" أمي أعطني أياها، إنني لا أطيق صبراً كي أضمها إلي"
مدت السيدة له بها، و بيكهيون تناولها بحذر عن والدته، أسهب النظر في ملامح وجهها اللطيفة، لقد نالها بعض التغيير إثر نموّها.
حملها حتى جعلها على صدره تنام و رأسها الصغير على كتفه، و ذراعيها القصيرة حول عنقه، ضمها بقوة، و حينما ما قدر أن يقاوم حاجته للبكاء بكى بهدوء شديد يخبئ وجهه في عنقها.
ضمها بقوة إليه حتى أنه أزعجها فاستيقظت على كتفه، شعر بأطرافها تتحرك فرفعها سريعاً حتى ينظر إلى وجهها.
إتسعت عينا الصغيرة، و وضعت كفيها على وجنتيه، و بقدميها أخذت تتحرك بحيوية.
" بابا!"
بسرعة ما تعرفت عليه، ضمها إلى صدره بقوة من جديد، و شفتيه مشغولة بطبع قُبل أينما كان عليها، و صوت قهقهاتها كان صاخباً كما العادة.
" يا قلب بابا...يا حبيبتي!.. صغيرتي الثمينة... ابنتي الغالية!"
رفعها لتجلس على ذراعه، ثم داعب وجنتها الممتلئة بسبابته يبتسم.
" أنتِ الوحيدة القادرة على كسري، وحدكِ من تقدرين علي!"
نهضت السيدة هانمي تمسح دموعها متأثرة بعاطفته الفجّة، و أبوّته المشحونة، ربتت على ظهره تقول.
" هدئ من روعك يا بني، ها هي تضحك و تتدلل عليك كما إعتدنا، هي بخير!"
بيكهيون أومئ يمسح دموعه العالقة على رموشه، ثم نظر إلى الجالسين ليجد بيرل تجلس على قدمي نانسي، و تنظر إليه بعينيها الربيعية.
تبسم لها فابتسمت، ثم بيكهيون سلم ابنة دمه لأمه و توجه إلى ابنة قلبه، حملها عن نانسي و رفعها إلى نظره ينظر في وجهها الجميل كم ناله التغيير.
الصغيرة رفعت يدها لتتحسس بها أنف بيكهيون تقول.
" بابا؟"
بيكهيون إبتسم، ثم ضمها إلى صدره مولوعاً كلوعته الأولى أو أقل بقليل، إحتضنها إلى صدره، و غمس أنفه في عنقها يشتم رائحتها، التي رغم تغيرها إلا أنها ضلت زكية كما يعرفها.
" أنتِ أيضاً ابنتي و أني محتفظ بك حتى لو في سبيلكِ قاطعت الجميع، أنتِ أنجبكِ قلبي لو ما كان دمي"
إقترب حيث تجلس أمه بطفلته و جلس بجانبها، ثم حمل جيني على قدمه الأخرى، و ضمّ الصغيرتين إلى صدره يقول.
" و الآن توجهوا جميعاً إلى النوم، لدينا يوم طويل في الغد، أما أنا فسأذهب ببناتي إلى جناح أمي و نزعجها الليلة، أليس كذلك صغيرات بابا؟"
هنّ كنّ مشغولات بشجار على إحدى أزرار قميصه، الجميع فعلوا كما قال، و هو توجه إلى جناح أمه، وضع الطفلتين على السرير، و نام إلى يمينهنّ بجانب والدته، أما السيدة فقد سهرت فوق رؤوسهم حتى الصباح.
ها هي قد إستعادت إبنها و حفيدتيها، بقيت جويل، ترجو أنها بخير.
.....................
و حيث المذكورة تكون، ففي وقت مساء اليوم، الدمع يقف في عينيها بينما تايهيونغ يُمارس عليها هوسه.
قد فعلت ما تستطيع فعله لكي تتخلص منه، لكنه في كل مرة يزداد بها تمسكاً، وجهت له كلاماً جارح و لم يهتم، ركلت ماضيهما معاً و ذكرياتهم الحُلوة، حقّرته، نفرته، رفضته.
لكنه يأبى أن يُحرر نفسه منها.
كما العادة منذ أن وضعها محل دُمية في حياته، ها هو يلهو بها، مرت ستة أسابيع و ما يزيد، و هي تمارس رغماً عنها دور الدُمية.
فتايهيونغ مهووس بها لأقصى حد، و هي ما كانت تظن أن ما يفصله عن الجنون شعرة، قطعها حبه لها.
حبه المؤذي... الذي يؤذيه و يؤذيها!
تجلس على كريس خشبي أمام تسريحة إبتاعها لأجلها، كان يقف خلفها و بيد مِشط يُسرح به شعرها.
الدمع كما العادة يملئ عينيها، و يستر جسدها الهزيل فُستاناً أبيض من إختياره، هكذا تقضي يومها، تسير وفق رغباته المجنونة.
فتارة - كما الآن- يسرح شعرها، تارة يطعمها، تارة يجبرها أن تبدل فستانها، تارة يجعلها تنام على صدره.
وضع المشط جانباً ثم أخذ يرتب شعرها على كتفيها، ثم إنحنى بجذعه حتى إتكئ بذقنه على كتفها، أحاط خصرها بذراعيه، و تبسم للمرأة التي تجمعهما سوياً.
" انظري إلينا ما أجملنا! إننا أفضل ثنائي على هذه الأرض!"
أجابت بهدوء.
" لقد كنّا و لم نعُد، لأن لا نصيب لكَ بي و لا نصيب لي بك، لكنك تأبى أن ترضخ لما إنتهى إليه قدرنا و تقاوم ما لا تقدر على تغييره"
أفلتها و ابتعد عنها حتى جلس على السرير فها هي من جديد تفتح هذه الديباجة، و هو ببساطة لا يريد أن يسمع المزيد، لكنها لم تصمت بل أتبعت بنبر هادئ تحثه.
" لا تستطيع أن تهرب من قدرك، أنا لستُ نصيبك و لا أندرج في مستقبلك، فلِمَ لا تتخلى عني؟!"
نهضت عن الكرسي و اقتربت منه حتى جلست بجواره، ثم حملت يده بين راحتيها و استرسلت.
" أنا لا أستحق حبك، لا أستحقك، لقد فضلتُ رجلاً آخر عنك، فلِمَ أنت مُصِرّ أنت تحتفظ بي؟"
" لقد خنتُك، دهست على قلبك و اخترت مشاعري، كن مثلي و دوس على علاقتنا البالية و امضي، أنا لا أريد لك مصيراً أسود في النهاية، إنني لا أقبلها عليك، لذا..."
تمسكت بيده أقوى و جذبتها إلى صدرها تقول بعدما تركت دمعها.
" تخلى عني و امضي ما دامت الفرصة سانحة، من الآن اتركني و اذهب لحياتك"
سحب يده منها، و نظر في وجهها يرمقها ببرود ثم نهض يقول.
" لا تتحدثي كثيراً، حديثكِ بلا فائدة لذا وفري على نفسكِ الجُهد"
خرج و هي تنهدت تجلس على السرير تضع رأسها بين يديها، لقد وصل بها الحال معه إلى اليأس، لا يكف عن تمسكه بها و مهما ذرفته عنها تشبث بها، و الأدهى من ذلك ألا أحد يبحث عنها.
أصبحت تفكر منذ فترة، هل يُعقل أن بيكهيون لم ينجو؟! أيعقل أنه مات؟
هي كانت تذرف بالفكرة بعيداً عن رأسها كلما راودتها، لكن شكوكها مؤخراً إزدادت كثيراً.
خصوصاً أنها تعلم بأن دمه من نار و لا يصبر، لكنه لم يظهر، ذلك لا يملك سوى تفسيراً واحداً أمامها، بأنه مات بالفعل.
نهضت على قدميها و تحركت إلى الخارج، لكنها لم تجده في الجوار، تحركت ناحية الباب تطرقه فرد عليها الحارس من خلفه.
" نعم سيدتي!"
جويل تسآلت.
" هل غادر تايهيونغ؟"
الرجل أجابها.
" نعم سيدتي، أتحتاجين شيء؟!"
هي أجابته بعد أن فكرت لوهلة.
" نعم، هل تستطيع أن تتخلص من هذا؟!"
أجاب بينما يفتح الباب.
" نعم سيدتي"
و لا يدري من أين أتت بالسلاح لترفعه بوجهه و تهدد، حينما كانت تجلس بجوار تايهيونغ قبل قليل سحبت السلاح عن خصره دون أن يشعر.
" ابتعد عن طريقي و إلا أطلقتُ عليك!"
رفع الرجل يديه و ما خوّله عقله و لا مظهرها الوديع لأن يظن بأنها بالفعل تستطيع أن تطلق عليه.
" سيدتي فلتهدأي قليلاً و اعطني السلاح، أنه خطير"
أطلقت رصاصة إلى جانبه فابتعد سريعاً.
" أعلم أنه ليس لعبة، إن إعترضت طريقي سأقتلك صدقني"
أومئ لها يزدرئ جوفه ثم هي أمرته.
" إلتفت!"
فعل كما أمرته فإذ هي تضربه بقعر السلاح على قِفا رأسه، سريعاً ما وقع مُغشى عليه.
رمقته و الخوف يراودها أنها ضرّته زيادة، إنحنت ترى إن كان يتنفس، ثم ركضت خارجاً فهو حيّ، تايهيونغ وثق زيادة بها أنها لن تهرب منه، ليس حباً فيه لكن خوفاً منه.
لكنه ليس بيكهيون لذا الهروب فكرة راودتها منذ أول يوم لها في أسره، لكن اليوم فقط توفرت هذه الفرصة، و توافقت بأنها قادرة أن تجري و تجري بلا توقف، عليها أن تتحرر من أسره مهما كانت النتيجة.
لأنها الآن تملك دافع أن تعيش، لو خسرت بيكهيون و جيني، لكنها ما زالت تملك بيرل دافع لتعيش، و تملك أمانة وجب عليها أن تحافظ عليها.
جرت بين الأشجار الكثيفة، رغم أن الليل دامس و الغابة مأهولة بالحيوانات، لكن الخوف لم يزعزع عزيمتها الآن.
ركضت حتى شعرت بقدميها لا تقدران على حملها، فإذ هي وقعت أرضاً تلهث أنفاسها و تمسح عرق جبينها.
وقفت بعد إن إستعادت جزء من قوتها، ثم أخذت تجري من جديد حتى وصلت الشارع، لم يكن مأهول بالمركبات فها هي تقف عليه منذ عشر دقائق و لم تمر سيارة واحدة.
إستبشرت خيراً عندما رأت سيارة آتية من بعيد، وقفت سريعاً تؤشر لها، و كي لا تتجاهلها وقفت جويل في منتصف الشارع.
توقفت السيارة إضطراراً فنزل منها السائق بهيئة غاضبة تقدم لها.
" لِمَ تعترضين الشارع أيتها السيدة؟ ماذا تريدين؟"
لكنه تحدث بالصينية، هذا يعني أنها ليست بكوريا حتى، ربما هي بالصين بالفعل، تذكر قبل أسبوع تايهيونغ نوّمها و عندما أفاقت وجدت نفسها بمستودع جديد عليها.
" أرجوك ساعدني!"
قالتها بالصينية، هي تعلم بعض الكلمات المفتاحية فحسب بالصينية، الرجل قبض حاجبيه، ثم ركض إلى السيارة يغلق زِر سترته، و تحدث إلى أحد يجلس في المقعد الخلفي، حينها علمت أنه مجرد حارس.
ترجل رجل من بعده يتقدم إليها ببدلته الرسمية و هيئته المُهيبة، آسيوي الملامح لكنه جميل، قصير القامة نسبياً كما بيكهيون بالضبط، تحدث بالإنجليزية فلقد ظن أنها إمرأة أوروبية.
" عذراً، بماذا نساعدك؟"
تحدثت إليه.
" أنا عالقة هنا، لا أدري أين أنا، أنا كورية، أرجوك ساعدني كي أعود إلى بلادي، و سأعطيك ما تريد في المقابل"
حينها أجابها بالكورية يقول.
" إذن هيا اصعدي سيدتي، سأساعدك"
رغم أنها لا تثق بالغرباء لكنها لا تملك فرصة أخرى، إما أن تذهب معه او تبقى عالقة هنا حتى يأتيها تايهيونغ.
صعدت معه، ثم أشار الرجل لسائقه أن ينطلق في طريقه.
" ماذا تفعلين في الغاب يا آنسة؟"
أجابته.
" أنا في الحقيقية إختطفني زوجي السابق يرفض التخلي عني، رغم أني تزوجت من جديد، لقد حبسني بمكان قريب في الغاب"
أومئ مستهجناً يقبض حاجبيه، ثم قال.
" ما اسمكِ؟ من أنتِ؟"
أجابت.
" دو جويل، أنا زوجة بيون بيكهيون، ابن وزير الداخلية في كوريا"
إتسعت عينيه يقول.
" سمعت بقصتك! زوجكِ السابق كيم تايهيونغ؟!"
أومأت فمد يده ليصافحها قائلاً.
" أنا كيم جونغداي"
...................
الفصل القادم بعد 400 فوت و 1000 تعليق.
1.رأيكم ببيكهيون؟
مشاعره ناحية جيني؟
المداهمة؟
٢.رأيكم بجويل؟
٣.رأيكم بتايهيونغ؟
٤.رأيكم بكريس؟
٥.رأيكم بدي او؟
٦.رأيكم بنانسي؟
٧.رأيكم بالسيدة هانمي؟
٨.رأيكم بالبارت ككل و توقعاتكم للقادم؟!
إنتهى...
عيناي أخيراً أبصرت النور، لكن كل أركاني الأخرى في العتمة عائمة.
ابنتي...!
لربما أنا رجلٌ قوي عينيه لا تدمع، قلبه حجر و صدره من حديد، لكن هذه الصغيرة إبنة قلبي، إنها قطعة من روحي، ليست فقط تحمل دمي، و قطعة من لحمي.
إنها أثمن مني إليّ، أنها ملاكي الجميل، في أشد أوقات حياتي بؤساً و يأساً هي ظهرت و منحتني سبباً لأعيش، لذلك أسميتها جيني.
لأنها الأمل الذي أعيش لأجله...
لكن فُقدانها ما كان بحساباتي، أو أنه ما راودني أن بطش تايهيونغ قد يصل لإبنتي، الآن خسرتُ السبب الذي قاومت لأجله، خسرتُ جيني، فلا أحد يستطيع أن يعوضني.
تلك الحرب، التي ما أدركت أبعادها و ضراوتها مسبقاً، لقد خسرتها بالفعل، لكن الحرب القادمة لن أخسرها، سأحرص أن تكون الحرب الأخيرة، فأني إما قاتل أو مقتول.
و إني لا أبالغ، أنا ذاهب لقتله و لن يوقفني عنه سوى مَقتلي، لذا هذه هي الحرب الأخيرة في هذه الحكاية.
لقد سبق و خسرت ما قد يجعلني أتوقف لهذا الحد من العراك، لكن بخسارتي لابنتي فأنني لا أملك شيئاً من بعدها أخسره، لا شيء و لا حتى جويل.
فابنتي و ابنتي و ابنتي ثم جويل... و هذا قطعيّ!
لذا معركتي هي بلا حدود...!
" هل أنت بخير الآن يا بُني؟!"
كنتُ أعلم أنه من سينقذني، كنت أعلم أنني لو سلمتُ روحي للموت هو سيتمسك بها، و الآن إنني لا أستغرب وجودي بمقرٍّ يخصه، أنا تحت رعاية أب دمي من جديد.
آتى و جلس على طرف السرير الذي أنام عليه، ثم مدّ بيده إلى وجهي، لكنني أشحتُ عنه أبتعد عن متناوله، رغم أنني أصبحتُ أباً لكنني لا أستطيع أن أُغير من مشاعري نحوه.
هو السبب بكل شيء منذ البداية، لو أنه إكتفى بتطليق أمي أو إحتضانها و نسيان كل ما حدث، لو أنه فقط إبتعد بصمت، لو أنه فعل أي شيء إلا ما فعله، لما أصبحتُ أنا اليوم بيكهيون الذي أنا عليه.
يصعب علي مسامحته لأنه من زرع برأسي فكرة الإنتقام، و أنه علي أن أرد أفعال الناس ضدي الضعف، فإن إعتدوا على أمي أعتديت على ابنتهم و دمرت حياتها للأبد.
لن أسامحه، فهو له اليد الأولى بمقتل ابنتي، هو من حرضني لأفعل كل ما فعلت، لن أسامحه مهما حييت.
" بُني، لقد سمعت بعض الأخبار عن زوجتك"
لم أحرك طَرفة عين، أخبار جويل تهمني، و لكنني لا أضمن صحة الأخبار ما دامت على لسانه.
" إن كيم تايهيونغ يحتجزها و يُقال أنهما يعيشان حياة زوجية طبيعية، لا أدري إن كانت راضية أم لا، لكن بُني لا تستغرب كثيراً إن رأيتها حامل منه مجدداً"
نظرتُ له، أُهنيه يجيد إستفزازي، لكنه بالتأكيد لم يتوقع ما سأقوله الآن.
" و إن حدث؟ و إن وجدتها حامل منه؟ و ماذا لو إكتشفت أنه إعتدى عليها؟ ماذا سيحدث؟"
نظرتُ في عينيه اللتين رمقنني بغرابة، لكنه استعجب أكثر عندما قبضتُ بأصابعي على تلابيب قميصه.
" أنا لن أفعل بها ما فعلته أنت بأمي، لأنني أعلم أنها تحبني و لن تخونيني، أدرك أنه إعتدى عليها، لم تسلمه نفسها بإرادتها، سأحتضنها و انسى الماضي"
رغم أن الكلام ليس نابع من قلبي، و لا أظن أنني أقدر على فعل ذلك، لو حدث و اعتدى على جويل أنا لا أستطيع المُضي قُدماً و كأن شيئاً لم يحدث، لكنني لن أُحمّلها الذنب و كفى.
أفلتّه فتحمحم ينظم إنكماش ثيابه و تجعدها، و أنا عدتُ ببصري إلا حيث كان، الحائط قِبالتي.
" أريد الخروج من هنا و العودة إلى عائلتي، و لا تحاول أن تمنعني، فلقد إنتهت مهمتك إلى هنا"
رفعتُ عن جسدي ذاك الغطاء الخفيف ثم تقدمت لأرتدي إحدى البدل التي قد جهزها لي، صدري يلفّه ضماد ثقيل و جُرحي غائر، أستطيع الشعور به، عميق حتى عِظامي، لكن إصابة أخرى هي عميقة حتى صميم قلبي، إصابتي بابنتي، تؤلم أكثر من ألف رصاصة.
خرجتُ من تلك الغرفة، و فعلاً كما توقعت وجدتُ أن تلك الغرفة تقع في آخر رِواق يؤنس عتمته أضواء خفيفية يتوزع بينها رجال كُثر ذوي بُنيات جسدية، يتجاوز عددهم العشرون حتى نهاية الرِواق.
سِرتُ في الرواق، ثم أمرت أحدهم أن يدلني على طريق الخروج من هذه المتاهة، لم أدرك أنه يتبعني حتى أصبحتُ خارجاً، ناولني هاتفي ثم قال.
" سأفعل ما تشاء، لكن أقبل هذه السيارة أن توصلك للقصر، لإطمئن على حالك يا بُني"
أومأت، ليس لأنني أرفق به، بل لأنني أحتاجه الآن، صعدتُ في سيارته، و أمرتُ سائقه أن يقود بي إلى قصري.
الحاقد عاد من جديد، انتظر ما أنا فاعلٌ بك كيم تايهيونغ...!
....................
أما في القصر، فعادت الحياة فيه أشبه ما تكون كالسّابق، ولّى كريس حرساً جُدد للقصر و زوده بأنظمة أمان فائقة، كما أن طاقم القصر قد نقص عدده، فمنهم من قدم إستقالته و منهم من بقي في مكانه.
أما نانسي فهي أكثر من يعاني من الحياة في القصر جديداً، ذاك لأن دي او أصبح حُراً يتردد بكثرة إلى القصر، و يجتمع بكريس في أغلب الأوقات و في بعضها بهيون جونغ، و قليلاً ما يجالس العائلة بأكملها.
لكنه كلما دخل القصر و اجتمع بأيٍ كان تراه، ليس من قبيل الصدفة بل من قبيل الحب، و ها هي اليوم تقف إلى شُرفتها و تنظر إليه يقف مع كريس في الحديقة.
لا تدري بما يتحدثان بالضبط لكنه بالتأكيد بشأن بيكهيون و عائلته المفقودة، تكتفي بالنظر إليه من بعيد و مراقبته، إنه يقبض حاجبيه و يديه في بنطاله يتكئ على قدمٍ دون الأخرى.
إبتسمت، رغم أن لا شيء مميز بوقفته، لكنه كله في عينيها مميز، هي ما زالت تحبه و تلك حقيقة إقتنعت بها، يشهد قلبها أنها حاولت إنتزاعه منه، لكنها لم تقدر عليه، فأنه يتمسك بقلبها و شرايينه أجمع.
ربما أنها تعلم أن ما تفعله خطأ، و أنها بمراقبته لن تساعد نفسها على التخلص منه، تعلم أن مصيرها لرجل آخر، لكنها لا تستطيع أن تخرجه منها.
و نانسي كانت سيئة الحظ عندما رأتها والدتها تراقبه، فاقتربت من خلفها السيدة هانمي دون أن تشعر الصبيّة تنظر إلى ما تنظر إليه إبنتها.
و عندما رأت دي او تنهدت السيدة تعقد ذراعيها إلى صدرها قائلة.
" ما زلتِ تحبينه رغم أنه لا يريدك؟"
نشزت الفتاة بكتفيها، و شهقت مرتعبة؛ قبل أن تلتفت لأمها، التي تقف خلفها و يدها إلى صدرها.
" أمي أخفتِني!"
إرتفع حاجب السيدة عن موضعه تستنكر تصرف الصغيرة، فإذ هي تنكس رأسها و تتنهد قائلة.
" بما أنكِ كنتِ قادرة على تفهم مشاعر بيكهيون، حُريٌّ بكِ أن تتفهميني"
تنهدت السيدة و تقدمت من إبنتها، ثم إجتذبتها من كتفيها كي تجلس على الكنبة بجوارها، رفعت شعرها إلى خلف أذنها، ثم تحسست وجنتها برفق تقول.
" لكنكِ لستِ بيكهيون، أنتِ لا تستطيعي أن تجبري دي او على تقبلك، و لو أنكِ قادرة على ذلك لوقفتُ بوجهكِ، فأنني لا أريد لكِ مصيراً كمصير أخيكِ، ثم هو لا يحبك و لا يريدك، و لقد تحدث بذلك علناً"
أخفضت الفتاة وجهها حينما شعرت بدموعها تقف على طلائع عينيها، فما قالته أمها هي الحقيقة بعينها، الحقيقة التي لا ترضى بها، ضمتها السيدة إلى صدرها و اتبعت.
" الحب لا يكون دوماً متبادل، و لا تكون دوماً خيارات قلبكِ صحيحة، فالقلب يختار من ينجذب له بحماقة دون أي ترتيبات أو شروط، أنتِ ليس عليكِ أن تستمعي لقلبكِ دوماً، فهو يخطئ في بعض الأحيان"
أخذت تبكي نانسي، و جاهرت بدموعها و حرقة قلبها، فكان دور السيدة أن تضمها إلى صدرها، و تربت على ابنتها كي تخفف عنها.
" أنتِ لستِ مُجبرة أن تتزوجي جين، لكنكِ لا تقدري أن تجبري كيونغسو عليكِ"
و السيدة هانمي بعد ذلك ما بخلت على ابنتها بحُضنها حتى هدأت الأخيرة فقالت.
" و الآن صغيرتي الجميلة، انهضي و اغسلي وجهك، ثم اتبعيني إلى الأسفل، عليكِ أن تأكلي"
أومأت نانسي و نهضت تستجيب إلى أمها التي تنهدت محزونة ثم خرجت لأجل طعام العشاء، كانوا الجميع على الطاولة، و رغم أن التوتر يسيطر على جو بعض الجهات إلا أنهم تناولوا طعامهم بأعتيادية.
السيدة هانمي، نانسي، هيون جونغ و عائلته، أيضاً كريس الذي أصبح ينضم حديثاً إلى الطاولة بأمر السيدة هانمي، و دي او ضيف العائلة.
كان كل شيء يسير على ما يُرام حتى سمعوا فوضى بين الحرس قادمة من الخارج، سُرعان ما وقف الرجال الثلاثة بأسلحتهم، و لكن قبل أن يأتوا بحركة فُتِح الباب، و دخل منه رجل بخصل رمادية و بدلة سوداء.
" بيكهيون!"
كانت تلك صرخة الوالدة، و نانسي سريعاً ما ركضت إليه تضمه بقوة و تبكي، بيكهيون إحتضن شقيقته إلى صدره برفق، و راح يمسح على شعرها، و يهمس يحاول تهدئتها.
" لا تبكي صغيرتي، أنا بخير، لا تبكي"
طبع على رأسها قُبلة، ثم إنحنى ليلتقط صغيرة أخيه التي تتعلق بساقه و تبكي، حملها يحتضنها هي الأخرى و بذراعه الثانية إحتضن والدته.
في الشوق و الحنان؛ النساء دوماً أولاً.
ثم ضمّه هيون جونغ و راح يربت على ظهره يقول.
" حمداً لله على سلامتك، لقد بلغنا اليأس و نحن نبحث عنك!"
إبتعد هيون جونغ، و ظهرت من خلفه زوجته تبكي فصافحها بيكهيون و ربتّ على يدها برفق، ثم كان كريس يقف رأسه مُنكَس، و لم يتقدم من رئيسه إطلاقاً، فكان بيكهيون من تقدم إليه قائلاً.
" أنا واثق أنك قمتَ بدورك على أكمل وجه، ما حدث لابنتي ليس ذنبك"
ركع كريس على ركبتيه أمام رئيسه يقول.
" لا يا سيدي، أنا ما حفظتُ عائلتك، كنتُ جباناً، أستحق أن تقتلني!"
إنحنى بيكهيون بخفة يرفعه من كتفيه قائلاً.
" انهض و لا تتعبني يا رجل، في صدري جُرح غائر"
سُرعان ما وقف كريس ينحني له معتذراً، لكن بيكهيون اجتذبه من يده، و عانقه ليربت على ظهره قائلاً.
" أحسنت عملاً يا كريس، تجهز لمهمتنا الأخيرة"
و ما أنهى قوله حتى وقع بصره على دي او، الذي أنهى طبقه بينما ينتظر دوره على بيكهيون، لا ينكر أنه كان خائفاً من أن الموت قد يخطف زوج أخته العزيز، لكنه كان جائعاً.
" ماذا تفعل أنت هنا؟!"
كان الغضب قد بدأ يتسلل إلى نفس بيكهيون، لكن دي او هنا مسح شفتيه بالمنديل، ثم نهض عن طاولة الطعام يقول.
" ألا ترى؟ أتناول الطعام"
تقدم منهم ثم تحدث إلى السيدة هانمي يقول.
" لقد كانت وجبة شهية، لكنني أفضل شرائح اللحم كاملة الإستواء"
و هنا بيكهيون ما عاد يتحمل إستفزاز دي او له، فانقض على تلابيب قميصه يضغط على نحره يحاول خنقه، يصيح به.
" كيف تدخل أنت قصري بلا علمي؟ أتدري ما أنت واقع فيه الآن؟"
حاول دي او أن يفك نفسه من قبضة بيكهيون، و لكنه لم يقدر إلا عندما تدخل كريس و هيون جونغ.
" سيدي فلتهدأ من فضلك، لقد عمل دي او معنا منذ البداية، أنه بصفنا و لقد أثبت ولائه!"
بيكهيون بعدما تنفس بحدة؛ نظر إلى كريس يسخر من اللقب، الذي أطلقه للتو.
" أقلت دي او؟!"
هيون جونغ أمسك بعضد أخيه، و اجتذبه رغماً عنه إلى الداخل حتى جلس على الاريكة يقول.
" أخي، الآن دي او بصفنا، نحن علينا أن نتعاضد لأجل أن نُحصِّل كل ما فقدناه"
بيكهيون ضحك عمّا قاله أخيه، ثم خبئ وجهه بين كفيه حينما شعر بالشجن، الشجن الذي يسبق البكاء، شجن يشبه ألم تلك الرصاصة التي في صدره، بل أكثر إيلاماً.
مسح وجهه بكفيه بخشونة يمسح دموعه، ثم نظر إلى أخيه بوجهٍ قد إحمرّ حزناً، لكنه بدا يتحمل ألمه، أو أنه على الأقل يحاول.
" ما الذي سترده لي؟ ابنتي التي ماتت؟ صغيرتي جيني قتلها، فماذا سترد لي منها؟!"
ثلاثتهم نظروا في بعضهم بلا فهم، ثم دي او وقف يقول مستهجناً.
" ماذا تقول أنت؟ لقد رأيتُ ابنتكَ البارحة تلعب في حديقة قصره!"
وقف بيكهيون لا يصدق ما يسمعه و أخذ قلبه ينبض بجنون، ذلك قبل أن يقول.
" أتسمع أيُ هراء تقوله أنت؟ لقد أخبرني أنه قتلها!"
و دي او استنكر.
" و أنت صدقته؟ تايهيونغ لا يقدر أن يقتل طفلة"
بيكهيون أمسك بقميصه بقبضة مرتجفة و قال مرتعشاً.
" واثق مِما تقول؟!"
أومئ دي او يقول.
" نعم، أنا واثق!"
بيكهيون أفلته يرفع شعره بيده و الأخرى إلى خصره بينما هو يتلفت حوله و حول مكانه، الجميع كان ينظر له بدهشة، فحالته يصعب شرحها.
وجهه أحمر لكثرة ما كبت من دموع كذا عينيه، عروق عنقه تنبض بالحياة ببروز من أسفل جِلده، كما أنه يرتعش بشدة كما لو أنه بالجليد موضوع، لكنه رغم ذلك يبتسم.
فجأة أمسك بكتفي والدته يدور بها بخشونة، و يقول بلا تصديق.
" أمي جيني ما زالت حيّة! ابنتي بخير!"
أومأت له و هي تبكي ثم ضمته بقوة، الأب الشاب أخفى وجهه في كتف والدته، و حتى برئ من دموعه و إنفعاله؛ رفع رأسه يمسح على وجهه بكفيه و تحدث إلى دي او.
" شكراً لك يا رجل!"
دي او أومئ ثم إبتسم، ما كان يظن أن لبيكهيون عاطفة أبوية قوية تجعله ينهار بثانية و بظرف ثانية أخرى يبني نفسه من جديد.
لقد صدقت جويل عندما أخبرته أنه تغير، ليست جويل وحدها من غيّرته، إبنته الرضيعة أيضاً.
فجأة؛ راوده الندم، ماذا لو بقي إبنه الذي كادت تلده نانسي له؟
لكان الآن بعمر جيني و بيرل، يملئ عليه حياته و يغيره للأفضل كما حدث لبيكهيون.
نظر إلى نانسي، لكنها الآن مشغولة عنه بأخيها و لجّة عودته.
بيكهيون تحدث فجأة يقول.
" و أين بيرل؟"
كريس إنحنى برأسه فور أن نظر إليه بيكهيون، كذلك فعل البقية، لذا بعد تنهيدة قرر هيون جونغ أن يخبره بما حدث في غيابه.
" في الحقيقة، تايهيونغ داهم القصر، دمرّ القصر، و خطف الحرس، كما أنه أصاب كريس بطلقٍ في صدره، و خطف الطفلتين، جيني و بيرل معاً"
كريس تحدث بينما بيكهيون يحاول أن يستوعب كل هذا دفعة واحدة.
" أنا آسف سيدي"
دي او استرسل.
" و من هنا انضممت لهم، إستطعت أن أصل للحرس و للطفلات، لكننا عجزنا بشأن جويل، لا نجدها مهما بحثنا عنها"
جميعاً صمتوا بعد صمت بيكهيون الذي جلس يعقد كفيه أمامه، و بصمت و هدوء أخذ يفكر بما قد يفعله الآن إلا إن كريس تحدث.
" كنا نرتب أن نذهب غداً لإسترجاع الأطفال، ثم سنحاول بشتى الطرق أن نجد جويل"
وقف بيكهيون ينفض طاولة النِقاش قائلاً.
" و لِمَ غداً؟! الآن! من يريد أن يأتي معي فليأتي و من يريد أن يبقى فليبقى، لكن بناتي اليوم سيكنّ في حضني"
و بيكهيون ما ترك لأي منهم فرصة ليعترض أو يعطي رأيه، هو فقط حمل نفسه بهمّة أب ذا قلب مكلوم، و خرج بعزم لإستعادة صِغاره، لذا هو ما كان قابلاً للنقاش.
أمر الحرس أن يجلبوا سياراته و انطلق بصُحبة عدد كبير من رجاله بالإضافة إلى كريس، دي او الذي أصبح حليفاً، و هيون جونغ الذي يعيش جوّ الحركة هذا للمرة الأولى في حياته كانوا برفقته.
داخل السيارة كان يجلس بيكهيون بجانبه كريس، إلى يمينه دي او و إلى شماله أخيه على المقاعد المُقابلة، و حيث تقع طاولة قصيرة صغيرة في منتصف الجلسة، بيكهيون وضع ورقة عريضة، صُنعت ليرسم عليها إحدى تصاميم مبانيه، لكنه إنتهى بها الحال ليضع عليها خُطة دمار.
" هناك بوابتين للقصر، شمالية و جنوبية، الشمالية هي المدخل الرئيسي، و الجنوبية يستخدمها طاقم القصر و تايهيونغ في الحالات الطارئة فحسب، كتجمع صحفي كما كان الحال منذ إختفائك"
تحدث كريس يعلم رئيسه بهذه المعلومات التي تهمه بالتأكيد.
" البوابة الأمامية تطل على الشارع و الجنوبية فهي تطل على الأراضي الجرداء من المباني يشقها شارع مخصص للقصر"
همهم بيكهيون يرسم تخيله لموقع القصر على الورقة بينما كريس أكمل.
" إرتفاع أسوار القصر هو مترين بالضبط، عدا في مقدمة القصر فارتفعه ثلاثة أمتار"
أتمَّ بيكهيون رسمته على الورق يقول.
" إذاً هذا الشكل التقريبي للقصر، سأتسلل أنا و كريس إلى الداخل و أنتما ستبقيان في الخارج، نحن سنخرج صغيراتي و أنتم ستراقبون ما ممكن أن يحدث خارجاً، سنكون على الإتصال عبر هذه السماعات"
وضع بيكهيون سماعته كذا كريس، و دي او أضاف.
" أنا جيد في الإختراق، أستطيع أن أخترق نظام الحماية لديهم و ذلك سيكون بالتأكيد أسهل علينا، سأرشدك لموقع الصغار، و كيف تخرج و تدخل"
و بيكهيون وافق بشدة حينما أخرج حاسوبه، الذي يكون عادة في سيارته هذه لإتمام بعض الأعمال الجانبية.
" خُذ حاسوبي، و تولّى مهمتك، سأثق بك فقط لأن بيرل بالداخل"
دي او ما ألقى بالاً لما قاله بيكهيون و سارع في تنفيذ عمله، أما بيكهيون و كريس فترجلا من السيارة عندما وصلت شرق القصر، أمر بيكهيون رجاله بتخبئة سياراتهم و أن يكونوا جاهزين لأي حدث طارئ.
ثم هو و رَجُله كريس دخلوا القصر مزودين بالأسلحة، كريس وقف قُرب السور، ثم انحنى ليتسلقه رئيسه و يقفز إلى الداخل، فبمثل هذه الحالات، طول الرئيس لا يساعد، لكن وزنه يساعد فهو رشيق.
تبعه كريس إلى الداخل، ثم الرجلين تخفّوا بالأشجار حيث أن الحرس ينتشرون بكل مكان و عليهما توخي الحذر كي لا يُقبض عليهما.
" أقرب حارس منكم يبعد عنكم قريب الخمسة أمتار فكونوا حذرين"
بيكهيون و كريس تبادلا نظرات خاملة و ساخرة، يبدو أن دي او قد تحمس، و لشدة حماسته أصبح غبياً.
بيكهيون أشار لكريس أن يتناول الرجل و يسلبه بطاقته من على عنقه، كي يسهل عليهم التسلل للداخل، و بيكهيون تولى رجلاً آخر يحدّه عن يمينه، أخذوا منهم بطاقاتهم التعريفية، و سماعاتهم الموصولة لغرفة الأمن الرئيسة.
" فلتبلغوا عن مواقعكم"
آتى هذا الصوت من السماعات و كان، على بيكهيون و كريس أن يغيروا من أصواتهم قليلاً، و يتولوا مكانهم الحالي.
" الرئيس يأمركم بتوخي الحيطة و الحذر، فهو يتوقع أن يتسلل بيون بيكهيون إلى قصره أو يداهمه، لذا فلتبقى أعينكم مفتوحة على القصر و أسواره و على أنابيب المياه و غيره فهو بارع في التسلق"
بيكهيون إبتسم ساخراً يهمس.
" علي أن أكون الشخصية الرئيسية في فيلم رعب ما"
آتى صوت دي او من السماعة الأخرى يقول.
" تقع غرفة الأطفال في الطابق الثالث، الغرفة في آخر الرواق يميناً، ستجد عليها حارسين على الأقل"
و بيكهيون تحدث عبر السماعة.
" و كيف علينا أن نصل إلى هناك؟"
دي او أجاب.
" أسهل طريق هو عبر باب المطبخ، ها هو أمامكم مباشرة، مسموح للحرس أن يدخلوا إلى هناك، لكن إن إنتظرتم لخمس دقائق، ففي تمام الساعة الثانية عشر منتصف الليل يتبدل الحارسان في الأعلى و يتولى المهام حارسين آخرين"
بيكهيون و كريس فضلوا هذا الإقتراح، و بعد خمس دقائق بالضبط بيكهيون و كريس دخلا عبر المطبخ؛ بينما دي او يتحدث في السماعة.
" عند مخرج المطبخ الداخلي ستجد مِصعد، خذوه للطابق الثالث و اخفوا وجوهكم ففيه كاميرا مراقبة"
دخل كريس أولاً يتبعه بيكهيون، لأن كريس كان قادراً أن يخفي رئيسه خلفه بطول قامته، تقدم كلاهما من الحارسين في آخر الرواق، ليتحرك كلاهما بخمول مبتعدين عن مكانهما، دي او تحدث.
" معكم خمس دقائق كي تخرجوا بالصغيرات فحسب، فالحرس المولون للحراسة الليلة قد يصلوا بأي وقت"
ثم اتبع مستذكراً.
" رجالكم في الداخل قد أعلمناهم أنك بالداخل، و هم جاهزون لشنّ هجوم على القصر متى ما أمرت"
بيكهيون تحدث ينظر في الباب، الفاصل الوحيد بينه و بين أبنتيه.
" أولاً سأخرج بناتي، ثم سنحتفل بشلال دماء"
دي او تنهد ثم قال.
" حسناً، على آية حال يمكنم الدخول الآن، لقد ثبتٌّ صورة الكاميرا فوقكم"
حينها بيكهيون لم يفكر لثانية حتى أخرج سلاحه و دخل الجناح، و رغم الصخب الشديد في صدره لكنه دخل بهدوء.
وجد سريريين ورديين أسوارهما مرتفعة، و إمرأتين في الداخل قد غفونّ على مقربة من الاسرّة.
بيكهيون كان مضطراً أن يضربهن حتى ينمن بعمق، سيكنّ شاكرات على آية حال صباحاً، لكنه الآن بحاجة لأن يكتم نوبة صراخ محتملة.
لم ينظر في السرير أو أي منهما كانت فيه، هو فقط لفّ جسدها بغطائه و رفعها حتى عنقه يدثرها به جيداً كما فعل كريس بالأخرى، ثم قال.
" ابنتي تدافع عنها بحياتك لو اضطررت، كُن حذر سواء عليها كانت بيرل او جيني"
أومئ كريس يقول.
" أمرك سيدي!"
خرج كلاهما من الجناح بسلام و عبر المصعد توجهوا إلى المطبخ، بيكهيون نظر حوله يفكر كيف عليه أن يخرج بالأطفال بأمان حتى وقع بصره على حاويات النفايات الشاهقة، هو آسف مقدماً لكنه لا يملك خياراً آخر.
هو بالطبع لن يضعهنّ في الحاوية، هو سرق كيسين أسودين ليضعهن بالداخل فرادى، ثم بيكهيون حمل الصغيرتين خارجاً يتحجج بأنهن قمامة، و كريس كان خلفه يراقب الوضع، حتى اوقفه إحدى الحرس قرب البوابة الخلفية يقول.
" إلى أين تذهب؟ و ما هذا الذي تحمله؟"
بيكهيون رفع الكيس إلى الرجل يقول.
" سأرمي القمامة خارجاً، حبيبتي تستغل حبي لها و تجعلني أتمم بعض من مهامها؟ أتحب أن تتأكد؟ قرب أنفك قليلاً و ستختنق"
و فعلاً قرب الرجل رأسه ليبتعد سريعاً بينما يسعل بقوة، بيكهيون بتهكم قال.
" صدقت؟"
و بيكهيون كان شاكراً لأي من صغيرتيه التي جعلت حفاظها نتن إلى هذا الحد، الحارس أومئ و ما زال يسعل، ثم أمر بفتح الباب ليخرج بيكهيون و كريس بقي في الداخل.
بيكهيون تمتم بينما يتوجه إلى السيارة.
" ماذا يطعمونكِ يا صغيرتي لتكون رائحة حفّاظكِ بهذا السوء؟ "
ثم تبسم يربت على هذه المؤخرة الصغيرة في الكيس يقول.
" شكراً صغيرتي، لقد أنقذتِ بابا، فتاة جيدة!"
وصل السيارة ففتح الحرس له الباب بلهفة، هناك كان دي او و هيون جونغ، بيكهيون أعطى الكيسين للرجلين يقول.
" الأطفال بالأكياس، اخرجوهن و توجهوا للقصر، أراكم هناك"
سُرعان ما فتح هيون جونغ عليهنّ الأكياس و اخرجهنّ، كان بيكهيون قد غادر برجاله فعلاً دون أن يرى بناته.
و الآن عاد يخلفه جيش من الرجال، و على الحارس الذي إستوقفه قبلاً، رفع سلاحه و تجهز للإطلاق يقول.
" سلم نفسك و انحني بجذعك و إلا قتلتك!"
سرعان ما إنحنى الرجل و قيدوه رجال بيكهيون ينزعوا سماعاته، ثم كان هجوم بيون بيكهيون برجاله، داهم القصر بناره يطلق على كل من قد يعترض طريقه.
النار كانت مفتوحة على أكمل وجه، و بيكهيون قاد الجهة الأقوى الآن، فلقد عد العتاد جيداً لهذه المعركة التي كانت حامية الوطيس، فالطرف الآخر أيضاً قوي لا يُستهان به.
لكنهم يملكون نقطة ضعف وحيدة ليست موجودة في صفوف رجال بيكهيون، الجُبن و الخيانة، فلقد إستسلموا نصف رجال تايهيونغ بمجرد أن يُرفع عليهم سلاح، و الذين حاربوا قِلة، أما الهاربون فكُثر.
حينما إنتهى من الحرس بلغه أن تايهيونغ قد دمر قصره، و لولا أن هذا القصر فيه أناس أبرياء يعد العمل منه مصدر رزقهم الوحيد، فما توانى عن تفخيخه بالقنابل، فهكذا هو يدمر عادة.
لكنه سيتبع طريقة تايهيونغ هذه المرة، و أمر رجاله بأن يكونوا غيمة رصاص على مرافئ القصر، فدمره تدميراً ما بعده إصلاح، و تأكد بألا يُصاب أحد من العُزّل في هذا، فله في الحرب أخلاق لا يتجاوزها.
بيكهيون جمع من إستسلم من رجال تايهيونغ، و ربطهم جميعاً في منتصف الساحة، ثم آتى بعارضة خشبية و كتب عليها بخط عريض.
" ربّي رجالاً لا خِرافاً، دوركَ هو التالي!"
و نعم كيم تايهيونغ حصل على لقب زعيم الخِراف و بشهادة بلاتينية من بيون بيكهيون، ملك الألقاب التافهة.
لكنه لن يسمح له أن يهنئ باللقب، سيقتله بحلول الغد، الليلة إستعاد جيني و بيرل و حتى الغد سيستعيد جويل و يقتله، هذه هي النهاية التي رسمها لهذه الحكاية.
إلا إن إعترض القدر بطرقه الملتوية و قلب الطاولة...!
عاد بيكهيون بعد أن حيّى رجاله على عملهم الدؤوب و الشجاع، فلقد تمت المُهمة بتخطيط سريع، و دون تدريب مُسبق أو حتى تبليغ.
هو فقط قال لهم أن يجتمعوا فاجتمعوا، دون أن يخبرهم عن طبيعة المهمة شيء، و عندما زوّدهم بالسلاح علموا أنهم بمهمة مع الموت، لكنهم شُجعان و على هذا تدربوا، أن يواجهوا الموت ببسالة.
في السيارة، بيكهيون كان في الخلف يجلس، و كريس بجانب السائق، و بيكهيون الآن يشعر بشعور جديد عليه، الخوف!
بيكهيون خائف من أن يواجه جيني الآن، أن ينظر في عينيها الضاحكة فيجد بهما أنها تلومه بلا كلام، لأنه ترك صفها، لأنه ما كان معها عندما سرقوها منه، لأنه لم يحميها جيداً.
بيكهيون لا يبالغ، هو حرفياً يخاف على مشاعر ابنته و على مشاعره من ابنته، فلن يقدر أحد في هذه الحياة أن يؤلمه بقدرها، أن يلومه، يوبخه، و يزجره كما تفعل هي.
لأنها ملاكه و أمله الوحيد، و الهدف من حياته...!
وصل القصر، لكنه هادئ من صوت ضحكاتهنّ، لذا دخل سريعاً بأقدام ترتعش، رغم أنه الفجر بالفعل لكن العائلة بكامل أركانها مجتمعين في صالة الجلوس، لذا بيكهيون تقدم مع بضع مخاوف.
وجدها صغيرته تنام بين ذراعي أمه، فهرع سريعاً إليها، و جثى أمام حُضن أمه ينظر إلى إبنته عن قرب قائلاً.
" ما بها نائمة؟ أهي بخير؟ ليس بها أي ضربات أو كدمات؟"
السيدة مسحت دموعها قبل أن تمرر أناملها في خُصله الرمادية تخاطبه.
" لا تخاف، هي بخير، إنه الفجر، من الطبيعي أن تنام بهدوء"
حينها فقط بانت إبتسامته الثمينة، و أومئ إلى أمه يقول.
" إذن هي بخير"
أومأت السيدة تؤكد له، حينها اقترب بيكهون من طفلته، و طبع على وجنتها قُبلة خفيفة، ثم طبع أخرى على يدها، و عاد ليقبل وجهها.
مسح عينيه بخشونة حينما شعر بالدمع يتسرب إلى مقلتيه، ثم قال يمد ذراعيه.
" أمي أعطني أياها، إنني لا أطيق صبراً كي أضمها إلي"
مدت السيدة له بها، و بيكهيون تناولها بحذر عن والدته، أسهب النظر في ملامح وجهها اللطيفة، لقد نالها بعض التغيير إثر نموّها.
حملها حتى جعلها على صدره تنام و رأسها الصغير على كتفه، و ذراعيها القصيرة حول عنقه، ضمها بقوة، و حينما ما قدر أن يقاوم حاجته للبكاء بكى بهدوء شديد يخبئ وجهه في عنقها.
ضمها بقوة إليه حتى أنه أزعجها فاستيقظت على كتفه، شعر بأطرافها تتحرك فرفعها سريعاً حتى ينظر إلى وجهها.
إتسعت عينا الصغيرة، و وضعت كفيها على وجنتيه، و بقدميها أخذت تتحرك بحيوية.
" بابا!"
بسرعة ما تعرفت عليه، ضمها إلى صدره بقوة من جديد، و شفتيه مشغولة بطبع قُبل أينما كان عليها، و صوت قهقهاتها كان صاخباً كما العادة.
" يا قلب بابا...يا حبيبتي!.. صغيرتي الثمينة... ابنتي الغالية!"
رفعها لتجلس على ذراعه، ثم داعب وجنتها الممتلئة بسبابته يبتسم.
" أنتِ الوحيدة القادرة على كسري، وحدكِ من تقدرين علي!"
نهضت السيدة هانمي تمسح دموعها متأثرة بعاطفته الفجّة، و أبوّته المشحونة، ربتت على ظهره تقول.
" هدئ من روعك يا بني، ها هي تضحك و تتدلل عليك كما إعتدنا، هي بخير!"
بيكهيون أومئ يمسح دموعه العالقة على رموشه، ثم نظر إلى الجالسين ليجد بيرل تجلس على قدمي نانسي، و تنظر إليه بعينيها الربيعية.
تبسم لها فابتسمت، ثم بيكهيون سلم ابنة دمه لأمه و توجه إلى ابنة قلبه، حملها عن نانسي و رفعها إلى نظره ينظر في وجهها الجميل كم ناله التغيير.
الصغيرة رفعت يدها لتتحسس بها أنف بيكهيون تقول.
" بابا؟"
بيكهيون إبتسم، ثم ضمها إلى صدره مولوعاً كلوعته الأولى أو أقل بقليل، إحتضنها إلى صدره، و غمس أنفه في عنقها يشتم رائحتها، التي رغم تغيرها إلا أنها ضلت زكية كما يعرفها.
" أنتِ أيضاً ابنتي و أني محتفظ بك حتى لو في سبيلكِ قاطعت الجميع، أنتِ أنجبكِ قلبي لو ما كان دمي"
إقترب حيث تجلس أمه بطفلته و جلس بجانبها، ثم حمل جيني على قدمه الأخرى، و ضمّ الصغيرتين إلى صدره يقول.
" و الآن توجهوا جميعاً إلى النوم، لدينا يوم طويل في الغد، أما أنا فسأذهب ببناتي إلى جناح أمي و نزعجها الليلة، أليس كذلك صغيرات بابا؟"
هنّ كنّ مشغولات بشجار على إحدى أزرار قميصه، الجميع فعلوا كما قال، و هو توجه إلى جناح أمه، وضع الطفلتين على السرير، و نام إلى يمينهنّ بجانب والدته، أما السيدة فقد سهرت فوق رؤوسهم حتى الصباح.
ها هي قد إستعادت إبنها و حفيدتيها، بقيت جويل، ترجو أنها بخير.
.....................
و حيث المذكورة تكون، ففي وقت مساء اليوم، الدمع يقف في عينيها بينما تايهيونغ يُمارس عليها هوسه.
قد فعلت ما تستطيع فعله لكي تتخلص منه، لكنه في كل مرة يزداد بها تمسكاً، وجهت له كلاماً جارح و لم يهتم، ركلت ماضيهما معاً و ذكرياتهم الحُلوة، حقّرته، نفرته، رفضته.
لكنه يأبى أن يُحرر نفسه منها.
كما العادة منذ أن وضعها محل دُمية في حياته، ها هو يلهو بها، مرت ستة أسابيع و ما يزيد، و هي تمارس رغماً عنها دور الدُمية.
فتايهيونغ مهووس بها لأقصى حد، و هي ما كانت تظن أن ما يفصله عن الجنون شعرة، قطعها حبه لها.
حبه المؤذي... الذي يؤذيه و يؤذيها!
تجلس على كريس خشبي أمام تسريحة إبتاعها لأجلها، كان يقف خلفها و بيد مِشط يُسرح به شعرها.
الدمع كما العادة يملئ عينيها، و يستر جسدها الهزيل فُستاناً أبيض من إختياره، هكذا تقضي يومها، تسير وفق رغباته المجنونة.
فتارة - كما الآن- يسرح شعرها، تارة يطعمها، تارة يجبرها أن تبدل فستانها، تارة يجعلها تنام على صدره.
وضع المشط جانباً ثم أخذ يرتب شعرها على كتفيها، ثم إنحنى بجذعه حتى إتكئ بذقنه على كتفها، أحاط خصرها بذراعيه، و تبسم للمرأة التي تجمعهما سوياً.
" انظري إلينا ما أجملنا! إننا أفضل ثنائي على هذه الأرض!"
أجابت بهدوء.
" لقد كنّا و لم نعُد، لأن لا نصيب لكَ بي و لا نصيب لي بك، لكنك تأبى أن ترضخ لما إنتهى إليه قدرنا و تقاوم ما لا تقدر على تغييره"
أفلتها و ابتعد عنها حتى جلس على السرير فها هي من جديد تفتح هذه الديباجة، و هو ببساطة لا يريد أن يسمع المزيد، لكنها لم تصمت بل أتبعت بنبر هادئ تحثه.
" لا تستطيع أن تهرب من قدرك، أنا لستُ نصيبك و لا أندرج في مستقبلك، فلِمَ لا تتخلى عني؟!"
نهضت عن الكرسي و اقتربت منه حتى جلست بجواره، ثم حملت يده بين راحتيها و استرسلت.
" أنا لا أستحق حبك، لا أستحقك، لقد فضلتُ رجلاً آخر عنك، فلِمَ أنت مُصِرّ أنت تحتفظ بي؟"
" لقد خنتُك، دهست على قلبك و اخترت مشاعري، كن مثلي و دوس على علاقتنا البالية و امضي، أنا لا أريد لك مصيراً أسود في النهاية، إنني لا أقبلها عليك، لذا..."
تمسكت بيده أقوى و جذبتها إلى صدرها تقول بعدما تركت دمعها.
" تخلى عني و امضي ما دامت الفرصة سانحة، من الآن اتركني و اذهب لحياتك"
سحب يده منها، و نظر في وجهها يرمقها ببرود ثم نهض يقول.
" لا تتحدثي كثيراً، حديثكِ بلا فائدة لذا وفري على نفسكِ الجُهد"
خرج و هي تنهدت تجلس على السرير تضع رأسها بين يديها، لقد وصل بها الحال معه إلى اليأس، لا يكف عن تمسكه بها و مهما ذرفته عنها تشبث بها، و الأدهى من ذلك ألا أحد يبحث عنها.
أصبحت تفكر منذ فترة، هل يُعقل أن بيكهيون لم ينجو؟! أيعقل أنه مات؟
هي كانت تذرف بالفكرة بعيداً عن رأسها كلما راودتها، لكن شكوكها مؤخراً إزدادت كثيراً.
خصوصاً أنها تعلم بأن دمه من نار و لا يصبر، لكنه لم يظهر، ذلك لا يملك سوى تفسيراً واحداً أمامها، بأنه مات بالفعل.
نهضت على قدميها و تحركت إلى الخارج، لكنها لم تجده في الجوار، تحركت ناحية الباب تطرقه فرد عليها الحارس من خلفه.
" نعم سيدتي!"
جويل تسآلت.
" هل غادر تايهيونغ؟"
الرجل أجابها.
" نعم سيدتي، أتحتاجين شيء؟!"
هي أجابته بعد أن فكرت لوهلة.
" نعم، هل تستطيع أن تتخلص من هذا؟!"
أجاب بينما يفتح الباب.
" نعم سيدتي"
و لا يدري من أين أتت بالسلاح لترفعه بوجهه و تهدد، حينما كانت تجلس بجوار تايهيونغ قبل قليل سحبت السلاح عن خصره دون أن يشعر.
" ابتعد عن طريقي و إلا أطلقتُ عليك!"
رفع الرجل يديه و ما خوّله عقله و لا مظهرها الوديع لأن يظن بأنها بالفعل تستطيع أن تطلق عليه.
" سيدتي فلتهدأي قليلاً و اعطني السلاح، أنه خطير"
أطلقت رصاصة إلى جانبه فابتعد سريعاً.
" أعلم أنه ليس لعبة، إن إعترضت طريقي سأقتلك صدقني"
أومئ لها يزدرئ جوفه ثم هي أمرته.
" إلتفت!"
فعل كما أمرته فإذ هي تضربه بقعر السلاح على قِفا رأسه، سريعاً ما وقع مُغشى عليه.
رمقته و الخوف يراودها أنها ضرّته زيادة، إنحنت ترى إن كان يتنفس، ثم ركضت خارجاً فهو حيّ، تايهيونغ وثق زيادة بها أنها لن تهرب منه، ليس حباً فيه لكن خوفاً منه.
لكنه ليس بيكهيون لذا الهروب فكرة راودتها منذ أول يوم لها في أسره، لكن اليوم فقط توفرت هذه الفرصة، و توافقت بأنها قادرة أن تجري و تجري بلا توقف، عليها أن تتحرر من أسره مهما كانت النتيجة.
لأنها الآن تملك دافع أن تعيش، لو خسرت بيكهيون و جيني، لكنها ما زالت تملك بيرل دافع لتعيش، و تملك أمانة وجب عليها أن تحافظ عليها.
جرت بين الأشجار الكثيفة، رغم أن الليل دامس و الغابة مأهولة بالحيوانات، لكن الخوف لم يزعزع عزيمتها الآن.
ركضت حتى شعرت بقدميها لا تقدران على حملها، فإذ هي وقعت أرضاً تلهث أنفاسها و تمسح عرق جبينها.
وقفت بعد إن إستعادت جزء من قوتها، ثم أخذت تجري من جديد حتى وصلت الشارع، لم يكن مأهول بالمركبات فها هي تقف عليه منذ عشر دقائق و لم تمر سيارة واحدة.
إستبشرت خيراً عندما رأت سيارة آتية من بعيد، وقفت سريعاً تؤشر لها، و كي لا تتجاهلها وقفت جويل في منتصف الشارع.
توقفت السيارة إضطراراً فنزل منها السائق بهيئة غاضبة تقدم لها.
" لِمَ تعترضين الشارع أيتها السيدة؟ ماذا تريدين؟"
لكنه تحدث بالصينية، هذا يعني أنها ليست بكوريا حتى، ربما هي بالصين بالفعل، تذكر قبل أسبوع تايهيونغ نوّمها و عندما أفاقت وجدت نفسها بمستودع جديد عليها.
" أرجوك ساعدني!"
قالتها بالصينية، هي تعلم بعض الكلمات المفتاحية فحسب بالصينية، الرجل قبض حاجبيه، ثم ركض إلى السيارة يغلق زِر سترته، و تحدث إلى أحد يجلس في المقعد الخلفي، حينها علمت أنه مجرد حارس.
ترجل رجل من بعده يتقدم إليها ببدلته الرسمية و هيئته المُهيبة، آسيوي الملامح لكنه جميل، قصير القامة نسبياً كما بيكهيون بالضبط، تحدث بالإنجليزية فلقد ظن أنها إمرأة أوروبية.
" عذراً، بماذا نساعدك؟"
تحدثت إليه.
" أنا عالقة هنا، لا أدري أين أنا، أنا كورية، أرجوك ساعدني كي أعود إلى بلادي، و سأعطيك ما تريد في المقابل"
حينها أجابها بالكورية يقول.
" إذن هيا اصعدي سيدتي، سأساعدك"
رغم أنها لا تثق بالغرباء لكنها لا تملك فرصة أخرى، إما أن تذهب معه او تبقى عالقة هنا حتى يأتيها تايهيونغ.
صعدت معه، ثم أشار الرجل لسائقه أن ينطلق في طريقه.
" ماذا تفعلين في الغاب يا آنسة؟"
أجابته.
" أنا في الحقيقية إختطفني زوجي السابق يرفض التخلي عني، رغم أني تزوجت من جديد، لقد حبسني بمكان قريب في الغاب"
أومئ مستهجناً يقبض حاجبيه، ثم قال.
" ما اسمكِ؟ من أنتِ؟"
أجابت.
" دو جويل، أنا زوجة بيون بيكهيون، ابن وزير الداخلية في كوريا"
إتسعت عينيه يقول.
" سمعت بقصتك! زوجكِ السابق كيم تايهيونغ؟!"
أومأت فمد يده ليصافحها قائلاً.
" أنا كيم جونغداي"
...................
الفصل القادم بعد 400 فوت و 1000 تعليق.
1.رأيكم ببيكهيون؟
مشاعره ناحية جيني؟
المداهمة؟
٢.رأيكم بجويل؟
٣.رأيكم بتايهيونغ؟
٤.رأيكم بكريس؟
٥.رأيكم بدي او؟
٦.رأيكم بنانسي؟
٧.رأيكم بالسيدة هانمي؟
٨.رأيكم بالبارت ككل و توقعاتكم للقادم؟!
إنتهى...
Коментарі