تقرير
Part One
Part Two
Part Three
Part Four
Part Five
Part Six
Part Seven
Part Eight
Part Nine
Part Ten
Part Eleven
Part Twelve
Part Thirteen
Part Fourteen
Chapter Fifteen
Chapter Sixteen
Chapter Seventeen
Chapter Eighteen
Chapter Ninteen
Chapter Twenty
Chapter Twenty-one
Chapter Twenty_two
Chapter Twenty-three
Chapter Twenty four
Chapter Twenty five
Chapter Twenty-six
Chapter Twenty-seven
Chapter Twenty-eight
Chapter Twenty-nine
Chapter Thirty
Chapter Thirty-one
Chapter Thirty-two
Chapter Thirty-three
Chapter Thirty-four
Chapter Thirty-five
Report || تقرير
Chapter Thirty-six
Chapter Thirty-seven
Chapter Thirty-eight
Chapter Thirty-nine
Chapter Forty
Chapter Forty-one
Chapter Forty-two
Chapter Forty-three
Chapter Forty-four
Chapter Forty-five
Chapter Forty-six
Chapter Forty-seven
Chapter Forty-eight
Chapter Forty-nine
Chapter Fifty
Chapter Fifty-one
Chapter Fifty-two
Chapter Fifty-three
Ch 54|| لؤلؤ
Ch55|| بيننا قدر
Ch 56|| تخبط
Ch 57|| ضعف
CH58||المقاومة
Ch59|| !يا حب
CH60|| خاشع للقلب
CH61|| إحتضار
CH62||بتلات ميتة
CH63|| هُدنة
CH64|| في الغياهب
CH65||خُدع
CH66|| حب زائف
CH67||إلى البداية
CH68||شتات
CH69||أقتل الحب
CH70|| فوضى
CH71|| عهد جديد من البسالة
CH72||فصل النهاية
CH73||الإنفجار العظيم
CH74||حالة حب
CH75||تصلحه و تبنيه
CH76|| طُرف الحب
CH77|| الملاك الشقراء
CH78||نِعمة
CH79||إبنة قلبه
CH80||بيكهيون و ملائكته
CH81||عِناق الموت
CH82|| المقاومة
CH83|| حوافز
CH84||العودة
CH85|| نهاية حرب الدماء
CH86|| تقلبات زمن
CH87|| اقتلني أو اشفيني
CH88|| بين نارين
CH89|| مُقرمشات
CH90|| وعكة نفسيّة
CH91||طَوق
CH92|| البطل الأبديّ
THE END|| حاقد عاشق
CH77|| الملاك الشقراء
" الملاك الشقراء"





" جويل، جويل! تعالي إلى هنا، حذرتكِ ألا تهربي مني!"

لكن جويل هربت من الجناح ركضاً خارجه إلى جناح السيدة هانمي هرباً من بيكهيون و سخطه.

كانت ترتدي جويل فستان أخضر اللون، بدرجة هي أغمق من لون عينيها بقليل، و يصل طوله إلى ركبتيها، و هذا ما أغاظه أكثر.

فكلما ركضت هرباً منه؛ إرتفع الفستان بفعل الهواء لبضع إنشات تسفُك من سِتر ساقيها، تبعها بخطوات واسعة، إذ أنه و بلا إبتذال يغار عليها من الهواء حتى.

بدأ الغضب يشتعل في رأسه بحق، خصوصاً أنها تلتجئ لغيره منه، و هذا أكثر ما يكرهه بالإضافة إلى فستانها الذي يطير عنها، لذا هو هسهس يصر على أسنانه حتى إحتد خط فكّيه.

" سأقتلكِ يا إمرأة!"

دخلت جويل سريعاً إلى جناح السيدة، جعلتها تنهض سريعاً و احتمت بظهرها بفزع، السيدة وقفت بفزع تحمي جويل بظهرها، فقد فهمت أن بيكهيون آتٍ بما أن جويل ترتعد خلفها خوفاً منه، لكنها لا تدري لماذا، كانا صباحاً يتغازلان، و رغم توبيخها الحار إستمرّا.

سُرعان ما وصلها صوت جويل الخائفة من خلفها، كذا صوت بيكهيون الحانق و هو ينادي عليها بغضب من الخارج.

" أمي أرجوكِ احمني من بيكهيون، سيقتلني إن هو أمسك بي!"

كادت أن تسألها السيدة عمّا جرى بينها و بين إبنها، لكن بيكهيون داهم الجناح، كذا داهمها فجعل السيدة مُشتتة الذهن، و رغم أنها أمه و ليست المقصودة في غضبه، إلا أن أطرافها إرتعشت، خصوصاً أن سِنحته مقلوبة و لا تُبشر بالخير إطلاقاً.

تمسكت السيدة بثوب جويل خلفها، و تحدثت إلى ابنها بعد لحظات إستهلكتها لضبط نفسها، تخشى أن يُعيد الماضي نفسه، و ينتهي الحال الآن بنهايات مؤسفة كالسّالفة.

لأن بيكهيون و إن أحبها، فلا تخاله قادراً على ضبط إنفعاله إن غضب، و ها هو ذا، غاضبٌ و منفعل، و هي أمه، أدرى بإبنها عن سِواها.

" ما الذي جرى؟ بُني، جويل، تحدثا برفق! لا داعي لكل هذا الغضب يا بيكهيون!"

تجاهل بيكهيون قول والدته، رغم أنه شعر بقلقها مُضمّن في نبرة صوتها المهتزة، و وقف متخصراً يرمق جويل خلفها بغضب، بينما يزفر أنفاسه مهوِّلاً إنفعاله.

أومأت جويل تِبعاً لقول السيدة، ثم تحدثت إليه راجية من خلف ظهر السيدة.

" نعم، بيكهيون إهدأ أرجوك! الأمر لا يستدعي كل هذا الغضب!"

لكن بيكهيون بغضب أشوس رماها بالأوراق التي بيده، فشهقت بفزع و إختبأت كلها خلف ظهر والدته من جديد، حتى أنه لم يظهر منها شيء.

تقدم بيكهيون من المرأتين بخطوات بطيئة كذا قصيرة متخصراً، و الحِمم تخرج من فاهه لقاء الكلمات.

" تريدين مني أن أصبح أسمراً، أليس كذلك؟!"

قبضت السيدة حاجبيها، بينما جويل خلفها أخذت تنفي برأسها و يديها، تقول و هي على حافة البكاء.

" أنت جميل هكذا، بل رائع، بل أوسم رجل في الكون!"

أومئ مشككاً بصدق كلماتها، إذ يعلم أن ما قالته كان بقصد النجاة و ليست صادقة، إقترب منهما أكثر، فتزعزعت بشيء من الفزع، تتمسك بثوب أمه من دُبر، ثم تباكت تفاوضه.

" بيكهيون أرجوك فلتهدأ، أنا أحبك أنت فحسب!"

لكن بيكهيون الغيور لم يهدأ، لقد سبق و إن وصله تقرير من كريس عن تلك الفرقة الإستعراضية، التي أبدت جويل إعجابها بها.

و هو فوراً بحث عن التقرير و الصور التي تخص العضو كاي تحديداً، إنه أسمر و ببدلة حمراء لعينة، يشكل بيده المسدس المقلوب، الذي سبق و شكلته زوجته المصون، و ملامح وجهه بدت لعوب بسبب التعبير المثير الذي يرسمه، جعلت تلك الصور بيكهيون يشتم جويل عالياً.

ما كان يعلم أنها تتجسس عليه من شُرفة جناحه إلا عندما تفجَّرت من فاه كريس ضحكة خافتة، ما عاد يستطيع كتمها.

إلتف رأسه ليراها تقف هناك متوارية عنه خلف أساور الشُرفة، ثم هو هددها بنظرات عينيه أنها ستنال عِقابها، فهربت إلى الداخل.

و بينما هي تحاول إستجماع أعذارها كذا شجاعتها، التي إندثرت بظرف ثانية، إقتحم الجناح بقوة.

كلّفها الهروب منه أن تقفز من فوق السرير حتى تستطيع الخروج، و ها هما الآن يفرقهما حاجز بشري يتمثل بجسد أمه المسكينة، التي تنهدت بأستياء إثر صبيانيتهما، لقد ظنّت أن أمراً عظيماً قد وقع بينهما.

صاحت السيدة بغيظ، لقد إستهلكا كل قطرة دم في جسدها، لقد شحب وجهها خوفاً، و في النهاية؛ هما يفتعلان شجاراً تافهاً لسبب تافه أيضاً.

" يا أحمقان!"

لكن أيٌ منهما لم يتزحزح من مكانه أو يلتفت لها، ما زالت جويل تحتمي بظهرها، و بيكهيون يقف غاضباً بكل جديته أمامها.

و في النهاية، قد ملّ بيكهيون من ملاحقت زوجته كالفأر و القطة، و لا يدري كيف أن زوجته الحمقاء تتدرع بأمه، و هي تدري -عن خِبرة سابقة- أن أمه درعاً رديئ أمام قدراته الفذّة.

أمسك بها من حمّال فُستانها بحركة سريعة جعلتها تصيح، قبض عليه و إجتذبها إليه بقوة لتصيح مجدداً بفزع.

حاولت الهروب من قبضته، لكنها فشلت فشلاً ذريعاً، خصوصاً حينما حملها و ذرفها على كتفه، و كأنها كيس بطاطا.

ضحكت السيدة بخفوت، و قررت ألا تتدخل بينهما رغم رجوات جويل أن تفعل، إستدار بيكهيون بقصد المغادرة و زوجته على كتفه، لكن قد إعترض طريقه كومتان على الأرض، فنظر إلى الأسفل.

تنهد بأستياء، و هتف مهدداً حينما ميّز هاتين الكومتين اللطيفتين أرضاً.

" بيرل و جيني، إنصرفن عن طريقي و لا تتدخلنّ، أمكنّ معاقبة معاقبة"

تبسمنّ الصغيرات بينما يمتصنّ الحليب بجد من قواريرهنّ، إذ ظننّه يلاعبهنّ، لكنه تنهد بأستياء و عبر من فوقهنّ يهسهس.

" فتيات قليلات أدب!"

تجاوزت جويل عن حماقته مع الأطفال، و تمسكت بأظافرها بسترته، ثم تباكت ترجوه من جديد، فموقفها الآن أصعب من أن تفاوضه حول عقليته الخرقاء حول الصِغار، عليها أن تنجو من غضبه فحسب.

" اسمعني بكبك ص...!"

لكنها شهقت بقوة حينما صفع قِفاها، و رغم أن ضربته لا تؤلم، لكنها تجمدت، و تحول وجهها للون الأحمر كلياً.

" أخبرتكِ ألا تنعتيني بهذه الألقاب الغبية! و ستُعاقبين على ذلك أيضاً."

الآن حقاً بكت، فلقد سرق منها الحرج لون وجهها، و شعرت بحرارتها ترتفع إثر التوتر الشديد الذي أصابها.

تعلم أنه رجلٌ منحرف، لكن ما لم تتوقعه منه أن يصفع قِفاها، ببساطة تتمنى أن تختفي في هذه اللحظات و حسب!

ولج إلى جناحه الخاص، و أحكم إغلاق الباب متنعماً بالصمت و الهدوء الذي يقابله منها، ثم بيكهيون رمى بها على سريره بلا أن يلحق بها الألم.

هي قعدت على فراشها بينما تنظر إليه ينزع سُترته، فإزدرئت جوفها، و بدأت الأفكار السيئة تأتي إلى رأسها.

لِمَ هو قد يخلع سترته بينما يرمقها بنظرات ساخطة؟
هذا الموقف يجعلها تتذكر تلك الليالي العُجاف رغماً عنها.

شهقت تغطي عينيها حينما مزّق قميصه بلا أن يستهلك الأمر منه ثوانٍ، ثم إنعكفت على نفسها تبكي، تستسلم لألم تلك الذكريات، و هي إنتفضت بخفة حينما رمى بقميصه على قدميها.

صوته الآمر وصلها، و تعلم جيداً أنها عليها بطاعته و إلا ظهر وجهه ذاك، إن لم يكن قد ظهر بالفعل.

" ارفعي رأسكِ و انظري إليّ!"

و رغم أنها تعلم أن العواقب وخيمة ما أجابته، فردد اسمها بشيء من الغضب.

" جويل!"

إرتفع حاجبه عن ناصيته، و تخصر بغضب حينما لم تجيبه، فلجأ إلى تهديدها.

" سأقتلهم هؤلاء!"

حينها فقط رفعت رأسها فتبسّم إبتسامة ساخرة، يبدو أنها معجبة وفيّة لهم، هذا ما دار في باله بينما هي تنتزع كفيها عن عينيها ببطء.

إزدرئت جوفها حينما وجدته يقف قِبالتها عاري الصدر، يقف متخصراً، و يرمقها بسخط، و حاجبه مرتفع عن ناصيته.

حينها همست بصوت خافت، تحاول ببؤس أن تصالحه بلا أي أضرار لاحقة عليها، أو على علاقتهما الجديدة.

" بيك، تعلم أنني أحبك جداً"

حرك كتفيه بمعنى أنه لا يدري كذا برم شفتيه، تحرك من أمامها حتى وقف أمام المرآة القريبة، و أخذ يُقيم نفسه على مسامعها.

" أنا رجلٌ مثاليّ، أملك وجهاً جميل و جسداً رياضيّ، كذا قدراتي الليلية مذهلة، و أنتِ خير شاهد، أليس كذلك؟!"

إزدرئت جوفها و أخذت ترمش بإضطراب، كيف يتحدث بهذه الطريقة و يتباهى بقدراته و جماله؟
لا تدري، رغم أنها إعتادت على فسوقه كذا تباهيه، لكن ذلك مُحرج جداً.

إستدار إليها، و همهم ينتظر جوابها، لذا أومأت تُقِرّ كلامه بسبب إصراره، فأتبع يتهمها.

" إذن لِمَ إمرأة مثلكِ تملك رجلاً مثالياً مثلي قد تنظر إلى غيره و تُعجب بسِواه؟!"

أمال رأسه يميناً و عاضد ذراعيه إلى صدره يهمهم حينما صمتت عن الرد، جويل شاكست شعرها بأناملها قبل أن تنهض عن السرير، تحمل قميصه الذي خلعه للتوّ.

قدمت القميص له بينما تشيح ببصرها عنه، تناول منها القميص بعد أن رمقها لوهلة، ثم إرتداه دون أن يعقد أزراره.

عاد ليستند على المنضدة خلفه بينما ينظر لها بصمت، كان ينتظر منها أن تقول أي شيء على أن تبقى صامتة هكذا، كأن تقول بأنها ليست خائفة، أو أن مزاحه ثقيل، أياً كان، المهم أن تقول شيء.

و تحدثت أخيراً على شاكلة همس خافت، بل و ابتسمت بخفوت.

" أبو البكابيك..."

ثم ركضت هرباً منه خارجاً حينما حاول الإمساك بها و قد عاد غضبه من جديد.

قررت جويل أن تناديه بهذا اللقب عقاباً عمّا فعله لإخافتها... كان ذلك عادلاً بعض الشيء.



.........................





" بيكي!"

همهم فابتسمت السيدة هانمي بينما تُعدل له ياقة قميصه.

و نعم، بيكهيون بدأ يعتاد على تلك الألقاب الغبية، فلا حيلة له أمامهنّ -زوجته و أمه-.

إجتذبته السيدة لعِناق دافئ إلى صدرها، و همست و قد أدمعت عيناها.

" أشعر و كأنك تتزوج للمرة الأولى، كما لو أنك فرحتي الأولى، و آخر فرحاً لي"

تبسم بيكهيون يمسح على شعر والدته بلطف، نعم هو يملك ذات الشعور، هذا فرحه الأول و الأخير.

إنه فرحه الحقيقي، حين زُفَّت إليه عروسه راضية، تريده كما يريدها، هكذا يكون الفرح، سيعتبر أنها المرة الأولى التي تُزف بها جويل عروساً له، و ستكون الأخيرة و الأبدية.

إنه وقت البدايات الجديدة، وقت أن يمزيق صُحف الماضي بسوداه و حقده...

كان يستعد لحفل زفافه البسيط- كما أرادت جويل أن تقيمه في حديقة المنزل-  في جناحه المُزين بزينة رومانسية على ذوق والدته، يطغى اللون الأحمر على أنحائه الفسيحة، فالليلة ستكون ليلة تستحق أن يخلد ذكراها لأبد الدهر.

نظر عبر شُرفة جناحه إلى الحديقة حيث الحفل قائم، ضحك بخفة حينما رأى صغيرتيه على إحدى الطاولات يلعبنّ برعاية شقيقته نانسي و تلك الطفلة الوقحة -على حسب تعبيره- فلورا.

خرج من جناحه بعد أن ألقى نظرة أخيرة راضية على المرآة، ثم قادته قدميه إلى جناح والدته، هناك حيث تتجهز جويل للحفل، طرق الباب بخفة، و حينما سمع صوتها بالداخل يأذن له بالدخول دخل.

كان متحمساً ليراها ترتدي لأجله الفستان الأبيض، متشوق ليرى ملاكه بفستانها الأبيض، فقط لأجله و إحتفالاً به.

دخل و وجدها تجلس على إحدى الآرائك و تحمل بيدها باقة من الأزهار، و إبتسامة عريضة تعمر شفتيها إزدادت إعماراً حينما رأته، تقدم منها مسلوب الحِس حتى أصبحت أمامه باذخة.

إزدرئ جوفه ثم مدَّ يديه لها، لتتمسك بها و نهضت، جعلته لا يتكتم على سعادته، إذ أنه غار على كلا كفيها بقبلتين رقيقتين، ثم طبع على جبينها قبلة ، و لم ينسى نصيبه من شفاهها.

تبسمت بخجل حينما إبتعد قليلاً، لا تذكر متى أصبحت يديها معلقة بتلابيب قميصه بينما يقبلها، و لا تذكر كيف أصبح قريباً منها لهذا الحد.

شاكس أنفها بأنفه و إبتساماتهما تقول الحكاية، أنهما سعيدان، و أن اليوم لهما، و هذا فرحهما، و السنين القادمة بين أيديهما.

إنحدرت يديه من على ذراعيها حتى وصل كفيها، شابك إحدى يديها و بذراعه الأخرى إحتضنها إليه، يستنشق العَبَقَ الذي ينتشر من شعرها و بشرتها.

إن رائحتها وحدها قِصة حب...

سحبها معه إلى الخارج بعدها، فستان زفافها هذا كان مختلف، هي من إختارته، أنه طويل و ضيق على جذعها - و رغم أن تفصيله لمنحنيات جسدها يغيظه،لكنه لم يعترض، فقط لأجل سعادتها-، ثم أن طول فستانها ينحدر ببساطة على طول قامتها.

تضع على رأسها أكليلاً أبيض، و شعرها مُرتاح على ظهرها و كتفيها، أما بيكهيون فيرتدي بدلة سوداء يسفُلها قميص أبيض، و كما طلبت جويل منه سابقاً، لبّاها و وضع ياقة لعنقه للمرة الأولى في حياته.

تمسك بها و حمل لأجلها أطراف فستانها الطويلة بينما ينزالان معاً السُلَّم، وصل بها إلى الباب الخلفي الذي يطُل على الحديقة.

توقف خلفه لبضع ثوانٍ يهمس لها.

" جاهزة؟"

نفثت أنفاسها بهدوء ثم إبتسمت تومئ.

" نعم جاهزة"

عكف لأجلها ذراعه و هي تأبطتها، ثم طرق على الباب كي تفتحه أمه لهما، إستمعا إلى صوت التصفيق الحار، و صوت تصافير بعض من حرسه المقربون حينما فتحوا الباب لهما.

ثم شعر العروسين بالورود تُنثر من فوقهما، حينها ضحكا معاً و تمسكا ببعضهما حتى وصلا كاتب الزواج.

وقعا معاً على عقد الزواج، و رسمياً أصبحا زوجين.

تمسكت جويل بيدي بيكهيون حينما أنبسطا على عنقها، ثم أغمضت عيناها تبتسم حينما طبع قُبلة على جبينها.

تبادلا نظرات شيّقة باسم الحب، حتى إقتربت منهما السيدة هانمي تتحمحم بحرج تنزع عليهما اللحظة الرومانسية، إلتفتا لها إذ بها تحمل لهما الخاتمين.

وضع بيكهيون لجويل خاتمها ثم وضعت له خاتمه، إنها خواتم جديدة، كما قال لها بيكهيون سابقاً، أن حياتهما بكل ما فيها ستكون جديدة.

بدأت الموسيقى و كأنها بألحانها الناعمة تدعوهما لرقصة رومانسية على شرفها، و كانا خير مُلبين.

إلتفت ذراعيّ بيكهيون حول خصر جويل، و إحتضنت جويل عنقه بذراعيها، كانا قريبان من بعضمها بشكل مبالغ به بالنسبة لعروسين جديدن، لكنهما ليسا بجديدين و لا حديثا العهد على بعضهما.

فكان الحب بينهما عن خبرة، ليس حباً حديثاً...

تقابلت جبهاتهما، و بيكهيون يتحسس بأنفه أنفها فتبتسم ثم وجنتها، إنهما يتعانقان و يتحركان بخفة، لا يتراقصان.

حميميتهما هذه بدت صادقة لأبعد حد، و مجنونة جداً، لقد نسيا أنهما بين الناس يرقصان، و رقصا على ألحانهما الخاصة.

ذلك كان أصدق من كل العهود و الوعود...

" سعيدة؟"

فجأة سألها بينما يراقصها، و دون تفكير أجابته.

" سعيدة أكثر مما تتوقع"

حينما توقفت الموسيقى توقفا معها، ثم إختتما رقصتهما بعناق شديد، فجأة بيكهيون رفع جويل عن الأرض، تمسك بخصرها و رفعها حتى فاقته طولاً، ثم دار بها بخفة بينما هي ترتكز على كتفيه بكفيها.

حينها فقط قرر أنه الوقت المناسب للإعتراف، قال بصوت يسمعه الجميع رغم الحشود و تصفيقهم.

" كما ملاكي يحبني، أنا أحبكِ جداً يا ملاكي!"

ضحكت جويل و هي بأوجّ سعادتها، ترفع رأسها عالياً تقهقه بخفة و رغم ذلك عيناها تتصبب دموعاً.

كان ينظر لها من على إرتفاعها هذا، لقد إعترف أخيراً، أنزلها فعانقته سريعاً، تمسكت بوجنتيه بينما تبكي و ردت إعترافه بنبرة فرِحة كذا باكية.

" أنا أحبكَ جداً يا بيكهيون، ملاكك يحبك جداً!"

إنخفضت بجذعها إليه حتى وصلت شفتيه قبّلته علناً، جعلت بيكهيون يبتسم و إرتفع صوت التصفيق من حولهما.

الجميع سعيد لسعادتهما، يوماً كهذا وجب أن يبقى محفوراً بالذاكرة، اليوم حين جويل تزوجت بيكهيون برضاها، و بيكهيون تزوج جويل لأنه يحبها.

لا حقد و لا إعتداء...

نال العروسين التبريكات أولاً من السيدة هانمي، حينما إحتضنت كليهما لها، و بعد ضحكة خافتة قالت.

" الآن مسموح أن تنام جويل في جناحك، و أسمح لكما بالتغازل"

أدار بيكهيون عينيه بإهمال و قال.

" ليس و كأن إذنكِ أثّر بي أيتها الأم"

كاد أن ينال ضربة لو ما تذكرت السيدة أنه يوم زفافه، قضمت غيظها كذا شفاهها، و نبست بسخط بينما جويل بمقربتهما تضحك بخفوت.

" سأريك لاحقاً ماذا أنا بفاعلة أيها الطفل العاق!"

رمقها بيكهيون بريء الأديم، و كأنه لم يقل شيء للتوّ، فجعلها تبتسم رغماً عنها، و تجتذبه إليها لتطبع قبلة على وجنته، ثم رحلت عنهما تفسح مجالاً للآخرين بأن يباركوا لهما.

تقدم هيون جونغ بعائلته، تعانق و شقيقه ثم صافح عروسه، كذا فعلت يونا، عانقت جويل ثم صافحت بيكهيون تهنئه.

أما الصغيرة إبنتهما؛ فكانت تنظر ناحية جويل و هي تعقد قبضتيها الظريفتين أسفل ذقنها، ثم تحدثت لعمها حينما أصبح دورها أن تبارك لهما.

" عمي، ألم تتزوج و خالتي جويل مُسبقاً؟ لماذا تتزوجان من جديد؟!"

حاولت يونا أن تجعلها تصمت، و لكن بيكهيون حمل الصغيرة على ذراعه، و بإبتسامة أجابها.

" نحن كنا متزوجين لكننا تزوجنا اليوم من جديد، لأنني و خالتكِ نريد ذلك"

أومأت الصغيرة، ثم طرحت سؤالاً بدى لها شيّقاً جعل الجميع يضحكون.

" عمي، متى سأكبر و أصبح جميلة كخالتي جويل و أرتدي فستان مثلها؟ كما أن عريسي يجب أن يكون وسيم مثلك و إلا لن أتزوجه!"

قهقه بيكهيون كما الجميع ثم ربتّ على شعرها يقول.

" ستكبرين يا صغيرتي و تصبحي أجمل عروس"

ضيقت الصغيرة عيناها بشك و تسآلت بنبرة خفيضة.

" أجمل من جيني و بيرل؟!"

تبسم و أومئ.

" نعم، ستكونين أجمل من جيني و بيرل حتى"

ضحكت تصفق متباهية بعمها، ثم طبعت على وجنته قُبلة قبل أن ينزلها أرضاً، و تركض لتلعب مع صِغيرتيه.

تقدم كريس بعدها، و كاد أن ينحني لولا أن بيكهيون إجتذبه من ذراعه، و عانقه عِناقاً رجولياً، ربتّ على كتفه و قال.

" الفضل يعود لك يا كريس، لولاك لما عادت لي جويل إطلاقاً!"

نفى كريس فضله.

" لم أفعل شيئاً يا سيدي!"

إبتعد عن بيكهيون و نظر إلى جويل بجانبه يبارك لها، لولا أنها مدت يدها له كي يصافحها، ففعل بعدما أشار له بيكهيون أن يفعل.

" شكراً لك يا كريس"

تبسم كريس و أجابها.

" لا عليكِ سيدتي، قمتُ بواجبي فحسب!"

و آخر المباركين كانوا عائلة جويل، التي تتمثل بأمها فحسب.

تقدمت السيدة الأجنبية لتعانق جويل، و بالفعل قد بكت السيدة، و بينما جويل تعانقها بكت هي الأخرى، إنه يوم زفافها، و من عائلتها لم يحضر أحد سوى أمها.

لا تأبه بالكثيرين، لو أن دي او موجود فقط سيكون ذلك كافياً، لكنه رفض أن يأتي و ما اقتنع بالزواج.

في وقت سابق حينما ذهب بيكهيون بعائلته إلى قصر دو، رفض دي او إستقبالهم، بل و منع أخته من الدخول لو أصرّت على مصاحبتهم معها.

لكن السيدة دو قالت أن المنزل منزلها و أنهم ضيوفها، فأجبرته على إستقبالهم، حينها دخلوا، و كان على بيكهيون أن يحاول أن يحل النزاع القائم بينه و بين دي او، لأجل أن يتم الزواج بالطريقة التي تريدها جويل.

جويل، دي او، و الجميع يعلمون؛ أن ما فعله بيكهيون من تنازل كان لأجل سعادة جويل فحسب، ليس لأجل أحد سِواها.

مسح بيكهيون على شعر جويل بلطف كي تتوقف عن البكاء، بينما هي مشغولة بإحتضان السيدة الأوروبية والدتها.

تبسمت السيدة تنظر لابنتها بعدما أبعدتها عنها قليلاً، تنظر إلى زينتها البسيطة بينما تحتضن وجنتيها و تبتسم، ثم أخذت تربت على وجنتيها و تمسح دموعها، قائلة بنغمٍ هادئ.

" لا تبكي حبيبتي، لا مزيد من البكاء صغيرتي، أنا سعيدة لأنكِ سعيدة، آراكِ أخيراً عروساً للرجل الذي تحبين بلا أن تخافي شيء، هذا كل ما أريده لكِ يا ابنتي"

تبسمت جويل تطبع على كفيّ والدتها قُبل متفرقة، ثم إحتضنتها من جديد تهمس لها.

" شكراً لكِ أمي لأنكِ لم تتخلي عني رغم كل شيء، أنا أحبكِ جداً"

قبّلت السيدة جبهة إبنتها قبل أن تبتعد عنها، و تولي زوج إبنتها إهتمامها، إقتربت منه تمسح دموعها، ثم تحدثت معه حينما أبدى تعبيراً مُرتاحاً، من قال أن رجل ودود مثله قد كان يوماً الرعب بعينه في حياتهم!

" عِدني أنك ستحفظ ابنتي و تحميها و تحبها، و أني لا أريد منك شيئاً أكثر"

أمسك بيكهيون يديها و قال بإبتسامة خفيفة.

" أعدكِ يا أمي"

فرّت من فاه السيدة إبتسامة واسعة ثم عانقته بعاطفة أمويّة و قالت.

" إن ظني بك خيراً، و أظنكَ عند حسن ظني بك"

تقدمت السيدة هانمي من خِلافهم، ثم أخذت السيدة دو معها للترحيب بالضيوف، توقف كلاهما جنباً إلى جنب و كفاهما متشابكين.

إجتذب بيكهيون يدها كي تنظر إليه ففعلت، لتجد على شفاهه إبتسامة خافتة، ثم هو همس لها.

" لا تبكي جوجو"

ضحكت حينما نعتها بهذا اللقب، ثم من باب المرح سحبها معه إلى طاولات الطعام، و جعلها تختار طعامها كما فعل.

لكنها رفضت في البداية حرجاً تقول.

" بيكهيون، نحن العروسين، يفضل ألا نأكل أمام الناس، عادة العروسين لا يأكلون مع ضيوفهم"

إرتفع حاجب بيكهيون بإستنكار ثم قال رافضاً.

" و إن كنّا عروسين، أتبقى بطوننا خاوية؟ ثم الطعام من مالي، فليجرؤ أحد أن يقول شيء، حينها سأخرج مالي من معدته على طريقتي الخاصة"

سرعان ما تمسكت بذراعه، و اجتذبته إلى الطعام تقول.

" لا، كل شيء مقبول إلا طرقك الخاصة، تعال لنتاول طعامنا، ذلك سيكون أفضل"

أخذ كلٌ منهما صحنه، ثم توجهوا ليجلسوا على طاولة عائلة بيكهيون، التي لا تتضمن السيدتين بما أنهن في جول لتفقد راحة الضيوف، رغم أن طاقم كامل لخدمة الضيوف يعمل بجد و إجتهاد.

و لكنها تتضمن بيرل و جيني يجلسنّ في مقاعدهن الخاصة إلى جهة بيكهيون، كنّ الصغيرات مشغولات بأكل وجباتهنّ الخاصة بعون نانسي.

" فرولاتي"

قالها بيكهيون بحماسة، و هو يدغدغ رقابهن بأناملهنّ، فذاع صوت ضحكاتهنّ المصحوب بصراخ، جعل جميع يلتفت لهم.

ضحكت جويل بخفة و هي ترى الصغيرات يضحكنّ بفعل مداعبة بيكهيون، و لكنها مهما داعبتهنّ لا يضحكن بهذه الطريقة، همست تبرم شفتيها.

" أشعر بالغيرة"

راقص بيكهيون حاجبه يقول متباهياً.

" أخبرتكِ أن كل الفتيات يحببنني!"

أدارت عنه عينيها و تمتمت.

" ها قد عاد من جديد!" 

أخذ بيكهيون كأس نبيذ من نادلٍ مارٍ به، ثم نهض مع جويل حينما إنتهت، قرر أن يبتعد عن الجميع، و يذهب قُرب حوض الماء بجوار الملحق، بينما يحمل على ذراعه الحُرة جيني و جويل تحمل بيرل.

لكنه تراجع عندما سمع صوت من يناديه و جويل من خلفه، بدى صوت مألوف فإلتفت عاقداً حاجبيه، و إذ به يقابل وجه جين الباسم مع والدته.

" مبارك عليكما الزواج"

قالها جين بينما يصافح كليهما ثم فعلت أمه، أنامت جويل رأسها على ذراع بيكهيون، و قالت بشفاه باسمة.

" جين! ظننتك لن تأتي!"

نظر إليها لوهلة بصمت حتى وكزته والدته، تحمحم يخفض رأسه عنها، ثم رفع رأسه من جديد يرمقها بسعادة بدت مصطنعة.

إنها تعرف جين جيداً، هي هاندا التي عاشت معه عاماً كاملاً، عاماً كان كفيلاً ليقع لها في الحب.

لكنه من البداية؛ كان يعلم أنه الخاسر في حبه هذا، و أنها ليست المرأة المقدرة له إطلاقاً.

" أعذريني، الطريق إلى المدينة طويل جداً، من الجيد أننا وصلنا و الزفاف ما زال قائماً على آية حال!"

ثم أشار جين إلى بيكهيون يطلبه في حديث خاص فأجابه بعدما أعطى جيني للسيدة كيم، سار كلاهما بعيداً عن التجمع، ثم وقفا قُرب البحيرة، بيكهيون وضع يديه في جيوب بنطاله ثم قال.

" ظننتُ أن صمتكَ الطويل هو رفضاً قاطعاً لعرضي، ماذا تريد أن تقول الآن؟"

جين نظر إلى الرجل اليافع قبالته ثم قال.

" أنا موافق"

إنقبضا حاجبيّ بيكهيون فاتبع جين.

" أنا أقبل بالزواج من أختك"

بانت إبتسامة خافتة على وجه بيكهيون، ثم تقدم ليربت على كتف جين قائلاً.

" أدرك أن قرارك هذا ليس لأنك تراها مختلفة، و لكنني شاكراً لك لأنك فكرت بالأمر، أنا دوماً مستعد متى ما تكون جاهزاً للزواج بها"

تبسم جين إبتسامة خافتة ثم قال.

" أنا مُستعد، فلنتم الزواج بأقرب وقت"

أومئ له بيكهيون و نظر إلى الحوض يبتسم، ها قد شعر بالأرتياح، يستطيع أن يؤمِّن على مستقبل نانسي بحوزة جين، رجل بسيط و نبيل.

......

و بينما الكل مشغول بالإحتفال، فلورا كانت على النقيض تماماً لا تحتفل، وصلها إتصال بينما هي تجلس وحيدة على طاولتها.

أجابته ثم خرجت إلى أسوار القصر لأستقبال أحدهم، و ما كانت صدفة أن كريس ينظر في بعض الأمور هناك حين وصلت دراجة نارية يقودها شاب ماجن و تافه برؤية كريس.

تقدمت فلورا للتحدث إليه تحت أنظار كريس، كان الشاب يتحدث إليها بإبتسامة خبيثة و بأطراف أصابعه يتحسس ساعدها، كان ذلك كافٍ كي يشتعل رأس كريس غضباً.

تجاوز موقعه ثم سار إليها بخطوات واسعة، بدى ذا هيبة لا تقل عن رئيسه ببدلته السوداء هذه و طوله المُهيب.

أمسكَ بمعصمها و اجتذبها لتقف خلفه، ثم الشاب حينما وقف معترضاً؛ قبض كريس على قميصه و دفعه بقوة أرضاً.

إرتعد الشاب بخوف و تراجع عنه حينما هدده كريس.

" أذهب من هنا و أياك أن أراك قُرب هذه الفتاة مجدداً"

إنحنى الشاب لكريس موافقاً، ثم هرب بدراجته بعيداً، أما كريس فهو لم يفلت يد فلورا، بل سحبها من يدها معه قائلاً بغضب.

" و أنتِ تعالي معي!"

سحبها معه رغماً عن مقاومتها إلى مكان بعيداً عن تجمع الحرس و أعينهم، حتى وقف بها تحت ظل شجرة و أفلتها.

و فلورا طفلة مشاغبة بلسان طويل على حسب تعبيره، فهي لم و لن تصمت.

" أنت بأي حق تسحبني بهذه الطريقة؟ من تظن نفسك؟"

تنهد يكظم غيضه و استطرد يحذرها.

" توقفي عن ألعاب الأطفال هذه، لن تلفتي نظري أو تثيري مشاعري بهذه الطُرق السخيفة، ظننتُكِ أنضج من هذا المستوى الرديئ"

تبسمت ساخرة بينما يتكلم،  ثم ضحكت هازئة بفكره حينما انتهى و قالت.

" أنا لستُ طفلة كما تظن أنت، و لستُ أحاول لفت إنتباهك، هذا الشاب الذي أخفته أيها الإرهابي حبيبي، لا تظن أنني سأبقى عالقة في شِباك حبك بعد أن رفضتني، لقد أخرجتُكَ مني بسهولة"

إرتفع حاجب كريس و قهقه بخفوت، ثم بهدوء ركن يده إلى جذع الشجرة خلفها، يحاصرها من يسارها، و ذلك كان كافياً ليجعلها تتوتر، ثم كريس علّق ساخراً.

" ما الحب الرخيص هذا؟ تحبيني في يوم و تنسيني في التالي، أحقاً أنتِ مُقتنِعة بتُرهاتكِ هذه؟!"

قضمت شفاهها و لا تدري لماذا تجمعت الدموع في عينيها، و هي كما لم تتوقع؛ لم تجد رداً على قوله.

في النهاية قالت بلعثمة.

" نعم، أنا حبي رخيص، أنا لم أحبك حتى، كان ذلك إعجاباً طفولي فحسب"

قهقه بخفة و إزدرئت جوفها للذة صوته على شاكلة ضحكات، هي هكذا تحبه، لكن كريس  قوياً بالكلام كما هو قوياً بالأفعال.

" للتوّ قلتِ أنكِ لستِ طفلة كما أدّعي، ها أنا أراكِ تناقضي نفسك"

و حينما واجهه منها الصمت و الإرتباك فحسب، عقد ذراعيه إلى صدره و رمقها بنظرات هادئة يقول.

" ما رأيكِ أن تكوني صريحة معي و مع نفسكِ، و تخبريني بنواياكِ؟"

أشاحت بوجهها عنه حينما وجدت دموعها تطغى على رغبتها و تنساب على وجنتيها، كادت أن تنسحب و إنهزامها من أمامه، لكنه أمسك بمرفقها و أعادها لتقف حيث كانت قِبالته، و بما أنها ترفض مواجهته، أمسك بذقنها برِفق و أدار وجهها إليه.

كانت ملامحه حادة على عكس ما كانت لمساته رقيقة، نظرت في عينيه، حينها تنهد و مسح دموعها يقول.

" أدرك أن مشاعركِ إتجاهي من جلبت هذا السافل إلى بوابة القصر، و أعلم أن رفضي الأخير لمشاعركِ سبب لكِ ألماً، و لكنني حقاً ظننته مجرد إعجاب، لذا إن كنتِ حقاً فتاة ناضجة اجعليني أقع لنضجكِ، أنا لن أقع إلا لإمرأة ناضجة، أريني قدراتكِ"

تبسمت فلورا و أخفضت رأسها تكمش يديها على قلبها، لقد حصلت أخيراً على فرصة لها معه، أخيراً يمكنها أن تجعله يقع بحبها.

رفعت رأسها ترمقه بإبتسامة و همست.

" شكراً لك، سأكون جديرة بقلبك"

أومئ لها يربت على كتفها ثم غادر من أمامها.

لكنه إلتفت ناحيتها حينما أصبح بعيداً و تنهد، ربما عليه أن ينسى أنه سيجد نسخة عن حبه الأول، و يعطي هذه الفتاة فرصة، و يرجو ألا يخيب.

نظر ناحية الحفل، كانوا مشغولين بالرقص و الإحتفال، نظر إليها، كان صادقاً رئيسه حينما أسماها ملاكه، هي ملاك بالفعل.

هكذا يكون الحب الأول، صعب أن يندثر و لذّته في وجعه، كما يكون فاشلاً في أغلبه، لكنه يبقى الحب الأسمى، الحب الأفضل.

نظر إلى جين الذي يقف بعيداً و يرمقها بنظرات كان يرمقها بها كريس سابقاً، يا تُرى، كم قلباً أوقعتِ في غرامكِ أيتها الملاك الشقراء؟!

وقع بصره بعدها على فلورا و ابتسم بخفة، ما زالت تقف أسفل الشجرة متأثرة بكلامه،  و لا يبدو أنها ستتمالك نفسها قريباً.

فليتركها الآن تذوق الحب و لوعته، تلك اللوعة التي توجع و يستطيبك وجعها، فلتكن و لتكسب قلبه، لعلها أخرجت الملاك الشقراء منه يوماً.

...........



بعدما إنتهى الزفاف و بقي أهل القصر فحسب، إجتمعوا في صالة الجلوس دون أن يبدلوا ثيابهم حتى.

هم كانوا منهكين لكثرة ما إحتفلوا و رقصوا، لذا كان الجلوس بهدوء أفضل حل، أم لم يكن؟
خصوصاً مع الشغب الحاصل من الطفلتين و والدهما.

بيرل و جيني يأخذنّ مكانهنّ على أقدام والدهنّ، بيكهيون مشغول بملاعبتهنّ كذا جويل مشغولة بهن، حتى وصلها إتصال و انشغلت عنهم.

إرتبكت قليلاً حينما ميّزت المتصل، فنهضت لتجيب بعيداً عن المجلس، و دون أن يشعر بيكهيون بحدوث شيء،  أجابت فسمعت صوته الذي بدى ثملاً.

" هل كنتِ جميلة اليوم؟"

قضمت شفاهها بينما تشعر بعينيها تحترق من حرارة الدموع، أخفضت رأسها تمسح دموعها بصمت، فاتبع بعد ضحكة خافتة.

" ماذا أقول أنا؟ بالتأكيد بدوتِ جميلة، أنتِ جويل في النهاية"

إستطردت و بان له أنها تبكي.

" لِمَ لم تأتي؟! إنتظرتُك"

تجاهل سؤالها كما فعلت، و استطرد.

" هل أنتِ سعيدة معه؟!"

لا يقتنع، إنه لا يصدق أنها تحبه بالفعل، يظنها إحدى ألاعيب بيكهيون الجديدة، تمثيلية خفيّة، لكنها تحدثت بصدق حينما أجابته.

" أخي، إن بيكهيون ليس سيئاً للدرجة التي تظن"

ضحك هازئاً ثم همس.

" نعم، هو رجل جيد و نبيل، لدرجة أنه عاقبكِ على ذنب لا شأن لكِ به، إنتهك عرضكِ و أنتِ على ذمّة رجل آخر، و لشدة إستوائه تزوجكِ و أنتِ متزوجة"

أبعدت جويل الهاتف عن أذنها لا تريد سماع المزيد، هي ترغم نفسها أن تنسى الماضي و تبدأ من جديد، إذ هي ليست بحاجة ليذكرها كيف بيكهيون كان و ماذا كنّت له، ذلك أصبح ماضٍ قررت أنه منسيّ، تنهدت حينما توقف عن الكلام ثم قالت بنبرة متوسلة أن يصدقها و يكف عن إنكاره.

" هو قد تغير، و أنا الآن أحبه، أنا من اقترب منه يا دي او، أنا من عدتُ له، أنا أحبه بصدق و حتى أنا لا أستطيع تغيير مشاعري و لا أريد، أنا أحب بيون بيكهيون، و مهما قلت يا أخي أنا لن أنزح عنه"

تنهد، الآن يصدق، أخته واقعة في الحب، و يا له من حب عجيب!

واقعة في حب مجرم ملفه الإجرامي مُكلل بجرائم ضدها هي خصيصاً.

" حسناً، كما تريدين، أما زلتِ ترتدي فستان زفافك؟"

إتسعت عينا جويل ثم أجابته بأن "نعم"، فقال بعدما إبتسم و هو في مكان وقوفه، ينظر إلى كريس قِبالته و بقية الحرس.

" حسناً إذن، اللوح رجل زوجكِ المصون لن يدعني أدخل، لذا تعالي، أنتظرك"

تبسمت بقوة، و أنخفضت بجذعها حينما شهقت بصوت باكٍ عالياً تضع هاتفها جهة قلبها، حينها وضعت يدها على فمها و ما بخلت عيناها بطرح الدموع.

نعم، هي إلى هذا الحد تحب شقيقها...

نهض بيكهيون سريعاً حينما سمع صوت بكائها كالجميع، لكن جويل سبقت الجميع إلى باب القصر، و خرجت تركض بينما ترفع أطراف فستانها بيديها.

" جويل!"

صاح بيكهيون من خلفها، لكنها لم تستمع إليه، فلعن عالياً و تبعها، راودته أفكار غريبة بينما يتبعها، لكنه تجاهل كل أفكارها و تبعها على آية حال.

أمسك بها قُبيل أن تصل البوابة، فوضعت يدها فوق يده و انتحبت تتفلت منه، لا يدري كيف إنهارت فجأة إلى هذا الحد.

" أتركني أرجوك يا بيكهيون، أخي!"

أفلتها حينما ذكرت سيرة أخيها، و ركضت هي أمامه ناحية البوابة، إرتمت على شقيقها قِبالة البوابة، و عانقته بقوة بينما تبكي بصخب.

" أيها اللئيم، كيف لك أن تفارقني هكذا؟ كيف لك ان تمنعني عنك؟ أنت أخ عاق!"

ضحك دي او بخفة بينما يمسح على شعرها و همس لها.

" من أين أتيتِ بهذا اللسان الطويل؟!"

" من بيكهيون"

لكنها لم تجيبه، بل إكتفت بعناقه بقوة حتى إرتخت ذراعيه عليها، حينها إبتعدت عنه، و أدركت أن بيكهيون وصل، فرائحة عِطره دائماً ما تسبقه.

وقفت بينهما و إزدرئت جوفها بقلق، ترجو ألا تقع جريمة الآن...

هما كانا مشغولان برمق بعضمها بلؤم و حقد، إزدرئت جويل جوفها بينما تنظر في كِلاهما، إنهما يتبادلان الشرور و الأحقاد بنظراتهما.

جويل أمسكت بأيديهما ثم قالت.

" رجاءً توقفا عن رمق أحدكما الآخر بهذه الطريقة المخيفة"

تنهد دي او و أبعد بصره عن بيكهيون، لكن بيكهيون لم يفعل، بل ما زال يرمقه بتلك النظرات، دي او تجاهل نظراته و تحدث إليه بنبرة آمرة كذا محذّرة.

" احمي أختي و أحبها بكل ما فيك، إن بكت بسببك يوماً لن تعود إليك"

إرتفعت شفاه بيكهيون على شاكلة إبتسامة ساخرة، و لم يرد بشيء على ذاك التهديد، ثم دي او غادر بهدوء و تجاهل نظرات نانسي التي ترمقه من بعيد.

إلتفت بيكهيون بعد مغادرة دي او، و وقع بصره على نانسي فوجدها تبكي بينما تنظر حيث كان دي او يقف.

حينما لحظت نظراته الساخطة ناحيتها، أخذت تمسح دموعها سريعاً، ثم بيكهيون رفع حاجبه، و أشار لها بعينيه أن تدخل القصر، فأطاعته سريعاً.

بيكهيون ما زال ساخطاً على شقيقته، و جويل فكرت بأن عليها أن تتدخل بالأمر...

خرجت جويل من أفكارها حينما أمسك بيكهيون بيدها و سحبها إلى الداخل، صعد بها إلى جناحه و الكل توجه إلى النوم إلا صغيرتيه، فلقد أمرت السيدة هانمي أن تنام الصغيرتين بجناحها هذه الليلة، و لتكن هذه الليلة شاغرة للعروسين.

فتح بيكهيون باب الجناح لأجلها، ثم تأخر عن الباب كي تتقدمه و تدخل أولاً، فعلت و دخلت، و رغم أن قِواها بدأت تتهاوى إلا أنها صمدت بكل ما تقدر عليه.

شعرت به يتقدم ناحيتها من خلاف بعدما أغلق باب الجناح، أخذت نفساً عميقاً ثم زفرته و ها هي تشعر بالصخب في صدرها، قلبها ينبض بجنون.

قبضت يديها و شعور من البرودة و السخونة أصابها، لا تدري ما هو هذا الشعور لكنه سيء جداً رغم أنها سبق و عاشته مع بيكهيون، خصوصاً حينما كان يجبرها عليه.

ماذا الآن لو ما استطاعت أن تتقدم بعلاقتهما؟
ماذا لو لم تكن جاهزة؟
هل سيحترم قرارها؟ أم أنه سيجبرها عليه؟

لكنه بيكهيون الذي يحبها الآن، الذي لن يجرحها و لن يؤذيها أبداً، لكنها تعرف أيضاً أن كرامة بيكهيون و كبريائه تأتي قبله، كذا قبل حبه.

ها هي الآن لا تقدر على توقع شيء، لكن بيكهيون كان قادراً أن يجعلها تشهق حينما إحتضنها بلالطف من خلاف و غمس أنفه بشعرها يستنشق رائحتها بقوة.

بيكهيون في العشق و في الحقد عدواني، هكذا هو بيكهيون العاشق الحاقد...






...............................

اه ويلي عالعاشق😍😍

سلااااااااااام

أحدثكم من فراشي، بكرا عندي دوااام 😂😂

أكيد أغلبكم مش موجودين بما أنو عليكم إمتحانات... حاقد عاشق بإنتظاركم دايما.

الناس الي مش مطمنة أنو مروا ثلاث فصول بدون مصايب، كيفكم؟😂😂

البارت القادم بعد 300فوت و كومنت.

1. رأيكم ببيكهيون؟ ردة فعله على إعجاب جويل بالفرقة الغنائية؟ رأيكم ببيكهيون العريس؟

٢.رأيكم بجويل؟ الجوانب اللطيفة في شخصيتها؟ جويل العروس؟ ردة فعلها لحضور دي او؟ 

٣. رأيكم بجين و قراره؟ و ماذا ستكون دوافعه؟

٤.رأيكم بكريس؟ مشاعره؟ منحه فرصة لفلورا؟

٥.رأيكم بدي او؟ و رفضه للعلاقة؟ مواجهته الطفيفة مع بيك؟

٦.رأيكم بالبارت ككل و توقعاتكم للقادم؟


دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️
© Mercy Ariana Park,
книга «حاقد عاشق|| The Love Odessy».
Коментарі