تقرير
Part One
Part Two
Part Three
Part Four
Part Five
Part Six
Part Seven
Part Eight
Part Nine
Part Ten
Part Eleven
Part Twelve
Part Thirteen
Part Fourteen
Chapter Fifteen
Chapter Sixteen
Chapter Seventeen
Chapter Eighteen
Chapter Ninteen
Chapter Twenty
Chapter Twenty-one
Chapter Twenty_two
Chapter Twenty-three
Chapter Twenty four
Chapter Twenty five
Chapter Twenty-six
Chapter Twenty-seven
Chapter Twenty-eight
Chapter Twenty-nine
Chapter Thirty
Chapter Thirty-one
Chapter Thirty-two
Chapter Thirty-three
Chapter Thirty-four
Chapter Thirty-five
Report || تقرير
Chapter Thirty-six
Chapter Thirty-seven
Chapter Thirty-eight
Chapter Thirty-nine
Chapter Forty
Chapter Forty-one
Chapter Forty-two
Chapter Forty-three
Chapter Forty-four
Chapter Forty-five
Chapter Forty-six
Chapter Forty-seven
Chapter Forty-eight
Chapter Forty-nine
Chapter Fifty
Chapter Fifty-one
Chapter Fifty-two
Chapter Fifty-three
Ch 54|| لؤلؤ
Ch55|| بيننا قدر
Ch 56|| تخبط
Ch 57|| ضعف
CH58||المقاومة
Ch59|| !يا حب
CH60|| خاشع للقلب
CH61|| إحتضار
CH62||بتلات ميتة
CH63|| هُدنة
CH64|| في الغياهب
CH65||خُدع
CH66|| حب زائف
CH67||إلى البداية
CH68||شتات
CH69||أقتل الحب
CH70|| فوضى
CH71|| عهد جديد من البسالة
CH72||فصل النهاية
CH73||الإنفجار العظيم
CH74||حالة حب
CH75||تصلحه و تبنيه
CH76|| طُرف الحب
CH77|| الملاك الشقراء
CH78||نِعمة
CH79||إبنة قلبه
CH80||بيكهيون و ملائكته
CH81||عِناق الموت
CH82|| المقاومة
CH83|| حوافز
CH84||العودة
CH85|| نهاية حرب الدماء
CH86|| تقلبات زمن
CH87|| اقتلني أو اشفيني
CH88|| بين نارين
CH89|| مُقرمشات
CH90|| وعكة نفسيّة
CH91||طَوق
CH92|| البطل الأبديّ
THE END|| حاقد عاشق
CH87|| اقتلني أو اشفيني
" اقتلني أو اشفيني"










أعترف، لقد كُنتُ ضعيفاً عندما قطعتُ عليها الجِدال و حرمتُها من حقها في إصغائي، أنني إبتززتها بالأطفال ما هو إلا من فحوى ضعف تلبسني، لذا أنا لم أصعد إليها رغم أن الليل أنتصف.

أكره أن أعترف و لكنني أخشى المواجهة، أخشى أن أخسرها في خِضم نِقاش، و أنا لتويّ إستعدتُها، لم أمتلئ بها بعد.

أخشى مواجهتها الآن، الحُب يجعلني ضعيفاً بحق، و أنا أكره أنني أحبها بهذا الشكل الذي يجعلني عاجزاً و جباناً.

و كأنما العشق قد حشد عليَّ جيشه و عُدّته، ليجعلها تستعمر قلبي و تجعل من مشاعري مستوطنات غاصبة بإسمها.

لقد قاومته -العشق- بقوة، بكل ما أملك من عتاد و بطش، لكن حصوني لم تكن متينة كفاية أمام غزوه المديد و الحثيث، فكلما كنتُ أرى نفسي أنتصر أجدني أنهزم و أنهزم فحسب.

لقد خسرتُ حربي معه، و فزتُ بها هي إمرأة لي و حبيبة العمر، حبيبتي الوحيدة و الأبدية، أقصى ما تمنيته كان هي و حياة مُستقرة برفقتها، لكن الماضي مُصر أن يركض ورائي، و ينغص علي معيشتي مهما حاولت مفارقته.

الماضي كالقرين إن إبتعدت عنه إلتصق بك، و إن إقتربت منه عاش فيك، لا خلاص لي منه إطلاقاً.

لذا ذهبتُ إلى تايهيونغ، لم أُرد أن انتقم مما فعله بي بقدر ما أردتُ قتل ماضيَّ معه، أردتُ البدء من جديد على وجه أناني، لأنني أعلم أن هذه الحرب لا تنتهي إلا بموت أحدنا.

و جويل تضع على كاهلي ثقلاً آخر، تقول أن الطفل مني، كيف لعلقي أن ينسى ذكرى كهذه لو أنها حدثت؟ تلك ليلة العمر!
كيف لعيني أن تنسى ما رأت من جمال؟!
كيف ليدي أن تنسى ملمس جلدها في راحتي؟ كيف لقلبي أن ينسى غِمار الحُب الذي أخبرتني عنه؟

ما يجعلني أملك الأمل أن الطفل مني هو إصرارها الشديد و إختلاف وضعنا، أدرك أنها خبأت عني حقيقة دم الطفلة اللؤلؤة، لأنها خافت على طفلتها مني، ما كانت تعرفني كفاية، أو أنها كانت تعرف وجهاً واحداً مني.

لكنني الآن تغيرت، و هي تغيرت، و الحال بيننا تغير، فما عدتُ الحاقد عليها، و لا عادت الشقراء الأجنبية، التي أريد أن أقضي عليهما كيفما كان.

الآن أنا أحبها، و هي تحبني، و ما بيننا هو الحب و الطفلتين، حتى لو أن الطفلتين لم يجمعننا بالدم، لكنهنّ جمعننا بالعاطفة.

عندما أخبرتني أمي أنها أخذت جيني معها، جويل لم تترك جيني خلفها و تأخذ بيرل فحسب، صحيح أنني غضبت غضباً شديداً، لكنني من أعماق أعماقي شعرت بشيء من الفرح، هي لا تفرق بين ابنتي و ابنتها.

لقد اعتبرت جيني ابنتها كما هي بيرل، و ما تركتها خلفها لأن لا دم لها بها، شعرتُ أنني أوكلتُ دور الأم على ابنتي لها عن إستحقاق، لأنني اعلم أن صغيرتي معها لن تُظلم و لن تشعر بالتفرقة.

و على سيرة جيني، أنا فعلاً لا أذكر أنني لمست والدتها حتى تُنجبها مني، أنا للآن لا أذكر، لي ذاكرة غريبة مُغفلة، إن أثملتني الكحول لا أذكر إطلاقاً ما فعلت و أنا تحت تأثيرها.

لولا أنني قمتُ بالفحص على جيني ثلاث مرات، لولا أنها تشبهني لما صدقتُ أنها ابنتي على الإطلاق.

لقد قررتُ أن أُسلِّم بما قالت جويل، و أصدق أن الطفل مني، و عندما تضعه سأجري التحليل دون أن تعلم كي يطمئن قلبي، هذا أفضل ما قد أستطيع فعله.

" بيكهيون، بما أنك عُدت، أظن أننا بحاجة لنتحدث بأمر هام"

أمي أخرجتني من شرودي، كنتُ أقف قُرب بركة الماء، و انظر في صورتي المنعكسة على سطحها بينما الأفكار تموج في ذهني، إلتفتُ إليها أعقد حاجبيّ.

" تفضلي يا أمي، تحدثي!"

تنهدت قبل أن تقترب، و تقف إلى جانبي، لكنها كانت تعكف جسدها نحوي، و تعقد ساعديها إلى صدرها، إنني أعرف هذه الوضعية إلى ماذا تُشير، ربما أنا على وشك بدء شِجار معها.

" لطالما وثقتُ بكَ يا بيكهيون، و آمنتُ بحكمتك و ذكائك، أن إختياراتك دائماً ما تكون صحيحة"

زفرت أنفاسي ألتفت لأمي، لا أدري صعوبة ما تحمله في جوفها على مسامعي، و لكنني متأكد أنه صعب و لن أقبل به ما دامت تتحدث ضمن إطار مقاليّ.

" لِمَ مُقدمات الأطلال هذه؟! تحدثي يا أمي!"

عكفت حاجبيها بسخط من تعليقي، و ضربتني على كتفي كتوبيخ بسيط، ثم اتبعت.

" أنه بخصوص نانسي"

دي او كان يمرح في قصري كما يشاء في غيابي، و أنا غبت لفترة كافية تجعل أختي المُغفلة تقع في ذات الخطأ.

هذه المرة سأرمي بها من سطح القصر، إنني لا أمزح، لذا لا أدري كيف إحتدت نبرة صوتي، و تحدثت إلى أمي بنبرة شديدة الغضب، توقعاتي حول ديباجة أمي كانت سوداء في سوّاد.

" اخبريني أنها تريد أن تعود لدي او، كي أربطهما معاً، و أرميهما من حافة أعلى سفح جبل في كوريا كلها!"

ضربت كتفي بشيء من القوة، و تحدثت بغضب، يبدو أنني لم أُصِب التخمين و هذا جيد.

" أنا لم أتحدث بعد، لا شأن لدي او بالأمر، و كلا هي لم تعود إليه"

ما دام دي او خارج الأمر فلا حاجة لي للغضب، هدأت من ثوراني عبر تنهيدة و اتبعت.

" إذن ماذا يا أمي؟ ما بها نانسي؟!"

إقتربت أمي مني، أدري حركات النساء هذه، تتودد إايّ كي تأخذ مني ثمن وِدها، و ها فعلاً قولي يتحقق عندما رفعت يدي و ضمتها إلى صدرها، علمت حينها أنها ستحاول تليني بنبرة رجاء، و ها هي تفعل.

" أرجوك يا بُني، لا تجبرها على الزواج بجين، هي لا تريده"

هكذا إذن!

أفلتُ يدي من بين يديها، و منحتها ظهري، لم أُرد أن ترى في وجهي القسوة عندما أجيبها، يكفي أنها تسمعها في صوتي، أنا أتخذتُ قراري، و أنا على موقفي مهما حدث.

" أنا وهبتُها حياة جديدة شريطة أن تعيشها حسب خياراتي أنا، هي ما عادت تملك الحق في الخيار حيال شيء، أنا من أختار عنها، فابنتكِ مجرد جاهلة غبية!"

شعرتُ بأمي تمسك ذراعي و تستنكر.

" لقد مرّ وقت طويل! ألم تسامحها يا بُني؟! هي كانت مجرد فتاة صغيرة و وقعت في الحب، أنا وهبتُ كل إهتمامي لك، و أختك ما إنغمرت بحب العائلة منذ أن خُلِقت، و هي أنثى صبية و صغيرة، بالتأكيد سيُغريها الحب و الإهتمام، من منّا لا يُخطئ؟ أرجوك فكّر ثانيةً، إنها أختك الصغيرة و تستحق منك فرصة!"

أعلم ذلك، لكنني حذرتها منه هو تحديداً، أخبرتها مراراً و تكراراً أن مشاعر الحُب، الذي يُغدقها بها ما هي إلا سِتار على حِقده، و ما هي إلا فخ لإنتقامه مني، لكنها لم تستجب لي، و استغلت غيابي لتهرب إليه، لقد سمحت له أن يذلّها، و يكسر عُنقي بمذلتها، لذا أنا لا أقدر على مسامحتها.

" لن أسامحها، و هذا الأمر يا أمي أنتِ لا شأن لكِ به، اتركيه علي فحسب!"

و يبدو أن أمي هي الأخرى ستثور علي،  و تقف في وجهي، فها هي تصيح من خلفي غاضبة علي و تغضبني، لكنني رجلٌ لا يلين، عصبي متعصب لا يقبل رأي غيره.

" لستَ وليَّ أمرها كي تحكم حياتها، هي الآن كبيرة كفاية كي تقوم بالأختيار الصحيح، لا تجعلني يا بيكهيون آخذها و أبتعد عنك، صدقني أنني لا أملك أغلى من أطفالي، لذا أفعل ما أخبرتك به، و إلا سأعتبرك تطردني"

هي مجدداً تستفزني بأنها تريد الذهاب و إخلاء المنزل، هي تريد إتلاف ما بقي صالحاً بأعصابي فقط، لذا إلتفتُ إليها و بهدوء حذّرت رغم أن أعصابي مُتلفة بالفعل.

" ابقي هنا معها، أو خذيها و اذهبي، لكنها ستتزوج من جين رغماً عنها و عنكِ يا أمي!"

كان آخر ما أتوقعه منها أنها تصفعني و هاي تصرخ بوجهي.

" أنا لستُ أسفل يدك كي تتحكم بي، لذا عندما تتحدث معي افهم أنني أمك، أو أخرس و قاطعني للأبد!"

رفعت وجهي إليها، و كذا رفعت صوتي لأعلى نوتة أقدر عليها، فلتسمع جيداً، و ليسمع الجميع أن لا يد تعلوني هنا، لي اليد العُليا في قصري، وحدي من أحكمهم و أتحكم بهم.

" ممنوع أن تخرج السيدة الأم من بوابة القصر إطلاقاً، كما أنه ممنوع أن تخرج الآنسة الشابة إطلاقاً، إن حدث و خالفن أمري اسمح لكم بردعهنّ بالقوة!"

هتف الحرس من خلفه.

" أمرك سيدي!"

إقتربت من أمي خطوة، و الغضب أعماني عن الدموع في عينيها، أنا فقط همست رغم أنني أشتعل في داخلي.

" أنا الأقوى هنا، و لا حتى أنتِ يا أمي، لا تفوقيني قوة!"

ثم دخلت القصر و تركتُها خلفي تبكي... ربما!

صادفتُ نانسي على السُلم لذا أمسكتُ بها من ذراعها، قبضتُ عليها و اجتذبتُها قُربي، شهقت تتألم لحرّ قبضتي عليها، و لكنها لم تجرؤ أن تنبس بحرف، هي فقط أنكست رأسها، و سمعت ما أردتُ قوله جيداً.

" سبق و أخبرتكِ أنني من وهبكِ حياة جديدة، لكنكِ ستعيشينها على حسب مزاجي أنا، إن قلتُ تزوجي بفُلان تتزوجينه بلا نقاش، و إلا هذه المرة رميت بكِ من سطح هذا القصر، و أنا لا أمزح إطلاقاً، أتفهمين؟!"

سُرعان ما أومأت لي و لاحظتُ أنها ترتجف، ليس إلا خوفاً مني، أفلتُها ثم صعدت السلم، هذا ما ينقصني، مشاكل جديدة.

صعدتُ إلى الجناح و بقلبي أحمل أُمنية، ألا أرى جويل واقفة لمجابهتي هي الأخرى، فأنني على حافة الإنفجار، أي وكزة و سأنفجر بوجه أياً كان، خصوصاً إن كان إمرأة، النساء إبتلاء و بلاء.

ولجتُ الجناح و كنتُ حريصاً ألا أصدر صوت فأوقظ ملائكتي الصغيرات، وجدتُ أن الإضاءة خافتة، و فقط ضوء خافت يُضيء على بناتي عتمتهنّ، لكن جويل ليست نائمة بفراشنا.

تحركتُ إلى غرفة الثياب بحثاً عنها، فوجدتها هناك تلف جسدها بروب الإستحمام، المنظر مُغري، لذا غضضتُ عنها بصري، و ولجتُ إلى دورة المياه، لا أحتاج أن يشعلني فتيل من أنوثتها، أنا مُشتعل بالفعل.

وقفت أسفل المياه، و قد جعلتها باردة، لعل برودتها برَّدت علي، أنا إنسان أيضاً، أتعب و أضعف، لكن الجميع ينسون هذه الحقيقة، يظنوا أن طاقتي لا أنضب، أنا أحتاج أن أشحن نفسي كي أتحملني فكيف بهم؟!

خرجتُ من الحوض، ثم براحة يدي مسحتُ البخار المتكاثف على المرآة، لقد عاد شعري للونه الأسود الطبيعي، تتخلله بعض الشيبات بسبب التقدم في العمر.

صففتُه بأصابعي ثم حلقتُ ذقني، إنها لا تطول و لكنني أهتم أن تبقى بشرتي مصقولة، ذلك عندما أقبل أطفالي لا أوخزهن.

حتى عندما أقبل جويل لا أوخزها، أو...

عندما تريد هي أن تقبلني، خصوصاً أنها تختار أماكن غريبة فيّ ، يستطيب لها تقبيل ذقني، فكي، عُنقي، أكثر بؤراتي حساسية لفيض من المشاعر.

خرجتُ ألف حول جسدي روب الإستحمام، كانت جويل قد خرجت من هنا، ارتديتُ إحدى بناطيلي المريحة، ثم خرجتُ أريح على كتفي منشفتي أجفف بطرفها شعري.

أريد أن تجففه لي بنفسها، لكنني لن أطلب منها، سأنتظر أن تفعل من تلقاء نفسها، لا أدري بأي حق، هكذا فقط.

تلفتُّ في الجناح بحثاً عنها، فوجدتُ ملاكي الشقراء تقف بين سريري طفلتيّ، سحرني المشهد و نيَّم عقلي.

قميص من حرير باللون الأحمر، قصير يصل منتصف فخذيها، له حمالات رفيعة، و مشدود عليها، فبطنها من جديد تقوم بتحويلها من إمرأة مثيرة إلى إمرأة مثيرة بكرش.

" جويل"

إلتفتت إلي، ثم تقدمت مني، أخذت المنشفة على كتفي و راحت تجفف بها شعري، لقد فعلت، أخوها لا يجد مكان آخر يرعى بها صيصانه سوى معدتي.

" ستمرض بسبب عاداتك السيئة هذه"

تبسّمت، و أخفضتُ رأسي لها عندما وقفت على أطراف أصابعها كي تصل لي، جففته جيداً، ثم حركت المنشفة على صدري تجفف الماء عني، و هي تقول.

" تفقد النوافذ و باب الشُرفة قبل أن تخرج هكذا، لا أريد أن تمرض"

توقفت يدها عن الحركة عندما إحتضنت خصرها بذراعي، و يدي الأخرى أنمتها على وجنتها، حينها قلت و بصدق، هذه حقيقة ما أشعر به.

" اشتقتُ لكِ جداً مِلئ ما بين الأرض و السماء"

أنامت رأسها في يدي و ابتسمت تقول.

" اشتقتُ لكَ أيضاً، و دعوتُ الله أن يعيدني إليك كيفما أراد، شكراً لأنك هنا مجدداً"

قرّبتُها مني، ثم طبعت قُبلة على جبهتها إعتذار و شُكر خالص مني لها، و بعد وهلة إبتعدت عني قليلاً تنظر في عينيّ.

" هل صدّقت أن الطفل ابنك؟!"

أومأت إيجاباً، أمتلك بعض الشكوك لكنني لن أبوح بها لها، أريدها سعيدة، و أريد لأُسرتي أن تستقر، لا أريدُ المزيد من المشاكل بيننا.

" أُصدقك"

تبسّمت الآن مِلئ شدقيها و اتبعت.

" هل تذكرت؟!"

نفيت.

" لا أذكر، لكنني أصدقك و أثق بكِ هذه المرة"

أومأت لي، و أنا بمبادرة لم يسبق لي أن فعلتها رفعت كفيها إلى شفتيّ، و طبعت على كل واحد منهما قُبلة، عليها أن تقدر كم دفعتُ من كبريائي ثمن تصرفي هذا و تسامحني.

عندما رفعتُ رأسي لها وجدتها مندهشة، عيناها متسعة و شفاهها متكورة، جعلتني انسى حرجي مما فعلت و اضحك.

" أنا آسف"

إعتذرت عمّا بدر مني من تكذيب و إنكار، فوجدتها قد تمسُكت بيديّ، و ضمتهما إلى صدرها بحفاوة، في عينيها دموع عالقة، و في صوتها بحّة أُميزها جيداً، ذلك لأنني كثيراً ما تسببت بها لها، إنها بحة البكاء.

" شكراً لك بيكهيون لأنك تصدقني، ثق بكلامي على الدوام من فضلك!"

أومأت، سأفعل، سأثق بكلامك هذه المرة، و سأبني على هذا الطفل أحلامي الخاصة، سأنتظر ميلاده لأنه ابني من دمي.

أمسكتُ بيدها، ثم اجتذبتها خلفي إلى السرير، و عندما وقفت بها بمحذاته قلتُ بينما أتمسك في يديها و انظر في عينيها، أريد أن أقرأ روحها، لا أن أراقب رد فعلها و حسب.

" شاركيني السرير، نامي بحضني أو دعيني أنام بحضنك، بكلتا الحالتين أحتاجك"

بريق عينيها فضح أصالة روحها و النور الذي يحفّها، أومأت و ابتسمت تقول.

" سأشاركك همومك و أفكارك لو أردت، سأبقى بجانبك دائماً"

جلست على حصتها من السرير، ثم فتحت ذراعيها لتستقبلني بينهما، و أنا ركضت إلى حضنها كطفل صغير محتاج، لجأتُ إلى ذراعيها الناعمين و صدرها الحنون، أنمتُ رأسي على صدرها، و أناملها أخذت تدلك فروة رأسي كما أحب، تُسبب لي راحة لا محدودة و رغبة في النوم لساعات أطول مما قد أعد قبل أن أغفو.

غفوت بين يديها، و نمتُ بعمق لساعات طويلة جداً تجاوزت العشر ساعات، نمت و كأن لا غد خلفي، ذلك لأنني لم أنم فعلياً منذ مدة طويلة، منذ آخر مرة كانت بها بين ذراعيّ كما أنا بين ذراعيها الآن.

.........................

قد قامت السيدة هانمي بالإهتمام بضيفها جونغداي على أكمل وجه، و منحته جناح كامل يتصرف به كيفما شاء طوال فترة إستضافته في القصر، لكن الشاب يبدو شقياً و لن يكون ضيفاً معتاداً لديها.

لقد أنهى حديثه مع الحبيبة رقم خمسة تحديداً، هي الممرضة التي رآها في المستشفى قُبيل خروجه، أعجبته الملامح الظاهرة عبر التنورة و من أسفلها، لذا بادر بطلب رقم هاتفها، و هي لم تمانع.

نزل إلى المطبخ كي يُحضّر لنفسه شيئاً خفيفاً بينما يكمل سهرته مع الحبيبة السادسة، فلقد إنتهت خدمة الغرف و توّجه العُمّال للنوم، يشعر أنه يعيش في فندق و ليس بمنزل.

لكنه سمع صوت بكاء حاد عندما أصبح قُرب بوابة المطبخ، أطلّ برأسه يتفقد ما يحدث، ربما تكون خادمة يائسة و متعبة، إن كانت جميلة سيتولى مواساتها.

لكنه تفاجئ بوجود فتاة ترتدي ثياب مُكلفة تضع رأسها على الطاولة بين ذراعيها و تبكي، فكّر قليلاً، سيكون محظوظاً إن ما كانت أخت بيكهيون التي لم يراها بعد، و إلا لن يستطيع أن يرمي سنّارته و يصطاد سمكة جديدة، لأن بيكهيون سيصطاد روحه بعدها.

إقترب منها بحذر، و انحنى بقامته قليلاً أمامها قائلاً.

" عُذراً يا آنسة!"

رفعت الفتاة وجهها إليه فصفّر معجباً بطريقته الصبيانية العابثة مُعجباً بجمال وجهها، الذي فيه من الحُسن أكثر مما قد يصف، و عندما وجدها تعقد حاجبيها بإنزعاج إعتذر بحرج.

" اووه آسف!"

تنهدت هي و أشاحت عنه دون أن تجيبه، فتحمحم محرجاً ثم تسآل.

" هل أنتِ أخت بيكهيون، بيون نانسي؟"

أومأت فإزدرئ جوفه، إنها جميلة للغاية، و ملامحها تصب نعومة و رقّة، لكن حياته أغلى من كل شيء، و هو بالتأكيد لا يريد أن يأكل عيناه كما توّعد له بيكهيون.

إنحنى لها برسميّة ثم فضّل المغادرة، و هي لم تتمسك به، تركته يغادر حاله حال جميع الذين اقتربوا منها و بسبب أخيها نفروها، هي فقط تبسّمت مستهزئة قبل أن تنهض عودة إلى جناحها.

تكره حياتها، و تكره سيطرة بيكهيون عليها، لذا لو فعلاً رمى بها من السطح لن تُمانع هذه المرة و تتوسله كي يُبقي على حياتها، بل ستستفزه كي ينهي حياتها و تنتهي معاناتها الصامتة هذه.

شهقت بقوة تضع يدها على صدرها عندما رأت جونغداي يقف في أسفل السُلم و يبتسم لها بريبة، تنهدت مُمتعضة ثم تجاوزته إلى الأعلى، لكنه استوقفها عندما قال.

" أنتِ تستحقين المُخاطرة"

و لأنه تحدث بصوت خفيض لم تفهم ما قال فاستفسرت.

" ماذا قُلت؟!"

تبسم يتكئ على السُلم بينما يعقد ساعديه إلى صدره، و يتحدث بثقة مفرطة.

" آخر رقم هاتفكِ هو 666, أليس كذلك؟!"

عقدت حاجبيها لا تفهم أُحجيته أو تخمينه هذا.

" و لماذا قد يكون؟!"

تبسّم يجيب.

" لأن الشياطين توسوس لي أن أخاطر بحياتي لأجل أن أحصل على قلبكِ"

هذا أرخص غزل سمعته بحياتها، ببرود دوّرت عنه عينيها و قالت.

" تافه و سمج!"

سمع جيداً ما قالت، لكنه واجه رد فعل مشابه كثيراً من النساء، كثيراً ما يمثلنّ عليه  دور صعبات المنال، ثم خلال شهر يكون قد إنفصل عنهن لفرط الإستخدام و اللازاجة.

" أثبتي لي أنه لا ينتهي بهذا الرقم"

إلتفتت.

" و كيف ذلك؟!"

قال ضمن بسمات وسيمة، و نظرات تلمع فيها حدقتيه.

" اعطني رقم هاتفك"

تضاحكت تعقد يديها إلى صدرها كما يفعل، و قالت.

" خذه من بيكهيون"

سُرعان ما عبست ملامحه و علّق بإنزعاج.

" لعلمكِ أنا طبيب"

أجابته.

" و لعلمك أنا مهندسة معمارية بدرجة أمتياز من هارفارد"

ابتلع جوفه كما ابتلعت الصدمة عقله، تنهدت ببرود عندما هرب من أمامها، هو ليس فقط لن يحصل عليها بسبب أخيها، هو لن يقدر عليها.

لكن تعليقه بينما يفرّ من مواجهتها أضحكها من قلبها، و هي لم تضحك منذ زمن.

" و لعلمكِ أننا جميعاً سنُدفن بذات التُربة سواء تخرجنا من جامعة سيؤل أو من هارفارد"

وجب عليها أن تعترف... إنه ظريف!

.........................


أتى الصباح، و أستيقظت جويل على أنفاس بيكهيون تمر كالنسيم فوق عُنقها، إذ هو يُخبئ وجهه في جيدها، يحتضن خصرها بذراع، و ساقه فوق ساقيها مُرتاحة.

تبسّمت و أغلقت فاهه بلطف، إذ كان مفتوحاً ليتنفس براحة، مررت أصابعها بين خصلاته الناعمة، ثم طبعت قُبلة على رأسه.

لا تدري لماذا تحبه زيادة مؤخراً، لدرجة أنها ترغب في عضه!

لا تدري كيف سامحته سريعاً، لقد كسر قلبها عندما كذّبها، و لكنه جبرها بسهولة، تكره حملها هذا، فطفلها من الآن بصف والده لا بصفها.

نظرت في ساعة الحائط، إنها الثانية عشرة ظهراً، لذا همست بخفوت متفاجئة.

" يا إلهي! هل نمت كل هذا الوقت؟! دُبة نوم لا شك! أنا دُبة نوم!"

شعرت ببيكهيون يشدد على خصرها بذراعه، و بنبرة ناعسة قال.

" لا، أنتِ دُبّتي أنا، دُبّتي وحدي"

ضربت يده التي على خصرها بلطف، و قالت بإنزعاج.

" لا تقل عني دُبة، أنا جميلة و رشيقة و كل ال..."

قاطعها عندما رفع رأسه، لينظر في وجهها، و اتبع عنها مهدداً.

" و كل الناس ستشهد على مقتلكِ على يديّ لو أكملتِ كلامكِ!"

قبضت بأسنانها على شفتها، و رمقته بريء الأديم قبل أن تهمس.

" كنت سأقول أن كل الناس تشهد على حبك لي"

تبسّم، عندما تكذب تزدرئ جوفها، و ها هي فعلت بينما تترقب ما سيقول، ضرب بسبابته أرنبة أنفها بلطف، و قال قبل أن ينهض.

" كاذبة يا جوجو"

تبسمت تنظر في عرض منكبيه المُهيبين حتى اختفى خلف باب غُرفة الثياب، نهضت هي بعدما مددت ذراعيها في الهواء، لقد كان نصف وزنه عليها، و هي بالفعل تحمل وزناً إضافياً، شعرت بالقليل من التوعك، لكنها اليوم نشيطة على غير العادة.

تقدمت و نظرت في أسرّة الطفلات، لكنها لم تجدهنّ بها، و فقط وجدت ملاحظة مكتوب بها.

" عُذراً ماما، لكن لو إنتظرناكِ حتى تستيقظي أنتِ و أبي سنكون قد مُتنا جوعاً، جدتي تقول أنها آسفة لأنها دخلت دون إستئذان، و تقسم أنها لم تنظر ناحية السرير"

ضحكت جويل بخفة، حينها خرج بيكهيون بينما يرتدي قميصه قائلاً.

" ما بالكِ تضحكين؟!"

تقدمت إليه تحمل الملحوظة، و سلمته أياها تقول.

" إقرأها و ستعلم"

و بينما هو يقرأ الملحوظة، تولّت إغلاق قميصه حتى آخر واحد، لكنه أعترض منزعجاً يفك الأزرار الأولى.

" هكذا ستخنقيني، ثم دعي غيركِ يتأمل إبداع الخالق"

إرتفع حاجبها بسخط شديد، و دفعت بيديه عن ياقته، تقول بغضب.

" لا تدعني أحبسك بالمنزل، قُلت تُغلقها كلها أي تُغلقها كلها، أنت مُلزم بتوخي الحذر من غيرتي أيضاً"

قضم شفاهه ينظر في وجهها، بينما هي مشغولة بتهديده و إغلاق أزراره، ما إن إنتهت رفعت بصرها إلى وجهه و رأت نظراته المُريبة تلك، فبسخط هتفت.

" ماذا؟!"

نفى برأسه أن لا شيء، ثم خطف قُبلة من شفتيها التي تستخدمهن بجراءة مؤخراً، قبّلها قُبلة خاطفة رغم أنه لم يقبلها منذ شهور، لكنه سيكتفي عند هذا الحد للآن، لكنه لم ينسى أنها صرخت بوجهه للتوّ، لذا ما إن رفع شفاهه عنها، حتى صاحت بخفوت إثر قَرصة من يده نالت من خصرها بشكلٍ مؤلم.

قفزت من مكانها متألمة تُدلك موضع الإصابة، و هو حذّر بإبتسامة مُريبة.

" لا تصرخي مرة ثانية عليّ إلا بالطريقة التي أُحبها"

ثم غمز بعبث، و خرج من الجناح، و هي فقط إحتاجت عشر ثوانٍ لتدراك أمرها، ثم همست مُتنهدة.

" منحرف لن تتغير"

دخلت جويل لتُبدل ثيابها إلى جينز أزرق و قميص أصفر، ثم إقتربت تنظر عبر الشرفة، ها هي الطبيبة سُرى بالأسفل.

توقف قلبها لمقدار ثانية خوفاً من أن يكون بيكهيون هنا، سمعت طرقاً على الباب، فقفزت من مكانها تشهق و يدها على قلبها.

" أدخل!"

أطلت عليها إحدى العاملات تُعلمها.

" سيدتي، الطبيبة سُرى هنا"

بوجفة تسآلت.

" هل بيكهيون هنا؟!"

نفت العاملة.

" لا سيدتي، لقد خرج فور وصولها"

تنهدت براحة ثم قالت.

" اطلبي منها أن تصعد إلى هنا"

أومأت العاملة ثم خرجت، و بينما خي تنتظر وصول ضيفتها كانت تسير ذهاباً و إياباً تفكر بأي أفضل الطرق كي تبدأ الحديث، و تُقنعها بما تريد، دقيقتين و وصلت الطبيبة سُرى، فتقدمت جويل لتفتح لها الباب.

و بعد التحية سُرى علّقت.

" حامل مجدداً؟!"

ضحكت جويل تومئ، ثم أشارت لها نحو الآرائك.

" تفضلي اجلسي حتى احضر لكِ شراباً"

أومأت سُرى و هي تنظر في أرجاء الجناح، كان من الغريب أن تستدعيها جويل إلى جناحها الخاص، فتلك مساحة شديدة الخصوصية، ليست مكاناً للإستضافة، لكن الأغرب من ذلك هو هذا الجناح، الذي هو بحجم شقة وحده.

فحيث جلست سُرى على إحدى الآرائك، خلفها عن بُعد عشرة أمتار يقع السرير المُكلِف، جويل كانت تقف إلى البار القصير تحضر كوبي قهوة سريعة التحضير.

قدمت لسُرى كوبها، ثم جلست على الكنبة المجاورة تقول.

" لا حاجة لي أن أفسر لكِ ما حدث معي في الفترة السالفة، صحيح؟!"

أومأت سُرى و وضعت تخمينها.

" لذا أظن أنكِ تريدين الخضوع لجلسات نفسيّة"

حركت جويل رأسها نفياً و تحدثت.

" هناك من هو أحوج للعلاج مني"

تسآلت سُرى و في خلدها بضعة شكوك.

" الرئيس بيكهيون"

نفت جويل مجدداً و قالت.

" ليس الآن بيكهيون، إنني أقصد أحد آخر"

عقدت سُرى حاجبيها، و بعد أن وضعت كوبها جانباً، تتخذ الموقف بجديته القصوى، قالت.

" من إذن سيدة جويل؟!"

جويل أجابتها مباشرة.

" كيم تايهيونغ، زوجي السابق الذي قام بإختطافي"

شهقت سُرى بخفة تضع يدها إلى فمها، و بخفوت استهجنت.

" تريدي مني إنقاذ الذي إختطفك!"

نهضت جويل من مكانها، و اقتربت لتجلس بجوار سُرى، ثم تمسّكت بيدها تقول بعدما أومأت.

" أرجوكِ اسمعيني حتى النهاية، أنا أطلب منكِ المساعدة لأنني أظن بكِ خيراً، و أرجوكِ لا تسمحي لبيكهيون أن يعلم بالأمر"

تنهدت الطبيبة سُرى، ثم أومأت تقول.

" حسناً، سأستمع لكِ، لكنني لا أعدكِ بشيء"

تبسّمت جويل بإمتنان رغم ذلك، و بدأت تسرد القصة.

" أنا و بيكهيون... لم يكن زواجنا الأول مبني على الحب، و طلاقي بتايهيونغ لم يكن برضانا، بيكهيون أجبرني على الزواج به و الإنفصال عن تايهيونغ، و منذ ذلك الوقت و الرجلين في صراع شديد، و أنا عالقة بينهما"

سُرى لم تفهم أي مما قالته جويل لهذا الحد، لكن بعد شرح مُفصل للماضي عبر السنين السالفة إلى اليوم، سُرى إحتاجت وقتاً لتخرج من صدمتها.

" كثير من التفاصيل تعرفينها وحدكِ و لا يعرفها أحد، أنا أخبرتكِ بكل هذا، كي تلتمسي لتايهيونغ العُذر في أفعاله الأخيرة و تقدمي له المساعدة، هو الضحية الوحيدة في هذه الحرب، تايهيونغ يحتاج المساعدة، و أنا لم أفكر بأحد سواكِ، لذا أرجوكِ ساعديه أنتِ"

تنهدت سُرى تُدلك صدغيها، و قد داهمها الصُداع فجأة، أو بالأحرى لثِقل الأقوال التي سمعتها على قدرتها.

" و كيف أساعده؟!"

جويل أجابت.

" هو معلول نفسياً و أنا واثقة، أنا طبيبة و بمعرفتي أستطيع أن أشخصه كمريض نفسي يحتاج العلاج فوراً، لكنكِ الطبيبة المتخصصة هنا، لذا أرجوكِ قومي بمساعدته، هو يحتاج من يخرجه من الظلام، الذي تسببتُ به له"

اتبعت جويل تستغل صمت سُرى و تعمقها في تفكيرها.

" تستطيعين الذهاب إلى مشفاي، سأتصل بهم ليذهبوا بكِ فوراً و بشكل عملي إليه، قومي بتشخيصه و اكتبي به تقريراً ليُرفع إلى المحكمة لاحقاً، أنا لا أريده أن يدخل السجن"

جويل نظرت إلى سُرى بقلق، و قالت بشيء من التخوف و الخفوت، فما ستقوله خارج إطار سموّ المهنة عن جدارة، و لكنها مضطرة أن تنقذ تايهيونغ بأي طريقة كانت، ما دامت لا تضر أحد.

" لو ما وجدتِ به المرض النفسي الذي يستدعي العفو عنه في المحكمة، لفّقي له مرضاً ليخرج"

ما ردّت سُرى سريعاً، إنما ضلت تنظر في جويل تنتظر منها أن تعترف بسوء مزحتها، لكنها تهكمت بإبتسامة هازئة عندما أخفضت جويل رأسها و تنهدت، وقفت سُرى ترفض ما قالته جويل، و أجابت بهدوء رغم الغيظ و البغض الذي يطغو صوتها و نظراتها .

" أنا لن أكون شريكة في لعبة قذرة كهذه، و لن أقبل بها، لا أنكر أنني شعرت بالشفقة عليه، فأنتِ و بيكهيون من أودا به إلى هذه الحالة السقيمة، و لكنه ليس دوري أن أنظف من خلفكم رجسكم، تدبروا أمركم دوني!"

حملت سُرى حقيبتها تبغي الخروج، و جويل لحقت بها ركضاً تحاول إيقافها و إقناعها حتى وصلت الباب، و عندما فتحته تفاجئت ببيرل تقف مُستندة على الباب، و إثر فتح الباب فجأة وقعت بيرل إلى الداخل، فأخذت تبكي.

هرعت جويل تحمل الصغيرة بين يديها، و أدخلت جيني، ثم سدّت الباب تمنع سرى من الخروج، قائلة بينما تشير إلى الطفلة الشقراء بين يديها كآخر خيط إستنجاد تملكه.

" انظري، إنها إبنته، و لا أريد لصغيرتي أن تعيش بلا والدها، أرجوكِ!"

سُرى تهكّمت قبل أن تخرج و قد قطَّعت كل آمالها.

" لكنكِ وجدتِ لها أباً بديل، عندما تكبر لفقي كذبة أكبر، و هي ستصدق أمها بكل تأكيد"

ثم خرجت الطبيبة، و لم تقبل أن تسمع أياً مما قد تقوله جويل، فما سمعته بالفعل يكفي أن يثير فجعها و دهشتها طوال عمرها.

أنها لن تنسى الحديث، الذي دار خلف هذا الباب المُغلق، و لن تنسى أن الناس في مظاهرهم فقط، هذا الترف و البذخ ما هو إلا حِجاب على لعبة قذرة أبطالها أصحاب الأموال هنا.


....................................

مرّ اليوم، و سُرى لم تستطع إلا أن تُفكر بالأمر، لقد خرجت من قصر بيون بيكهيون إلى عيادتها الخاصة مباشرةً.

إستقبلت مرضاها بالكثير من القلق و التوتر، لم تكن قادرة على إتمام جدول مرضاها، لذا إعتذرت منهم، و طلبت من مساعدتها تبديل مواعيدهم.

تمددت على كرسي المرضى المنخفض، ثم زفرت أنفاسها بهدوء و أغمضت عيناها، كانت تُفكر بعمق بما حصل معها اليوم.

في نفسها شيء يردعها عن الوقوف مكتوفة الأيدي، ترى رجُلاً يُقابل مصيراً لا يستحقه، و هي قادرة على تقديم المُساعدة.

فكّرت و فكّرت، حتى أمسّت الساعة عليها، و غادرت مساعدتها، تتركها في الوحدة معزولة تفكر بشكل عميق، حتى توصلت لقرارها هذا.

ستذهب، و تُلقي نظرة عليه، و لو وجدت أنها قادرة على تقديم المساعدة كطبيبة نفسية لن تُقصِّر، لكنها لن تقبل بأن تدس ملفات من أسفل الطاولة كي ينجو، هذه ليست من شيّمها.

عادت ليلتها إلى شِقتها القريبة من العيادة، و بعد تردد دام لدقائق طويلة إتصلت بجويل، و حتى أجابت جويل بنبرة متفاجئة، لكنها مبتهجة سُرى تحدثت.

" سأذهب أُلقي عليه نظرة، لو وجدت أن به إختلال نفسي سأقوم بدوري كطبيبة نفسية، و غير ذلك سأتجاهل ما حدث اليوم كلياً و كأنني لم أسمع به"

سُرعان ما أجابت جويل ببهجة.

" حسناً، شكراً لكِ، لن أنسى موقفكِ المُشرف هذا طالما حييت، سأخبر المسؤول ليبعث بكِ إليه"

ألقت سُرى هاتفها على سريرها، ثم راحت تعبث بشعرها بتوتر تقول.

" أرجو ألا أندم لاحقاً!"

في الصباح الموالي، توجهت سُرى إلى مستشفى جويل، و من مكتب الإستعلامات بعثوا لها من يرشدها إلى غرفة تايهيونغ.

دخلت إليه بعدما طرقت الباب و لم تلقى إستجابة، كان يتمدد في سريره و ينظر في السقف بشرود، ما إن رآها أشاح عنها يهمس.

" لستِ جويل"

قرّبت كرسي إلى محاذاة سريره، و بعدما جلست أخذت تنظر إليه قبل أن تُقدم نفسها له، إنه شاب في ربيع عمره، يخضع للعلاج في المستشفى  للمرة الثالثة بسبب طلق ناري.

لون بشرته حنطي طبيعي، لكن الهالات السوداء تتواجد أسفل عينيه، و على صدره ضماد ثقيل، كما أن في ذراعه إبر لأجل المحاليل الطبيّة.

دخل الطبيب المسؤول عن حالته، و بأمر من سُلطات عُليا في المستشفى قام بتقديم ملفه المرضيّ لها، تصفحت سِجله المرضي بهدوء، ثم سلمت الملف للطبيب مجدداً، و شكرته حسن عمله.

تنهدت تقترب من السرير أكثر حتى أصبحت أمام تايهيونغ، لو حرك عيناه سيقع بصره عليها.

" سيد كيم تايهيونج، أنا الطبيبة بيون سُرى مُختصّة بالأمراض النفسية، و قد أتيت لأقوم بتشخيصك، فهل أطمع بمساعدتك لي كي أقدر على مساعدتك؟!"

و دون أن يحرك بصره عن السقف ردّ بسؤال.

" و هل تتضمن مساعدتك لي أن تُخرجي جويل مني؟!"

أومأت تقول.

"سأخرجها إن أردت و سأُبقيها إن أردت، سأساعدك بالشكل الذي تريده"

إنها كذبة، لكنها كافية لإغوائه، حينها فقط حرك رأسه و نظر إليها قائلاً.

" لا أريدها أن تبقى داخلي، أريدها أن تخرج، و أن أقتلع كل جذورها فييّ، و أستئصل كل ما بقي لها أثر فيه داخلي"

تستطيع أن تقول أنه لن يكون حالة مُستعصية، فهو يريد أن يتعالج، و علاجه يكمن بصرف جويل عن حياته.

أخرجت الطبيبة ملاحظاتها و أمسكت بقلم تقول.

" حسناً سيد تايهيونغ، هل لي ببعص الأسئلة رجاءً!"

أومئ ينظر في السقف،  فابتسمت و طرحت سؤالها الأول.

" أخبرني عن نفسك"

تحدث بهدوء شديد.

" بدأت حياتي معها، رغم حداثة سني إلا أن مشاعري الفتيّة ركضت إليها، و وقعنا في غِمار الحب باكراً جداً، و أطلنا في عمر حُبنا أكثر من خمسة عشر عاماً، حتى قتلت هي حبنا، عندما فضلت حب رجلاً آخر على حبي أنا"

لقد سألته عن نفسك، قالت "اخبرني عن نفسك" لكنه أخبرها كم عمر حبه لجويل مديد، و كم خذلته بالتخلي عنه، و ذلك أنبتّ في نفسها شكوك نحو تشخيص معين، و لتتثبت من صحة آرائها أتبعت تسأله.

" كيف تراها؟"

تبسّم.

" أحب الفساتين البيضاء عليها، لها شعر أشقر،  و عيون بلون سِتار الربيع، و بشرة بضّة، أشعر أن الفستان يكمل طلّتها الملائكية، لطالما ربطتُها بالملائكة، لأنها نقيّة و بريئة مثلهم"

همهمت ترى تناقضاً في أقواله، فتارة وصفها كمرض خبيث، ثم وصفها أنها ملاك، و ذلك يثبت تأرجح موقفه بشأنها بين الحب و الكره،  لكنها متأكدة أنه يحبها جداً لدرجة أودت به إلى هذا المرض.

" و كيف ترى بيكهيون؟"

بحقدٍ أجاب مقتضباً.

" سارق"

إستمرّت بطرح الأسئلة و استمرّ بإجابتها، خرجت من عنده إلى غرفة المدير، طرقت الباب مرة فأذن لها بالدخول، قدمت بطاقة مزاولة المهنة له و قالت.

" أنا الطبيبة النفسية بيون سُرى، طلبت مني بيون جويل أن استلم حالة المريض كيم تايهيونغ، و بموجب هذا أريد أن يقوم ببعض الفحوصات، لأضع تشخيصاً دقيق متعاونة مع طاقمكم من الأطباء النفسيين، كما أريد سجل العائلة المرضي بالتفصيل"

أومئ المدير قائلاً.

" أوصتني السيدة جويل بكِ، لذا لكِ كامل الحرية للتصرف بشأن المريض كيم تايهيونغ"

أومأت ثم نهضت لتُباشر بعملها، لكنها إستدركت ما إن أصبحت عند الباب.

" هل أتت الشرطة إليه؟!"

أومئ المدير قائلاً.

" نعم، أتوا صباحاً"

أومأت ثم خرجت، لذلك على مدخل المستشفى يوجد عناصر من الشرطة أكثر من الطبيعي، و لذلك الرواق، الذي تقع فيه غرفته، يتواجد به عناصر تابعة للشُرطة.

اجتمعت بطاقم الطب النفسي بينما تايهيونغ يقوم في الفحوصات اللازمة، و بعدما خرجت نتائج الفحوصات، قررت أن تتصل بجويل، و تخبرها حقيقة ما توصلت إليه مع طاقم من الخُبراء النفسيين عن تشخيصها الأكيد.

" اتصلتُ بكِ كي أعلمكِ أنني قمتُ بواجبي كطبيبة نفسية، و توصلت لتشخيص دقيق حول حالة تايهيونغ الصحيّة"

جويل أجابتها بتوتر.

" و ما هي؟!"

اتبعت.

" لقد بيّنت الفحوصات أنه لا يعاني من أي مشكلة عضوية، و أن عقله سليم بشكلٍ كامل، لذا عبر التشخيص النفسي..."

تنهدت ثم اتبعت.

" تايهيونغ مريض حُب مرضي، هوس مرضي،و وساوس قهرية، و يتوجب علينا حجره بمصحّة نفسيّة على الفور."

لاقت سُرى الصمت من جويل لوقت طال لقريب الدقيقة، ثم سمعت صوت بكاء خافت.

" افعلي ما يلزم، و ابقي معه أرجوكِ، و أنا حاضرة لأي شيء تريدينه، فقط ساعديه من فضلك!"

سمعت سُرى صوت بيكهيون قبل أن ينغلق الهاتف، و يعلو صفيراً فحسب.

" تُساعد من؟ مع من تتحدثي يا جويل؟ و لِمَ تبكي؟"

سُرى تجاهلت الأمر، و توجهت للقيام بالإجراءات اللازمة، لكنها أرادت إخباره أولاً، فدخلت إليه، و وجدته على فراشه مُمدّد، و نظره نحو السقف مجدداً.

" سيد كيم تايهيونغ، بموجب التشخيص الذي توصلنا له، علينا أن نقوم بنقلك إلى مصحّة نفسيّة فوراً لتلقي العلاج، و لا تقلق، أعدك سأبقى معك و اهتم بك، و أبشرك بأن حالتك النفسية لن تسمح المحكمة بوضعك خلف القضبان"

ابتسم ثم أومئ يقول.

" إذا عالجيني أيتها الطبيبة أو اقتليني إن يأستِ مني"




....................


Kill me heal me😭😭😭😭😭😭💔

شلال دموع و أحزاااان😭😭😭💔

سلام🌚

صح الشمس لسة ما طلعت بس حضرتي عم افطر، او اتعشى للمرة الثانية قبل لأنام.

طبعاً كونوا شاكرين لأخوي الي قلي كل نتّي ع حسابك🌚💔

بقول حتى أبوي يشفق علي و يشحن تلفوني او النت رح يكون في لخبطة بالتنزيل، متى ما يتوفر النت أكتب و أنزل.

الفصل القادم بعد 400 فوت و 1000 كومنت.

١. رأيكم ببيكهيون؟ مشاعره أفكاره؟ تزمته بموقفه بالنسبة لنانسي؟

٢.رأيكم بنانسي؟ و جونغداي الشقيّ؟

٣. رأيكم بجويل؟ مسمحتها لبيك و مشاعرها المتلخبطة؟ طلبها من سرى؟

٤. رأيكم بالطبيبة سرى؟ موقفها؟ شخصيتها؟

٥.رأيكم بتايهيونغ؟ حالته النفسية؟ توقعاتكم حول مستقبله؟

٦.رأيكم بالبارت ككل و توقعاتكم للقادم؟!

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️





© Mercy Ariana Park,
книга «حاقد عاشق|| The Love Odessy».
CH88|| بين نارين
Коментарі