CH73||الإنفجار العظيم
" الإنفجار العظيم"
" إن إنفجاركِ لا ينهينا، بل يولدنا فانفجري!"
كما لو أن الدهر قد لعب بنا على أصابعه، سيرنا كما يشاء و تلاعب بحيواتنا كيفما شاء، فغدى للفوضى محلاً فينا و للتخبط مكاناً في شعورنا و للتشتت مكاناً في وجودنا، كما لو أننا دُمى مايورنيت تسير حسب أهواء قابض الأحبال.
صرختي كانت بألف صرخة حينما أعلنت عن شعوريّ الفذّ، ذاك الشعور الذي طغى علي و خرج من فمي دون حُسبان.
قُلت أنني أحب بيكهيون...
قلت أنني أكره تايهيونغ...
في النهاية، هل أنا بهذا الجنون؟!
أمشاعري مجنونة بتلك الطريقة؟!
أعلم أن ما قلته ما كان بحسبان أدراكي، و حقيقة لا أعلم إن أنا قلتها من أعماق صدري أو أنني فقط أردتُ إغاظته.
لكن تايهيونغ ما وعى و ما تمهل إنما إنهال عليّ بوابل غيرته و تملكه... لا حبه.
ما أعلمه جيداً أنه لا يحبني، إنما هو يحب تملكي، يحب السيطرة علي، و يخشى أن أُسلَب منه.
و ما يخشاه أكثر أن أتركه بنفسي، و احتمي بظهر غيره منه...
لقد بِتُّ إمرأة ببدن متلبد، ما عاد الألم يؤلمني، ما عادت الإهانة تهنيني، ما عاد الرُعب يخيفيني، و هذه حالي للآن مع تايهيونغ، إمرأة ضد الصدمات.
حينما طرحني على الأريكة و صفعني بعد أن قذف بوجهي وابل من الإهانات كان حسيّ قد تبلد، فليفعل ما يشاء، ما عدتُ أهتم، ما عدتُ أخشى اليد المرفوعة و لا الأسنان المرصوصة.
صرختُ بأنني أكرهه، ماذا جري بعد ذلك؟
هو فقط إبتعد عني مدهوشاً و نظر إليّ كما لو أنني أزهقتُ روحه، أنا بالفعل أزهقتُها، فلننتهي هنا.
لكن يبدو أن الأمر بالنسبة له لا ينتهي بإعترافي هذا و لن ينتهي، هو نهض عني و نجوت أنا من نوبة غضب كانت ستهرسني بين أضراس عنفها.
وقف مُهتز البدن و سارعتُ أنا بالقعود على الأريكة، كان أعمى البصيرة و مُفعم بالألم حينما رفع سبابته بوجهي و قال يهددني.
" تكرهيني و تحبينه يا جويل، هل أحتفظ بكِ لأنكِ تحبينه؟!"
زلف إليّ ينظر في وجهي و قد بانت لي الدموع العالقة في عينيه، فلتكف عني و لن أكسرك مجدداً، لا تقارن نفسك به، كُف عن الإنتقاص من نفسك لصالحه، كُف عن سحبي إليه أكثر.
أعلم أن خلف سؤاله إهانة و ها هو يهين.
" لا، و أنا سأفعل مثله، سأحتفظ بكِ طالما أنتِ تكرهيني و حينما تعودي على ذِمة حبي..."
أمسك بذقني بقوة و نظر في عينيّ، يخبرني عن نواياه، إلى متى سأبقى عالقة أنا بين رجلين؟!
أريد أن أتحرر...
"سأرميكِ كما فعل هو بكِ سابقاً، و لن أنظر إليكِ أبداً، لأنكِ حينها لن تسوي في ميزاني مِقدار خُفٍ أرتديه في قدمي"
أغلقتُ عينيّ و يا ليتني أستطيع إغلاق أُذنيّ أيضاً، قلتُ أن إحساسي تبلد أمام الإهانة، فما بالي أتألم؟!
أفلتَ ذقني دافعاً وجهي عن واجهته، ثم شعرت به يبتعد فما عادت أنفاسه تدُب على وجهي، فتحت عينيّ أنظر له فوجدته يدور في الحيز أمام الأريكة، ثم أخذ يصفق كما لو أن عطب أصاب عقله.
أخشى عليه من المرض...
"أُحييه، بيون بيكهيون ينتقم بطرق مميزة و ها أنا أتبع طرقه، فلتُحييه عني حينما يأتي ليغتصبكِ من جديد، و وصلي له تحياتي!"
وقفتُ بعصبية و ضربتُ الأريكة بكل ما تفجر بي من غضب فجأة، كُف أرجوك عن ذكر ما جمعني به و فرقني عنك، صرختُ مِلئ جوفي، مِلئ وجعي.
" تايهيونغ، لن أتحمل منك المزيد، أريد الطلاق الآن، حررني و دعني اذهب، وقتها ستكون أنت حُراً مني، كف عن التمسك بي و أنا لا أجلب لك سوى الألم و أنت لا تجلب لي سوى الألم"
بِتُ مُهتزّة لا أطيق هدهدة الأنفاس على صدري حتى، و ها هو عاد ليهدم ما بقي واقفاً بي، ما بقي عامراً.
عاد إليّ بخطوات سريعة جعلتني متأهبة للصمود لا للفرار، أمسكني من شعري و جذبني إليه بعنف حتى إرتطم أنفي بصدره، لكنني ما تراجعت، ما حاولت أن أهرب، ما قاومت حتى.
ما عدتُ أطيق فعل شيء، حتى لو كان لأجلي...
إجتذبني حتى غدتُ في ساحته و مساحته، رفع وجهي إليه حينما جذب شعري للأسفل، كبتُ ألمي -فلقد إعتدتُ كبته- و نظرتُ لِكم الحقد الكامن في عينيه، حينها بدد و هدد، علمتُ أنه قد حقد، حاقدٌ علي.
" لا خروج لكِ من منزلي، و لا طلاقي لكِ مني، لا حرية لكِ مني، و دعي ذاك الفارس المغاور يأتي يأخذك من لديّ إن إستطاع هذه المرة، فلقد حان دوره عليكِ"
دفعني بقوة عنه فسقطتُ أرضاً و الدموع مِلئ عينيّ، لستُ جسداً تأخذان دوراً عليه، و لستُ إمرأة باعتك الهوى إنما الحب، و لم أبيع نفسي له رغم أنه قدم أثمان باهظة، لأنني كنتُ قد إخترتكَ عنه.
أعلم أنني لستُ الضحية الوحيدة هنا، لكنني لستُ المجرمة أيضاً، كل ما حدث و يحدث ليس من ذنبي في شيء، إنما القدر يذرفني حيث يهوى، لكنني أراني وحدي أنال عقاب قاسٍ و ما أذنبتُ بشيء.
خرج و بقيتُ وحدي مع نُتف كرامة و آلام كثيرة، لكنها لا توجع، ما عادت تؤلم، وقفتُ بإنفة و رحتُ أتفقد إبنتي، لقد إعتدتُ على هذا المُر، أصبح طعمه مستساغاً.
مسحتُ عينيّ، اللعنة على بناتها، فلتتوقف عن الخروج...!
فتحتُ الباب لأجد صغيرتي تجلس في سريرها و تلهو بالألعاب التي فيه، إقتربت منها و لأجلها زيفتُ إبتسامة.
حملتُها على يديّ و ربتُّ عليها و هي تخرج صوتاً رقيقاً للغاية، أرجو أن تعود لبشاشتها السابقة، كانت حينما ينظر لها بيكهيون يملئ صوت ضحكاتها سمعي، الآن قلما تضحك، قلما تبسم، تلعب فحسب و كأنها تشعر بي فتخفف عني.
أريد أن أخذها و أخرج من هنا و نعيش معاً، لا أريد أن أبقى مع تايهيونغ، و لا أريد أن أعود إلى بيكهيون، أريد أن أطمئن على دي او فقط و أرحل من هذه البلاد برمتها.
..................
وصل تايهيونغ إلى ضِفة نهر الهان، هنا حيث إرتسى كثيراً بعيون دامعة، بقلب منفطر، و نفسٍ مكسورة.
هنا حيث فرّت منه إلى الموت في يومٍ سحيق، هنا حيث كان يأتي ليشكي لها جور الزمن عليه و كم أن بعدها عنه شلّه عن المُضيّ قُدماً بطريق يخلو منها، لو عاد به الزمن لما بكى ذاك البكاء عليها، لما عانى، لما عرّض نفسه لأمراض نفسية و جسدية، لما استجند بها بوعيه و لاوعيه، كان مريضاً يعيش على ذكراها فحسب.
لو أنه يملك عقل الآن و عاطفته الحالية، لقتل بيكهيون أولاً، و ما استمع لكيونغسو حينما حثّه على الصبر و لا يتهور بأخذ حقه.
ليتها ما عادت أبداً، لربما كان الآن مُعتاد على غيابها، لربما كان قد تخلى عنها الآن و بدأ حياته من جديد، على الأقل كانت ستبقى ملاكه الطاهر الذي رحل، على الأقل لبقيت صورتها طاهرة في ذهنه.
رفع رأسه إلى السماء، إنها ليلة مُظلِمة كالظُلمة التي بداخله، كان كلما ضاق صدره آتى لهذا النهر، و شكى له و بكى عند ضفته و جعله شهاداً على ضعفه و الدمار الذي جاب به.
لكنه بات يضايقه أكثر ككل شيء يتعلق بها، يضايقه و يُطبق على صدره، الأولى به هجره هو الآخر، لكنه لا يعلم لِمَ يتمسك به حتى هذا الوقت، كما لا يعلم لِمَ يتمسك بها هي أيضاً رغم كل ما حدث.
كان يأتي ليشكي همه لملاكه الذي نام داخل هذا النهر، ما عادت ملاكاً بل أصبحت شيطاناً، و ما عاد هذا النهر بالنسبة له ماءً بل أصبح دماءً.
على ذات ضِفة النهر و لكن عن بُعد يُقدر بنصف مدى عينيه؛ توقفت سيارة رياضية حمراء بعد أن عاث صوت محركها المزعج فساداً بالهدوء الذي كان ينعم به.
نزل من السيارة شاباً يبدو أنه يتألم من الحياة و الحب - زوجا السوء- مثله، فها هو تقدم ليرتكن على مقدمة سيارته و أخذ ينظر إلى النهر كما يفعل هو، يتأمل الأمواج و هي ترقص على ألحان سكون الليل بهدوء.
إلتفت إلى شأنه الخاص و نظر في النهر مجدداً، لكن لحظة...!
هذه هيئة بيون بيكهيون من بعيد...!
إلتفت يدقق نظره في الرجل اليافع ذاك الذي يقف كوقفته، نعم! هذا بيون بيكهيون بأم عينيه.
نهض تايهيونغ عن مقدمة سيارته و وجه جسده ناحية المتكئ على سيارته، حِمم سارت في جسده حتى وصلت رأسه و غَلت به.
كمش أنامله إلى راحته، ثم قبضها قبضة قوية و ضرب بها هيكل السيارة و صاح، لقد تفجرت أوداجه غضباً.
" بيون بيكهيون!"
إلتفت بيكهيون حينما سمع صوت صياح باسمه، ثم رجل يتقدم إليه و يده مسلحة، لكنه ما تحرك بل إبتسم و قال.
" أحب أن أسمع أحد يصرخ باسمي، لكنني عذراً أحب النساء"
ما قال شيء تايهيونغ إذ هو قد إعتاد -رغم إحتكاكه الطفيف- على حِس سخريته اللاذع، جاهر بسلاحه و رفعه إلى وجه بيكهيون و عينيه تنضب حقداً لتمتلئ من جديد.
" بدلاً من أن تخبرني عن ميولك، ما رأيك أن نتحاسب على أفعالك؟"
رفع بيكهيون وجهه إلى الشاب المحموم بالغضب ثم إبتسم مستخفاً و عقد ذراعيه لصدره، فجأة زاحموا رجال كُثر المكان شاهرين بأسلحتهم نحو تايهيونغ.
" أخفض سلاحك عن وجه الرئيس و إلا أطلقتُ عليك!"
قالها كريس يقود ثُلة من رجاله مرفوعاً سلاحه إلى ناصية تايهيونغ الذي لم تهتز به شعرة، بل ضل واقفاً يسدد فوهة السلاح إلى وجه بيكهيون.
أشار بيكهيون لكريس و رجاله أن يخفضو أسلحتهم قائلاً.
" لن نكون مئة رجل على واحد، لو كنت مكاني لما سمحت لهم بالتدخل، أليس كذلك؟!"
تحدث بيكهيون بنبرة ذات مغزى إليه، يذكره يوم سلمه للشرطة كيف سلمه، لو أن رجاله ما تكاثروا عليه و هو مُصاب و استهدفوا جرحه بضرباتهم لما سقط أبداً.
إرتفع حاجب تايهيونغ و ارتفعت معه زاوية شفتيه يهمس.
" أتُعيرني؟!"
برم بيكهيون شفتيه ثم أومئ يجيب.
" أجل، أليس هذا ما فعلته أنت؟!"
بغتة و أسرع مما يظن وجد أن سلاح بيكهيون قد أصبح في جبهته، حينها زالت غشاوة السخرية من عينيه و ارتحلت، و تحدث إليه بيون بيكهيون الحاقد، رجلٌ ذا غضبٍ يقتل و يحرق ليشفي غليله -إن شفيّ-.
" لا تنسى أنك عبثت مع الحاقد، مع الرجل الذي علمك كيف تحقد، أنا بيون بيكهيون لا أنسى مقدار ذرة من إساءة تعرضت لها، لكن سأخبرك سراً ما عاد سراً عني"
إقترب بيكهيون إليه أكثر يوخز صدغ تايهيونغ بفوهة سلاحه و عيناه تحدق بتايهيونغ بحقد ثم هسهس.
" أنا أرد الصاع باثنين! أنت جعلتني اركع أمامك مستغلاً رجالك و إصابتي، انظر كيف سأجعلك تركع لي بنفسي دون عون أحد"
و قبل أن يستوعب تايهيونغ ما قال إنغرزت في قدمه طلقة جعلته يترنح كي لا يسقط و ما سقط، فابتسم بيكهيون و قال، إذ أن تايهيونغ فاق توقعاته و ما سقط.
" يعجبني اللعب مع ذوي الكرامة، أحب دوسها!"
إبتسم تايهيونغ رغم ألمه و قال.
" لستَ تعرفني، لقد أصبحتُ قوياً، بقوتك إن لم أكن أفوقك قوة، ما عاد هناك شيء يضعفني، مثلك تماماً"
قهقه بيكهيون و سار حول المُصاب حتى مثل أمامه من جديد و قال.
" يسرني أن أكون قدوتك العُليا"
تبسم تايهيونغ و بدأ الألم الشديد في ساقه يسلبه من وعيه.
" أنت فعلاً قدوتي، أريد أن أكون حاقداً مثلك كي أقتلك برحابة صدر دون أن أخشى ضميري و من هم حولي"
سقط تايهيونغ أخيراً أرضاً يتنفس بإضطراب، سقط راكعاً أمام قامة بيكهيون فابتسم الأخير، ها هو قد ركع بنفسه.
أمسك بشعره و شده للخلف فارتفع وجه تايهيونغ ليقابله، حتى سمع هسيس بيكهيون بسمع خاوٍ قبل أن يفقده.
" رأيت كيف أنك ركعت بلا أن يتم إجبارك، إصابة ضعيفة أسقطتك، لا تقارن نفسك بقوتي، ما زلت بعيداً جداً لتتشبه بي"
أفلت شعره و بإفلاته ترنح جسد تايهيونغ حتى سقط أرضاً، كانت صورته مشوشة و رأسه يدور، بهذيان همس قائلاً.
" لهذا إختارتك عني، لأنك أفضل مني"
سمع بيكهيون ما قال و عقد حاجبيه، أيعقل أنه يقصدها هي؟! و من ستكون غيرها؟
لكن هذا ما عاد مهماً الآن...
سار كريس إلى رئيسه، بينما ينظر في جسد تايهيونغ المُلقى أرضاً و قال.
" سيدي، كيف نتصرف؟!"
نظر بيكهيون إلى تايهيونغ، و قال بلسان ثقيل إستطعم المُر على طرفه.
" إستدعي زوجته"
أومئ كريس و تنهد، لقد شعر بكم كانت الكلمة ثقيلة على لسان سيده، أكثر ثقلاً مما كانت على سمعه.
" أمرك سيدي"
تحرك كريس بسيارته إلى حيث يعلم سيدته بيون تسكن، بينما بيكهيون أراد أن يغادر فلقد إنتهى إنتقامه من تلك الجثة، لكنه ما إستطاع رغم حثيث إرادته، ما استطاع تحريك قدمه و الذهاب و هي ستأتي.
رغم أنها ربما ستحبسه، و ستأتي بالشرطة للتحقيق بالجريمة بمسرحها الذي إفتعله، ربما يعود إلى السجن من جديد، لكنه ما استطاع، أراد الذهاب بحق، و لكنه شعر بنفسه مكبل بأغلال تربط قدمه بالأرض، تشله.
غاب كريس لوقت قضاه بيكهيون في صراع شديد بين نفسه و نفسه، يريد الذهاب و لكنه لا يستطيع، لكن الأوان قد فات حينما ثارت عجلات كريس زعيقاً في خضم هدوء الشاطئ.
بما أن الفأس قد وقع بالرأس لذا سيتحمل التبِعات، و يقف بيون بيكهيون كما يقف دوماً، بذات العِز و الكبرياء و بدى مُهمِلاً -رغم تهيئ جوارحه- لحضورها.
ما نظر ناحية السيارة و من بها لكنه اكتفى بالنظر إلى تايهيونغ، في النهاية ستصل إليه و تجثو عن جثته و تدعو عليه الواقف.
" أين هو؟!"
سمع صوتها، أغمض عينيه و تنفس بعمق ثم زفر بهدوء، رقص قلبه و دغدغته مشاعره، لكنه تكتم كما يفعل على الدوام و ظهر بمحيّى بارد و حسب.
قد ظنّ أنه توقف عن حبها، لكن ظنّه قد خاب، و إلا ما هذه الأحساسيس الحلوة اللذيذة، التي هاجمته بمجرد أن سمع صوت، بمجرد أن ألِف وجودها حوله؟! كان ذلك طاعناً في كل نواياه، في أعماق إرادته.
ركضت جويل إلى تايهونغ المُلقى أرضاً، لكنها توقفت حينما لمحت المُتكئ على سيارته يعاضد ذراعيه إلى صدره، و يقف بلامبالاة، بإهمال.
قضمت شفاهها، لا تعلم كيف تحركت مشاعرها بعبثية شديدة بمجرد أن رأته يقف بعيداً، رغم أنه لم يتلفت إليها، و كأنها لم تحضر، و كأنها غائبة.
تحركت ناحية تايهيونغ، كان الدمع قد لمع بعينيها و لا تعلم أي السببين جعلها تبكي، إصابة تايهيونغ أم رؤية بيكهيون بعد خواء شديد.
تفقدت جرح الطريح أرضاً سريعاً، و حينما وجدت أن إصابته ليست غائرة لكنها تنزف، علمت أن عليها وقف النزيف بأي طريقة كانت و إلا تفاقم سوء وضعه.
أمسكت طرف فستانها، و كادت أن تمزقه لتأخذ من قماشه ضماداً لجرح زوجها، لكن كريس منعها حينما خلع قميصه و قدمه لها سريعاً و بقي هو عاري الصدر رغم لسعة البرد.
شكرته و دون أن تنظر إليه -خوفاً من أن تسقط عيناها على جسده النصف العاري فيشتعل أحدهم غيرة و ربما يقتلها- تناولت منه القميص، بينما بيكهيون زفر أنفاسه، التي كادت أن تتفجر بصدره، و ألقى على كريس سترته بإهمال فانحنى الأخير شاكراً.
لو أنها مزقت فستانها القصير من الأساس، لتجاوز عن كل الجبال القائمة بينهما و أتبعها بفستانها، لمزقها تمزيقاً و رمى بجثتها بجانب زوجها، لكن كريس كان ذا حِس فائق برئيسه فتحرك سريعاً لإنقاذ الوضع.
ما إنتهت حتى إستقامت و تقدمت إلى كريس قائلة.
" بما أنكم رميتموه بالرصاص، ما رأيكم بنقله إلى المستشفى؟! من فضلك أنقله إلى مشفاي"
حرك كريس نظره بينها و بين رئيسه الذي ما زال ينظر بعيداً عنها و همس مرتبكاً.
" لكن سيدتي أنا..."
صمت كريس دون أن يكمل قوله و بصره إلى رئيسه، فإلتفتت جويل إلى حيث ينظر ففهمت بقية الحديث، همست قبل أن تتحرك ناحيته.
" سأتحدث إليه"
سارت إلى بيكهيون، و كريس تنهد ينظر لهما من بعيد، شعر بها بيكهيون تقترب منه حتى وقفت أمامه قالت بنبرة جافية، و نظرات باردة تلك التي ترمقه بها.
" أن تنقله أنت إلى المستشفى أفضل من أن أطلب الإسعاف إلى هنا"
إرتفع حاجبه عن ناصيته و نظر لها مستنكراً الطريقة التي تتحدث بها إليه، كانت تقف أمامه شامخة لا تخافه، تعقد ذراعيها إلى صدرها و ترتكز على قدم دون الأخرى بينما ترمقه بجفاء.
ربما البعد أنساها أمراً في غاية الأهمية... أنه بيون بيكهيون اللامثيل له!
و لأنه رجلٌ لا يُستفَز إنما يستفِز بطبعه، قبض على ذراعها و جذبها كي تعدل وقفتها، مهدداً بلسانٍ حاد و عينين ترمقها بغضب.
" قفي مُعتدلة أفضل من أن أعدل قوامكِ الأعوج بنفسي!"
أفلتها و تبادلا نظرات شِجار و لوم، ثم أشار بيكهيون لكريس أن ينفذ ما طلبت فتحرك كريس للتنفيذ، حمل بعون بضع من الرجال تايهيونغ و وضعوه بإحدى السيارات، جويل كانت تراقبهم يفعلون ذلك من بعيد، من مكانها قرب بيكهيون.
حالما إنتهوا قال كريس بصوت مرتفع كي تسمعه.
" سيدة بيون، هل أنتِ آتية معنا؟!"
سيدة بيون!
ضحك بيكهيون مستهزءً فإلتفتت هي إليه من جديد، ما عاد اسمها مرتبطاً باسمه لكن شيء آخر فيها إرتبط به.
كانت تنظر في عينيه الخاملتين و هي تجيب كريس.
" لا كريس، إنقله من فضلك، عليّ أن أتحدث مع رئيسك"
تبسم كريس مُرحباً بالفكرة و أحلاماً زاهية تدور في رأسه، ثم أمر بقية الرجال أن يغادروا، و لا يتركوا أياً من السيارات خلفهم، و لا حتى سيارة بيكهيون، بذلك يحاصرهم وحدهم و يقطع سبلهم في هذا المكان المعزول نسبياً عن ضجيج المدينة.
إنسحبوا بهدوء تكتيكي بينما الزوجين غارقين في عيون بعضهم يتشاجران، ضحك بيكهيون ساخراً و أشاح ببصره عنها، حينها فقط لاحظ أن كريس ما ذهب وحده بل أخذ كل رجاله و سياراته معه، فهسهس على سمع الأخرى.
" ذلك الأخرق و مخططاته الخرقاء مثله!"
تجاوز عنها ينظر حول الشاطئ، لا أحد و لا حتى أي سيارة، أخرج هاتفه من جيبه يود أن يتصل بكريس و يوبخه توبيخاً حاراً عمّا فعله، لكنها إنتشلت الهاتف من يده تستغل الفرصة التي قدمها لها كريس، فرصة من ذهب لن تضيعها إطلاقاً.
حينما إلتفت لها أخفت هاتفه خلف ظهرها قائلة.
" أنا سأتحدث و أنت عليك أن تسمعني"
تأفأف متململاً متخصراً بذراعه و الأخرى قدمها إليها يطالب بهاتفه قائلاً.
" لستُ بمزاجٍ للَغو النساء، اعطني الهاتف و اغربي عني"
أومأت إليه لكنها لا تطيع، فبدل أن تعطيه الهاتف رمته بالنهر، فصاح بها يقبض على كتفيها بعصبية شديدة.
" ماذا فعلتِ يا مجنونة؟!"
حاولت نفض ذراعيه عنها لكنها ما إستطاعت عليه، ففعلت ما تجيد فعله؛ صرخت به كما صرخ بها و لكن الدمع قد تسرب من عينيها، خائفةٌ هي و لكنها ليست خائفة على نفسها.
" من الضحية القادمة، اخبرني؟!"
دثرها بين يديه و نبس مهدداً يرص أسنانه.
" لن أسمح لأحد بإسقاطي، من يظن أنه يستطيع إيقاعي فإنني قاتله قبل أن يُبدي بحركة مهما كان"
أفلتها بعنف جعلها تتراجع عدة خطوات عنه و نبس بحاجب مرفوع و عصبية حرة.
" ثم تحدثي معي بنبرة معتدلة، و إلا فاخرسي و اغربي عن وجهي"
تنهدت تمسح وجهها بغيظ شديد، لا فائدة من مهاجمته طالما هو يهاجم بقوة أيضاً، و لكن دموعها قد إنسابت إلى وجنتيها حتى باتت ملحوظة بالنسبة إليه فإزدرئ جوفه و أشاح بوجهه.
لِمَ رؤية دموعها باتت مزعجة؟!
سددت نظرها إليه من جديد و بدلاً من محادثته بلسان الغضب، الذي في جوفها حدثته بلسان الحزن و الخوف، الذي يسيطر على صدرها، إنها حزينة و خائفة أكثر مما تكون في أي شعور آخر.
" لِمَ أنتَ مُصر أن تقتفي حقك بيدك على الدوام؟! لِمَ عليك أن تخاطر بنفسك و بمن هم حولك؟ لِمَ تلقي بنفسك إلى التهلكة من جديد و كأنك ما هلكت، و كأنك لا تبني نفسك من جديد؟ أتبني قوتك لتهدمها من جديد؟!"
نظر في عينيها الباكية و احتفظ بصمته لوهلة، ثم فجأة تقدم إليها خطوة بعد أن شك بما يسفُل كلامها، و أشار إلى نفسه قائلاً.
" أأنتِ خائفة علي الآن؟ أم على من تخافين مني؟!"
ضحكت ضحكة هازئة و خافتة تقول.
" لستُ خائفة على أحدٍ منك، فما بقي لأحد معك حساب و إلا حاسبته، ربما بقيتُ أنا، و أنا لستُ أخشاك"
استنكر يتقدم منها خطوة ثانية و هي ما تراجعت عنه.
" لستِ تخشين على نفسكِ مني؟! أما عدتُ مخيفاً؟!"
حركت رأسها تنفي و هي تنظر في عينيه من جديد ثم همست.
" لستُ خائفة منك، لأنني أعلم أنك غير قادر على أذيتي طالما أنا..."
و خزت قلبه و اتبعت.
" أسكن في قلبك!"
دفع يدها بعنف عن صدره، ثم أمسك بذراعيها يعنفها بقبضتيه، كره أنها كشفته، أو أنها تعرف حقيقة شعوره أكثر منه، أنها تستغل مشاعره لتطغى و تبقى صامدة أمامه بهذه القوة، رغم أنه الرعب الذي عاشته لسنين.
هسهس يبدد ما قالته و عيناه تنضخان رفضاً و غضب.
" لستِ تعرفيني حق المعرفة لتغتري بمكانة ما عدتِ تملكينها، مجدداً أقولها لكِ؛ أنتِ مجرد شيطان تهيئ لي كملاكٍ كريم، و لكن القناع قد زال و رأيتُ وجهكِ الحقيقي، فانصرفي بما أنني أصرفك بلا دماء و إلا صرفتك بالدماء أيتها الشقراء الأجنبية"
تبسمت رغم حدة ما قال و همست رغم أنها تتألم، رغم أنه يجرحها، لكن الجروح منه اصبحت تندمل سريعاً.
أهذا نوع جديد من الحب تعيشه؟!
أم ما هذا الذي تعيشه؟!
" بما أنك ثِرت عليّ هكذا فإنني أقول الحقيقة، أنتَ ما زلت تحبني حباً لا تستطيع أن تبرئ منه إطلاقاً، سواء كنتُ في عينيكَ ملاكاً أو شيطان"
دفعها عنه بقسوة فسقطت أرضاً ثم عَبَرَ عنها يقصد المغادرة بما أنه يقف عاجزاً عن الرد لأول مرة في حياته.
الحب للضعفاء و هو ليس بضعيف، حينما أحبها كبّلته و رمته في السجن عام، كانت هذه نتيجة الحب و هو ليس أخرق ليعيد الكرّة.
صاحت قبل أن يبتعد و أوقفته.
" توقف مكانك، أنا لم أنهي كلامي، توقف عن كونك جباناً و واجه مشاعرك بشجاعة، أنت تحبني و لتتخلص مني تفتعل هذه المصائب، أنسيت أن على كتفيك مسؤولية أمك؟ أختك؟ ابنتك؟!"
إلتفت إليها و قد نفذ صبره و طاقته لتحمل جدالها العنيف ذاك، ما عاد يطيق صبراً إطلاقاً و هو بطبعه ليس صبوراً، إنما سريعاً يغضب كما سريعاً ما يُستفز.
أنها تجلده و لا تشعر به، كلامها كسياط من لهب يهبط عليه يُعنفه بشدة، أكثر إيلاماً من الحرق، أكثر إيلاماً من أي ألم، لكنه يُنعش قلبه، كما الصعقة الكهربائية تؤلم و لكنها تحفظ للقلب نبضاته إن هربت منه.
"جيني التي كنت ستتزوجني لأجلها رغم إدعاءاتك الكاذبة بأنك تكرهني؟! ما الذي تغير فيك؟! قف و واجه نفسك و واجهني يا بيكهيون!!!"
واجهته بآخر إدعائتها و ثبتتها عليه، ثم تملكتها جراءة لا تعرف من أين أنفجرت بها و جاهرت بالأخيرة، حينما صرخت به بينما تستقيم مجدداً على قدميها.
" أنت تحبني يا بيون بيكهيون، و رغماً عنك لن أخرج منك، أنا باقية فيك مهما حاولت نزعي، أنا لن أنخلع من قلبك!"
تقدم منها يقتل المسافة التي أحدثها بينهما منذ وهلة و بددها بخطوات واسعة، لا يسعه أن يهيمن عليه أحد و لا يستغل شعوره أحد و لا حتى هي، لكل شيء حدوده بالنسبة إليه، حتى لنفسه مع نفسه حدود، فكيف تجرؤ تلك الشقراء أن تتجاوزها؟!
و حتى أصبحت في متناول يده قبض على ذراعيها و هزها بعنف بين يديه يصيح بها.
" أنتِ ماذا تريدي مني بعد؟! ألم تنتقمي مني؟! إنتهينا!"
ضربت صدره بيديها بكل ما أوتيت من قوة، و صاحت به تنتحب.
" لا، لم أنتقم منك بعد، أنا لن أنتهي منك أبداً طالما نحن باقيان، نحن لم ننتهي، هذه أوهامك فحسب!"
ملئ جوفه أنفاساً و قال يحاول ضبط نفسه، يحاول ألا ينفجر بها كما إنفجرت به، فينتهي به الأمر يقول ما لا يريد قوله، يعود إليها رغماً عنه.
" أنتِ ماذا تريدين؟! ما الذي تريدينه؟! ما هو إنتقامك الذي سيشفي غليلكِ مني؟! اخبريني و سأعطيكِ ما تريدين و حينها اخرجي مني فحسب، قولي ما تريدين، سأعطيكِ أياه مهما كان"
قضمت شفاهها لوهلة و سكنت يداها على صدره، بينما تنظر في عينيه الخاشعة إليها رغماً عنه، عينيه لا تكذب، همست تومئ.
" تعدني أن تعطيني ما أريده مهما كان؟!"
أومئ إليها دون أن يزيح عينيه من عينيها، إنما ينظر في ورقتي الربيع هاتين لأنه أشتاق رغماً عن أنفه، يعلم أن ما ستطلبه سيكون كبير لكنه سيدفع مهما كان باهظاً، حتى لو طلبت حياته، و لينتهي الحقد و الإنتقام مع نهايته حينها، سيعطيها سلاحه و لتقتله، لن يتردد.
إرتفعت يداها رويداً إلى تلابيب قميصه، و قبضت عليهما، ثم همست و بحة البكاء قد تركت أثرها في صوتها.
" أريدك أنت يا بيكهيون!"
إرتفعا حاجبيه و زفر أنفاسه بثقل شديد عليها، فجأة شعر بحرارة في عينيه فشكل قبضتين توازي جنباته.
لكنها ما راعت أن داخله يضعف و يسقط بل تقدمت خطوة هي كل ما بينهما و جذبته من تلابيب قميصه ليكون وجهه أقرب إلى وجهها و قالت.
" أريد قلبك لي، و أن يبقى حبي خالداً فيك، أريدك أنت بكل ما فيك، أريدك في حياتي من جديد، أريدك لي يا بيكهيون، و بغير ذلك لا تكون سددت لي حقي منك"
إزدرئ جوفه و حرك عنقه يبتعد عنها ثم همس.
" تطالبين بالكثير!"
نفت برأسها و همست.
" قلتَ أنك ستعطيني ما أريد، لقد وعدتني، بيون بيكهيون لا يكسر وعوده"
أغمض عينيه و رفع وجهه إلى السماء، و ما زالت قبضتيها على قميصه تتمسك به، و كأنها تخشى منه أن يهرب، همس.
" هذا ليس منطقياً على الإطلاق!"
همهمت ترفع رأسها كي تحويه نظراتها و قالت.
" ما زلتُ أريدك مهما كانت مطالبي غير منطقية، حقدك علي ما كان منطقياً أيضاً"
إستنشق الهواء بقوة حتى ملئ صدره على آخره ثم زفره بذات القوة، قبل أن يرجع بصره إليها و قال.
" ماذا عنه؟!"
همست تتمسك بقميصه أكثر، تخشى أن يجد الحُجة التي يفر بها منها.
" أريدك أنت و هو يعلم، أنا و هو إنتهينا مُسبقاً"
إرتفع شدقه على هيئة إبتسامة ساخرة، رغم أن الأخبار سرّته لكنه ما أظهر مسرّته.
" تخلصتِ منه و تريديني في مكانه!"
نفت برأسها مجدداً تقول قولاً يدغدغ إحساسه و يشعل ناراً مألوفة في فؤاده.
" لستَ في مكان أحد، لا أحد يكون في مكانك، أنت في مكانة لا أحد يستطيع الوصول لها"
تفشّت الفوضى في صدره و صرخت جوارحه " أن إخضع!"، لكنه بإنفّة رفض أن يخضع و استنكر.
" أهذه كذبة جديدة يا شيطاني؟!"
نفت و إقتصد رأسها بالإنكسار ثم فسّرت.
" أعلم أن كذبتي السالفة كانت ثقيلة عليك، لكنني كنتُ خائفة، كنتُ خائفة أن تحرمني من ابنتي، أو أن تجبرني على قتلها، ما كنتُ أعلم أن لك قلباً رؤوف على الأطفال، خشيتُ عليها، و أنا في المقام الأول أم، أفعل أي شيء لأجل إبنتي!"
لم ينتهي لومه، سيكمل، سيقول ما في جعبته.
" لكنني بعد أن قبلتُ بكِ و بها غدرتِ بي و عدتِ إليه"
رفعت رأسها إليه و ردت عليه تهمه.
" أنت من غدر بي، لستُ أنا، كان هروبي منك رد فعل عمّا فعلته بأخي، و إن كان سداد لما فعله بأختك، يبقى أخي أحبه و أدافع عنه، و تبقى أختك ستحميها أياً كان، في هذا الشأن كنتَ المُخطئ، لم أكن أنا"
زفر أنفاسه و أشاح بوجهه عنها، فكان دورها أن تتسلل أناملها إلى ذقنه، و تدير واجهته إليها من جديد.
" تقول أنني عدتُ إليه؟ أعادني رغماً عني و حبسني، ثم شرط علي شروط كثيرة، لا أنكر أنني حاولت منحه فرصة، لكنها لأجل إبنتنا، لأجل ابنتي يا بيكهيون، أنت أب و عليك أن تفهمني"
أومئ و نظر إليها من جديد قائلاً.
" و الآن ماذا؟! ستنفصلين عنه و تعودي لي؟!"
أومأت و قبل أن يهمّ بحديث تعرف فحواه قالت.
" أقسم لك أنه لم يلمسني من بعدك أحد، إنني لا أكذب عليك، دعني أعود إليك عودة أخيرة لا إنفصال بعدها، أنا أستحق منك هذه الفرصة"
قضم شفاهه حينما شعر بالغصة تتجاوز حلقه، ثم ظهرت في صوته حينما خرج من جوفه ثقيلاً.
" لماذا تعودين إلي؟! إرادتكِ من فحوة حب أم ماذا؟!"
أومأت سريعاً تؤكد، ثم جلبت يده لتضعها فوق صدرها تثبت قائلة.
" أليس صُراخه داخلي دليلاً كافياً؟!"
لقلبها صخب شديد و مهول و كأن طبلاً يقرع في جوفها و ليس قلباً، لكن هذا القرع بدى مألوف فقلبه ليس بحال أفضل، الغير مألوف أن يكون قلبها يقرع على ذات النغم مع قلبه، حينها همس و زاد صوته ثقلاً.
" قوليها!"
إرتاحت يديها على صدره، و عينيها في عينيه صرحت رِفقة دموع صادقة.
" أنا أحبك بيكهيون، أحبك جداً، صدقني إنني لا أكذب، ملاكك يحبك بيكهيون!!!"
نزلت دمعة يتيمة من عينيه، و ما أنهت كلامها حتى مسحتها و قالت.
" لا تبكي!"
تحمحم بخشونة، و مسح وجهه يشيح به عنها رغم أنها ما زالت تتمسك بقميصه، لكنه قال.
" لستُ أبكي أنا بيون بيكهيون، ثم أنا ما عدتُ أحبك، تلك الكلمة لن تؤثر بي"
ضحكت ضحكة خافتة و كذّبته.
" و ما كانت تلك الدموع؟!"
أجاب متهرباً.
" من الهواء البارد، ألستِ طبيبة و تعرفين؟!"
نفت تنظر إلى وجهه المليح بإبتسامة، إنها للمرة الأولى ترمقه بهذه الطريقة الودودة، و هو ما عاد بقادر على تحمل المزيد.
" من قال إنني طبيبة؟! أنا بيون جويل حرم السيد بيون بيكهيون فحسب"
أمسك فجأة بوجنتيها و دفعها إليه بخشونة على طريقته المعتادة، لكنه كان مندفعاً لأن تلتقي شفتيه بحبيتيها -بشفتيها-، لقد صبر و صام كثيراً، ما عاد يطيق صبراً.
مال برأسه بزاوية أفضل إلى شفتيها و تعمق أكثر، يديها التي كانت مرتاحة على صدره إرتفعت حتى عنقه، و أحاطته تقترب إليه أكثر.
و كما لم يحلم أبداً، كما لم يتوقع أن يوماً كهذا سيأتي و يعيشه، كانت الحركة التالية أن قبّلته، أن بادلته قبلاته المُفعمة بالشوق بطريقتها الناعمة.
جُن جنونه، و نُتف الوعي التي كانت باقية لديه إنمحت جميعها، إحتضنها بقوة و شدد جداً عليها يحتويها أكثر و تعمق بتلك القبلة، لقد قبّلها بجنون و اوست جنونه بقبلاتها الناعمة.
ما إن إنفصلا حتى تلاقت جبهتيهما و أخذا يتنفسان أنفاس بعضهما، حينما استجمعت جويل شتات أنفاسها همست.
" جويل لبيكهيون و بيكهيون لجويل للأبد، و رغماً عن بيكهيون و جويل هما لبعضهما!"
تبسمت شفاهه ثم كان اللقاء الثاني مع شفتيها لكنه أقل جنوناً، أكثر هدوءً، أكثر حباً، أكثر شوقاً.
و كأن الحب إنفجر نبعه كما تفجّرت لذّته، كان ذلك بيكهيون العاشق حينما وضع أوراقه على الطاولة و تركها تختار قلبه من بين الأوراق.
كان ذلك الحب القديم قد تجدد لكنه طفرّ فاستلذّ و حبذه، كان الحب يقف على أستحياء و يراقب من بعيد كل ما يحدث في ساحته.
كان وقته ليجعلهما يعيشا في الجانب المشرق منه، كان الوقت ليربت على رؤوسهم بحب و يترك ملائكة كيبوبد تجول فوق رؤوسهم و ترميهم بسهام من حب و تضحك.
إنفصلت الشفاه، و إفترقا قليلاً ينظرا في بعضهما ثم هو قال.
" لنتزوج كما يجب"
أومأت موافقة و ابتسمت، حينها تحسس شفتيها بإبهامه و قال.
" هناك علامة ستكون أليمة على شفتيكِ، تحملي ما تستطيعين تحمله و ما لا تستطيعين، لستُ لطيفاً!"
قهقهت تومئ.
" أعلم أن حبك ليس لطيفاً، لدي إنطباع مُسبق"
همهم يحك مؤخرة عنقه و قال.
" ماذا عن إبنتك؟ أين هي؟"
أجابته باسمة شفتيها.
" مع فلورا، ستذهب بها إلى أخي كما إتفقتُ معها"
دوّر عينيه فضحكت بخفوت تقول.
" أليس عليك أنت و راعي الصيصان أن توقفا نزاعكما بما أنكما ستصبحان عائلة واحدة بفضلي؟!"
كانت تقف تحني رأسها إلى إحدى كتفيها المرفوعين و تأرجح جسدها يميناً و يساراً بينما تقف، رمقها لوهلة ثم استنكر هامساً.
" حِس الأنا لديكِ إرتفع!"
إتسعت إبتسامتها و أجابته بملامح بريئة.
" أخذتُ قليلاً مما لديك"
حينها ضحك بصدق و ضحكت عينيه، كانت ضمن المرات القليلة جداً التي رأته يضحك بصدق، لذا تمعنت نظراً بشفتيه و تغلغل بسمعها صوته لأبعد حِس فيها، كان ذلك لذيذاً بطريقة مؤلمة فهمست بلا تحضير.
" بيكهيون فلتبقى معي حتى أموت"
نظر إليها لا يعلم ما الذي يرفرف مشاعره أكثر أنها تردد اسمه بلا تحفظات، أم أن طلباتها الودودة تلك هي التي تطير به إلى سماء لم يراها في حياته أبداً.
أمسك بمعصمها و جذبها كي يتهاوى جسدها عليه يحتضنها بين ذراعيه و طبع قبلة على رأسها ثم قال.
" حتى لما بعد الموت، فقط أبقي هكذا للأبد، أريد هذا الوجه الذي لكِ، يجذبني كثيراً"
غمست وجهها في صدره و إرتاحت عليه، حان الوقت أن ترتاح من كل هم و غم عاشته، حان لها أن تكون سعيدة، أن يبتسم الحب في وجهها و يتعاضد مع الحياة لصالحها.
يكفي حقداً... حان وقت العشق!
مسح على شعرها بيده و قال.
" الآن سنذهب لتجلبي ابنتك ثم سنقرر ماذا نحن بفاعلين"
أومأت فأمسك يدها و سار، لكنه نسي أن السيارة ليست موجودة، فضرب قدمه بالأرض بغضب و لعن كريس، ثم بحث في جيبه عن هاتفه، و حينما تذكر أنها ألقته في النهر رمقها بغيظ، إزدرئت جوفها و ابتسمت بحرج.
حينها ارتفع حاجبه عن ناصيته و همس مستنكراً.
" و ماذا سنفعل الآن يا غبية؟!"
قهقهت بخفوت، و حينما إزدادت نظراته غيظاً وضعت يدها على فمها تكتم ضحكاتها ثم حركت كتفيها بجهل، حينها إبتسم لكنه أشاح بوجهه كي لا تراه، كان قد فات الأوان لقد رأته.
" أفعل شيئاً، ألستَ الرئيس بيون بيكهيون؟!
إلتفت إليها غاضباً و أجاب بصوت مرتفع.
" نعم الرئيس بيون بيكهيون و لكنني لا أملك أجنحة لأطير!"
برمت ملامحها و قالت.
" تبحث عن سبب لتغضب، و كأن ما فعلته يكسر ميزانيتك"
إلتفت إليه واجم الوجه و قال.
" إنه أحدث إصدار للأيفون"
عقدت ذراعيها إلى صدرها و أجابت ببرود.
" تستطيع أن تشتري شركة آبل برمتها"
أمسك بكلتا ذراعيها و حلّ عقدتهما، ثم إجتذبها إليه و قال مهدداً.
" تأدبي و إلا أدبتكِ على طريقتي، لا تتحدثي معي بهذه النبرة، أتفهمين؟!"
أومأت حينها تركها، لوهلة ساد الصمت بينهما ثم إبتسمت و همست.
" كان هذا أول شجار بيننا"
شزر إليها و هي أتبعت بإبتسامة تزداد إشراقاً.
" و تلك كانت أول قبلة بيننا"
ثم إلتفتت تنظر إليه و همست.
" و ذاك كان أول عناق بيننا"
تنهد يدور عينيه ثم أمسك بمعصمها يجذبها إليه من جديد كي يحتضنها قائلاً.
" ثرثارة! لذا يُفضل أن تصمتي و نذهب من هنا حتى أجد طريقة نعود بها إلى شقتنا"
رفعت بصرها إليه من أسفل كتفه، ففهم ما بال نظراتها، تحمحم و همس.
" أقصد شقتي"
قهقهت تضرب كتفه بلطف و قالت.
" كابر لنرى النهاية مع كبريائك هذا سيد بيون بيكهيون"
تجاهل ما قالته، و أمسك بيدها ثم سحبها خلفه يسير بها إلى الشارع الرئيس، حينما وصلوا هناك، كان كريس يقف متكئً على السيارة.
شعر بضربة أتته على رأسه فإلتفت ليجده الرئيس برفقة سيدته و يبدو غاضباً، إنحنى إليها و أثناء ذلك رأى أيديهما المتعاقدة فابتسم بقوة، و استقام سريعاً يصرخ.
" تصالحتما؟!"
نال ضربة أخرى على رأسه فانحنى معتذراً لرئيسه من جديد، بيكهيون أشار لجويل بعينيه أن تصعد في الكرسي الخلفي ففعلت، ثم تقدم هو إلى كريس و ربتّ على كتفه على عكس توقعاته، فلقد توقع وابل من الشتائم، و إن ما تصالحا توقع أن ينتهي بطلقة من رئيسه.
همس بيكهيون له قبل أن يعبر عنه إلى المقعد الذي يجاور السائق.
" شكراً لك يا رجل!"
تجمد كريس لوهلة في مكانه، ألتوّ شكره الرئيس؟!
ألتوّ رأى يده تشابك يد إمرأته؟!
أم أنها أحلام العصر؟!
لكنه أفاق حينما صاح بيكهيون من السيارة.
" كريس يا غبي، تعال و قدّ!"
تحرك كريس ملبياً بينما جويل تفكر، منذ متى بيكهيون يجلس بجانب كريس؟! هل تغير بغيابها؟!
أكثر مما تتوقع...
.....................
سلااااااام
قلوبكم رفرفت و لا لسة؟!
لساتكم عايشين و بخير؟!
و من منصبي هذا أوجه الشكر لكامي و ايمي، ملكة الواتباد و أميرته😭
ساعدوني كثير...
و مشهد بيكهيون و جويل كان فكرة كامي العبقرية، لو أني ضليت ع أفكاري لما التقوا هسا، يعني حبوا كامي😂😂😂 أنا ما بستاهل.
المهم من يوم و طالع حضرولي أنفسكم قبل ما تقرأوا أي بارت لأنو الحب لاقى مكانه الصح...
هذا لا يعني أنه ما رح يكون في حيونة🌚 و كثير كمان....
الفصل القادم بعد 300 فوت و 300 تعليق.
1. رأيكم ببيكهيون؟!
مواجهته مع تايهيونغ و إنتقامه منه؟!
عرضه على جويل بأنها توخذ الي بدها اياه مقابل أنو توخذ حقها و خلص يتصافوا؟!
ردة فعله ع طلب جويل؟! و الحالة الي وصلها؟!
٢.رأيكم بجويل؟!
كلامها مع تايهيونغ و مواجهتهم العنيفة؟!
طلبها من بيكهيون و اعترافها و تفجر مشاعرها؟!
٣. رأيكم بتايهونغ و الحالة الي وصل لها؟!
تهديداته لجويل و توعده لها؟!
مقابلته لبيكهيون؟!
٤. توقعاتكم حول كوبل جوبيك؟! و كيف ح تكون حياتهم؟! و شو المعيقات الي ح تعترضهم؟!
٥. رأيكم بالبارت ككل و توقعاتكم للقادم؟!
دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love 3 Thousands♥️
" إن إنفجاركِ لا ينهينا، بل يولدنا فانفجري!"
كما لو أن الدهر قد لعب بنا على أصابعه، سيرنا كما يشاء و تلاعب بحيواتنا كيفما شاء، فغدى للفوضى محلاً فينا و للتخبط مكاناً في شعورنا و للتشتت مكاناً في وجودنا، كما لو أننا دُمى مايورنيت تسير حسب أهواء قابض الأحبال.
صرختي كانت بألف صرخة حينما أعلنت عن شعوريّ الفذّ، ذاك الشعور الذي طغى علي و خرج من فمي دون حُسبان.
قُلت أنني أحب بيكهيون...
قلت أنني أكره تايهيونغ...
في النهاية، هل أنا بهذا الجنون؟!
أمشاعري مجنونة بتلك الطريقة؟!
أعلم أن ما قلته ما كان بحسبان أدراكي، و حقيقة لا أعلم إن أنا قلتها من أعماق صدري أو أنني فقط أردتُ إغاظته.
لكن تايهيونغ ما وعى و ما تمهل إنما إنهال عليّ بوابل غيرته و تملكه... لا حبه.
ما أعلمه جيداً أنه لا يحبني، إنما هو يحب تملكي، يحب السيطرة علي، و يخشى أن أُسلَب منه.
و ما يخشاه أكثر أن أتركه بنفسي، و احتمي بظهر غيره منه...
لقد بِتُّ إمرأة ببدن متلبد، ما عاد الألم يؤلمني، ما عادت الإهانة تهنيني، ما عاد الرُعب يخيفيني، و هذه حالي للآن مع تايهيونغ، إمرأة ضد الصدمات.
حينما طرحني على الأريكة و صفعني بعد أن قذف بوجهي وابل من الإهانات كان حسيّ قد تبلد، فليفعل ما يشاء، ما عدتُ أهتم، ما عدتُ أخشى اليد المرفوعة و لا الأسنان المرصوصة.
صرختُ بأنني أكرهه، ماذا جري بعد ذلك؟
هو فقط إبتعد عني مدهوشاً و نظر إليّ كما لو أنني أزهقتُ روحه، أنا بالفعل أزهقتُها، فلننتهي هنا.
لكن يبدو أن الأمر بالنسبة له لا ينتهي بإعترافي هذا و لن ينتهي، هو نهض عني و نجوت أنا من نوبة غضب كانت ستهرسني بين أضراس عنفها.
وقف مُهتز البدن و سارعتُ أنا بالقعود على الأريكة، كان أعمى البصيرة و مُفعم بالألم حينما رفع سبابته بوجهي و قال يهددني.
" تكرهيني و تحبينه يا جويل، هل أحتفظ بكِ لأنكِ تحبينه؟!"
زلف إليّ ينظر في وجهي و قد بانت لي الدموع العالقة في عينيه، فلتكف عني و لن أكسرك مجدداً، لا تقارن نفسك به، كُف عن الإنتقاص من نفسك لصالحه، كُف عن سحبي إليه أكثر.
أعلم أن خلف سؤاله إهانة و ها هو يهين.
" لا، و أنا سأفعل مثله، سأحتفظ بكِ طالما أنتِ تكرهيني و حينما تعودي على ذِمة حبي..."
أمسك بذقني بقوة و نظر في عينيّ، يخبرني عن نواياه، إلى متى سأبقى عالقة أنا بين رجلين؟!
أريد أن أتحرر...
"سأرميكِ كما فعل هو بكِ سابقاً، و لن أنظر إليكِ أبداً، لأنكِ حينها لن تسوي في ميزاني مِقدار خُفٍ أرتديه في قدمي"
أغلقتُ عينيّ و يا ليتني أستطيع إغلاق أُذنيّ أيضاً، قلتُ أن إحساسي تبلد أمام الإهانة، فما بالي أتألم؟!
أفلتَ ذقني دافعاً وجهي عن واجهته، ثم شعرت به يبتعد فما عادت أنفاسه تدُب على وجهي، فتحت عينيّ أنظر له فوجدته يدور في الحيز أمام الأريكة، ثم أخذ يصفق كما لو أن عطب أصاب عقله.
أخشى عليه من المرض...
"أُحييه، بيون بيكهيون ينتقم بطرق مميزة و ها أنا أتبع طرقه، فلتُحييه عني حينما يأتي ليغتصبكِ من جديد، و وصلي له تحياتي!"
وقفتُ بعصبية و ضربتُ الأريكة بكل ما تفجر بي من غضب فجأة، كُف أرجوك عن ذكر ما جمعني به و فرقني عنك، صرختُ مِلئ جوفي، مِلئ وجعي.
" تايهيونغ، لن أتحمل منك المزيد، أريد الطلاق الآن، حررني و دعني اذهب، وقتها ستكون أنت حُراً مني، كف عن التمسك بي و أنا لا أجلب لك سوى الألم و أنت لا تجلب لي سوى الألم"
بِتُ مُهتزّة لا أطيق هدهدة الأنفاس على صدري حتى، و ها هو عاد ليهدم ما بقي واقفاً بي، ما بقي عامراً.
عاد إليّ بخطوات سريعة جعلتني متأهبة للصمود لا للفرار، أمسكني من شعري و جذبني إليه بعنف حتى إرتطم أنفي بصدره، لكنني ما تراجعت، ما حاولت أن أهرب، ما قاومت حتى.
ما عدتُ أطيق فعل شيء، حتى لو كان لأجلي...
إجتذبني حتى غدتُ في ساحته و مساحته، رفع وجهي إليه حينما جذب شعري للأسفل، كبتُ ألمي -فلقد إعتدتُ كبته- و نظرتُ لِكم الحقد الكامن في عينيه، حينها بدد و هدد، علمتُ أنه قد حقد، حاقدٌ علي.
" لا خروج لكِ من منزلي، و لا طلاقي لكِ مني، لا حرية لكِ مني، و دعي ذاك الفارس المغاور يأتي يأخذك من لديّ إن إستطاع هذه المرة، فلقد حان دوره عليكِ"
دفعني بقوة عنه فسقطتُ أرضاً و الدموع مِلئ عينيّ، لستُ جسداً تأخذان دوراً عليه، و لستُ إمرأة باعتك الهوى إنما الحب، و لم أبيع نفسي له رغم أنه قدم أثمان باهظة، لأنني كنتُ قد إخترتكَ عنه.
أعلم أنني لستُ الضحية الوحيدة هنا، لكنني لستُ المجرمة أيضاً، كل ما حدث و يحدث ليس من ذنبي في شيء، إنما القدر يذرفني حيث يهوى، لكنني أراني وحدي أنال عقاب قاسٍ و ما أذنبتُ بشيء.
خرج و بقيتُ وحدي مع نُتف كرامة و آلام كثيرة، لكنها لا توجع، ما عادت تؤلم، وقفتُ بإنفة و رحتُ أتفقد إبنتي، لقد إعتدتُ على هذا المُر، أصبح طعمه مستساغاً.
مسحتُ عينيّ، اللعنة على بناتها، فلتتوقف عن الخروج...!
فتحتُ الباب لأجد صغيرتي تجلس في سريرها و تلهو بالألعاب التي فيه، إقتربت منها و لأجلها زيفتُ إبتسامة.
حملتُها على يديّ و ربتُّ عليها و هي تخرج صوتاً رقيقاً للغاية، أرجو أن تعود لبشاشتها السابقة، كانت حينما ينظر لها بيكهيون يملئ صوت ضحكاتها سمعي، الآن قلما تضحك، قلما تبسم، تلعب فحسب و كأنها تشعر بي فتخفف عني.
أريد أن أخذها و أخرج من هنا و نعيش معاً، لا أريد أن أبقى مع تايهيونغ، و لا أريد أن أعود إلى بيكهيون، أريد أن أطمئن على دي او فقط و أرحل من هذه البلاد برمتها.
..................
وصل تايهيونغ إلى ضِفة نهر الهان، هنا حيث إرتسى كثيراً بعيون دامعة، بقلب منفطر، و نفسٍ مكسورة.
هنا حيث فرّت منه إلى الموت في يومٍ سحيق، هنا حيث كان يأتي ليشكي لها جور الزمن عليه و كم أن بعدها عنه شلّه عن المُضيّ قُدماً بطريق يخلو منها، لو عاد به الزمن لما بكى ذاك البكاء عليها، لما عانى، لما عرّض نفسه لأمراض نفسية و جسدية، لما استجند بها بوعيه و لاوعيه، كان مريضاً يعيش على ذكراها فحسب.
لو أنه يملك عقل الآن و عاطفته الحالية، لقتل بيكهيون أولاً، و ما استمع لكيونغسو حينما حثّه على الصبر و لا يتهور بأخذ حقه.
ليتها ما عادت أبداً، لربما كان الآن مُعتاد على غيابها، لربما كان قد تخلى عنها الآن و بدأ حياته من جديد، على الأقل كانت ستبقى ملاكه الطاهر الذي رحل، على الأقل لبقيت صورتها طاهرة في ذهنه.
رفع رأسه إلى السماء، إنها ليلة مُظلِمة كالظُلمة التي بداخله، كان كلما ضاق صدره آتى لهذا النهر، و شكى له و بكى عند ضفته و جعله شهاداً على ضعفه و الدمار الذي جاب به.
لكنه بات يضايقه أكثر ككل شيء يتعلق بها، يضايقه و يُطبق على صدره، الأولى به هجره هو الآخر، لكنه لا يعلم لِمَ يتمسك به حتى هذا الوقت، كما لا يعلم لِمَ يتمسك بها هي أيضاً رغم كل ما حدث.
كان يأتي ليشكي همه لملاكه الذي نام داخل هذا النهر، ما عادت ملاكاً بل أصبحت شيطاناً، و ما عاد هذا النهر بالنسبة له ماءً بل أصبح دماءً.
على ذات ضِفة النهر و لكن عن بُعد يُقدر بنصف مدى عينيه؛ توقفت سيارة رياضية حمراء بعد أن عاث صوت محركها المزعج فساداً بالهدوء الذي كان ينعم به.
نزل من السيارة شاباً يبدو أنه يتألم من الحياة و الحب - زوجا السوء- مثله، فها هو تقدم ليرتكن على مقدمة سيارته و أخذ ينظر إلى النهر كما يفعل هو، يتأمل الأمواج و هي ترقص على ألحان سكون الليل بهدوء.
إلتفت إلى شأنه الخاص و نظر في النهر مجدداً، لكن لحظة...!
هذه هيئة بيون بيكهيون من بعيد...!
إلتفت يدقق نظره في الرجل اليافع ذاك الذي يقف كوقفته، نعم! هذا بيون بيكهيون بأم عينيه.
نهض تايهيونغ عن مقدمة سيارته و وجه جسده ناحية المتكئ على سيارته، حِمم سارت في جسده حتى وصلت رأسه و غَلت به.
كمش أنامله إلى راحته، ثم قبضها قبضة قوية و ضرب بها هيكل السيارة و صاح، لقد تفجرت أوداجه غضباً.
" بيون بيكهيون!"
إلتفت بيكهيون حينما سمع صوت صياح باسمه، ثم رجل يتقدم إليه و يده مسلحة، لكنه ما تحرك بل إبتسم و قال.
" أحب أن أسمع أحد يصرخ باسمي، لكنني عذراً أحب النساء"
ما قال شيء تايهيونغ إذ هو قد إعتاد -رغم إحتكاكه الطفيف- على حِس سخريته اللاذع، جاهر بسلاحه و رفعه إلى وجه بيكهيون و عينيه تنضب حقداً لتمتلئ من جديد.
" بدلاً من أن تخبرني عن ميولك، ما رأيك أن نتحاسب على أفعالك؟"
رفع بيكهيون وجهه إلى الشاب المحموم بالغضب ثم إبتسم مستخفاً و عقد ذراعيه لصدره، فجأة زاحموا رجال كُثر المكان شاهرين بأسلحتهم نحو تايهيونغ.
" أخفض سلاحك عن وجه الرئيس و إلا أطلقتُ عليك!"
قالها كريس يقود ثُلة من رجاله مرفوعاً سلاحه إلى ناصية تايهيونغ الذي لم تهتز به شعرة، بل ضل واقفاً يسدد فوهة السلاح إلى وجه بيكهيون.
أشار بيكهيون لكريس و رجاله أن يخفضو أسلحتهم قائلاً.
" لن نكون مئة رجل على واحد، لو كنت مكاني لما سمحت لهم بالتدخل، أليس كذلك؟!"
تحدث بيكهيون بنبرة ذات مغزى إليه، يذكره يوم سلمه للشرطة كيف سلمه، لو أن رجاله ما تكاثروا عليه و هو مُصاب و استهدفوا جرحه بضرباتهم لما سقط أبداً.
إرتفع حاجب تايهيونغ و ارتفعت معه زاوية شفتيه يهمس.
" أتُعيرني؟!"
برم بيكهيون شفتيه ثم أومئ يجيب.
" أجل، أليس هذا ما فعلته أنت؟!"
بغتة و أسرع مما يظن وجد أن سلاح بيكهيون قد أصبح في جبهته، حينها زالت غشاوة السخرية من عينيه و ارتحلت، و تحدث إليه بيون بيكهيون الحاقد، رجلٌ ذا غضبٍ يقتل و يحرق ليشفي غليله -إن شفيّ-.
" لا تنسى أنك عبثت مع الحاقد، مع الرجل الذي علمك كيف تحقد، أنا بيون بيكهيون لا أنسى مقدار ذرة من إساءة تعرضت لها، لكن سأخبرك سراً ما عاد سراً عني"
إقترب بيكهيون إليه أكثر يوخز صدغ تايهيونغ بفوهة سلاحه و عيناه تحدق بتايهيونغ بحقد ثم هسهس.
" أنا أرد الصاع باثنين! أنت جعلتني اركع أمامك مستغلاً رجالك و إصابتي، انظر كيف سأجعلك تركع لي بنفسي دون عون أحد"
و قبل أن يستوعب تايهيونغ ما قال إنغرزت في قدمه طلقة جعلته يترنح كي لا يسقط و ما سقط، فابتسم بيكهيون و قال، إذ أن تايهيونغ فاق توقعاته و ما سقط.
" يعجبني اللعب مع ذوي الكرامة، أحب دوسها!"
إبتسم تايهيونغ رغم ألمه و قال.
" لستَ تعرفني، لقد أصبحتُ قوياً، بقوتك إن لم أكن أفوقك قوة، ما عاد هناك شيء يضعفني، مثلك تماماً"
قهقه بيكهيون و سار حول المُصاب حتى مثل أمامه من جديد و قال.
" يسرني أن أكون قدوتك العُليا"
تبسم تايهيونغ و بدأ الألم الشديد في ساقه يسلبه من وعيه.
" أنت فعلاً قدوتي، أريد أن أكون حاقداً مثلك كي أقتلك برحابة صدر دون أن أخشى ضميري و من هم حولي"
سقط تايهيونغ أخيراً أرضاً يتنفس بإضطراب، سقط راكعاً أمام قامة بيكهيون فابتسم الأخير، ها هو قد ركع بنفسه.
أمسك بشعره و شده للخلف فارتفع وجه تايهيونغ ليقابله، حتى سمع هسيس بيكهيون بسمع خاوٍ قبل أن يفقده.
" رأيت كيف أنك ركعت بلا أن يتم إجبارك، إصابة ضعيفة أسقطتك، لا تقارن نفسك بقوتي، ما زلت بعيداً جداً لتتشبه بي"
أفلت شعره و بإفلاته ترنح جسد تايهيونغ حتى سقط أرضاً، كانت صورته مشوشة و رأسه يدور، بهذيان همس قائلاً.
" لهذا إختارتك عني، لأنك أفضل مني"
سمع بيكهيون ما قال و عقد حاجبيه، أيعقل أنه يقصدها هي؟! و من ستكون غيرها؟
لكن هذا ما عاد مهماً الآن...
سار كريس إلى رئيسه، بينما ينظر في جسد تايهيونغ المُلقى أرضاً و قال.
" سيدي، كيف نتصرف؟!"
نظر بيكهيون إلى تايهيونغ، و قال بلسان ثقيل إستطعم المُر على طرفه.
" إستدعي زوجته"
أومئ كريس و تنهد، لقد شعر بكم كانت الكلمة ثقيلة على لسان سيده، أكثر ثقلاً مما كانت على سمعه.
" أمرك سيدي"
تحرك كريس بسيارته إلى حيث يعلم سيدته بيون تسكن، بينما بيكهيون أراد أن يغادر فلقد إنتهى إنتقامه من تلك الجثة، لكنه ما إستطاع رغم حثيث إرادته، ما استطاع تحريك قدمه و الذهاب و هي ستأتي.
رغم أنها ربما ستحبسه، و ستأتي بالشرطة للتحقيق بالجريمة بمسرحها الذي إفتعله، ربما يعود إلى السجن من جديد، لكنه ما استطاع، أراد الذهاب بحق، و لكنه شعر بنفسه مكبل بأغلال تربط قدمه بالأرض، تشله.
غاب كريس لوقت قضاه بيكهيون في صراع شديد بين نفسه و نفسه، يريد الذهاب و لكنه لا يستطيع، لكن الأوان قد فات حينما ثارت عجلات كريس زعيقاً في خضم هدوء الشاطئ.
بما أن الفأس قد وقع بالرأس لذا سيتحمل التبِعات، و يقف بيون بيكهيون كما يقف دوماً، بذات العِز و الكبرياء و بدى مُهمِلاً -رغم تهيئ جوارحه- لحضورها.
ما نظر ناحية السيارة و من بها لكنه اكتفى بالنظر إلى تايهيونغ، في النهاية ستصل إليه و تجثو عن جثته و تدعو عليه الواقف.
" أين هو؟!"
سمع صوتها، أغمض عينيه و تنفس بعمق ثم زفر بهدوء، رقص قلبه و دغدغته مشاعره، لكنه تكتم كما يفعل على الدوام و ظهر بمحيّى بارد و حسب.
قد ظنّ أنه توقف عن حبها، لكن ظنّه قد خاب، و إلا ما هذه الأحساسيس الحلوة اللذيذة، التي هاجمته بمجرد أن سمع صوت، بمجرد أن ألِف وجودها حوله؟! كان ذلك طاعناً في كل نواياه، في أعماق إرادته.
ركضت جويل إلى تايهونغ المُلقى أرضاً، لكنها توقفت حينما لمحت المُتكئ على سيارته يعاضد ذراعيه إلى صدره، و يقف بلامبالاة، بإهمال.
قضمت شفاهها، لا تعلم كيف تحركت مشاعرها بعبثية شديدة بمجرد أن رأته يقف بعيداً، رغم أنه لم يتلفت إليها، و كأنها لم تحضر، و كأنها غائبة.
تحركت ناحية تايهيونغ، كان الدمع قد لمع بعينيها و لا تعلم أي السببين جعلها تبكي، إصابة تايهيونغ أم رؤية بيكهيون بعد خواء شديد.
تفقدت جرح الطريح أرضاً سريعاً، و حينما وجدت أن إصابته ليست غائرة لكنها تنزف، علمت أن عليها وقف النزيف بأي طريقة كانت و إلا تفاقم سوء وضعه.
أمسكت طرف فستانها، و كادت أن تمزقه لتأخذ من قماشه ضماداً لجرح زوجها، لكن كريس منعها حينما خلع قميصه و قدمه لها سريعاً و بقي هو عاري الصدر رغم لسعة البرد.
شكرته و دون أن تنظر إليه -خوفاً من أن تسقط عيناها على جسده النصف العاري فيشتعل أحدهم غيرة و ربما يقتلها- تناولت منه القميص، بينما بيكهيون زفر أنفاسه، التي كادت أن تتفجر بصدره، و ألقى على كريس سترته بإهمال فانحنى الأخير شاكراً.
لو أنها مزقت فستانها القصير من الأساس، لتجاوز عن كل الجبال القائمة بينهما و أتبعها بفستانها، لمزقها تمزيقاً و رمى بجثتها بجانب زوجها، لكن كريس كان ذا حِس فائق برئيسه فتحرك سريعاً لإنقاذ الوضع.
ما إنتهت حتى إستقامت و تقدمت إلى كريس قائلة.
" بما أنكم رميتموه بالرصاص، ما رأيكم بنقله إلى المستشفى؟! من فضلك أنقله إلى مشفاي"
حرك كريس نظره بينها و بين رئيسه الذي ما زال ينظر بعيداً عنها و همس مرتبكاً.
" لكن سيدتي أنا..."
صمت كريس دون أن يكمل قوله و بصره إلى رئيسه، فإلتفتت جويل إلى حيث ينظر ففهمت بقية الحديث، همست قبل أن تتحرك ناحيته.
" سأتحدث إليه"
سارت إلى بيكهيون، و كريس تنهد ينظر لهما من بعيد، شعر بها بيكهيون تقترب منه حتى وقفت أمامه قالت بنبرة جافية، و نظرات باردة تلك التي ترمقه بها.
" أن تنقله أنت إلى المستشفى أفضل من أن أطلب الإسعاف إلى هنا"
إرتفع حاجبه عن ناصيته و نظر لها مستنكراً الطريقة التي تتحدث بها إليه، كانت تقف أمامه شامخة لا تخافه، تعقد ذراعيها إلى صدرها و ترتكز على قدم دون الأخرى بينما ترمقه بجفاء.
ربما البعد أنساها أمراً في غاية الأهمية... أنه بيون بيكهيون اللامثيل له!
و لأنه رجلٌ لا يُستفَز إنما يستفِز بطبعه، قبض على ذراعها و جذبها كي تعدل وقفتها، مهدداً بلسانٍ حاد و عينين ترمقها بغضب.
" قفي مُعتدلة أفضل من أن أعدل قوامكِ الأعوج بنفسي!"
أفلتها و تبادلا نظرات شِجار و لوم، ثم أشار بيكهيون لكريس أن ينفذ ما طلبت فتحرك كريس للتنفيذ، حمل بعون بضع من الرجال تايهيونغ و وضعوه بإحدى السيارات، جويل كانت تراقبهم يفعلون ذلك من بعيد، من مكانها قرب بيكهيون.
حالما إنتهوا قال كريس بصوت مرتفع كي تسمعه.
" سيدة بيون، هل أنتِ آتية معنا؟!"
سيدة بيون!
ضحك بيكهيون مستهزءً فإلتفتت هي إليه من جديد، ما عاد اسمها مرتبطاً باسمه لكن شيء آخر فيها إرتبط به.
كانت تنظر في عينيه الخاملتين و هي تجيب كريس.
" لا كريس، إنقله من فضلك، عليّ أن أتحدث مع رئيسك"
تبسم كريس مُرحباً بالفكرة و أحلاماً زاهية تدور في رأسه، ثم أمر بقية الرجال أن يغادروا، و لا يتركوا أياً من السيارات خلفهم، و لا حتى سيارة بيكهيون، بذلك يحاصرهم وحدهم و يقطع سبلهم في هذا المكان المعزول نسبياً عن ضجيج المدينة.
إنسحبوا بهدوء تكتيكي بينما الزوجين غارقين في عيون بعضهم يتشاجران، ضحك بيكهيون ساخراً و أشاح ببصره عنها، حينها فقط لاحظ أن كريس ما ذهب وحده بل أخذ كل رجاله و سياراته معه، فهسهس على سمع الأخرى.
" ذلك الأخرق و مخططاته الخرقاء مثله!"
تجاوز عنها ينظر حول الشاطئ، لا أحد و لا حتى أي سيارة، أخرج هاتفه من جيبه يود أن يتصل بكريس و يوبخه توبيخاً حاراً عمّا فعله، لكنها إنتشلت الهاتف من يده تستغل الفرصة التي قدمها لها كريس، فرصة من ذهب لن تضيعها إطلاقاً.
حينما إلتفت لها أخفت هاتفه خلف ظهرها قائلة.
" أنا سأتحدث و أنت عليك أن تسمعني"
تأفأف متململاً متخصراً بذراعه و الأخرى قدمها إليها يطالب بهاتفه قائلاً.
" لستُ بمزاجٍ للَغو النساء، اعطني الهاتف و اغربي عني"
أومأت إليه لكنها لا تطيع، فبدل أن تعطيه الهاتف رمته بالنهر، فصاح بها يقبض على كتفيها بعصبية شديدة.
" ماذا فعلتِ يا مجنونة؟!"
حاولت نفض ذراعيه عنها لكنها ما إستطاعت عليه، ففعلت ما تجيد فعله؛ صرخت به كما صرخ بها و لكن الدمع قد تسرب من عينيها، خائفةٌ هي و لكنها ليست خائفة على نفسها.
" من الضحية القادمة، اخبرني؟!"
دثرها بين يديه و نبس مهدداً يرص أسنانه.
" لن أسمح لأحد بإسقاطي، من يظن أنه يستطيع إيقاعي فإنني قاتله قبل أن يُبدي بحركة مهما كان"
أفلتها بعنف جعلها تتراجع عدة خطوات عنه و نبس بحاجب مرفوع و عصبية حرة.
" ثم تحدثي معي بنبرة معتدلة، و إلا فاخرسي و اغربي عن وجهي"
تنهدت تمسح وجهها بغيظ شديد، لا فائدة من مهاجمته طالما هو يهاجم بقوة أيضاً، و لكن دموعها قد إنسابت إلى وجنتيها حتى باتت ملحوظة بالنسبة إليه فإزدرئ جوفه و أشاح بوجهه.
لِمَ رؤية دموعها باتت مزعجة؟!
سددت نظرها إليه من جديد و بدلاً من محادثته بلسان الغضب، الذي في جوفها حدثته بلسان الحزن و الخوف، الذي يسيطر على صدرها، إنها حزينة و خائفة أكثر مما تكون في أي شعور آخر.
" لِمَ أنتَ مُصر أن تقتفي حقك بيدك على الدوام؟! لِمَ عليك أن تخاطر بنفسك و بمن هم حولك؟ لِمَ تلقي بنفسك إلى التهلكة من جديد و كأنك ما هلكت، و كأنك لا تبني نفسك من جديد؟ أتبني قوتك لتهدمها من جديد؟!"
نظر في عينيها الباكية و احتفظ بصمته لوهلة، ثم فجأة تقدم إليها خطوة بعد أن شك بما يسفُل كلامها، و أشار إلى نفسه قائلاً.
" أأنتِ خائفة علي الآن؟ أم على من تخافين مني؟!"
ضحكت ضحكة هازئة و خافتة تقول.
" لستُ خائفة على أحدٍ منك، فما بقي لأحد معك حساب و إلا حاسبته، ربما بقيتُ أنا، و أنا لستُ أخشاك"
استنكر يتقدم منها خطوة ثانية و هي ما تراجعت عنه.
" لستِ تخشين على نفسكِ مني؟! أما عدتُ مخيفاً؟!"
حركت رأسها تنفي و هي تنظر في عينيه من جديد ثم همست.
" لستُ خائفة منك، لأنني أعلم أنك غير قادر على أذيتي طالما أنا..."
و خزت قلبه و اتبعت.
" أسكن في قلبك!"
دفع يدها بعنف عن صدره، ثم أمسك بذراعيها يعنفها بقبضتيه، كره أنها كشفته، أو أنها تعرف حقيقة شعوره أكثر منه، أنها تستغل مشاعره لتطغى و تبقى صامدة أمامه بهذه القوة، رغم أنه الرعب الذي عاشته لسنين.
هسهس يبدد ما قالته و عيناه تنضخان رفضاً و غضب.
" لستِ تعرفيني حق المعرفة لتغتري بمكانة ما عدتِ تملكينها، مجدداً أقولها لكِ؛ أنتِ مجرد شيطان تهيئ لي كملاكٍ كريم، و لكن القناع قد زال و رأيتُ وجهكِ الحقيقي، فانصرفي بما أنني أصرفك بلا دماء و إلا صرفتك بالدماء أيتها الشقراء الأجنبية"
تبسمت رغم حدة ما قال و همست رغم أنها تتألم، رغم أنه يجرحها، لكن الجروح منه اصبحت تندمل سريعاً.
أهذا نوع جديد من الحب تعيشه؟!
أم ما هذا الذي تعيشه؟!
" بما أنك ثِرت عليّ هكذا فإنني أقول الحقيقة، أنتَ ما زلت تحبني حباً لا تستطيع أن تبرئ منه إطلاقاً، سواء كنتُ في عينيكَ ملاكاً أو شيطان"
دفعها عنه بقسوة فسقطت أرضاً ثم عَبَرَ عنها يقصد المغادرة بما أنه يقف عاجزاً عن الرد لأول مرة في حياته.
الحب للضعفاء و هو ليس بضعيف، حينما أحبها كبّلته و رمته في السجن عام، كانت هذه نتيجة الحب و هو ليس أخرق ليعيد الكرّة.
صاحت قبل أن يبتعد و أوقفته.
" توقف مكانك، أنا لم أنهي كلامي، توقف عن كونك جباناً و واجه مشاعرك بشجاعة، أنت تحبني و لتتخلص مني تفتعل هذه المصائب، أنسيت أن على كتفيك مسؤولية أمك؟ أختك؟ ابنتك؟!"
إلتفت إليها و قد نفذ صبره و طاقته لتحمل جدالها العنيف ذاك، ما عاد يطيق صبراً إطلاقاً و هو بطبعه ليس صبوراً، إنما سريعاً يغضب كما سريعاً ما يُستفز.
أنها تجلده و لا تشعر به، كلامها كسياط من لهب يهبط عليه يُعنفه بشدة، أكثر إيلاماً من الحرق، أكثر إيلاماً من أي ألم، لكنه يُنعش قلبه، كما الصعقة الكهربائية تؤلم و لكنها تحفظ للقلب نبضاته إن هربت منه.
"جيني التي كنت ستتزوجني لأجلها رغم إدعاءاتك الكاذبة بأنك تكرهني؟! ما الذي تغير فيك؟! قف و واجه نفسك و واجهني يا بيكهيون!!!"
واجهته بآخر إدعائتها و ثبتتها عليه، ثم تملكتها جراءة لا تعرف من أين أنفجرت بها و جاهرت بالأخيرة، حينما صرخت به بينما تستقيم مجدداً على قدميها.
" أنت تحبني يا بيون بيكهيون، و رغماً عنك لن أخرج منك، أنا باقية فيك مهما حاولت نزعي، أنا لن أنخلع من قلبك!"
تقدم منها يقتل المسافة التي أحدثها بينهما منذ وهلة و بددها بخطوات واسعة، لا يسعه أن يهيمن عليه أحد و لا يستغل شعوره أحد و لا حتى هي، لكل شيء حدوده بالنسبة إليه، حتى لنفسه مع نفسه حدود، فكيف تجرؤ تلك الشقراء أن تتجاوزها؟!
و حتى أصبحت في متناول يده قبض على ذراعيها و هزها بعنف بين يديه يصيح بها.
" أنتِ ماذا تريدي مني بعد؟! ألم تنتقمي مني؟! إنتهينا!"
ضربت صدره بيديها بكل ما أوتيت من قوة، و صاحت به تنتحب.
" لا، لم أنتقم منك بعد، أنا لن أنتهي منك أبداً طالما نحن باقيان، نحن لم ننتهي، هذه أوهامك فحسب!"
ملئ جوفه أنفاساً و قال يحاول ضبط نفسه، يحاول ألا ينفجر بها كما إنفجرت به، فينتهي به الأمر يقول ما لا يريد قوله، يعود إليها رغماً عنه.
" أنتِ ماذا تريدين؟! ما الذي تريدينه؟! ما هو إنتقامك الذي سيشفي غليلكِ مني؟! اخبريني و سأعطيكِ ما تريدين و حينها اخرجي مني فحسب، قولي ما تريدين، سأعطيكِ أياه مهما كان"
قضمت شفاهها لوهلة و سكنت يداها على صدره، بينما تنظر في عينيه الخاشعة إليها رغماً عنه، عينيه لا تكذب، همست تومئ.
" تعدني أن تعطيني ما أريده مهما كان؟!"
أومئ إليها دون أن يزيح عينيه من عينيها، إنما ينظر في ورقتي الربيع هاتين لأنه أشتاق رغماً عن أنفه، يعلم أن ما ستطلبه سيكون كبير لكنه سيدفع مهما كان باهظاً، حتى لو طلبت حياته، و لينتهي الحقد و الإنتقام مع نهايته حينها، سيعطيها سلاحه و لتقتله، لن يتردد.
إرتفعت يداها رويداً إلى تلابيب قميصه، و قبضت عليهما، ثم همست و بحة البكاء قد تركت أثرها في صوتها.
" أريدك أنت يا بيكهيون!"
إرتفعا حاجبيه و زفر أنفاسه بثقل شديد عليها، فجأة شعر بحرارة في عينيه فشكل قبضتين توازي جنباته.
لكنها ما راعت أن داخله يضعف و يسقط بل تقدمت خطوة هي كل ما بينهما و جذبته من تلابيب قميصه ليكون وجهه أقرب إلى وجهها و قالت.
" أريد قلبك لي، و أن يبقى حبي خالداً فيك، أريدك أنت بكل ما فيك، أريدك في حياتي من جديد، أريدك لي يا بيكهيون، و بغير ذلك لا تكون سددت لي حقي منك"
إزدرئ جوفه و حرك عنقه يبتعد عنها ثم همس.
" تطالبين بالكثير!"
نفت برأسها و همست.
" قلتَ أنك ستعطيني ما أريد، لقد وعدتني، بيون بيكهيون لا يكسر وعوده"
أغمض عينيه و رفع وجهه إلى السماء، و ما زالت قبضتيها على قميصه تتمسك به، و كأنها تخشى منه أن يهرب، همس.
" هذا ليس منطقياً على الإطلاق!"
همهمت ترفع رأسها كي تحويه نظراتها و قالت.
" ما زلتُ أريدك مهما كانت مطالبي غير منطقية، حقدك علي ما كان منطقياً أيضاً"
إستنشق الهواء بقوة حتى ملئ صدره على آخره ثم زفره بذات القوة، قبل أن يرجع بصره إليها و قال.
" ماذا عنه؟!"
همست تتمسك بقميصه أكثر، تخشى أن يجد الحُجة التي يفر بها منها.
" أريدك أنت و هو يعلم، أنا و هو إنتهينا مُسبقاً"
إرتفع شدقه على هيئة إبتسامة ساخرة، رغم أن الأخبار سرّته لكنه ما أظهر مسرّته.
" تخلصتِ منه و تريديني في مكانه!"
نفت برأسها مجدداً تقول قولاً يدغدغ إحساسه و يشعل ناراً مألوفة في فؤاده.
" لستَ في مكان أحد، لا أحد يكون في مكانك، أنت في مكانة لا أحد يستطيع الوصول لها"
تفشّت الفوضى في صدره و صرخت جوارحه " أن إخضع!"، لكنه بإنفّة رفض أن يخضع و استنكر.
" أهذه كذبة جديدة يا شيطاني؟!"
نفت و إقتصد رأسها بالإنكسار ثم فسّرت.
" أعلم أن كذبتي السالفة كانت ثقيلة عليك، لكنني كنتُ خائفة، كنتُ خائفة أن تحرمني من ابنتي، أو أن تجبرني على قتلها، ما كنتُ أعلم أن لك قلباً رؤوف على الأطفال، خشيتُ عليها، و أنا في المقام الأول أم، أفعل أي شيء لأجل إبنتي!"
لم ينتهي لومه، سيكمل، سيقول ما في جعبته.
" لكنني بعد أن قبلتُ بكِ و بها غدرتِ بي و عدتِ إليه"
رفعت رأسها إليه و ردت عليه تهمه.
" أنت من غدر بي، لستُ أنا، كان هروبي منك رد فعل عمّا فعلته بأخي، و إن كان سداد لما فعله بأختك، يبقى أخي أحبه و أدافع عنه، و تبقى أختك ستحميها أياً كان، في هذا الشأن كنتَ المُخطئ، لم أكن أنا"
زفر أنفاسه و أشاح بوجهه عنها، فكان دورها أن تتسلل أناملها إلى ذقنه، و تدير واجهته إليها من جديد.
" تقول أنني عدتُ إليه؟ أعادني رغماً عني و حبسني، ثم شرط علي شروط كثيرة، لا أنكر أنني حاولت منحه فرصة، لكنها لأجل إبنتنا، لأجل ابنتي يا بيكهيون، أنت أب و عليك أن تفهمني"
أومئ و نظر إليها من جديد قائلاً.
" و الآن ماذا؟! ستنفصلين عنه و تعودي لي؟!"
أومأت و قبل أن يهمّ بحديث تعرف فحواه قالت.
" أقسم لك أنه لم يلمسني من بعدك أحد، إنني لا أكذب عليك، دعني أعود إليك عودة أخيرة لا إنفصال بعدها، أنا أستحق منك هذه الفرصة"
قضم شفاهه حينما شعر بالغصة تتجاوز حلقه، ثم ظهرت في صوته حينما خرج من جوفه ثقيلاً.
" لماذا تعودين إلي؟! إرادتكِ من فحوة حب أم ماذا؟!"
أومأت سريعاً تؤكد، ثم جلبت يده لتضعها فوق صدرها تثبت قائلة.
" أليس صُراخه داخلي دليلاً كافياً؟!"
لقلبها صخب شديد و مهول و كأن طبلاً يقرع في جوفها و ليس قلباً، لكن هذا القرع بدى مألوف فقلبه ليس بحال أفضل، الغير مألوف أن يكون قلبها يقرع على ذات النغم مع قلبه، حينها همس و زاد صوته ثقلاً.
" قوليها!"
إرتاحت يديها على صدره، و عينيها في عينيه صرحت رِفقة دموع صادقة.
" أنا أحبك بيكهيون، أحبك جداً، صدقني إنني لا أكذب، ملاكك يحبك بيكهيون!!!"
نزلت دمعة يتيمة من عينيه، و ما أنهت كلامها حتى مسحتها و قالت.
" لا تبكي!"
تحمحم بخشونة، و مسح وجهه يشيح به عنها رغم أنها ما زالت تتمسك بقميصه، لكنه قال.
" لستُ أبكي أنا بيون بيكهيون، ثم أنا ما عدتُ أحبك، تلك الكلمة لن تؤثر بي"
ضحكت ضحكة خافتة و كذّبته.
" و ما كانت تلك الدموع؟!"
أجاب متهرباً.
" من الهواء البارد، ألستِ طبيبة و تعرفين؟!"
نفت تنظر إلى وجهه المليح بإبتسامة، إنها للمرة الأولى ترمقه بهذه الطريقة الودودة، و هو ما عاد بقادر على تحمل المزيد.
" من قال إنني طبيبة؟! أنا بيون جويل حرم السيد بيون بيكهيون فحسب"
أمسك فجأة بوجنتيها و دفعها إليه بخشونة على طريقته المعتادة، لكنه كان مندفعاً لأن تلتقي شفتيه بحبيتيها -بشفتيها-، لقد صبر و صام كثيراً، ما عاد يطيق صبراً.
مال برأسه بزاوية أفضل إلى شفتيها و تعمق أكثر، يديها التي كانت مرتاحة على صدره إرتفعت حتى عنقه، و أحاطته تقترب إليه أكثر.
و كما لم يحلم أبداً، كما لم يتوقع أن يوماً كهذا سيأتي و يعيشه، كانت الحركة التالية أن قبّلته، أن بادلته قبلاته المُفعمة بالشوق بطريقتها الناعمة.
جُن جنونه، و نُتف الوعي التي كانت باقية لديه إنمحت جميعها، إحتضنها بقوة و شدد جداً عليها يحتويها أكثر و تعمق بتلك القبلة، لقد قبّلها بجنون و اوست جنونه بقبلاتها الناعمة.
ما إن إنفصلا حتى تلاقت جبهتيهما و أخذا يتنفسان أنفاس بعضهما، حينما استجمعت جويل شتات أنفاسها همست.
" جويل لبيكهيون و بيكهيون لجويل للأبد، و رغماً عن بيكهيون و جويل هما لبعضهما!"
تبسمت شفاهه ثم كان اللقاء الثاني مع شفتيها لكنه أقل جنوناً، أكثر هدوءً، أكثر حباً، أكثر شوقاً.
و كأن الحب إنفجر نبعه كما تفجّرت لذّته، كان ذلك بيكهيون العاشق حينما وضع أوراقه على الطاولة و تركها تختار قلبه من بين الأوراق.
كان ذلك الحب القديم قد تجدد لكنه طفرّ فاستلذّ و حبذه، كان الحب يقف على أستحياء و يراقب من بعيد كل ما يحدث في ساحته.
كان وقته ليجعلهما يعيشا في الجانب المشرق منه، كان الوقت ليربت على رؤوسهم بحب و يترك ملائكة كيبوبد تجول فوق رؤوسهم و ترميهم بسهام من حب و تضحك.
إنفصلت الشفاه، و إفترقا قليلاً ينظرا في بعضهما ثم هو قال.
" لنتزوج كما يجب"
أومأت موافقة و ابتسمت، حينها تحسس شفتيها بإبهامه و قال.
" هناك علامة ستكون أليمة على شفتيكِ، تحملي ما تستطيعين تحمله و ما لا تستطيعين، لستُ لطيفاً!"
قهقهت تومئ.
" أعلم أن حبك ليس لطيفاً، لدي إنطباع مُسبق"
همهم يحك مؤخرة عنقه و قال.
" ماذا عن إبنتك؟ أين هي؟"
أجابته باسمة شفتيها.
" مع فلورا، ستذهب بها إلى أخي كما إتفقتُ معها"
دوّر عينيه فضحكت بخفوت تقول.
" أليس عليك أنت و راعي الصيصان أن توقفا نزاعكما بما أنكما ستصبحان عائلة واحدة بفضلي؟!"
كانت تقف تحني رأسها إلى إحدى كتفيها المرفوعين و تأرجح جسدها يميناً و يساراً بينما تقف، رمقها لوهلة ثم استنكر هامساً.
" حِس الأنا لديكِ إرتفع!"
إتسعت إبتسامتها و أجابته بملامح بريئة.
" أخذتُ قليلاً مما لديك"
حينها ضحك بصدق و ضحكت عينيه، كانت ضمن المرات القليلة جداً التي رأته يضحك بصدق، لذا تمعنت نظراً بشفتيه و تغلغل بسمعها صوته لأبعد حِس فيها، كان ذلك لذيذاً بطريقة مؤلمة فهمست بلا تحضير.
" بيكهيون فلتبقى معي حتى أموت"
نظر إليها لا يعلم ما الذي يرفرف مشاعره أكثر أنها تردد اسمه بلا تحفظات، أم أن طلباتها الودودة تلك هي التي تطير به إلى سماء لم يراها في حياته أبداً.
أمسك بمعصمها و جذبها كي يتهاوى جسدها عليه يحتضنها بين ذراعيه و طبع قبلة على رأسها ثم قال.
" حتى لما بعد الموت، فقط أبقي هكذا للأبد، أريد هذا الوجه الذي لكِ، يجذبني كثيراً"
غمست وجهها في صدره و إرتاحت عليه، حان الوقت أن ترتاح من كل هم و غم عاشته، حان لها أن تكون سعيدة، أن يبتسم الحب في وجهها و يتعاضد مع الحياة لصالحها.
يكفي حقداً... حان وقت العشق!
مسح على شعرها بيده و قال.
" الآن سنذهب لتجلبي ابنتك ثم سنقرر ماذا نحن بفاعلين"
أومأت فأمسك يدها و سار، لكنه نسي أن السيارة ليست موجودة، فضرب قدمه بالأرض بغضب و لعن كريس، ثم بحث في جيبه عن هاتفه، و حينما تذكر أنها ألقته في النهر رمقها بغيظ، إزدرئت جوفها و ابتسمت بحرج.
حينها ارتفع حاجبه عن ناصيته و همس مستنكراً.
" و ماذا سنفعل الآن يا غبية؟!"
قهقهت بخفوت، و حينما إزدادت نظراته غيظاً وضعت يدها على فمها تكتم ضحكاتها ثم حركت كتفيها بجهل، حينها إبتسم لكنه أشاح بوجهه كي لا تراه، كان قد فات الأوان لقد رأته.
" أفعل شيئاً، ألستَ الرئيس بيون بيكهيون؟!
إلتفت إليها غاضباً و أجاب بصوت مرتفع.
" نعم الرئيس بيون بيكهيون و لكنني لا أملك أجنحة لأطير!"
برمت ملامحها و قالت.
" تبحث عن سبب لتغضب، و كأن ما فعلته يكسر ميزانيتك"
إلتفت إليه واجم الوجه و قال.
" إنه أحدث إصدار للأيفون"
عقدت ذراعيها إلى صدرها و أجابت ببرود.
" تستطيع أن تشتري شركة آبل برمتها"
أمسك بكلتا ذراعيها و حلّ عقدتهما، ثم إجتذبها إليه و قال مهدداً.
" تأدبي و إلا أدبتكِ على طريقتي، لا تتحدثي معي بهذه النبرة، أتفهمين؟!"
أومأت حينها تركها، لوهلة ساد الصمت بينهما ثم إبتسمت و همست.
" كان هذا أول شجار بيننا"
شزر إليها و هي أتبعت بإبتسامة تزداد إشراقاً.
" و تلك كانت أول قبلة بيننا"
ثم إلتفتت تنظر إليه و همست.
" و ذاك كان أول عناق بيننا"
تنهد يدور عينيه ثم أمسك بمعصمها يجذبها إليه من جديد كي يحتضنها قائلاً.
" ثرثارة! لذا يُفضل أن تصمتي و نذهب من هنا حتى أجد طريقة نعود بها إلى شقتنا"
رفعت بصرها إليه من أسفل كتفه، ففهم ما بال نظراتها، تحمحم و همس.
" أقصد شقتي"
قهقهت تضرب كتفه بلطف و قالت.
" كابر لنرى النهاية مع كبريائك هذا سيد بيون بيكهيون"
تجاهل ما قالته، و أمسك بيدها ثم سحبها خلفه يسير بها إلى الشارع الرئيس، حينما وصلوا هناك، كان كريس يقف متكئً على السيارة.
شعر بضربة أتته على رأسه فإلتفت ليجده الرئيس برفقة سيدته و يبدو غاضباً، إنحنى إليها و أثناء ذلك رأى أيديهما المتعاقدة فابتسم بقوة، و استقام سريعاً يصرخ.
" تصالحتما؟!"
نال ضربة أخرى على رأسه فانحنى معتذراً لرئيسه من جديد، بيكهيون أشار لجويل بعينيه أن تصعد في الكرسي الخلفي ففعلت، ثم تقدم هو إلى كريس و ربتّ على كتفه على عكس توقعاته، فلقد توقع وابل من الشتائم، و إن ما تصالحا توقع أن ينتهي بطلقة من رئيسه.
همس بيكهيون له قبل أن يعبر عنه إلى المقعد الذي يجاور السائق.
" شكراً لك يا رجل!"
تجمد كريس لوهلة في مكانه، ألتوّ شكره الرئيس؟!
ألتوّ رأى يده تشابك يد إمرأته؟!
أم أنها أحلام العصر؟!
لكنه أفاق حينما صاح بيكهيون من السيارة.
" كريس يا غبي، تعال و قدّ!"
تحرك كريس ملبياً بينما جويل تفكر، منذ متى بيكهيون يجلس بجانب كريس؟! هل تغير بغيابها؟!
أكثر مما تتوقع...
.....................
سلااااااام
قلوبكم رفرفت و لا لسة؟!
لساتكم عايشين و بخير؟!
و من منصبي هذا أوجه الشكر لكامي و ايمي، ملكة الواتباد و أميرته😭
ساعدوني كثير...
و مشهد بيكهيون و جويل كان فكرة كامي العبقرية، لو أني ضليت ع أفكاري لما التقوا هسا، يعني حبوا كامي😂😂😂 أنا ما بستاهل.
المهم من يوم و طالع حضرولي أنفسكم قبل ما تقرأوا أي بارت لأنو الحب لاقى مكانه الصح...
هذا لا يعني أنه ما رح يكون في حيونة🌚 و كثير كمان....
الفصل القادم بعد 300 فوت و 300 تعليق.
1. رأيكم ببيكهيون؟!
مواجهته مع تايهيونغ و إنتقامه منه؟!
عرضه على جويل بأنها توخذ الي بدها اياه مقابل أنو توخذ حقها و خلص يتصافوا؟!
ردة فعله ع طلب جويل؟! و الحالة الي وصلها؟!
٢.رأيكم بجويل؟!
كلامها مع تايهيونغ و مواجهتهم العنيفة؟!
طلبها من بيكهيون و اعترافها و تفجر مشاعرها؟!
٣. رأيكم بتايهونغ و الحالة الي وصل لها؟!
تهديداته لجويل و توعده لها؟!
مقابلته لبيكهيون؟!
٤. توقعاتكم حول كوبل جوبيك؟! و كيف ح تكون حياتهم؟! و شو المعيقات الي ح تعترضهم؟!
٥. رأيكم بالبارت ككل و توقعاتكم للقادم؟!
دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love 3 Thousands♥️
Коментарі