تقرير
Part One
Part Two
Part Three
Part Four
Part Five
Part Six
Part Seven
Part Eight
Part Nine
Part Ten
Part Eleven
Part Twelve
Part Thirteen
Part Fourteen
Chapter Fifteen
Chapter Sixteen
Chapter Seventeen
Chapter Eighteen
Chapter Ninteen
Chapter Twenty
Chapter Twenty-one
Chapter Twenty_two
Chapter Twenty-three
Chapter Twenty four
Chapter Twenty five
Chapter Twenty-six
Chapter Twenty-seven
Chapter Twenty-eight
Chapter Twenty-nine
Chapter Thirty
Chapter Thirty-one
Chapter Thirty-two
Chapter Thirty-three
Chapter Thirty-four
Chapter Thirty-five
Report || تقرير
Chapter Thirty-six
Chapter Thirty-seven
Chapter Thirty-eight
Chapter Thirty-nine
Chapter Forty
Chapter Forty-one
Chapter Forty-two
Chapter Forty-three
Chapter Forty-four
Chapter Forty-five
Chapter Forty-six
Chapter Forty-seven
Chapter Forty-eight
Chapter Forty-nine
Chapter Fifty
Chapter Fifty-one
Chapter Fifty-two
Chapter Fifty-three
Ch 54|| لؤلؤ
Ch55|| بيننا قدر
Ch 56|| تخبط
Ch 57|| ضعف
CH58||المقاومة
Ch59|| !يا حب
CH60|| خاشع للقلب
CH61|| إحتضار
CH62||بتلات ميتة
CH63|| هُدنة
CH64|| في الغياهب
CH65||خُدع
CH66|| حب زائف
CH67||إلى البداية
CH68||شتات
CH69||أقتل الحب
CH70|| فوضى
CH71|| عهد جديد من البسالة
CH72||فصل النهاية
CH73||الإنفجار العظيم
CH74||حالة حب
CH75||تصلحه و تبنيه
CH76|| طُرف الحب
CH77|| الملاك الشقراء
CH78||نِعمة
CH79||إبنة قلبه
CH80||بيكهيون و ملائكته
CH81||عِناق الموت
CH82|| المقاومة
CH83|| حوافز
CH84||العودة
CH85|| نهاية حرب الدماء
CH86|| تقلبات زمن
CH87|| اقتلني أو اشفيني
CH88|| بين نارين
CH89|| مُقرمشات
CH90|| وعكة نفسيّة
CH91||طَوق
CH92|| البطل الأبديّ
THE END|| حاقد عاشق
CH80||بيكهيون و ملائكته
" بيكهيون و ملائكته"







كما لو أن السعادة التي أحاطتني منذ يومان سرابٌ و انجلى عني، و عدتُ إلى ظُلمة سِردابي.

إنني لا أبالغ، أنا و بحق حسّاس ناحية أبوَّتي، أدري أن جويل لم تقصد أن تطعن في مشاعري، و أدري أن ما قالته صحيح، لكنني لم أستطع إلا أن أغار على فلذّة كبدي.

لربما أنا لستُ زوجاً مثالياً، و لا أباً رائع، لكنني رجل تعمره مشاعر الحنين و الحب ناحية بناته.

جيني و بيرل هنّ كل ما أملك بحق، و هنّ مسؤوليتي أنا، حتى إنني آمل فيهنّ خيراً أكثر من جويل، و هي ليست المرأة التي إستولت على قلبي فحسب، هي قلبي ذاته.

لستُ غاضب منها أو غاضب، لا أدري!
لكن ما أعلمه الآن أنني لستُ بمزاج لأرضى و أعود إلى ذلك الرجل المُفعم بالحب الذي كنتُ عليه مُذُ سويعات.

الخوف الذي أصابني حينما علمت بمكان الصغيرة شلّ جسدي، كذا تفكيري، و كل عواطفي، الأفكار السيئة كانت تمرح في عقلي جيئة و ذهاباً بلا أن أقدر على ردعها.

كماذا لو علم كيم تايهيونغ و آتى ليأخذها غصباً؟
ماذا لو وقع شِجار و صغيرتي إرتعبت؟
ماذا لو لم أراها ثانية؟ ماذا لو إنحرمت جويل منها؟ و كثير مثل هذه "الماذا لو" جال في عقلي.

توقفت السيارة على مشارف المطعم الذي نوينا تناول العشاء فيه مسبقاً قُبيل وصول الخبر لي، هنا في ساحة سان ماركو الشهيرة.

نزلتُ من السيارة و هي تبعتني بتودئة، ثم سمعت صوت دبّات كعبها على الأرض تُعلن عن هرولتها حتى تأبطت ذراعي و ربطتها بي.

ولجتُ إلى الداخل و جلسنا إلى الحائط الزجاجي الذي يكشف الساحة من الأعلى، رغم أنه المساء إلا أن الساحة مُكتظّة بالناس ككل معالم البندقية.

وصل النادل يحمل إلينا القائمة، نظرتُ في القائمة مطوّلاً، أنها قائمة إيطاليّة بحت، أغلبها باستا و بيتزا، بالنسبة لي طلبت شرائح اللحم و جويل طلبت إحدى أنواع الباستا التي أحتاج لدروس مُطوّلة حتى أستطيع نُطق أسمها.

سكب لنا النادل النبيذ الأحمر بينما نحن في إنتظار الطلب، أنا إكتفيت بشرب كأسي و النظر في الساحة، و لا أدري عنها، لستُ أسامحها.

" حبيبي الفضّي ما زال غاضباً مني؟!"

حبيبها الفضّي!
على آية حال، مهما دغدغ غزلها المبتذل مشاعري المُعاقة لن أستجيب، أنا غاضب و لا أعرف لماذا، لربما لأنها كانت على حق.

سمعتُها تتنهد، حينها إرتشفتُ من كأسي مجدداً و تجاهلتها، حتى شعرتُ بها تتمسك بيدي الأخرى المرتاحة على سطح الطاولة، ثم أتاني صوتها مملوء بالشجن تقول.

" إن كنت ستبقى غاضباً مني فلا معنى لخروجنا، أعدني إلى الفندق"

حينها رمقتُها بعينٍ صارمة و حذّرتُها أهمس.

" أنا الذي يقرر ماذا سنفعل، لا تجرؤي أن تأمريني ثانيةً!"

أنكست برأسها تنظر أرضاً و في تلك الأثناء وصل الطعام، بدأتُ أتناول من طبقي رغم إنسداد شهيتي، أما هي فرفعت رأسها و ثَوت ببصرها مثواي -عبر الحائط الزجاجي-.

لم أستطع بلع اللُقم و هي لا تأكل، نظرت إليه و أمرت.

" كُلي"

رأيتها تمسح عينيها خِلسة، هل أبكيتها؟
كانت الإجابة نعم و بشدة حينما حدثتني و بحة البكاء في صوتها.

" لا أريد!"

وضعتُ الشوكة و السكين من يديّ إلى الصحن ثم نهضتُ أسبقها.

" إذن إتبعيني إلى الخارج!"

رأيتُها عبر الحائط تتباطئ في النهوض خلفي، و لكنها نهضت في النهاية و تبعتني إلى السيارة، صعدت إلى جانبي و فوراً إتكأت إلى النافذة.

كاد أن يتحرك بنا السائق لولا أنني أوقفته.

" ترجل و احضر صحن الباستا الذي طلبته السيدة و اعطهم لقائه مالاً"

بعدما نزل السائق قالت بلا أن تنظر لي.

" ما عدتُ أريد أن آكل، لا تتحكم بطعامي على الأقل!"

إرتفع حاجبي سريعاً مستنكراً.

" شفتيكِ شهيتين و هنّ مطبقتين فقط، لذا حافظي عليهنّ مطبقتين و إلا ما بقي لكِ شفاه"

و نعم، الآن شفتيها يثرنّ شهيتي و هنّ منطبقتين على بعضهما، عاد السائق يحمل الوجبة، تناولتها  منه ثم ناولتها أياها و اتبعت.

" تناوليها حالما نصل و لا أريد أن أسمع كلمة لا أريد"

نظرت في عينيّ بعدما وضعتها في حِجرها، ثم عادت لتنظر عبر النافذة، هي لم تعلق و هذا أفضل، أنا لا أريد لأن يزداد شِجارنا حِدّة.

وصلنا الفندق بسلام و صعدنا إلى جناحنا الخاص أخيراً، توجهت لتبديل ثيابي كذلك هي، ثم أنا إنشغلتُ مع كريس على الهاتف، أعلم مستجدات العمل رغم أنه الصباح الباكر في البلاد.

أما جويل فبعد أن خرجت من دورة المياه توجهت لتسخين الباستا ثم تناولتها على البار، رؤيتها تأكل تجلب لي السعادة.

ما إن أنهيتُ مكالمتي و لبثتُ مستعداً للنوم، أتت لتنام بجانبي، و لكنها لم تغيظني، بل إمتثلت إلى القاعدة التي تقول، أنها ممنوع أن تمنحني ظهرها، و عليها أن تنام في حضني حتى و إن كنا في موقف شجار.

حسناً هي لم تنم في حضني و لكنها لم تمنحني ظهرها، و هذا كثير من امرأة ذات كبرياء مثل جويل.

جلبتها من ذراعها حتى نامت على صدري، و هي لم تقاوم أو تعارض، و لم تحدثني، هل أصبحت أنا المُخطئ الآن؟!

في الصباح عندما إستيقظت كنتُ وحيداً في السرير، سمعتُ صوت الماء في دورة المياه فعدتُ إلى نومي، جويل تحتاج إلى ساعة و نصف و هي تستحم، ساعة و نصف كل صباح، لا أدري ماذا تفعل طيلة هذا الوقت.




.........................





لففتُ الروب إلى جسدي ثم وقفتُ أمام المِرآة في دورة المياه، مسحتُ عنها البخار المتكاثف و نظرتُ إلى وجهي.

بدوتُ هزيلة، كذا شاحبة و متعبة، ما إستطعتُ أن أنام إطلاقاً و أنا أفكر بأمره، أنا لم أخطئ معه، كنتُ واضحة من البداية أن لتايهيونغ حقٌ في ابنته، فدمه يسير بجسدها.

لكن بيكهيون لا يفهمني، بل ينحاز إلى حساسيته بشكل سلبي، واحد من أهم أسبابي الذي جعلني أقع له هو حبه لابنتي رغم أنها إبنة عدوه.

هو أب رائع لابنتي كما هو لابنته، لكن تايهيونغ أباها أيضاً و هو ليس أباً سيء، هو فقط يشعر بالضغط و الغضب ناحيتي.

أنا لا أريد أن نتشاجر لأجل تايهيونغ إطلاقاً، فطليقي قضية حسّاسة جداً ما زِلنا عالقين فيها، أنا لا أريد الكثير، أريد أن يفهمني، و يشعر بحاجة بيرل لأبيها البيولوجي فحسب.

أنا حاولت إصلاح الأمر معه، لكنه يستمر بالرفض متدرعاً بكبريائه، أله كبرياء و أنا لا أملك؟!

حتى للحب حدود...!

خرجتُ من دورة المياه و لقد حزمتُ قراري، لأن أتصرف بكبرياء كما يفعل معي، أنا لن أتودد له و لن أُحدّثه ما لم يبادر، و لنبقى هكذا على خِلاف.

جلستُ إلى التسريحة أُسرح شعري، و عن عمدٍ إستخدمتُ المجفف بصوته المزعج كي لا تهنئ له نومته، إنني أنتقم.

نظرت إليه عبر المرآة، رأيته يتذمر و قد أخفى رأسه أسفل الوسادة، ثوانٍ أخرى و صاح كي أطفئه، لقد إنتهت مهمته على آية حال.

تابعت ترتيب مظهري و هو نهض يتمتم بالشتائم علي، ثم إختفى خلف باب دورة المياه بعدما صفقه بقوة.

فلتغضب، أشعر بي قليلاً أيها اللئيم!

إرتديتُ بِنطال أزرق من الجينز و قميص فضفاض أبيض، كنتُ أحدد أحمر شفاهي عندما خرج.

إنه يرتدي بِنطاله فحسب، أشحتُ ببصري عن إنعكاسه على المرآة، و اتبعتُ تحديد شفتيّ رغم أنه شتت إنتباهي، خصوصاً أنه يقف على مقربة مني، و ينظر ناحيتي بينما يعقد ساعديه.

كدتُ أن إبتعد لولا أنه باغتني في حضنٍ من خِلاف، جعلني محاصرة بين ذراعيه و صدره، أسند ذقنه إلى كتفي ثم تحدث ينظر إلى إنعكاسي، رغم أن شفتيه تتحرش بأذني.

" اليوم سنذهب إلى جسر التنهدات، بورانو، و القنال الكبير بعدما ننتهي من جولتنا التي إقتطعناها اليوم الفارط، سننهي جولتنا اليوم ثم سنسافر غداً إلى الدولة التالية"

أنا أومأت فقط، ما عدتُ أشعر بالكثير من الحماسة كما أول مجيئنا و لستُ متحمسة لأعلم إلى أين سنذهب غداً، أريد أن نعود كما كنا قبل يومين فقط، سعيدان بغض النظر عن الرفاهيات.

ربتّ على كتفيّ ثم توجه ليرتدي ثيابه، فاجئني عندما خرج، أنه يرتدي ثياب لا تخص البدلات بشيء للمرة الأولى، قميص أبيض و بنطال جينز أزرق.

اوه بيون بيكهيون في تطور ملحوظ!

قدم يده لي فأمسكتُ بها ثم خرج بي من الجناح، بينما نحن في السيارة قدم لي عصير الفراولة من الثلاجة الصغيرة في السيارة و هو إكتفى بالصودا.

لقد أصبح ودود فجأة معي!

نظرتُ إلى يديّنا المتشابكة ثم هو شدد على يدي، إبتسمت حينها شعرت بأطراف أنامله تطرق على وجنتي، رفعت وجهي إليه فسرق من شفاهي قبلة سريعة ما حضرني لها، و لا منحني الفرصة لأردها.

عدّل لي قُبعتي ثم ملئ راحته بوجنتي يقول.

" دعي لا شيء يعكر علينا سعادتنا، أنا و ملائكتي و بعدنا الطوفان"

عبّدت الإبتسامة شفاهي، ثم طبعتُ في راحته قُبلة قبل أن أهمس.

" فلنهتم بسعادتنا فقط، هذا الوقت لنا"

أومئ، و تعبيراً عن سعادتي عانقت عنقه، ضحك بخفة بينما يحيط بي بذراعيه،  بيكهيون طفل أنجبه الحب حديثاً، و إن كنتُ قد أحببت من قِلبه، فلا له حبه مثيل، و لا لحبيبي مثيل.



................




ساحة سان ماركو مجدداً حيث إنقطعت رحلة بيكهيون و جويل سابقاً، إنها ساحة البندقية الوحيدة، هنا حيث إعتاد المدنيون إن يجتمعوا في عصور ما قبل الإتصالات.

إنه اليوم الأحد و جويل أرادت أن تُصلي في كنيسة سان ماركو، و رغم أن بيكهيون رفض الفكرة، فهو لم يسبق له أن صلّى، و هو ليس رجلاً ذا علاقات متينة مع الديانة إلا أنه وافق في النهاية.

إنما هو صلّى مرة واحدة في عمره، عندما علم أن جويل في مخاضها و مُعرّضة للخطر و هو في السجن، كان يوماً عصيباً لدرجة أنه لجئ للصلاة لأول مرة في حياته.

جويل دخلت إلى الكنيسة و هو رفض، لذا فضل أن يتجول في ربوعها حتى تنتهي الصلاة في الداخل.

و روح الفنان المعماري برزت من أعماقه، بدى مهتماً جداً في هذه التُحفة الفنية التي يتوجل فيها، الكنيسة ذات تصميم عريق قوطي، لم يكتفي بالتدقيق في هذا الفن بل إلتقط بضعة صور لِقِببها.

خرجت جويل إليه بعد رُبع ساعة و قد بان على وجهها الإنزعاج.

" لماذا لم تتدخل لتصلي معي؟!"

حرك بيكهيون كتفيه لامبالياً و قال.

" و لِمَ أصلي؟ لستُ متديناً و لا أهتم بالتعبد و ما شابه"

زفرت أنفاسها تناظره، ضيقت عيناها ناحيته ثم همست تعقد ذراعيها إلى صدرها.

" ألا تؤمن بوجود الله؟!"

تنهد يضع نظاراته الشمسية قائلاً.

" لستُ أخرق لأنكر وجوده، لكن علاقتي به ليست وطيدة، هذا فحسب!"

تبسمت، على الأقل يؤمن بوجود الرب، تبعته على مضض، ثم تمسكت بيده فوجّه نظرة عليها قبل أن يقول.

" لم نتناول الإفطار، دعينا نتوقف إلى إحدى المطاعم هنا"

إختارت جويل طاولة في الهواء الطَلِق في الساحة  ثم حضر الطعام.

إنها ريزوتو، طبق من الأرز المطهو في المرق ذا زينة بحريّة.

من خلف جويل يجلسون مجموعة من الشُبان الأجانب و بصرهم لم يرتفع عنها إطلاقاً، بيكهيون أشار لرجاله أن يسحبوا هؤلاء الشُبان بمعرفتهم، ثم إنتظر حتى إنتهت جويل من طعامها، حينها قال مبتسماً.

" لقد أفسدتِ أحمر شفاهك، إذهبي لتعديله، سأنتظركِ هنا"

جويل تحسست شفتيها بأطراف أناملها، ثم نهضت إلى دورة المياه، ليس بيكهيون من يخبرها أن أحمر شفاهها فُسد و عليها تصليحه، إنه من يفسده إن كان صالحاً.

أوهمته أنها دخلت ثم إختبئت خلف إحدى الأعمدة تراقبه ماذا سيفعل، وجدته قد خلع عنه لباقته حينما هتف بالناس في الإنجليزية.

" ستحدث مُشاجرة عنيفة هنا، يُرجى أن تخلو المكان!"

وقفوا الشُبان المستهدفين بغضبه يضحكون مستهزئين ببيكهون و قدراته، فهو ذا قامة متوسطة، ذا بشرة شاحبة و ناعمة، و أنامل نحيلة.

فرد عضلات صدره، ثم حرك عنقه يحرر أصوات فرقعة من مفاصلها بينما يتقدم منهم، حينها تحدث إحدى الشُبان الأربعة بالإنجليزية.

" انظروا إلى هذا الآسيوي الناعم، سيُلقننا درساً في الأخلاق، كونوا مهذبين!"

ضحك مع رفاقه يسخروا من بيكهيون، و بيكهيون إبتسم بينما يدلك معصميه، و يشكل قبضتيه.

" مهمة أمك أن تعلمك درساً في الأخلاق، أما أنا فمهمتي أن أقتلع ذكورتك إن تحرّشت بإمرأتي!"

و ما ترك لهم مجالاً أن يهزأو به أكثر، فهو لكم أولهم، و ركل ثانيهم، و ضرب رأس ثالثهم برابعهم، و ذلك خلال أربع ثوانٍ فحسب.

حمل الكرسي الحديدي، و كاد أن يحطمه على أجسادهم لولا أنه سمع صُراخها من خلفه فزِعة ترجوه.

" لا بيكهيون، لا! ستتورط أرجوك!"

كان يتنفس بقوة، فسُرعان ما يمتلئ صدره على آخره بالهواء و ينفذ سريعاً، حتى أن عنقه إلى أذنيه إحمرّت غضباً.

وضع الكرسي جانباً فهربوا الأربعة من أسفل قدميه، لقد تعلموا ألا يستخفوا برجل آسيوي مرة أخرى، و ذاك كان درساً مفيد لهم.

إلتفت ناحية أتاه صوتها، فوجدها تتكئ إلى إحدى الأعمدة و تبكي إليه، سار ناحيتها ثم أدارها إليه من خصرها، و احتضنها إلى صدره الآمن يتحسس شعرها.

" لا تبكي ملاكي، زوجكِ يصبح شيطاناً لأجلكِ لا عليكِ، أنا لا أتورط، لا تخافي علي"

رفع رأسها عن صدره، و أخذ يمسح دموعها يهمهم فأومأت لتعود إلى صدره من جديد، سار بها في الساحة يقول.

" تريدي أن نعود إلى الفندق؟!"

نفت تقول.

" لا، فلنتابع جولتنا، سأكون بخير طالما أنت تحتضنني هكذا"

شدد على عِناقه لكتفيها، ثم سار بها في الساحة إلى المعلم الآخر، قصر دوجي ضمن الساحة، إنه قصر ذا فن معماري خلّاب و واجهات فنيّة، تقسيماته الداخليّة عبارة عن غُرف تستخدم كمعارض لأشهر رساميّ البندقية.

و حسناً كلا جويل و بيكهيون لا يهمهم الرسم، فلم يتجولوا في المعارض الداخلية، إكتفيا بالتجول حوله و التعرف إلى فنون العمارة فيه.

فمن ناحية فنون العمارة، المهندس المعماري بيون بيكهيون هو أكبر مهتم.

لقد أطال الوقوف إلى تصميمه كما فعل سابقاً حينما كانت جويل تصلي، و جويل لم تعترض رغم أنها شعرت بالملل، فالمباني و تصميمها ليس عمله فحسب، و إنما شغفه الرئيس.

حينما إكتفى بيكهيون من النظر إليه و إلتقاط بعض الصور، جويل إكتفت ببعض الصور لهما معاً على وِجهة القصر ثم تحركا خارج الساحة.

على مقربة من الساحة يقع القنال الكبير، و هو الطريق المائي الرئيس للتنقل، يستخدم سيارات و حافلات مائية للتنقل، كما أنه يمر بالجسور الأربعة للمدينة، منها جسر ريالتو، و جسر التنهدات، كذا يمر بمورانو و ساحة سان ماركو و شتى معالمها.

بيكهيون أراد لنفسه و لزوجته أقصى المتعة كذا الخصوصية  لذا إختار سيارة مائية تطوف في القنال الكبير كجولة طويلة حول البندقية، إستمرّت لثلاث ساعات.

جويل تجلس و بيكهيون خلفها يحيط خصرها بذراعيه، و كلاهما يستمتعان بمعالم المدينة الخلّابة كذا بحميميتهما العلنيّة.

جويل ما توقفت عن إلتقاط الصور لهما معاً و لمعالم المدينة.

حلّ المساء و كلا الزوجان شعرا بدوار البحر، فلقد كانت رحلة طويلة رغم متعتها، وصلا إلى الفندق و أرّتميا في أحضان بعضهما في السرير حتى ساعات المساء.



..............................




في صباح كوريا الباكر، حدث ما نبهت منه فلورا مُسبقاً و وصل شقيقها القصر خائفاً، فلورا تعمدت ألا تتصل بأخيها و تخبره بالمستجدات و لا أن تجيب إتصالاته.

الهدف من هذه الحيلة أن يلتقي جين خطيبته بشكلٍ مُسبَق، فإما أن يتراجع عن قراره أو يستمر، و ما زاد إصرارها لتنفيذ حيلتها و لجلب أخيها أن نانسي هنا لم تُبدي إهتماماً جليّاً بمصيرها و هذا الزواج.

أن يتم أو ينقض فالأمران سيّان لديها، و هذه فرصة أخيها أن يخرج من قوقعة حبه الماضي.

وصل جين و تعدى البوابة إلى مركز الحرس، و هناك طلب دخول القصر لجلب أخته، لكن الحرس رفضوا حتى يأذن له كريس بذلك، فبعثوا له ليأتي إلى البوابة.

إنه الصباح الباكر؛ فالكُل نيام، لكن بالنسبة لتوقيت مزارع يافع و نشيط فهذا الوقت المناسب، وصل كريس بعد عشر دقائق و آثار النوم ما زالت قائمة عليه.

" إنها مُحقة تلك العفريت الصغيرة"

جين ما ألقى لتمتمات كريس أهمية و سرعان ما سأل عن شقيقته.

" فلورا لديكم؟"

أومئ كريس مُجيباً فتنهد الشاب بسخط و اتبع.

" و لِمَ تبيت لديكم؟ و لماذا لا تجيب إتصالاتي؟ أين هي الآن؟ أهي بخير؟"

تأفأف كريس بينما يربت على كتف جين قائلاً.

" و كأنك أمها و لست أخيها يا رجل! ثم أن أختك عفريت تهرب منها الشياطين، لا تخاف عليها، بل خاف منها"

تنهد جين و ما منح كلام كريس إهتماماً، فما يعلمه عن أخته أنها فتاة في غاية الرِقة و اللُطف، خجولة و ناعمة.

لكن للحقيقة وجه آخر لا يدري عنه جين!

" لقد أثارت مخاوفي لإمتناعها عن الرد على إتصالاتي، يبدو أنها كانت نائمة عندما هاتفتها"

حقيقةً؛ هي لم تكن نائمة و تعمدت تخويفه، حقيقة يدركها كريس جيداً، فهو ضحية مكر هذه اللعوب لمرّات عِدة.

تنهد كريس يربت على كتف جين، ثم أحاط كتفيه بذراعه، يجعله يسير برفقته إلى داخل القصر قائلاً.

" بما أنك أتيت بالفعل، دعنا نحظى بوجبة الإفطار معاً، سأطلب من العاملة في الداخل أن تعد لشخصين، و لن أسمح لك بالرفض، فلقد اشتقتُ لمجالستك"

تبسم جين و سايره قائلاً.

" كم مرّ على آخر جلسة سمر بيننا؟!"

أجاب متدرعاً بنبرٍ ما فيه حنين، فهو لا و لن يحن لتلك الأيام العُجاف.

" منذ أن كان الرئيس مسجوناً!"

ضحك جين بخفة و أردف ساخراً.

" مسجون تقول، لقد كان السجن له بمثابة نزل، يخرج و يدخل متى ما أراد"

ضحك كريس بخفوت و أومئ، يبقى الرئيس بيون بيكهيون، رجل ذا عود ليّن أمام العمر، و عود متين لا ينكسر أمام السنين.

لطالما كان الرئيس بيون بيكهيون ابن الدولة و أكثرهم عقوقاً بها...

كريس ترك جين في ضيافته في ملحقه الخاص حيث يعيش في باحة القصر، و توجه إلى المطبخ لجلب الطعام.

ما كان غريباً عليه أن يسمع صوت صراخ حيوي من الداخل، فجيني و بيرل لا يقصرنّ إن تعلق الأمر بالشغب و المشاكسة.

إنحنى حينما وجد السيدة هانمي في المطبخ تحضر الحليب لطفلتين، تنهدت السيدة و قالت بنبرة بائسة أثارت شفقة كريس، خصوصاً مع الهالات الداكنة أسفل عيناها.

" كريس، أرجوك يا بُني، سأكون شاكرة لك إن أعتنيت بمثيرتي الشغب هاتين حتى يجهز إفطارك، أريد أن أذهب لأيقظ نانسي و فلورا"

أومئ كريس قائلاً.

" لا عليكِ سيدتي، اقضي حوائجك، سآخذهن معي إلى الملحق حتى تحين ساعة العمل، لقد إشتقتُ لهنّ بالفعل"

شكرته السيدة و انصرفت على مضض، فحمل الصغيرتين على ذراعيه، و خرج يطلب من العاملة توصيل الإفطار له و لضيفه.

دخل على جين يقول.

" عذراً، لدينا ضيوف، أنت بالتأكيد ستحب رؤيتهنّ"

تبسم جين و أومئ يقول.

" بالطبع، إنني أحب الأطفال"

وضعهنّ كريس أرضاً بينهما و أوجز قائلاً.

" لقد إعتادت بيرل أن تكون هادئة، و لكن شقاوة جيني أصابتها بوقت قصير"

ضحك جين بخفة حين تشبثت إحدى الطفلتين ببنطاله، فرفعها لتجلس على قدمه بينما ينظر في وجهها الحَسن الصغير.

" هذه بيرل؟"

همهم كريس بينما يحمل جيني إلى حضنه.

" نعم، هي إبنة السيدة جويل"

إتسعت إبتسامة جين، ثم طبع قُبلة خفيفة على وجنتها الممتلئة، فضحكت لشعورها بالدغدغة، ضحك بخفة لبشاشتها، كم هي لطيفة تدخل القلب سريعاً ببشاشتها كما أمها تماماً.

" إنها ودودة، لقد أحببتُها"

نظر إلى جيني يعقد حاجبيه فعقدت هي حاجبيها أيضاً تمثل دوراً غاضباً، حينها فرّت من فاه جين ضحكة قائلاً.

" انظر إليها! و كأنني أرى بيون بيكهيون صغير أمامي و هو عاقداً حاحبيه مقلوب السِنحة!"

ضحك كريس بخفة، و وخز وجنتها بسبابته فحولت بصرها ناحيته و ما زالت عاقدة حاجبيها، و ما أستطاع أن يقاوم الإبتسامة العريضة التي ملأت شفتيه.

" كيف يعاملها رئيسك؟!"

نظر كريس ناحيته متطلعاً إلى مقصده، و إذ به يشير إلى الصغيرة الشقراء في حضنه، حينها تبسم و قال.

" ربما سيكون ذلك مفاجئ على سمعك، و لكن الرئيس يعشق الأطفال، له وجه معهنّ لم أره قط، هو يعامل إبنة كيم تايهيونغ و كأنها من صُلبه، تماماً كابنته، ذلك أدهشني بحق، و خصوصاً أنه يحبها حباً جمّا كما إبنته تماماً"

همهم جين و شعر بالراحة، لطالما شعر بالقلق ناحية هذه الطفلة، و خصوصاً أنها تعيش في قصر بيون بيكهيون، ما عاد قلقاً بشأن جويل،  فالحب الذي بينها و بين بيكهيون متين و واضح، أما هذه الطفلة فكان لا يدري، و الآن هو مُطمَئن.

تناولا الإفطار معاً و عندما وصلت القهوة، طلب جين أن يرى أخته، دقائق و وصلت إليه، إستأذنت الدخول، ثم دخلت بأكثر الطرق تهذيباً، كريس حينها آمن بأن النساء تسكنهن روح النِفاق.

تلقت حُضن أخيها برحابة، ثم جلست و أياهم، و استمعت إلى توبيخ حار من أخيها لإثارة قلقه، ثم طلب شرحاً تفصيلي لأسباب مكوثها هنا، و هي لم تُقصر.

جين أبدى دهشته حينما علم بواقعة الأمس و استنكر.

" هل تحاولين إقناعي أن كريس بأمر من رئيسه كاد أن يُقتَل لأجل إبنة جويل!"

أومأت و أبدت سخطها من طبيعة حياة كريس المحفوفة بالخطر من كل الإتجاهات.

" نعم، و هذا اللوح أمامك لم يتردد و لو لثانية لأن يضحي بحياته لأجل تنفيذ أوامر رئيسه"

أتتها ضربة من يد أخيعا على قِفا رأسها، فجعلت تتحسسها متذمرة، و أخاها يوبخ.

" لا تنعتي الناس بألقاب تافهة، أين أدبكِ؟"

أبان كريس زفرة ساخرة و إبتسامة ملتوية، فمحتوى الأدب لديها صفر كما لا يعلم شقيقها المسكين، ثار إنزعاجها حينما أجابت.

" دي او... أقصد دو كيونغسو يلقبه باللوح."

و في صوت منخفض سمعه كريس قالت.

" و هو لوحٌ بالفعل!"

حينها تطلع إليها كريس، و قد بان شيئاً من غضبه، فقررت أن تهرب قبل أن تزيد ناره لِظى، و تمسكت بيد أخيها قائلة.

" أخي، بما أنك صِرتَ هنا فلتُقابل نانسي، خُذ فرصتك، و تذكر أن هذا حقك"

رفض جين و ابتلع جوفه قائلاً.

" لا حاجة لي بذلك، لقد وافقت بالفعل، و استهلكت الكثير من الوقت في التفكير، لن أبدل قراري الآن"

تمسكت بذراعه تلح.

" لا أقول أن تبطله، خُذ فِكرة، أنت لا تعلم عنها شيء حتى!"

رفض مجدداً برأسه و لكنها كانت مُصرّة جداً حتى أنهضته.

" أرجوك، أنتما بحاجة لأن تتعرفا قبل الزواج، هيا أخي!"

لان لرجواها، و جعلها تسيّره بعدما وجد أن كريس في صفها، و قد أومئ له أن يقابلها فهما بحاجة للتعارف.

كانت نانسي تجلس و والدتها، كذا أخيها و عائلته في الصالة، عندما وصل جين إنحنى بتوتر، و تصافح و هيون جونغ بوِد رجولي، ثم جلس بينهم.

" بيكهيون لم يتحدث عنك، و الآن أفهم أسبابه، أنت تبدو خلوقاً و رجلاً شهم، لم ينسى أخي مواقفك النبيلة معه"

أومئ جين لقول هيون جونغ و اتبع.

" أيٌ في مكاني لكان سيفعل ذات الشيء، لستُ أُفضّل عليكم"

ربّت هيون جونغ على كتفه و اتبع.

" كيف يسير عملك؟"

أجاب بإيجاز.

" بخير، و هو في تحسن مؤخراً"

تحدثت السيدة هانمي.

" أنا أثق بخيارات ابني، و متأكدة أنه لن يكون من هو أفضلك منك على ابنتي، أنتما فقط بحاجة لمعرفة بعضكما."

أراحت السيدة يدها فوق يد نانسي و قالت.

" لذا ابنتي، اصعدي مع جين لتتحدثا في جناحك"

نانسي كتمت مشاعرها، و وقفت تلبي، ثم أشارت إلى السُلم تقول.

" تفضل من هنا"

وقف و إستأذن منهم، فلورا تبعته في بصرها حتى اختفى في الطابق العلوي مع نانسي ثم تنهدت، لطالما تمنّت أن يقع أخيها في حُب سويّ و يتزوج عن سِبق لهفة كباقي أقرانه، و لكن قدره مختلف، فحبه الأول مُعتلّ و علاقته الثانية مُأطَّرة.

دلف جين من بعد نانسي إلى الجناح، ثم جلس إلى إحدى الآرائك في جناحها الفسيح حيث دعته.

جال ببصره حول الجناح و مرافقه المؤثثة برفاهية عالية، و ابتلع عِزته، لو عمل لألف عام لن يستطيع أن يوفر لها ذات الرفاهية التي تعيش بها هنا.

و بطبعه القنوع، فهو لن يقبل المال إطلاقاً كهدية أو أياً كان، و هو لا يرغب لنفسه بجناح مُرفّه كهذا إطلاقاً، و لكنه لا يدري إن كانت تستطيع أن تعيش براحة ضمن إمكانياته الخاصّة.

رسى بنظره إلى الطاولة حيث قدمت له مشروب ساخن، شكرها و هو يشعر بالتوتر الذي يسيطر على الجوّ بينهما، و لكونه الرجل هنا تحدث أولاً.

" لن أكرر ما تعلمينه بالفعل، و لكنني أرغب بسؤالك، أراضية عن اختيار أخيكِ، أم أنكِ ما زلتِ تصبي مشاعركِ لكيونغسو؟"

بانت إبتسامة لا تُقرأ على شفتيها، و أجابت تنظر في كوبها و تتحسسه بشكل دائري فراراً من عينيّ جين، فلا تدري إن كان يستطيع أن يقرأ عيناها، أو أنه جاهل في لغة العيون.

" سأكذب إن قلتُ لا، ما زِلتُ أكنّ له المشاعر، لا أدري أن جرّبتَ لوعة الحب الأول و حِرمانه، لكنني أُناضل لأصرفه عن أحاسيسي، و لأنصاع لأمر أخي، فبالنهاية؛ كلمة أخي ستسير، و إن رفضتني أنت سيبحث عن رجل آخر لي، و يبدو أنك في أعلى سُلم توقعاته، لا أدري لماذا و لكنني سأثق بخياره"

أومئ جين و ابتسم هامساً.

" شاكراً صراحتكِ معي، لا أدري إن كنتُ في أُفق توقعاته، أو إن كنتُ في الحُسن الذي صوّره، لكنني أعلم أنني رجل يصون الأمانة و يحافظ عليها"




أما في الأسفل ففلورا تجاهلت نداء كريس لها، كريس الواقف بعيداً أبدى سخطه حينما شدّ عوده، و تمتم من تحت أنفاسه بشتى أنواع الشتائم.

لإثارة غيظه و تجاهله مُتعة أصبحت تقدرها فلورا مؤخراً، لكنه كان مُصراً أن تأتيه، فألح بإيمائاته المنادية و ألحّت في تجاهله، حتى جين خرج و إستأذن العائلة ليرحل.

وقفت على أعتاب القصر تودع أخاها، ذلك بعد أن أصرّ كريس بأنه من سيوصلها إلى جامعتها، غادر جين، و بعد إختفائه كلياً عن مرأى العين؛ إلتفتت فلورا تبغي الهروب، فيبدو أن كريس الآن يحتاج وخزة فقط لينفجر بها.

أمسك بجُب قميصها، و اجتذبها كي تقف قِبالته، إنحنى بقامته حتى يصل وجهه وجهها، و بينما هو ينظر في عينيها بسخط تلعثمت تشيح عنه.

" فلتبتعد أيها اللوح، إن رآنا أحد سيظنوا بنا السوء"

بانت على شفتيه إبتسامة ساخرة و همس.

" لقد وصل الحد بنا إلى قُبلات شغوفة، فلماذا تخشي ظنون الناس بنا؟"

قضمت شفتيها بحرج، ثم أجابته بأغبى ما خطر لها من أفكار.

" ليس و كأن القبلة شيء يذكر، أنها طريقتي لإلقاء التحيّة"

إرتفع حاجبه مستهجناً و قال.

" هل أفهم أن ثمة رجل قد سبقني إلى شفتيكِ"

رفعت أصابعها العشر تعد عليهم، و حينما وصلت للرقم ثلاثة عشر توقفت تقول.

" لا أذكر بالضبط كم كانوا، كُثر فحسب"

و تلك كانت الصاعقة الكبرى على سمع كريس، إذ دفع بها عنه و استنكر بقوة قائلاً.

" إن كانت إحدى مزحاتكِ السمِجة فاعترفي، و إلا أقسم أنني سأنحر رقابهم، و اجعلكِ تتبعيهم على يد أخيكِ"

شعرت بالخوف فعلاً، إذ إنخفضت نبرة صوتها و عقدت حاجبيها تقول.

" واضح أنها مزحة، لا تهددني مجدداً أيها الإرهابي"

ثم إنصرفت من أمامه إلى داخل القصر و اكتفى هو بتنهيدة، عليه أن يتحفظ على إنفعاله، فما فلورا إلا طفلة مشاغبة تثير المزحات التافهة من حولها بلا تقدير، عليه أن يقدر كونه الأكبر بعقدِ و بضع سنين.

بقي في إنتظارها حتى خرجت متأهبة للذهاب إلى الجامعة، تجاوزته بإنفة، و سارت في مسارٍ لا ينتهي بالسيارة الراكنة خلفه.

" إلى أين؟!"

زفر أنفاسه بغيظ عندما تجاهلته، فتبعها بخطوات مُسرعة، و إقتلعها من أرضها لتسير على أرضه، و جعلها تصعد سيارته رغماً عنها.

صعد أيضاً ثم قاد السيارة، هي إكتفت بالإستناد على النافذة و النظر من خلالها، رغم أنها حفظت هذه الشوارع لكثرة ما تمر بها.

إنقضى الطريق بصمتٍ من كلاهما حتى وقف أمام بوابة الجامعة، لكنه إستوقفها عن النزول حينما أمسك بذراعها بلطف يقول.

" عندما أغضب لا أدري ماذا أقول، أنا آسف"

نظرت إليه و أومأت تقول.

" لقد كانت مزحتي سمجة، أنا آسفة"

أومئ فترجلت من السيارة، وقف حتى عبرت البوابة ثم تنهد و قاد إلى الشركة، أطنان من العمل في إنتظاره.

..............



عودة إلى العاشق و ملاكه، إنتهت الرحلة بأمان في البندقية و أتمّ الزوجين خُططهما كاملة لإستكشاف المدينة.

في المطار مجدداً و على متن طائرة مجهولة الوِجهة بالنسبة لجويل مجدداً، فمهما ألحّت على زوجها لا يتحدث و يكتفي بأنه عليها إكتشاف المكان بنفسها.

لذا كان مقعد الدرجة الأولى مُريح جداً كسرير طيلة الرحلة، و بيكهيون كان حارس شغوف لها إن تعلق الأمر و عيون الرجال.

و نعم، هو يظن أن زوجته المرأة الوحيدة على الكوكب...

بعد رحلة ليست بطويلة مقارنة بالرحلة السالفة وصلا، فهما ما زالا في أوروبا، و لكن في دولة ذات صيحة حضارية تعاكس حضارة إيطاليا كلياً.

و كما في المرة السالفة، حضر رجال، قد وظفهم لحراسته و زوجته طيلة الأسبوع الذي سيقضيانه هنا، إلى المطار.

صعدا معاً السيارة السوداء الفارهة، و بيكهيون إلتقط من الثلاجة قارورة ماء، بينما زوجته مشغولة بإكتشاف المكان.

شهقت جويل حينما رأت علم تعرفه يرحب بها، إلتفتت إلى بيكهيون و قالت منذهلة.

" إنها إسبانيا!"

ضحك يرفع شعرها عن وجهها ليتسنى له أن ينظر في بديع خِلقتها كما يشتهي.

تبسّم إبتسامة غارت في شفتيه و قال.

" سأكون حريصاً لصرف الوقت في سعادتكِ!"

نهضت عليه تعانقه بقوة، و تشكره بحفاوة حتى أن صوت ضحكاته ارتفع و قال.

" اووه! تعلمين أنني رجل يفضل الأفعال على الكلام."

لم تتوانى عن ضرب صدره بخفة حينما فهمت مقصده فقالت.

" رجلٌ منحرف!"

بضحكاته رنّات تُثير الوسن في جفونها، ذاك لأن صوته دافئ يبعث بالنفس الطمأنينة حتى و إن كانت ضحكات فحسب.

يبقى بيكهيون متفرد بصفاته مهما تبسطت و مهما تعقدت.

" نحن في برشلونة تحديداً، اليوم سنكتفي بأخذ قِسط من الراحة ثم الإستجمام في الفندق"

همهمت توافق، إنها خُطته و دورها أن تستمتع بها فحسب، فخيارات بيكهيون و خُططه بالتأكيد هي الأفضل.

" فندق يوروستارز غراند مارينا"

إنه فندق شهير بخمس نجوم ذا إطلالة على البحر الأبيض المتوسط، و يضم مرافق في غاية الرفاهية و الجمال.

إلى مكتب الإستقبال بيكهيون تولى أخذ بطاقة الدخول للجناح الملكيّ الذي قام بحجزه، ما فاجئ جويل أنه لم يستخدم الإنجليزية، بل هو تحدث الإسبانية.

بعدما أخذ البطاقة أمسك بيدها، و سحبها يخلفه طاقم من الفندق لخدمتهم، شكر حُسن عملهم و منحهم بقشيش، ثم إنفرد بزوجته التي تقف منذهلة أمام الحائط الزجاجي، الذي يطل على البحر الأبيض المتوسط.

إحتضنها من خِلاف و طبع قُبلة على عنقها، إبتسمت.

" هذا أفضل ما رأته عيني!"

تبسم بخفة قبل أن يهمس.

" استعدي لتكرار هذه الجملة كثيراً، فهذه أسبانيا، أم العجائب!"

أيدت بإيمائة ثم إلتفتت إليه، شبكت أناملها خلف عنقه ثم قالت.

" أتعلم شيئاً؟ إنه ليس أفضل ما رأته عينيّ، هناك ما لا يتفوق عليه طلّة و لا إطلالة"

حرك رأسه يميناً و إنعقدا حاجبيه بخفة مستفهماً، بدى أكثر جاذبية، و عن قُرب فهو أجمل.

رفعت يدها لتتحسس بها وجنته و قالت.

" أنت، أنت أعجب من كل أعجوبة، و أجمل من كل إطلالة، و أحبك أكثر مما أحب نفسي"

لاقت جبهتها بجبهته حينما تبسم راضياً بإجابتها، ثم كانت شجاعة منها أن تبادر في أخذ قُبلة من شفتيه المحفوفتين بالسُّكَّرِ و السُكر، حلاوته تُسكِر.

تفرّقت الشفاه و ودت ألا تفترق، و لكن للهواء حُكم و للمقدِرة سُلطة، جويل أنامت رأسها إلى كتفه، و تحرك بيكهيون بها إلى السرير.

بلطف دفعها لتنام على السرير ثم صعد يرتفع عنها بأربعته، حاصرها بين أطرافه يعتليها، حينها إرتجفت عِظامها و بان التوتر على سِنحتها.

بيكهيون لم يوارب بل كان مباشراً كما أفعاله و قال.

" حضرتكِ نمتِ في الطائرة و أنا بقيتُ مستيقظاً لأحرسك، الآن دوري أنام و دوركِ أن تحرسيني"

ثم إنخفض بجذعه لينام على صدرها، غار وجهه في عنقها و إمتلأت أنفاسه في رائحة شعرها، أحاط خصريها بذراعيه، و أراح إحدى قدميه فوق قدميها.

تبسمت جويل بحب، و إحتضنته بحنان إمرأة عاشقة شغوفة برجُلها، وضعت قبلة على شعره ثم قالت.

" و أنا مِمَ أحرسك؟"

همس بصوت ثار فيه الوسن و على نغم خافت هادئ.

" أحرسيني من نفسي ألا تخرج عن طوعي و تموت فيكِ رغبة، فلأبقى تحت السيطرة!"

جويل إكتفت بتسريح شعره بأناملها بينما تفكر فيما قال، أنها لرفعة له في عينيها و في مقامه، أنه صام عمّا لم يصم عنه إطلاقاً لأجلها، لأنه رجل أن وعد نفذ، و إن تكلم حكم.

قُبل كثيرة و لمسات رقيقة نالها حتى غفى على صدرها بأمان و عمق، ثم تبعته بعد وهلة من الوقت، فبيكهيون رجل لا يقاوم دفئ حضنه و لا الوسن الذي يدعوها من كُنفه.

تمام الساعة التاسعة بتوقيت أسبانيا؛ أستيقظ بيكهيون فوجد أنه على وضيعته الأولى، تبسم و نهض عنها فوجدها حركت أطرافها براحة كطفلٍ يمدد أطرافه بسخاء، ذلك يذكره بجيني و كم هو مشتاق لها و لأختها بيرل.

طبع قبلة فوق قلبها ثم غادرها لدورة المياه، الجاكوزي كان رائعاً لأن يستجم فيه و يريح جسده، قرر أن يطيل البقاء فيه حتى تستيقظ جويل.

مرّت ساعة و كان مكتفياً بنبيذ مسائي، حينها سمع صوت طرقاتها على باب الحِمام.

" بيكهيون، أنت بالداخل؟"

أجابها قبل أن يرتشف من كأسه.

" ادخلي"

إزدرئت جوفها بحرج، و لكن الوضع في الداخل آمن بالتأكيد ما دام قد طلبها أن تدخل، ولجت بقدميها، ثم حينما وقع بصرها على حوض الجاكوزي شهقت تمنحه ظهرها.

" لِمَ تناديني إن كنتُ عارياً؟!"

إرتفع حاجبه بإستهجان و إرتشف من النبيذ آخر رشفة.

" ألستِ زوجتي!"

تنهدت جويل بتوتر ثم أومأت.

" بلى، لكنك تعلم أني لم أعتد بعد"

ضحك بخفة و قال.

" لا تقلقي، لن أتقدم معك بلا موافقتك، تعالي و انضمي إليّ، ستشعرين بالراحة"

رفضت تنفي ثم كادت أن تخرج لولا أنه تمسك بذراعها، ثم حملها ليضعها في الحوض معه، شهقت حينما غمرتها المياه، و هو تجاوز عن ردودها المبالغ فيها.

" ابقي هكذا بثيابكِ إن أردتِ، و لكنني مُصِر أن تشاركيني الحوض"

تنهدت جويل تكتم توترها ثم قبلت بكتفه مُتكئ حينما عرضه عليها، أحاطها بذراعه و تناول من كأسه.

جويل حاولت أن تتغاضى عن مظهره، لكنه لم يستطيع، فقميصها ذا اللون الفاتح إلتصق بها، و بان له ما ترتدي أسفله و بأي لون.

ما شعر على نفسه عندما انقض على عنقها بقبلات حامية، و عندما فتحت فمها لتعترض أغلقه بشفتيه، و هكذا كان مغموراً بنشوة أسكرته حتى جرّدها من قميصها.

" بيكهيون توقف! أنا لا أستطيع من فضلك!"

جويل في دورها إمتنعت تدفعه بلين، ثم بشيء من القسوة، ثم كادت أن تبكي، لولا أنه سبّاق إليها كالعادة و إحتضنها.

و طمأنها بيكهيون ليلتها بأكثر نبراته ليناً.

" سأتوقف إن أوقفتني، و لكنني أطلب أن تمنحيني فرصة أمام أنوثتكِ"

و من ضراوة حبه أتت الفرصة و منحته أياها، إذ أنها إنصاعت للمساته و قبلاته بخجل تام و خوف طفيف.

لكن الفرصة ما تمت كما أراد بيكهيون، و كانت ليلة بلا ميزات لاحقاً.



........................



سلاااااااام


تأخرت عليكم، لكن عن عمد، لم ينخفض التفاعل رح تتأخر الفصول، أنا كاتبة بهمني التفاعل جداً فهو صورة الرواية الخارجية.

لذا إذا بدكم بارتات سريعة، تفاعلوا كما تستحق الرواية...

على آية حال، لا أحد يسألني عن غموض الجزء الأخير من الفصل لأني ما رح أجاوب، رح أكتفي بقراءة تحليلاتكم لهذه الجزئية.

أما موضوع ثاني، ما بعرف إذا كان بالنسبة إلكم ممتع أنه أستعرض رحلة بيك و جويل بالتفصيل، و الأماكن الي بزوروها و النشاطات الي بقوموا فيها.

لهيك بطلب منكم هون تحكولي، بتحبوا أكمل في شهر العسل و أجوائه و إلا أقطعه؟
أنا بكل جديّة بسألكم و طبيعية الفصل الجاي تعتمد على آرائكم.

و طبعاً هذا الفصل لحبيبة قلبي شكسبير الواتباد Imi_baek04

كل عام و أنتِ بخير و معي♥️

و أخيراً تفاعل قوي= تحديث سريع


1. رأيكم ببيكهيون؟

مصالحته مع جويل؟

مشاجرته مع المتحرشين؟

طبيعية الأجواء الي عم يوفرها لجويل؟


٢.رأيكم بجويل؟

لينها و حبها لبيكهيون؟

موقفها من شجارها معه؟

٣. رأيكم بالمشهد الأخير؟ و كيف انتهى؟ و كيف سيؤثر على علاقة جو و بيك؟

٤.رأيكم بكريس و فلورا؟ كريس الفاهم لألاعيب فلورا؟ و فلورا اللعوب؟

٥.رأيكم بجين و نانسي؟ هل هم مشروع كوبل ناجح؟ توقعاتكم نحوهم؟

٦.رأيكم بالبارت ككل و توقعاتكم للقادم؟!

دمتم سالمين♥️
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
Love♥️





© Mercy Ariana Park,
книга «حاقد عاشق|| The Love Odessy».
CH81||عِناق الموت
Коментарі